عربي
Friday 26th of April 2024
0
نفر 0

النسب الكامل

النسب الكامل

صدرت عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وعن الأئمّة المعصومين عليهم السّلام روايات كثيرة تشخّص المراد بالأئمّة الاثني عشر، وتوضح من هو الإمام المهدي المنتظر عليه السّلام بما لا يبقى معه مكان للشكّ فيه عليه السّلام. ومن تلك الأحاديث ما يذكر الأئمّة بأسمائهم بالتسلسل، ومنها ما يتحدّث عن نسبة الإمام المهدي عليه السّلام إلى الأئمّة ككُلّ ـ كالحديث الوارد في أنّه عليه السّلام آخر الأئمّة ـ أو نسبته إلى إمامٍ معيّن منهم ـ كالحديث الوارد في أنّ المهدي عليه السّلام هو التاسع من ولد الحسين عليه السّلام، أو الرابع من ولد الرضا عليه السّلام. ونورد فيما يلي بعض هذه الأحاديث:

1 ـ روى الخوارزمي في مقتل الحسين عليه السّلام، والحمويني في فرائد السمطين، والقندوزي في ينابيع المودّة، عن أبي سلمى راعي رسول الله صلّى الله عليه وآله، روى فيه عن رسول الله صلّى الله عليه وآله حديثاً عن إسرائه صلّى الله عليه وآله جاء فيه أن الله تعالى خاطبه: انظُر إلى يمين العرش! قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: فنظرتُ، فإذا عليّ وفاطمة، والحسن والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد، والحسن بن عليّ، ومحمّد المهديّ بن الحسن كأنّه كوكب دُرّيّ.

وقال ( تعالى ): يا محمّد، هؤلاء حُجَجي على عبادي، وهم أوصياؤك، والمهديّ منهم الثائر مِن قاتل عترتك. وعزّتي وجلالي إنّه المنتقم من أعدائي، والمُمِدّ لأوليائي(1).

2 ـ وروى القندوزي في ينابيع المودّة عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا جابر، إنّ أوصيائي وأئمّة المسلمين مِن بعدي: أوّلهم عليّ، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف بالباقر ـ وستدركه يا جابر، فإذا لقيتَه فأقرئه منّي السّلام ـ ثمّ جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ عليّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثمّ القائم، اسمُه اسمي وكُنيته كنيتي: محمّد بن الحسن بن عليّ، ذاك الذي يفتح الله تبارك وتعالى على يديه مشارقَ الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن أوليائه غَيبة لا يَثُبت على القول بإمامته إلاّ مَن امتحن اللهُ قلبَه للإيمان ـ الحديث بطوله(2).

وقد سبق أن نوّهنا بأنّ المصداق الوحيد المقبول لأُطروحة الأئمّة ( أو الخلفاء ) الاثني عشر الذين بشّر بهم النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم يتمثّل في أئمّة الهدى عليهم السّلام، والمهدي عليه السّلام منهم.

3 ـ روى الخوارزمي في مقتل الإمام الحسين عليه السّلام، والحمويني في فرائد السمطين، والقندوزي في ينابيع المودّة، عن سلمان الفارسي، أن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال للحسين عليه السّلام:

أنت سيّد بن سيّد أخو سيّد، أنت إمام بن إمام أخو إمام، أنت حجّة أبو حجّة، وأنت أبو حُجج تسعة، تاسعهم قائمهم(3).

4 ـ روى الحمويني في فرائد السمطين، والقندوزي في ينابيع المودّة، عن الإمام الرضا عليه السّلام أنّه قال: إنّ الرابع من ولدي ابن سيّدة الإماء، يُطهّر الله به الأرض من كلّ جَور وظُلم، وهو الذي يشكّ الناس في ولادته، وهو صاحب الغَيبة، فإذا خرج أشرقت الأرضُ بنور ربّها، ووُضِع ميزانُ العدل بين الناس ـ الحديث(4).

