عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

السؤال : هل لخطبة البيان والطتنجية سند ؟ وإذا كان لها سند ، ألا تفيد الغلوّ ؟

حول خطبتي البيان والطتنجية :

السؤال : هل لخطبة البيان والطتنجية سند ؟ وإذا كان لها سند ، ألا تفيد الغلوّ ؟ شكراً لمساعيكم .

الجواب : كثيراً ما يتساءل عن خطبة البيان والخطبة الطتنجية سنداً ودلالة ، بل كلّ ما هناك من ألفاظ وصفات إلهية نسبت للمعصومين (عليهم السلام) ممّا تفيد الغلوّ ، بل الشرك والكفر لو أُريد منها معانيها الظاهرية ، أمثال قولهم (عليهم السلام) : " نحن الأوّل والآخر ، والظاهر والباطن ... " وإلى غير ذلك .

فنقول : إنّ الأُمّة الإسلامية قد خصّت من دون الأُمم بفضيلة الإسناد ،

____________

1- البقرة : 124 .

2- التوبة : 32 .


الصفحة 53


وفُضّلت على سائر الشرائع بنعمة الاستناد والاتصال بالمعصومين (عليهم السلام) ، من خلال الرجال الثقات والممدوحين .

وعليه ، فكلّ خبر ما لم يكن مسنداً متّصلاً - ضمن شروط ذكرت في محلها - لا قيمة له ولا حجّية من أيّ أحد صدر ، ولأيّ شخص نسب ما لم يكن محاطاً بقرائن تورث الوثوق بالصدور ، وعليه :

أوّلاً : لم يذكر لأمثال هذه الخطب سنداً معتبراً ، بل قد نجده أرسل ـ بالمعنى الأعم ـ مع أنّا نجد غالب كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) وخطبه مسندة في مواطن ، وإن كانت مرسلة في النهج وغيره .

ثانياً : إنّ إعراض الأعلام ـ وخصوصاً مشايخنا العظام ـ موهن للخبر ، بل قد يسقطه عن الحجّية ، خصوصاً إذا كان في مرأى ومسمع منهم .

ثالثاً : وجود طائفة كبيرة من أخبار العرض ـ الأخبار العلاجية ـ ، مثل ما ورد عنهم (عليهم السلام) مستفيضاً من قولهم : " ما خالف كتاب الله فهو : زخرف" ، وفي بعض الروايات : "لم نقله" ، وفي بعضها الآخر : " وأضربه عرض الجدار " ، وهي أحاديث لا تحصى كثرةً ، كما لنا أحاديث جمّة في إسقاط كلّ حديث خالف العقول ، أو لزم منه الشرك والكفر ، إلاّ إذا أمكن تأويله ، أو حمله على محمل صحيح ، هذا بشكل عام ، وهي فائدة تنفع في موارد متعدّدة ، ومقامات أُخرى .

وأمّا ما يخصّ المقام ، فنقول :

أوّلاً : لقد نسب لبعض علمائنا (قدّس أسرارهم) في خصوص خطبة البيان كون ألفاظها ركيكة ، وأنّها ليست بعربية فصيحة ، وأنّها مخالفة للسان أهل البيت (عليهم السلام) ، وهو كلام إنّما يتمّ عند أهل الفن خاصّة ، وفيه مجال للردّ والإبرام ، خصوصاً مع كون حديثنا صعب مستصعب ، وقولهم (عليهم السلام) : " ردّوه إلينا ... " ، كما ويخشى من تعميمه في مواطن أُخرى ، من غير من هو أهل لذلك .

ثانياً : وجود روايات صريحة صحيحة كثيرة مقابل هذه الأخبار الشاذّة النادرة ، وهذا كاف لإسقاطها عن الحجّية .


الصفحة 54


ثالثاً : إنّها مخالفة للعقل ، ولا يمكن القول بظاهرها من موحّد ، إلى غير ذلك من الوجوه الكثيرة ، التي لا غرض لنا هنا بإحصائها ، إذ لا نجد ثمّة ضرورة في ذلك .

والحاصل : إنّ عمدة الإشكال هنا أنّه مع قوله تعالى : { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ... } (1) ، وقوله عزّ من قائل : { هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } (2) ، وقوله عزّ اسمه : { إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ } (3) وغيرها ، مثلاً وما أكثرها ، فكيف يرد التعبير عنهم (عليهم السلام) أمثال هذه الألفاظ التي يستشم منها الغلوّ والكفر ؟ والعياذ بالله .

ولبّ الجواب عليه ـ فضلاً عمّا سلف ـ هو : إنّه وردت في كتبنا روايات كثيرة عنهم (عليهم السلام) صحيحة ، عندما ذكروا هذه الألفاظ فيها فسّروها لنا ، وقالوا نقصد منها كذا ، فلو فسّرت بغير هذا من أيّ كان ، أو أخذ بظواهرها ، لكان ردّاً عليهم (عليهم السلام) ، ولابدّ من الأخذ بتأويلهم وبما فسّروه ، وإلاّ لكان باطلاً لم يقصدوه ولا يريدوه ، بل تقوّل عليهم وافتراء ، مثال ذلك :

أ ـ قوله (صلى الله عليه وآله) : " أنا الأوّل والآخر ... " ، ثمّ فسّره بقوله : " أوّل في النبوّة ، وآخر في البعثة ... " (4) .

