عربي
Friday 26th of April 2024
0
نفر 0

التتويج يوم الغدير

التتويج يوم الغدير

ولما عرفت من تعيين صاحب الخلافة الكبرى للرآسة الاسلامية ونيله ولاية العهد النبوي، كان من الحري تتويجه بما هو شارة الملوك، وسمة الأمراء، ولما كانت التيجان المكللة بالذهب والمرصع بالجواهر من شناشن ملوك الفرس، ولم يكن للعرب منها بدل إلا العمايم فكان لا يلبسها إلا العظماء والأشراف منهم، ولذلك جاء عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)قوله: العمائم تيجان العرب. رواه القضاعي والديلمي وصححه السيوطي ([337]) .

وأورده ابن الأثير في النهاية. وقال المرتضى الحنفي الزبيدي ([338]):

(التاج: الاكليل) والفضة والعمامة والأخير على التشبي د (ج تيجان) وأتواج، والعرب تسمي العمائم: التاج.

وفي الحديث: العمائم تيجان العرب. جمع تاج، وهو ما يصاغ للملوك من الذهب والجوهر، أراد أن العمائم بمنزلة التيجان للملوك لأنهم أكثر ما يكونون في البوادي مكشوفي الرؤس أو بالقلانس، والعمائم فيهم قليلة، والأكاليل تيجان ملوك العجم (وتوَّجه) أي سوده وعممه([339]).

وعد الشبلنجي في نور الأبصار([340]) من ألقاب رسول الله(صلى الله عليه وآله): صاحب التاج. فقال: المراد العمامة لأن العمائم تيجان العرب كما جاء في الحديث. فعلى هذا الأساس عممه رسول الله(صلى الله عليه وآله) هذا اليوم بهيئة خاصة تعرب عن العظمة والجلال، وتوجه بيده الكريمة بعمامته (السحاب) في ذلك المحتشد العظيم، وفيه تلويح إن المتوج بها مقيض ]بالفتح[ بإمرة كامرته(صلى الله عليه وآله) وسلم، غير أنه مبلغ عنه وقائم مقامه من بعده .

روى الحافظ عبد الله بن أبي شيبة، و أبو داود الطيالسي، وابن منيع البغوي، وأبو بكر البيهقي كما في كنز العمال ([341]) عن علي(عليه السلام) قال:

عممني رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خم بعمامة فسدلها خلفي، وفي لفظ: فسدل طرفها على منكبي، ثم قال: إن الله أمدني يوم بدر وحنين بملائكة يعتمون هذه العمة وقال: إن العمامة حاجزة بين الكفر والإيمان. ورواه من طريق السيوطي عن الأعلام الأربعة السيد أحمد القشاشي([342]) في (السمط المجيد).

وفي كنز العمال ([343])عن مسند عبد الله بن الشخير عن عبد الرحمن بن عدي البحراني عن أخيه عبد الأعلى بن عدي: أن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) دعا علي بن أبي طالب فعممه وأرخى عذبة([344]) العمامة من خلفه (الديلمي).

وعن الحافظ الديلمي عن ابن عباس قال: لما عمم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) علياً بالسحاب([345]) قال له: يا علي ؟ العمائم تيجان العرب.

وعن ابن شاذان في مشيخته عن علي أن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) عممه بيده فذنب العمامة من ورائه ومن بين يديه ثم قال له النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): أدبر. فأدبر، ثم قال له: أقبل. فأقبل وأقبل على أصحابه فقال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): هكذا تكون تيجان الملائكة.

وأخرج الحافظ أبو نعيم في (معرفة الصحابة) ومحب الدين الطبري ([346]).

عن عبد الأعلى بن عدي النهرواني: إن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)دعا علياً يوم غدير خم فعممه وأرخى عذبة العمامة من خلفه .

وذكره العلامة الزرقاني في شرح المواهب 5 ص 10.

وأخرج شيخ الاسلام الحمويني في الباب الثاني عشر من (فرايد السمطين) من طريق أحمد بن منيع بإسناد فيه عدة من الحفاظ الاثبات عن أبي راشد عن علي قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم):

إن الله عز وجل أيدني يوم بدر وحنين بملائكة معتمين هذه العمة، والعمة الحاجز بين المسلمين والمشركين. قاله لعلي لما عممه يوم غدير خم بعمامة سدل طرفها على منكبه.

