عربي
Friday 26th of April 2024
0
نفر 0

سيرة الامام موسي الكاظم(عليه السلام)

سيرة الامام موسي الكاظم(عليه السلام)

ولادته

ولد الامام موسي الكاظم بالإيواء ـ بين مكة والمدينة ـ يوم الأحد في السابع من شهر صفر سنة 128، وأولم الإمام الصادق (عليه السلام) عند ولادته فأطعم الناس ثلاثة أيام.

و أبوه عليه السلام فهو الصادق المصدق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وأما أمه عليه السلام تسمى حميدة المصفاة إبنة صاعد البربري ويقال أنها أندلسية أم ولد وتكنى لؤلؤة ، وكانت حميدة من أشراف الأعاجم كما في البحار عن الصادق عليه السلام قال: حميدة مصفاة من الأدناس كسبيكة الذهب ما زالت الأملاك تحرسها حتى أديت لي كرامة من الله لي والحجة من بعدي وحلفت حميدة أنها رأت في منامها أنها نظرت إلى القمر وقع في حجرها فقال أبو عبدالله عليه السلام أنها تلد مولوداً ليس بينه وبين الله حجاب.

وعاصر والده الامام الصادق حوالي 48 سنة وقد عانى ماعاناه والده ع على ايدي خلفاء بني العباس لاسيما السفاح والمنصور والهادي والمهدي والرشيد الذي كان قد استشهد على يديه مسموما في سجن السندي بن شاهك لعنة الله عليه .

 

إمامة الكاظم (ع):

ترعرع الامام موسى بن جعفر في حضن أبيه أبي عبد الله الصادق (ع) فنهل منه العلوم الالهية وتخلق بالأخلاق الربانية حتى ظهر في صغره على سائر إخوته، وقد ذكرت لنا كتب السيرة أن مناظرة حصلت بينه وبين أبي حنيفة حول الجبر والاختيار بيّن له فيها الامام على صغر سنه بطلان القول بالجبر بالدليل العقلي ما دعا أبا حنيفة الى الاكتفاء بمقابلة الابن عن مقابلة الامام الصادق وخرج حائراً مبهوتاً.

 

عاش الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) مدة إمامته بعد أبيه في فترة صعود الدولة العباسية وانطلاقتها. وهي فترة تتّسم عادة بالقوّة والعنفوان. واستلم شؤون الإمامة في ظروف صعبة وقاسية، نتيجة الممارسات الجائرة للسلطة وعلى رأسها المنصور العباسي، ومما أوقع الشيعة في حال اضطراب إدعاء الإمامة زوراً من قبل أحد أبناء الإمام الصادق (ع) وهو عبد الله الأفطح وصار له أتباع عُرفوا بالفطحية، كما كان هناك الاسماعيلية الذين اعتقدوا بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق (ع) الابن الأكبر للإمام الصادق مع أنه توفي في حياة أبيه. ولكن هذه البلبلة ساعدت في الحفاظ على سلامة الإمام الفعلي وهو الإمام موسى الكاظم (ع)، حيث اشتبه الأمر على الحكام العباسيين فلم يتمكنوا من تحديد إمام الشيعة ليضيقوا عليه أو يقتلوه، وهو ما أعطى الامام الكاظم فرصة أكبر للقيام بدوره الالهي كإمام مسدد للإمامة.

 

منزلة الإمام (ع):

وبما أن الإمام في عقيدة الشيعة هو وعاء الوحي والرسالة، وله علامات وميزات خاصة لا يتمتع بها سواه فقد فرض الامام الكاظم نفسه على الواقع الشيعي وترسخت إمامته في نفوس الشيعة.

فجسّد الإمام الكاظم (ع) دور الإمامة بأجمل صورها ومعانيها، فكان أعبد أهل زمانه وأزهدهم في الدنيا وأفقههم وأعلمهم. وكان دائم التوجّه لله سبحانه حتى في أحرج الأوقات التي قضاها في سجون العباسيين حيث كان دعاؤه "اللهم إنك تعلم أني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك وقد فعلت فلك الحمد" كما احتل الإمام (ع) مكانة مرموقة على صعيد معالجة قضايا العقيدة والشريعة في عصره. حيث برز في مواجهة الاتجاهات العقائدية المنحرفة والمذاهب الدينية المتطرفة والأحاديث النبوية المدسوسة من خلال عقد الحلقات والمناظرات الفكرية مما جعل المدينة محطة علمية وفكرية لفقهاء ورواة عصره يقصدها طلاب العلوم من بقاع الأرض البعيدة فكانوا يحضرون مجالسه وفي أكمامهم ألواح من الإبنوس (نوع من الخشب) كما ذكر التاريخ..

