عربي
Saturday 27th of April 2024
0
نفر 0

مراسيم عاشورا

2 ـ مراسيم عاشورا.

ان مراسيم عاشورا من المراسيم ذات السابقة الممتدة بين الشيعة و بقطع النظر عن التعازي الواردة في الاحاديث الماثورة عن النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ـ التي نقلها العلا مة الاميني بنحو تام في كتاب سـيـرتـنـا و سنتنا, فاننا ينبغي ان نذكر ما قام به التوابون من العزاعمليا فهؤلا عندما عزموا على حرب الشام في مستهل سنة 65 ه , فانهم جاؤوا الى كربلا, و اجتمعوا حول قبر الامام الحسين , و بداوا بالعويل و البكا, ثم ودعوا القبرواحدا بعد الاخر, و توجهوا الى حيث ارادوا ((1467)) و اتـسـع بعد ذلك نطاق مراسيم العزا التي كانت تقام من قبل الائمة الاطهارـ عليهم السلام ـ بواسطة انـشـاد الاشـعـارالـخاصة بهذه المناسبة ثم اعلن الشيعة يوم عاشورا يوما للعزا تدريجا مع تبلور الـتـقاليدالرسمية و امتدت هذه القضية اكثر فاكثر عندما ابتهج الامويون و فرحوا في هذا اليوم , واعـلـنـوه عـيدا لهم و تلك سنة ظلت قائمة عند المجاهرين بعدائهم لاهل البيت , كالايوبيين الذين احـيـوهـا ايـام حـكـومـتهم و قام استاذنا الكبير العلا مة السيد جعفر مرتضى بدراسة للاحاديث الـمـوضوعة في اتخاذ يوم عاشورا عيدا, والمراسيم التي كان يقيمها الامويون ,و جمع موضوعات موثقة حول هذه القضية في كتابه القيم : المراسم والمواسم .
و قال زكريا القزويني : ((انهم اتخذوا يوم عاشورا عيدا, و تزينوا في ذلك اليوم , و اقامواالولائم بينما اتخذه الشيعة يوم عزا, و كانوا ينوحون و يبكون كما ا نهم تجنبوا الزينة فيه
((1468)) .
و قال ابو ريحان البيروني في يوم عاشورا ايضا:.
((فاما بنو امية , فقد لبسوا فيه ما تجدد, و تزينوا و اكتحلوا و عيدوا و اقاموا الولائم والضيافات , و اطعموا الحلاوات والطيبات , و جرى الرسم في العامة على ذلك ايام ملكهم ,و بقي فيهم بعد زواله عنهم .
و اما الشيعة فانهم ينوحون و يبكون اسفا لقتل سيدالشهدا فيه
((1469)) )).
و اتـخذ الامويون هذه الخطوة من اجل جرح مشاعر الشيعة في ذلك اليوم المثيرلاحزانهم و عبر ابـن تـيـمية عنها بقوله : (( ان اظهار السرور في هذا اليوم و الاسراف فيه من البدع التي وجدت لمقابلة الرافضة
((1470)) .
و نصت زيارة عاشورا ايضا على ان بني امية اتخذوا ذلك اليوم مناسبة للفرح و السرور و مهما كان , فـان اهـمـيـة هـذا اليوم عندالشيعة ادت الى اتساع نطاق مراسيم العزاالتي كانت تدخل فيها بعض الـتـقـاليد المحلية للعزا بين الفينة و الاخرى و في ضؤ ما قاله الشيبي فان مواكب العزا ظهرت في لونها الجديد (اتخذت فيما بعد طابعا مسرحيا في ايام الصفويين ) لاول مرة سنة 352 ه
((1471)) و كان البويهيون يحكمون العراق آنذاك .
و كـانـت مـحـلة الكرخ ببغداد, و هي من المراكز الشيعية المهمة , تقيم المراسيم في يوم عاشورا بـنـحو مفصل على امتداد القرن الرابع , بخاصة في العصر البويهي و لما كان الحنابلة ـ جنوحا منهم الى النهج الاموي ـ اقوى من سائر الفرق السنية , لذلك كانوايواجهون الشيعة , و يصطدمون بهم .
و يبدو ان يوم عاشورا كان يخلف وراه ضحايا في كل عام , مما ادى الى استمرارهذه المصادمات بين الشيعة و الحنابلة عدد سنين و وردت تفاصيل ذلك في بعض الكتب التاريخية كالبداية و النهاية لابن كـثـيـر, و المنتظم لابن الجوزي , و الكامل لابن الاثير
((1472)) و في احدى هذه المصادمات تـعـرض بـيت ابي جعفر شيخ الطائفة (الشيخ الطوسي ) الى الهجوم , و نهب ما فيه , و احرقت كتب الشيخ ((1473)) .
و كانت المراكز الشيعية في ايران تعظم يوم عاشورا ايضا و لدينا معلومات اكثرتفصيلا من غيرها نـقلها لنا الرازي مؤلف كتاب نقض فقد ذكر عن صاحب كتاب الفضائح قوله : ((و تظهر هذه الطائفة الـجـزع يـوم عـاشـورا و تقيم مراسيم العزا, و تحيي مصيبة شهدا كربلا على المنابر و يسرد خـطباؤها القصص في ذلك , و يحسر العلما رؤوسهم ,و يلبس العوام اثوابا ممزقة , و تخمش النسا وجوههن و ينحبن و يبكين
((1474)) )).
و اشـار القزويني في جوابه الى المراثي التي يقراها الشافعية و الحنفية , و قال :((و مراثي شهدا كـربلا التي يقراها اصحاب ابي حنيفة , و الشافعي لا تحصى عددا
