القرآن غير محرّف قطعاً :
س : إنّكم تأكّدون على تحريف القرآن ؟
الجواب : على كلّ باحث عن الحقيقة أن يتبع الدليل ، ومهما كانت النتيجة فيقبلها
____________
1- الحجر : 9 .
|
الصفحة 101 |
|
برحابة صدر ، وإن كانت مخالفة للموروث العقائديّ الذي وصل إليه .
تارة نبحث عن مسألة التحريف في مقام أنّ أهل السنّة يتّهمون الشيعة بوجود أحاديث تدلّ على التحريف ، فنذكر لهم من باب النقض وجود أحاديث في مصادرهم أكثر ممّا هي في مصادر الشيعة .
وتارة نبحث عن أصل مسألة التحريف ، وهل وقع تحريف أم لا ؟
فنقول : القرآن غير محرّف قطعاً ، وهذا ممّا تسالمت عليه الأُمّة الإسلاميّة ، والأدلّة العقلية والنقلية على عدم وقوع التحريف ، وما ورد في مصادر المسلمين ممّا ظاهره التحريف ، إما ضعيف السند لا يعمل به ، أو مؤوّل بحيث لا يدلّ على التحريف .
( عبد الله آقا . الكويت . ... )
روايات الكلينيّ والقمّيّ محمولة على التفسير :
السؤال : قال صاحب تفسير الصافي في مقدّمة تفسيره : ( وأمّا اعتقاد مشايخنا (رضي الله عنهم) في ذلك ، فالظاهر من ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكلينيّ (طاب ثراه) أنّه كان يعتقد بالتحريف والنقصان في القرآن ، لأنّه روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي ، ولم يتعرّض لقدح فيها ، مع أنّه كان يثق بما رواه فيه ، وكذلك علي بن إبراهيم القمّيّ (رضي الله عنه) فإنّ تفسيره مملوء منه ، وله غلوّ فيه ، وكذلك أحمد بي أبي طالب الطبرسيّ (رضي الله عنه) فأنّه نسج على منوالهما في كتاب الاحتجاج ) (1) .
وشكرا لكم .
الجواب : إن قيل : في مصادر الشيعة روايات تدلّ على التحريف .
قلنا : في مصادر أهل السنّة أكثر ، أضف إلى ذلك : أنّ ما روي في مصادر الشيعة أكثره ضعيف السند ، أو قابل للحمل على التفسير ، وأمّا ما
____________
1- تفسير الصافي 1 / 52 .
|
الصفحة 102 |
|
روي في مصادر أهل السنّة ، فإنّ الكثير منه في الصحاح ، وغير قابل للتأويل .
فإن قيل : إنّ بعض علماء الشيعة قائل بالتحريف .
قلنا: إنّ بعض علماء السنّة ممّن صرّح بأن لا يروي إلاّ ما صحّت له روايته ، ويعتقد به ، يكون قائلاً بالتحريف ، وذلك عندما يروي أحاديث التحريف ، أضف إلى ذلك : ما روي عن عائشة والصحابة من القول بالتحريف .
فإن قيل : بعض علماء الشيعة ألّف كتاباً في التحريف .
قلنا : السجستانيّ ألّف كتاب ( المصاحف ) ، وابن الخطيب ألّف كتاب ( الفرقان ) ، وهما من علماء أهل السنّة ، وقالا فيهما بالتحريف .
وعلى كلّ حال ، فإن قلتم ، قلنا .
ولكن ، القرآن أعظم من أن نجعله غرضاً لنزاعاتنا ، فندافع عن القرآن ، ونقول : القرآن غير محرّف قطعاً ، وما روي في بعض المصادر في التحريف فهو ضعيف متروك ، وبعض من قال بالتحريف ، فهي أقوال شاذّة متروكة .
