عربي
Saturday 20th of April 2024
0
نفر 0

ما هي الأدلة التي تثبت مشروعية التوسل بأهل البيت عليهم السلام؟

السؤال: ما هي الأدلة التي تثبت مشروعية التوسل بأهل البيت عليهم السلام؟

جواب سماحة السيد مرتضى المهري: .
التوسل بالانبياء والائمة عليهم السلام واولياء الله وعباده الصالحين يتمثل في ثلاث وجوه:
الوجه الأول: الحضور عندهم لطلب الحاجة سواه في ذلك الحضور عندهم احياء او عند قبورهم وهذا مما ورد في الكتاب العزيز قال تعالى: «ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجودوا الله تواباً رحيماً». فنفس الحضور عند الرسول يؤثر في استجابة الدعاء. والسر في ذلك ان الانسان يقرب من الله تعالى في مواضع وحالات.
فالمواضع منها المساجد وكل موضع يصلي فيه المؤمنون وان لم يكن مسجداً كالمصلى في دائرة او فندق فالانسان هناك اقرب الى الله في غيره فاولى به ان يكون اقرب اذا حضر عند الرسول او الامام او عالم متعبد يذكر الانسان بالله تعالى فان القرب والبعد انما هو من جانب الانسان والله تعالى اقرب الى كل انسان من نفسه قال تعالى: ونحن اقرب اليه من حبل الوريد. ونسب الاشياء إليه تعالى واحدة وانما البعد يحصل للانسان من جهة معاصيه وتوجهه الى الدنيا وملاهيها فكل موضع يشعر فيه بالقرب ويذكره بالله تعالى يؤمّل فيه استجابة الدعاء قال تعالى: «في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها الغدّو والآصال رجال لا تلهيهم تجاره ولا بيع عن ذكر الله...». بل هناك مواضع يشعر الانسان فيها بالقرب من الله وان لم تكن لها قدسية ككونه تحت السماء ولذلك امر ببعض الصلوات والادعية ان يخرج الانسان بها من تحت السقوف الى ما تحت السماء.
والصحراء فان الانسان يشعر فيها بقربه من الله ولذلك امر في صلاة العيد والاستسقاء ان يصحروا بهما. وهناك حالات للانسان يؤثر فيه بشعور القرب كالبعد عن زخارف الدنيا ولذلك امر الحاج بلبس ثوبي الاحرام والتنعل وكشف الرأس.
كل ذلك للتأثير في الانسان ان يشعر بالقرب والا فلا شيء يؤثر في الله تعالى. بل الدعاء والصلاة ايضاً للتأثير في الانسان فرحمة الله واسعة شاملة وعلى الانسان ان يصقل مرآة نفسه ليمكنه الاستضاءة من هذا النور الغامر والصلاة والدعاء وغيرهما من العبادات تحقق الارضية الصالحة لاستقبال انوار الرحمة الالهية. فكذلك التوسل والحضور لدى الرسول (ص) والائمّة عليهم السلام وكل من يذكر الانسان بالله تعالى يؤثر في ذلك.
ولا فرق في ذلك بين ميتهم وحيهم وذلك لان المفروض ان المراد تأثر الانسان بقدسية المكان وهو حاصل في كلا الموردين مع انهم لا يقصرون مقاماً عند الله من الشهداء في سبيله وقد قال تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون . بل حياة النبي (ص) والأئمة عليهم السلام اقوى واعظم. بل يظهر من بعض النصوص ان الانسان اقوى حياة بعد موته حتى الكفار. ففي الحديث ان رسول الله (ص) وقف على شفير قليب بدر وخاطب الكفار المقتولين بما معناه: قد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً. او غير ذلك. فتعجب اصحابه وقالوا ان هؤلاء اموات فكيف تخاطبهم يا رسول الله او كما قالوا. فقال لهم الرسول (ص): لستم باسمع منهم ولكنهم لا يقدرون على الجواب.
