عربي
Friday 26th of April 2024
0
نفر 0

السؤال : لدي مداخلة أو بالأحرى استفسار إذا سمحتم ، وهو بخصوص إسقاط جنين الزهراء (عليها السلام) .

سكوته عمّا جرى على ولده محسن :

السؤال : لدي مداخلة أو بالأحرى استفسار إذا سمحتم ، وهو بخصوص إسقاط جنين الزهراء (عليها السلام) .

هل يمكن أن يسكت أمير المؤمنين (عليه السلام) على إسقاط جنينه وقتل ولده ؟

الجواب : إنّ الإمام علي (عليه السلام) ترك مقاتلة القوم بعد اغتصابهم الخلافة ، لوصية من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بترك مقاتلة القوم ، إذ كان يؤدّي إلى الفرقة ومحو دين الله ، والأهمّ عنده (عليه السلام) أن يستمر دين الله ، وإن كان ناقصاً ، بدل أن يمحى بالكلّية .

هذا بالإضافة إلى أنّ الإمام كان يتمتّع ـ كما هو معروف ـ بأعلى درجات الإيمان والتضحية من أجل الدين ، تجعله يغضّ الطرف عن مظلمة تقع عليه مقابل صيانة الدين وحفظ الشريعة ، ولو بالقدر المتيسّر .

فالمطالبة بظلامة ابنه لا تقاس بشيء عند تلك النفوس الكاملة ، مقابل حرف مسار دين محمّد (صلى الله عليه وآله) بغصب الخلافة ، مع ملاحظة أنّ قتل محسن كان في خضم تلك الأحداث التي أدّت إلى غصب الخلافة ، ومصيبة عصيان أمر الله ، وإهمال وصية الرسول (صلى الله عليه وآله) غطّت وحجبت مصيبة مقتل ابنه ، أو الاعتداء على الزهراء (عليها السلام) ، أو محاولة حرق دارها ، فهي جزئيات دخلت في المصبّ العام للمصيبة ، ولم تكن حوادث مستقلّة منفردة على حدة ، حتّى نحتمل تصرّف وموقف مختلف من الإمام (عليه السلام) اتجاهها .

ولك مثلاً بموقف الحسين (عليه السلام) ، فإنّه ضحّى بكلّ شيء حتّى طفله الرضيع في

____________

1- روح المعاني 3 / 336 .


الصفحة 92


المصبّ العام لأحداث ثورته ودعوته ، لتصحيح مسار الإسلام .

( ... . ... . ... )

تكلّمه وهو صغير وقراءته للقرآن قبل نزوله :

السؤال : أمّا بعد، لقد تلقّيت أجوبتكم ، وجزاكم الله كلّ خير .

لقد قرأت كتاب : علي من المهد إلى اللحد للسيّد القزويني ، ووجدت فيه بعض الأفكار التالية: تكلّم علي (عليه السلام) وهو ابن ثلاثة أيّام ، وأنّه قرأ القرآن قبل أن ينزل على النبيّ (صلى الله عليه وآله)، فما مدى صحّة هذه الأفكار ؟ جزاكم الله كلّ خير .

الجواب : هذه ليست أفكاراً ، وإنّما أقوال تستند إلى روايات ، وردت في بعض المجامع الحديثية عند الشيعة الإمامية ، ككتاب بحار الأنوار .

والحال أنّ التكلّم عند الطفولة بشكل عامّ يُعدّ من المعجزات التي أشار إليها القرآن الكريم بحقّ عيسى (عليه السلام) ، والملاحظ أنّ ولادة الإمام علي (عليه السلام) في جوف الكعبة هو بحدّ ذاته يُعدّ معجزة كبيرة ، تحمل في طيّاتها معان كثيرة للمتأمّل بإنصاف ، ويكون الإخبار عن قراءته للقرآن الكريم قبل إعلان الرسالة هو أحد المعاني التي ينبغي الوقوف عندها في هذه المعجزة والكرامة الأوحدية ـ الولادة في جوف الكعبة ـ التي لم تكن لأحد من قبله أو بعده ، ولعلّها تكشف لنا عن مصداق من المصاديق المستفادة من قول النبيّ (صلى الله عليه وآله) : " كنت أنا وعلي بن أبي طالب نوراً بين يدي الله ، قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلمّا خلق الله آدم قسّم ذلك النور جزئين ، فجزء أنا ، وجزء علي بن أبي طالب " (1) .

