عربي
Friday 26th of April 2024
0
نفر 0

آداب المعلّم والمتعلّم في درسهما


هذا ، ويا حبّذا أن تتحلّى هذه الرسالة المختصرة بما قاله آية الحقّ الشهيد الثاني (قدس سره) في كتابه القيّم ( منية المريد في أدب المفيد والمستفيد ) ، حينما يذكر آداب المعلّم والمتعلّم في أنفسهما ، وذلك في القسم الأوّل ، وفي الثاني : آدابهما في درسهما ، وهي اُمور :

فيقول :

الأوّل : أن لا يزال كلّ منهما مجتهداً في الاشتغال قراءةً ومطالعةً وتعليقاً ومباحثةً ومذاكرةً وفكراً وحفظاً وإقراءً[1] وغيرها ، وأن تكون ملازمة الاشتغال بالعلم هي مطلوبه ورأس ماله ، فلا يشتغل بغيره من الاُمور الدنيويّة مع الإمكان ، وبدونه يقتصر منه على قدر الضرورة . وليكن بعد قضاء وظيفته من العلم بحسب أوراده ، ومن هنا قيل : أعطِ العلم كُلَّك يُعطِك بعضه[2].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال :

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنّ الله عزّ وجلّ يقول : تذاكُر العلم بين عبادي ممّـا تحيا عليه القلوب الميّتة إذا هم انتهوا فيه إلى أمري[3].

وعن الباقر (عليه السلام) :

رحِمَ الله عبداً أحيا العلم . فقيل : وما إحياؤه ؟ قال : أن يذاكَر به أهل الدين والورع[4].

وعنه (عليه السلام) :

تذاكُر العلم دراسه ، والدراسة صلاة حسنة[5].

الثاني : أن لا يسأل أحداً تعنّتاً وتعجيزاً ، بل سؤال متعلّم لله أو معلّم له منبِّه على الخير ، قاصد للإرشاد أو الاسترشاد ، فهناك تظهر زبدة التعليم والتعلّم وتثمر شجرته.

فأمّا إذا قَصَد مجرّد المراء والجدل ، وأحبّ ظهور الفلَج والغلبة فإنّ ذلك يثمر في النفس ملَكَةً رديَّةً وسجيّةً خبيثة ، ومع ذلك يستوجب المقت من الله تعالى . وفيه مع ذلك عدّة معاصي : كإيذاء المخاطب وتجهيل له وطعن فيه ، وثناء على النفس وتزكية لها ، وهذه كلّها ذنوب مؤكّدة ، وعيوب منهيٌّ عنها في محالِّها من السنّة المطهّرة ، وهو مع ذلك مشوِّش للعيش ، فإنّك لا تماري سفيهاً إلاّ ويؤذيك ، ولا حليماً إلاّ ويقليك.

وقد أكّد الله سبحانه على لسان نبيّه وأئمّته (عليهم السلام) تحريم المِراء ، قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) :

لا تمارِ أخاك ولا تمازحه ، ولا تَعِده موعداً فتُخلِفه.

وقال (صلى الله عليه وآله) :

ذروا المراء ، فإنّه لا تُفهم حكمته ، ولا تُؤمن فتنته.

وقال (صلى الله عليه وآله) :

من ترك المراء وهو محقٌّ بُني له بيت في أعلى الجنّة ، ومن ترك المِراء وهو مبطلٌ بُني له بيتٌ في رَبَض الجنّة.

وعن اُمّ سلمة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :

إنّ أوّل ما عَهِد إليَّ ربِّي ، ونهاني عنه ـ بعد عبادة الأوثان وشرب الخمر ـ ملاحاة الرجال.

وقال (صلى الله عليه وآله) :

ما ضلّ قومٌ ] بعد أن هداهم الله [ إلاّ اُوتوا الجَدَل.

وقال (صلى الله عليه وآله) :

لا يستكمل عبدٌ حقيقة الإيمان حتّى يدع المراء وإن كان محقّاً.

وقال الصادق (عليه السلام) :

المِراء داءٌ دويّ ، وليس في الإنسان خصلةٌ شرٌّ منه ، وهو خُلق إبليس ونسبته ، فلا يماري في أيّ حال كان إلاّ مَن كان جاهلا بنفسه وبغيره ، محروماً من حقائق الدين.

