عربي
Saturday 27th of April 2024
0
نفر 0

البروج الکونیة

البروج الکونیة

فی البدایة.. طالما نظر الناس إلى کوننا على أنه کون ثابت، وأن الأرض التی نعیش علیها هی فی مرکز الکون، وأن الشمس والقمر والکواکب والنجوم تدور حول هذه الأرض، وهکذا تصور العلماء الکون على أنه کون ثابت وأن الأرض تقع فی مرکز الکون وهی ثابتة لا تتحرک، وأن النجوم تدور حولها فی أفلاکها.
عندما جاء العصر الحدیث، اکتشف العلماء أن کل ما نراه من نجوم فی السماء هو جزء ضئیل من مجرتنا درب التبانة. هذه النجوم التی نراها فی السماء بالعین المجردة هی جزء من هذه المجرة والمجرة هی تجمع من النجوم یحوی مئات البلایین من النجوم. وبعد ذلک اخترع العلماء العدسات المقربة أو التلسکوبات فاستطاعوا أن ینظروا خارج مجرتنا، فرأوا أن الکون یزهر بالمجرات، وقدروا عدد هذه المجرات بأکثر من مائة ألف ملیون مجرة کلها تسبح فی هذا الکون الواسع بنظام دقیق.
ولکن فی البدایة ظن العلماء أن هنالک فضاءً کونیاً کبیراً، واعتبروا أن المسافات التی بین النجوم والمجرات فارغة لا تحوی شیئاً ولذلک أطلقوا مصطلح Space أی "فضاء" ولکن بعد ذلک تبین لهم أن هذا الفضاء لیس فضاءً بکل معنى الکلمة، اکتشفوا وجود مادة مظلمة تملأ الکون، حتى إن بعض الحسابات تخبرنا بأن نسبة المادة المظلمة والطاقة المظلمة وهی مادة غیر مرئیة لا نراها ولا نعرف عنها شیئاً تشغل من الکون أکثر من 96 % والمادة المرئیة والطاقة المرئیة أیضاً الطاقة العادیة یعنی لا تشغل إلا أقل من 4 % من حجم هذا الکون.
لقد بدأ العلماء یکتشفون بنیة معقدة لهذا الکون، فاکتشفوا بأن المجرات تتوضع على خیوط دقیقة وطویلة تشبه نسیج العنکبوت، واکتشفوا أیضاً أن المادة المظلمة تنتشر فی کل مکان وتسیطر على توزع المجرات فی الکون.
وبعد ذلک أدرکوا أنه لا یوجد أی فراغ فی هذا الکون فأطلقوا کلمة Building أی "بناء" على هذا الکون، وهذه الکلمة جدیدة علیهم لأنهم رؤوا فی هذا الکون بالفعل بناءً محکماً، ولکن هذه المعلومة لیست جدیدة على کتاب الله تبارک وتعالى، فقد وصف الله عز وجل السماء فی آیات القرآن بأنها بناء، لا توجد ولا آیة واحدة تتحدث عن السماء وتصفها بأنها فضاء، لا.. إنما دائماً نجد القرآن یستخدم کلمة البناء، یقول تبارک وتعالى: (أَفَلَمْ یَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ کَیْفَ بَنَیْنَاهَا وَزَیَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ)(1) ، ویقول فی آیة أخرى: (یَا أَیُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّکُمُ الَّذِی خَلَقَکُمْ وَالَّذِینَ مِنْ قَبْلِکُمْ لَعَلَّکُمْ تَتَّقُونَ، الَّذِی جَعَلَ لَکُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً)(2) ، ویقول فی آیة أخرى: (وَالسَّمَاءَ بَنَیْنَاهَا بِأَیْدٍ) أی بقوة (وَالسَّمَاءَ بَنَیْنَاهَا بِأَیْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)(3) هذه الآیة تتحدث عن التوسع الکونی الذی ینادی به العلماء الیوم.