5 ـ وروى الحمويني في فرائد السمطين، والقندوزي في ينابيع المودّة، عن الإمام الرضا عليه السّلام أنّه قال لدِعبِل الخُزاعي ( بعد أن أنشده قصيدة في مدح الأئمّة عليهم السّلام، تطرّق في آخرها إلى الإمام المهدي عليه السّلام ):

يا دِعبِل: نَطَق روحُ القدس بلسانك، أتعرف مَن هذا الإمام ؟

قال دِعبَل، قلت: لا، إلاّ أنّي سمعتُ بخروج إمامٍ منكم يملأ الأرض قِسطاً وعدلاً.

فقال عليه السّلام: إنّ الإمام بعدي ابني محمّد، وبعد محمّد ابنه عليّ، وبعد عليّ ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم، وهو المنتظَر في غيبته، المُطاع في ظهوره، فيملأ الرض قِسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظُلماً. وأمّا متّى يقوم، فإخبارٌ عن الوقت، لقد حدّثني أبي، عن آبائه، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، قال: مَثَلُه كمثَلَ الساعة لا تأتيكم إلاّ بَغتةً(5).

6 ـ روى ابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة، والقندوزي في ينابيع المودّة عن الإمام الرضا عليه السّلام قال: الخَلَف الصالح من ولد الحسن بن عليّ العسكريّ هو صاحب الزمان، وهو المهديّ سلام الله عليهم(6).

 

غَيبة الإمام المهدي عليه السّلام

الغَيبة سُنّة فَعَلها بعضُ الأنبياء عليهم السّلام

الغَيبة ليست بِدعةً في تاريخ البشريّة، فقد فعلها أنبياء الله تعالى وأولياؤه لمصلحةٍ وأسرارٍ نعلم بعضها، ولا نهتدي إلى بعضها الآخر.

• اتّفق علماء المسلمين أنّ الخضر عليه السّلام موجود منذ عهد النبيّ موسى عليه السّلام إلى وقتنا هذا، لا يعرف أحد مستقرّه، ولا نعرف عنه إلاّ ما جاء به القرآن من قصّته مع موسى عليه السّلام، وقد جمع الخضر بين الغَيبة والعُمر الطويل لمصلحةٍ اقتضاها التدبير الإلهيّ.

• هرب موسى عليه السّلام من وطنه، وتَخفّى مدّة من الزمن فلم يظفر به فرعون ورهطه، حتّى بعثه الله عزّوجلّ نبيّاً، فعاد إلى وطنه ودعاهم إلى عبادة الله تعالى، فعرفه الوليّ والعدوّ.

• وغاب يوسف عليه السّلام عن أبيه وإخوته، حتّى أنّ إخوته كانوا يدخلون عليه ويكلّمونه ويكلّمهم دون أن يعرفوا أنّه أخوهم، ثمّ كشف الله أمره بعد كرّ السنين والأعوام.

• وغاب أهل الكهف واستتروا عن قومهم فراراً، بدينهم، بل صرّح القرآن الكريم بأنّهم رقدوا في الكهف ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعاً، تُقلّبهم يد القدرة الإلهيّة، وتتزاور عن كهفهم الشمس، ثمّ أحياهم الله الخبير بحكمته فعادوا إلى قومهم، وقصّتهم مشهورة في ذلك.

• وغاب عُزَير عن قومه بعد أن أماته الله تعالى مائة عام ـ كما في القرآن الكريم ـ ثمّ بعثه الله عزّوجلّ دون أن يتغيّر طعامه وشرابه!

• وغاب عيسى عليه السّلام عن قومه بعد أن رفعه الله تعالى إليه وقد كاد أعداؤه يقتلونه، ووعدت الروايات المتواترة عن النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله أنّه سينزل عند ظهور المهديّ عليه السّلام، فيُعينه في مهمّته الكبيرة في إرساء دعائم العدل الشامل.

• وشاءت المشيئة الإلهيّة لخاتم الأوصياء: المهديّ عليه السّلام أن يَغيب، حتّى يُظهره الله تعالى في اليوم الموعود، ليجري على يديه الوعد الذي قطعه للمؤمنين، بأنّه سيستخلفهم في الأرض ويُمكنّنّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلّنهم من بعد خوفهم أمناً.