وأمّا روايات الكلينيّ وتفسير القمّيّ وكتاب الاحتجاج ، فإنّ أكثرها محمول على التفسير ، وبعضها ضعيف ، وما صحّ منه ولم يمكننا حمله على التفسير فإنّه متروك ، وذلك عملاً بقاعدة عرض الحديث على الكتاب ، فإذا تعارض ترك الحديث ـ وهذا من مختصّات الشيعة ـ أعني مسألة عرض الحديث على الكتاب العزيز .
وأخيراً ، أشير إلى أنّه لابد لأهل السنّة من أن يتنزّلوا من القول بصحّة كلّ ما ورد في البخاريّ ومسلم ، وإلاّ لزمهم القول بالتحريف ، وكذلك عليهم أن يقبلوا بالأحاديث الواردة في مسألة العرض على الكتاب .
|
الصفحة 103 |
|
( عبد الله آقا . الكويت . ... )
لا ننكر وجود أحاديث تدلّ عليه :
السؤال : ما ردّكم على قول المجلسيّ (قدس سره) صاحب كتاب بحار الأنوار ، عندما قال في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ( إنّ القرآن الذي جاء جبرائيل (عليه السلام) إلى محمّد (صلى الله عليه وآله) سبعة عشر ألف آية ) ، فقال عن هذا الحديث : موثّق .
فما ردّكم الجليل على قول المجلسيّ ، وشكراً ، المصدر : مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول 2 / 525 .
الجواب : إنّا لا ننكر وجود أحاديث في مصادر الشيعة تدلّ على التحريف ، كما لا ننكر وجود قائلين بالتحريف ، ولكن في مقابل هذا توجد أحاديث أُخرى كثيرة عند أهل السنّة في التحريف ، وقائلين منهم به .
ولكن الرأي الصحيح والمتبع هو ما عليه الأعم الأغلب من علماء الشيعة قديماً وحديثاً ، من القول بعدم التحريف ، وكذلك هو عند أهل السنّة ، فهدفنا هو الدفاع عن القرآن ، وإن كان أهل السنّة يطعنون بالتشيّع في هذه المسألة ، مع وجود التحريف في أُمّهات صحاحهم أكثر بكثير ممّا هو عندنا .
( كميل . الكويت . ... )
توجد فيه روايات في مصادر الفريقين :
السؤال : هذه بعض الأحاديث التي طرحها أحد أهل السنّة حول تحريف القرآن بأقوال من علمائنا ، أرجو التعليق عليها ، وتوضيحها ، ولكم منّا جزيل الشكر والامتنان :
1ـ يقول الفيض الكاشانيّ في تفسير الصافي 1 / 44 ط الأُولى ، مؤسّسة الأعلميّ بيروت : ( المستفاد من جميع هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت (عليهم السلام) : أنّ القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه ، كما أُنزل على محمّد ، بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله ، ومنه ما هو مغيّر محرّف ، وأنّه قد حذف عنه أشياء كثيرة : منها اسم علي في كثير من المواضيع ،
|
الصفحة 104 |
|
ومنها لفظة آل محمّد غير مرّة ، ومنها أسماء المنافقين في مواضعها ، وغير ذلك ، وأنّه ليس أيضاً على الترتيب المرضي عند الله ، وعند رسوله (صلى الله عليه وآله) ) .
2ـ يقول السيّد نعمة الله الجزائريّ في الأنوار النعمانية 2 / 357 ط تبريز : ( الثالث : إنّ تسليم تواترها ـ القراءات السبع ـ عن الوحي الإلهيّ ، وكون الكلّ قد نزل به الروح الأمين ، يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة ، بل المتواترة الدالّة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاماً ، ومادةً وإعراباً ، مع أنّ أصحابنا قد أطبقوا على صحّتها ، والتصديق بها ) .
3ـ يقول الطبرسيّ في كتابه 1 / 371 : ( وليس يسوغ مع عموم التقيّة التصريح بأسماء المبدّلين ، ولا الزيادة في آياته ، فحسبك من الجواب عن هذا الموضع ما سمعت ، فإنّ شريعة التقيّة تحظر التصريح بأكثر منه ) .