1-   نظم درر السمطين : 7 و 79 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 67 ، جواهر المطالب 1 / 61 ، ينابيع المودّة 1 / 47 و 2 / 307 .

 


الصفحة 93


( عبد الله . المغرب . سنّي . 24 سنة )

معنى أنّه ولي الله :

السؤال : أمّا بعد : إذا كانت ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) بمعنى أنّه ولي لله تعالى ، فأهل السنّة مجمعون عليها ولاشكّ في ذلك ، لأنّه من السابقين للإسلام ، الذين قال الله فيهم : { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } (1) .

وتكفي شهادة النبيّ (صلى الله عليه وآله) له في عدّة أحاديث ، منها قوله : " أليس الله بأولى بالمؤمنين " ؟

قالوا : بلى ، قال : " اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه ، وعاد من عاداه " ، رواه أحمد والترمذيّ وابن ماجة بأسانيد صحاح (2) .

وأمّا إذا كانت ولايته بمعنى أحقّيته بوراثة النبيّ (صلى الله عليه وآله) في مقام الدين والدنيا ـ أي أنّه الأحق بالخلافة من أبي بكر وعمر ـ فهذا غير مُسَلَّم ، للإجماع على تفضيل أبي بكر وعمر عليه ، وأنّهما أحقّ بالخلافة منه ، وكان هو نفسه (عليه السلام) معترفاً بهذا ، لا ينازعهما فيه ، وقد بايعهما بالخلافة .

وفي تفضيل عثمان على علي خلاف بين أهل السنّة ، والأكثر على تفضيل عثمان .

أمّا الولاية له ولأولاده بالمعنى الثاني ـ التي يعتقد بها البعض ـ فهي مردودة ؛ لأنّها بمعنى العصمة له وللأئمّة من ذرّيته ، وأحقّيتهم بالولاية الدينية على المؤمنين ، وقد وُجِدَ كثير من المسلمين من الصحابة ومن بعدهم أفضل من بعضهم ، ولأنّ أساس التفضيل في الإسلام ليس قائماً على

____________

1- التوبة : 100 .

2- مسند أحمد 1 / 118 و 152 و 4 / 281 و 370 و 5 / 347 و 370 ، الجامع الكبير 5 / 297، سنن ابن ماجة 1 / 45 .


الصفحة 94


النسب والقرابة من النبيّ (صلى الله عليه وآله)، بل هو بالتقوى والإيمان { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ } (1) .

ومذهب أهل السنّة : أنّه لا عصمة لأحد غير الأنبياء (عليهم السلام) ، وعصمتهم في ما يتعلّق بتبليغ الوحي ، وهم معصومون عن كبائر الذنوب دون صغائرها ، وأهل البيت داخلون تحت قول النبيّ (صلى الله عليه وآله) : " كلّ بني آدم خطّاء ، وخير الخطّائين التوّابون " ، رواه أحمد والترمذيّ وابن ماجة ، وحسّنه الألباني .

وهم داخلون كذلك تحت الخطاب الإلهيّ للناس جميعاً ، وذلك في الحديث القدسي الذي رواه مسلم عن أبي ذر (عليه السلام) ، وفيه : " يا عبادي : إنّكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعاً ، فاستغفروني أغفر لكم " (2) .

الجواب : في السؤال فقرات عديدة ، يمكن الإجابة عليها حسب نقاط :

النقطة الأُولى : معنى علي (عليه السلام) ولي الله ، هو تولّي شؤون إدارة البلاد والعباد بأمر من الله سبحانه ، وهو المعنى المستفاد من قوله تعالى : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } (3) ، التي ذكر المفسّرون نزولها بحقّ الإمام علي (عليه السلام) عندما تصدّق وهو في حال الركوع من صلاته .

