عربي
Thursday 28th of March 2024
0
نفر 0

تشكيل الحكومة الاسماعيلية في ايران .

تشكيل الحكومة الاسماعيلية في ايران .

مر بنا ان النشاطات الاسماعيلية في ايران كانت في تصاعد ابان القرن الخامس الهجري و كان دعاة الاسماعيلية منهمكين في نشر افكارهم في الحواضر المختلفة ,و منها: اصفهان , والري , و خراسان التي كانت من مراكزهم الناشطة آنذاك .
و يـعد عبدالملك عطاش احد دعاتهم المعروفين في اصفهان و على الرغم من وجودالمذهب السني في المدينة المذكورة , فان نشاطه الدعائي اوجد من الاسماعيلية حركة لافتة للنظر نسبيا في تلك الـمـديـنـة و لـم يقتصر هذا الموضوع على اصفهان , بل كانت ساوه ايضا من الحواضر التي مارس الاسـمـاعـيـليون نشاطاتهم علانية , و هي من المراكز السنية التي عاشت في صراعات دائمة مع منطقة آبه الشيعية و بلغ الامر فيها ان اول خطوة علنية اتخذها الاسماعيليون قبل تاسيس حكومتهم فـي ايران كانت في ساوه على حد تعبير ابن الاثير, اذ قال : اجتمع منهم ثمانية عشر رجلا فصلوا صـلاة العيد فيها ففطن الحاكم ,فاخذهم و حبسهم ثم سئل فيهم فاطلقهم
((1498)) و كانت مصر هي التي تمون هذه التحركات فان عددا من هؤلا الدعاة اما كانوا انفسهم قد زاروا مصر, او اتصلوا بـالـدعـاة الـذيـن كـانـوا قـد تـلقوا التعليمات الاسماعيلية فيها و تقارن اتساع هذه التحركات مع ظـهورشخص يدعى : الحسن بن محمد بن الصباح فقد تاثر هذا الشخص بالدعايات الاسماعيلية , ثم اصـبح مؤسسا لحكومة كانت قائمة من سنة 483 ه الى حدود سنة 655ه , و لم يستطع الاتراك السلاجقة ـ على اقتدارهم و تعبئتهم الجيوش ـ ان يقضوا عليها.
و تـعـد الـحـكـومة الاسماعيلية ثاني حكومة شيعية بعد الحكومة البويهية و ان كانت هناك فوارق جوهرية بين العقائد الاسماعيلية والعقائد الشيعية الامامية , لكن موقفهما من السنة متماثل تقريبا.
ان الاخبار التي وصلتنا عن هذه الحكومة قليلة و مثلها كمثل كثير من الحكومات الاخرى في تدوين الـحـوادث الـمتعلقة بها بعد سقوطها او اذا كانت ثمة معلومات عنها,فانها غير متيسرة الا في نطاق محدود.
و نـجد اخبار هذه الحكومة في كتابين تاريخيين مهمين تم تاليفهما في تلك المعمعة التي رافقت غزو الـقـلاع الاسـمـاعـيـلية ايام المغول احدهما : تاريخ جهانكشاى للجويني ,و الاخر: جامع التواريخ لـرشيدالدين فضل اللّه و هما يحويان اخبارا من الطراز الاول حول حكومة الاسماعيليين في ايران اما الكتب الكثيرة التي اشارت الى الاسماعيليين فيمابعد, فانها اخذت معلوماتها منهما, و ضمت اليها ما كانت تتناقله السن الناس فدونته معها.
و عندما تمت السيطرة على قلعة الموت , فان مكتبتها وقعت بايدي المغول فاستاذن الجويني هولاكو ان يفرز بعض الكتب الخاصة فيها, و يدمر الباقي منها
((1499)) و وقع كتاب بيد الجويني يحوي ((سـرگـذشـت سيدنا)) اي : سيرة سيدنا, و هو يتحدث عن حياة الحسن بن الصباح و يعتبر هذا الـكتاب منبعا للاخبار المتعلقة بالشخص المشار اليه و ماذكره رشيدالدين و غيره فيما بعد تكرار لتلك الاخبار.
و مـن الـمـؤسـف ان تـعـصـب الجويني لم يدعه ان ينقل كافة الاخبار والمعلومات , على حد تعبير المرحوم القزويني
((1500)) .