وقد تخرّج من مدرسة الإمام الكاظم (ع) في المدينة، والتي كانت امتداداً لمدرسة الإمام الباقر (ع) واستمراراً لمدرسة الإمام الصادق (ع) الكثير من العلماء والفقهاء في مختلف العلوم الأسلامية انذاك..

 

الإمام الكاظم(ع)

نظرات في أسلوبه الأخلاقيّ

 

الحلم وسَعَة الصّدر

 

يروي الشيخ المفيد في الإرشاد: "أنَّ رجلاً من وُلْد عمر بن الخطّاب كان بالمدينة يؤذي أبا الحسن موسى(ع) ويسبُّه إذا رآه ويشتم عليّاً(ع)، فقال له بعض جلسائه يوماً: دعنا نقتل هذا، فنهاهم عن ذلك أشدَّ النهي وزجرهم أشدَّ الزّجر، وسأل عن العمريّ، فَذُكِرَ أنَّه يزرع بناحيةٍ من نواحي المدينة، فركب فوجده في مزرعة، فدخل المزرعة بحماره، فصاح به العمريّ: لا توطى ء زرعنا، فتوطّأه أبو الحسن(ع) بالحمار حتى وصل إليه، فنزل وجلس عنده وباسَطَه وضاحكه، وقال له: "كم غرمتَ في زرعك هذا"؟ فقال له: مائة دينار. قال: "وكم ترجو أن تصيب فيه"؟ قال: لستُ أعلم الغيب، قال: "إنَّما قلت: كم ترجو أن يجيئك فيه"؟ قال: أرجو أن يجيء فيه مائتي دينار.. فأخرج له أبو الحسن(ع) صرةً فيها ثلاثُ مائة دينار، وقال: "هذا زرعُك على حاله، والله يرزقك فيه ما ترجو"، فقام العمريّ فقبّل رأسه، وسأله أن يصفح عن فارطه، فتبسّم إليه أبو الحسن(ع) وانصرف.. وراح إلى المسجد، فوجد العمريَّ جالساً، فلما نظر إليه قال: اللهُ أعلمُ حيث يجعل رسالاته.. فوثب أصحابه إليه، فقالوا: ما قصتك؟ قد كنتَ تقولُ غير هذا، فقال لهم: قد سمعتم ما قلتُ الآن، وجعل يدعو لأبي الحسن(ع)، فخاصموه وخاصمهم. فلما رجع أبو الحسن إلى داره قال لجلسائه الذين سألوه في قتل العمريّ: "أيُّما كان خيراً، ما أردتم أو ما أردت؟ إنني أصلحت أمره بالمقدار الذي عرفتم وكفيت به شرّه".

 

إننا نجد في هذه القصّة النظرة الإسلامية الواسعة التي كان ينظرها الإمام الكاظم(ع) إلى المواقف السلبيّة التي كان يقفها بعض خصومه منه، عندما يبادرونه بالعداوة والبغضاء، وفي ما كانوا يثيرونه من ممارسات سيّئة كالسبِّ والتجريح، فلم يكن ليتعقّد من ذلك، أو يبادر إلى مواجهة الموقف بالقوّة التي تختار العنف القاتل والجارح ضدّ هذا أو ذاك من خصومه، بل كان يدرس الأمر من خلال الخطّة الإسلاميّة في الدفع بالتي هي أحسن، بحيث يتحوّل العدوّ إلى صديق، وذلك بدراسة ذهنية هذا الرجل أو ذاك ودوافعه العدائية ونقاط الضعف أو نقاط القوّة في شخصيته، من أجل التخطيط للأسلوب العمليّ الذي يُفسح في المجال للدخول إلى عقله وقلبه لاحتضان مشاعره في أجواء المحبة والمودّة، وللحصول على صداقته في نهاية المطاف.. وهكذا رأينا الإمام الكاظم(ع) يخطّط للمسألة بالطريقة التي تختلف عما كان يفكّر به أصحابه، واستطاع أن يصل إلى النتيجة الطيّبة بشكل سريع، بحيث تحوّل هذا الرجل إلى شخص ينفتح على الإمام من موقع الرسالة، لا من موقع الذات.. وهكذا اتخذ الإمام من هذه التجربة الطيّبة الناجحة منطلقاً لتوجيه أصحابه إلى الدخول في عملية مقارنة بين ما أرادوه من قتله، وما أراده من إصلاحه، ولدراسة أمثال هذه القضايا بالطريقة التي يحلّون فيها المشكلة من موقع المحبّة، لا من موقع العداوة والبغضاء، ومن خلال أسلوب الرفق، لا من خلال أسلوب العنف..