وروي أنّ رجلا قال للحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) : إجلس حتّى نتناظر في الدين . فقال :

يا هذا ، أنا بصير بديني مكشوفٌ عليَّ هُداي ، فإن كنت جاهلا بدينك فاذهب فاطلبه ، ما لي وللمماراة ؟ وإنّ الشيطان ليوسوس للرجل ويناجيه ويقول : ناظِر الناس لئلاّ يظنّوا بك العجز والجهل . ثمّ المراء لا يخلو من أربعة أوجه : إمّا أن تتمارى أنت وصاحبك فيما تعلمان ، فقد تركتما بذلك النصيحة ، وطلبتما الفضيحة ، وأضعتما ذلك العلم ; أو تجهلانه ، فأظهرتما جهلا وخاصمتما جهلا ; وإمّا تعلمه أنت فظلمت صاحبك بطلب عثرته ; أو يعلمه صاحبك فتركت حرمته ، ولم تُنزله منزلته . وهذا كلّه محال ، فمن أنصف وقَبِل الحقّ وترك المماراة ، فقد أوثق إيمانه وأحسن صُحبة دينه وصان عقله[6].

هذا كلّه[7] من كلام الصادق (عليه السلام).

واعلم أنّ حقيقة المراء الاعتراض على كلام الغير بإظهار خلل فيه لفظاً أو معنىً أو قصداً لغير غرض ديني أمر الله به ، وترك المراء يحصل بترك الإنكار والاعتراض بكلّ كلام يسمعه ، فإن كان حقّاً وجب التصديق به بالقلب وإظهار صدقه حيث يطلب منه ، وإن كان باطلا ولم يكن متعلّقاً باُمور الدين ، فاسكت عنه ما لم يتمحّض النهي عن المنكر بشروطه.

والطعن في كلام الغير إمّا في لفظه بإظهار خلل فيه من جهة النحو أو اللغة أو جهة النظم والترتيب بسبب قصور المعرفة أو طغيان اللسان ; وإمّا في المعنى بأن يقول : ليس كما تقول ، وقد أخطأت فيه لكذا وكذا ; وإمّا في قصده مثل أن يقول : هذا الكلام حقّ ولكن ليس قصدك منه الحقّ ، وما يجري مجراه.

وعلامة فساد مقصد المتكلّم تتحقّق بكراهة ظهور الحقّ على يد غير يده ليتبيّن فضله ومعرفته للمسألة ; والباعث عليه الترفّع بإظهار الفضل والتهجّم على الغير بإظهار نقصه ، وهما شهوتان رديّتان للنفس : أمّا إظهار الفضل فهو تزكية للنفس ، وهو من مقتضى ما في العبد من طغيان دعوى العلوّ والكبرياء ، وقد نهى الله تعالى عنه في محكم كتابه ، فقال سبحانه : ( فَلا تُزَكُّوا أنْفُسَكُمْ )[8] ; وأمّا تنقيص الآخر فهو مقتضى طبع السبعيّة ، فإنّه يقتضي أن يمزق غيره ويصدمه ويؤذيه ، وهي مُهلكة.

والمراء والجدال مقوّيان لهذه الصفات المهلكة ، ولا تنفكّ المماراة عن الإيذاء وتهييج الغضب وحمل المعترض على أن يعود فينصر كلامه بما يمكنه من حقٍّ أو باطل ، ويقدح في قائله بكلّ ما يتصوّر ، فيثور التشاجر بين المتماريَين ، كما يثور التهارش بين الكلبين ، يقصد كلّ منهما أن يعضّ صاحبه بما هو أعظم نكايةً وأقوى في إفحامه وإنكائه.

وعلاج ذلك أن يكسر الكبر الباعث له على إظهار فضله والسبعيّة الباعثة له على تنقيص غيره ، بالأدوية النافعة في علاج الكِبر والغضب من كتابنا المتقدّم ذكره في أسرار معالم الدين[9] أو غيره من الكتب المؤلّفة في ذلك.

ولا ينبغي أن يخدعك الشيطان ، ويقول لك : أظهر الحقّ ولا تداهن فيه . فإنّه أبداً يستجرّ الحمقى إلى الشرّ في معرض الخير ، فلا تكن ضُحكة الشيطان يسخر بك . فإظهار الحقّ حسن مع من يقبل منه ، إذا وقع على وجه الإخلاص ، وذلك من طريق النصيحة بالتي هي أحسن لا بطريق المماراة.

وللنصيحة صفة وهيأة ، ويُحتاج فيها إلى التلطّف ، وإلاّ صارت فضيحة ، فكان فسادها أعظم من صلاحها.

