عاشوراء في اللغة:
عاشوراء علي ـ وزن فاعولاء ـ ممدوداً ومقصوراً، مجرداً عن لامالتعريف، هو اليوم العاشر من المحرّم، ويقال التاسع منه، وهو اءسماءسلامي لم يعرف في الجاهلية. وهو مشتق من العشر الذي هو اءسمللعدد المعين، وقيل اءنّه معدول عن عاشرة للمبالغة والتعظيم. وقيل ماخوذمن العِشر ـ بالكسر ـ في اوراد الاءبل تقول العرب: وردت الاءبل عشراً اءذاوردت اليوم التاسع، وقيل: هو في الاصل: صفة لليلة العاشر لانّه ماخوذمن العشر الذي هو اءسم الفعل، واليوم مضاف اءليها، فاءذا قيل: يوم عاشوراءفكانه قيل يوم الليلة العاشرة.
عاشوراء وجذورها التاريخية:
يظهر من بعض الروايات انّ عاشوراء ممّا عرّفه الله لبعضالانبياء: كما في حديث مناجاة موسي(ع) وقد قال: «ياربّ لِمَ فضّلت اُمةمحمّد(ص) علي سائر الاُمم؟ فقال الله تعالي:.. فضّلتهم لعشر خصال.. وعاشوراء...
حكم صوم عاشوراء
تارة الكلام في حكمه قبل نزول صوم رمضان واُخري: حكمهبعدلك.
اما الاوّل: فقد اختلف فقهاؤنا في انّه هل كان واجباً ام لا؟ فعنالمحقق النجفي في الجواهر، والمحقق القمّي فيالغنائم والسيّدالطباطبائي في المدارك.، هو الاوّل، كما انّ ذلك هو مفاد روايتنا ايضاًفعن الباقر(ع) كان صومه قبل شهر رمضان، فلمّا نزل شهررمضانتُرك.
وامّا باقي المذاهب الاءسلاميّة، فعن ابي حنيفة، اءنّه كان واجباً، واكثراهل السنّة علي عدم الوجوب ـ كما عن النووي ـ وللشافعي قولان،ولاحمد روايتان وبعض فقهائنا اكتفي بنقل الخلاف من دون ترجيحجانب من الاءختلاف كالعلاّمة الحلّي في التذكرة والمنتهي، والمحققالسبزواري في الذخيرة.
الامر الثاني: حكمه بعد نزول صوم رمضان فهو مختلف فيه روايةًوراياً عند الفريقين: اما عندنا: فالروايات علي طائفتين منها ما تنهي عنالصوم في يوم عاشوراء وانّه صوم متروك او منهيّ عنه او انّه بدعة وماهويوم صوم، او انّه صوم الادعياء او انّ حظّ الصائم فيه هو النار، او انّالنبيّ(ص) ما كان يصومه.
وطائفة اُخري معارضة لها، وانّ صومه كفارة سنّة، او انّ النبيّ(ص)كان يامر الصبيان بالامساك.
واما روايات العامّة: فهي ايضاً عندهم مختلفة ففي بعضها انّه ما كانالنبيّ(ص) يصوم يوم عاشوراء او انّه لم يامر به بعد نزول صوم رمضان كمافي البخاري ومسلم وسائر السنن. وبعضها: تفيد الاءستحباب والتاكيدعليه، وقد جمعها الهيثمي في زوائده وضعّف وناقش في كثير مناسانيدها.
تفصيل البحث في الروايات:
اما الموافقة ـ من رواياتنا ـ فهي تسع:
1 ـ صحيحة زرارة، عن الباقر(ع) كان صومه قبل شهر رمضان فلمانزل شهر رمضان ترك.
2 ـ رواية زرارة عن الباقر والصادق8: «لا تصم في يوم عاشوراء»ولكن في السند تامل.
3 ـ رواية الحسن بن علي الوشاء، عن الباقر(ع): «صوم متروك بنزولشهر رمضان، والمتروك بدعة» وهو قويٌّ سنداً عند المجلسي الاوّل.
4 ـ عن الصادق(ع) اما انّه صومُ يومٍ ما نزل به كتابٌ ولا جرت به سنّةٌاءلاّ سنّة ا´ل زياد بقتل الحسين بن علي(ع).
5 ـ رواية عبدالملك عن الصادق(ع): «امّا يوم عاشوراء فيوم اُصيب فيهالحسين صريعاً بين اصحابه واصحابه صرعي حوله ـ عرات ـ افصوم يكون في ذلكاليوم، وما هو يومُ صومُ.. فمن صامه او تبرّك به حشره الله مع ا´ل زياد ممسوخ القلب،مسخوط عليه....
وهي ضعيفة السند عند البعض.
6 ـ رواية جعفر بن عيسي قال: سالت الرضا(ع) عن صوم عاشوراء،
وما يقول الناس فيه؟ قال: عن صوم ابن مرجانة تسالني؟ ذلك يومٌ صامهالادعياء لمقتل الحسين، وهو يتشاءم به ا´ل محمّد ويتشائم به اهل الاءسلام ولا يُصامولا يتبرّك به.. فمن صامها او تبرّك بها لقي الله تبارك وتعالي ممسوخ القلب وكانحشرُه مع الذين سنّوا صومها والتبرك بها. وقد عبّر المجلسي الاوّل عنالحديث بالقويّ.