و كانت المكتبة المذكورة تضم كتبا كثيرة و شهدت جردا لها قبل تلك الحادثة ايضا, اذدمرت كتب جمة منها و ذلك عندما اراد حسن نومسلمان مرة ان يزيل تهمة الالحاد عن اسماعيليي الموت , فطلب من علما السنة في قزوين ان يزوروا المكتبة المذكورة ((و يفرزوا الكتب التي تثبت مذهب الالحاد و الزندقة و تخالف عقائد المسلمين ثم يحرقوها
((1501)) )) و في ضؤ هذا, ينبغي ان نقول اننا لا نـمتلك معلومات ذات اهميتة تذكر عن عقائد الالموتيين و اخبارهم الاولى بخاصة ان الباقي منها لم يـسـلـم مـن تـعـصـب الـجـويـنـي و امـثـالـه , و من النظرة السلبية السائدة في المجتمع السني حيال الاسماعيليين .

ان مؤسس الحركة الجديدة , او الدعوة الجديدة حسب التعبير المشهور, هوالحسن بن الصباح الذي كـان يـخاف من اسمه اكثر الحكام و الامرا على امتداد حكومته التي دامت قرابة اربعة عقود و ان الـمـعلومات التي نقلها الجويني تحت عنوان : (سيرة سيدنا) ((1502)) تدل على ان ابن الصباح كان عـلى المذهب الاثني عشري في بادئ امره ثم عدل عنه بتاثير رجل اسماعيلي في الري يدعى : امير ضـراب , الـذي اسـتطاع ان يزرع الشك في قلبه و يمهد الارضية لاستقطابه بعد مناقشات متوالية خـاضـها معه ثم تعرف بعده على رجل يدعى : ابا النجم السراج , فدله على غوامض الدين و استماله الـى الـمـذهـب الاسماعيلي و بعد ذلك قصد ـ بوصفه اسماعيليا ـ داعي الاسماعيليين في اصفهان : عـبـدالـمـلـك بن عطاش و بايعه و هكذا تمكن من الاتصال بالتيار التنظيمي للاسماعيلية في مصر بـواسـطـة عـبدالملك الذي شعر باستعداده الكبير للنمو, فطلب منه التوجه الى مصر لتلقي التعاليم اللازمة فشد رحاله صوب مصر و وصلها بعد ان تجشم عنا كبيرا في سفره .
و كـان الـحسن قبل ذهابه الى مصر شخصية خاملة الذكر و افادت حادثة منقولة انه كان في بلاط السلاجقة مدة , ثم ارغم على تركه بدسيسة نظام الملك ((1503)) .
فتوجه الى مصر, و اصبح معروفا تماما بين الشخصيات المصرية المشهورة لذلك رحبوا به ترحيبا خاصا و قال رشيدالدين : ((عندما وصل الى مدينة مقس القريبة من القاهرة , استقبله وفد من الاعيان الـمـعروفين و فيهم داعي الدعاة ابو داود, و شريف ظاهرالقزويني ((1504)) )) مما يدل على مكانة الحسن بن الصباح عندهم .
و كان وفوده على مصر في سنة 471 ه و اقام فيها زها عامين و كان الامام الاسماعيلي المستنصر بـاللّه الـعـلـوي يـشيد به و يثني عليه , مع ا نه لم يلتقه عن قرب و هذاايضا ينبئ عن منزلته عند الحكومة المصرية .
و لـعـله لم يرغب في ترك مصر عاجلا لولا الخلاف الذي نجم بين اعضا الحكومة هناك , فارغمه على مغادرتها و نشا هذا الخلاف عن قرار المستنصر بتعيين ولده نزارخليفة له بعد حكم دام ستين سـنـة ثـم غير رايه بعد مدة لاسباب معينة , فنصب ولده الاخرالمستعلي مكانه فانحاز جماعة الى جـانب نزار متذرعين با نه اول من نص عليه ابوه كاسماعيل بن جعفر الذي ادعوا كذبا ا نه اول من نـص عـلـيـه الامام الصادق ـ عليه السلام ـبالامامة و مال آخرون الى المستعلي فنشب صراع بين الاثنين , انتهى بمقتل نزار.
و كـان الـحسن بن الصباح الى جانب نزار, فاضطر الى ترك مصر عائدا الى ايران و جاالى يزد و كـرمـان سـنة473 ه ثم اقام في دامغان ثلاث سنين و تركها متوجها الى باته جرود((وانخدع به كـثـير من الناس لما كان يبدو عليه من غاية الزهد)) و انشغل بالرحلات العديدة والتبليغ في انحا متفرقة من سنة 473 ه الى سنة 483 ه , و فيها ذهب الى الموت و مكث فيها ثماني و ثلاثين سنة لم يخرج من غرفته , و لم يصعد على سطح القلعة الا مرتين ((1505)) .
