عربي
Saturday 27th of April 2024
0
نفر 0

احكام‌ فقهية‌ حول‌ الشخصية‌ الحسينيـة‌

احكام‌ فقهيّة‌ حول‌ الشخصيّة‌ الحسينيّة‌:

يُقال‌: ـ ان‌ّ الاجر علي‌ قدر المشقّة‌ ـ ولا سيّما اءذا اقترن‌ بالفضل‌الاءلهي‌ (اءنّما يوفّي‌' الصّابرون‌ اجرهم‌ بغير حساب‌) فالاجر الذي‌منحه‌ اللهـسبحانه‌ وتعالي‌ ـ للشهداء لا يعد له‌ شي‌ء وكما رُوي‌ عن‌ الرسول‌الكريم‌(ص): «فوق‌ كل‌ّ ذي‌ برٍّ برّ حتي‌ يُقتل‌ في‌ سبيل‌ الله، فاءذا قتل‌ في‌ سبيل‌ الله فليس‌فوقه‌ برٍّ»..

فالمجد والخلود للشهداء الذين‌ (صدقوا ما عاهدوا الله عليه‌)

(واخلصوا دينهم‌ لله)، فصانوا كرامة‌ البشرية‌ بدمائهم‌ الغالية‌ وباعواانفسهم‌ لله ثمناً لاءعلاء كلمته‌ في‌ الارض‌، فكافاهم‌ الباري‌ سبحانه‌ بان‌جعل‌ درجة‌ الشهيد في‌ اعلي‌ عليّين‌ ورفعه‌ اءلي‌ اسمي‌ مقام‌ تقاس‌ به‌درجات‌ الفضل‌ والارجحيّة‌، وهذا هو منطق‌ ومصداق‌ الا´ية‌ الشريفة‌ التي‌صدّرنا بها هذا البحث‌.

لقد منح‌ الله الكريم‌ الشهداء المجاهدين‌ في‌ سبيله‌ كرامات‌ واحكام‌فقهيّة‌ خاصّة‌ بهم‌، ولم‌ تُمنح‌ لغيرهم‌، فليس‌ لكل‌ّ احد الكفاءة‌ والجدارة‌علي‌ دخول‌ باب‌ الجهاد والذي‌ هو كما قال‌ علي‌ّ امير المؤمنين‌(ع): «فتحه‌الله لخاصّة‌ اوليائه‌»، وكذلك‌ الفوز بالشهادة‌ التي‌ (وما يلقّاها اءلاّ ذو حظ‌ّعظيم‌).

واعظم‌ صفحة‌ كُتبت‌ في‌ تاريخ‌ الشهداء والتي‌ وقّعت‌ بدمائهم‌ الطاهرة‌ما سطّره‌ الاءمام‌ الحسين‌ بن‌ علي‌ّ8 من‌ ملاحم‌ الفداء والتضحية‌ في‌ سبيل‌الدعوة‌ الاءسلامية‌ حتي‌ استحق‌ لقب‌ سيّد الشهداء، لانّه‌ بذل‌ كل‌ ما يملك‌في‌ سبيلها، فوهبه‌ الله سبحانه‌ وتعالي‌ مكارم‌ ومناقب‌ لم‌ تُمنح‌ لغيره‌ من‌خاصّة‌ اوليائه‌، فكما روي‌ عن‌ الاءمام‌ الصادق‌(ع) في‌ هذا المجال‌: «اءن‌ّ اللهعوّض‌ الحسين‌(ع) من‌ قتله‌ ان‌ّ الاءمامة‌ من‌ ذريّته‌ والشفاء في‌ تربته‌، واءجابة‌ الدعاءعندقبره‌».

فهل‌ اختص‌ّ الله سيّد الشهداء(ع) بهذه‌ الكرامات‌ الثلاث‌ وحَسب‌؟ ام‌ان‌ّ العناية‌ الاءلهية‌ بـ (ثار الله) تفوق‌ هذه‌؟

فالباحث‌ في‌ كتب‌ الحديث‌ والفقه‌ يجد بعض‌ الاحكام‌ العامّة‌ التي‌ترتبط‌ بكل‌ الشهداء المجاهدين‌ في‌ سبيل‌ الله ويجد ايضاً اءستثناءات‌ في‌بعض‌ المسائل‌ الفقهيّة‌ اختصّت‌ بالاءمام‌ الحسين‌(ع) دون‌ غيره‌ من‌الشهداء.