وقال المجلسي الثاني ذيل الرواية: امّا صوم يوم عاشوراء فقداختلفت الروايات فيه والاظهر عندي، انّ الاخبار الواردة بفضل صومهمحمولة علي التقيّة، واءنّما المستحبّ الاءمساك علي وجه الحزن اءلي العصر،لا الصوم... وبالجملة الاحوط ترك صيامه مطلقاً.
كما استظهر العلاّمة الطعّان من عبارة «فمن صام او تبرّك»، اءنّ ماهيةالصوم ونفس الاءمساك اءلي الغروب بنيّة الصوم مورد الكراهة عند ائمةاهل البيت...
7 ـ رواية زيد النرسي، عن الصادق(ع) مَن صامه كان حظّه من صيامذلك اليوم حظ ابن مرجانة وا´ل زياد و... قلت ـ الراوي ـ وما كان حظّهممن ذلك اليوم؟ قال: النار اعاذنا الله من النار، ومن عملٍ يقرّب من النار.
وقد وصفها المجلسي الاوّل بالحسن كالصحيح.
8 ـ رواية ابن ابي غندر، عن الصادق(ع) فاءن كنت شامتاً فصم، ثمّ قال: اءنّا´ل اُمية عليهم لعنة الله ومَن اعانهم علي قتل الحسين(ع) من اهل الشام نذروا نذراً اءنقُتل الحسين، وسلم مَن خرج اءلي الحسين(ع) وصارت الخلافة في ا´ل ابي سفيان انيتخذوا ذلك اليوم عيداً لهم يصوموا فيه شكراً ويفرِّحون اولادهم، فصارت في ا´لابي سفيان سنّة اءلي اليوم في الناس، واقتدي بهم الناس جميعاً فلذلك يصومونهويدخلون... انّ الصوم لا يكون للمصيبة ولا يكون اءلاّ شكراً للسلامة.
واءنّ الحسين اُصيب يوم عاشوراء فان كنت فيمن اُصيب به فلا تصم وان كنتشامتاً ممن سرّك سلامة بني اُمية فصم شكراًلله».
وهذه الروايات المانعة، واءن كان بعضها ضعيفة ولكن استفاضتهاووجودها في الكتب المعتبرة، وموافقتها لسيرة المتشرّعة واصحابالائمة من عدم صيامهم ـ بل وللائمة: ـ ممّا يخرجها عن الضعفاءضافة اءلي اعتبار سندها عند عند الشيخ الطوسي، حيث اءنّه جمع بينهاوبين الروايات المجوّزة، وهذا الجمع دليلٌ علي الاءعتبار السندي، واءضافةاءلي وثاقة الحسين بن علي الهاشمي ـ الذي قد يرمي' بالاءهمالوالمجهولية.
روايات الجواز:
1 ـ عن الكاظم(ع): صام رسول الله(ص) يوم عاشوراء، وهذه الروايةواءن كانت موثّقة عند المجلسي ولكن حملها لمحقق القمّي عليالتقية.
2 ـ رواية القداح عن الباقر(ع): صيام عاشوراء، كفارة سنة، وهيمجهولة عند المجلسي.
3 ـ رواية كثير النوي، لزقت السفينة يوم عاشوراء....
وهي ضعيفة السند. وحُملت علي التقية، واءنّ البركات المذكورة فيهامن اكاذيب العامّة.
4 ـ رواية مسعدة بن صدقة، عن علي(ع): صوموا العاشوراء، التاسعوالعاشر فاءنّه يُكفّر ذنوب سنة.
وهي ضعيفة السند ومحمولة علي التقية.
5 ـ رواية حفص بن غياث: كان رسول الله(ص) كثيراً ما يتفل يومعاشوراء في افواه اطفال المراضع من ولد فاطمة3 من ريقه ويقول: لاتطعموهم شيئاً اءلي الليل...
وهي ضعيفة السند قاصرة الدلالة.
6 ـ رواية الزهري عن الاءمام زين العابدين (ع): اما الصوم الذي صاحبهفيه بالخير... صوم عاشوراء.
وهي ضعيفة سنداً ـ تعرضنا للبحث عن الزهري في كتابنا منهجيّةالبخاري في صحيحه، ومحمولة اءلي التقية كما صرّح بذلك المجلسيان،وانّ الاخبار في ذم الصوم ـ وانّه يوم تبرّكت به بنو اُمية لعنهم الله، بقتلهمالحسين(ع) كثيرة.
7 ـ رواية الجعفريات كان علي(ع) يقول: صوموا يوم عاشوراء....
لكن في اعتبار كتاب الجعفريات كلام، وقد ضعفه المحقق النجفيفي الجواهر.
8 ـ رواية الصدوق: فمن صام ذلك اليوم غُفر له ذنوب سبعين سنة.
ولكنّها ضعيفة السند، ومعارضة باقوي منها.