ويلحق بهذ الامر اي الحضور عند النبي والولي التوسل باسمائهم وارواحهم وان لم يحضر عندهم وذلك بان يدعو الله تعالى ويطلب منه حاجته مع الاستشفاع بذكر الرسول او الامام وهذا ايضاً يؤثر في الانسان من جهة انه يرى نفسه تابعاً لهؤلاء مهتديا بهداهم سالكاً سبيلهم محباً لهم وليس هذا الحب والولاء المتابعة الا لانهم اولياء الله واصفياؤه وبذلك يوجب القرب من الله تعالى ويدخل في قوله سبحانه: (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة).
والامام هو من جعله الله تعالى مثلاً للناس يقتدون به فانه للطفه بعباده لم يكتف بارسال الشريعة والكتب بل جعل للناس من انفسهم مثُلا يستنون بسنتهم ويحتذون بسيرتهم قال تعالى: «وجعلناهم ائمة يهدون بامرنا» ويوم القيامة يحاسب اعمال الناس بالقياس الى ائمتهم قال تعالى: «يوم ندعو كل اناس بإمامهم فمن اوتي كتابه بيمينه...» وعلى ذلك فلا استغراب ان يكون في ذكر الامام والتوسل به تقرب الى الله تعالى فهو كما يذكر الانسان بربه عملا وقولاً وشمائلاً كذلك يذكره بربه اذا تذكره وتذكر افعاله وتعبده لله تعالى.
الوجه الثاني: ان يطلب من النبي او الولي ان يدعو الله تعالى ليقضي حاجته. وهذا ايضاً مما ورد في الآية السابقة حيث قال تعالى: «واستغفر لهم الرسول...» بل هذا مما لا شك ولا خلاف في جوازه وتاثيره حتى بالنسبة لغير النبي والامام من عامة المؤمنين وقد ورد بذلك احاديث كثيرة في كتب العامة والخاصة.
ومما يلفت النظر في هذا الامر ان الله تعالى خلق ملائكة يدعونه تعالى ويستغفرون للمؤمنين قال سبحانه: «الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم...» وغير ذلك من الايات والروايات.
الوجه الثالث: ان يطلب الحاجة من نفس النبي او الامام وهذا هو الذي يقال انه شرك بالله العظيم. ولا شك انه لو اعتقد الانسان ان النبي او الامام او اي احد او شيء في العالم يستقل في التأثير فيؤثر شيئاً من دون ان يأذن الله تعالى فهو نحو من الشرك وان كان خفياً والموحد يعتقد بان الله هو المؤثر في العالم وان كل شيء يحدث فانما هو باذنه تعالى الا ان هذا لا يختلف بالنسبه الي العلل والاسباب الغيبية والعلل والاسباب الطبيعية فلو اعتقد احد ان الطبيب يستقل في المعالجة والشفاء فقد اشرك بل الشفاء من الله تعالى بل الصحيح ان العمل الطبيعي الذي يقوم به الطبيب او اي من يباشر العلاج او اي عمل آخر فانما هو بإذن الله تعالى مع ان مراجعة الطبيب وغيره لا يعد شركاً ولا فسقاً.
وربما يقال كما في تفسير المنار لمحمد رشيد رضا وغيره بان هناك فرقا بين التوسل بالعلل الطبيعية والتوسل بالعلل الغيبية والثاني يعدّ شركاً دون الاول ويستدل علي ذلك بان الله تعالى اعتبر المتوسلين بالملائكة وغيرهم مشركين والمشركون ما كانوا يعتقدون انهم يؤثرون بالاستقلال فليس ذلك الا للاعتقاد بتأثيرهم الغيبي.