ومن خالط متفقّهة هذا الزمان ، والمتّسمين بالعلم غلب على طبعه المراء والجدال ، وعسر عليه الصمت إذا ألقى عليه قرناء السوء أنّ ذلك هو الفضل . ففِرَّ منهم فرارك من الأسد.

الثالث : أن لا يستنكف من التعلّم والاستفادة ممّن هو دونه في منصب أو سنّ أو شهرة أو دين أو في علم آخر ، بل يستفيد ممّن يمكن الاستفادة منه ، لا يمنعه ارتفاع منصبه وشهرته من استفادة ما لا يعرفه ، فتخسر صفقته ويقلّ علمه ويستحقّ المقت من الله تعالى ، وقد قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) :

الحكمة ضالّة المؤمن ، فحيث وجدها فهو أحقّ بها[10].

وقال سعيد بن جبير (رحمه الله) : لا يزال الرجل عالماً ما تعلّم ، فإذا ترك التعلّم وظنّ أ نّه قد استغنى واكتفى بما عنده ، فهو أجهل ما يكون.

وأنشد بعضهم في ذلك :

وليس العمى طول السؤال وإنّما *** تمام العمى طول السكوت على الجهل

ومن هذا الباب أن يترك السؤال استحياءً ، ومن هنا قيل : من استحيا من المسألة لم يستحي الجهل منه.

وقيل أيضاً : من رقّ وجهه رقّ علمه[11].

وقيل أيضاً : لا يتعلّم العلم مستحي ولا مستكبر.

وروى زرارة ومحمّد بن مسلم وبُريد العِجلي ، قالوا : قال أبو عبد الله (عليه السلام) :

إنّما يهلك الناس ، لأ نّهم لا يسألون[12].

وعنه (عليه السلام) :

إنّ هذا العلم عليه قُفل ، ومفتاحه المسألة[13].

الرابع : وهو من أهمّها ، الانقياد للحقّ بالرجوع عند الهفوة ، ولو ظهر على يد من هو أصغر منه ، فإنّه مع وجوبه من بركة العلم ، والإصرار على تركه كبر مذموم عند الله تعالى ، موجب للطرد والبُعد ، قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) :

لا يدخل الجنّة من في قلبه مثقال حبّة من كِبر . فقال بعض أصحابه : هلكنا يا رسول الله ! إنّ أحدنا يحبّ أن يكون نعله حسناً وثوبه حسناً . فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : ليس هذا الكِبر ، إنّما الكِبر بطَر الحقّ وغمص الناس[14].

والمراد ببطر الحقّ ردّه على قائله ، وعدم الاعتراف به بعد ظهوره ، وذلك أعمّ من ظهوره على يدي الصغير والكبير والجليل والحقير ، وكفى بهذا زجراً وردعاً.

الخامس : أن يتأمّل ويهذّب ما يريد أن يورده أو يسأل عنه قبل إبرازه والتفوّه به ليأمن من صدور هفوة أو زلّة أو وهم أو انعكاس فهم ، فيصير له بذلك ملكةٌ صالحة ، وخلاف ذلك إذا اعتاد الإسراع في السؤال والجواب فيكثر سقطه ويعظم نقصه ويظهر خطاؤه ، فيُعرف بذلك ، سيّما إذا كان هناك من قرناء السوء مَن يخشى أن يُصيِّر ذلك عليه وصمة ، ويجعله له عند نظرائه وحسَدَته وسمة.

السادس : أن لا يحضر مجلس الدرس إلاّ متطهّراً من الحدث والخبث متنظّفاً متطيّباً في بدنه وثوبه ، لابساً أحسن ثيابه ، قاصداً بذلك تعظيم العلم وترويح الحاضرين من الجلساء والملائكة ، سيّما إن كان في مسجد . وجميع ما ورد من الترغيب في ذلك لمطلق الناس ، فهو في حقّ العالم والمتعلّم آكد.

هذا ما بيّنه شهيدنا الثاني قدّس الله سرّه وأسكنه فسيح جنانه ، في كتابه القيّم ( منية المريد ) ، وإنّي لأنصح إخوتي الكرام بمطالعة هذا الأثر العظيم ، ليس للمرّة الواحدة ، بل تكراراً ومراراً ، لما فيه من الفوائد الثمينة والأخلاق الطيّبة والآداب الرفيعة.