لقد ضحّي‌ الاءمام‌ ابو عبدالله الحسين‌(ع) بكل‌ غال‌ ونفيس‌ من‌
اجل‌ اءعلاء كلمة‌ الحق‌ّ ومقارعة‌ الظالمين‌، فكان‌ يوم‌ الطف‌
يوم‌ الملحمة‌ العظمي‌، علي‌ ما فيها من‌ فجائع‌ وفظائع‌ يهتزّ لها
العرش‌، فجزاه‌ الله الجزاء الاوفي‌ من‌ ممتثلاً في‌ بعض‌ جوانبه‌
باحكام‌ فقهيّة‌ ومسائل‌ شرعيّة‌ تطالعنا بها كتب‌ الفقه‌ والحديث‌،
وقد وفقت‌ لجمعها منقولة‌ عن‌ كتاب‌ (جواهر الكلام‌ في‌ شرح‌
شرائع‌ الاءسلام‌) للفقيه‌ الكبير واُستاذ الفقهاء الشيخ‌ محمد حسن‌
النجفي‌ (1292 ـ 1266 هجرية‌) وهذا الكتاب‌ العظيم‌ يستّحق‌
لقب‌ (موسوعة‌ الفقه‌ الشيعي‌) لاهمّيته‌ الفائقة‌ عند الفقهاء الكرام‌.

وقد نوّه‌ الشيخ‌ صاحب‌ الجواهر ـ اعلي‌ الله مقامه‌ الشريف‌ ـ عن‌عظمة‌ شخصيّة‌ الاءمام‌ الحسين‌(ع) حيث‌ اشار في‌ الجزء العشرين‌ ـ الصفحة‌97 من‌ كتابه‌ (اءلي‌ غير ذلك‌ من‌ النصوص‌ التي‌ لا يمكن‌ استقصاء ماتضمّنته‌ من‌ ثواب‌ زيارته‌، فضلاً عن‌ النصوص‌ المتضمّنة‌ للبكاء عليه‌وللشعر فيه‌ اءنشاء واءنشاداً ومافي‌ تربته‌ الشريفة‌ من‌ اكل‌ او صلاة‌ عليها اوتسبيح‌ بها او غير ذلك‌ من‌ الاُمور المتعلّقة‌ بحَرَمِه‌ وروضته‌، فان‌ّ ذلك‌يحتاج‌ اءلي‌ كتب‌ متعددة‌، وقد كفانا مؤونة‌ ذلك‌ اصحابنا ـ رضوان‌ اللهعليهم‌ـ).

فلنستعرض‌ الا´ن‌ معالم‌ الشخصيّة‌ الحسينيّة‌ في‌ الفقه‌ الجواهري‌معنونة‌ ومرتّبة‌ علي‌ ابوابها وموضوعاتها المختلفة‌.

 

1 ـ فضيلة‌ التربة‌ الحسينيّة‌:

لعل‌ّ من‌ ابرز خصائص‌ التربة‌ الحسينيّة‌ انّها تعيش‌ مع‌ الاءنسان‌ المسلم‌منذ تولّده‌ وحتّي‌ بعد مماته‌، ابتداءً من‌ تحنيكه‌ بها ليسري‌ حب‌ّ الحسين‌في‌ الدم‌ والعروق‌، وانتهاءً بوضعها في‌ قبره‌.

اءن‌ّ الاعتقاد بفضل‌ وشرف‌ هذه‌ التربة‌ ليس‌ عند المسلمين‌ فقط‌ ـ كماسنري‌ ـ ولكن‌ حتّي‌ عند النصاري‌، لان‌ّ سيّد الشهداء شخصيّة‌ مقدّسة‌عالميّة‌ لدي‌ كل‌ّ اءنسان‌ حرّ وشريف‌.