 

سرّ الغيبة

لقد غاب بعض أنبياء الله وأوليائه لمصلحة وأسرار نستبين بعضها، على ضوء ما جاء في القرآن الكريم والسنّة النبويّة الكريمة، ونجهل بعضها الآخر، فلماذا غاب الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف الذي ادّخره الله تعالى لمهمة نشر العدل والقسط في ربوع البسيطة ؟

إنّ استقراءً سريعاً للظروف التي سبقت غيبة الإمام عليه السّلام وعاصرتها من شأنه أن يجلّي لنا بعض العوامل التي أفضت إلى غيبته عليه السّلام:

 

1 ـ الضغوط العباسيّة الخانقة

أمعن بنو العبّاس منذ تولّيهم زمام السلطة في ظلم العلويين وإرهاقهم، ولاحقوهم وسجنوهم وقتلوهم تحت كلّ حجر ومدر، حتّى منعوا الناس من زيارة قبر الإمام الحسين عليه السّلام وهدموه وحرثوا أرضه وأجرَوا عليه الماء ليعفوا أثره، وفي ذلك يقول الشاعر:

تاللهِ إن كانت أُميّةُ قد أتَت        قَتلَ ابنِ بنتِ نبيِّها مظلوما

فلقد أتاهُ بنو أبيهِ بمِثلها            هذا لَعَمرُكَ قبرُهُ مهدوما

أسِفوا أن لا يكونوا شاركوا     في قتلهِ.. فتتبّعوه رَميما!(7)

 

حتّى أن المتوكّل أمر بسَلّ لسان العالِم الشهير ابن السِّكّيت ـ مؤدّب ولدَيه المعتزّ والمؤيّد ـ حين سأله: مَن أحبّ إليك: وَلَداي المعتزّ والمؤيد أم الحسن والحسين ؟ فقال ابن السكّيت: قنبر ـ يعني خادمَ أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام ـ خيرٌ منهما(8).

وبلغت حال العلويّين في المدينة من البؤس حدّاً لم يُعهد له مثيل، فقد روى أبو الفرج الإصفهاني أنّ القميص يومذاك يكون بين جماعة من العلويّات يُصلّين فيه الواحدة بعد الواحدة، ثمّ يرقّعنه ويجلسن على مغازلهنّ عواري حواسر(9)..

وفي مثل هذه الظروف العصيبة كانت ولادة الإمام المهدي عليه السّلام، وحياة أبيه الحسن العسكري عليه السّلام وهي ظروف وُضع فيها أئمّة أهل البيت وأشياعهم المؤمنون في الحصار السلطوي تحت الرقابة المشدّدة، ومخبرو السلطة يتلصّصون في كل مكان لنقل أخبار أهل البيت عليهم السّلام، ويترصّدون مولد الإمام الثاني عشر الموعود المنتظر.

 

2 ـ عدم بيعته عليه السّلام لظالم

روي عن الإمام الرضا عليه السّلام أنّه سُئل عن علّة غيبة الإمام المهدي عليه السّلام، فقال: لئلاّ يكون في عُنقه لأحد بيعة إذا قام بالسيف(10).

وروي عن الإمام الرضا عليه السّلام أنّه قيل له: إنّا نرجو أن تكون صاحبَ هذا الأمر... فقال: ما مِنّا أحد اختلفت الكُتُب إليه وأُشير إليه بالأصابع وسُئل عن المسائل وحُملت إليه الأموال إلاّ اغتيل... حتّى يبعث الله لهذا الأمر غلاماً منّا خفيّ المولد والمنشأ، غير خفيّ في نَسَبه(11).

 

3 ـ الامتحان والاختبار

جرت سُنّة الله تعالى في عباده في امتحانهم وابتلائهم، ليجزيهم بأحسن ما كانوا يعملون، وغيبة الإمام عليه السّلام من موارد الامتحان، فلا يؤمن بها إلاّ من خَلُص إيمانُه وصدّق بما جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وآله والأئمّة الهداة من آله عليهم السّلام. روي عن النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله أنّه قال: أمَا واللهِ لَيغيبَنّ إمامُكم شيئاً من دهركم، ولتُمحّصُنّ ـ الحديث (12).

