عربي
Friday 26th of April 2024
0
نفر 0

شدة ابتلاء المؤمن

 شدة ابتلاء المؤمن

 شدة ابتلاء المؤمن و علته و فضل البلاء



 الآيات البقرة أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرَّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى‌ نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ آل عمران لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ الأنعام وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى‌ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ‌

                         بحارالأنوار ج : 64 ص : 197
يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَ لكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ‌ءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ. تفسير أَمْ حَسِبْتُمْ قال في المجمع أي أ ظننتم و خلتم أيها المؤمنون أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ و لما تمتحنوا و تبتلوا بمثل ما امتحن الذين مضوا من قبلكم به فتصبروا كما صبروا و هذا استدعاء إلى الصبر و بعده الوعد بالنصر. ثم ذكر سبحانه ما أصاب أولئك فقال مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرَّاءُ و المس و اللمس واحد و البأساء نقيض النعماء و الضراء نقيض السراء و قيل البأساء القتل و الضراء الفقر وَ زُلْزِلُوا أي حركوا بأنواع البلايا و قيل معناه هنا أزعجوا بالمخافة من العدو و ذلك لفرط الحيرة. مَتى‌ نَصْرُ اللَّهِ قيل هذا استعجال للموعود كما يفعله الممتحن و إنما قاله الرسول استبطاء للنصر و قيل إن معناه الدعاء لله بالنصر و لا يجوز أن يكون على جهة الاستبطاء لنصر الله لأن الرسول يعلم أن الله لا يؤخره عن الوقت الذي توجبه الحكمة ثم أخبر الله أنه ناصر لأوليائه فقال أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ و قيل إن هذا من كلامهم فإنهم قالوا عند الإياس مَتى‌ نَصْرُ اللَّهِ ثم تفكروا و علموا أن الله منجز وعده فقالوا أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ و قيل إنه ذكر كلام الرسول و المؤمنين جملة و تفصيله و قال المؤمنون مَتى‌ نَصْرُ اللَّهِ و قال الرسول أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ انتهى.
 وَ أَقُولُ رُوِيَ فِي الْخَرَائِجِ عَنْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ فَمَا تَمُدُّونَ أَعْيُنَكُمْ لَقَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ مِمَّنْ هُوَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ يُؤْخَذُ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَ رِجْلُهُ وَ يُصْلَبُ ثُمَّ تَلَا أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ الْآيَةَ

                         بحارالأنوار ج : 64 ص : 198
 وَ رُوِيَ فِي الْكَافِي عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقْرَأُ وَ زُلْزِلُوا ثُمَّ زُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ
و قال في المجمع في قوله تعالى لَتُبْلَوُنَّ أي لتوقع عليكم المحن و تلحقكم الشدائد فِي أَمْوالِكُمْ بذهابها و نقصانها وَ في أَنْفُسِكُمْ أيها المؤمنون بالقتل و المصائب و قيل بفرض الجهاد و غيره وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يعني اليهود و النصارى وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يعني كفار مكة و غيرهم أَذىً كَثِيراً من تكذيب النبي ص و من الكلام الذي يغمهم مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أي مما بان رشده و صوابه و وجب على العاقل العزم عليه و قيل أي من محكم الأمور. و قال في قوله تعالى وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا أي رسلا إِلى‌ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فخالفوهم فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ يريد بالفقر و البؤس و الأسقام و الأوجاع عن ابن عباس لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ معناه لكي يتضرعوا فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا معناه فهلا تضرعوا إذ جاءهم بأسنا وَ لكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ فأقاموا على كفرهم و لم تنجع فيهم العظة وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ بالوسوسة و الإغراء بالمعصية لما فيها من عاجل اللذة ما كانُوا يَعْمَلُونَ يعني أعمالهم. فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أي تركوا ما وعظوا به فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ‌ءٍ أي كل نعمة و بركة من السماء و الأرض و المعنى أنه تعالى امتحنهم بالشدائد لكي يتضرعوا و يتوبوا فلما تركوا ذلك فتح عليهم أبواب النعم و التوسعة في الرزق ليرغبوا بذلك في نعيم الآخرة حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا من النعيم و اشتغلوا بالتلذذ و لم يروه نعمة من الله حتى يشكروه أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً أي مفاجاة من حيث لا يشعرون فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ أي آيسون من النجاة و الرحمة.
 وَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي عَلَى الْمَعَاصِي فَذَلِكَ اسْتِدْرَاجٌ‌

