عربي
Friday 26th of April 2024
0
نفر 0

المرأة في الإسلام ومن خلال نهج البلاغة – الأول



لبيب بيضون
المرأة في مفهوم الإسلام
خلق آدم وحواء
تمت كلمة الله ان يخلق له خليفة يعمر الارض، وان يهبه من الخصال والقدرات ما يجعله اهلا للسجود له، فاخذ حفنة مباركة من التراب، ونفخ فيها من روحه فتمثلت بشرا سويا، ثم امر الملائكة بالسجود لادم فسجدوا اجمعين.
ولما اراد سبحانه لهذا المخلوق الكريم ان يتكاثر، خلق له من نفسه زوجا يسكن اليها.

يقول جل من قائل: 'الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء...' "سورة النساء- ١" فالنفس الواحدة هي آدم والزوج هي حواء.

البناء النفسي للانسان
ويتضح من هذا ان الانسان مؤلف بحسب تكوينه من عنصرين اثنين : عنصر الجسم وعنصر الروح، فهو عدا عن كونه جسما ماديا صرفا، ينطوي على عالم آخر مجرد، عالم يضم جمله من الطبائع والنوازع النفسية، التي يشترك بها كل ابناء البشرية، موكدة وحدة النفس الاصلية التي خلقوا منها.
وهذه النفس رغم قوتها وفعاليتها في الانسان الا انها طلسم عجيب غريب، عجزت العقول عن ادراك كنهها واستكشاف حقيقتها، ومن اغرب ما فيها انها تحوي المتناقضات من النوازع والغرائز، فما فيها من رغبة طيبة الا وتقابلها نزعة سيئة وكانت قيمة هذه المخلوق الجديد مقرونة بما آتاه الله من ارادة في اختيار الافعال، اذ ان قيمة بما يفعله من ذاته لا بما يكون مقسورا على فعله.
ولتحقيق هذه القيمة كان لابد من ان يكون الانسان محل اختبار وامتحان، ومن مستلزمات ذلك ان تكون دوافع الخير فيه على قدم المساواة مع دوافع الشر.
قيمة الانسان وجاء القرآن الكريم يحدد قيمة الانسان وفق هذا التصور الاصيل لمركب الانسان، فقيمته تنطلق من مدى استجابته لدوافع الخير، ومجابهته لدوافع الشر، وهو ما عبر عنه بالتقوى: 'ان اكرمكم عند الله اتقاكم' "سورة الحجرات- ١٣"
توزيع القدرات
ومنذ  قررالله سبحانه مبدأ الزوجية في خلق الانسان، قسم أعباء الحياة بين الزوجين تقسيما متعادلا وفق مبدا العدل، ونتيجة لذلك وزع القدرات والميول بيهما بشكل يتلائم مع الوظيفة المطلوبة منهما. فكان كل من الرجل والمرأة بما آتاه الله من مواهب ونوازع اقدر على القيام بوظيفته من الاخر. ويظهر العدل الالهي مرة اخرى في انه سبحانه لا يطلب من الانسان الا ما هو مؤهل لفعله، مصداقا لقوله تعالى: 'لا يكلف الله نفسا الا وسعها' "سورة البقرة- ٢٨٦".
وانطلاقا من هذا المبدأ اذا قام الرجل بوظيفته وقامت المرأة بوظيفتها، حصلنا على المردود الاعظم لطاقة الزوجين، وعاش الناس في سعادة واستقرار.
من هذا المنطلق نجد ان التعريف الاعم لقيمة الفرد في مجتمعه، هو ان قيمته تكون بمقدار قيامه بوظيفته، وفق ما وهبه الله من امكانيات لتحقيقها. وهو مؤدى قول الإمام علي (عليه السلام): 'قيمة كل امريء ما يحسنه' اي ما يحسن فعله.
تلاؤم القدرات مع الوظيفة
ويتجلى توزيع القدرات والرغبات بين الزوجين، ان أوكل بالمرأة امر إنجاب النسل وتربيته، ولهذه الغاية منح الله سبحانه المرأة وعاء الحمل، اعني الرحم، وآتاها من قوى التحمل لالام الحمل والوضع، ثم الصبر على تربية الطفل وتغذيته وتنظيفه.