وروي عن الإمام الكاظم عليه السّلام أنّه قال: إذا فُقد الخامس من ولد السابع، فاللهَ اللهَ في أديانكم لا يزيلنّكم عنها، فإنّه لابدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة حتّى يرجع عن هذا الأمر مَن كان يقول به، إنّما هي محنة من الله يمتحن الله بها خلْقَه ـ الحديث(13).

 

4 ـ الغيبة من أسرار الله عزّوجلّ

تبقى الحكمة في الغيبة من أسرار الله تعالى التي لم يُطْلع عليها أحداً من الخلق، وقد أبقى الله عزّوجلّ أشخاصاً في هذا العالم أحياءً أطول بكثير ممّا انقضى من حياة الإمام المهدي عليه السّلام، وذلك لحِكم وأسرار لا نهتدي إليها بأجمعها، لكننا ـ على كلّ حال ـ نؤمن بها إيماناً قطعيّاً. ونحن ـ بصفتنا مسلمين ـ نؤمن بأنّ الله تعالى لا يفعل شيئاً عبثاً، ونؤمن أيضاً بمغيَّبَات كثيرة قامت عليها البراهين المتينة من العقل والنقل.

 

الانتفاع من الإمام في الغَيبة

ربّما يدور في الأذهان سؤال، وهو: ما مدى الانتفاع من وجود الإمام المهدي عليه السّلام إذا كان غائباً مستوراً ؟

وقد سُئل الإمام الصادق عليه السّلام: كيف ينتفع الناس بالحجّة الغائب المستور ؟ قال: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها سحاب(14).

ومن الفوائد التي تتعلّق بالأمة من غيبة الإمام عليه السّلام:

1 ـ أنّ ظهور الإمام عليه السّلام لمّا وُصف بأنّه سيكون بغتةً، مَثَله كمَثَل الساعة، فإنّ ذلك يدعو كلّ مؤمن إلى الاستقامة على الشريعة، والالتزام بأوامرها ونواهيها.

2 ـ أنّ ذلك يدعو كلّ مؤمن إلى أن يكون في « حالة استعداد »، من حيث التهيّؤ للانضمام إلى جيش الإمام المهدي عليه السّلام، والاستعداد للتضحية في سبيل إقامة شرع الله تعالى وبسط حكومته الإلهيّة في كلّ الأرض.

3 ـ أنّ هذه الغيبة تحفّز المؤمن للنهوض بمسؤوليّته في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

4 ـ أنّ الاُمّة التي تعيش الاعتقاد بالمهدي الحيّ الموجود تعيش حالة الشعور بالكرامة والعزّة، فلا تذلّ لجبروت الطغاة، وتأنف من الذلّ والهوان، وتستصغِر قوى الاستكبار، مترقّبة لظهوره المظفّر في كلّ ساعة.

5 ـ تحصيل الثواب والأجر على الانتظار، وقد مرّ أنّ مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهليّة(15).

يُضاف إلى هذه الثمرات فوائد أخرى يكتسبها المعتقِد بظهور الإمام المهديّ عليه السّلام في آخرته، منها تصحيح اعتقاده بعدل الله تعالى ورأفته بهذه الأمّة التي لم يتركها الله سدىً ينتهبها اليأس ويفتك بها القنوط، دون أن يمدّ لها حبل الرجاء بظهور الدين على كلّ الأرض بقيادة الإمام المهديّ عليه السّلام.

 

تمهيد الأئمّة عليهم السّلام لغيبة الإمام المهدي عليه السّلام

مهّد الإمامان العسكريّان: عليّ بن محمّد الهادي، والحسن بن عليّ العسكري عليهما السّلام لغيبة الإمام المهدي عليه السّلام وتقليل وطء الصدمة التي قد تتعرّض لها قواعد الإمام الشعبيّة. ومن الأمور التي مهد بها الإمامان العسكريان عليهما السّلام للغيبة ـ سوى الإخبار عن الغيبة الذي سبقهما فيه الأئمّة الآخرون عليهم السّلام ـ ما يلي:

 

1 ـ الاحتجاب التدريجي

روى المسعودي « أن الإمام الهادي عليه السّلام كان يحتجب عن كثير من مواليه، إلاّ عن عدد قليل من خواصّه، وحين أُفضي الأمر إلى الإمام الحسن العسكري عليه السّلام كان يتكلّم من وراء الستار مع الخواصّ وغيرهم، إلاّ في الأوقات التي كان يركب فيها إلى السلطان »(16).