وفی آیة أخرى یقول تبارک وتعالى: (اللَّهُ الَّذِی جَعَلَ لَکُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَکُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَکُمْ وَرَزَقَکُمْ مِنَ الطَّیِّبَاتِ)(4) ، ویقول أیضاً مقسِماً بالسماء: (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا)(5) ، وهکذا آیات کثیرة تأتی دائماً بصیغة البناء لتؤکد لنا أن الکون بناء، وهذا ما وجده العلماء یقیناً فی القرن الحادی والعشرین.
وجد العلماء بأن الکون عبارة عن بناء محکم، ولذلک فالأبحاث الصادرة حدیثاً، والتی ینال أصحابها الجوائز علیها، تهدف بالدرجة الأولى الأبحاث الکونیة الحدیثة إلى اکتشاف بنیة الکون، تهدف إلى اکتشاف البناء الکونی. وهنا تتجلى معجزة القرآن، فالعلماء عندما أطلقوا على الکون اسم (فضاء) کانوا مخطئین، والیوم یعدلون عن هذه التسمیة إلى ما هو أدق منها فیستخدمون کلمة (البناء) من أجل وصف الکون، ولکن هذه الکلمة موجودة منذ أکثر من أربعة عشر قرناً فی کتاب الله تعالى تبارک وتعالى، وهذا إن دل على شیء فإنما یدل على أن القرآن الکریم دقیق من الناحیة العلمیة واللغویة، فجمیع کلماته تأتی مناسبة تماماً للحقیقة الکونیة التی یصفها.
ولکن.. ماذا یعنی قوله تعالى (اللَّهُ الَّذِی جَعَلَ لَکُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا) ما معنی کلمة (قَرَارًا)، وکیف نحسُّ بهذا القرار؟ إننا نعیش على هذه الکرة الأرضیة، والله تبارک وتعالى زوّد هذه الأرض بحقل للجاذبیة بحیث أنه یجذبنا إلیها فی کل لحظة، فنحس بالاستقرار.
البروج الکونیة
إن رواد الفضاء مجرد أن غادروا الغلاف الجوی، وارتفعوا خارج الأرض فإنهم على الفور یفقدون أوزانهم ویحس رائد الفضاء وکأنه یسبح فی بحر عمیق، فإذا أراد أن یأکل اضطرب لدیه نظام الأکل، لأنه تعود على نظام الجاذبیة الأرضیة، وإذا أراد أن ینام لا یستطیع النوم لأنه لیس لدیه أرض یستقر علیها وینام علیها، بل إنهم أحیاناً یضعون نوابض على رؤوسهم لیضغطوا هذه الرؤوس فیحسّون بشیء من الثقل لیتمکنوا من النوم، وتضطرب لدیهم الذاکرة، وتضطرب لدیهم الدورة الدمویة، ونظام عمل القلب یضطرب، وکثیر من الأشیاء.
کل هذه النعم لم نحس بها إلا بعد أن غادر رواد الفضاء وخرجوا خارج الأرض ووصفوا لنا ما یحسون به، وهناک علم قائم بذاته الیوم، یدرس المشاکل التی یسببها فقدان الجاذبیة الأرضیة، وهذا العلم یهتم بالدرجة الأولى برواد الفضاء، وبالناس الذین یمضون فترات طویلة سواء فی الفضاء الخارجی أو فی الغواصات فی أعماق البحار.
ومن هنا ندرک أهمیة هذه الجاذبیة وأهمیة هذا القرار وهذا الأمر لم یکن أحد یدرکه فی زمن نزول القرآن ولکن الله تبارک وتعالى ذکرنا بهذه النعمة فقال: (اللَّهُ الَّذِی جَعَلَ لَکُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَکُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَکُمْ وَرَزَقَکُمْ مِنَ الطَّیِّبَاتِ ذَلِکُمُ اللَّهُ رَبُّکُمْ فَتَبَارَکَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِینَ )(6). لو تأملنا جمیع الأبحاث الکونیة الصادرة حدیثاً، نلاحظ أن هذه الأبحاث تؤکد أن الکون لیس فیه أی فراغ على الإطلاق، وهذا ما وصفته لنا الآیة فی قول الحق تبارک وتعالى: (أَفَلَمْ یَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ کَیْفَ بَنَیْنَاهَا وَزَیَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ )(7).