ثمّ يا ترى بعد أن عرفنا أثر السؤال وأهميّته البالغة في حياة الإنسان ، ووقفنا ولو إجمالا على بعض آداب السؤال ، وعلمنا أنّ الله أمرنا في كتابه الكريم بقوله تعالى :

( فَاسْألوا أهلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمونَ ).

فحينئذ لنا أن نسأل : ومَن هم أهل الذكر ؟

والجواب إنّما يكون من نفس القرآن المجيد ، ومَن عنده علم الكتاب.

فمن هم أهل الذكر ؟


--------------------------------------------------------------------------------

[1]« إذا قرأ الرجل القرآن والحديث على الشيخ ، يقول : أقرأني فلان ، أي حملني على أن أقرأ عليه » ( لسان العرب 1 : 130 ، قرأ ).

[2]في ( محاضرات الاُدباء 1 : 50 ) : « قال الخليل : العلم لا يعطيك بعضه حتّى تعطيه كلّك » ; ومثله في ( إحياء علوم الدين 1 : 44 ) ; و ( ميزان العمل : 116 ) ، ونسبه إلى القيل.

[3]الكافي 1 : 40 ـ 41 ، كتاب فضل العلم ، باب سؤال العالم وتذاكره ، الحديث 6.

[4]الكافي 1 : 41 ، كتاب فضل العلم ، باب سؤال العالم وتذاكره ، الحديث 7.

[5]الكافي 1 : 41 ، كتاب فضل العلم ، باب سؤال العالم وتذاكره ، الحديث 9.

[6]بحار الأنوار 2 : 135 ، الحديث 32.

[7]أي : من قوله : « قال الصادق (عليه السلام) » إلى هنا.

[8]سورة النجم : 32.

[9]يعني : كتاب ( منار القاصدين في أسرار معالم الدين ).

[10]بحار الأنوار 2 : 99 ، الحديث 58.

[11]الكافي 2 : 87 ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الحياء ، الحديث 3.

[12]الكافي 1 : 40 ، كتاب فضل العلم ، باب سؤال العالم وتذاكره ، الحديث 2.

[13]الكافي 1 : 40 ، كتاب فضل العلم ، باب سؤال العالم وتذاكره ، الحديث 3.

[14]الكافي 2 : 310 ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الكبر ، الحديث 9.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

فاسألوا أهل الذكر:

أمّا بعد ، فقد قال الله تعالى في محكم كتابه ومبرم خطابه :

( فَاسْألوا أهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمونَ )[2].

خلق الله سبحانه الإنسان مفطوراً على التفكير وطلب العلم والكمال :

( خَلَقَ الإنْسانَ عَلَّمَهُ البَيانَ )[3].

( إقْرَأ بِاسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ خَلَقَ الإنْسانَ مِنْ عَلَق اقْرَأ وَرَبّكَ الأكْرَمُ عَلَّمَ الإنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ )[4].

فقد افتتح ربّنا الكريم كتابه المجيد بالعلم والقراءة ، فقد ذكر في صدر الآيات خلق الإنسان من علق ثمّ تعليمه ما لم يعلم ، إذ :

( وَاللهُ أخْرَجَكُمْ مِنْ بُطونِ اُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمونَ شَيْئاً )[5].

( وَفَوْقَ كُلِّ ذي عِلـْم عَليمٌ )[6].

( وَقُلْ رَبِّي زُدْني عِلـْماً )[7].

فذكر في سورة العلق أوّل حال الإنسان ، وهو كونه علقة ، وهي أخسّ الأشياء ، ثمّ ذكر آخر حاله ، وهو صيرورته عالماً ، وهو أجلّ المراتب ، فكأ نّه قيل للإنسان : لقد كنت في غاية الخساسة وصرت في آخر حالك في هذه الدرجة العالية التي هي الغاية في الشرف والكرامة ، بل جعل سبحانه العلم هو السبب الكلي لخلق هذا العالم في قوله تعالى :

( اللهُ الذي خَلَقَ سَبْعَ سَماوات وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمْرُ بَيْنَهُن لِتَعْلَموا أنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْء قَديرٌ وَأنَّ اللهَ قَدْ أحاطَ بِكُلِّ شَيْء عِلـْماً )[8].

والعلم ميزانه الخشية والعبادة :

( ما خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإنْسَ إلاّ لِيَعْبُدونِ )[9].

أي ليعرفون كما ورد في الخبر الشريف.

