عربي
Wednesday 24th of April 2024
0
نفر 0

السؤال : هل كانت حروب الردّة غير شرعية ؟ إذا كانت شرعية فخلافة أبو بكر شرعية ، وإذا كانت غير شرعية ، فلماذا يتزوّج الإمام علي (عليه السلام) من

زواجه لا يدلّ على مشروعية الخلفاء :

السؤال : هل كانت حروب الردّة غير شرعية ؟ إذا كانت شرعية فخلافة أبو بكر شرعية ، وإذا كانت غير شرعية ، فلماذا يتزوّج الإمام علي (عليه السلام) من

____________

1- شرح نهج البلاغة 16 / 287 .


الصفحة 61


سبيهم ؟ فهو تزوّج خولة والدة محمّد بن الحنفية ، كما زوّج ابنه الحسين (عليه السلام) من سبي فارس ، في عهد الخليفة عمر ، أرجو الإفادة ... ولكم جزيل الشكر .

الجواب : أنت تعلم أنّ شرعية الأمر متأتّية من شرعية القائمين به ، وعلى هذا يمكنك أن تجعل هذه القاعدة منطبقة على موردنا هذا ، فحروب الردّة تتبع في عدم شرعيتها إلى فقدان شرعية القائمين عليها ، وإذا كان الأمر كذلك ، فمن أين تأتي شرعية هذه الحروب ؟ ولا يمكن القول بعد ذلك بشرعيتها ، لعدم توفّر شرعية الخليفة .

أمّا كون أمير المؤمنين (عليه السلام) قد تزوّج بخولة بنت جعفر بن قيس ـ والدة محمّد ابن الحنفية ـ فغير ثابت أنّها من سبي حروب الردّة ، بل هي سبيت في أيّام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كما عليه أبو الحسن علي بن محمّد بن سيف المدائني ، حيث قال : هي سبية في أيّام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قالوا : بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) إلى اليمن ، فأصاب خولة في بني زبيد ، وقد ارتدّوا مع عمرو بن معدي كرب ... فصارت في سهم علي (عليه السلام) .

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " إن ولدت منك غلاماً فسمّه باسمي ، وكنّه بكنيتي " ، فولدت له بعد موت فاطمة (عليها السلام) محمّداً ، فكنّاه أبا القاسم ، نقل كلام المدائني القاضي النعمان المغربي في شرح الأخبار (1) .

وظهر من ذلك : أنّ خولة سبيت في حروب الردّة في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، لا كما يتوهّم البعض : أنّها سبيت في حروب الردّة في زمن أبي بكر .

أما زواج الإمام الحسين (عليه السلام) من سبي فارس فإنّ الإمام علي (عليه السلام) لم يتعامل معهم بعنوان سبي ، بل تعامل معهم كمسلمين ، وكان تزويج أحد بنات كسرى للحسين (عليه السلام) لا لكونهن سبيّات ، بل لكونهن بنات ملوك حرّات ، قد استنقذها الإمام (عليه السلام) من أيديهم ، وهي ظاهر رواية ابن شهر آشوب في المناقب ، وإليك نصّها :

____________

1- شرح الأخبار 3 / 296 .


الصفحة 62


" لما ورد بسبي الفرس إلى المدينة أراد عمر أن يبيع النساء ، وأن يجعل الرجال عبيد العرب ، وعزم على أن يحملوا العليل والضعيف ، والشيخ الكبير في الطواف ، وحول البيت على ظهورهم ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : " إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : أكرموا كريم قوم وإن خالفوكم ، وهؤلاء الفرس حكماء كرماء ، فقد ألقوا السلام ، ورغبوا في الإسلام ، وقد أعتقت منهم لوجه الله حقّي ، وحقّ بني هاشم " ، فقالت المهاجرون والأنصار : قد وهبنا حقّنا لك يا أخا رسول الله ، فقال : " اللّهم فاشهد فإنّهم قد وهبوا ، وقبلت وأعتقت " ، فقال عمر : سبق إليها علي بن أبي طالب ، ونقض عزمي في الأعاجم .

