عربي
Friday 26th of April 2024
0
نفر 0

السلفیة

السلف لغة، تعنی التقدم الزمنی «فکل زمن من الأزمان سالف بالنسبة الى الأزمنة الآتیة فی أعقابه و خلف بالنسبة الى الأزمنة التی سبقته و مرت من قبله». لکن الاختلاف ظهر فی تحدید مفهومه الاصطلاحی و ربط ذلک بفترة زمنیة محددة أطلق علیها اسم «السلف».
السلفیة

السلف لغة، تعنی التقدم الزمنی «فکل زمن من الأزمان سالف بالنسبة الى الأزمنة الآتیة فی أعقابه و خلف بالنسبة الى الأزمنة التی سبقته و مرت من قبله». لکن الاختلاف ظهر فی تحدید مفهومه الاصطلاحی و ربط ذلک بفترة زمنیة محددة أطلق علیها اسم «السلف».
و المعنى الاصطلاحی المستقر لهذه الکلمة کما ذهب إلیه البوطی: «هو القرون الثلاث الأولى من عمر هذه الأمة الإسلامیة». و ذهب غیره الى «اتفاق رأی العلماء بأن السلف یراد بهم الصحابة رضی الله عنهم و التابعون علیهم رحمة الله، و تابعوا التابعین رحمهم الله».و قیل ما قبل الخمسمائة .(1)
و عند الفقهاء: السلف: من ابی حنیفة الى محمد بن الحسن و الخلف:من محمد بن الحسن الى شمس الائمة الحلوائی و المتأخرون: من الحلوائی الى حافظ الدین البخاری هکذا ذکره صاحب (الخیالات اللطیفة) فى الهامش‌.(2)
و المراد بمذهب السلف فیقول احمد بن حجر: ما کان علیه الصحابة رضوان الله علیهم و ما کان علیه أعیان التابعین لهم بإحسان و ما کان علیه أتباعهم.
و علی علیه السلام کان افضل الصحابة فمن یرید اتباع سیرة السلف‌ حقیقتا یجب علیه اتباع افضل الصحابة و اعلمهم.
أنظر ما یقوله ابن أبی الحدید المعتزلی فی شرحه لنهج البلاغة عن الإمام علی علیه السلام: «ما أقول فی رجل تعزى إلیه کل فضیلة، و تنتهی إلیه کل فرقة، و تتجاذبه کل طائفة ... فإن المعتزلة- الذین هم أهل التوحید و العدل و أرباب النظر، و منهم تعلم الناس هذا الفن- تلامذته و أصحابه ... و أما الأشعریة فینتهون بأخرة الى علی بن أبی طالب ... و أما الإمامیة و الزیدیة فانتماؤهم إلیه ظاهر ... و من العلوم علم الفقه، و هو علیه السلام أصله و أساسه. و کل فقیه فی الإسلام فهو عیال علیه و مستفید من فقهه، «و أبو حنیفة و مالک و الشافعی و ابن حنبل» هؤلاء الفقهاء الأربعة. و اما فقه الشیعة فرجوعه إلیه ظاهر ... و من العلوم علم تفسیر القرآن، و عنه أخذ ... و من العلوم علم الطریقة و الحقیقة و أحوال التصوف، و قد عرفت أن أرباب هذا الفن فی جمیع بلاد الإسلام إلیه ینتهون، و عنده یقفون، و قد صرح بذلک الشبلی و الجنید و سری، و أبو یزید البسطامی، و أبو محفوظ معروف الکرخی و غیرهم.(3)
اما فی قرون المعاصرة یطلق السلفیة علی الحشویة الحنبلیة! انهم تمام سعیهم الاعتماد على أقوال ابن تیمیة و آرائه مکان الاعتماد على الکتاب و السنّة و سیرة السلف الصالح‌ فکیف یمکن اطلاق السلفیة علیهم!؟
وکیف یجوز قبول ما جاء فی تعریف الدکتور السلفی المعاصر علی عبد الحلیم محمود حول مذهب السلف و ان مصداقه «الأئمة الأربعة و السفیانیین و اللیث بن سعد و ابن المبارک و النخعی و البخاری و مسلم و سائر أصحاب السنن» ... و المحقق و المطلع المقتصد على آثار هؤلاء و سیرهم فی کتب التاریخ یجد بینهم من الاختلاف أکثر من عدد اللغات فی القارة الهندیة الیوم!.
و قد کان یهون الاختلاف لو لم یکفر بعضهم بعضا و یعتبر ذلک دینا له و أصلا من أصوله. فالإمام أبو حنیفة فی نظر الإمام أحمد بن حنبل مرجئی، و المرجئی ضال منحرف. و قد کفرته باقی الفرق، و هو یقول بخلق القرآن، و علیه فقد لزمه الکفر لأن کل من قال بخلق القرآن فهو جهمی و کل جهمی فی نظر الحنابلة و إمامهم کافر. و هذه مسألة متعلقة بالعقائد و أصول الدین و لیست من الفروع حتى یقال لا یضر الاختلاف فیها. (4)