فالإنسان منذ نعومة أظفاره يطلب العلم[10] ، ولكن العلم خزائن وكنوز ، وجُعل مفتاحه السؤال ، والسؤال من المعاني الإضافية ، يتوقّف تعقّله وتصوّره
على معان اُخرى ، فإنّ السؤال رابط بين السائل والمسؤول ، وهو باعتبار المسؤول على نحوين :

1 ـ طلب العلم.

2 ـ طلب الحاجة.

ودراستنا هذه في القسم الأوّل ، فإنّ طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ، واطلبوا العلم ولو في الصين ، واطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ، ولو علمتم ما في طلب العلم لطلبتموه ولو بخوض اللجج وسفك المهج ، و :

( هَلْ يَسْتَوي الذينَ يَعْلَمونَ وَالذينَ لا يَعْلَمونَ )[11].

( يَرْفَعِ اللهُ الَّذينَ آمَنوا مِنْكُمْ وَالَّذينَ اُوتوا العِلـْمَ دَرَجات )[12].

ولقد حثّ الإسلام واهتمّ غاية الاهتمام بطلب العلم وآداب المعلّم والمتعلّم ، وأ نّه أيّ العلوم تنفع وأ يّها لا تنفع ... وعشرات المباحث الاُخرى في هذا المجال . والذي نقصده من هذه العجالة هو مفتاح العلوم ، وهو السؤال ، فلماذا نسأل ؟ وماذا نسأل ؟ وبأي مقدار نسأل ؟ وما قيمة السؤال ؟ وما آداب السائل والمسؤول ؟ إضافةً إلى آداب المتعلّم والمعلّم التي ذكرها علماء الأخلاق في مصنّفاتهم ؟ ثمّ ممّن نسأل ؟

فالجواب : إنّما نسأل لأ نّا اُمرنا بطلب العلم الذي في الصدور والقلوب ، فإنّ العلم ليس بكثرة التعلّم ، إنّما العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء ، ذلك القلب[13] الذي يكون حرم الله وعرشه ، بتهذيبه وصفائه وتخليته من الصفات الذميمة ، وتحليته بالصفات الحميدة ، وتجليتها ، فيزكّي النفس التي خلقها الله وسوّاها :

( وَنَفْس وَما سَوَّاها فَألـْهَمَها فُجورَها وَتَقْواها قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها )[14].

( قَدْ أفْلَحَ المُؤْمِنونَ )[15].

فنأخذ العلم من أفواه الرجال ومن صدورهم :

( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ في صُدورِ الَّذينَ اُوتو العِلـْمَ )[16].

ومن قلوبهم وعقولهم ، فإنّ الكلام إذا خرج من القلب دخل في القلب ، وإذا خرج من اللسان لم يتجاوز الآذان.

وحينئذ ورد في غرر الحكم عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : « القلوب أقفال ، ومفاتيحها السؤال »[17].

ولمثل هذا ، ولدرك سعادة الدارين ، والوصول إلى الكمال المطلق المستجمع لجميع صفات الجلال والجمال ، لا بدّ لنا في الحياة من السؤال وأخذ العلم من أفواه العلماء والرجال ، ومصنّفاتهم الثمينة ومؤلّفاتهم القيّمة.

وأمّا قيمة السؤال : فقد قال الإمام الرضا (عليه السلام) : العلم خزائن ومفتاحها السؤال ، فاسألوا يرحمكم الله فإنّه يؤجر فيه أربعة : السائل والمعلّم والمستمع ( والسامع ) ، والمحبّ لهم[18].

وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : العلم خزائن ومفاتيحه السؤال ، فاسألوا رحمكم الله فإنّه يؤجر أربعة : السائل والمتكلّم والمستمع والمحبّ لهم[19].

وقال (عليه السلام) : هلك كثير من الناس بتركهم السؤال.

وناهيك عن هذا الحديث الشريف في أجر وأهميّة السؤال والجواب :

حضرت امرأة عند فاطمة الصدّيقة (عليها السلام) فقالت : إنّ لي والدة ضعيفة ، وقد لبس عليها في أمر صلاتها شيء ، وقد بعثتني إليك أسألك ؟ فأجابتها عن ذلك ، فثنّت فأجابت ، ثمّ ثلّثت فأجابت إلى أن عشّرت فأجابت ، ثمّ خجلت من الكثرة وقالت : لا أشقّ عليكِ يا بنت رسول الله ، قالت فاطمة (عليها السلام) : هاتي سلي عمّـا بدا لكِ ، أرأيت من اكترى يوماً يصعد إلى سطح بحمل ثقيل ، وكراه مائة ألف دينار أيثقل عليه ذلك ؟ فقالت : لا ، فقالت : اكريت أنا لكلّ مسألة بأكثر من ملء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤاً ، فأحرى ألاّ يثقل عليّ ، سمعت أبي (صلى الله عليه وآله) يقول : إنّ علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم وجدّهم في إرشاد عباد الله ، حتّى يخلع على الواحد منهم ألف ألف حلّة من نور »[20].