في حين اوجد فيها العاطفة الثرة للحنوة عليه ومداراته والتلاؤم معه، فهي حين تربيه تكون مندفعة بتلك العاطفة دون ان تبالي بالتعب والنصب او تشعر بالكلال او الملل. وبذلك تكون قد حققت وظيفته او قامت بدورها، واستنفدت طاقاتها لخدمة المجتمع وبناء نواته الاساسية وهي الاسرة.
ومن دواعي تلك التربية للطفل ولتامين الحفاظ عليه، اوجد سبحانه في المرأة طبائع ضرورية، لم يوجدها في الرجل، منها : قوة الجلد والرحمة والخوف، فتربية الطفل تحتاج الى صبر وتجلد، والطفل نتيجة ضعفه يحتاج الى الرحمة دون القوة، وعندما تخاف المرأة على طفلها تقوم بالتصرفات التي تجنبه الاخطار.
اما الرجل فقد كلفه حماية الاسرة التي يعيش فيها الاطفال في ظل امهم، التي تنصرف الى رعايتهم، ولهذا الغرض اعطاه البسطة في العقل والجسم، فبتفكيره البعيد يستطيع تقدير مصلحة الاسرة، وبقوته العضلية وغيرته يستطيع ان يذود عن كيان اسرته، كما يدافع عن كرامة وطنه وشرف عقيدته اذا ما حاول احد التصدي لهما.
وتلبية لنوازع الشرف في الانسان، ورغبة في اقامة حياة اجتماعية سعيدة مستقرة، شرع الاسلام الزواج، الذي يبتني على اسس واضحة بين الزوجين... وحتى تكون الزوجة متعة للرجل دون سواه، [هذا ليس هو السبب الرئيسي هنا، وما ذكره المؤلف بقوله: 'وسعيا' لتحديد عوامل الفسوق هو الاهم بالاضافة الى ان الاسلام يسعى لتركيز عامل الثقة فيما بين الزوجين... الى غير ذلك مما لا مجال له هنا].
وسعيا لتحديد عوامل الفسوق، امر المرأة بالحجاب ومنعها من الاختلاط المشبوه. في حين اكد على ضرورة تعليمها وتثقيفها وتزويدها بتعاليم الدين والاخلاق حتى تقوم بوظيفتها التربوية على اتم وجه.
مناقشة جريئة
لست اخفي ان الذي دعائي الى كتابه هذا الموضوع، مناقشة حاده حصلت بيني وبين إحدى الفتيات الايرانيات، اثر اختتام المهرجان الالفي لنهج البلاغة، الذي انعقد في طهران في الفترة من ١٦ -١٢ رجب ١٤٠١ هـ، الموافق ٢١ -١٧ ايار ١٩٨١ م . الذي اقامته "مؤسسة نهج البلاغة".
فقد قابلتني احدى الصحفيات، وكانت مثقفة وصريحة وجريئة الى ابعد الحدود، كما هي صفة المرأة الايرانية وكان اول سؤال وجهته لي باعتباري من الباحثين في نهج البلاغة ان قالت: لماذا تحامل الامام علي (عليه السلام) على المرأة في نهج البلاغة، ولم يمدحها بكلمة واحدة ؟ بل قال: 'المرأة شر كلها، وشر ما فيها انه لابد منها'.
فصدمت مبدئياً من كلامها، وشرعت أحادثها بالحسنى، حتى استبصرت واهتدت الى الصواب، وقلت لها:
اولا: احسني ظنك بإمامك يا آنسة. فالامام علي (عليه السلام) ليس عدواً لاحد، انما هو صديق للحق وعدو للباطل.
ثانيا: انت تعلمين ان كل رجل يعطي رأيه بالمرأة من خلال تجربته في حياته مع المرأة، اقصد مع زوجته. فاذا كانت زوجته سيئة ظن ان كل النساء سيئات، واذا كانت زوجته صالحة اعتقد ان كل نساء العالم صالحات. والامام علي (عليه السلام) كانت زوجته "فاطمه الزهراء" سيدة نساء العالمين، وهي باعتقادنا معصومة عن الخطأ. فكيف يكون نظره الى المرأة ؟ لابد انه جيد جداً.
ثالثا: ان النساء لسن من درجة واحدة، ففيهن المؤمنة والكافرة، والتقية والفاسقة، شأنهن في ذلك شأن الرجال. وقد اوضح ذلك القرآن الكريم بشكل لايقبل الشك، حتى انه ضرب مثلا للذين آمنوا زوجة فرعون التي كان زوجها من اكبر الكافرين، بينما كانت هي من اعظم المؤمنين، واستحقت بذلك ان تكون في اعلى درجات الجنة.

