عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

المغول يزمعون غزو بغداد.

المغول يزمعون غزو بغداد.

نـقـل لنا التاريخ ان جنكيزخان كان راغبا في اقامة علاقات ودية مع حكام ايران و العراق و لم ينو الـهجوم على هاتين الدولتين في بادئ الامر, بل كان يسعى في توثيق الصلة بهماو بنا علاقات ودية مـعـهما, و لذلك ارسل اليهما التجار, و اوفد سفيره المفوض الى الدولة الخوارزمية , الا ان غرور السلطان محمد خوارزمشاه (م 617 ه) قد دفعه الى قتل التجار و السفير المذكور, و من ثم توري ط نـفـسـه و بـلاده بـمـشـكـلة كان في غنى عنها و حينئذبدات الاشتباكات والحروب بين المغول والخوارزمشاهيين في المناطق الشرقية من ايران ((1606)) .
لا جـرم ان الـتـصـرفات الطائشة للسلطان الخوارزمي , الذي يحتمل ا نه لم يتوقع انتصارالمغول يومئذ, كانت من اسباب هجوم المغول و نص ابن الاثير على ان السلطان ندم على عمله القبيح , و فكر بـحـل , لكنه فوجئ بانذار السلطان المغولي و هو يقول له : ((تقتلون اصحابي و تجاري و تاخذون مـالـي مـنـهم , استعدوا للحرب ((1607)) )) هذا جانب من القضية , اما الجانب الاخر فيتمثل في توجهات المغول انفسهم , فانهم و ان كانوا يفكرون في البداية بتوحيد اقطار الشرق الاقصى , لكنهم عزموا على توسيع نطاق نفوذهم بغتة , وكان التصرف المتهور الذي بدر من السلطان محمد خوارزم شاه ذريعة بايديهم , فبداواهجماتهم على آسيا الوسطى .
و يـنـبـغي ان نذكر هنا بواعث اخرى دفعت المغول الى الهجوم , منها تحريض الغربيين لهم من اجل الهجوم على الاقطار الاسلامية ((1608)) ذلك التحريض الذي كان بامكانه ان يقدم مساعدة كبيرة للنصارى الى جانب الحروب الصليبية و كان الارمن القاطنون في ارمينية يعضدون الغربيين .
و فـكـر الـمـغول بالغزو منذ ان اعترى جنكيزخان هوس التوسع في المناطق الغربية من آسيا و تعرضت مناطق كثيرة من ايران للغارات المغولية مادام جنكيز على قيد الحياة (624 ه), و من هذه المناطق : الري , و قم , و كاشان , و ساوه اي : مناطق عراق العجم ((1609)) .
ان حضور جلال الدين خوارزمشاه في السلطة , و تنمره امام المهاجمين (حتى سنة628 ه) قد حدا مـن تغلغل المغول في المناطق المركزية من ايران , فواصلوا زحفهم باتجاه القفقاز و في اعقاب موت جلال الدين , اغاروا على سائر المناطق في ايران بعد ان كانواقد اكتفوا في زمانه بخراسان بوصفها المنطقة الوحيدة الخاضعة لسلطتهم .
ان الـلافـت لـنظرنا هنا هو ان المغول طفقوا يفكرون بعد ذلك بقمع حاكم بغداد و احتلال عاصمته عـلـما با نهم كانوا قد شنوا بعض الغارات على بغداد قبل غزوها باحدى و عشرين سنة تقريبا, و ذلك في ايام المستنصر العباسي و يشعرنا هذا ان اشخاصا مثل الخواجه نصيرالدين الطوسي ليس لهم اي دور في تحريض المغول , بل كان المغول انفسهم يزمعون القيام بذلك من قبل .
و يقول رشيدالدين في هذه الغارات التي شنت في عامي 634 , و 635 ه ما نصه :.