فطلباً للعلم ، ولكي لا نهلك علينا أن نسأل . ولكن ماذا نسأل ؟ وبأيّ مقدار ؟

ورد في الخبر الشريف : سل عن اُمور دينك حتّى يقال عنك مجنون ، وهذا كناية عن كثرة السؤال ، وقال أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) : « سل عمّـا لا بدّ لك من علمه ولا تُعذر في جهله »[21].

أي العلم الذي ينفع من علمه ، ويضرّ من جهله ، وهو علم العقائد الصحيحة والفقه السليم والأخلاق الطيّبة ، بدليل الحديث النبويّ الشريف :

دخل رسول الله المسجد ، فإذا جماعة قد أطافوا برجل ، فقال : ما هذا ؟ فقيل : علاّمة . قال : وما العلاّمة ؟ قالوا : أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها وأ يّام الجاهلية وبالأشعار والعربية . فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : ذاك علمٌ لا يضرّ من جهله ، ولا ينفع من علمه ، إنّما العلم ثلاثة : آيةٌ محكمة ، أو فريضةٌ عادلة ، أو سنّة قائمة ، وما خلاهنّ فهو فضل[22].

وعن الصادق (عليه السلام) ، قال : عليكم بالتفقّه في دين الله تعالى ، ولا تكونوا أعراباً ـ أي لا تكونوا كالأعراب جاهلين بالدين غير متعلّمين ، غافلين عن أحكامه ، معرضين عنها وعن تعلّمها ـ فإنّ من لم يتفقّه في دين الله تعالى لم ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة ، ولم يزك له عملا[23].

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أ نّه قال : « أ يّها الناس ، اعلموا أنّ كمال الدين طلب العلم والعمل به ، ألا وإنّ طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال ، إنّ المال مقسوم مضمون لكم ، قد قسمه عادل بينكم ، وقد ضمنه وسيَفي لكم ، والعلم مخزون عند أهله وقد اُمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه »[24].

« فلا تزهد في مراجعة الجهل وإن كنت قد شهرت بخلافه » ، و « السؤال نصف العلم » ، ولكن :

( يا أ يَّها الَّذينَ آمَنوا لا تَسْألوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤُكُمْ )[25].

( أمْ تُريدونَ أنْ تَسْألوا رَسولَكُمْ كَما سُئِلَ موسى مِنْ قَبْلُ )[26].

( إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِح فَلا تَسْألـْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلـْمٌ )[27].

( قالَ رَبِّ إنِّي أعوذُ بِكَ أنْ أسْألـْكَ ما لَيْسَ لي بِهِ عِلـْمٌ ).

لأنّ الله سكت عن أشياء فاسكتوا عمّـا سكت الله ، كما ورد في الخبر : « وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسياناً ، فلا تتكلّفوها ».

وفي قصّة نوح قال لله تعالى :

( قالَ يا نوحُ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِح فَلا تَسْألـْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلـْمٌ إنِّي أعِظُكَ أنْ تَكونَ مِنَ الجاهِلينَ قالَ رَبِّ إنِّي أعوذُ بِكَ أنْ أسْألُكَ ما لَيْسَ لي بِهِ عِلـْمٌ وَإلاّ تَغْفِرْ لي وَتَرْحَمْني أكُنْ مِنَ الخاسِرينَ )[28].

فإنّ الله يسأل عن أعمال عباده :

( وَقِفوهُمْ إنَّهُمْ مَسْؤولونَ ).

فهو سبحانه يسأل ولا يُسأل عن أمره وخلقه ، فهو العالم بكلّ شيء والقادر على كلّ شيء العزيز المدبّر الحكيم العليم اللطيف الخبير ، سبحانه وتعالى عمّـا يصفون ، فإنّه لا يفعل إلاّ عن حكمة تامّة ، فإنّ المؤمن لو يسأل عن فعل الله فيما شاء الله ، فكأ نّه يشمّ منه رائحة الاعتراض على أمر الله ، وعدم التسليم التامّ لحكم الله وقضائه وقدره :

( فَلا تَسْألـْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلـْمٌ ).