يقول تعالى : 'ضرب الله مثلا للذين كفروا امراة نوح وامراة لوط ، كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما، فلم يغنيا عنهما من الله شيئا، وقيل ادخلا النار مع الداخلين وضرب الله مثلا للذين آمنوا امراة فرعون اذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين' "آخر سورة التحريم".
فاذا كان الامام علي (عليه السلام) يعلم هذا كله، ثم بعد ذلك يقول في نهجه 'المرأة شر كلها، وشر ما فيها انه لابد منها' او يقول 'النساء حبائل ابليس'. فهو لا يقصد بالمرأة زوجته فاطمة ومثيلاتها من المؤمنات امثال: 'خديجة ومريم وآسية، وانما يقصد بها المرأة الفاسقة الكافرة، التي هي كالشيطان، بل أسوأ من الشيطان، لانها تنطلق في اعمالها بدافع من هواها ونزواتها وشهواتها، دون ان يكون لها اي ضابط او زاجر.
ثم انتقلت معها الى مناقشة قول الإمام علي (عليه السلام): 'ان النساء نواقص العقول، نواقص الحظوظ ، نواقص الايمان...' وبينت لها ان من يرد على هذه الكلمات لايرد على الإمام علي (عليه السلام) وانما يرد على الله تعالى، لان الامام لم يأت بها من عنده، وانما قررها من القرآن، فمن المبادئ التي انزلها الله في القرآن ولا مجال للشك فيها، ان شهادة الرجل كشهادة امراتين في القضاء، وان حظ الذكر كحظ الانثيين في الارث، وأن المرأة اثناء الحيض والنفاس تقعد عن الصلاة والصيام.
وان ذكر الامام لهذه الصفات هو من باب بيان الواقع، وليس من باب التوهين بقيمة المرأة.

فالوظيفة التي انيطت بالنساء جعلتهن يتصفن ببعض الصفات. مثل: تغليب العاطفة على العقل "ناقصات العقول" ومثل: اخذ نصف الميراث "ناقصات الحظوظ" ومثل: القعود عن الصلاة والصوم حال الحيض "ناقصات الايمان". وهذا حق، لان المرأة التي يطلب منها الله تعالى اعالة احد حتى نفسها، يكفيها نصف الارث ويزيد، ولان المرأة التي أوكل اليها انجاب افراد البشرية لابد لها من الحيض الذي ينقض طهارتها ويحرمها بعض الايام من الصلاة والصيام.
وهذا النقص في بعض الاشياء لا يحط من قيمة المرأة اذا ما نظرنا اليها من خلال وظيفتها. فالرجل في مقابلها ناقص في اشياء اخرى. وفي مقابل كل ملكة للرجل ملكة للمرأة، مصداقا لقول النبي "ص": 'النساء شقائق الرجال'.
والفضل لايكون بالملكات والقدرات، بقدر ما يكون في كيفية استخدام تلك الملكات، في الخير ام في الشر، وفي الاحسان ام في العدوان، مصداقا لقول الامام (عليه السلام): 'قيمة كل امرىء ما يحسنه'.
فاذا احسنت المرأة استخدام قدراتها العالية التي خصها الله بها، كانت افضل من الرجل. [اي ذلك الرجل الذي لايستخدم قدراته في خدمه الحق والانسانية].
فمثلا اذا هي بعاطفتها الوثابة انصرفت الى الاصلاح وتربية الاجيال، وليس الى الكيد والغيرة والفساد. واذا هي بحظها من المال قامت بفعل الخيرات والمبرات، ولم تهدره بالمظاهر والتبذير. واذا هي في اثناء حملها صبرت وتحملت حتى انجبت طفلا، تربيه ليكون عنصرا بناء في المجتمع... عند ذلك تكون صانعة الابطال ومربية الاجيال ومضاهية الرجال.
وسوف نتكلم بالتفصيل عن عوامل النقص الثلاثة السابقة عند المرأة، في فصل لاحق من هذا الكتاب.
المقارنة بين عنصر المرأة وعنصر الرجل
على الرغم من ان النساء يختلفن من حيث المواهب والمشاعر، كما هو شان الرجال، الا انه يمكن ان نميز فيهم جملة من الصفات التي تميزهن عن الرجال. ولا يمنع ذلك ان توجد امراة تتمتع بصفات الرجال او تفوقهم فيها، الا ان ذلك من النادر الذي لا يتخذ قياسا. وهذا ما يدعونا الى اعتبار 'عنصر الرجل' الذي يتصف بمعدل خصائص الرجال، وإلى اعتبار 'عنصر المرأة' الذي يتصف بمعدل خصائص النساء. والمقارنة عادة تتم بين هذين العنصرين الاعتباريين.
من هذا المنطلق نجد ان عنصر المرأة يتمتع بخصائص تختلف كليا عن عنصر الرجل، وذلك وفق الوظيفة التي اسندت الى كل واحد منهما. وهذا الاختلاف ليس في النوع وانما في الكم. فكل صفة في الرجل موجودة في المرأة، ولكن الاختلاف هو في الشدة.
تباين القوى النفسية
كما ان المرأة تختلف عن الرجل في الصفات العضوية والجسدية، فهي تختلف عنه في الصفات النفسية والروحية. تلك الصفات التي تنتج عن البناء النفسي للانسان. فهو مركب من الناحية النفسية من عدة قوى منها: التمييز والعلم والارادة، وقوة الشهوة والشجاعة والغضب.
ولهذه القوى مراكز، منها: العقل والقلب، والنفس باشكالها المطمئنة واللوامة والامارة بالسوء.
قوى الروح
وقد ذهب بعض الفلاسفة الى القول بان القوى النفسية خارجة عن الجسم، بينما قال آخرون بانها داخل الجسم. كما ان بعضهم ذهب الى ان العقل والقلب والنفس والروح هي شىء واحد، بينما ذهب آخرون الى التمييز فيما بينها، والى بيان العلاقة المنتظمة فيما بينها. فقال هؤلاء بان الروح تتجلى في الانسان في عدة قوى مرتبطة ببعضها هي:
١- النفس: وهي مركز الرغبات والغرائز الخيرة والشريرة.
٢- القلب: وهو مركز الارادة والتقرير.
٣- العقل: وهو مركز التمييز بين الخير والشر والحسن والقبيح.
٤- الحواس: وهي مركز الاتصال بين الجسم والخارج.
وتتدرج هذه القوى حسب الترتيب السابق في علاقتها ببعضها. فالنفس التي هي مركز الرغبات، توحي للقلب بفعل الشىء، والقلب الذي هو مركز الارادة، يسترشد بالعقل ليعرف خير ذلك الشىء من شره، فاما ان يقرر فعل ذلك الشىء او يمتنع عنه، فاذا هو قرر فعله امرالحواس عن طريق مديرها العقل، فتنفذه.
ولهذا قيل: العقل خادم القلب، والعقل استاذ الحواس. وسوف نتكلم في بعض هذه القوى فيما يلي:
العقل
اول ما ميزالله به الكائن الجديد الذي خلقه من روحه وشرفه على الكائنات الاخرى، هو العقل.