 

ا ـ كتاب‌ الطهارة‌ ـ ا´داب‌ التكفين‌ ـ (ج‌4 ص‌ 230 ـ 231).

استحباب‌ كتابة‌ القرا´ن‌ وساير الادعية‌ علي‌ الكفن‌ بتربة‌ الحسين‌(ع):

(ومن‌ ذلك‌ كله‌ يظهر لك‌ وجه‌ ما ذكره‌ غير واحد من‌ الاصحاب‌ بل‌نُسب‌ اءليهم‌ في‌ ـ جامع‌ المقاصد وكشف‌ اللثام‌ ـ مَن‌ استحباب‌ ان‌ يكون‌ذلك‌ ـ اي‌ّ الكتابة‌ علي‌ الكفن‌ ـ بتربة‌ الحسين‌(ع) ـ جمعاً بين‌ الوظيفتين‌:الكتابة‌ والتربة‌. وفي‌ ـ الذكري‌' وجامع‌ المقاصد والروض‌ وكشف‌ اللثام‌ ـحاكياً له‌ في‌ الاخير وغرية‌ الفريد الامر بالتربة‌ الحسينيّة‌ اولاً، فاءن‌ لم‌ توجدفبالطين‌ والماء).

 

ب‌ ـ كتاب‌ الطهارة‌ ـ ا´دب‌ اللحد ـ (ج‌4 ص‌ 304 ـ 305).

استحباب‌ ان‌ يجعل‌ في‌ قبر الميت‌ شي‌ء من‌ تربة‌ الحسين‌(ع):

منها ان‌ (يجعل‌ شي‌ء في‌ تربة‌ الحسين‌(ع)) علي‌ ما ذكره‌ الاصحاب‌من‌ غير خلاف‌ يعرف‌ فيه‌، فلعل‌ّ شهرته‌ بينهم‌ والتبرّك‌ بها وكونها اماناً من‌كل‌ّ خوف‌، وما في‌ الفقه‌ الرضوي‌ (ويجعل‌ في‌ اكفانه‌ شي‌ء من‌ طين‌ القبروتربة‌ الحسين‌(ع) كاف‌ٍ في‌ ثبوته‌.

وخبر جعفر بن‌ عيسي‌ المروي‌ عن‌ مصباح‌ الشيخ‌ انّه‌ سمع‌اباالحسن‌(ع) يقول‌:«ما علي‌' احدكم‌ اءذا دفن‌ الميت‌ ووسّده‌ في‌ التراب‌ ان‌ يضع‌مقابل‌ وجهه‌ لبنه‌ من‌ الطين‌، ولا يضعها تحت‌ خدّه‌ وراسه‌».

بناءً علي‌ ان‌ّ المراد بالطين‌ فيه‌ طين‌ قبر الحسين‌(ع) ولذلك‌ لم‌ يذكراحد اءستحباب‌ ذلك‌ بدونه‌، ولعل‌ّ اءجمال‌ العبارة‌ للتقيّة‌ او شيوع‌ هذاالاءطلاق‌ يومئذٍ فيه‌.

وربّما يستانس‌ له‌ زيادة‌ علي‌ ذلك‌ بما رواه‌ في‌ المنتهي‌ وغيره‌: (اءن‌ّاءمراة‌ كانت‌ تزني‌ فتضع‌ اولادها فتحرقهم‌ خوفاً من‌ اهلها، ولم‌ يعلم‌ بهاغير اُمّها، فلمّا ماتت‌ دفنت‌ فانكشف‌ التراب‌ عنها ولم‌ تقبلها الارض‌،فنقلت‌ من‌ ذلك‌ المكان‌ اءلي‌ غيره‌، فجري‌ لها ذلك‌، فجاء اهلها اءلي‌الصادق‌(ع) وحكوا له‌ القصة‌، فقال‌ لاُمّها ما كانت‌ تصنع‌ هذه‌ في‌ حياتهامن‌ المعاصي‌؟ فاخبرته‌ بباطن‌ امرها، فقال‌ الصادق‌(ع): اءن‌ّ الارض‌ لا تقبل‌هذه‌، لانّها كانت‌ تعذّب‌ خلق‌ الله بعذاب‌ الله، اءجعلوا في‌ قبرها شيئاً من‌ تربة‌ الحسين‌(ع)ففعل‌ ذلك‌ فسترها الله تعالي‌).