وأخرج بإسناد آخر من طريق الحافظ أبي سعيد الشاشي (المترجم ص 103) أن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عمم علي بن أبي طالب(عليه السلام) عمامته السحاب فأرخاها من بين يديه ومن خلفه ثم قال: أقبل. فأقبل، ثم قال: أدبر. فأدبر، قال: هكذا جاءتني الملائكة. وبهذا اللفظ رواه جمال الدين الزرندي الحنفي في (نظم درر السمطين)، وجمال الدين الشيرازي في أربعينه، وشهاب الدين أحمد في توضيح الدلايل وزادوا:

ثم قال(صلى الله عليه وآله وسلم): من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم ؟ وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. وأخرج الحمويني بإسناد آخر من طريق الحافظ أبي عبد الرحمن ابن عايشة عن علي قال: عممني رسول الله م يو غدير خم بعمامة فسدل نمرقها على منكبي وقال: إن الله أيدني يوم بدر وحنين بملائكة معتمين بهذه العمامة.

وبهذا اللفظ رواه ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة)([347])، والحافظ الزرندي في (نظم درر السمطين)، والسيد محمود القادري المدني في (الصراط السوي) .

فائدة: قال أبو الحسين الملطي([348]) في التنبيه والرد ص 26: قولهم ـ يعني الروافض ـ  : علي (عليه السلام) في السحاب. فإنما ذلك قول النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): أقبل وهو معتم بعمامة للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم)كانت تدعى (السحاب) فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): قد أقبل علي (عليه السلام) في السحاب. يعني في تلك العمامة التي تسمى (السحاب) فتأولوه هؤلاء على غير تأويله.

وقال الغزالي كما في البحر الزخار([349]): كانت له عمامة تسمى السحاب فوهبها من علي فربما طلع علي (عليه السلام) فيها فيقول(صلى الله عليه وآله وسلم): أتاكم علي في السحاب.

وقال الحلبي في السيرة ([350]) كان له(صلى الله عليه وآله وسلم) عمامة تسمى السحاب كساها علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فكان ربما طلع على علي كرم الله وجهه فيقول(صلى الله عليه وآله وسلم): أتاكم علي في السحاب، يعني عمامته التي وهبها له(صلى الله عليه وآله وسلم).

قال الأميني: هذا معنى ما يعزى إلى الشيعة من قولهم: إن علياً (عليه السلام) في السحاب . ولم يأوله أي أحد منهم قط من أول يومهم على غير تأويله كما حسبه الملطي، وإنما أوله الناس افتراء علينا، والله من ورائهم حسيب. فيوم التتويج هذا أسعد يوم في الاسلام، وأعظم عيد لموالي أمير المؤمنين(عليه السلام) كما أنه مثار حنق وأحقاد لمن ناوئه من النواصب.

( وُجُوهٌ يَوْمَـئِذ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَـبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَـئِذ عَلَيْهَا غَبَـرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَـتَرَةٌ )([351])

أثر الامام علي (عليه السلام) في العلوم

رجوع فرق المسلمين الى الامام علي(عليه السلام) بيِّن، اما الشيعة فرجوعهم إلى الإمام علي(عليه السلام) واضح .

فالمعتزلة الذين هم أهل هذا الفن تلامذته لانتسابهم إلى واصل تلميذ أبي هاشم بن محمد بن الحنفية، وهو تلميذ أبيه(عليه السلام) .

واما الاشاعرة فينتهون إلى ابي الحسن الاشعري وهو تلميذ الجبائي أبي علي وأبو علي أحد مشايخ المعتزلة هذا حال المتكلمين .

واما الفقهاء الاربعة فالحنفية إلى الحنفي وهو تلميذ الصادق(عليه السلام)ينتهى إليه .

والشافعية إلى الشافعي وهو تلميذ محمد بن الحسن ومحمد بن الحسن تلميذ ابي حنيفة .

واما الحنابلة فالى احمد ابن حنبل وهو تلميذ الشافعي .

واما المالكية فالى مالك وهو تلميذ ربيعة وربيعة تلميذ عكرمه وعكرمه تلميذ ابن عباس وابن عباس تلميذ علي(عليه السلام) ([352]) .

واما المفسرون فمرجعهم اما إليه أو إلى تلميذه ابن عباس واما اهل الطريقة فإليه ينتهون كما صرح به الشبلي والجنيد والسرمي وابو زيد البسطامي ومعروف الكرخي وغيرهم ([353]).

وقد علم الناس حال ابن عباس فيه وكان تلميذ علي(عليه السلام) وسئل فقيل له : أين علمك من علم اين عمك ؟ فقال : كبشة مطر في البحر المحيط([354]) ....