يقول النبي "ص": 'ان اول خلق خلقه الله عز وجل: العقل. فقال له: اقبل فاقبل. ثم قال له: ادبر فادبر. فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو احب الى منك، بك آخذ وبك اعطي، وبك اثيب وبك اعاقب'.
وعرف العلماء العقل بانه : المعرفة المستعملة في تحري النفع وتجنب الضرر، فيجعل صاحبه يتصرف وفق الحكمة والمصلحة التي لا تخرجه عن طاعة الله.
وقد اشتق معنى العقل من عقل الناقة اي شدها وربطها، فهو بشد المرء عن متابعه هواه ويمنعه من الاتيان بالاعمال السيئة. وقد عرف بعضهم العقل بانه القوة المتهيئة للعلم. لكنه حسب التعريف الاول لا يقتصر على العلم، بل هو الدافع الى العمل بمقتضى العلم، فاذا علم الخير دفع صاحبه اليه، واذا عرف الشر نهاه عنه.

وهذا هو المعنى الذي قصده الشارع وتضمنه الحديث النبوي السابق، وهو ما قصده الامام (عليه السلام) بقوله: 'العقل ما اكتسب به الجنة'
فكل عقل مهما ملك من قدرات في العلم والفهم والتمييز والذكاء، ثم لم يوصل صاحبه الى الفعل الخير واكتساب الفضائل التي تورده الجنة، فليس بعقل.
وقد ورد العقل بمعنييه السابقين في القرآن والحديث.
فإلى المعنى الاول اشار النبي "ص" في الحديث النبوي السابق.
والى المعنى الثاني اشار "ص" بقوله: 'ما اكتسب احد شيئا افضل من عقل يهديه الى هدى او يردعه عن ردى'.
وقال اميرالمومنين (عليه السلام): 'كفاك من عقلك ما اوضح لك سبل غيك من رشدك'.
اما في القرآن، ففي كل موضع رفع فيه التكليف عن العبد لعدم العقل، فاشاره الى المعنى الاول.
وفي كل موضع ذم الله فيه الكفار بعدم العقل فاشاره الى المعنى الثاني..
كقوله تعالى : 'وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون" "سورة العنكبوت- ٤٣"
وكقوله سبحانه: 'ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لايعقلون' "سورة الانفال- ٢٢"
وكثيرا ما كان القرآن يؤنب الكافرين بانهم يملكون عقولا ولكنهم لايستعملونها. يقول جل من قائل:
'ام تحسب ان اكثرهم يسمعون او يعقلون. ان هم الا كالانعام، بل هم اضل سبيلا' "سورة الفرقان- ٤٤".
ويقول سبحانه: 'ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الجن والانس، لهم قلوب لايفقهون بها، ولهم اعين لايبصرون بها، ولهم آذان لايسمعون بها. اولئك كالانعام بل هم اضل، اولئك هم الغافلون' "سورة الاعراف- ١٧٨"
والمقصود بهذه الاية ان لهم قلوبا واعينا وآذانا، ولكنهم لايستخدمونها في الخير والنفع، فهي معطلة عن غايتها التي اوجدت من اجلها.
وقال بعض الحكماء: ان العقل جوهر بسيط. وقال آخرون: هو جسم شفاف ومحله الدماغ. وقال بعض العلماء: ان محله القلب. ويستدل هؤلاء بان العقل لم يذكر في القرآن بل ذكر محله القلب، كما في قوله تعالى: 'افلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها، فانها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور' "سورة الحج- ٤٦"
ويؤيد هذا المعنى قول الامام (عليه السلام)، 'العقل في القلب، والرحمة في الكبد'.
ويمكن التوفيق بين المعنيين السابقين للعقل بان نعتبر للعقل معنيين ومركزين:
الاول : العقل بمعنى المعرفة والعلم ومركزه الدماغ.
الثاني : العقل بمعنى الارادة والامر ومركزه القلب.
ويعتبر العقل الاول مركز العلم، بينما يعتبر العقل الثاني مركز الحكمة. والحكمة بالتعريف وضع الشىء في موضعه الصحيح. فكم من عالم عاقل، ولكنه لايتصرف التصرف السليم، ولا يقدر عواقب الامور، ولا يعمل لفائدته ومصلحته. فالقلب السليم هو الذي يوصل صاحبه الى السعادة في الدين والدنيا، وفي الاخرة والاولى.