 

رعايته للفقراء

 

وكان(ع) يتفقّد فقراء أهل المدينة، يحمل إليهم في الليل الأشياء العينيّة وغيرها، فيوصلها إليهم وهم لا يعلمون مصدرها، فقد جاء في سيرته أنَّه كان يطوف بيوت الفقراء في الليل، "فيحمل إليهم فيه العين ـ الدنانير ـ والوَرِق ـ الدراهم ـ والأدِقّة ـ الدقيق ـوالتمور، فيوصل إليهم ذلك ولا يعلمون من أيِّ جهةٍ هو".

 

وكان(ع) يحمل الصرار إلى الفقراء، فكانت صرارُ موسى مثلاً.

 

وفي تاريخ بغداد عن محمد بن عبد الله البكري، قال: "قدمتُ المدينة أطلب بها دَيْناً فأعياني، فقلت: لو ذهبت إلى أبي الحسن موسى(ع)، فشكوتُ إليه، فأتيته بِنَقَمَى (موضع في ريف المدينة المنورّة)، فخرج إليَّ ومعه غلامٌ، معه مِنْشَفٌ فيه دقيقٌ مُجزّع، ليس معه غيره، فأكل وأكلتُ معه، ثم سألني عن حاجتي، فذكرتُ له قصّتي، فدخل ولم يقم إلا يسيراً حتى خرج إليَّ، فقال لغلامه: "اذهب" ثم مدَّ يدَه إليَّ فدفع إليَّ صرّةً فيها ثلاثمائة دينار، ثم قام فولّى، فقمتُ وركبت دابتي وانصرفت".

 

إننا نستوحي من هذه الرعاية الإنسانية الإسلامية في الأسلوب الكاظمي في المباشرة بإيصال الطعام والنقود إلى الفقراء بنفسه كنموذج للأصالة الروحية الإنسانية في الإحساس بآلام الفقراء ومشاكلهم والتواضع لهم من دون أن يكشف عن شخصيته، لأنّ المسألة تتحرّك في خط أهل البيت(ع) الذي عبّرت عنه الاية الكريمة: {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً}[الإنسان:9].

 

من الملامح البارزة في شخصية الإمام الكاظم(ع)

 


عبـادتـه

 

والآن، ما هي الملامح البارزة لشخصيّة الإمام الكاظم(ع) في الطابع العام لحياته، فيما يمكن أن يكون أساساً للشخصيّة الرساليّة، في الخصائص المتصلة بالعمق الداخلي للمضمون الروحيّ الذي تتأكد فيه الصفة الإيمانية الشموليّة في الإخلاص لله تعالى، والمحبة له في الحالة العفويّة المنفتحة على كلِّ معاني العبوديّة الكامنة في سرِّ وجود الذات الإنسانية أمام الألوهيّة الرحيمة القادرة في ما توحي به كلمة إسلام الوجه لله التي يعيشها الإنسان في أجواء الحبِّ لله والخوف منه، وهذا ما كان يعيشه الأئمة من أهل البيت(ع) في الجوِّ العبادي المميّز الذي كان يتمثّل في ابتهالاتهم الخاشعة الخاضعة في الأدعية المعبِّرة عن كلِّ ما يعيش في قلوبهم من انفتاح على الله بكلِّ كياناتهم، في نطاق متحرّك من الروحانية الصافية المليئة بالشعور الفيّاض بالطهارة الروحية في ذوبان الذات في إحساسها بوجودها الفقير في كلِّ شي ء إلى الله تعالى..

 

وإذا لاحظنا النهج الإيماني العرفانيّ في سلوك أهل البيت(ع) وأدعيتهم، في معانيها التي لا تغرق في تعقيد الفلسفات العرفانية الواردة إلى التفكير الإسلاميّ من خلال قواعد التفكير لدى الآخرين، فإننا نرى فيها انسجاماً مع النهج القرآني في الحديث عن الله وصفاته، وعن نعمه وآفاق عظمته، فلا تشعر وأنت تقرأها بأيِّ جوٍّ غريب عن تفاصيل الجوّ القرآنيّ، بل ترى فيها حركة قرآنية على مستوى المفاهيم والمشاعر والتطلّعات.