وأيضاً المستفاد من قول المصطفى (صلى الله عليه وآله): " من كنت مولاه فهذا علي مولاه " .

والمراد من كلمة مولى في قوله (صلى الله عليه وآله) هي ولاية الأمر ، لقرينة لفظية تدلّ عليها ، وهي قوله (صلى الله عليه وآله) : " ألست أولى بكم من أنفسكم " ؟ الدالّة على ولاية الأمر بكلّ وضوح ، والتي أردفها النبيّ (صلى الله عليه وآله) بقوله المتقدّم : " فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه " .

وقد فهم العرب الذين حضروا واقعة التنصيب هذه في غدير خم أنّه

____________

1- الحجرات : 13 .

2- صحيح مسلم 8 / 17 .

3- المائدة : 55 .


الصفحة 95


تنصيب للإمامة وقيادة الأُمّة من بعده (صلى الله عليه وآله) ، كما عبّر عن ذلك حسّان بن ثابت ـ شاعر الرسول (صلى الله عليه وآله) ـ في نفس الواقعة ، حيث أنشد قائلاً :

 

يناديهم يوم الغدير نبيّهم

بخمّ وأسـمع بالرسول مناديا

فقال فمن مولاكم ونبيّكم

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت نبيّنا

ولم تلق منّا في الولاية عاصيا

فقال قـم يا علي فإنّني

رضيتك من بعدي إماماً وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليّه

فكونوا له أتباع صدق مواليا

هناك دعا اللهم وال وليّه

وكن للذي عادى علياً معاديا (1)

 

إلاّ أنّ السياسة وغلبة الآراء وتفرّق المصالح أخذا بالمسلمين يومذاك شرقاً وغرباً ، تمخّض عنه مؤتمر السقيفة بين المهاجرين والأنصار ، الذي أدّى إلى تنصيب أبي بكر خليفة الرسول (صلى الله عليه وآله) في عملية انتخابية ، جرى فيها من التهديد والوعيد بين الطرفين ، ممّا لا نودّ ذكره ، أو التطرّق إليه .

وأمّا قولك : من أنّ أهل السنّة مجمعون على ولاية علي (عليه السلام) بمعنى الولاية الذي تريده ، فهم ـ كما تعلم ـ يثبتونه لغيره من أفاضل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، بل ـ لو شئت الحقّ ـ يثبتون الولاية بهذا المعنى الذي تريده لكلّ المسلمين .

وعند ذلك ، فما ميزة الإمام علي (عليه السلام) ليختصّه ويفرده رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الغدير بهذه الولاية إذا كانت عامّة لجميع المسلمين ؟ ألا ترى نفسك أنّك تستهزئ بشخصية الرسول (صلى الله عليه وآله) عندما تنسب له مثل هذا التصرّف ، وتجعل ذلك الموقف يوم الغدير تحت الشمس الحارقة لذلك الجمع ، ورسول الله يرتقي أقتاب الإبل ، ليقول قولاً متسالماً عليه ، وثابت لجميع المسلمين ، تجعله سفاهة

____________

1- نظم درر السمطين : 112 ، شواهد التنزيل 1 / 202 .


الصفحة 96


0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

هل يشترط اتّحاد الاُفق؟
السؤال : ما معنى : " علي خير البشر ، فمن أبى فقد كفر ...
السؤال : يقول مخالفوا أهل البيت : بأنّ الشيعة ...
السؤال : سادتي الأفاضل كيف يمكننا الجمع بين ما ...
السؤال: ما الفرق بين الأُصول والعقيدة والشريعة
السؤال : ما الأدلّة على عصمة أهل البيت (عليهم ...
قال الله تعالى في محكم كتابه وإن منكم إلا واردها ...
العموم في الدعاء
السؤال : ما الفرق بين الشيعة والسنّة ؟
السؤال : تستدلّون على التوسّل بالنبيّ والأئمّة ...

 
user comment