ولذلك قال سبحانه 'الا من اتى الله بقلب سليم' "سورة الشعرا ء- ٨٩"
وبما ان القلب هو مركز الارادة، فهو افضل بضعة في الانسان، اذا سار في الاتجاه القويم، الذي هو طريق الحكمة، ولم يقع تحت سيطرة الشهوات والنزعات التي تصرفه عن سبيل الحكمة، وتحرفه عن جادة الاعتدال.
التبايين بين عقل المرأة وعقل الرجل
واذا كنا في صدد البحث في التباين بين عقل المرأة وعقل الرجل، فاننا نجد هذا التباين في مستويات:
التمييز بين الخير والشر
في مستوى التمييز بين الخير والشر والنافع والضار. فالتمييز في الامور الاساسية متساو بين الناس مصداقا لقوله تعالى: 'ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها' "الشمس- ٨".
اما في الامور الفرعية والدقيقة فمستوى التمييز يختلف من انسان لاخر. وقد ورد في اخبار ان الله وزع العقل على الرجال، فبعضهم على مرتبة وبعضهم على مرتبتين وبعضهم على ثلاث وبعضهم على اربع. والانبياء من هذه الناحية هم في ارفع الدرجات.

وكذلك وزعه على النساء على مراتب، وذلك مصداقا لقوله تعالى 'ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات' "سورة الزخرف- ٣٢".
وفي هذا المستوى نجد ان عنصر الرجل يتفوق قليلا على عنصر المرأة، ولكن ذلك لايمنع من امتياز بعض النساء على بعض الرجال، كقول المتنبي في رثاء ام سيف الدولة الحمداني :
 

