الأمانة والخیانة

الأمانة هی: أداء ما ائتمن علیه الانسان من الحقوق، وهی ضد الخیانة وهی من أنبل الخصال، وأشرف الفضائل، وأعزّ المآثر، بها یحرز المرء الثقة والاعجاب، وینال النجاح والفوز. وکفاها شرفاً ان اللّه تعالى مدح المتحلین بها، فقال:
(والذین هم لأماناتهم وعهدهم راعون )(1)
وضدها الخیانة، وهی: غمط الحقوق واغتصابها، وهی من أرذل الصفات، وأبشع المذام، وأدعاها الى سقوط الکرامة، والفشل والاخفاق.
لذلک جاءت الآیات والأخبار حاثة على التحلی بالأمانة، والتحذیر من الخیانة، والیک طرفاً منها:
(إن اللّه یأمرکم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها، وإذا حکمتم بین الناس أن تحکموا بالعدل، إن اللّه نعما یعظکم به)(2)
وقال تعالى: (یا أیها الذین آمنوا لا تخونوا اللّه والرسول، وتخونوا أماناتکم وأنتم تعلمون) (3)
قال الامام الصادق علیه السلام: (لا تغتروا بصلاتهم ولا بصیامهم، فإن الرجل ربما لهج بالصلاة والصوم، حتى لو ترکه استوحش، ولکن اختبروهم عند صدق الحدیث، وأداء الأمانة)(4)
وعنه علیه السلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه وآله: «لیس منّا من أخلف الأمانة».
وقال: قال رسول اللّه صلى اللّه علیه وآله: «أداء الأمانة یجلب الرزق، والخیانة تجلب الفقر»(5)
وقال الصادق علیه السلام: «اتقوا اللّه، وعلیکم بأداء الأمانة الى من ائتمنکم، فلو أن قاتل علی بن أبی طالب إئتمننی على أمانة لأدیتها الیه»(6)
وقال رسول اللّه صلى اللّه علیه وآله: «لا تزال امتی بخیر، ما لم یتخاونوا، وأدّوا الأمانة، وآتوا الزکاة، فإذا لم یفعلوا ذلک، ابتلوا بالقحط والسنین»(7)

محاسن الأمانة ومساوئ الخیانة:

تلعب الأمانة دوراً خطیراً، فی حیاة الأمم والأفراد، فهی نظام أعمالهم، وقوام شؤونهم، وعنوان نبلهم واستقامتهم، وسبیل رقیهم المادیّ والأدبی.
وبدیهی أنّ من تحلى بالأمانة، کان مثار التقدیر والاعجاب، وحاز ثقة الناس واعتزازهم وائتمانهم، وشارکهم فی أموالهم ومغانمهم.
ویصدق ذلک على الأمم عامة، فان حیاتها لا تسمو ولا تزدهر، الا فی محیط تسوده الثقة والأمانة.
وبها ملک الغرب أزمّة الاقتصاد، ومقالید الصناعة والتجارة، وجنى الأرباح الوفیرة، ولکنّ المسلمین وا أسفاه! تجاهلوها، وهی عنوان مبادئهم، ورمز کرامتهم، فباؤوا بالخیبة والإخفاق.
من أجل ذلک کانت الخیانة من أهم أسباب سقوط الفرد واخفاقه فی مجالات الحیاة، کما هی العامل الخطیر فی اضعاف ثقة الناس بعضهم ببعض، وشیوع التناکر والتخاوف بینهم، مما تسبب تسیب المجتمع، وفصم روابطه، وإفساد مصالحه، وبعثرة طاقاته.

صور الخیانة:

وللخیانة صور تختلف بشاعتها وجرائمها باختلاف آثارها، فأسوأها نکراً هی الخیانة العلمیة التی یقترفها الخائنون المتلاعبون بحقائق العلم المقدسة، ویشوبونها بالدس والتحریف.
ومن صورها إفشاء أسرار المسلمین، التی یحرصون على کتمانها، فاشاعتها والحالة هذه جریمة نکراء، تعرضهم للأخطار والمآسی.
ومن صورها البشعة: خیانة الودائع والأمانات، التی أؤتمن علیها المرء، فمصادرتها جریمة مضاعفة من الخیانة والسرقة والاغتصاب.
وللخیانة بعد هذا صور عدیدة کریهة، تثیر الفزع والتقزز، وتضر بالناس فرداً ومجتمعاً، مادّیاً وأدبیاً، کالخداع والغش والتطفیف بالوزن أو الکیل، ونحوها من مفاهیم التدلیس والتلبیس.
المصادر :
1- المؤمنون: 8 / المعارج:32
2- النساء: 58
3- الأنفال:27
4- الوافی ج 3 ص 82 عن الکافی
5- الوافی ج 10 ص 112 عن الکافی
6- الوافی ج 10 ص 112عن الکافی والتهذیب
7- عن ثواب الأعمال للصدوق