فی البدایة اعتقد علماء الفلک عندما رأوا فجوات فی السماء أن الکون یحوی هذه الفجوات العمیقة والضخمة جداً، فأطلقوا علیها اسم (الفجوات الکونیة ) أو (الثقوب الکونیة ) واعتبروا أنها عبارة عن فراغات لا یوجد فیها أی شیء، ولکن بعد أن اکتشفوا المادة المظلمة ماذا وجدوا؟ وجدوا أن هذه الفراغات لیست بفراغات حقیقة، إنما تحوی مادة مظلمة غیر مرئیة تساوی أضعاف ما یحویه الکون من المادة العادیة المرئیة، وهنا أیضاً یتجلى القسم الإلهی عندما قال تبارک وتعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ، وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ) (8) إذاً هناک أشیاء لا نبصرها وهی أعظم من الأشیاء التی نبصرها.
البروج :
إذا تأملنا هذه الآیة الکریمة (أَفَلَمْ یَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ کَیْفَ بَنَیْنَاهَا ) (9) نلاحظ أن الکون فعلاً فیه بناء هندسی رائع، فالعلماء بعدما اکتشفوا النسیج الکونی، یتحدثون عن (حُبُک) موجودة فی هذا الکون، یتحدثون عن نسیج محکم یملأ هذا الکون، یتحدثون عن أعمدة کونیة، حتى أنهم اکتشفوا منذ مدة جدران کونیة کل جدار یبلغ طوله ملایین السنوات الضوئیة، جدار ملیء بالنجوم والمجرات (جدار کونی) وهنالک أعمدة کونیة أیضاً، وهنالک جسور کونیة، وهنا ربما نتذکر قول الحق تبارک وتعالى عندما قال عن نفسه: (تَبَارَکَ الَّذِی جَعَلَ فِی السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِیهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِیرًا )(10) فما هی البروج الکونیة؟
لقد فسر بعض العلماء هذه الآیة على أن البروج الکونیة هی: النجوم التی تصطف بطریقة معینة توحی إلیهم ببعض الحیوانات مثل الثور والعقرب والجدی وغیر ذلک، فأطلقوا على هذه أسماء البروج وعددها اثنا عشر برجاً، ولکن تبین للعلماء بعدما اکتشفوا الکون وأسراره والأبعاد بین المجرات والنجوم: أن هذه النجوم التی تظهر لنا وکأنها على نفس المستوى، تبین أن هذه النجوم لا علاقة فیما بینها، قد یکون هنالک نجم نرى بجانبه نجماً آخر وقد یکون هذان النجمان بعیدین عن بعضهما جداً، ولیس بینهما أی علاقة أو قوى جذب، إنما فقط الذی یصلنا هو الإشعاع، وقد یکون بعض هذه النجوم مات واختفى، وبعضها لا زال موجوداً، فجمعیها الله أعلم بمواقعها الحقیقیة.
ولذلک عندما أقسم الله بالنجوم لم یقل: (فلا أقسم بالنجوم) (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِیمٌ، إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ کَرِیمٌ، فِی کِتَابٍ مَکْنُونٍ)(11). إذاً النجوم التی اعتبرها العرب قدیماً، وبعض الحضارات القدیمة بروجاً، لیست هذه التی یتحدث عنها القرآن، فعندما قال الله تبارک وتعالى: (تَبَارَکَ الَّذِی جَعَلَ فِی السَّمَاءِ بُرُوجًا) لا یقصد هذه البروج التی لا یوجد أی صفة علمیة لها، إنما یقصد الله تبارک وتعالى – والله أعلم – الأبنیة الکونیة وهی التی ما یتحدث عنها العلماء الیوم.
یتحدث العلماء الیوم عن جدار عظیم بطول 500 ملیون سنة ضوئیة، ویتحدثون عن جسور کونیة هائلة تمتد لمئات الملایین وأحیاناً لآلاف الملایین من السنوات الضوئیة، ویتحدثون عن بناء کونی مبهر، فهنا یتجلى قول الحق تبارک وتعالى: (تَبَارَکَ الَّذِی جَعَلَ فِی السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِیهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِیرًا ) بل إن الله تبارک وتعالى أقسم بهذه السماء فقال: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ) (12).