و كان الحسن بن الصباح قبل توجهه الى الموت ملاحقا من قبل السلاجقة , بخاصة وزير المعارف في حـكومة ملكشاه و هو الخواجه نظام الملك الذي اصدر اوامره الى حاكم الري بالقا القبض عليه لكن الحسن لم يرجع الى الري ((1506)) , بل توجه تلقاالموت .
و يـنـبـغي ان نوضح نقطة ترتبط بالاشارة الى عقيدة الحسن بن الصباح الاولى الواردة في (سيرة سيدنا) ((1507)) قائلين :.
لا يـمـكـننا ان نقطع بمذهبه الاثني عشري اذ ان خصوم الاسماعيلية كانوا يخططون دائمالعرض الاسـمـاعـيـلـية و التشيع في قالب واحد منسجم تماما, والنظر الى التشيع الامامي كممهد للتشيع الاسماعيلي في الاقل و كانوا يقولون : التشيع طريق الى الالحاد ((1508)) .
امـا الـشيعة فقد رفضوا هذه النبرة , اما خوفا او رغبة في ابدا معارضتهم حقا, بخاصة عندما اصبح الالـحـاد رسميا في الموت و ينكر عبدالجليل الرازي هذه المسالة بشدة , و هوالذي الف كتابه في اوائل القرن السادس حينما كانت الحكومة الاسماعيلية في ذروة عزها و ينكر ايضا اعتناق الحسن بن الصباح للمذهب الاثني عشري و يقول في الذين ارسوا دعائم الالحاد:.
((احـدهـم رئيس جميع الملحدين و مقدمهم و امامهم و مقتداهم في العقود الثمانية الماضية , و هو الحسن بن الصباح ((1509)) الجبري بن الجبري الساكن في مستنقع آسن و كان في الري , في حي المدرس الصوفي عبدالرزاق بياع زميل تاج الملك المستوفي الجبري و لم يسكن في مصلحگاه , و لا في زاد مهران و يعلم شيوخ الطائفة مذهب ابيه ((1510)) )).
و تـحدث بعد ذلك ايضا عن رؤسا الباطنية الاخرين و اثبت تسننهم اعتمادا على مواطنهم و مساق ط رؤوسهم يضاف الى ذلك انه ذكر ادلة اخرى طريفة في هذاالمجال و نقل القاضي نوراللّه في رسالة اوردها في كتابه ان الحسن بن الصباح كتب الى ملكشاه الذي اتهمه بابداع دين جديد قائلا:.
((كـان ابـي امـر مسلما على مذهب الشافعي ارسلني الى المكتب , و برعت في شتى العلوم , بخاصة عـلـوم الـقرآن و الحديث بعد ذلك ظهر عندي تحمس على الدين و رايت في كتب الشافعي روايات كثيرة في فضيلة اولاد النبي و امامتهم ((1511)) )).
و تـؤيـد هـذه الفقرة ما ذهب اليه الرازي ايضا فان صحت هذه الرسالة , و قبلنا دليل الرازي , فعلينا الـتـسـليم بعدم وجود اي علاقة له بالتشيع الاثني عشري و انما ركز هؤلاعلى تشيعه الامامي من اجل ان يربطوا بين اجزا هذا التيار مستغلين الدعايات المعادية للباطنيين ضد الشيعة كافة .
و عـنـدما استولى الحسن على الموت , استطاع ان يخضع مناطق اخرى لسيطرته باساليب و طرق مـخـتـلفة و قام قبل كل شي بتوطيد تحصيناته , و توسيع امكانياته في الموت تاهبا لهجمات الحكام الـسـلاجـقة و يعتبر الارتباط التنظيمي الحركي الذي اوجده من اهم البواعث على اتساع الدعوة الاسـمـاعيلية و مارس الاسماعيليون نشاطاتهم في شبكات تنظيمية قوية و حاولوا ان يتحركوا و يـقـومـوا باعمالهم في البداية ملتفين حول الامامة اذ ان لهم عقيدتهم حول الاتصال بالامام و تمحور الامـامـة و ان وجـود الائمـة الـمستورين معلم او دليل على نوع من الحركة السرية التي رعاها الاسماعيليون جيداو كانوا يقومون باكبر الاعمال في سرية تامة .
مـن جـهـة اخرى , اختار الحسن العمل الدعائي و التبليغي بوصفه اهم المحاور, و وجه دعاته الى مختلف الارجا بعد استقراره في الموت ((1512)) و تمكن بواسطتهم ان يستقطب كثيرا من الناس , و يخضع كثيرا من القلاع المعروفة في الغرب و الشرق لسلطته وسلطة انصاره .