 

وهكذا نرى كيف حوّل الإمام الكاظم(ع) إقامته في السجن إلى فرصة للعبادة المتواصلة، كما كانت حاله خارج السجن التي يعيش فيها الفرح الروحي مع الله، كما هي حالة أولياء الله الذين يشغلهم حبُّ الله عن التفكير في الآلام الصغيرة، فقد ورد في التواريخ أنَّ هارون الرشيد عندما أرسله إلى البصرة وسُجِن فيها سنة كاملةً عند أحد أقرباء الرشيد، وهو عيسى بن موسى، وقد راقب الإمام الكاظم(ع) طوال مدّة إقامته في السجن: هل يتألم من وضعه، وما هي انفعالاته؟ فكان لا يراه إلا مشغولاً بعبادة الله، ولم تبدر منه أيّة كلمة تجاه هذا الشخص الذي تولّى حبسه، ولا بالنسبة إلى الرشيد، حيث كان منصرفاً إلى العبادة والتضرّع إلى الله تعالى.. ولما طلب الرشيد من عيسى بن موسى أن يقتله، كتب إليه: "يا أمير المؤمنين، كتبت إليَّ في هذا الرجل، وقد اختبرته طول مقامه، بمن حبسته معه عيناً عليه، لينظروا حيلته وأمره وطويَّتهُ ممن له المعرفة والدراية، ويجري من الإنسان مجرى الدم، فلم يكن منه سوء قطّ، ولم يكن عنده تطلّعٌ إلى ولاية ولا خروجٌ ولا شي ءٌ من أمر الدنيا، ولا يدعو إلا بالمغفرة والرحمة له ولجميع المسلمين مع ملازمته للصيام والصلاة والعبادة، فإن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني من أمره، أو ينفذ من يتسلّمه مني، وإلا سرّحت سبيله، فإنَّني منه في غاية الحرج".

 

واستجاب الرشيد لطلبه، وأتى به إلى بغداد، فوضعه تحت عين الفضل بن الربيع، وكان هذا الرجل متعاطفاً مع الكاظم(ع)، وقال بعض من كان يزور الفضل: "دخلت على الفضل بن الربيع وهو جالسٌ على سطح، فقال لي: أدنُ مني، فدنوت منه حتى حاذيته، ثم قال لي: أشْرِفْ إلى البيت في الدار، فأشرفت فقال: ما ترى في البيت؟ قلت: ثوباً مطروحاً، فقال: انظر حسناً، فتأمّلت ونظرت فتيقّنت فقلت: رجلٌ ساجد، فقال لي: تعرفه؟ قلت: لا، قال: هذا مولاك، قلت: ومَنْ مولاي؟ فقال: تتجاهل عليَّ؟ فقلت: ما أتجاهل، ولكني لا أعرف لي مولى..

 

فقال: هذا أبو الحسن موسى بن جعفر، إنِّي أتفقده الليل والنهار، فلم أجده في وقت من الأوقات إلا على الحال التي أُخبرك بها، إنَّه يصلّي الفجر فيعقّب ساعة في دُبُر صلاته، إلى أن تطلع الشمس، ثم يسجد سجدةً، فلا يزال ساجداً حتى تزول الشمس، وقد وكّل من يترصّد له الزوال، فلست أدري متى يقول الغلام قد زالت الشمس، إذ يثب فيبتدى ء الصلاة من غير أن يجدّد وضوءاً، فأعلم أنَّه لم ينم في سجوده ولا أغفى..

 

فلا يزال كذلك إلى أن يفرغ من صلاة العصر، فإذا صلّى العصر سجد سجدةً، فلا يزال ساجداً إلى أن تغيب الشمس، فإذا غابت الشمس وثب من سجدته فصلّى المغرب من غير أن يُحدث حَدَثاً، ولا يزال في صلاته وتعقيبه إلى أن يصلّي العتمة، فإذا صلّى العتمة أفطر على شويِّ (تصغير شواء، أي شواء قليل) يُؤتى به، ثم يجدّد الوضوء، ثم يسجد ثم يرفع رأسه، فينام نومةً خفيفةً، ثم يقوم فيجدِّد الوضوء، ثم يقوم، فلا يزال يصلّي في جوف الليل حتى يطلع الفجر، فلستُ أدري متى يقول الغلام إنَّ الفجر قد طلع، إذ قد وثب هو لصلاة الفجر، فهذا دأبُه منذ حُوِّل إليَّ.

