عربي
Saturday 27th of April 2024
0
نفر 0

الغيبة:

الفصل الأول

الغيبة:

للإمام  عليه السلام غيبتان: صغرى وكبرى.

الغيبة الصغرى:

وبدأت منذ الساعات الأولى لولادته  عليه السلام ودامت تسعة وستون عاما وستة أشهر وخمسة عشر يوماً. وسبب غيبته  عليه السلام أن الله غيّبه خوفا عليه من الأعداء لكي لا يقتلوه وتخلو الارض من حجة، ولأنه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار وكان يتحمل المشاق والاذى، فإن منازل الائمة وكذلك الانبياء عليهم السلام إنما تقطم لتحملهم المشاق العظيمة في ذات الله تعالى.

روي عن الحسين بن عبيد الله، عن أبي جعفر محمد بن سفيان اليزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن علي بن محمد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان النيسابوري عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب عن زرارة عن أبي عبد الله أنه قال: (إن للقائم غيبة قبل ظهوره، قلت: لِمَ. قال: يخاف القتل).

روي عن يونس بن عبد الرحمن انه قال: قال الإمام موسى بن جعفر القائم الذي يطهر الارض من اعداء الله يملؤها عدلا كما ملئت جورا ظلما هو الخامس من ولدي له غيبة تطول أمدها خوفا على نفسه يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون، ثم قال: طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا أولئك منّا ونحن منهم فقد رضوا بنا ورضينا بهم شيعة فطوبى لهم ثم طوبى لهم هم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة.

وهذا الحديث يبين غيبة الإمام  عليه السلام وطولها بسبب الخوف من الأعداء كما يبين منزلة الشيعة المتمسكين بأهل البيت المنتظرين لصاحب الزمان  عليه السلام والسبب من الغيبة الاولى ظاهري وهو الخوف من الاعداء والسبب الثاني هو تربية الشيعة على تدوين الحديث واستنباط الاحكام الشرعية تمهيداً للغيبة الكبرى وانقطاع الاتصال بالإمام  عليه السلام فتربية الشيعة على الاتصال غير المباشر وتهيأها للاتصال بالقيادة البديلة في زمن الغيبة الكبرى وهم الفقهاء العدول.

وفي بعض الروايات ان الغيبة الصغرى بدأت بعد وفاة الإمام الحسن العسكري  عليه السلام وانتهت في شعبان 329 هجرية عند وفاة السفير الرابع وهو علي بن محمد السمري.

وسميت الغيبة الصغرى بصغرى لأن الناس كانت تأخذ الاحكام الشرعية والردود على أسئلتهم وكل ما يتعلق بحياتهم عن طريق السفراء الاربعة الذين كانوا واسطة بين الإمام  عليه السلام والأمة الاسلامية وبين الشيعة بخاصة.

السفارة والسفراء الأربعة:

ومنذ ان انتقلت الإمامة اليه  عليه السلام بعد وفاة والده لم يكن من الميسور لأي كان من الناس ان يتصل به ويجتمع اليه خلال سبعين عاما تقريباً الا من خلال سفرائه الاربعة: عثمان بن سعيد العمري، ومحمد بن عثمان العمري، والحسين بن روح النوبختي، وعلي بن محمد السمري، الذين كانوا حلقة الاتصال بينه وبين شيعته في مختلف الاقطار بواسطة الرسائل التي يحملونها اليه ويأخذون منه اجوبتها لأهلها، كما فوضهم بقبض الاخماس التي كانت تجبى اليه والتصرف بها حسبما تقتضيه المصلحة، وقد تولى له السفارة خلال السنين الاولى من امامته عثمان بن سعيد المعروف بالسمان، لأنه كان تاجرا بالسمن، ولقد تولى السفارة لثلاثة من الائمة عليهم السلام الهادي والحسن العسكري ومحمد بن الحسن المنتظر القائم، وكان رضوان الله عليه يعرف بالعمري لأنه من بني أسد ونسبه الى جده، وانما اتخذ بيع السمن مهنة له لتغطيه على عمله الحقيقي فكان يوصل بأوعية السمن الى الإمامين ما يكتبه الشيعة وما يوصلونه اليها وبواسطتها أيضا يوصل أجوبة الإمامين الى الشيعة وكان هو السفير الاول للإمام الحجة  عليه السلام الى حين وفاته.