((1475)) ))و يواصل كلامه قـائلا: ((ثم عرج بنا على اصفهان فستجد الخواجه بومنصور ما شاده , و هو قدوة المذهب السني فـي زمـانه , كان يقيم مراسيم العزا في يوم عاشورا كل سنة مع النياحة والبكا و العويل ثم تعال معي الـى بـغداد مدينة السلام و مقردارالخلافة , فستلقى الخواجه علي الغزنوي الحنيفي كيف كان يقيم هـذه الـمـراسـم الـى درجة انه كان يبالغ في لعن السفيانيين يوم عاشورا و كانت بغداد حديثة عهد بعزاالحسين الموسوم بعزا عاشورا مع النياحة والعويل و اما همدان , فعلى الرغم من كثرة المشبهة فيها بسبب وجود راية السلطان و جيش الاتراك , بيد ان مجد الدين الواعظالهمداني كان يقيم العزا يـوم عـاشـورا كـل عام بشكل كان يعجب منه القميون و كان الخواجه الامام نجم ابو المعالي بن ابي القاسم البزاري يقيم العزا في احسن صوره بنيسابور مع انه كان حنفيا و كان ياخذ المنديل و ينوح , و ينشر عليه التراب , و يصرخ عالياخارجا من طوره و اما الري التي كانت من امهات الحواضر في الـعـالـم , فـقد كان واضحاماذا يفعل فيها الشيخ ابوالفتوح نصرآبادي , و الخواجه محمود الحدادي الـحـنـيـفـي وغـيـرهـمـا يـوم عـاشـورا من العزا و لعن الظالمين في محط القوافل بكوشك و الـمـسـاجـدالـكـبيرة و هكذا كان الخواجه الامام شرف الائمة ابو نصر الهسنجاني يقيم مراسيم الـعزايوم عاشورا سنويا بحضور الامرا و الاتراك و الوجها الكبار, و الحنفيين المعروفين , وكان يتفق معه هؤلا كلهم , و يعينونه على ما هو بسبيله و راى الناس الخواجه الامام ابامنصور حفيده , و هـو مقدم بين اصحاب الشافعي , عندما كان في الري , كيف كان يتلو قصة عاشورا في جامع سرهنك , و يـفـضـل الحسين على عثمان , و يسمي معاوية باغيا و كذلك كان يفعل القاضي عمدة ساوي حنيفي المتكلم المعروف في جامع طغرل بحضورعشرين الفا من الناس , اذ يتلو قصة عاشورا و يقيم العزا بـراس حاسر و ثوب ممزق , ولم يفعل احد مثله و اذا كان مصنف الكتاب رازيا, فلابد ا نه راى و سـمـع ذلـك و شهدالناس الخواجه تاج شعري حنيفي نيسابوري كيف كان يبالغ في اقامة العزا يوم عـاشـورابـعـد الصلاة في الجامع العتيق , و ذلك في سنة 555 ه باجازة القاضي و حضور الامرا والاكابر ((1476)) ويستشف من معلومات الرازي ان الحنفيين والشافعيين كانوا يفعلون كما يفعل الـشيعة في اقامة مراسم العزا في القرن السادس و كانوا يبداون بقراة المقتل على عثمان , و علي ـ عليه السلام ـ احيانا و ذلك حفظا للتوازن , ثم ينتقلون الى مقتل الحسين ـ عليه السلام ((1477)) .
و لـيس اعتباطيا ما نجده من موقف بعض السنة اذ قاطعوا تلك المراسيم التي كانوايشاهدونها مقامة مـن قـبل اصحابهم , و سموها بدعة , و قالوا : ((يحرم على الواعظ و غيره رواية مقتل الحسين و حكاياته )) و هذا ما ردده الغزالي و غيره
((1478)) و كان هذاالتشدد باعثا على لجؤ السنة الى مـواجهة هذه المراسم بمراسم اخرى كانوا يقيمونهاباسلوب من الاساليب فقابلوا يوم عاشورا بيوم سـمـوه يوم مصعب بن الزبير, و قد كان بعد يوم عاشورا بثمانية ايام على زعمهم , اذ كانوا يذهبون الـى قـبـره فـي مـسـكـن , و يبكون و ينوحون عليه و تحدث ابن العماد الحنبلي و غيره عن هذا الموضوع مفصلا ((1479)) .
و من الايام الاخرى التي واجهوا بها يوم عاشورا : يوم الجمل يقول ابن كثير: ((و في سنة 363 ه فـي عـاشـورا عـمـلت البدعة على عادة الروافض و وقعت فتنه عظيمة ببغدادبين اهل السنة و الـرافـضـة , و كـلا الفريقين قليل عقل او عديمه و ذلك ان جماعة من اهل السنة اركبوا امراة و سـموها عائشة , و تسمى بعضهم بطلحة , و بعضهم بالزبير, و قالوا:نقاتل اصحاب علي فقتل بسبب ذلـك مـن الـفـريـقين خلق كثير
((1480)) و لعل هذا يشيرالى وجود مراسم الشبيه بين الشيعة آنذاك , مع انه لا يدل على ذلك بصراحة .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الإمام الباقر ( عليه السلام ) مع نافع مولى عمر
حبيب بن مظاهر الاسدي ومكانته عند الحسين (ع)
الهيـبَة في خِـلافَة عُـثمان
الإمام السجاد (عليه السلام) ومحمّد بن الحنفية
زياد ابن أبيه.. أحد رمـــوز الإرهاب الأموي
الأجل والأجل المسمى
مناشدة الإمام علي (ع) يوم الشورى
أو الافطحية وهم الذين يقولون بانتقال الامامة من ...
من خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ...
المدن الشيعيّة في شبه القارّة الهنديّة

 
user comment