والجواب ان هذا الفرق تحكم واضح اذ لا شك ان الاعتقاد بالتأثير المستقل لغير الله تعالي شرك وان كان طبيعياً. فالصحيح ان المشركين كانوا يعتقدون بنوع من الاستقلال للملائكة وغيرهم من العوامل الغيبية كما انه ربما يحصل هذا الاعتقاد لبعض المسلمين بالنسبة لبعض الانبياء أو الائمة او الاولياء ولا شك ان هذا نوع من الشرك يجب تطهير القلب منه. ونحن نعتقد ان الله تعالى اذن لبعض عباده الصالحين ان يعملوا اعمالا لا يقدر عليها البشر العادي ولكن كل تاثيرهم باذن الله تعالى. ولا فرق بين هذا التأثير الغيبي وتأثير الصدقة مثلاً في دفع البلاء فهو ايضاً تأثير غيبي فقد جعل الله فيها هذا التأثير ولكنه لا يحدث ألا باذنه تعالى كسائر العلل والاسباب الطبيعية وغير الطبيعية.
وقد اخبر الله سبحانه في كتابه العزيز ان عيسى عليها السلام كان يحيى الموتي ويبرء الاكمه والابرص كل ذلك باذنه تعالى ومن اللطيف ان الاية الكريمة تصرّح بان كل عمله باذنه تعالى حتى ما كان طبيعياً حيث قال: واذ تخلق من الطين كهيئة الطير باذني فتنفخ فيها فتكون طيراً باذني...
ولا شك ان صنع الطين كهيئة الطير عمل عادي طبيعي والنفخ فيه وجعله طيراً حياً عمل غير طبيعي وكل ذلك باذنه تعالى. فاذا توسل احد بعيسى عليه السلام حال حياته وطلب منه شفاء مريضه لم يكن ذلك شركاً بالله سبحانه كما هو واضح. واذا كان كذلك فسيّد الانبياء والمرسلين وعترته الطاهرين اولى بذلك. ولا فرق بين حيهم وميتهم كما مر ذكره.
نعم انما يصح التوسل اذا صح الاعتقاد بان الله تعالى فوّض اليهم بعض الامر وهذا ما نعتقده للروايات القطعية المتواتره والتجربة. ولو فرضنا جدلاً عدم صحة هذا الاعتقاد فهذا لا يبرّر تهمة الشرك وانما يكون كمراجعة طبيب لا علم له. ونحن على ثقة وبصيرة من انهم عليهم السلام ابواب رحمته تعالى. وقد قال في كتابه العزيز: وما ارسلناك الا رحمة للعالمين.
وقد صح عنه صلّى الله عليه وآله وسلم: مثل اهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق وهوى. ونحو ذلك من الروايات المتواترة معنىً. الحمد لله رب العالمين.


السؤال: من عقيدتنا في أبي طالب عليه السلام أنه مؤمن قريش فما هي الأدلة القاطعة والتي تؤيد هذه العقيدة. نرجو ذكرها في نقاط 1، 2، ... وهكذا مرتبة للفائدة؟ مع الرد على الشبهات المتعلقة بالموضوع كأسباب نزول بعض الآيات؟

جواب سماحة السيد مرتضى المهري: أدلة ايمان أبي طالب عليه السلام.
1ـ أحاديث أهل البيت عليهم السلام وهم أدرى بما في البيت وأعرف بدين جدهم. وقد تواترت الأحاديث عنهم حول هذا الموضوع بحيث لا يمكن التشكيك في انهم كانوا يعتقدون ذلك ويدافعون عنه بكل صراحة وصرامة.
وقد ذكرالعلامة المجلسي رحمه الله في البحار أكثر من سبعين حديثاً في ذلك وكذلك غيره ونحن ننقل بعض تلك الاحاديث: أ: في الكافي بسند صحيح عن الامام الصادق عليه السلام: «ان مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف اسروا الايمان وأظهرو الشرك فآتاهم الله أجرهم مرتين» 1: 448.
ب ـ روي ان علي بن الحسين عليه السلام سئل عن ايمان أبي طالب عليه السلام فقال: واعجبا ان الله تعالى نهى رسوله ان يقرّ مسلمة على نكاح كافر وقد كانت فاطمة بنت اسد من السابقات الى الاسلام ولم تزل تحت ابي طالب حتى مات.