ورغب جماعة في بنات الملوك أن يستنكحوهن ، فقال أمير المؤمنين : " نخيّر ولا نكرههن " ، فأشار أكبرهم إلى تخيير شهر بانو بنت يزد جرد ، فحجبت وأبت ، فقيل لها : أيا كريمة قومها من تختارين من خطّابك ؟ وهل أنت راضية بالبعل ؟ فسكتت ، فقال أمير المؤمنين : " قد رضيت ، وبقي الاختيار بعد سكوتها إقرارها " ، فأعادوا القول في التخيير ، فقالت : لست ممّن يعدل عن النور الساطع ، والشهاب اللامع الحسين إن كنت مخيّرة ... " (1) .

ويظهر أنّ تعامل أمير المؤمنين (عليه السلام) مع هؤلاء ليس تعامل الرقيق والإماء ، ممّا يعني أنّ الإمام (عليه السلام) لم يتعامل معهم أسرى حرب ، كما هو ظاهر الرواية .

هذا ولو تنزّلنا وقلنا بأنّ الإمام (عليه السلام) قد تعامل معهم أسرى حرب ، فإنّه (عليه السلام) بصفة الخليفة الواقعي بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، له إقرار هذه الحرب لمصلحة يراها هو (عليه السلام) ، وإن كان ظاهراً من يقوم بالأمر غير الخليفة الشرعي ، أي إقرار الإمام للحرب ، أو عدم إقراره من شؤون إمامته ، وكذا كثير من الموارد التي يتصرّف بها الإمام (عليه السلام) ضمن شؤون ولايته الإلهيّة ، وإن كان الأمر في الظاهر لغيره .

1-   مناقب آل أبي طالب 3 / 208 .

 


الصفحة 63


فتبيّن : أنّ زواج الإمام الحسين (عليه السلام) من سبي فارس لا يدلّ على مشروعية خلافتهم ، إذ لا ملازمة بين عملهم ومشروعية خلافتهم ، فإنّ الله ينصر دينه على أيدي أناسٍ لا خلاق لهم كما هو وارد ، ففي صحيح البخاريّ باب بعنوان ( إنّ الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر ) .

( وليد محمّد . الإمارات . ... )

كراماته في طريقه لصفّين :

السؤال : ما معنى الرواية التالية ، والتي احتوت على مفردات أجنبية : أثناء وجود أمير المؤمنين في صفّين ، نزلوا بمكان ليس به ماء ، ثمّ أمرهم بحفر حفرة ، فإذا بصخرة عظيمة تلمع كاللجين ، فأمرهم برفعها ولم يستطيعوا ، وهم مائة رجل ، فدنا منها أمير المؤمنين ، ورفع يديه إلى السماء قائلاً : " طاب طاب مربا بما طبيوثا بوثة شتميا كوبا جاحا نوثا توديثا برحوثا آمين آمين ربّ هارون وموسى " ، ثمّ اجتذبها فرماها أربعين ذراعاً ، ثمّ ظهر لنا ماءً أعذب من العسل، وابرد من الثلج .

المطلوب معنى الكلمات الأجنبية ، وفّقكم الله .

الجواب : نحبّذ أوّلاً أن نذكر الرواية كاملة ، كي نعطي صورة مجملة عن القصّة ، فقد أوردها الشيخ الصدوق (قدس سره) مسندة إلى حبيب بن الجهم قال : لمّا دخل بنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى بلاد صفّين ، نزل بقرية يقال لها صندوداء ، ثمّ أمرنا فعبرنا عنها ، ثمّ عرّس بنا في أرض بلقع ، فقام إليه مالك بن الحارث الأشتر ، فقال : يا أمير المؤمنين : أتنزل الناس على غير ماء ؟

فقال : " يا مالك ، إنّ الله عزّ وجلّ سيسقينا في هذا المكان ماءً أعذب من الشهد ، وألين من الزبد الزلال ، وأبرد من الثلج ، وأصفى من الياقوت " ، فتعجّبنا ولا عجب من قول أمير المؤمنين (عليه السلام) .