((كان الجيش المغولي يقوم بغاراته فوجا فوجا بامر بايجونويان , و قد حاصر اربيل , في اوائل المدة الـمـذكورة التي كان فيها المستنصر العباسي حاكما على البلاد و لما بلغ ‌المستنصر خبرهم , وجه الـيـهم شمس الدين ارسلان على راس ثلاثة آلاف فارس و عندماسمع المغول ذلك , لاذوا بالفرار عـلى غرة و استفتى المستنصر الفقها هل ان الحج افضل او الجهاد, فافتوا جميعهم بافضلية الجهاد, فنهى الناس عن الحج في تلك السنة و شرع العلما, والفقها, والخواص , والعوام , والغربا, و اهل البلد بـالتدريب على السلاح ,و تعلم الرماية و امر بحفر خندق , و تشييد سور حول بغداد و عاد المغول مـرة اخـرى الـى اربـيل و كان امير ارسلان تيكين مرابطا مع جيشه خارج المدينة , و هو ينتظر قـدومـهـم و لماعلم المغول بذلك , رجعوا ادراجهم , و اتجهوا صوب دقوق , و بعض توابع بغداد, و قـتـلـوا,و نـهـبـوا, و اسـروا مـن وجـدوه فـي تـلك المناطق و انهزم المغول من جبل حمرين خـائبـيـن ,فلحقهم الاتراك و غلمان المستنصر, و قتلوا عددا كبيرا منهم , و اطلقوا اسرى اربيل ودقوق منهم ((1610)) )).
و نـقـرا ايـضا معلومات متكررة نقلها لنا المؤرخون عن هجوم المغول على مناطق العراق في الفترة الممتدة بين سنة 632 و 635 ه ((1611)) .
و فـي ضؤ ما نقل لنا ابن ابي الحديد الذي شهد حوادث المغول , فان جماعة منهم هاجموا بغداد بقيادة بجكتاي الصغير و كان هذا الهجوم في سنة 643 ه و وقع الاشتباك في السابع عشر من ربيع الاول مـن هـذه الـسـنـة , و اسـفـر عـن هزيمة المغول و فرارهم بسبب الاستبسال الذي ابداه الجيش البغدادي ((1612)) .
و اعـاد الـمـغـول الـكرة فاغاروا على خانقين سنة 647 ه ((1613)) و ذكر ابن الكازروني ان هجومهم الذي اشار اليه ابن ابي الحديد انه كان في سنة 643 ه , قد وقع في السابع عشر من ربيع الثاني سنة 642 ه ((1614)) .
و ثمة ادلة اخرى ايضا تفيد ان المغول كانوا مستائين من الحاكم العباسي , و طالماكانوا يتظلمون منه عند ملكهم .
اذن , كانوا في غنى عمن يحرضهم على قتل الحاكم العباسي والقضا عليه .
و عـنـدما تولى منكوقاآن قيادة المغول , كان بايجونويان قد توجه الى ايران على راس جيش جرار للمحافظة عليها و اوفد منها مبعوثا الى ملك المغول يشكو اليه من الملاحدة [الاسماعيليين ] و حاكم بـغـداد و كـان شـمس الدين القزويني عند منكوقاآن يومذاك ,فحرضه على الاسماعيلية , و ذكره باستيلائهم على قسم من البلاد ((1615)) .
و استجاب منكوقاآن لتحريضه فاشخص اخاه هولاكو لغزو تلك البلاد, و قال له : ((ابدامن قهستان [مقر الاسماعيلية في شرق ايران ] و دمر القلاع و الاسوار و ان فرغت منها,فتوجه الى العراق و اذا بادر الحاكم العباسي الى الطاعة فلا تتعرض له بسؤ اما اذا تكبر وعصى ولم يوافق لسانه قلبه , فالحقه بمن سبقه ((1616)) )).
و نـقـل خـوانـدمـيـر ايـضـا انـه قـال لاخـيـه هولاكو: (( ابدا بغزوك من جيحون الى اقصى مصرو ((1617)) )).
و لو تصفحنا التاريخ و راينا ماذا فعل الحاكم العباسي خلال خمسين يوما من غزوبغداد, و كيف كان تعامله مشينا مع المغول قبل ذلك , لعلمنا انه اغضب هولاكو الى درجة ان الخواجه و غيره من الامرا والـعلما لو كانوا عارضوه لقتلهم ايضا كما قتل حسام الدين الذي هدده و اخافه من قتل المستعصم و حذره بانه لو قتل , فستنقلب الدنيا و لما لم يحدث شي , قضى عليه .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

عصر ظهور المذاهب الاسلامية
واقع ﺍﻏﺘﻴﺎﻝ ﻋﺎﺋﺸﺔ
أمير المؤمنين شهيد المحراب
كربلاء ؛ حديث الحق والباطل
الشيعة وإحياؤهم ليوم عاشوراء
في تقدم الشيعة في علم الصرف ، وفيه صحائف -2
تأملات وعبر من حياة أيوب (ع)
تاريخ الثورة -6
من مناظرات الامام الصادق(عليه السلام)
من خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ...

 
user comment