أما أصحاب الحدیث و جامعی السنن فحدث و لا حرج، فمذاهبهم الأصولیة و الاعتقادیة بعدد الأحادیث التی رووها و دونوها فی کتبهم؛ ففیهم المنزهة، و فیهم المشبهة المعتدلین، و المشبهة الغلاة، و فیهم المجسمة المعتدلین و الغلاة، و فیهم الجبریة و القدریة، و المرجئة بکل فرقهم و الخوارج و...
هذا الخلیط العجیب من الأفکار و المعتقدات المتناقضة و المتضاربة یسمیه الدکتور السلفی «مذهب السلف». و اذا کان کذلک فکل الفرق و المذاهب و الملل و النحل الیوم، و فی الماضی سلفیون و أتباع للسلف. و إذن لا حاجة لفرقة تدعی الیوم لنفسها أنها هی الوحیدة التی تمثل نهج السلف، و أن غیرها قد استقى تعالیمه من الیهود و النصارى و المجوس و من الغرب و الشرق؟!(5)
و اذا رجعنا الى المذهب الأصولی و العقائدی لابن تیمیة، محیی و باعث مذهب السلف فی القرن السابع الهجری، کما ذکر الشیخ محمد أبو زهرة فی تعریفه، نجد أن الرجل- أی ابن تیمیة- قد اشتهر بالتشبیه و التجسیم و کان یذهب مذاهب الحشویة فی العقائد. و قد قام بمجهود جبار فی الدفاع عن هذه العقائد و الانتصار لها.
ان القارئ و المطلع على ما یکتبه رجالات السلفیة المعاصرون من کتب، فی الأصول و الفروع، و ما ینشرونه من کتب التراث التی تدعم مذهبهم، و ما یدعون إلیه صباح مساء، سیجد بأن الدعوة «الحشویة الحنبلیة» قد قامت من رقادها الطویل تنفض عنها غبار الزمن، مستعیرة لقب «السلفیة» للتضلیل و التمویه على عامة الناس عموما و أبناء الصحوة الإسلامیة خصوصا. و قد تنبه لذلک طائفة من علماء أهل السنة، فبادروا لاعلان ذلک. و تنبیه المسلمین کافة من خطر انتشار عقائد و أفکار هذه الفئة المخربة و المشاغبة.
کما یقول ابن خلیفة علیوی و هو عالم أزهری:
«لقد ظهرت فی بلادنا الشامیة طائفة تدعوا الى «السلفیة» و نهجها اعتناق العقیدة «الحشویة الحنبلیة» و تبدیع أهل السنة و الجماعة. و یضیف: «و لنحذر جمیعا من وساوس الشیاطین أن تزین لنا نزعات الضالین من الیهود و النصارى المجسمین الذین اتبعتهم فی ذلک «الحشویة الحنبلیة». فقد أصیب بهم المسلمون بأکبر بلیة. ترکوا العقل و النظر و أخذوا بظاهر الخبر. و لا مستند لهم من شرع سید البشر محمد علیه أفضل الصلاة و السلام. فلیت شعری کیف یدعون «السلفیة» و یزعمون أنهم یدعون الى التوحید الخالص و الأعمال الصالحات، و هم مجسمون و متمسکون بأذناب الضلالات!! فاخلق بهم أن یأخذوا بعقیدة أهل السنة و الجماعة لرشدوا الى طریق الإسلام».(6)
المصادر :
1- د. عبد الحلیم محمود، السلفیة و دعوة الشیخ محمد بن عبد الوهاب، ص 9- 10.
2- جامع العلوم فی اصطلاحات الفنون الملقب بدستور العلماء، ج‌2، 178.
3- ابن أبی الحدید المدائنی، شرح نهج البلاغة، ج 1- 2/ 17- 18- 19، باختصار.
4- الشهرستانی، الملل و النحل، دار المعرفة للطباعة و النشر بیروت، ج 1 ص 158.
5- السلفیة بین أهل السنة و الإمامیة، ص: 34
6- ابن خلیفة علیوی، هذه عقیدة السلف و الخلف فی ذات الله تعالى، ط زید بن ثابت، دمشق 1979 م، ص 7.


source : rasekhoon
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

المدن الشيعيّة في شبه القارّة الهنديّة
قبسات من الكلام الفاطمي
التضحية وصناعة التاريخ .. ثورة الإمام الحسين ...
في تقدم الشيعة في علم الكلام ، وفيه صحائف
الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام
أهل الذمة في عصر الأمويين
أسرة آل بُوَيه في الريّ
من هم قتلة عثمان
من الراوي في قضية ميلاد أمير المؤمنين (ع) في ...
السلاجقة والتشيع .

 
user comment