ولو ان النساء كمن فقدنا ***** لفضلت النساء على الرجال
 

الاستفادة من فعل الخير وتجنب الشر
فى مستوى الاستفادة من هذا التمييز، في فعل الخير وتجنب الشر، وعدم الانصياع لرغبات النفس الامارة بالسوء، وهو ما نعبر عنه بالارادة التي مركزها القلب. فبما ان المرأة عاطفية بفطرتها، فهي تنساق وراء رغباتها واهوائها بسرعة دون ان تحكم عقلها في كل امر تقوم به فتعرضه على محك الشرع وتزنه بميزان الحكمة. فيكون قلبها اقرب الى الانجراف بتيار الشهوات من الانصياع لنداء العقل.
ونتيجة هذا التباين في العقل بين المرأة والرجل، نجد ان الرجل يتميز بالحزم والتصلب في المبدا الذي يتبناه، بينما نجد المرأة تتميز بسرعة التقلب في التفكير وعدم الدقة في التعبير، وبشدة الحساسية وضعف التحمل. فهي تتاثر بسرعة لاقل طارىء، وتنهار عزيمتها لاقل محنة، وعوضا عن تحكيم عقلها للخروج من المازق الذي تقع فيه، فانها تبدا بالبكاء والعويل.
ولكون المرأة عاطفية على هذا النحو، جعل الشارع الحكيم شهادة المراتين كشهادة الرجل الواحد.
العقل المحافظ والعقل المبدع
اما اذا نظرنا الى العقل من ناحية الذكاء، نجد ان ثمة فرقا اساسيا من هذه الجهة بين الرجل والمرأة، وذلك حسبما حققه علم النفس الحديث.
ففي حين يتساوى الجنسان من حيث مستوى الذكاء العام، فقد وجد انهما يختلفان من حيث طبيعة الذكاء. فهناك نظرية تقول ان العقل قسمان: قسم محافظ وقسم مبدع، والقسم المبدع ياخذ من المحافظ ليبدع. وقد وجد ان طبيعة العقل عند المرأة اميل الى القوى المحافظة، بينما العقل عند الرجل اقرب الى قوى الابداع. فمن ناحية الذكاء نجد ان عند المرأة قدرة اكبر على حفظ المعلومات، بينما يتفوق الرجل بالقدرة الفكرية على الابداع والاختراع.
واما من الناحية النفسية والاجتماعية، فتتجلى الطبيعة المحافظة للمرأة في تمسكها بالعادات والتقاليد الموروثة وعدم تجاوزها او تغييرها، وفي انها تحاول ان تظهر دائما بمظهر الفضيلة وحسن السيرة متسترة برداء من التمويه والغش. بينما تتجلى طبيعة الرجل المبدعة في تحلله من العقائد والاخلاق، واتخاذه فلسفات جديدة في الحياة، وانطلاقه لاكتشاف العلوم النظرية والتطبيقية، دون ان يكترث بسمعته وبنظرة الناس اليه. لذا قيل: ان المدنية هي من صنع الرجال وليس النساء.
ومن هذا المنطلق نجد في الدول التي اتاحت جميع الفرص للجنسين بالتساوي، ان عدد النساء اللواتي يتفوقن في الرياضيات والفيزياء قليل جدا بالنسبة للرجال. وكذلك الامر في الفلسفة والسياسة والموسيقى ونظم الشعر، والرسم والطب والهندسة وتصميم الارياء.
تطور العقل ونضجه
وقد لاحظ العلماء فرقا ملحوظا بين نشاط عقل الرجل ونشاط عقل المرأة خلال مراحل الحياة. فان تاخر عقل الرجل في اكتماله عن عقل البنت بسنتين خلال فترة المراهقة، يجعله يستمر في نشاطه الى مدى اكبر. ويتوافق هذا النشاط العقلي مع النشاط الجنسي، الذي يصبح محدودا بعد الخمسين.
النفس
وهي مركز العواطف. وتاتي العاطفة كخاصة مقابلة للعقل. فالانسان من حيث بنائه الروحي يتالف من عقل وعاطفة. وهما موجودان في المرأة والرجل ولكنهما يختلفان في الشدة. فحين وزع الله سبحانه العقل والعاطفة على الرجل والمرأة، زاد في عقل الرجل على حساب عاطفته، وزاد في عاطفة المرأة على حساب عقلها، وذلك ليتلاءم كل منهما مع الدور الذي اوكل اليه في الحياة.

وليكون التباين بينهما سببا للالفة والرغبة. وليس هذا يعني تفضيلا للرجل على المرأة او العكس.

فالتفضيل لايكون في وجود الشىء، في الانسان وانما في مدى استخدامه في وجود الخير. ففي حين يمكن ان يستخدم الرجل عقله للحيل والمكر، فيرتكب الجرائم والموبقات، يمكنه ان يستخدمه في طرق الخير لحماية كيانه ومساعدة الاخرين. وكذلك الامر بالنسبة للعاطفة، فيمكن ان تستخدمها المرأة في الكيد والحقد فتعيث في الارض فسادا، كما يمكن ان تستخدمها في العطف على زوجها واولادها وخدمتهم، فتملا الارض سعادة ومحبة.
وكما ذكرنا سابقا فان الله سبحانه حين باين بين الرجل والمرأة فيما وزع عليهما من عقل وعاطفة وغيرهما من القدرات، فانما اجرى ذلك ليستطيع كل واحد منهما القيام بدوره في الحياة ووظيفته في الوجود على اكمل وجه. ووجه التفضيل يبقى في مدى قيام الفرد بتلك الوظيفة واستخدام طاقاته الفطرية لتحقيقها.
اهمية تربية المرأة
ومن ثمرات كون المرأة عاطفية، انها تستطيع ان تربي اولادها وتوجههم وتغرس فيهم، ما تشاء من الخير، فاذا احسنا توجيه المرأة منذ الصغر، حصلنا على ينبوع غزير من الطاقات الخيرة، التي نستطيع بها ان نبني المجتمع الفاضل.
لذلك شدد النبي "ص" على اهمية تعليم البنت وتربيتها، حتى قال: 'من كانت عنده بنتان، فاحسن تربيتهما وتهذيبهما كفلت له الجنة'. وفي هذا المعنى قال الامام الخميني حفظه الله: 'المرأة نصف المجتمع، ومربية النصف الاخر' وذلك لبيان قيمتها في المجتمع، واهمية تربيتها والعناية بها.
ومن هذه الوجهة نفسر مدى اكرام الام والتوصية بها. فقد اوصى النبي "ص" كثيرا بالام فقال 'الجنة تحت اقدام الامهات' وما ذلك الا لفضلها الكبير على الانسانية والبشرية، فهي الحاملة والوالدة والمربية والمتحملة لصنوف العذاب والالام.
التباين بين نفسية المرأة والرجل
ويذكر علم النفس فرقا بينا بين نفسية الرجل ونفسية المرأة، فقد بينت الدراسات ان نفسية الرجل 'فاعلية' بينما نفسية المرأة 'انفعالية'. وهذا يفسر رغبة الرجل في الاعتداء على غيره، بينما يفسر رغبة المرأة في العيش في ظل رجل يؤمن حمايتها وسعادتها. ولذلك وجد ان اغلب جرائم الرجال هي القتل والسرقة والاعتداء والبطش، بينما اغلب جرائم النساء هي الزنا.
الجنس والامومة
ومن الفروق الاساسية بين طبيعة الرجل والمرأة، هو في الناحية الجنسية. فقد جعل الله سبحانه تسلسلا بديعا مترابطا في العلاقة بين عناصر الخليقة.

