عربي
Saturday 27th of April 2024
0
نفر 0

فصل [في تحقيق معنى العصمة ]

فصل [في تحقيق معنى العصمة ]

وامـا الـعـصـمـة فـهـي قـوة عـقـلـيـة بـلـغت أقصى ما يمكن أن يحملها الانسان . والعقل قوة فـي القلب (965) أو في الدماغ تمنع صاحبها من ارتكاب الزلة . ألا ترى (966) أن من كان عـقـلـه أوفـى , كـان فـي ارتـكـاب الـمـعـاصـي أخـفـى , وان مـن كـان (967) فـي سخافة ورخاوة (968) ونزارة عقلية أتم , كان افشاؤه في الزلات أعم .
فـالـعـقـل مـجـبول في فعل الاحسان وهو بمنزلة الفناة
(969) من الجواهر, فانهمامتضادتان , أوكالسواد والبياض , فان وجود السواد يمنع من وجود البياض من حيث هو.فكذلك كمال العقل يمنع مـن حـيث هو وجود المعصية , ولا يتصور هذه في ذلك المحل .فهذا التكميل وقع عنده الطاعة للّه تعالئ (970) وامتناع حصول المعاصي بالنسبة الى كمال عقله . (971) وقيل : كل لطف وقع (972) عنده الطاعة , فهو التوفيق (973) وكل لطف يمنع عن المعصية فهو العصمة , وذلك ما ذكرناه من كمال عقله .
فـنـحـن لانـمـدح الـمـعصوم بعصمته لانها ليست فعله , و انما نمدحه بطاعته وهي بالمشقة ومن فعله
(974) . وقول الغزالي قريب من هذا. (975) واجـمـاع الامـة معصوم في المعنى عند المخالف (976) لا عندنا, ككمال العقل في المعصوم الا أنهم أخذوا العصمة مبهمة , ونحن أخذناها (977) من شخص واحد. فلوكان (978) العقل في الكل متساويا لم يحتج الملوك الى الوزرأ, ولاالصبيان الى الاوليأ, (979) ولما (980) صدق : (الرجال قوامون على النسأ), (981) ولما احتاج (982) أحد الى مشاورة الاكياس .
ولما قال اللّه تعالى لنبيه : (وشاورهم فى الا مر),
(983) وقال رسول اللّه (ص ): (ماخاب من استخار, ولا ندم من استشار), (984) ولـمـا قـال : (المستشار مؤتمن ), (985) ففيها اجتماع العقول , وترجيح طرف المردودمن المقبول .
ولما احتاج أحد
(986) الى تعلم الصنعة من أهل الحرفة لان هذه الصنائع والحرف أصولها مما ظهر من آدم (ع ) وشيث (ع ) ابنه , وادريس (ع ). وأما تنويعها وتكثيرها فمن الاكياس . (987) وكـذلـك أكـثـر الـعلوم , كالطب , والهندسة , والموسقى , وعلم الحساب والمنطق , ونحو ذلك مما استخرجها واستنبطها المعلمون .
ولـو كـان العقول في المراتب على السوأ, لكان جمهور العالم بعقل محمد وعلى (ع ) من أهل الدين , وبـعقل أفلاطون وجالينوس وبقراط وبطليموس و فيثاغورس من أهل الحكمة
(988) وليس كذلك , بل واحد من ألف من المجتهدين في ذلك الفن ربما يبلغ ‌عشر عشير واحد من هؤلأ العظمأ.
فصح بهذا أن العقول من العالمين ليست على السوية .
وأيـضـا
(989) الاشكال والصور والقوى من الفهم والذهن والحفظ والضبط للاموروالالوان والاصـوات لا يـشبه بعضهم بعضا, وفي ذلك كان التميز (990) بالاصوات بين الرجال والنسأ, وبين كل أحد من عرض العالم , والا لدخل (991) الرجل في بيت آخر, وفي مال آخر.
فكما أن المصلحة اقتضت هذه الاختلافات كذلك في العقول والتكليف يكون بازأ ذلك في العقليات .
أما في الشرعيات يمكن أن يكون شرعا سوأ لانه يتعلق بالجوارح لا تعلق
(992) للعقل به الا الانقياد لذلك (993) , كما امر.
اذا ثبت هذا وبلغ عقل الرجل حدا, فوقه عالم الالهية صارت المعاصي عنده كالضد.كما
(994) لا يوجد من العسل الحموضة , ولامن الخل الحلاوة , فكذلك لا يوجد من العقل الكامل المعصية , لانهما متضادان .