و حـقـق بـعض الانتصارات مستهديا بالاساليب الحربية والعسكرية , و كان يحاول ان يرسخ اساس القلاع المغزوة بوجه خاص يقول الجويني : ((احكم الحسن قبضته على كل موضع تلبس بدعوته و مـن لـم يـلن لتعزيره , فليس امامه الا القتل , والهتك , والنهب ,و السفك , و الحرب و كان ياخذ كل ما تيسر من القلاع و انى وجد حجرا خليقا بالبنا, فانه يشيد عليه قلعة ((1513)) .
و بـعـث الحسن حسين القايني احد دعاته الى مناطق قهستان في جنوب خراسان سنة484 ه , اي : بـعـد اسـتـقـراره في الموت بسنة فاستطاع المبعوث ان يخضع عددا كبيرا من القلاع و المناطق لسيطرته ((1514)) .
و مـن الاسـالـيب الاخرى التي استعملها الحسن بن الصباح : الاغتيال , الذي لجا اليه في البداية لصد الـعـدوان , ثـم افضى ـ طبيعياـ الى استقطاب كثير من الناس سياسيا ((فكان كل من خاصمه , يكفيه الفدائيون امره ((1515)) )).
و اسـتـطاع ان يبرز كشبح مخيف للحكام بعد اغتيال الخواجه نظام الملك بوصفه اول اغتيال سياسي قام به الاسماعيليون و كان نظام الملك ـ كما عبر عنه البعض ـ ((قد وقف بجد لقطع دابر القصور, واقتلاع جذور الوهن و الكسل و بالغ في التجهيزلاجتثاثهم ((1516)) )) و اصبحت هذه الخطوة الـتي اتخذها الحسن عبرة للامرا كي يتفادوا الاصطدام بهم يقول الجويني : ((قويت شوكة الحسن بـن الصباح بعد مقتل الخواجه و موت ملكشاه و كل من خاف بطشه , كان يذهب عنده و بعد ذلك فانه كان يقتل باستمرارالامرا و قادة الجيوش و الاعيان بمكيدة فدائية و بهذه المكيدة ايضا كان يقضي على كل من كابره و ناواه ((1517)) .
و لـم تـقـتـصـر هـذه الاغتيالات على الحكام السياسيين , بل شملت ايضا العلما و الفقهاالذين كانوا يمارسون نشاطات ضد الاسماعيلية , كالفخر الرازي الذي هددوه بالقتل ,فتراجع بعد التهديد, و لم يتعرض لهم بسؤ ((1518)) و اغتيل ابو جعفر بن المشاط, وهو من شيوخ الشافعية , و كان يدرس في الري ((1519)) كما اغتيل القاضي ابو العلاالنيسابوري في اصفهان ((1520)) و شملت حملة الاغـتـيـالات ايـضـا الـقـاضـي ابـا سعد بن نصر الهروي الذي لقي مصيره في همدان سنة 519 هـ ((1521)) , و عـبـدالـلـطـيـف الـذي قـتـل سـنـة 524 هـ , و كان من رؤسا الشافعية في اصفهان ((1522)) .
و هؤلا كانوا ـ عادة ـ من الذين افتوا بجواز قتل الاسماعيليين و حكموا عليهم بالالحاد.
و اسـتمر هذا الموقف بعد الحسن بن الصباح ايضا و استطاع الاسماعيلييون ان يخلصوا انفسهم من مـضـايقات السلاجقة الى حد كبير من خلال تسخير فدائييهم للقيام بحملة الاغتيالات و هياوا لهم جوا من الامن و الهدؤ عبر تخويف السلاجقة .
و عـاش الاسـمـاعـيلييون في صراع متواصل مع السلاجقة طوال الفترة التي حكم فيهاالحسن بن الـصـباح , و نائبه بزرك اميد و نقل المؤرخون هذه الحوادث في كتبهم , و منهم ابن الاثير و كانت الـصـراعات الداخلية بين الحكام السلاجقة والخلافات الوزارية الناشبة في حكومتهم قد ساعدت الاسماعيليين في اوقات عديدة و تكبد الاسماعيليون انفسهم خسائر جسيمة فادحة في غير موطن ايـضـا بـيد انه على الرغم من جميع الضغوطو المضايقات , فان المغول وحدهم تمكنوا من احتلال الموت .