ويقول الطبرسيّ في موضع آخر 1 / 377 : ( ولو شرحت لك كلّ ما أسقط وحرّف وبدّل ، وما يجري هذا المجرى ، لطال وظهر ما تحظر التقيّة إظهاره من مناقب الأولياء ، ومثالب الأعداء ) .
4ـ يقول أبو الحسن العامليّ في مقدّمة تفسيره مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار : 36 من منشورات مؤسّسة إسماعيليان بقم ما نصّه : ( إعلم أنّ الحقّ الذي لا محيص عنه ، بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها ، أنّ هذا القرآن الذي بين أيدينا ، قد وقع فيه بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيء من التغييرات ، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيراً من الكلمات والآيات ، وأنّ القرآن المحفوظ عما ذكر الموافق لما أنزله الله تعالى ، ما جمعه علي وحفظه إلى أن وصل إلى ابنه الحسن ، وهكذا إلى أن وصل إلى القائم وهو اليوم عنده (عليه السلام) ) .
وفّقكم الله لما يحبّه ويرضاه .
الجواب : توجد روايات في مصادر الشيعة وأهل السنّة في التحريف ، وكذلك توجد بعض الأقوال عند الفريقين صريحة في التحريف ، بالأخصّ إذا ما راجعنا كتاب ( المصاحف ) لابن أبي داود السجستانيّ ، وكتاب ( الفرقان ) لابن الخطيب ، وكلاهما من تأليف علماء أهل السنّة ، وكذلك إذا ما رجعنا إلى
|
الصفحة 105 |
|
الروايات الراوية لأقوال الصحابة ، وأُمّهات المؤمنين في التحريف .
وكذلك إذا ما جعلنا بعين الاعتبار كلمات كبار علماء أهل السنّة في صحاحهم ومسانيدهم ، حيث صرّحوا بأنّهم لم يرووا إلاّ ما يعتقدون بصحّة روايته ، ورووا مع ذلك أحاديث في التحريف .
ولكنّ الرأي المتّبع عند الشيعة وأهل السنّة هو عدم التحريف ، بل هو الرأي المشهور عند جميع المسلمين .
فلا يعتنى بالروايات المروية في التحريف ، والموجودة في مصادر الفريقين ، كما لا يعتنى ببعض الأقوال في التحريف .
( حسن محمّد . البحرين . ... )
السؤال : ما هو نسخ التلاوة المعروف عند أهل السنّة ؟ وهل هو بمثابة التحريف بالنقيصة في القرآن ؟ أرجو توضيح ذلك .
الجواب : أصل النسخ ثابت ، وهو نزول آية قرآنية في حكم معيّن ، فتأتي آية أُخرى تنسخ حكم تلك الآية ، فالآية المنسوخة باقية في القرآن مع نسخ حكمها .
وأمّا نسخ التلاوة ، فهو نزول آية من القرآن الكريم ، فتنسخ تلاوتها مع بقاء حكمها ، وهذا هو التحريف بعينه ، إذ أن نسخ التلاوة مع بقاء الحكم باطل من أصله ، ولا معنى لنسخ تلاوة آية معينة مع بقاء الحكم ، فنسخ التلاوة يساوي التحريف .
وإذا أُشكل : بورود رواية في مصادر الشيعة ، أو قول من علماء الشيعة يقول بالنسخ ، يكون الردّ : بأنّ الرواية ضعيفة السند ، ومن تنسبون إليه القول بنسخ التلاوة ، فإنّما هو في مقام إيراد الأقوال ، لا في مقام الاعتقاد بما نقله من أقوال ، حتّى ولو ثبت نسبة القول بنسخ التلاوة إلى أحد علماء الشيعة ، فإنّه قول شاذّ نادر .
|
الصفحة 106 |
|
( باسل الموسويّ . البحرين . 25 سنة . طالب علم )