وحفلت مصادر السيرة النبوية والاحاديث بحشد كبير من الاخبار التي أثرت عن النبي ( ص ) في حق السبطين ( ع ) ومدى أهميتهما ومقامهما الكريم عنده ونعرض فيما يلي لبعضها:
الطائفة الثانية:
وحفلت مصادر السيرة النبوية والاحاديث بحشد كبير من الاخبار التي أثرت عن النبي ( ص ) في حق السبطين ( ع ) ومدى أهميتهما ومقامهما الكريم عنده ونعرض فيما يلي لبعضها:
1 - روى أبوأيوب قال : دخلت على رسول الله ( ص ) والحسن والحسين عليهما السلام يلعبان بين يديه ( أو في حجره ) فقلت : يا رسول الله أتحبهما ؟ فقال : وكيف لا أحبهما ! ! وهما ريحانتاي من الدنيا في مواطن عديدة ونشير إلى بعضها:
أ - روى سعيد بن راشد قال : جاء الحسن والحسين ( ع ) يسعيان إلى رسول الله ( ص ) فأخذ أحدهما فضمه إلى إبطه ، ثم جاء الآخر فضمه
( 1 ) مجمع 9 / 181 ، ورواه الذهبي في سير أعلام النبلاء 2 / 189 مع تغيير يسير ، مختصر صفة الصفوة ( ص 62 ) تاريخ ابن عساكر 13 / 39 . ( * )
[86]
إلى إبطه الاخرى وقال : هذان ريحانتاي من الدنيا من حبني فليحبهما ( 1 ).
ب - قال سعد بن مالك : دخلت على النبي ( ص ) والحسن والحسين يلعبان على ظهره فقلت : يا رسول الله أتحبهما ؟ فقال : وما لي لا أحبهما وانهما ريحانتاي من الدنيا ؟ ( 2 ).
ج - روى أنس بن مالك قال : دخلت ( أو ربما دخلت ) على رسول الله ( ص ) والحسن والحسين يتقلبان على بطنه ، ويقول : ريحانتي من هذه الامة ( 3 ).
د - روى أبوبكرة قال : كان الحسن والحسين عليهما السلام يثبان على ظهر رسول الله ( ص ) في الصلاة فيمسكهما بيده حتى يرفع صلبه ، ويقومان على الارض ، فلما فرغ أجلسهما في حجره ثم قال : إن ابني هذين ريحانتاي من الدنيا ( 4 ).
هـ - روى جابر أن رسول الله ( ص ) قال لعلي بن أبي طالب ( ع ):
سلام عليك يا أبا الريحانتين ، أوصيك بريحانتي من الدنيا خيرا فعن قليل ينهد ركناك ، والله خليفتي عليك ، قال فلما قبض النبي ( ص ) قال علي عليه السلام : هذا أحد الركنين اللذين قال النبي ( ص ) ، فلما ماتت فاطمة ( ع ) ، قال علي : هذا الرجن الآخر الذي قال النبي ( ص ) ( 5 ).
و - روى البخاري بسنده عن ابن أبي نعم قال : كنت شاهدا
( 1 ) ذخائر العقبى ( ص 124 ).
( 2 ) كنز العمال 7 / 110.
( 3 ) خصائص النسائي ( ص 37 ) وفي مسند الامام زيد ( ص 469 ) الولد ريحانة ، وريحانتي الحسن والحسين.
( 4 ) كنز العمال 7 / 109.
( 5 ) حلية الاولياء 3 / 201 . ( * )
[87]
لابن عمرو وسأله رجل عن دم البعوض ، فقال : ممن أنت ؟ فقال:
من أهل العراق ، قال : انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض ، وقد قتلوا ابن النبي ( ص ) وسمعت النبي ( ص ) يقول : هما ريحانتاي من الدنيا ( 1 ).
2 - روى انس بن مالك قال : سئل رسول الله ( ص ) أي أهل بيتك أحب إليك ؟ قال ( ص ) الحسن والحسين ، وكان يقول لفاطمة:
ادعي ابني فيشمهما ويضمهما اليه ( 2 ).
3 - روى ابن عباس قال : بينا نحن ذات يوم مع النبي ( ص ) إذ أقبلت فاطمة ( ع ) تبكي فقال لها رسول الله ( ص ) : فداك أبوك ، ما يبكيك ؟ قالت : إن الحسن والحسين خرجا ، ولا أدري أين باتا ، فقال لها رسول ( ص ) : لا تبكين فإن خالقهما ألطف بهما مني ومنك ، ثم رفع يديه ، فقال : اللهم احفظهما وسلمهما ، فهبط جبرئيل ، وقال:
يا محمد لا تحزم فانهما في حظيرة بني النجار نائمان ، وقد وكل الله بهما ملكا يحفظهما ، فقام النبي ومعه أصحابه حتى أتى الحظيرة فاذا الحسن والحسين ( ع ) معتنقان نائمان ، واذا الملك الموكل بهما قد جعل أحد جناحيه تحتهما والآخر فوقهما يظلهما ، فأكب النبي يقبلهما حتى انتبها من نومهما ، ثم جعل الحسن على عاتقه الايمن ، والحسين على عاتقه الايسر ، فتلقاه أبوبكر ، وقال : يا رسول الله ناولني أحد الصبيين أحمله عنك ، فقال ( ص ) : نعم المطي مطيهما ونعم الراكبان هما وأبوهما خير منهما حتى أتى المسجد فقام رسول الله ( ص ) على قدميه ، وهما على عاتقيه ، ثم قال:
( 1 ) صحيح البخاري كتاب الادب ، فضائل الخمسة من الصحاح الستة 3 / 183.