إن هذا البناء الکونی، وهذه الأبراج الکونیة عظیمة جداً، ومع أن العلماء لا یتحدثون الیوم عن بناء متکامل (برج متکامل) إنما یتحدثون عن أعمدة، وجسور، وجدران، وقد یکتشفون حدیثاً أو بعد مدة أن فی الکون أبنیة کل بناء یشبه البرج فی بناءه وهندسته وارتفاعه، وسوف یکون بذلک القرآن أول کتاب یتحدث عن هذه الأبنیة الکونیة العظیمة فی قوله تعالى: (تَبَارَکَ الَّذِی جَعَلَ فِی السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِیهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِیرًا ).
اکتشف العلماء حدیثاً بناء کونیاً عظیماً یبلغ طوله 200 ملیون سنة ضوئیة، ویتألف هذا البناء الذی یدعى Lyman من عدة مجرات تصطف على خطوط تشبه البناء الهندسی الجمیل، وبین هذه المجرات هناک فقاعات من الغاز الکونی یبلغ قطر کل منها بحدود 400 ألف سنة ضوئیة، أی ضعفی طول مجرة الأندرومیدا!
هذه الفقاعات تشکلت بنتیجة انفجار النجوم، ویقول العلماء إن هذه الفقاعات سوف تقوم بتشکیل نجوم أخرى لاحقاً. ویقول الباحث "رویسوکی یاماوتشی" من جامعة توهوکو إن أی جسم بهذا الحجم والکثافة هو نادر الحصول حین تکوّن الکون فی الماضی.
ویحاول العلماء اکتشاف المزید من البنى الکونیة، ولدیهم إحساس بأن هذا الکون هو عبارة عن مجموعة من الأبنیة الضخمة! إن هذا البناء تشکل بعد نشوء الکون بـ 2000 ملیون سنة، وقد تم اکتشاف هذه البنیة الضخمة بواسطة تلسکوبی سوبارو وکیک.
اکتشف علماء من أسترالیا وتشیلی مجموعة مجرات جدیدة تبعد بحدود 10800 ملیون سنة ضوئیة، ویقولون إن المجرات التی شاهدوها تمثل شکل الکون قبل 10800 ملیون سنة، وکما نعلم فإن السنة الضوئیة هی ما یقطعه الضوء فی سنة کاملة، علماً بأن الضوء یسیر بسرعة تقدر بـ 300 ألف کیلو متر فی الثانیة، وبالتالی یقطع فی سنة واحدة 9.5 تریلیون کیلو متر، أی أن السنة الضوئیة هی 9.5 تریلیون کیلو متر.
لماذا ذکر الله تبارک وتعالى حقیقة البناء الکونی: هل لمجرد حب المعرفة؟ أم هناک هدفاً عظیماً من وراء هذه الحقیقة؟ یقول تبارک وتعالى مذکراً عباده: (یَا أَیُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّکُمُ) تأملوا معی هذا الخطاب للناس جمیعاً مهما کانت عقیدته أو لغته، الخطاب هنا لیس للمؤمنین فحسب بل یشمل الناس جمیعاً: (یَا أَیُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّکُمُ الَّذِی خَلَقَکُمْ وَالَّذِینَ مِنْ قَبْلِکُمْ لَعَلَّکُمْ تَتَّقُونَ )(13) ، والسؤال: ما هو الدلیل على أن الله تعالى هو قائل هذه الکلمات؟
یأتیک الدلیل مباشرة: (الَّذِی جَعَلَ لَکُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا) وبالفعل یقول العلماء إن الأرض ممهدة ومفروشة بطریقة دقیقة جداً تصلح للحیاة بعکس القمر مثلاً، القمر غیر صالح للحیاة على الإطلاق بسبب الفوهات الکثیرة فیه، وبسبب الحفر والجبال والودیان والشقوق التی فیه. ثم یقول تبارک وتعالى فی الآیة التالیة: (وَإِنْ کُنْتُمْ فِی رَیْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا) أی إذا کنتم فی شک من هذا القرآن: (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَکُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ کُنْتُمْ صَادِقِینَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِی وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْکَافِرِینَ)(14) ، فهذه الحقائق الکونیة التی أودعها الله فی کتابه هی أصدق دلیل فی هذا العصر على صدق هذا الکتاب وأن الله تعالى قد رتبه بطریقة لا یمکن لأحد أن یأتی بمثلها.