ج ـ وسئل الامام الصادق عليه السلام (وقيل الباقر عليه السلام) عما يقوله الناس ان ابا طالب في ضحضاخ من نار فقال: كذبوا والله ان ايمان أبي طالب لو وضع في كفة ميزان وايمان هذا الخلق في كفة ميزان لرجح ايمانه أبي طالب على ايمانهم ثم قال عليه السلام : كان والله أمير المؤمنين عليه السلام يأمر أن يحجّ عن أبي النبي وامه وعن أبي طالب في حياته ولقد اوصى في وصيته بالحج عنهم بعد مماته.
د ـ وفي رواية عن الامام الصادق عليه السلام: كان أمير المؤمنين عليه السلام يعجبه ان يروى شعر أبي طالب وان يدوّن وقال: تعلّموه وعلّموه أولادكم فانه كان على دين الله وفيه علم كثير.
هـ ـ عن أبان بن محمد قال: كتبت الى الامام علي بن موسى عليه السلام: جعلت فداك اني شككت في ايمان أبي طالب قال: فكتب بسم الله الرحمن الرحيم «ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولى» اما انك ان لم تقرّ بايمان ابي طالب كان مصيرك الى النار.
واحاديث اهل البيت في ذلك اكثر من أن تحصى ومن المشهور والمعروف بين الخاصة والعامة تواتر احاديثهم بذلك كما ان ذلك مروي بما يقرب من التواتر عن العباس بن عبدالمطلب عم الرسول وابنه عبدالله بن عباس. وقد وردت كل هذه الروايات في البحار الجزء 35.
2 ـ ترحم النبي صلى الله عليه وآله واستغفاره له بعد موته في مواقف عديدة رواها أصحاب السير والتاريخ في كتبهم وكذلك رواياتهم صريحة في اسلامه·
قال ابن أبي الحديد: «روي باسانيد كثيرة بعضها عن العباس بن عبدالمطلب وبعضها عن أبي بكر بن أبي قحافة: ان أبا طالب ما مات حتى قال: لا اله الا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله· قال: والخبر مشهور ان أبا طالب عند الموت قال كلاماً خفياً فاصغى إليه أخوه العباس قال وروي عن علي عليه السلام انه قال: ما مات أبو طالب حتى اعطى رسول الله صلى الله عليه وآله من نفسه الرضا··· (الى أن قال): فقال رسول الله: الحمد لله الذي هداك ياعم» ونحن لا نعتقد صحة الرواية التي تقول بايمانه عند موته ولكنا نذكرها جدلاً في قبال من يعتقد عدم ايمانه رأساً·
أخرج جمع من الحفاظ كابن سعد في طبقاته وابن عساكر والواقدي والبيهقي وسبط ابن الجوزي وابن أبي الحديد والحلبي وغيرهم عن علي عليه السلام قال: أخبرت رسول الله صلى الله عليه وآله بموت أبي طالب فبكى (بكاءً شديداً) ثم قال: اذهب فاغسله وكفّنه وواره غفر الله له ورحمه· وقال بعضهم: انما ترك النبي المشي في جنازته اتقاءً من شرّ سفهاء قريش وعدم صلاته لعدم مشروعية صلاة الجنازة يومئذ· ولذلك لم يصل على خديجة عليها السلام أيضاً·
وفي تاريخ الخطيب وابن كثير وتذكرة السبط وغيرها ان النبي صلى الله عليه وآله عاد من جنازة ابي طالب فقال: وصلتك رحم وجزيت خيراً يا عم· وفي تاريخ اليعقوبي انه مشى بين يدي سريره وهو يقول ذلك·
واخرج جمع من الحفاظ ان العباس قال: يا رسول الله ما ترجو لابي طالب· قال: كلّ الخير ارجو من ربّي·