و تحدثنا فيما مضى عن عقائد الاسماعيلية بشكل عام و موجز و اشرنا الى ان للاسماعيليين فروعا خـاصة محدودة جدا حتى الفترة التي اقام فيها الحسن بن الصباح حكومة اسماعيلية في ايران و جل هؤلا كانوا من الذين اقروا بحاكم مصر اماماحقاو عندما تراجع المستنصر باللّه عن رايه في تعيين نـزار خـلـيفة له , و نصب المستعلي مكانه , فان عددا منهم لم يقر بامامة المستعلي , و ثبت على امامة نـزار و اشـتـهـر هؤلا في التاريخ بالنزارية و كان الحسن بن الصباح من انصار نزار لذلك قطعت علاقته بالفاطميين في مصر, و بلغت درجة ان كلا منهما كان يقوم باستفزازات كثيرة ضد الاخر.
و ثـمـة بـحوث فلسفية تحوم حول العقائد الجزئية للاسماعيلية لا يسع المجال هنالنقلها مفصلا و نذكر فيما ياتي عددا من العبارات بايجاز لنستبين المبادئ العامة للاسماعيليين يقول الجويني :.
((و سـر هـذه الـدعـوة الزاخرة بالشر ان اتباعها حذوا حذو الفلاسفة في قولهم : ان العالم قديم , والزمان غير متناه , والمعاد روحاني و اولوا الجنة و النار, و ما فيهما تاويلات روحانية فقالوا على هذا الاساس : ان القيامة تحين اذا وصل الخلق الى اللّه , و ظهرت بواطن الخلائق و حقائقها, و رفعت اعـمـال الـطـاعـة و الـدنـيـا كـلـهـا عـمـل لا حساب والاخرة كلها حساب لا عمل و هذه هي الروحانية ((1523)) )).
ان الـتـاويل اهم ركن من اركان الباطنية و اشتهر الاسماعيلييون به فالتاويل الروحاني للمعاد الذي يعبرون عنه احيانا بقيام القيامة في هذه الدنيا امر ملموس جيدا في تعابيرالاسماعيليين , لا سيما في مراحل خاصة من حكمهم في الموت بيد ان هذا لا يعني ا نهم لم يعتنوا بظاهر الشرع قط, بل كانوا يعتنون و يهتمون به اهتماما تاما في بعض الحالات .
ان الاخبار التي نقلها الجويني عن مراعاة الحكام الاسماعيليين لظواهر الشرع مقدمة على غيرها و نـنقل فيما ياتي بالترتيب عباراته حول مختلف الحكام , و كذلك عبارات رشيدالدين يقول : ((لما بنى الحسن بن الصباح عمله على اساس الزهد, والورع , والامربالمعرف و النهي عن المنكر, لم يجهر احد بشرب الخمر, و لم يصبه في الدن طول خمس و ثلاثين سنة من حكمه في الموت و بلغ الامر حـدا انـه طرد شخصا كان يضرب بالعود على القلعة , و لم يسمح له بالعودة الى القلعة و كان له ولد اسـمه محمد اتهم بشرب الخمر, فامر بقتله (و اشار الجويني سابقا الى قتل ولده الاخر الذي اتهم بـقـتل حسين القايني ) و علل قتل ولديه بانه كان لا يريد ان يخال احد انه جعل الدعوة لهما و يعضد هذاانه ارسل زوجته و بنتيه الى ((گرد كوه )) عند المحاصرة و كتب الى الرئيس مظفر يوصيه بان يغزلن , و يدفع اليهن ما فيه بلغتهن ((1524)) )).
و قال شبانكاره اى ايضا: ((وضع الحسن بن الصباح اساس عمله على الزهد والتقوى لم يبحث عن جاه و مـنصب و كان يصلي و يصوم و يزكي و كان شديد التمسك بالدين الى درجة انه قتل ولديه باقامة الـحـد الـشـرعـي عـليهما بسبب شرب الخمر ((1525)) )) ويستشف من كلام رشيدالدين ان الاسماعيليين كانوا عبادا اتقيا قبل الحسن ((1526)) .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

في تقدم الشيعة في علم الصرف ، وفيه صحائف -2
تأملات وعبر من حياة أيوب (ع)
تاريخ الثورة -6
من مناظرات الامام الصادق(عليه السلام)
من خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ...
الكعبة‌
صموئيل النبي (ع)
خطبة الإمام الحسين ( عليه السلام ) الأولى يوم ...
حقيقة معنى الانتقال من الأمويين الى العباسيين
خالد بن الوليد و الطوق في الجيد

 
user comment