وخلاصة القول:
ذکر القرآن حقیقة البناء الکونی الذی اکتشفه العلماء حدیثاً، وذکر حقیقة الجاذبیة الأرضیة وفائدتها وأهمیتها فی استقرار البشر، وهی أمر لم یکتشف إلا فی العصر الحدیث، وذکر کذلک حقیقة البروج الکونیة وهی ما یتحدث عنه العلماء الیوم، وأکد أنه لا فراغات أو فجوات أو فروج فی السماء، وهو ما یؤکده العلماء الیوم... وهکذا حقائق لا تُحصى تأتی جمیعها لتشهد على صدق هذا القرآن وصدق رسالة الإسلام.
ونقول لکل من لم یقتنع بعد بإعجاز القرآن العلمی: ماذا نسمی هذه الحقائق السابقة؟ هل نسمیها إعجازاً أم أنها کلام عادی؟ عندما یصف القرآن السماء بکلمة (بناء) ویأتی العلماء فی القرن الحادی والعشرین لیطلقوا الکلمة ذاتها على الکون أی کلمة Building أی (بناء)، ماذا نقول عن هذا التطابق الکامل؟ هل یمکن لإنسان عاقل أن یصدق أن هذا التطابق جاء بالمصادفة؟! إن هذا التطابق هو دلیل مادی ملموس على أن القرآن نزل لیکون صالحاً لکل زمن ومکان، وهو صالح لعصرنا هذا ویخاطب علماء العصر بلغتهم: لغة الحقائق العلمیة، فهل تقتنع معی یا صدیقی الملحد بأن هذا القرآن هو الحق؟ إذاً استمع معی إلى هذا البیان الإلهی العظیم: (وَمَا کَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ یُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَکِنْ تَصْدِیقَ الَّذِی بَیْنَ یَدَیْهِ وَتَفْصِیلَ الْکِتَابِ لَا رَیْبَ فِیهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ * أَمْ یَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ کُنْتُمْ صَادِقِینَ * بَلْ کَذَّبُوا بِمَا لَمْ یُحِیطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا یَأْتِهِمْ تَأْوِیلُهُ کَذَلِکَ کَذَّبَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ کَیْفَ کَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِینَ * وَمِنْهُمْ مَنْ یُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا یُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّکَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِینَ * وَإِنْ کَذَّبُوکَ فَقُلْ لِی عَمَلِی وَلَکُمْ عَمَلُکُمْ أَنْتُمْ بَرِیئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِیءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ)(15).
المصادر :
1- ق: 6
2- البقرة: 21-22
3- الذاریات: 47
4- غافر: 64
5- الشمس: 5
6- غافر: 64
7- ق: 6
8- الحاقة: 39
9- ق: 6
10- الفرقان: 61
11- الواقعة: 75-78
12- البروج: 1
13- البقرة: 21
14- البقرة: 22-23
15- یونس: 37-41

source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

المهدي المنتظر في القرآن الكريم
خصائص القائد الإسلامي في القرآن الكريم
الولاء لأهل البيت عليهم السلام
الظلم ممارسةً وتَحَمُّلاً ودولةً لها أركان
القضية الفلسطينية في كلمات الإمام الخميني ( قدس ...
لا توفيق مع الغشّ
تحرير المدينة المنورة والحجاز
من شهد واقعة الطف
آداب المعلّم والمتعلّم في درسهما
الألفاظ الدخيلة والمولَّدة

 
user comment