وهناك قصة معروفة في كتب السيرة ان اعرابياً اتى النبي صلى الله عليه وآله وشكى الجدب فدعى النبي صلى الله عليه وآله واستسقى فما استتم دعاءه حتى امطرت السماء، فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه وقال: لله در أبي طالب لو كان حيّا لقرت عيناه· من الذي ينشدنا شعره ؟ فقال علي عليه السلام: يار سول الله كانك اردت قوله (وابيض يستسقى الغمام بوجهه ـ ثمال اليتامى عصمة للارامل) قال: أجل فانشده ابياتاً من القصيدة ورسول الله يستغفر لابي طالب على المنبر·
وقال ابن أبي الحديد: ورد في السير والمغازي ان أبا عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب لما جرح يوم بدر وحمل الى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يا رسول الله لو كان أبو طالب حيا لعلم انه قد صدق في قوله: « كذبتم وبيت الله نخلي ـ محمداً ـ ولما نطاعن دونه ونناضل· وننصره حتى نصرّع حوله· ونذهل عن ابنائنا والحلائل) فقالوا ان رسول الله صلى الله عليه وآله استغفر له ولابي طالب يومئذ·
هذا وقد اعترف جمع من علماء العامة بايمانه بل الف بعضهم في ذلك كتاباً قال ابن أبي الحديد: «وقال بعض شيوخنا المعتزلة بذلك· منهم الشيخ أبو القاسم البلخي وأبو جعفر الاسكافي وغيرهما» والّف السيد أحمد زيني دحلان ـ مفتي الشافعية بمكة المتوفى سنة 1304 كتاب أسنى المطالب في نجاة أبي طالب· وهو ملخص لكتاب آخر الّفه السيد محمد بن رسول البرزنجي من علماء العامة أيضاً·
3 ـ اشعاره التي صرح فيها بالنبوة والتوحيد والفارق بين المسلم والكافر هو الشهادة بالتوحيد والرسالة وشعره في ذلك كثير جداً وقد جمع ديوانه عدة مرّات· نذكر هنا بعضاً منها:
قال في قصيدته اللامية التي ذكرها أكثر أهل السير والتاريخ وقال فيها ابن كثير انها بليغة جداً لا يستطيع ان يقولها الا من نسبت اليه وهي افحل من المعلقات السبع وابلغ في تأدية المعنى:
الم تعـلمـوا ان ابـنـنا لا مـكذّب لـدينا ولا نـعبـأ بـقـول الاباطل
اشـمّ مـن الـشمّ البهالـيل ينتمـي الى حسب في حـومة المجـد فاضل
لعمري لقد كلّـفت وجداً باحمد (ص) وأحببـتـه حبّ الحبـيب المواصـل
فلا زال في الـدنـيا جـمالاً لاهلها وزيـنـاً لمن والاه ربّ المـشـاكل
فاصـبح فيـنا أحمـد في أرومـة تقصّر عنـه سـورة المـتـطـاول
حـدبت بـنفسي دونـه وحـميـته ودافعت عنـه بالـذرا والكـلـاكـل
فـايّده ربّ الـــعبـاد بـنصـره واظـهر ديـنا حـقـه غـير باطل
وقال في قصيدة اُخرى يخاطب فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
والله لن يصــلوا اليـك بـجمعهـم حـتى اوسّد فـي الـــتـراب دفينا
فاصدع بامرك ما عليك غضــاضة وابشـر بـذاك وقـــرّ منك عيونا
ودعوتــني وعلـمت انّك ناصـحي ولـقـد صدقـت وكنـت ثمّ اميـنا
ولقـد علمـت بـانّ ديــن محـمد مـن خيـر اديـان البـرية ديـنـا
وزاد بعضهم على هذه الابيات شعراً استدل به الخصوم وهو:
لولا الــملامة او حــذاري ســبّة لوجدتــني سَمِحــاً بذاك مبـيناً