( وَلا تَسْألوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤُكُمْ ).

فهناك اُمور لا بدّ أن تبقى مخزونة محفوظة ، لا يعلمها إلاّ الله ، والراسخون في العلم.

وقد خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : إنّ الله كتب عليكم الحجّ ، فقام عكاشة ابن محصن ، ويروى سراقة بن مالك ، فقال : أفي كلّ عام يا رسول الله ؟

فأعرض عنه حتّى عاد مرّتين أو ثلاثاً ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ويحك وما يؤمنك أن أقول : نعم ، والله لو قلت : نعم ، لوجبت ، ولو وجبت ، ما استطعتم ، ولو تركتم لكفرتم . فاتركوني ما تركتكم ، فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه[29].

والكليني بإسناده عن عليّ بن الحسين (عليه السلام) ، قال : « جاء رجل إليه فسأله عن مسائل فأجاب ، ثمّ عاد ليسأل عن مثلها ، فقال علي بن الحسين (عليه السلام) : مكتوب في الإنجيل : لا تطلبوا علم ما لا تعلمون ، ولمّـا تعملوا بما علمتم ، فإنّ العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلاّ كفراً ، ولم يزدد من الله إلاّ بُعداً »[30].

فعليه : إنّما نسأل لنعلم ، وإنّما نعلم لنعمل ، ولا بدّ من الإخلاص في العمل ، والمخلصون على خطر عظيم.

فالمقصود من السؤال هو الفهم والعلم وزيادة اليقين والمعرفة ، ومثل هذا السؤال له أجرٌ عظيم وثوابٌ جسيم . ووردت النصوص الدينية تحثّنا على ذلك . أمّا السؤال عمّـا لا يزيدك علماً ، ولا نفع فيه ديناً ودنياً ، فإنّه لا خير فيه.

وأمّا آداب السائل والمسؤول والسؤال : فعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : من أحسن السؤال علم ، ومن علم أحسن السؤال[31].

وقال (عليه السلام) : إذا سألت فسل تفقّهاً ، ولا تسأل تعنّتاً ، فإنّ الجاهل المتعلّم شبيه بالعالم ، وإنّ العالم المتعنّت شبيه بالجاهل[32].

« فالناس منقصون مذهولون إلاّ من عصم الله ، سائلهم متعنّت ومجيبهم متكلّف »[33].

وقال (عليه السلام) : « إنّ من حقّ العالم أن لا تكثر عليه بالسؤال ، ولا تعنّته في الجواب ، ولا تلحّ عليه إذا كسل ، ولا تأخذه بثوبه إذا نهض ، ولا تفشِ له سرّاً ، ولا تغتابنّ عنده أحداً ، ولا تطلبنّ عثرته ، وإن زلّ قبلت معذرته ، وعليك أن توقّره وتعظّمه لله ما دام حفظ أمر الله ، ولا تجلس أمامه ، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته »[34].

فإنّما يسأل إذا أذن له ، فإنّ السؤال عمّـا لم يبلغ رتبته إلى فهمه ، لا يمدح عقباه ، ولمثل هذا منع الخضر موسى (عليهما السلام) عن السؤال قبل أوانه ، وقال له : إنّك لا تستطيع معي صبراً.

هذا ، وأمّا المسؤول : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا يستحي العالم إذا سئل عمّـا لا يعلم أن يقول : لا علم له به[35].

وعن الصادق (عليه السلام) : من أجاب في كلّ ما يسأل عنه لمجنون.

ومن ترك قول : لا أدري ، اُصيب مقاتله ، وقول لا أعلم ، نصف العلم.

عن قاسم بن محمد بن أبي بكر ـ أحد فقهاء المدينة المتّفق على علمه وفقهه بين المسلمين ـ أ نّه سئل عن شيء فقال : لا اُحسنه ، فقال السائل : إنّي جئت إليك لا أعرف غيرك ! فقال القاسم : لا تنظر إلى طول لحيتي ، وكثرة الناس حولي ، والله ما اُحسنه . فقال شيخ من قريش جالسٌ إلى جنبه : يا ابن أخي ألزمها ! فقال : فوالله ما رأيتك في مجلس أنبل منك اليوم ! فقال القاسم : والله لأن يقطع لساني أحبّ إليَّ أن أتكلّم بما لا علم لي به ! ![36].