 

فقلت: اتّقِ الله، ولا تُحْدثنَّ في أمره حَدَثاً يكون منه زوال النعمة، فقد تعلم أنَّه لم يفعل أحدٌ بأحدٍ منهم سوءاً إلا كانت نعمته زائلة، فقال: قد أرسلوا إليَّ في غير مرّة يأمرونني بقتله، فلم أُجبهم إلى ذلك، وأعلمتهم أنّي لا أفعل ذلك، ولو قتلوني ما أجبتهم إلى ما سألوني".

 

وقد ورد في تاريخ أبي الفداء عن شقيقة السندي بن شاهك حينما سُجن الإمام(ع) في بيت أخيها عن عبادة الإمام في السجن: "أنّه إذا صلَّى العتمة حمد الله ومجّده ودعاه إلى أن يزول الليل، ثم يقوم ويصلّي حتى يطلع الصبح، فيصلّي الصبح، ثم يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى، ثم يرقد ويستيقظ قبل الزوال، ثم يصلّي ما بين المغرب والعتمة، فكان هذا دأبه إلى أن مات(ع)".

 

علاقته بالقرآن

 

وعندما ننفذ إلى حياة الإمام الكاظم(ع)، فإننا نقرأ أنَّه كان أحسنَ الناس صوتاً بالقرآن، فكان إذا قرأ القرآن، يقرأه بالصوت الحسن الذي يخشع له السامعون، ولعلَّ هذا ينطلق من أنَّ الصوت الحسن يعطي الكلمة تجسيداً، بحيث تملأ الكلمة القرآنية عقلَ الإنسان وقلبه، فتتعمّق فيه أكثر مما إذا قرأها بشكلها الطبيعي العاديّ، ولذلك قال تعالى:{ورتِّل القرآنَ ترتيلاً} [المزمّل:4]، وقال تعالى: {ورتّلناهُ ترتيلا}[الفرقان:32]، ولذلك جاء في الرواية عن الكاظم(ع): "كان أحسن الناس صوتاً بالقرآن، إذا قرأ يحزن، وبكى السامعون لتلاوته، وكان يبكي من خشية الله حتى تخضلّ لحيته بالدموع".

 


شهادته (ع):

أمضى الامام الكاظم (ع) في سجون هارون الرشيد سبع سنوات، وفي رواية 13 سنة حتى أعيت هارون فيه الحيلة ويئس منه فقرر قتله، وذلك بأن أمر بدس السم له في الرطب فاستشهد سلام الله عليه في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة 183ه.

ولما استشهد صلوات الله عليه أدخل السنديّ عليه الفقهاء ووجوه الناس من أهل بغداد وفيهم الهيثم بن عدي ّ، فنظروا إليه لا أثر به من جراح ولا خنق ، ثمّ وضعه على الجسر ببغداد ، وأمر يحيى بن خالد فنودي : هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنّه لا يموت قد مات فانظروا إليه ، فجعل الناس يتفرّسون في وجهه وهو ميّت ، ثمّ حمل فدفن في مقابر قريش ، وكانت هذه المقبرة لبني هاشم والأَشراف من الناس قديماً.

 

وروي : أنّه عليه السلام لمّا حضرته الوفاة سأل السندي بن شاهك أن يحضره مولى له مدنيّاً ينزل عنه دارالعبّاس في مشرعة القصب ليتولّى غسله وتكفينه ، ففعل ذلك. قال السندي بن شاهك : وكنت سألته أن يأذن لي في أن أكفنه فأبى وقال : « أنا أهل بيت مهور نسائنا وحجّ صرورتنا وأكفان موتانا من طاهر أموالنا، وعندي كفني وأريد أن يتولّى غسلي وجهازي مولاي فلان» فتولّى ذلك منه ، وقيل : إن سليمان بن أبي جعفر المنصور أخذه من أيديهم وتولّى غسله وتكفينه ، وكفّنه بكفن فيه حبرة استعملت له بألفي وخمسمائة دينار، مكتوب عليها القرآن كلّه، ومشى في جنازته حافياً مشقوق الجيب إلى مقابر قريش فدفنه هناك.

 


source : www.sibtayn.com
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

ادعية الامام الکاظم عليه السلام
مناظرة الإمام الكاظم ( عليه السلام ) مع هارون ...
شهادة الإمام الكاظم ( عليه السلام )
الامام موسی الکاظم علیه السلام
الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع)
السيّدة فاطمة بنت الإمام الكاظم عليه السّلام
إطلالة مختصرة على حياة الإمام الكاظم(عليه السلام)
كنية الإمام الكاظم ( عليه السلام ) وألقابه
الاساءة إلی النبي (ص).. نعيب الزمان والعيب فينا
سجن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ومحاولة اغتياله

 
user comment