فالرجل تستهويه المرأة فتشده اليها، والمرأة يستهويها الاطفال فتسعى وراءهم، وبذلك يكتمل بناء الاسرة القوي، الذي يدفع الحياة الى الاستمرار على الارض... فمن الملاحظ ان من اهم ضرورات الرجل اشباع غريزته الجنسية، ويكون الدافع له الى الزواج هو تامين حاجته الجنسية وحفظ نفسه من الفسوق، دون ان يفكر في موضوع الانجاب والاولاد.

اما المرأة فيضعف دافعها الجنسي امام عاطفة الامومة التي تسيطر على كيانها. فهي تتخذ الجنس وسيلة للحصول على الاولاد. واذا كان اهتمامها وتعلقها ينصب في البداية على الزوج، فان ذلك يتقلص مع انجاب الاولاد، الذين تربطها بهم رابطة اقوى من الجنس، هي رابطة الامومة، فهي تشعر بانهم قطعة من كبدها، لا بل اغلى من حياتها.
بعض مظاهر نفسية المرأة
وسوف نستجلي فيما يلي بعض مظاهر نفسية المرأة :
الرقة والرحمة
تتميز المرأة عن الرجل بعطفها وحنانها، ورقة عواطفها ورهف احاسيسها، وشدة تاثرها وسرعة انفعالها، كما انها تتميز بصبرها وجلدها وقوة تحملها. وهذه الخصال الرفيعة تتناسب مع وظيفتها في الحياة. فتربية الطفل تحتاج الى الرقة والحنان والعطف والرحمة، كما تحتاج الى الصبر والتجلد والتحمل.
اما الرجل فيتميز بقسوته وعنفوانه وجبروته وبطشه، ولذلك قال تعالى في صفة الرجال "واذا بطشتم بطشتم جبارين".
كما يتميز بحزمه وعزمه وشجاعته ورباطة جاشه. وهي خصال تفرضها عليه طبيعة المهمة التي اوكلت به، وهي تامين حاجات الاسرة وحمايتها من الخارج.
وقد اعطى الله المرأة ايضا خصالا تناسب حاجات الاسرة والتربية، منها النظافة والاناقة وحب الترتيب، فنجد هذه الصفات مطبوعة في فطرة اغلب النساء.
والرجل بخشونته وقسوة طبعه وقلة رحمته، يحب المرأة التي تعوضه بعض ذلك برقتها ووداعتها ورحمتها. فيجد فيها فيض الحنان والحب، الذي يمتن بينهما اواصر الزوجية، ويجعلهما ينجبان اولاد طيبين.
الاهتمام بالمظهر والسمعة
ونلاحظ ان المرأة تهتم بالمظهر اكثر من الرجل، الذي يهتم بالجوهر. فاذا راقبنا اهتمامات المرأة، نجد انها مهما بلغت من العلم والفهم، فهي مسيرة الى الاهتمام بالاشكال والمظاهر، مما نسميه زينة الحياة الدنيا. وقد غرس الله سبحانه هذه الخاصة في المرأة، لتكون المرأة متعة للرجل، يتمتع بزينتها وجمالها، ويشم رائحتها وعبقها، فتسره اذا نظر اليها، وتجنبه النظر الى غيرها. وهذا مصداق قول الإمام علي (عليه السلام): 'المرأة ريحانة وليست بقهرمانة' والقهرمان هو الذي يحكم في الامور ويتصرف فيها برايه.