محمد بن عثمان بن سعيد العمري تولى النيابة الخاصة بعد وفاة أبيه بأمر الإمام الحجة  عليه السلام وكان الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام يثنيان عليه وعلى أبيه ويصتونهما بالوثاقة والأمانة، وكانت كتب الإمام الحجة  عليه السلام تخرج على يديه الى الشيعة كما في عهد أبيه رضوان الله عليه، تولى النيابة الخاصة قرابة خمسين عاماً، وفي أواخر أيامه احتفر لنفسه قبرا وأعد ساجة كتب عليها أسماء الأئمة عليهم السلام وأوصى بأن تدفن معه، توفي في آخر جمادي الثانية سنة 305هــ.

أبو القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه كان من وكلاء أبي جعفر محمد بن عثمان العمري ولم يكن أخص أصحابه بل كان أخصهم به جعفر بن محمد بن مثيل وأبيه، اللذين كانا لعظم منزلتهما عند أبي جعفر لا يتناول الطعام الا عندهما والمعد في بيتهما، وأما الحسين بن روح رضي الله عنه كان يسكن بيتا صغيرا مظلما وعندما حضرت الوفاة أبا جعفر رضي الله عنه كان جعفر بن أحمد بن مثيل عند رأسه والحسين بن روح عند قدميه فقال ابو جعفر امرت ان اوصي الى أبي القاسم الحسين بن روح فقام جعفر وأخذ بيد الحسين وأجلسه عند رأس أبي جعفر رضي الله عنه. كان الحسين بن روح عالما فذا شديد التقية ولشدة تقيته كان من لا يعرفه يظن انه من أبناء العامة، ولكنه مع ذلك كان شجاعا سامي النفس، قال أبو سهل النوبختي لما سأل عن علة اختيار الحسين بن روح دونه علم ابو القاسم وضغتني الحجة لعلي كنت أدلي على مكانه، وابو القاسم فلو كانت الحجة تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه).

توفي الحسين بن روح في شعبان سنة 326هــ .

ابو الحسن علي بن محمد السمري آخر السفراء الاربعة تولى السفارة ثلاث سنوات وتوفي في النصف من شعبان سنة 329هــ ولما دنت وفاته وقبل الوفاة بأيام سُئل أن يوصي فقال (لله أمر هو بالغه) واخرج الى الناس توقيعا نسخته:

(بسم الله الرحمن الرحيم: يا علي بن محمد السمري اعظم الله اجر أخوتك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فأجمع أمرك ولا توصي الى احد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور الا بعد إذن الله تعالى ذكره، وذلك بعد طول الامد وقسوة القلب وامتلاء الارض جوراً وسيأتي لشيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفترٍ ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم).

الغيبة الكبرى

وعند وفاة السفير الرابع بدأت الغيبة الكبرى منذ سنة 329هــ والى ما شاء الله، وان العلة التامة من الغيبة الكبرى لا يعلمها الا الله تعالى ويمكن القول ان السبب الظاهر لها كون المجتمع الانساني لا يزال غير مهيأ لقبول الاطروحة العادلة وقبول حكم الإمام  عليه السلام ومتى ما أصبح المجتمع مهيّئاً بسبب انواع الابتلاءات العسيرة والمحق التي يمر بها يظهر صلوات الله عليه لإقامة حكومة العدل الإلهي في العالم أجمع. ولعل العلة التامة للغيبة هي ان لا يكون في عنق الإمام  عليه السلام بيعة لأحد. والله أعلم.

والإمام  عليه السلام لا يظهر الا ان تسبق ظهوره علامات وآيات ذكرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام منها الحتمية التي يجب ان تحصل وان لم تحصل فإن الإمام لا يظهر ومنها غير الحتمية ومنها عقلية طبيعية ومنها إعجازية أي تحصل بالمعجزة. جعلنا الله وإياكم من المترقبين لها والمصدقين بها.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الانحراف العقائدي عن القضية المهدوية
مشاهدة الإمام الغائب عليه السلام عند شهادة والده ...
نظرة في احاديث المهدي
بعض الاعمال في عصر الانتظار
أتحسب انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
تطابق الحقيقة التاريخية والحقيقة الوجودية في ...
مناظرة الشيخ المفيد مع بعضهم في الدليل على وجود ...
دولة الإمام المهدي (عج) ورسالات الأنبياء
عالمية حكومة الإمام المهدي عليه السلام
الامام الهادي عليه السلام وقضاة عصره

 
user comment