ثمّ أقبل يجرّ رداءه ، وبيده سيفه حتّى وقف على أرض بلقع ، فقال : " يا مالك احتفر أنت وأصحابك " .


الصفحة 64


فقال مالك : احتفرنا فإذا نحن بصخرة سوداء عظيمة ، فيها حلقة تبرق كاللجين ، فقال لنا : " روموها " ، فرمناها بأجمعنا ، ونحن مائة رجل ، فلم نستطع أن نزيلها عن موضعها ، فدنا أمير المؤمنين (عليه السلام) رافعاً يده إلى السماء يدعو ، وهو يقول : " طاب طاب مريا عالم طيّبوا ثابوثه شمثيا كوبا حاحانو ثاتو ديثابر حوثا آمين آمين ربّ العالمين ربّ موسى وهارون " ، ثمّ اجتذبها فرماها عن العين أربعين ذراعاً .

قال مالك بن الحارث الأشتر : فظهر لنا ماء أعذب من الشهد ، وأبرد من الثلج ، وأصفى من الياقوت ، فشربنا وسقينا ، ثمّ ردّ الصخرة ، وأمرنا أن نحثو عليها التراب .

ثمّ ارتحل ، فما سرنا إلاّ غير بعيد قال : " من منكم يعرف موضع العين " ؟ فقلنا : كلّنا يا أمير المؤمنين ، فرجعنا فطلبنا العين ، فخفي مكانها علينا أشدّ خفاء ، فظننا أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قد رهقه العطش ، فأومأنا بأطرافنا ، فإذا نحن بصومعة راهب فدنونا منها ، فإذا نحن براهب قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر ، فقلنا : يا راهب عندك ماء نسقي منه صاحبنا ؟

قال : عندي ماء قد استعذبته منذ يومين ، فأنزل إلينا ماء مرّاً خشناً ، فقلنا: هذا قد استعذبته منذ يومين ؟ فكيف لو شربت من الماء الذي سقانا منه صاحبنا ؟ وحدّثناه بالأمر ، فقال : صاحبكم هذا نبيّ ؟ قلنا : لا ، ولكنّه وصيّ نبيّ .

فنزل إلينا بعد وحشته منّا ، وقال : انطلقوا بي إلى صاحبكم ، فانطلقنا به، فلمّا بصر به أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : " شمعون " ؟ قال الراهب : نعم شمعون ، هذا اسم سمّتني به أُمّي ، ما أطلع عليه أحد إلاّ الله تبارك وتعالى ، ثمّ أنت ، فكيف عرفته ؟ فأتمّ حتّى أتمّه لك .

قال : " وما تشاء يا شمعون " ؟ قال : هذا العين واسمه ، قال : " هذا العين راحوما وهو من الجنّة ، شرب منه ثلاثمائة وثلاثة عشر وصيّاً ، وأنا آخر الوصيّين شربت منه " .


الصفحة 65


قال الراهب : هكذا وجدت في جميع كتب الإنجيل ، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، وأنّك وصيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) .

ثمّ رحل أمير المؤمنين (عليه السلام) والراهب يقدمه حتّى نزل بصفّين ، ونزل معه بعابدين ، والتقى الصفّان ، فكان أوّل من أصابته الشهادة الراهب ، فنزل أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ وعيناه تهملان ـ وهو يقول : " المرء مع من أحبّ ، الراهب معنا يوم القيامة ، ورفيقي في الجنّة " (1) .

وعلّق العلاّمة المجلسيّ على هذه الرواية بقوله : " بيان : البلقع والبلقعة : الأرض القفر التي لا ماء بها " (2) .