                         بحارالأنوار ج : 64 ص : 199
مِنْهُ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَ نَحْوُهُ مَا رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ يَا ابْنَ آدَمَ إِذَا رَأَيْتَ رَبَّكَ يُتَابِعُ عَلَيْكَ نِعَمَهُ فَاحْذَرْهُ
انتهى. و يظهر من الآيات أن البلايا و المصائب نعم من الله ليتعظوا و يتذكروا بها و يتركوا المعاصي
 كَمَا قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ حِينَ تَنْزِلُ بِهِمُ النِّقَمُ وَ تَزُولُ عَنْهُمُ النِّعَمُ فَزِعُوا إِلَى رَبِّهِمْ بِصِدْقٍ مِنْ نِيَّاتِهِمْ وَ وَلَهٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ لَرَدَّ عَلَيْهِمْ كُلَّ شَارِدٍ وَ أَصْلَحَ لَهُمْ كُلَّ فَاسِدٍ
و تدل على أن تواتر النعم على العباد و عدم ابتلائهم بالبلايا استدراج منه سبحانه غالبا كما قال علي بن إبراهيم لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ يعني كي يتضرعوا فلما لم يتضرعوا فتح الله عليهم الدنيا و أغناهم لفعلهم الردي فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ أي آيسون و ذلك قول الله في مناجاته لموسى ع.
 حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ كَانَ فِي مُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى لِمُوسَى يَا مُوسَى إِذَا رَأَيْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلًا فَقُلْ مَرْحَباً بِشِعَارِ الصَّالِحِينَ وَ إِذَا رَأَيْتَ الْغِنَى مُقْبِلًا فَقُلْ ذَنْبٌ عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ فَمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى أَحَدٍ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا إِلَّا بِذَنْبٍ لِيُنْسِيَهُ ذَلِكَ الذَّنْبَ فَلَا يَتُوبَ فَيَكُونُ إِقْبَالُ الدُّنْيَا عَلَيْهِ عُقُوبَةً لِذُنُوبِهِ
 وَ رَوَى الْكَشِّيُّ وَ الْعَيَّاشِيُّ بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ أَبِي الْحَسَنِ صَاحِبِ الْعَسْكَرِ ع أَنَّ قَنْبَراً مَوْلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أُدْخِلَ عَلَى الْحَجَّاجِ فَقَالَ مَا الَّذِي كُنْتَ تَلِي مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ كُنْتُ أُوَضِّيهِ فَقَالَ لَهُ مَا كَانَ يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ فَقَالَ كَانَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ إِلَى قَوْلِهِ‌

                         بحارالأنوار ج : 64 ص : 200
 فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فَقَالَ الْحَجَّاجُ أَظُنُّهُ كَانَ يَتَأَوَّلُهُ عَلَيْنَا قَالَ نَعَمْ
1-  كِتَابُ صِفَاتِ الشِّيعَةِ، لِلصَّدُوقِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ الْبَرَصُ شِبْهُ اللَّعْنَةِ لَا يَكُونُ فِينَا وَ لَا فِي ذُرِّيَّتِنَا وَ لَا فِي شِيعَتِنَا
 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنْ لَمْ يُؤْمِنِ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْبَلَايَا فِي الدُّنْيَا وَ لَكِنْ آمَنَهُ مِنَ الْعَمَى فِي الْآخِرَةِ وَ مِنَ الشَّقَاءِ يَعْنِي عَمَى الْبَصَرِ
2-  نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِيِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيباً وَ سَيَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ فَقِيلَ وَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ الَّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ إِنَّهُ لَا وَحْشَةَ وَ لَا غُرْبَةَ عَلَى مُؤْمِنٍ وَ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَمُوتُ فِي غُرْبَتِهِ إِلَّا بَكَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ رَحْمَةً لَهُ حَيْثُ قَلَّتْ بَوَاكِيهِ وَ فُسِحَ لَهُ فِي قَبْرِهِ بِنُورٍ يَتَلَأْلَأُ مِنْ حَيْثُ دُفِنَ إِلَى مَسْقَطِ رَأْسِهِ
3-  كا، [الكافي‌] عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ
 بيان أشد الناس بلاء قيل المراد بالناس هنا الكمل من الأنبياء و الأوصياء و الأولياء فإنهم الناس حقيقة و سائر الناس نسناس كما ورد في الأخبار و البلاء ما يختبر و يمتحن به من خير أو شر و أكثر ما يأتي مطلقا الشر و ما أريد به الخير يأتي مقيدا كما قال تعالى بَلاءً حَسَناً و أصله المحنة.

                         بحارالأنوار ج : 64 ص : 201
و الله تعالى يبتلي عبده بالصنع الجميل ليمتحن شكره و بما يكره ليمتحن صبره يقال بلاه الله بخير أو شر يبلوه بلوا و أبلاه إبلاء و ابتلاه ابتلاء بمعنى امتحنه و الاسم البلاء مثل سلام و البلوى و البلية مثله. و قال في النهاية فيه أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل أي الأشرف فالأشرف و الأعلى فالأعلى في الرتبة و المنزلة ثم يقال هذا أمثل من هذا أي أفضل و أدنى إلى الخير و أماثل الناس خيارهم انتهى. ثم الذين يلونهم أي يقربون منهم و يكونون بعدهم في المصباح الولي مثل فلس القرب و في الفعل لغتان أكثرهما وليه يليه بكسرتين و الثانية من باب وعد و هي قليلة الاستعمال و جلست مما يليه أي يقاربه و قيل الولي حصول الثاني بعد الأول من غير فصل انتهى و المراد بهم الأوصياء ع


source : دار العرفان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

لا توفيق مع الغشّ
تحرير المدينة المنورة والحجاز
من شهد واقعة الطف
آداب المعلّم والمتعلّم في درسهما
الألفاظ الدخيلة والمولَّدة
الحجّ في نهج البلاغة -4
مكانة الشهيد
المجالس والبعد السياسي
المهدي المنتظر يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ...
المدلول الاجتماعي واللفظي للنص

 
user comment