 

ج‌ ـ كتاب‌ الطهارة‌ ـ الاغسال‌ المستحبّة‌ ـ (ج‌5 ص‌ 57).

اءستحباب‌ الغسل‌ لاخذ التربة‌ الحسينيّة‌:

وقد يدخل‌ في‌ طلب‌ الحوائج‌ ايضاً ما ورد في‌ الغسل‌ لاخذ التربة‌الحسينيّة‌، للمرسل‌ عن‌ ابن‌ طاووس‌ في‌ مصباح‌ الزائر ونحوه‌ عن‌ البحارعن‌ المزار الكبير عن‌ جابر الجعفي‌ عن‌ الباقر(ع) قال‌: «كان‌ بي‌ وجع‌ الظهرووجع‌ الخوف‌، فقال‌ لي‌ عليك‌ بتربة‌ الحسين‌ بن‌ علي‌(ع)، اءنّك‌ اءذا اردت‌ اخذها فقم‌ا´خر الليل‌ واغتسل‌ والبس‌ اطهر ثيابك‌، وتطيّب‌ بسُعد وادخل‌ وقف‌ عند الراس‌ وصل‌ّاربع‌ ركعات‌...»اءلي‌ ا´خر الحديث‌.

د ـ كتاب‌ الصلاة‌ ـ احكام‌ السجدة‌ ـ (ج‌8 ص‌ 437).

استحباب‌ السجود علي‌ التربة‌ الحسينيّة‌:

وافضل‌ الارض‌ تربة‌ سيّد الشهداء(ع) قطعاً وسيرة‌ً، ولذا كان‌الصادق‌(ع) لا يسجد اءلاّ عليها تذللاً لله واءستكانة‌ كما عن‌ اءرشاد الديلمي‌وعن‌ مصباح‌ الشريعة‌ بسنده‌ اءلي‌ معاوية‌ بن‌ عمّار: (اءنّه‌ كان‌ لابي‌ عبدالله(ع)خريطة‌ ديباج‌ صفراء فيها تربة‌ ابي‌ عبدالله(ع) فكان‌ اءذا حضرته‌ الصلاة‌صبّه‌ علي‌ سجّادته‌ وسجد عليها، ثم‌ قال‌(ع): اءن‌ّ السجود علي‌ تربة‌ ابي‌عبدالله(ع) يخرق‌ الحجب‌ السّبعة‌).

وفي‌ مرسل‌ الفقيه‌ عنه‌(ع) ايضاً: «السجود علي‌ طين‌ قبر الحسين‌(ع) ينوّراءلي‌ الارضين‌ السبعة‌».

وفي‌ توقيع‌ الحميري‌ المروي‌ في‌ الاءحتجاج‌ (لمّا كتب‌ اءلي‌ صاحب‌الزمان‌(ع) يساله‌ عن‌ السجود علي‌ لوح‌ طين‌ القبر هل‌ فيه‌ فضل‌؟ فاجاب‌:«يجوز ذلك‌ وفي‌ الفضل‌»).

 

 


 

ه ـ كتاب‌ الصلاة‌ ـ استحباب‌ التعقيب‌ في‌ الصلاة‌ ـ (ج‌10 ص‌ 405).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

المهدي المنتظر في القرآن الكريم
خصائص القائد الإسلامي في القرآن الكريم
الولاء لأهل البيت عليهم السلام
الظلم ممارسةً وتَحَمُّلاً ودولةً لها أركان
القضية الفلسطينية في كلمات الإمام الخميني ( قدس ...
لا توفيق مع الغشّ
تحرير المدينة المنورة والحجاز
من شهد واقعة الطف
آداب المعلّم والمتعلّم في درسهما
الألفاظ الدخيلة والمولَّدة

 
user comment