وأما في جائز الخطأ لما لم يكمل عقله اختلط بالجنون والسخافة ,كالسكنجبين اختلطحلاوة العسل بـحـمـوضـة الخل . ومنه قوله تعالى : (خلطوا عملا صالحا و اخرسيئا)
(995) , والمعلول الصفراوي يجد الحلاوي مرا ولا يأكل بمراده , لان علته تضاده . كذلك العقل الكامل لايرغب بحال الـى المعصية ويكون صورته صورة شجرة العنب لا يثمر الرمان , ولا شجرة (996) التين , بل كـل شـجـرة يـوجد منها ماهو من جنسه , كذلك لا يتولد من هذه , أي كمالية العقل سوى , ماهو من جنسها وهو الطاعة .
مثال
(997) آخر: السم والترياق , أوالموت والحياة , فان بين كل منهما تضادا لايحصل من هذا مـا يحصل من ذاك , كذلك العصمة هي القوة العقلية لا يحصل منها (998) سوى الايمان والطاعة .
قـال اللّه تـعـالـى : ( حـبـب الـيـكـم الا يـمـان وزينه في قلوبكم و كره اليكم الكفر والفسوق والـعـصيان ).
(999) مثاله : تحبيب المال , والجاه ,والولد في القلوب , كذلك تحبيبه (1000) الـطـاعـة فـي قلب (1001) المعصوم , ثم يجعل تكريه المعصية في قلبه بازأ محبته (1002) الـطـاعـة . فـالتحبيب البابغ أقصى كماله في الطاعة , بالعصمة . والتكريه البالغ بأقصى كماله , هو بـالعصمة أيضا في ترك المعصية . وهذا التكريه دلالة العصمة , لانه كره الكفر والفسوق الذي هو الكبيرة , والعصيان الذي هو الصغيرة .
وأمـا الايـمـان , فـهـو جـامـع لـجـمـيـع الـمـعارف والعبادات فرضا ونقلا
(1003) الائمة من نور (1004) العزة خلقوا, او (1005) الى ذلك أشار في (1006) قوله آتعالى ـ: (اللّه نور السموات و الا رض ) الى أن قال : (في بيوت اذن اللّه ان ترفع ), يعني : هذاالبيت الذي فيه الـنـور الـمـذكـور, ثـم قـال فـي ذلـك الـبـيـت : (رجـال لا تـلـهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه ). (1007) يـروى عـن الـبـاقـر(ع ) أن هـذا الـبـيـت بـيـتـنـا أهـل الـبـيـت و أن هؤلأ الرجال نحن أهل البيت . (1008) ولذلك (1009) كان علمهم وعقلهم وكمالهم , من يوم الولادة الى أيام الكهولة على السوأ, ولذلك تـكـلـمـوا فـي بـطـون الامـهـات , كـفـاطـمة (س ) مع امها والحسين (1010) مع امه , وسائر الائمة (ع ). (1011) قـال الباقر:(ع ) في ذلك : ان حديثناـ أهل البيت ـ صعب مستصعب , لا يحتمله الا ملك مقرب أو نبى مرسل أوعبد امتحن اللّه قلبه للايمان . (1012) وقال أميرالمؤمنين (ع ): لو كشف الغطأ ما ازددت يقينا. (1013) وقال : سلوني عما دون العرش , (1014) (الى آخرالحديث ), كماستراه .
وقال رسول اللّه (ص ): كنت نبيا وآدم بين المأ والطين
(1015) مـعـناه : كنت نبى الملائكة والملائكة يتعلمون من نوري ونور عترتي , حمداللّه وتسبيحة وتهليله وتمجيده , وكان قائما على شرف من شرفات العرش فأخرجه اللّه ذلك النوربكسوة بشرية محمد وعـلـى وفـاطـمة ...واليه أشار قوله ـ تعالى ـ: (و لو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ). (1016) لا نه لو بعث ذلك النورر لم يطق الادمي مشاهدته ومعاينته لا نه من غير جنسه .
أصل
(1017)

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

البدعة والاحتفال بالمناسبات
الله سبحانه وتعالى احيا الموتى لعزير
شروط وصفات الولي
في قول النبي لأهل بيته: (أنا حرب لمن حاربكم) ...
المُناظرة الخامسة والثلاثون /مناظرة السيد علي ...
التربية بين الأسرة والمدرسة
تعيين الإمام
صفات رب العالمين واسماؤه
من مواقف القيامة المهولة الحساب
ما هو الموت وحقيقته

 
user comment