عربي
Saturday 27th of April 2024
0
نفر 0

دوافع بعثة الرسول الأكرم (ص) في أحاديث الإمام الخميني (قده) (3).. بساطة وتواضع الرسول (ص)

إن إحدى أبرز الخصال الأخلاقية للرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) تواضعه وبساطته التي ميزته عن غيره. وكان أدبه واحترامه لعباد الله موضوع حديث الخواص والعوام، ومع كل تلك العظمة والهيبة التي اختص الله بها رسوله فإنه لم يحدد لنفسه، كما كان يعمل الملوك والقادة الطواغيت لنفسهم، شأنا ومقاما ظاهرين وشكليات زائدة. وبرهنت معيشته المتواضعة والمبسطة لكل حكام وملوك العالم أن قائدا سماويا مستفيدا من القدر الأقل من الإمكانات المادية وبعيدا عن المظاهر الدنيوية، يمكنه أن يكون الهادي والقائد الأفضل والأكثر نفوذا بين الناس.
وكان تواضع الرسول (صلى الله عليه وآله) بشكل يتعامل ويتعاطى معه بعطف وبساطة مع كافة طبقات الناس؛ من فقير إلى غني، ومن عبد أسود إلى عبد أبيض، نائيا بنفسه عن أي تكبر أو إعجاب بالذات.
ويقول الإمام الخميني (قده) في هذا الشأن:
\"جاء في الحديث أن جبرئيل (عليه السلام) جاء بمفاتيح خزائن الأرض إلى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) وقال بأنه إذا أخذها فلن ينقصك شيئا من كرامات الآخرة\". ولكنه (صلى الله عليه وآله) أبى تواضعا مفضلا الفقر والحاجة على ذلك. إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان علمه من الوحي الإلهي، وروحه كبيرة بقدر فاق روح ونفس ملايين ملايين البشر، وضع تحت قدميه كل عادات الجاهلية والأديان الباطلة وألغى الكتب واختتم سلسلة النبوة بوجوده الشريف، وأصبح سلطان الدنيا والآخرة وامتلك كافة العوالم بإذن الله، ولكن كان تواضعه أكبر من غيره مع عباد الله، وكان لا يرغب أن يقف أصحابه احتراما له. وعندما يدخل مجلسا كان يجلس أسفل الناس. وكان يأكل الطعام جالسا على الأرض ويقول \"أنا عبد، آكل كالعبد وأجلس كالعبد\".
ونقل عن الصادق (عليه السلام) أن الرسول (صلى الله عليه وآله) كان يحب ركوب الحمار بدون سرج، ويأكل الطعام مع عباد الله جالسا في أسفل مكان، ويعطي الفقراء بيديه. وكان يركب الحمار ويركب معه عبده أو غيره.
وفي سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله) جاء بأنه شارك أهل بيته في أعمال البيت، ويحلب بيديه المباركتين النعاج، ويخصف نعليه، ويخيط لباسه، ويطحن مع خادمه، ويعجن بنفسه، ويحمل متاعه بنفسه، ويجالس المساكين والفقراء ويتناول الطعام معهم، وهذا كله وأكثر من هذا يمثل سيرة ذلك الرجل العظيم وتواضعه وعلاوته على الخصال المعنوية، فإن خصال الزعامة والقيادة الظاهرة للرسول (صلى الله عليه وآله) كانت إلى حد الكمال.
وبما يخص تواضع وبساطة الرسول (صلى الله عليه وآله)، كتبوا بأنه (صلى الله عليه وآله) كان المبادر دائما إلى إفشاء السلام للآخرين، ولم يبالِ إذا كان الآخر صغيرا أو كبيرا، غنيا أو فقيرا، عالما أو جاهلا.
ومع أنه كان الأعظم بين البشر من كافة النواحي، كان يلقي السلام على أصغر فرد، وكان تواضعه وبساطته إلى حد سمي بـ\"غاض الطرق\"، أي يلقي ببصره أكثر الأحيان إلى الأرض وقليلا ما يرفع رأسه عاليا، وهذا لعلمه دائما أن الله موجود ويرى أعماله، ولذا لم يفضل لحظة عن ذكر ربّه، متواضعا في كل الأمور.
ويذكر الإمام الخميني (قده) مشيرا إلى جانب من تواضع الرسول الله (صلى الله عليه وآله) أن سيرة الأنبياء كانت تقضي بالوقوف بثبات أمام الطواغيت وبتواضع أمام الضعفاء والفقراء والمستضعفين والمحتاجين بحيث أنه إذا دخل أعرابي مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أيّكم محمد (صلى الله عليه وآله)، وعندما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) حينئذ على رأس الحكم كانوا في المدينة المنورة، التي فيها تشكلت الحكومة.. ولكنه كان غير خاضع أمام أي قوة كانت، لأنه كان يرى وجود الله تعالى. وأن من يرى أن القوة كلها لله تبارك وتعالى، وأن الآخرين لا شيء، فهو لا يمكنه أن يخضع أمام أي شخص مهما كانت قوته.
إن تواضع وبساطة الرسول (صلى الله عليه وآله) كانت بقدر بحيث لم يحفل باختيار مكان في أي مجلس أو محفل، ولم يكن ليختص لنفسه بشيء، ولم ير أن الجلوس في وسط المكان أو في طرفه خطرا على منزلته الاجتماعية ومكانته. وكان يمتنع وبشدة عن تصدر المجلس، وكان أقل اهتمامه هو محل جلوسه في الاجتماع الحكومي أو في دعوة دعاه لها أحدهم.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

مكانة السيدة المعصومة (عليها السلام)
ابن عباس: مدرستُه، منهجه في التفسير
من معاجز أمير المؤمنين عليه السّلام
من كنت مولاه فهذا علي مولاه
دعاء الموقف لعلي بن الحسين ع
المهدي المنتظر في القرآن الكريم
خصائص القائد الإسلامي في القرآن الكريم
الولاء لأهل البيت عليهم السلام
الظلم ممارسةً وتَحَمُّلاً ودولةً لها أركان
القضية الفلسطينية في كلمات الإمام الخميني ( قدس ...

 
user comment