عربي
Friday 26th of April 2024
0
نفر 0

اسماء القرآن

اسماء القرآن

القرآن الكريم هو الكلام المعجز المنزل وحياً على‌ََ النبي صلى الله عليه و آله المكتوب في المصاحف ، المنقول عنه بالتواتر المتعبد بتلاوته . وقد اختار اللَّه تعالى‌ََ لهذا الكلام المعجز الذي اوحاه الى‌ََ نبيه أسماء مخالفة لما سمّى‌ََ العرب به كلامهم جملة وتفصيلا .
فسماه الكتاب قال تعالى‌ََ : «ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين »(1).
وسماه القرآن : «وما كان هذا القرآن أن يفترى‌ََ من دون اللَّه ولكن تصديق الذي بَين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من ربّ العالمين »(2).
والاهتمام بوضع أسماء محدّدة ومصطلحات جديدة للقرآن الكريم ، يتمشى‌ََ مع خط عريض سار عليه الاسلام ، وهو تحديد طريقة جديدة للتعبير عما جاء به من مفاهيم وأشياء .
وتفضيل ايجاد مصطلحات تتفق مع روحه العامة على‌ََ استعمال الكلمات الشائعة في الاعراف الجاهلية وذلك لسببين :
أحدهما :
أنّ الكلمات الشائعة في الاعراف الجاهلية من الصعب أن تؤدّي‌ المعنى‌ََ الاسلامي بأمانة ، لانها كانت وليدة التفكير الجاهلي وحاجاته ، فلا تصلح للتعبير عما جاء به الاسلام ، من مفاهيم وأشياء لا تمت الى‌ََ ذلك التفكير بصلة .
والآخر :
أنّ تكوين مصطلحات واسماء محددة يتميز بها الاسلام ، سوف يساعد على‌ََ ايجاد طابع خاص به ، وعلامات فارقة بين الثقافة الاسلامية وغيرها من الثقافات .
وفي تسمية الكلام الالهي بـ « الكتاب » اشارة الى‌ََ الترابط بين مضامينه ووحدتها في الهدف والاتجاه ، بالنحو الذي يجعل منها كتاباً واحداً .
ومن ناحية اُخرى‌ََ يشير هذا الاسم الى‌ََ جمع الكلام الكريم في السطور ، لان الكتابة جمع للحروف ورسم للالفاظ .
وأما تسميته بـ « القرآن » فهي تشير الى‌ََ حفظه في الصدور نتيجة لكثرة قراءته ، وترداده على‌ََ الالسن ، لان القرآن مصدر القراءة ، وفي القراءة استكثار واستظهار للنص .
فالكلام الالهي الكريم له ميزة الكتابة والحفظ معاً ، ولم يكتف في صيانته وضمانه بالكتابة فقط ، ولا الحفظ والقراءة فقط لهذا كان كتاباً وقرآناً .
ومن أسماء القرآن أيضاً ( الفرقان ) .
قال تعالى‌ََ :
«تبارك الذي نزّل الفرقان على‌ََ عبده ليكون للعالمين نذيراً »(3).
ومادة هذا اللفظ تفيد معنى‌ََ التفرقة ، فكأن التسمية تشير الى‌ََ أنّ القرآن‌ هو الذي يفرق بين الحق والباطل ، باعتباره المقياس الالهي للحقيقة في كل‌ ما يتعرض له من موضوعات .
ومن أسمائه أيضاً « الذكر » .
«وهذا ذكرٌ مباركٌ أنزلناه ... »(4).
ومعناه الشرف ، ومنه قوله تعالى‌ََ :
«لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم ... »(5).
وهناك الفاظ عديدة اُطلقت على‌ََ القرآن الكريم على‌ََ سبيل الوصف لا التسمية ، كالمجيد ، والعزيز ، والعلي ، في قوله تعالى‌ََ :
«بل هو قرآن مجيد »(6).
«... وانه لكتاب عزيز »(7).
«وإنّه في اُمّ الكتاب لدينا لعليّ حكيم »(8).
علوم القرآن :
وعلوم القرآن هي : جميع المعلومات ، والبحوث التي تتعلق بالقرآن الكريم ، وتختلف هذه العلوم في الناحية التي تتناولها من الكتاب الكريم .
فالقرآن له اعتبارات متعددة ، وهو بكل واحدة من تلك الاعتبارات موضوع لبحث خاص .
وأهم تلك الاعتبارات ، القرآن بوصفه كلاماً دالاً على‌ََ معنى‌ََ ، والقرآن بهذا الوصف ، موضوع لعلم التفسير .
فعلم التفسير يشتمل على‌ََ دراسة القرآن باعتباره كلاماً ذا معنى‌ََ ، فيشرح معانيه ، ويفصل القول في مدلولاته ، ومقاصده .
ولاجل ذلك كان علم التفسير من أهم علوم القرآن وأساسها جميعاً .
