عربي
Friday 26th of April 2024
0
نفر 0

دولة الامام علي (عليه السلام)

دولة الامام علي (عليه السلام)

اهتم الامام علي (عليه السلام) بكل نواحى الحياة الاجتماعية والدينية والاقتصادية والحربية اهتماماً دقيقاً مثلما فعل رسول الله .

فتوجه للتكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع الاسلامى والغاء الفوارق الطبقية والقومية والقبلية فأعطى مرتبات مالية لكل أفراد الامة رجالا ونساءاً حتّى المعارضين منهم للحكومة أو الممتنعين عن بيعة الامام مثل عبد الله بن عمر ومحمّد  بن مسلمة وصهيب الرومى وعبد الله بن سلام وسعد بن أبى وقاص وأسامة  بن زيد .

بينما قطع أبو بكر وعمر وعثمان الرواتب عن معارضيهم وقتلوا بعضهم ([206]).

وساوى الإمام بين الناس في الرواتب مثلما فعل النبي محمد (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام)بينما خالف الثلاثة مبدأ التساوي فى العطاء .

اعطاء الحكومات رشاوى للصحابة !

أعطى أبو بكر وعمر وعثمان الرشاوى للصحابة لشراء ذممهم .

فأعطى أبو بكر بلاد الشام والطائف طعمة (رشوة) لبني أمية لهم ولاولادهم من بعدهم فعيَّنوا يزيد بن أبى سفيان والياً على الشام، ومن بعده معاوية، وعينوا عنبسة بن أبى سفيان والياً على الطائف!!([207]) .

وأعطى أبو بكر منطقة الجرف الكبيرة رشوة للزبير لكسبه إلى صفوف الدولة ([208]) وأعطاه عمر أرض العقيق الشهيرة رشوة له لجذبه إليه!! ([209]).

فهما أعظم رشوتين في الاسلام لمعارض لكسبه الى جانب الدولة .

فأصبح الزبير من مطيع للخط النبوي وأهل البيت الى ذنب من أذناب الحزب القرشي، فحارب الامام علياً(عليه السلام) مطالباً اياه بالمال الجزيل كما كان يعطيه ابو بكر وعمر!! ولما لم يعطه شارك في حرب الجمل وقتل فيها .

أما عثمان فأفسد المجتمع الاسلامى بصورة فاحشة فأعطى خمس قارة أفريقيا الى ابن عمه وصهره مروان بن الحكم طريد رسول الله ([210]) .

ففسد بعض الصحابة وأخذوا يطالبون بالرشاوى الضخمة كالشام والطائف والجرف والعقيق!!!

وأعطى عثمان دولة أذربيجان طعمة للأشعث بن قيس الكندي ([211]) المنافق المعروف لمساهمته مع عمر وعثمان في قتل أبي بكر، وايصال عمر وعثمان الى السلطة، وقد قُتل في العملية أبو بكر .

اذ جاء عن الأشعث : وولاّه عثمان أذربيجان بعدما زوَّج ابنه من بنت الأشعث، وكانت ولايته من الأشياء التي عتب الناس فيها على عثمان([212]).

ولما وصل الإمام علي (عليه السلام) الى السلطة كتب  إلى الأشعث بن قيس عامل عثمان على آذربيجان : «إنّ عملك ليس لك بطعمة، ولكنّه في عنقك أمانة، وأنت مسترعى لمن فوقك»([213]).

وسار عمرو بن العاص الداهية على منهج عائشة في الفتنة إذ ادّعى أوّلا افتخاره بقتله عثمان الطاغية .

ولما قُتل عثمان وأعطاه معاوية مصر (أفريقيا) طعمة له ولأهله مقابل بيعه دينه طالب بدم عثمان! فقال عمرو في فتنته في صفين:

يا أيّها الجند الصليب الإيمان *** قوموا قياماً واستعينوا الرحمن

إنّي أتاني خبر فأشجان *** أنّ عليّاً قتل ابن عفان

ردّوا   علـينا   شـيخنا   كمـا   كـان

فقال أهل العراق:

أبت سيوف مذحج وهمدان *** بأن تردّ نعثلا([214])  كما كان

خلقاً جديداً مثل خلق الرحمن *** ذلك شأن قد مضى وذا شان([215])

وقضية المساومة السياسية بين معاوية وابن العاص حول ولاية الأخير مصر مقابل مشاركته في محاربة الإمام علي (عليه السلام) معروفة، إذ تردد عمرو بن العاص في دعم معاوية .