" معاشر المسلمين ، ألا أدلكم على خير الناس جدا وجدة ؟ ".
فقالوا : بلى يا رسول الله.
قال ( ص ) : الحسن والحسين جدهما رسول الله ( ص ) خاتم المرسلين ، وجدتهما خديجة بنت خويلد سيدة نساء أهل الجنة.
ثم قال ( ص ) : ألا أدلكم على خير الناس عما وعمة ؟ ! ! قالوا : بلى يا رسول الله.
قال ( ص ) : الحسن والحسين عمهما جعفر بن أبي طالب ، وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب.
ثم قال ( ص ) : أيها الناس ، ألا أدلكم على خير الناس خالا وخالة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله.
قال صلى الله عليه وآله : الحسن والحسين خالهما القاسم بن رسول الله وخالتهما زينت بنت رسول الله.
ثم قال صلى الله عليه وآله : اللهم ، انك تعلم أن الحسن والحسين في الجنة ، وعمهما في الجنة ، وعمتهما في الجنة ، ومن أحبهما في الجنة ، ومن أبغضهما في النار ( 1 ).
وهذا الحديث الشريف دل بوضوح على مدى حبه صلى الله عليه وآله لسبطيه ، وأنهما أحب أهل بيته اليه ، كما أنهما أفضل الناس نسبا وحسبا وأن من أحبهما ينزل معهم مقاما كريما في الفردوس.
4 - روى عمر قال : رأيت الحسن والحسين ( ع ) على عاتقي النبي صلى الله عليه وآله : فقلت : نعم الفرس تحتكما ، فقال النبي صلى الله عليهه وآله : ونعم الفارسان هما ( 2 ) وبهذا المضمون روى جابر
قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وآله : والحسن والحسين على ظهره وهو يقول : " نعم الجمل جملكما ، ونعم العدلان انتما " ( 1 ) وقد نظم ذلك السيد الحميري بقوله:
أتى حسنا والحسين الرسول *** وقد برزا ضحوة يلعبان
فضمهما وتفداهما *** وكانا لديهه بذاك المكان
ومرا وتحتهما عاتقاه *** فنعم المطية والراكبان
5 - روى أبوسعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة . . . " ( 2 ).
6 - روى سلمان الفارسي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : " الحسن والحسين ابناي من أحبهما أحبني ، ومن أحبني
( 1 ) كنز العمال 7 / 108 ، مجمع الزوائد 9 / 182.
( 2 ) صحيح الترمذي 2 / 306 ، مختصر صفة الصفوة ( ص 62 ) مسند أحمد بن حنبل 3 / 62 ، حلية الاولياء 5 / 71 ، تاريخ بغداد 9 / 231 ، ورواه الحاكم في المستدرك 3 / 167 بسنده عن ابن عمر قال صلى الله عليه وآله : " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما " وبهذا النص ورد في مسند الامام زيد : وفي الاصابة 1 / 266 روى جهم قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : " إن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة من أحبهما فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني وفي الجامع الكبير للسيوطي عن ابن عساكر بسنده عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : أتاني ملك فسلم علي نزل من السماء لم ينزل قبلها فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة . . " . ( * )
[90]
أحبه الله ، ومن أحبه الله أدخله الجنة ، ومن أبغضهما أبغضني ، ومن أبغضني أبغضه الله ، ومن أبغضه الله أدخله النار . . . " ( 1 ).
7 - كان النبي صلى الله عليه وآله : يخطب فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران وهما يمشيان ، ويعثران فنزل ( ص ) عن المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ، وقال : صدق الله إذ يقول : " إنما أموالكم وأولادكم فتنة " لقد نظرت إلى هذين الصبيين وهما يمشيان ، ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ، ورفعتهما . . . " ( 2 ).