ب ـ ما جاء في مناقب آل أبي طالب ، حيث عدّ مجموعة من الصفات ثمّ فسّرها (عليه السلام) .

وسئل أمير المؤمنين (عليه السلام) كيف أصبحت ؟ فقال : " أصبحت وأنا الصدّيق الأوّل ، والفاروق الأعظم ، وأنا وصيّ خير البشر ، وأنا الأوّل ، وأنا الآخر ،

____________

1- النجم : 43 .

2- الحديد : 3 .

3- البقرة : 258 .

4- كشف الغمّة 1 / 13 .


الصفحة 55


وأنا الباطن ، وأنا الظاهر ، وأنا بكلّ شيء عليم ، وأنا عين الله ، وأنا جنب الله ، وأنا أمين الله على المرسلين ، بنا عبد الله ، ونحن خزان الله في أرضه وسمائه ، وأنا أُحيي ، وأنا أُميت ، وأنا حيّ لا أموت ... " .

فتعجّب الإعرابي من قوله فقال (عليه السلام) : " أنا الأوّل ؛ أوّل من آمن برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنا الآخر ؛ آخر من نظر فيه لمّا كان في لحده ، وأنا الظاهر ؛ فظاهر الإسلام ، وأنا الباطن ؛ بطين من العلم ، وأنا بكلّ شيء عليم ؛ فإنّي عليم بكلّ شيء أخبر الله به نبيّه ، فأخبرني به ، فأمّا عين الله ؛ فأنا عينه على المؤمنين والكفرة ، وأمّا جنب الله ؛ فأن تقول نفس : يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله .. ومن فرّط فيّ فقد فرّط في الله ، ولم يخبر لنبي نبوّة حتّى يأخذه خاتماً من محمّد (صلى الله عليه وآله) ، فلذلك سمّي خاتم النبيّين سيّد النبيّين ، وأنا سيّد الوصيين ، وأمّا خزّان الله في أرضه ؛ فقد علمنا ما علمّنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقول صادق ، وأنا أُحيي ؛ أُحيي سنّة رسول الله ، وأنا أُميت ؛ أُميت البدعة ، وأنا حيّ لا أموت ، لقوله تعالى : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } (1) " (2) .

ج ـ ما جاء في الاختصاص : روي أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان قاعداً في المسجد ، وعنده جماعة ، فقالوا له : حدّثنا يا أمير المؤمنين ، فقال لهم : " ويحكم إنّ كلامي صعب مستصعب ، لا يعقله إلاّ العالمون " .

قالوا : لابدّ من أن تحدّثنا ، قال : " قوموا بنا " ، فدخل الدار ، فقال : " أنا الذي علوت فقهرت ، أنا الذي أُحيي وأُميت ، أنا الأوّل والآخر ، والظاهر والباطن " .

فغضبوا وقالوا : كفر !! وقاموا ، فقال علي (عليه السلام) للباب : " يا باب استمسك عليهم " ! فاستمسك عليهم الباب .

____________

1- آل عمران : 169 .

2- مناقب آل أبي طالب 2 / 205 .


الصفحة 56


فقال : " ألم أقل لكم : إنّ كلامي صعب مستصعب لا يعقله إلاّ العالمون ؟! تعالوا أفسّر لكم ، أمّا قولي : أنا الذي علوت فقهرت ، فأنا الذي علوتكم بهذا السيف ، فقهرتكم حتّى أمنتم بالله ورسوله .

وأمّا قولي : أنا أُحيي وأُميت ؛ فأنا أُحيي السنّة وأُميت البدعة .

أمّا قولي : أنا الأوّل ؛ فأنا أوّل من آمن بالله وأسلم .

وأمّا قولي : أنا الآخر ؛ فأنا آخر من سجّى على النبيّ (صلى الله عليه وآله) ثوبه ودفنه .

وأمّا قولي : أنا الظاهر والباطن ، فأنا عندي علم الظاهر والباطن " .

قالوا : فرّجت عنّا فرّج الله عنك (1) .

د ـ ما جاء في رجال الكشّي مسنداً عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا وجه الله ، وأنا جنب الله ، وأنا الأوّل ، وأنا الآخر ، وأنا الظاهر ، وأنا الباطن ، وأنا وارث الأرض ، وأنا سبيل الله ، وبه عزمت عليه " .

فقال معروف بن خربوذ : ولها تفسير غير ما يذهب فيها أهل الغلوّ (2) .

وعلّق عليه في بحار الأنوار قوله : " وبه عزمت عليه " ، أي بالله أقسمت على الله عند سؤال الحوائج عنه (3) .

( علي الطريحيّ . هولندا . 21 سنة . طالب )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال : أسيادنا الأعزّة ، الرواية في بحار ...
السؤال : ما هو الردّ على أهل السنّة ؟ حيث يقولون : ...
السؤال : هل صحيح أنّ سيف ذو الفقار للإمام علي ...
ما كان اسم الخضر عليه السلام عندما ظهر في أيام ...
السؤال: إنّه ليحزّ في نفسي أن أجد مثل هذه الإجابة ...
السؤال : هل كانت الشيعة في زمن الرسول ؟ وما رأي ...
ما هي الآية الكريمة التي حددت العلاقة بين الزوج ...
السؤال: نشكركم على جهودكم في إفادة الناس ...
السؤال : ما الفرق بين الشيعة والسنّة ؟
السؤال: اسم الله الأعظم اسم يستودعه عند خاصّة ...

 
user comment