فالامام (عليه السلام) لايرغب ان تنصرف المرأة ان الانشغال بتصريف الامور العامة، مما يمنعها عن مزاولة وظيفتها الاساسية، وهي ان تظل في بيتها ريحانة لزوجها وراعية لاولادها.
وبما ان المرأة عاطفية، فانها قد تنساق وراء هذه المظاهر، ولا تتحرج لاشباع تلك الرغبة من التساهل في اوامر الشرع، فتستخدم تلك الغريزة في غير محلها الصحيح فعوضا عن ان تتزين لزوجها، فانها تقوم بعرض مفاتنها امام الغرباء في الازقة والطرقات، ولا تخفى مفاسد هذا التصرف في اشاعة الفحشاء والمنكر في المجتمع.
اما من ناحية السمعة، فقد وجد ان المرأة تحاول المحافظة على سمعتها بين الناس، فهي اذا فعلت المنكر تفعله في الخفاء بعيدا عن اعين الناس، حتى لايفتضح امرها وتهدر كرامتها. اما الرجل فهو حين يفسق لايتورع عن ذكر ذلك امام الناس، وربما تفاخر بفعل ذلك، دون ان يبالي بسمعته وشهرته.
الحب والكره
ان المرأة بدافع عاطفتها الشديدة، اذا احبت انسانا احبته فوق التصور، واذا ابغضته فانها لاتنسى بغضها له. وفي ذلك يقول الامام (عليه السلام): 'المرأة تكتم الحب اربعين سنة، ولا تكتم البغض ساعة واحدة' "الحكمة ٢٢٨ الملحقة بآخر تفسير ابن أبي الحديد".
ومن امثلة الصنف الاول حب خديجة (عليه السلام) للنبي "ص" وحب فاطمة الزهراء (عليه السلام) للامام علي (عليه السلام).

ومن امثلة الصنف الثاني بغض عائشة للامام (عليه السلام) لاسباب لامجال لذكرها هنا، حتى ان ايمانها لم يمنعها بدافع ذلك الكره من ان تحارب الامام عليا (عليه السلام)، فيذهب بجريرتها خمسة عشر الفا من الضحايا المسلمين وذلك في موقعة الجمل التي جرت قرب البصرة. مخالفة بذلك امر خالق الاكوان في محكم القرآن، حين امرها بملازمة بيتها وعدم التدخل في امور السياسة، وذلك في قوله تعالى مخاطبا نساء النبي "ص" خاصة حيث يقول 'وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى، واطعن الله ورسوله' "سورة الاحزاب- ٣٤" اي ان خروج زوجة النبي "ص" من بيتها هو مخالفة لامر الله وعدم طاعة للرسول "ص".

وقد نظم هذا المعنى الشيخ كاظم الازري في قصيدته المشهورة فقال:
 

حفظت اربعين الف حديث ***** ومن الذكر آية تنساها
 

الكيد والمكر
الكيد هو ارادة مضرة الغير بشكل خفي، عن طريق المكر والحيلة والخديعة.
والمرأة السيئة تكيد للرجل لتغويه، كما يكيد الشيطان لبني الانسان.

ومن ابرز الامثلة القرآنية على ذلك كيد امراة العزيز ليوسف (عليه السلام) الذي ظل صامدا بتاييد ربه، وفضل السجن على ارتكاب الفاحشة.

وذلك مصداق قوله تعالى على لسان العزيز: 'فلما راى قميصه قدّ من دبر قال انه من كيد كن، ان كيد كن عظيم ' "سورة يوسف- ٢٨".

وقوله على لسان يوسف (عليه السلام): 'قال: رب السجن احب الى مما يدعونني اليه، والا تصرف عني كيدهن اصب اليهن واكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن انه هو السميع العليم' "سورة يوسف ٣٣ و٣٤".
وغير خاف ايضا كيد المرأة للمرأة اذا تعارضت مصالح احداهما مع الاخرى، وغالبا ما يحدث ذلك بدافع الغيرة.

يتبع ......
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الإعراض عن اللغو
من هم الشیعة ومن أین ؟؟
نص رسالة "محمد رسول الله" لـ"المقوقس" ...
الحياة مع زوج شكاك.. جحيم لا يطاق!
التجلي لموسى عليه السلام
تربية الأطفال بين الهدف والوسيلة
الملل و الحياة الزوجية
المرأة بنظر القرآن
الوهابية ومجزرة الحرم الشريف
السيد أبو الحسن جلوة الزواري

 
user comment