ومن وصايا النبيّ (صلى الله عليه وآله) لأبي ذرّ الغفاري (رضي الله عنه) قال : يا أبا ذرّ ، إذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل : لا أعلم ، تنجُ من تبعته ، ولا تفتِ بما لا علم لك به ، تنجُ من عذاب الله يوم القيامة.

وعن الصادق (عليه السلام) : إذا سئل الرجل منكم عمّـا لا يعلم فليقل : لا أدري ، ولا يقل : الله أعلم ، فيوقع في قلب صاحبه شكّاً ، وإذا قال المسؤول : لا أدري فلا يتّهمه السائل[37].

فمن الأدب :

1 ـ حسن السؤال وحسن الجواب.

2 ـ السؤال للتفهّم والعمل ، لا للتعنّت والإعجاز والأذى والاستهانة.

3 ـ لا تكثر السؤال إلاّ إذا أذن لك.

4 ـ لكلّ مقام مقال ، وإنّما يُسأل في أوانه.

5 ـ لا يخجل من لا يدري أن يقول : لا أعلم ، فإنّ لا أدري نصف العلم.

6 ـ أن تكلّم الناس على قدر عقولهم.

هذا بعض ما يستنبط من الروايات الشريفة التي مرّت ، وهناك آداب اُخرى ذكرها العلماء في كتبهم القيّمة ، فراجع في مظانّه.

وأخيراً إلى من نرجع في أسئلتنا ؟ وممّن نسأل ؟

إنّما نرجع إلى أهل الخبرة ، ويسأل في كلّ فنّ أهله ، وفي كلّ علم أصحابه ، وربّنا الله العالم بكلّ شيء سبحانه وتعالى ، أمرنا في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وفيه فرقان كلّ شيء ، هدىً للمتّقين ورحمةً للمؤمنين ، أن نسأل فيما لا نعلم أهل الذكر ، في قوله تعالى :

( فَاسْألوا أهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمونَ ).


--------------------------------------------------------------------------------

[1]طبع هذا الموضوع في مجلة « نور الإسلام » البيروتية في عددين سنة 1412 ، فجدّد طبعه مع إضافات جديدة.

[2]النحل : 43 . الأنبياء : 7.

[3]الرحمن : 2 ـ 3.

[4]العلق : 5.

[5]النساء : 23.

[6]يوسف : 76.

[7]طه : 114.

[8]الطلاق : 12.

[9]الذاريات : 56.

[10]لقد ذكرت تفصيل ذلك في « طالب العلم والسيرة الأخلاقية » و « خصائص القائد الإسلامي » و « رسالتنا » ، وكلّها مطبوعة ، فراجع.

[11]الزمر : 9.

[12]المجادلة : 11.

[13]لقد ذكرت تفصيل ذلك في كتاب « حقيقة القلوب في القرآن الكريم » ، وهو مطبوع ، فراجع.

[14]الشمس : 8 ـ 9.

[15]المؤمنون : 1.

[16]العنكبوت : 49.

[17]ميزان الحكمة 4 : 330.

[18]بحار الأنوار 1 : 196.

[19]بحار الأنوار 1 : 196.

[20]المحجّة البيضاء 1 : 30.

[21]ميزان الحكمة 4 : 330.

[22]الكافي 1 : 32.

[23]المحجّة 2 : 27.

[24]المحجّة 1 : 25 ، عن الكافي 1 : 30.

[25]المائدة : 101.

[26]البقرة : 108.

[27]هود : 46.

[28]هود : 46 و 47.

[29]ميزان الحكمة 4 : 333.

[30]المحجّة البيضاء 1 : 127.

[31]ميزان الحكمة 4 : 331.

[32]الإرشاد ; للشيخ المفيد : 111.

[33]بحار الأنوار 2 : 119.

[34]ميزان الحكمة 4 : 335 ، عن بحار الأنوار 2 : 119.

[35]المصدر نفسه.

[36]ميزان الحكمة 4 : 335 ، عن بحار الأنوار 2 : 123.

[37]الميزان والبحار.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السياسة عند الامام الحسن عليه السلام
اهمية البناء التبربوي للطفل في الاسلام
فيما نذكره عند المسير من القول و حسن التدبير
الحرية بين النخبة والأمة
المکاره في الاسلام
أدلة وجود الإمام المهدي عليه السلام
حب علي (ع) و بغضه
أربعينية الإمام الحسين عليه السلام
مقتل الحسين عند رهبان اليهود والنصارى وفي كتبهم ...
الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)

 
user comment