عربي
Friday 26th of April 2024
0
نفر 0

في النهي عن الجدال

في النهي عن الجدال

في النهي عن الجدال

قال أبو جعفر في الجدال الجدال في الله منهي عنه لأنه يؤدي ما لا يليق به.

و روي عن الصادق ع أنه قال يهلك أهل الكلام و ينجو المسلمون

قال أبو عبد الله الشيخ المفيد رحمه الله الجدال على ضربين أحدهما بالحق و الآخر بالباطل فالحق منه مأمور به و مرغب فيه و الباطل منه منهي عنه و مزجور عن

استعماله. قال الله تعالى لنبيه ص وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فأمر بجدال المخالفين و هو الحجاج لهم إذ كان جدال النبي ص حقا و قال تعالى لكافة المسلمين وَ لا تُجادِلُوا

أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فأطلق لهم‌

جدال أهل الكتاب بالحسن و نهاهم عن جدالهم بالقبيح. و حكى سبحانه عن قوم نوح ع ما قالوه في جدالهم فقال سبحانه قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فلو كان الجدال

كله باطلا لما أمر الله تعالى نبيه ص به و لا استعمله الأنبياء ع من قبله و لا إذن للمسلمين فيه. فأما الجدال بالباطل فقد بين الله تبارك و تعالى عنه في قوله أَ لَمْ تَرَ إِلَى

الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ فذم المجادلين في آيات الله لدفعها أو قدحها و إيقاع الشبهة في حقها. و قد ذكر الله تعالى عن خليله إبراهيم ع أنه حاج كافرا في الله

تعالى فقال أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ الآية و قال مخبرا عن حجاجه قومه وَ تِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى‌ قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ. و قال سبحانه آمرا

لنبيه ص بمحاجة مخالفيه قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ‌

فَتُخْرِجُوهُ لَنا. و قال عز اسمه كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ الآية و قال لنبيه ص فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ الآية و ما زالت الأئمة ع يناظرون في دين

الله سبحانه و يحتجون على أعداء الله تعالى و كان شيوخ أصحابهم في كل عصر يستعملون النظر و يعتمدون الحجاج و يجادلون بالحق و يدمغون الباطل بالحجج و

البراهين و كان الأئمة ع يحمدونهم على ذلك و يمدحونهم و يثنون عليهم بفضل. و قد ذكر الكليني ره في كتاب الكافي و هو من أجل كتب الشيعة و أكثرها فائدة

حديث يونس بن يعقوب مع أبي عبد الله ع حين ورد عليه الشامي لمناظرته فقال له أبو عبد الله ع وددت أنك يا يونس كنت تحسن الكلام فقال له يونس جعلت فداك سمعتك

تنهى عن الكلام و تقول ويل لأهل الكلام يقولون هذا ينقاد و هذا لا ينقاد و هذا ينساق و هذا لا ينساق و هذا نعقله و هذا لا نعقله فقال أبو عبد الله ع إنما قلت ويل لهم إذا

تركوا قولي و صاروا إلى خلافه ثم دعا حمران بن أعين و محمد بن الطيار و هشام بن سالم و قيس الماصر فتكلموا بحضرته و تكلم هشام بعدهم فأثنى عليه و مدحه و

قال له‌

مثلك من يكلم الناس

و قال ع و قد بلغه موت الطيار رحم الله الطيار و لقاه نضرة و سرورا فلقد كان شديد الخصومة عنا أهل البيت

و قال أبو الحسن موسى بن جعفر ع لمحمد بن حكيم كلم الناس و بين لهم الحق الذي أنت عليه و بين لهم الضلالة التي هم عليها

و قال أبو عبد الله ع لبعض أصحابنا حاجوا الناس بكلامي فإن حجوكم فأنا المحجوج

و قال لهشام بن الحكم و قد سأله عن أسماء الله تعالى و اشتقاقها فأجابه عن ذلك ثم قال له بعد الجواب أ فهمت يا هشام فهما تدفع به أعداءنا الملحدين في دين الله و تبطل

شبهاتهم فقال هشام نعم فقال له وفقك الله

و قال ع لطائفة من أصحابه بينوا للناس الهدى الذي أنتم عليه و بينوا لهم ضلالهم الذي هم عليه و باهلوهم في علي بن أبي طالب ع فأمر بالكلام و دعا إليه و حث عليه

و روي عنه ع أنه نهى رجلا عن الكلام و أمر آخر به فقال له بعض أصحابه جعلت فداك نهيت فلانا عن الكلام و أمرت هذا به فقال هذا أبصر بالحجج و أرفق منه

فثبت أن نهي الصادقين ع عن الكلام إنما كان لطائفة بعينها لا تحسنه و لا تهتدي إلى طرقه و كان الكلام يفسدها و الأمر لطائفة أخرى به لأنها تحسنه و تعرف طرقه و

سبله. فأما النهي عن الكلام في الله عز و جل فإنما يختص بالنهي عن الكلام في‌

تشبيهه بخلقه و تجويره في حكمه. و أما الكلام في توحيده و نفي التشبيه عنه و التنزيه له و التقديس فمأمور به و مرغب فيه و قد جاءت بذلك آثار كثيرة و أخبار متظافرة

و أثبت في كتابي الأركان في دعائم الدين منها جملة كافية و في كتابي الكامل في علوم الدين منها بابا استوفيت القول في معانيه و في عقود الدين جملة منها من اعتمدها

أغنت عما سواها و المتعاطي لإبطال النظر شاهد على نفسه بضعف الرأي و موضح عن قصوره عن المعرفة و نزوله عن مراتب المستبصرين و النظر غير المناظرة و

قد يصح النهي عن المناظرة للتقية و غير ذلك و لا يصح النهي عن النظر لأن في العدول عنه المصير إلى التقليد و التقليد مذموم باتفاق العلماء و نص القرآن و السنة.

قال الله تعالى ذاكرا لمقلدة من الكفار و ذاما لهم على تقليدهم إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى‌ أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلى‌ آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ قالَ أَ وَ لَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى‌ مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ.

و قال الصادق ع من أخذ دينه من أفواه الرجال أزالته الرجال و من أخذ دينه من الكتاب و السنة زالت الجبال و لم يزل

و قال ع إياكم و التقليد فإنه من قلد في دينه هلك إن الله تعالى يقول اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فلا و الله ما صلوا لهم‌

 

                         تصحيح ‌الاعتقاد ص : 73

و لا صاموا و لكنهم أحلوا لهم حراما و حرموا عليهم حلالا فقلدوهم في ذلك فعبدوهم و هم لا يشعرون

و قال ع من أجاب ناطقا فقد عبده فإن كان الناطق عن الله تعالى فقد عبد الله و إن كان الناطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان

 

 


source : دار العرفان/الامان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الأحاديث الشريفة في المهدي المنتظر (عجّل الله ...
فی من نسی صلاة اللیل
رأس الـحسين (عليه السلام)
مرقد السيدة زينب الكبرى (س)
أقوال المعصومين في القرآن
تتمّة فيها فوائد مهمّة-2
السياسة عند الامام الحسن عليه السلام
اهمية البناء التبربوي للطفل في الاسلام
فيما نذكره عند المسير من القول و حسن التدبير
الحرية بين النخبة والأمة

 
user comment