عربي
Friday 26th of April 2024
0
نفر 0

حديث رايات خراسان إلى القدس

رواه عدد من علماء السنة كالترمذي:3/362 وأحمد في مسنده، وابن كثير في نهايته، والبيهقي في دلائله، وغيرهم. وصححه ابن الصديق المغربي في رسالته في الرد على ابن خلدون. ونصه: (تخرج من خراسان رايات سود فلا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء).

وروت شبيهاً به مصادرنا كالملاحم والفتن لابن طاووس ص43 و58 ويحتمل أن يكون جزء من الحديث المتقدم.

ومعناه واضح، فهو يتحدث عن حركة عسكرية وجيش يزحف من إيران نحو القدس التي تسمى إيلياء وبيت إيل.

قال في مجمع البحرين: (إيل بالكسر فالسكون، اسم من أسمائه تعالى، عبراني أو سرياني. وقولهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بمنزلة عبد الله وتيم الله ونحوهما. وإيل هو البيت المقدس. وقيل بيت الله لأن إيل بالعبرانية الله).

وقال صاحب شرح القاموس: ( إيلياء بالكسر، يمد ويقصر، ويشدد فيهما. اسم مدينة القدس).

وقد نص علماء الحديث على أن هذه الرايات الموعودة ليست رايات العباسيين. قال ابن كثير في النهاية تعليقاً على هذا الحديث: (هذه الرايات ليست هي التي أقبل بها أبو مسلم فاستلب بها دولة بني أمية. بل رايات سود أخرى تأتي صحبة المهدي).( فيض القدير:1/466، ولم أجده في طبعة ابن كثير الفعلية).

بل وردت عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  تميز بين رايات العباسيين التي هدفها دمشق، وبين رايات أصحاب المهدي عليه السلام  التي هدفها القدس، منها ما رواه ابن حماد في مخطوطته ص84 و 85 وغيرها، عن محمد بن الحنفية وسعيد بن المسيب قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : تخرج من المشرق رايات سود لبني العباس فتمكث ما شاء الله، ثم تخرج رايات سود صغار تقاتل رجلا من ولد أبي سفيان وأصحابه، من قبل المشرق، يؤدون الطاعة للمهدي).

وقد حاول بنو العباس استغلال أحاديث الرايات السود في ثورتهم على الأمويين، وعملوا لإقناع الناس بأن حركتهم ودولتهم وراياتهم مبشر بها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم  وأن المهدي الموعود عليه السلام  منهم، وقد سمى المنصور ولده المهدي، وأشهد القضاة والرواة على أن أوصاف المهدي الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  تنطبق عليه.. الخ. وللعباسيين قصص في ادعائهم المهدية واتخاذهم الرايات السود والثياب السود، وهي مشهورة مدونة في كتب التاريخ.

وقد يكون ذلك نفعهم في أول الأمر، ولكن سرعان ما كشف زيفه الأئمة من اهل البيت عليهم السلام  والعلماء ورواة الحديث، ثم كشف زيفه الواقع حيث لم يكن أحد منهم بصفات المهدي الموعود عليه السلام، ولا تحقق على يده ما وعد به النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا ملأ أحد منهم حتى قصره عدلاً!

بل تذكر الروايات أن الخلفاء العباسيين المتأخرين قد اعترفوا بأن قضية ادعاء آبائهم للمهدية كانت من أصلها مجعولة ومكذوبة.

ويبدو أن ادعاء المهدية كان أشبه بالموجة في أواخر القرن الأول الهجري، حيث رزح المسلمون تحت وطأة التسلط الأموي، ولمسوا ظلامة اهل البيت عليهم السلام  فانتشر بينهم تداول أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم  عن ظلامة أهل بيته الطاهرين عليه السلام   والبشارة بمهديهم. فكان ذلك أرضية لادعاء المهدية لعديدين من بني هاشم، وحتى من غيرهم أيضاً مثل موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي.

ويبدو أن عبد الله بن الحسن المثنى كان أبرع من ادعاها لولده محمد، فقد خطط لذلك منذ طفولة ابنه فسماه محمداً لأن المهدي عليه السلام  على اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم رباه تربية خاصة، وحجبه عن الناس وأشاع حوله الأساطير وأنه هو المهدي.

قال في مقاتل الطالبيين ص239: (لم يزل عبد الله بن الحسن منذ كان صبياً يتوارى ويراسل الناس بالدعوة إلى نفسه ويسمى بالمهدي)!!

وقال في ص244: (لهجت العوام بمحمد تسميه بالمهدي)!

بل كان العباسيون أيضاً يروجون لهذا الإدعاء قبل أن ينقلبوا على حلفائهم الحسنيين! فقد روى المصدر في ص239 عن عمير بن الفضل الخثعمي قال: (رأيت أبا جعفر المنصور يوماً وقد خرج محمد بن عبد الله بن الحسن من دار ابنه وله فرس واقف على الباب مع عبد له أسود وأبو جعفر ينتظره، فلما خرج وثب أبو جعفر فأخذ بردائه حتى ركب ثم سوى ثيابه على السرج ومضى محمد، فقلت وكنت حينئذ أعرفه ولا أعرف محمداً: من هذا الذي أعظمته هذا الإعظام حتى أخذت بركابه وسويت عليه ثيابه؟ قال: أو ما تعرفه؟! قلت: لا. قال: هذا محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، مهدينا أهل البيت)!.

وأكثر الظن أن العباسيين تعلموا ادعاء المهدية من هؤلاء الحسنيين حلفائهم وشركائهم في الثورة على الأمويين. وليس هذا موضع التفصيل.