وقد يعتبر القرآن بوصفه مصدراً من مصادر التشريع ، وبهذا الاعتبار يكون موضوعاً لعلم آيات الاحكام ، وهو علم يختص بآيات الاحكام من القرآن ، ويدرس نوع الاحكام التي يمكن استخراجها بعد المقارنة لجميع الادلة الشرعية الاُخرى‌ََ من سنة ، واجماع ، وعقل .
وقد يؤخذ القرآن بوصفه دليلاً لنبوة النبي محمد صلى الله عليه و آله فيكون موضوعاً لعلم اعجاز القرآن ، وهو علم يشرح : أن الكتاب الكريم وحي الهي ويستدل على‌ََ ذلك بالصفات والخصائص التي تميزه عن الكلام البشري .
وقد يؤخذ القرآن باعتباره نصاً عربياً جارياً وفق اللغة العربية فيكون موضوعاً لعلم اعراب القرآن ، وعلم البلاغة القرآنية ، وهما علمان يشرحان مجي‌ء النص القرآني وفق قواعد اللغة العربية في النحو والبلاغة .
وقد يؤخذ القرآن بوصفه مرتبطاً بوقائع معينة في عهد النبي صلى الله عليه و آله فيكون موضوعاً لعلم أسباب النزول .
وقد يؤخذ القرآن باعتبار لفظه المكتوب ، فيكون موضوعاً لعلم رسم القرآن ، وهو علم يبحث في رسم القرآن ، وطريقة كتابته .
وقد يعتبر بما هو كلام مقروء ، فيكون موضوعاً لعلم القراءة ، وهو علم يبحث في ضبط حروف الكلمات القرآنية وحركاتها ، وطريقة قراءتها الى‌ََ غير ذلك من البحوث التي تتعلق بالقرآن ؛ فإنّها جميعاً تلتقي وتشترك في اتخاذها القرآن موضوعاً لدراستها ، وتختلف في الناحية الملحوظة فيها من القرآن الكريم .
تأريخ علوم القرآن :
كان الناس على‌ََ عهد النبي صلى الله عليه و آله يسّمعون الى‌ََ القرآن ، ويفهمونه بذوقهم العربي الخالص ، ويرجعون الى‌ََ الرسول صلى الله عليه و آله في توضيح ما يشكل عليهم فهمه ، أو ما يحتاجون فيه الى‌ََ شي‌ء من التفصيل والتوسع .
فكانت علوم القرآن تؤخذ وتروى‌ََ عادة بالتلقين والمشافهة ، حتى‌ََ مضت سنون على‌ََ وفاة النبي صلى الله عليه و آله ، وتوسعت الفتوحات الاسلامية وبدرت بوادر تدعو الى‌ََ الخوف على‌ََ علوم القرآن ، والشعور بعدم كفاية التلقي عن طريق التلقين والمشافهة ، نظراً الى‌ََ بُعد العهد بالنبي نسبياً واختلاط العرب بشعوب اُخرى‌ََ ، لها لغاتها وطريقتها في التكلم والتفكير ، فبدأت لاجل ذلك حركة ، في صفوف المسلمين الواعين لضبط علوم القرآن ووضع الضمانات اللازمة لوقايته وصيانته من التحريف .
وقد سبق الامام علي عليه السلام غيره في الإحساس بضرورة اتخاذ هذه الضمانات ، فانصرف عقيب وفاة النبي صلى الله عليه و آله مباشرة الى‌ََ جمع القرآن .
ففي « الفهرست » لابن النديم‌(9) ، أن علياً عليه السلام حين رأى‌ََ من الناس عند وفاة النبي ما رأى‌ََ أقسم أنه لا يضع عن عاتقه رداءه حتى‌ََ يجمع القرآن ، فجلس‌ في بيته ثلاثة أيام ، حتى‌ََ جمع القرآن ؛ وسيأتي البحث عن ذلك في البحث عن جمع القرآن .
وما نقصده الان من ذلك ، أنّ الخوف على‌ََ سلامة القرآن والتفكير في وضع الضمانات اللازمة ، بدأ في ذهن الواعين من المسلمين ، عقيب وفاة النبي صلى الله عليه و آله ، وأدّى‌ََ الى‌ََ القيام بمختلف النشاطات ، وكان من نتيجة ذلك ( علوم القرآن ) ، وما استلزمته من بحوث وأعمال .
وهكذا كانت بدايات علوم القرآن ، واُسسها الاُولى‌ََ على‌ََ يد الصحابة والطليعة من المسلمين في الصدر الاول الذين أدركوا النتائج المترتبة للبعد الزمني عن عهد النبي صلى الله عليه و آله والاختلاط مع مختلف الشعوب .
فأساس علم إعراب القرآن وضِع تحت اشراف الامام علي عليه السلام ، اذ أمر بذلك أبا الاسود الدؤلي وتلميذه يحيى‌ََ بن يعمر العدواني رائدي هذا العلم والواضعين لاساسه ؛ فان أبا الاسود هو : أول من وضع نقط المصحف ؛ وتروى‌ََ قصة في هذا الموضوع ، تشير الى‌ََ شدة غيرته على‌ََ لغة القرآن ، فقد سمع قارئاً يقرأ قوله تعالى‌ََ :