ونقل العلامة الاميني رحمه الله عن السيد أحمد زيني دحلان الذي مر ذكره ان هذا البيت موضوع ادخلوه في شعر أبي طالب وليس من كلامه· ثم عقّبه الاميني بقوله: هب ان البيت الاخير من صلب ما نظمه ابو طالب عليه السلام فانّ اقصى ما فيه ان السبّة والعار الذين كان أبو طالب يحذرهما خيفة ان يسقط محله عند قريش فلا تتسنى له نصرة الرسول المبعوث صلى الله عليه وآله وسلم انما منعاه عن الابانة والاظهار لاعتناق الذين واعلان الايمان بما جاء به النبي الامين وهو صريح قوله: لوجدتني سمحاً بذاك مبينا· اي مظهراً واين هو عن اعتناق الدين في نفسه والعمل بمقتضاه من النصرة والدفاع· ولو كان يريد به عدم الخضوع للدين لكان تهافت بيّن بينه وبين ابياته الاولى····
وله عليه السلام شعر صريح في الاعتراف بالرسالة قاله في تأنيب قريش على مقاطتها للمسلمين وتحالفها في الصحيفة السوداء التي علقوها في الكعبة حيث نفوا الرسول صلى الله عليه وآله ومن آمن به الى شعب أبي طالب وقصتها مشهورة يقول فيها:
الا ابلغـا عــني على ذات بيـنها لويّا وخــصا من لويّ بني كــعب
الم تعــلمـوا انا وجـدنا محمـداً رسولاً كمــوسى خطّ في أول الكـتب
وانّ عــليه في العــبــاد محبة ولا حيــف فيمن خصه الله بالـحبّ
وان الذي رقــشـتم في كتــابكم يكون لــكم يوماً كراغية الســقب
افيــقوا افيقوا قبـل ان تحفر الزبى ويصـبح من لم يجن ذنـباً كذي ذنب
الى أن يقول
فلســنا وبيت الله نســلم أحمداً لعــزّاء من عــضّ الزمان ولا كرب
الى آخر الابيات
ولما هاجر جماعة من المسلمين الى الحبشة قال ابياتاً من الشعر يحرّض النجاشي على اكرامهم منها على ما نقله الاميني عن الحاكم في المستدرك باسناده عن ابن اسحاق:
ليعــلم خيار النــاس انّ مــحـمّداً وزيـــر لموسى والمســيح بن مريم
اتــانا بــهدي مثــل ما اتــيا به فكــل بامـر الله يــهدي ويـــعصم
وانــكم تــتلونــه فـي كتابــكم بصــدق حديـــث لا حديث المبرجم
وانــك ما تاتيـــك منـها عصابة بفضــلك الا أرجـعوا بالتـــــكرم
ومن شعره في ديوانه:
زعمـــتم بأنّا مســلمون محــمداً ولما نقـــاذف دونه ونزاحـــم
من القـــوم مفضال ابيّ على العدى تمكّن في الفـــرعين من آل هاشم
امــين حبيب في العبـــاد مسـوّم نجا تـــم ربّ قاهر في الخـواتم
يرى الناس برهانا علـــيه وهيــبة وما جـــاهل في قومه مثل عـالم
نبيّ اتــاه الوحي من عــــند ربّه ومن قال: لا، يقـــرع بها سنّ نادم
وفي ديوانه أيضاً قصيدة يسفّه فيها احلام قريش ننقل منها ما يصرّح فيه بالنبوة:
فيالنبي فهــــرٍ افيقوا ولم تـــقم نوائح قتلى تدّعــــى بالتـــسدّم
على ما مضى من بغيكم وعقـــوقكم وغشيـــانكم في أمــرنا كل مـأثم
وظلم نبيٍّ جاء يدعو الى الــهــدى وامر اتى من عند ذي الـعرش قــيّم
ولما عذبت قريش عثمانٍ بن مظعون قال شعراً يؤنبهم على ذلك مما يدلّ على أنّه عليه السلام ما كان يدافع عن الرسول صلى الله عليه وآله الا للدفاع عن الحق والا فعثمان لم يكن من قريش وننقل هنا مورد الحاجة منه:
الا تــرون اذلّ الله جمــعــكم انّا غضــبنا لعثمان بن مظعون
ونمنع الضيم من يبغي مضــيّمنا بكلّ مطّرد في الكف مســـنون
حتى تقر رجال لا حـــلوم لـها بعد الصــعوبة بالاسـماح واللي
او تؤمنوا بكـــتابٍ منزلٍ عجب على نبيٍٍّ كموسى او كـذي النون
وله شعر في مدح الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم اخرجه جمع من الحفاظ واصحاب السيرة منهم البخاري في تاريخه وابو نعيم وابن عساكر وابن كثير وابن ابي الحديد وابن حجر وغيرهم:
لـــقد اكرم الله الـــنبيّ محمداً فاكـــرم خلق الله في الناس احمد
وشـــق له من اسمــه ليــجلّه فدو العرش محـــمود وهذا محمّد
فهل بعد هذا التصريح من شك في اعترافه بالنبوّة؟ وهل من أسلم يشهد باكثر من هذا؟
قال ابن أبي الحديد: قالوا: اشتهر عن المأمون انه كان يقول اسلم والله ابو طالب بقوله:
نصـــرت الرسـول رسـول المليك ببيـض تلألأ كلــمع الـــبروق
اذبّ واحمـــــي رسول الالــه حماية حـــــامٍ عليه شـــفيق
وقال مخاطباً أخاه حمزة عليه السلام بعد اسلامه:
فصبراً ابا يعلى عـلى دين أحمد وكن مظهراً للدين وُفّقت صابراً
وحُط من اتى بالحق من عند ربه بصدق وعزم لا تكن حمزُ كافراً
فقد سرّني اذ قلت: انك مؤمــن فكن لرسول الله في الله ناصراً
وبادر قريـشاً بالذي قد اتيــته جهاراً وقل: ما كان احمد ساحراً
روى هذا الشعر جمع من الحفاظ كابن الاثير في اسد الغابة وابن حجر في الاصابة والحلبي في السيرة وابن أبي الحديد في الشرح وغيرهم·
ولسنا بحاجة بعد هذه التصريحات المتواترة اجمالاً ان نستدل على ايمانه عليه السلام بامره عليّاً وجعفراً عليهما السلام بالصلاة مع النبي صلى ا لله عليه وآله وسلم واظهار الفرح بذلك وقد قال في ذلك:
ان علياً وجـــعفراً ثــقـتي عند مـــلّم الزمان والنــوب
لا تخـــذلا وانصرا ابن عمكما اخي لامي من بينــهم وابــي
والله لا اخـــذل النــبي ولا يخـــذله من بنيّ ذو حـسـب
وقد اخرج ابن الاثير في اُسد الغابة انه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وعلياً عليه السلام يصليان وعليّ على يمينه فقال لجعفر رضي الله عنه صِل جناح ابن عمك وصلّ عن يساره·
وبعد وضوح هذا الامر يتبين ان كل ما رواه خصوم أهل البيت عليهم السلام من روايات في كفر أبي طالب وانه في ضحضاخ من نار وما ادّعوه من شأن نزول بعض الآيات كقوله تعالى: انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء· او قوله تعالى: وهم ينهون عنه وينؤون عنه او قوله تعالى: ما كان للنبي والذين آمنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى كلها من أكاذيب اعداء أمير المؤمنين عليه السلام كالمغيرة بن شعبة الفاسق وسعيد بن المسيب وامثالهما من بائعي دينهم بدنياهم الذين استأجرهم بنو اُمية واشتروا ضمائرهم لا يرتاب في ذلك ذو مسكة·
والحمد لله رب العالمين

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال : ما هي تسبيحة الزهراء ؟ وكيف تكون ؟
السؤال: ما هو موقف الشيعة من كتاب " فصل الخطاب في ...
السؤال : هل توجد رواية في كتب أهل السنّة تبيّن ...
السؤال: ما الفرق بين الإمامية والإسماعيلية ؟ وهل ...
السؤال : ما هو أوّل شيء خلقه الله تعالى ؟ هل هو ...
السؤال : بعد الصلاة على محمّد وآله الطيبين ...
السؤال : إمامة أيّ من الأئمّة (عليهم السلام) كانت ...
من هي سكينة بنت الحسين ؟ وممن تزوجت ؟ وهل أنجبت ؟ ...
السؤال : عقلي يمنعني من تقبيل الأضرحة ويقول : هذه ...
السؤال : هل يجوز البكاء على الميّت القريب جدّاً ، ...

 
user comment