 

2 ـ اتّخاذ الوكلاء

عمل الإمام الهادي عليه السّلام على اتّخاذ الوكلاء، حيث نراه يتّخذ وكلاء يوثّقهم ويمدحهم، ثمّ نجد الإمام العسكري عليه السّلام يوسّع أمر اتّخاد الوكلاء، ونلحظ أن معظم هؤلاء الوكلاء أصبحوا فيما بعد السفراء الأربع للإمام المهدي عليه السّلام.

يروي الشيخ الطوسي أنّ الإمام الهادي عليه السّلام يقول في أبي عمرو عثمان بن سعيد العَمري ( الذي أصبح النائب الأول للإمام المهدي عليه السّلام ): « هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّاه إليكم فعنّي يؤدّيه »(17).

ثمّ يروي عن الإمام العسكري عليه السّلام قوله في شأنه: « هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ثقة الماضي وثقتي في المحيى والممات، فما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّى إليكم فعنّي يؤدّيه »(18).

ويروي عن الإمام العسكريّ عليه السّلام قوله في العَمري وابنه ( وهما النائب الأول وابنه النائب الثاني للإمام المهدي عليه السّلام في المستقبل ): « العَمري وابنه ثقتان، فما أدّيا إليك فعنّي يؤدّيان، وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمَعْ لهما وأطِعهما فإنّهما الثقتان المأمونان »(19).

 

3 ـ اتّخاذ أسلوب المراسلة

وهو أسلوب ينسجم مع التمهيد للغيبة، إذ نلحظ أن الإمامين العسكريين عليهما السّلام اتّخذا أسلوب المراسلة بينهما وبين شيعتهما عن طريق الوكلاء، وهو أسلوب سيتّبعه الإمام المهدي عليه السّلام في غيبته الصغرى(20).

للإمام المهدي عليه السّلام غيبتان: إحداهما طويلة والأُخرى قصيرة

من الخصائص المهمّة التي اتّصف بها المهدي المنتظر عليه السّلام أنّ له غيبة، بل له غيبتان، وهي من الخصائص التي لم يتمكّن أيّ مُدّعٍ من دعاة « المهدويّة » على طول التاريخ أن يدّعيها لنفسه، إضافة إلى الخصائص المميّزة التي يمتاز بها الإمام المهدي عليه السّلام، والتي تحدّثنا عن بعضها ـ كنسبه الشريف ـ ونتحدّث عن بعضها الآخر ـ كسيرته ونعته ـ لاحقاً.

روي عن الإمام الصادق عليه السّلام قوله: للقائم غيبتان: إحداهما طويلة والأخرى قصيرة، فالأُولى يعلم بمكانه فيها خاصّةٌ من شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلاّ خاصّةُ مواليه في دِينه(21).

وروي عن الإمام الباقر عليه السّلام أنّه قال: إنّ للقائم غيبتَين، يرجع في إحداهما إلى أهله، والأخرى يقال « هَلَك، في أيِّ وادٍ سَلَك! ». قال الراوي، قلتُ: كيف نصنع إذا كان ذلك ؟ قال: إن ادّعى مُدّعٍ فاسألوه عن تلك العظائم التي يجيب فيها مِثلُه(22).

وقد سُمّيت الغيبة الأولى للإمام المهدي عليه السّلام بالغيبة الصغرى، نظراً لقصر أمدها قياساً إلى غيبته الثانية ( الكبرى ) التي ستستمر حتّى يأذن الله تعالى له بالظهور.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الانحراف العقائدي عن القضية المهدوية
مشاهدة الإمام الغائب عليه السلام عند شهادة والده ...
نظرة في احاديث المهدي
بعض الاعمال في عصر الانتظار
أتحسب انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
تطابق الحقيقة التاريخية والحقيقة الوجودية في ...
مناظرة الشيخ المفيد مع بعضهم في الدليل على وجود ...
دولة الإمام المهدي (عج) ورسالات الأنبياء
عالمية حكومة الإمام المهدي عليه السلام
الامام الهادي عليه السلام وقضاة عصره

 
user comment