8 - روى يعلي بن مرة قال : جاء الحسن والحسين يستبقان إلى
( 1 ) مستدرك الحاكم 3 / 166 ، وبتغيير يسير رواه الهيثمي في مجمعه 9 / 111 ، وكذلك رواه المتقي في كنز العمال 6 / 221 ، وفي سنن ابن ماجة عن ابي هريرة قال : قال رسول الله ( ص ) : " من أحب الحسن والحسين فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني " وفي تهذيب التهذيب في ترجمة نصر بن علي الازدي روى علي بن الصواف عن عبد الله بن أحمد أن نصرا حدث أن رسول الله ( ص ) أخذ بيد حسن وحسين فقال : " من أحبني وأحب هذين وأباهما كان معي في درجتي يوم القيامة " فلما سمع ذلك المتوكل أمر بضربه الف سوط ، فكلمه فيه جعفر ابن عبد الواحد ، وجعل يقول له : هذا من أهل السنة ، فلم يزل به حتى تركه.
( 2 ) صحيح الترمذي 2 / 306 ، صحيح النسائي 1 / 201 ، مستدرك الحاكم 1 / 287 ، صحيح أبي داود 6 / 110 ، مسند أحمد بن حنبل 5 / 354 ، سنن البيهقي 3 / 218 ، أسد الغابة 2 / 12 ، كنز العمال 7 / 168 ، سنن النسائي 3 / 108 . ( * )
[91]
رسول الله فضمهما وقال : " ان الولد مبخلة مجبنة . . . " ( 1 ).
9 - قال صلى الله عليه وآله : " الحسن والحسين سبطان ( 2 ) من الاسباط . . . " ( 3 ).
10 - روى أنس أن النبى ( ص ) قال : " أحب أهل بيتي إلي الحسن والحسين . . . " ( 4 ).
11 - روى أنس قال : سئل النبى ( ص ) أي أهل بيتك أحب اليك ؟ قال : " الحسن والحسين " وكان يقول لفاطمة : ادعي لي ابني فيشمهما ويضمهما اليه . . . " ( 5 ).
12 - قال صلى الله عليه وآله : " الحسن والحسين امامان إن قاما وإن قعدا . . . " ( 6 ).
( 1 ) مستدرك الحاكم 3 / 168 ، مسند أحمد بن حنبل 4 / 172 ، ومعنى الحديث أن الولد يحمل أباه على البخل والجبن.
( 2 ) السبطان : تثنية سبط ، وفي لسان العرب 9 / 181 أن السبط أمة من الامم في الخير.
( 3 ) كنز العمال 6 / 221 ، الصواعق المحرقة ( ص 114 ) ، الادب المفرد ، وفي صبح الاعشى 1 / 430 ان الحسن والحسين ( ع ) أول من سميا بالسبطين في الاسلام.
( 4 ) صحيح الترمذي.
( 5 ) تيسير الوصول لابن الديبغ 3 / 376.
( 6 ) بحار الانوار 1078 ، وفي نزهة المجالس 2 / 184 ان رسول الله ( ص ) قال للحسن والحسين : " أنتما الامامان ولامكما الشفاعة " وورد هذا الحديث في الاتحاف بحب الاشراف ( ص 129 ).
[92]
لقد أضفى النبى ( ص ) على ريحانتيه حلة الامامة ، وجعلها من ذاتياتهما سواء أقاما بالامر ، وتقلدا شؤون الخلافة أم لا.
الولاء العميق وذكر الرواة بوادر كثيرة تدل على مدى تعلق النبى ( ص ) بسبطيه وشدة حبه لهما ، وفيما يلي بعضها:
1 - إنه كان إذا غاب عنه الحسن والحسين اشتد شوقه إليهما ، وأمر بمن يدعوهما اليه فيأخذهما ، ويشمهما ، ويضمهما إلى صدره ( 1 ).
2 - قال عبد الله بن جعفر : كان رسول الله ( ص ) اذا قفل من سفر تلقى بي أو بالحسن أو بالحسين ( 2 ).
( 3 ) وبلغ من حبه ( ص ) لسبطيه أنه قبل بيعتهما له ضمن الثلاثة الصغار الذين بايعوه من أهل البيت ، هما مع ابن عمهما عبد الله بن جعفر ولم يبايع صغيرا قط إلا هم ( 3 ).
4 - وكان ( ص ) يحملهما على دابته فيجعل أحدهما قدامه والآخر خلفه . . . ( 4 ).
5 - وبلغ من حنانه ( ص ) وعطفه على سبطيه أنه كان يصلي العشاء فاذا سجد وثبا على ظهر ، فاذا رفع رأسه أخذهما أخذا رقيقا فيضعهما
( 1 ) صحيح الترمذي.
( 2 ) سنن الدارمي 2 / 285.
( 3 ) العقد الفريد 2 / 243.
( 4 ) صحيح مسلم 5 / 191 . ( * )
[93]
على الارض فاذا عاد ، عادا حتى اذا قضى صلاته أقعدهما على فخذيه . . . ( 1 ) لقد أولى النبى ( ص ) سبطيه رعايته ومحبته ليري المسلمين مدى مكانتهما عنده حتى تخفض لهما جناح المودة ، وتقلدهما قيادتها الروحية والزمنية ليسيرا بها إلى مدارج الحياة الكريمة التي يجد فيها الانسان جميع ما يصبوا اليه.