فقال معاوية له : لك مصر طعمة([216]) مقابل بيع دينه له فوافق عمرو بن العاص .

وهناك نصوص تثبت أقدام الزبير وطلحة على محاربة الإمام علي (عليه السلام)مقابل عهود من معاوية بتوليتهما سدة الخلافة ليكون الزبير أوّلا وطلحة ثانياً([217]) .

ففسد العالم الإسلامي بهذه المؤامرة الأمر الذي أوصل معاوية الى سدة الرآسة فيه.

بينما رفض قيس بن سعد بن عبادة رشوة معاوية في العراقين (الكوفة والبصرة) والحجاز([218]) .

علي (عليه السلام) مثل المسيح (عليه السلام)

شبّه النبي محمد (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) بالمسيح (عليه السلام) عدّة مرّات .

وقال الإمام علي (عليه السلام) : « ليحبّني قوم حتّى يدخلوا النار في حبّي، وليبغضني قوم حتّى يدخلوا النار في بغضي »([219]).

وقال النبي (صلى الله عليه وآله) : « ياعلي، مَثَلَك في أُمّتي مَثَل المسيح عيسى بن مريم ; افترق قومه ثلاث فِرق : فرقة مؤمنون، وهم الحواريون، وفرقة عادوه، وهم اليهود، وفرقة غلوا فيه فخرجوا عن الإيمان . وإنّ أُمّتي ستفترق فيك ثلاث فرق : فرقة شيعتك، وهم المؤمنون، وفرقة أعداؤك، وهم الناكثون، وفرقة غَلَوا فيك، وهم الجاحدون السابقون . فأنت ـ ياعلي ـ وشيعتك في الجنّة، ومحبّوا شيعتك في الجنّة، وعدوّك والغالي فيك في النار »([220]).

وقال الإمام علي(عليه السلام) : « يهلك فيَّ رجلان : مفرط غال، ومبغضٌ قال »([221]).

وقال الإمام علي(عليه السلام) : « سيهلك فيَّ صنفان : محبّ مفرط يذهب به الحبّ إلى غير الحقّ، ومبغضٌ مفرط يذهب به البغض إلى غير الحقّ . وخير الناس فيَّ حالا النمَطُ الأوسط، فالزَمُوه »([222]).

وقال الإمام علي(عليه السلام) : « يهلك فيَّ اثنان ولا ذنب لي : محبّ مفرط، ومبغض مفرط . وأنا أبرأ إلى الله تبارك وتعالى ممّن يغلو فينا، ويرفعنا فوق حدّنا كبراءة عيسى بن مريم  (عليه السلام)من النصارى »([223]).

وقال الإمام علي(عليه السلام) : « اللهمّ إنّي بريء من الغلاة كبراءة عيسى بن مريم من النصارى، اللهمّ اخذلهم أبداً، ولا تنصر منهم أحداً »([224]).

فهذه الأحاديث النبويّة الشريفة تبيّن مكانة الإمام علي (عليه السلام) في الأرض والسماء ولكن أبى المنافقون إلاّ دحره ومحاربته .

فحاربوه في زمن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وبعد شهادته وفي زمن معاوية والآن تجبر الوهابية الناس في العراق على سبه أو القتل سيراً منهم على نظرية معاوية في هذا المجال .

الأوصاف الواقعية للإمام علي (عليه السلام)

تعتمد هذه الاوصاف الواقعية على أدلة محكمة وصحيحة يقبلها العقل ويسندها العلم ويقرها الوجدان وهي :

1 ـ صحيفة ثبيت الخادم التي مزَّقها عمرو بن العاص وكتب بدلا عنها صحيفة معارضة لها في كل أمر من أمورها([225]).

2 ـ صحيفة المغيرة بن شعبة التي وصف فيها الإمام علياً (عليه السلام) انه على هيئة الأسد غليظاً منه ما استغلظ دقيقاً منه ما استدق([226]) .

فكان ضخم الصدر كالأسد .

أي رأسه جميل وشعره طويل مسترسل على الجانبين([227]) . ضخم الصدر وخميص البطن . فالأسد لا بطن له وكذلك الإمام علي(عليه السلام) .