وقد روى هذه الواقعة أهل السير والتاريخ وبألفاظ مختلفة عمّا هنا ، والقصّة واحدة ، ولاشكّ أنّ عدم ضبط حروفه وكلماته واعجامه وإهماله يصعب علينا الطريق ، بل يعميه حتّى لو أردنا استشراف الكلمات من لغات أُخرى كالعبرية ، أو السريانية ، أو الآرية التي نحتمل أن يكون الدعاء بلغتهم .

وبين كلّ هذه النصوص فرق كبير ، لعلّ منشأه عدّة أُمور ، أهمّها : إنّ هذه ألفاظ كانت غريبة عن الرواة ، فتناقلتها الصدور ، ثمّ ضبطتها ـ كما سمعتها ـ السطور ، مع اختلاف طبيعي في المُسمع والسامع والكاتب ، هذا في كلّ طبقة طبقة من أسانيد الرواة ، إلى أن وصل الحال إلى المصادر مع اختلافها ، والطبعات وتعدّدها .

وهو أمر ظاهر في كلّ لفظ أجنبي أو غريب ، وحشي على السامع أو الناقل ، ويؤيّد ما ذكرناه ، أنا تابعنا ألفاظ الحديث فوجدناها مختلفة ، وقد قربت بعض كلماته عن بعض ، وفصلت عن آخر ، ممّا كان وليد ذاك أنّا لم نحصل

____________

1- الأمالي للشيخ الصدوق : 251 .

2- بحار الأنوار33 / 41 .


الصفحة 66


على توافق في كلمة واحدة من الحديث .

نعم قد اتّفقت هذه الروايات على كلمة : " طاب طاب " و " عالم " .

ونجد ابن شهر آشوب عند تعداد أسماء رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الكتاب الكريم، والكتب السماوية قال : ومنها العالم ، ثمّ قال : وفي الإنجيل : طاب طاب أحمد ، ويقال : يعني طيب طيب (1) .

وورد أيضاً في كتاب الفضائل عن الواقدي ـ في حديث مفصّل ـ : جاء فيه خطاب جبرائيل (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : " السلام عليك يا محمّد ، السلام عليك يا أحمد ... السلام عليك يا طاب يا طاب ، السلام عليك يا سيّد يا سيّد ... " (2) .

ولعلّ في ما ذكر من ألفاظ الدعاء نوع إشارة خاصّة ، ورمز معيّن قصد به حلّ المشكلة ، لا أنّه دعاء عام يقرأ ويدعى به ، أو يستن به ويتابع عليه ، إذ لا يراد منه الحفظ ، أو التعلّم والتعليم .

وبعد كلّ هذا ، لا ننسى أنّ الهدف في نقل هذه الواقعة هو بيان إعجازها ، وذكر كرامة لسيّد الأوصياء (عليه السلام) فيها ، لا نقل الدعاء وضبطه كما لا يخفى .

هذا ، وإن جهلنا بأمثال هذه الأُمور لا يغيّر من الحقّ شيئاً .

( سلوى . الإمارات . سنّية )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

من هو شيخ الأنبياء ومن هو سيد البطحاء وشيخ ...
السؤال: ما هو حكم الخيرة أو الاستخارة ؟ فنرى ...
السؤال : أُودّ أن افهم مدى الغلوّ في الإمام علي ، ...
السؤال : هل الإمام يعلم بالموضوعات الخارجية ...
السؤال : لماذا يعتبر المسلمون بأنّ الكلب نجس حين ...
السؤال: من هو أنس بن مالك الأنصاري ، خادم الرسول ...
السؤال: يقول المعصوم (عليه السلام) : " لولا الحجّة ...
السؤال : متى يظهر الإمام المهديّ (عليه السلام) ؟ ...
السؤال: إذا كان الله في كُلّ مكان ، كما قال الإمام ...
السؤال : أُريد أن تتفضّلوا عليّ بذكر الأحاديث من ...

 
user comment