«... ان الله بري‌ء من المشركين ورسوله ... » فقرأها بجر اللام من كلمة ( رسوله ) فأفزع هذا اللحن أبا الاسود الدؤلي وقال : عزّ وجه اللَّه أن يبرأ من رسوله ، فعزم على‌ََ وضع علامات معيّنة تصون الناس في قراءتهم من الخطأ ، وانتهى‌ََ به اجتهاده الى‌ََ أن جعل علامة الفتحة نقطة فوق الحرف ، وجعل علامة الكسرة نقطة أسفله ، وجعل علامة الضمة نقطة بين أجزاء الحرف ، وجعل علامة السكون نقطتين‌(10) .
الحث على‌ََ التدبّر في القرآن :
وقد ورد الحث الشديد في الكتاب العزيز ، والسنة الصحيحة على‌ََ تدارس القرآن والتدبر في معانيه ، والتفكر في مقاصده وأهدافه .
قال تعالى‌ََ :
«أفلا يتدبّرون القرآن أم على‌ََ قلوبٍ أقفالها »(11).
وفي هذه الآية الكريمة توبيخ عظيم على‌ََ عدم اعطاء القرآن حقه من العناية والتدبر .
وفي حديث عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه و آله أ نّه قال : « اعربوا القرآن والتمسوا غرائبه »(12) .
وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال : « حدثنا من كان يقرئنا من الصحابة أ نّهم كانوا يأخذون من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عشر آيات فلا يأخذون العشر الاُخرى‌ََ حتى‌ََ يعلموا ما في هذه من العلم والعمل »(13) .
وعن عثمان وابن مسعود واُبيّ : إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كان يقرئهم العشر فلا يجاوزونها إلى عشر اُخرى حتّى يتعلّموا ما فيها من العمل ، فيعلّمهم القرآن والعمل جميعاً(14)
وعن علي بن ابي طالب عليه السلام انه ذكر جابر بن عبد اللَّه ووصفه بالعلم ، فقال له رجل : جعلت فداك ، تصف جابراً بالعلم وأنت أنت . فقال : إنّه كان يعرف تفسير قوله تعالى‌ََ : «ان الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى‌ََ معاد ... »(15).
والاحاديث في فضل التدبر في القرآن ودفع المسلمين نحو ذلك كثيرة، وقد ذكر شيخنا المجلسي في البحار طائفة كبيرة من هذه الاحاديث‌(16) .
ومن الطبيعي أن يتخذ الاسلام هذا الموقف، ويدفع المسلمين بكل ما يملك من وسائل الترغيب الى‌ََ دراسة القرآن والتدبر فيه ، لأنّ القرآن هو الدليل الخالد على‌ََ النبوة ، والدستور الثابت من السماء للاُمة الاسلامية في مختلف شؤون حياتها ، وكتاب الهداية البشرية الذي اخرج العالم من الظلمات الى النور ، وانشأ اُمةً ، واعطاها العقيدة ، وأمدّها بالقوّة ، وأنشأها على‌ََ مكارم الاخلاق ، وبنى‌ََ لها أعظم حضارة عرفها الانسان الى‌ََ يومنا هذا .
المصادر:
المصادر :
1- البقرة : 2
2- يونس : 37
3- الفرقان : 1
4- الأنبياء : 50
5- الأنبياء : 10 . الظاهر من استعمالات الذكر في القرآن انه يراد منه الوحي الالهي او التذكير - المؤلف قدس سره
6- البروج : 21
7- فصلت : 41
8- الزخرف : 4
9- كتاب الفهرست لابن النديم : 30 بتصرف
10- سير اعلام النبلاء 4 : 81 - 83 للذهبي
11- محمد : 24
12- بحار الأنوار 92 : 106
13- بحار الأنوار 92 : 106
14- تفسير القرطبي 1 : 390
15- قريب منه في تفسير القمي 2 : 147 ( القصص : 85 )
16- بحار الانوار 92 : 106

 


source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السياسة عند الامام الحسن عليه السلام
اهمية البناء التبربوي للطفل في الاسلام
فيما نذكره عند المسير من القول و حسن التدبير
الحرية بين النخبة والأمة
المکاره في الاسلام
أدلة وجود الإمام المهدي عليه السلام
حب علي (ع) و بغضه
أربعينية الإمام الحسين عليه السلام
مقتل الحسين عند رهبان اليهود والنصارى وفي كتبهم ...
الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)

 
user comment