على أي حال، لا شك عند أهل العلم بالحديث والإطلاع على التاريخ، في أن الرايات السود الموعودة في هذا الحديث الشريف وغيره هي الرايات الممهدة للمهدي عليه السلام ، وهي غير رايات بني العباس حتى لو فرضنا صحة الروايات التي تخبر برايات بني العباس أيضاً، لما عرفت من وجود أحاديث تميز بينهما، ولشهادة الواقع وعدم انطباقها على مهدي العباسيين وغيرهم، وقد أشرنا من أن هدف رايات العباسيين دمشق، وهدف رايات أنصار المهدي عليه السلام  القدس.

وبالرغم من اختصار هذا الحديث الشريف في الرايات السود، إلا أن فيه بشارة بوصولها إلى هدفها، مهما كانت العقبات التي تعترض طريقها إلى القدس.

أما زمن هذا الحدث فغير مذكور في هذه الرواية، ولكن تذكر روايات أخرى أن قائد هذه الرايات يكون صالح بن شعيب الموعود، كما في مخطوطة ابن حماد ص84 عن محمد بن الحنفية قال: (تخرج رايات سود لبني العباس، ثم تخرج من خراسان أخرى قلانسهم سود وثيابهم بيض، على مقدمتهم رجل يقال له صالح من تميم، يهزمون أصحاب السفياني، حتى ينزل ببيت المقدس فيوطئ للمهدي سلطانه).

ويبدو أن المقصود بها في هذه الرواية حملة الإمام المهدي عليه السلام  لتحرير فلسطين والقدس، ويحتمل أن تكون بدايتها قبل ظهوره عليه السلام.

حديث كنوز الطالقان:

وقد وردت له رواية في مصادر السنة عن علي عليه السلام، كما في الحاوي للسيوطي: 2/82 وكنز العمال:7/262 تقول: ( ويحاً للطالقان، فإن الله عز وجل بها كنوزاً ليست من ذهب ولا فضة، ولكنَّ بها رجالاً عرفوا الله حق معرفته. وهم أنصار المهدي آخر الزمان).

وفي رواية ينابيع المودة للقندوزي ص449: ( بخ بخ للطالقان).

وورد في مصادرنا الشيعية بلفظ آخر كما في البحار:52/307 عن كتاب سرور أهل الإيمان لعلي بن عبد الحميد بسنده عن الإمام الصادق عليه السلام   قال: (له كنز بالطالقان ما هو بذهب ولا فضة، وراية لم تنشر مذ طويت، ورجال كأن قلوبهم زبر الحديد، لايشوبها شك في ذات الله، أشد من الجمر، لو حملوا على الجبال لأزالوها لا يقصدون براياتهم بلدة إلا خربوها،كأن على خيولهم العقبان، يتمسحون بسرج الإمام يطلبون بذلك البركة، ويحفون به يقونه بأنفسهم في الحروب، يبيتون قياماً على أطرافهم، ويصبحون على خيولهم! رهبان بالليل، ليوث بالنهار. هم أطوع من الأمة لسيدها، كالمصابيح كأن في قلوبهم القناديل، وهم من خشيته مشفقون، يدعون بالشهادة ويتمنون أن يقتلوا في سبيل الله. شعارهم يا لثارات الحسين، إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر، يمشون إلى المولى ارسالاً، بهم ينصر الله إمام الحق).

وقد كنت أتصور أن المقصود بالطالقان في هذه الأحاديث المنطقة الواقعة في سلسلة جبال آلبرز، على بعد نحو مئة كلم شمال غرب طهران. وهي منطقة مؤلفة من عدة قرى تعرف باسم (الطالقان)  ليس فيها مدينة، وإليها ينسب المرحوم السيد محمود الطالقاني الذي كان من شخصيات الثورة الإيرانية. وفي أهل منطقة الطالقان خصائص من التقوى والتعلق بالقرآن وتعليمه من قديم، حتى أن أهل شمال إيران وغيرهم يأتون إلى قرى الطالقان ليأخذوا معلمي القرآن يقيمون عندهم بشكل دائم، أو في المناسبات.

لكن بعد التأمل ترجح عندي أن المقصود بأهل الطالقان أهل إيران، وليس خصوص منطقة الطالقان، وأن الائمة عليهم السلام سموهم باسم هذه المنطقة من بلادهم لمميزاتها الجغرافية، أو لميزات أهلها.

وأحاديث الطالقان تتحدث عن أصحاب خاصين للمهدي عليه السلام  ولا تحدد عددهم، ولا بد أنهم من بين جماهيره الواسعة وجيشه الكبير.

وقد تضمنت صفات عظيمة لهؤلاء الأولياء والأنصار، وشهادات عالية من الائمة عليهم السلام  بحقهم بأنهم عرفاء بالله تعالى، وأهل بصائر ويقين، وأهل بطولة وبأس في الحرب، يحبون الشهادة في سبيل الله تعالى، ويدعون الله تعالى أن ينيلهم إياها، وأنهم يحبون سيد الشهداء أبا عبد الله الحسين عليه السلام  وشعارهم الثأر له وتحقيق هدف وثورته، وأن اعتقادهم بالإمام المهدي عليه السلام  عميق، وحبهم له شديد. وهي من صفات الشيعة ومنهم الشعب الإيراني.


source : http//m-mahdi.com
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

مرقد السيدة زينب الكبرى (س)
أقوال المعصومين في القرآن
تتمّة فيها فوائد مهمّة-2
السياسة عند الامام الحسن عليه السلام
اهمية البناء التبربوي للطفل في الاسلام
فيما نذكره عند المسير من القول و حسن التدبير
الحرية بين النخبة والأمة
المکاره في الاسلام
أدلة وجود الإمام المهدي عليه السلام
حب علي (ع) و بغضه

 
user comment