وذكر محمد بن عمر الرازي في كتاب (الأربعين) أن ابن عباس رئيس المفسرين، كان تلميذ علي بن أبي طالب(عليه السلام)([355]) .

وعن ابن طاووسنا في كتاب (سعد السعود): أنه اشتهر بين أهل الإسلام : أن ابن عباس كان تلميذ على(عليه السلام)([356]) . وقال ابن عباس ([357]) :حدثني أمير المؤمنين(عليه السلام) في تفسير ( الباء ) من ( بسم الله الرحمن الرحيم ) من اول الليل الى آخره .

واما ( علماء ) العربية فإليه يرجعون ([358]) لأنه المؤسس لعلم العربية حيث أملى على أبي الأسود الدؤلي جوامعه من جملتها الكلام كله ثلاث اشياء اسم وفعل وحرف ومن جملتها تقسيم الكلمة إلى معرفة ونكره وتقسيم وجوه الاعراب إلى رفع ونصب وجر وجزم([359])  .

وكان ذلك بارشاده(عليه السلام) له الى ذلك . وبداية الأمر أن أبا الأسود سمع رجلا يقرأ ان الله برئ من المشركين ورسوله، فأنكر ذلك وقال : نعوذ بالله من الحور بعد الكور، أي : من نقصان الايمان بعد زيادته .

وراجع علياً(عليه السلام) في ذلك .

 فقال له : نحوت أن أضع للناس ميزانا يقومون به ألسنتهم، فقال له(عليه السلام) : انح نحوه وأرشده الى كيفية ذلك الوضع وعلمه اياه . وأما علماء الصوفية وأرباب العرفان، فنسبتهم إليه في تصفية الباطن وكيفية السلوك الى الله تعالى ظاهرة الانتهاء .

وأما علماء الشجاعة والممارسون الأسلحة والحروب، فهم أيضا ينتسبون إليه في علم ذلك، فثبت بذلك أنه كان استاد الخلق وهاديهم الى طريق الحق بعد... ([360]) .

أما علم الكلام : فهو الذي قرر قواعده واوضح براهينه ومن خطبه استفاد الناس كافة ومرجعهم كلهم إليه فإن القيم بعلم الكلام اربعة : المعتزلة والاشاعرة والشيعة والخوارج .

أما الشيعة : فانتسابهم إليه معلوم .

وأما الخوارج : فإن فضلاءهم رجعوا إليه واخذوا العلم عنه .

وأما المعتزلة : فانهم انتسبوا الى واصل بن عطاء وهو كبيرهم وكان تلميذ أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية وأبو هاشم تلميذ ابيه وابوه تلميذ والده علي بن أبي طالب (عليه السلام).

واما الاشاعرة : فانهم تلامذه أبي الحسن علي بن أبي بشر الاشعري وهو تلميذ أبي علي الجبائي وهو من مشائخ المعتزلة .

وأما علم الطريقة : فإن جميع الصوفية يسندون الخرقة إليه ...([361]).

روى سعيد بن ابي الخصيب قال : دخلت انا وابن ابى ليلى المدينة فبينا نحن في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله إذ دخل جعفر بن محمد(عليه السلام) فقمنا إليه فسألني عن نفسي واهلي ثم قال من هذا معك ؟

فقال: ابن ابي ليلى قاضي المسلمين.

ثم قال له الإمام(عليه السلام): تأخذ مال هذا فتعطيه هذا وتفرق بين المرء وزوجه لا تخاف في هذا أحداً ؟

قال : نعم .

قال الإمام : بأي شيء تقضي ؟

قال : بما بلغني عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) وعن أبي بكر وعمر .

قال الامام : فبلغك ان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال : أقضاكم علي(عليه السلام)؟

قال : نعم .

قال الامام(عليه السلام) : فكيف تقضي بغير قضاء علي(عليه السلام) وقد بلغك هذا ؟

قال : فاصفر وجه ابن أبي ليلى ثم قال لسعيد : التمس زميلاً لنفسك والله لا أكلمك من رأسي كلمه أبداً([362]) .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

المدن الشيعيّة في شبه القارّة الهنديّة
قبسات من الكلام الفاطمي
التضحية وصناعة التاريخ .. ثورة الإمام الحسين ...
في تقدم الشيعة في علم الكلام ، وفيه صحائف
الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام
أهل الذمة في عصر الأمويين
أسرة آل بُوَيه في الريّ
من هم قتلة عثمان
من الراوي في قضية ميلاد أمير المؤمنين (ع) في ...
السلاجقة والتشيع .

 
user comment