3 ـ رواية الزمخشري : قال الزمخشري في كتابه ربيع الابرار عن ابن عباس في علي بن أبي طالب (عليه السلام) : كان والله يشبه القمر الباهر، والاسد الخادر، والفرات الزاخر، والربيع الباكر، فأشبه من القمر ضوءه وبهاءه، ومن الاسد شجاعته ومضاءه، ومن الفرات جوده وسخاءه، ومن الربيع خصبه وحياءه([228]) .

4 ـ وقال ابن الأثير في النهاية : وبالجملة صفاته (عليه السلام) مواطئة لصفات النبي  (صلى الله عليه وآله)وهي كماترى مذكورة له (صلى الله عليه وآله)([229]) . وكان النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) خميص البطن معتدل القامة .

5 ـ وقال الإمام علي (عليه السلام) عن نفسه :

أنا الذي سمتني أمي حيدرة *** ليث لغابات شديد قسورة

أكيلكم بالسيف كيل السندرة([230])

فهو يؤكد صفته كالليث الذي لا بطن له .

6 ـ قال ابن عساكر : كان علي (عليه السلام) أبيض الرأس واللحية أجلح ضخم أبيض ربعة([231]) .

فضخم تعني ضخم الصدر وهو ما اشتهر عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وكان ذلك معروفاً عنه في عهد الصحابة فوصفه المغيرة بن شعبة هكذا وفي عهد التابعين ذكره ابن عساكر . وافترى الأمويون عليه بالبطين لقب معاوية !!

وقال ابن الأثير عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)  : كان من أحسن الناس وجهاً لا يغير شيبه، كثير التبسم([232]) .

7 ـ وصف حجر بن عدي الإمام علي (عليه السلام) في مجلس معاوية قائلا : خميص الضلوع طويل الركوع ([233]) .

ضرار يصف الإمام (عليه السلام) عند معاوية

طلب معاوية من الصحابي ضرار بن ضمرة أن يصف له الإمام علياً(عليه السلام) لأنه كان من أخلص أحبّائه، فامتنع ضرار خوفاً من معاوية إلاّ أنّه أصرّ عليه، فقال له :

(كان والله ! بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلاً، ويحكم عدلاً، يتفجّر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من لسانه، يستوحش من الدنيا وزخرفها، ويستأنس بالليل ووحشته، وكان غزير الدمعة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب، وكان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، وينبئنا إذا استنبأناه، ونحن ـ والله ! ـ مع تقرُّبه لنا وقربه منّا لا نكاد نكلّمه هيبة له، يعظّم أهل الدين، ويقرّب المساكين، لا يطمع القويُّ في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، وإنّي أشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه ـ وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه ـ قابضاً على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين وهو يقول :

«يا دُنيا غُرِّي غَيري، إلَيَّ تَعَرَّضتِ أم إلَيَّ تَشَوَّقتِ ؟ هَيهاتَ هَيهاتَ، قَد بَايَنتُكِ ثَلاثاً([234]) لا رَجعَةَ فِيها، فَعُمرُكِ قَصيرُ، وَخَطَركِ كَبيرُ، وَعَيشُكِ حَقيرُ، آه ! مَن قِلَّةِ الزَّادِ، وَبُعدِ السَّفَرِ، وَوَحشَةِ الطَّريِقِ») .

وأثرت هذه الكلمات في نفس معاوية، فقال : رحم الله أباالحسن كان والله كذلك ...([235]) .

لقد كان الإمام علي (عليه السلام) صادقاً في عمله وقوله فأثَّر في أعتى طاغية في ذلك الزمان ألا وهو معاوية .

وأيد معاوية زهده وتركه للدنيا واهماله صنوف الطعام والاكتفاء بالقليل .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أسرة آل بُوَيه في الريّ
من هم قتلة عثمان
من الراوي في قضية ميلاد أمير المؤمنين (ع) في ...
السلاجقة والتشيع .
نصوص السماء لا من انتخاب المنتخبين فعلي ان وجد ...
ملامح عصر الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام )
ابتکار نظرية الصحابة
غزوة بدر الكبرى أسبابها وأهميتها
مناظرة أمير المؤمنين(ع) مع رجل من أهل الشام في ...
احتجاج الإمام علي(ع) بحديث الغدير

 
user comment