عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

أيديولوجيا النظريات الغربية السياسية والعقيدة المهدوية(دراسة مقارنة)

 أيديولوجيا النظريات الغربية السياسية والعقيدة المهدوية(دراسة مقارنة)

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على خير الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين.

تنطلق الخيارات السياسية في أي زمان ومكان من عقيدة الإنسان السائس، ولذا فهي منحرفة بانحراف العقيدة ومستقيمة باستقامتها، ولذا فقبل أن ندخل في تفاصل النظريات السياسة صوابها وخطأها، حسنها وقبحها،علينا أن نشخص الإيديولوجيات التي تنطلق منها تلك النظريات السياسية ثم الحكم عليها من خلال الآليات والمناهج التي بها تسوس الناس وتوجههم، مستندين الى النتائج التي أفرزتها تلك السياسات في الواقع.

إن تشخيص الإيديولوجيات السياسية الدافعة لواقع التعامل السياسي الدولي، سوف يبرز كثيرا من الزيف الذي ينعكس في المعايير المزدوجة التي يتعامل بها مدّعو الإنسانية والمتابكون على حقوقها.

ولذا فان رحلتنا سوف تبدأ من تاريخ النظريات السياسية الغربية، وكيف تطورت؟ وما هي إيديولوجيتها؟ وكيف كانت تلك النظريات السياسية توظف لصالح الإيديولوجيات ذاتها على مر التاريخ؟.

وبعدها ننتقل الى مرحلة أخرى وهي مناقشة النظريات الغربية الحديثة في السياسة، مقارنة بالنظرية الإسلامية استنادا الى الإيديولوجية الإسلامية بالنظر الى الإنسان، ماهية ورسالة، وهو يسعى ليكون ممهدا لدولة الإنسان الكامل المنتظر عجل الله تعالى فرجه وجعلنا من أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه.

الله تعالى ولي التوفيق فمنه السداد وهو تعالى الغاية.

تاريخ النظريات السياسة الغربية وتطورها

طرح أفلاطون (374 ق.م) نظريته في المدينة الفاضلة؛

«حيث كان يرى(لابدية) هذه الفكرة، ولكي تقوم الدولة المثلى، ستبدأ الدولة باستلام كل طفل ذكر، لتضعه في ملاجئ لتربية الأطفال، فالذين يصلحون للجيش يخضعون لتربية عسكرية والذين يصلحون لإدارة الدولة والسياسة يتلقون تربية فلسفية.. أما الموسيقى، فيجب أن تكون إيقاعا يفيض بالقوة، وان تخلو من الميوعة التي نشهدها عند بعض أهل الألحان في بقية الفنون، حيث يجب أن تطهر نهائيا من كل فكرة أو نزعة مخالفة للفضيلة،ويحمل أفلاطون على كثير من الشعراء ويطردهم من مدينته الفاضلة وعلى رأسهم هوميروس»[2].

وكما نلاحظ فإنها نظرية مشدودة إلى الفكر الاسبرطي؛ تماما كما عند لوكوجوس؛ فهو يقول: كما يقول الاسبرطيون في تشريعاتهم؛ (الفرد للدولة)..ويقول بتربية الأفراد تربية عسكرية، ويطالب بالقضاء على الملكية، وبرفع عقود الزواج... بالضبط كما هي الحال عند الاسبرطيين، لكن أفلاطون يهدف إلى تحقيق الفضيلة!! وسيادة العلم[3].

وبعد النهضة العلمية في الغرب(القرن الخامس عشر فما فوق)، طرأت على الفكر الغربي تغيرات جوهرية، رسمت مسارا جديدا لذلك الفكر، كما نجد مثلا عند أوغسطين؛ (مدينة الله)، وألف كمبانيلا؛ (مدينة الشمس)، وألف توماس مور؛(يوتوبيا الرجل المتفوق)[4] ...

وهذا بحد ذاته لا يعد بدعا من الفكر يحتسب حسنة للغربيين، إذ سبقهم فيه كثير من الأقوام الأخرى من أبناء الجنس البشري إلا انه يعتبر تطورا في الفكر الغربي الذي يعاني من الشد للفوقية التي تلازمه ولا زالت إلى الآن، ولا يستطيع أن يتحرر منها لأنها جزء من اللاوعي الذي يصعب على الإنسان معرفة تأثيره القوي في السلوك وفي خيارات الفعل العقلي.

وهذا أيضا واضح في مرحلة الحداثة؛ اقصد؛ مرحلة الانتقال من التفكير في فترة التنوير إلى عقلانية الحداثة، عندما كان عقل الفردي هو الحاكم، وهو المرجع الوحيد لتمييز الخطأ من الصواب والحسن من القبح، فقد جاءت مرحل الحداثة لتتحرر أوربا من فكر الفرد إلى فكر الجماعة .

فالحداثة عند الأوربيين؛ هي أعلى غاية وصل إليها العقل البشري وبناءا على هذا سمي هذا العصر بعصر التقدم، وقد أدى هذا إلى: الاعتقاد بسيادة أوربا ومركزيتها في العالم، باعتبارها الحقل الذي تتكرس فيه حركة التاريخ، وأنها المساحة المنتجة لتطور العالم ونموه.

3. الجذور الأيديولوجية للنظريات السياسية الغربية:


وكان خلف هذا الاعتقاد؛ واقع ايدويولوجي يدفع الغربيين منذ القدم إلى نظرة تجعلهم يشعرون بالتفوق، والتجاهر به على سائر بني البشر، فهناك (حتميات)! تاريخية هي محل الله ـ كما عندهم ـ كي تصبح أوربا وشعبها شعب الله المختار.

تلك الايديولوجيا؛ هي تيار فكري ضارب في التاريخ الأوربي؛ منذ ابيقور، مرورا بنتشة، ثم توكدت في هيجل، إلى ما نظّر له فوكوياما، إلى ما تنبأ به هنتغتون في صدام حضاراته... وهي أيديولوجيا تشير إلى أن الإنسان (النوردي) أي الرجل الأشهب أو الأصهب أو الأشقر(
NORDYMAN)، هو الإنسان الفاضل، لأنه الارقى والأنقى.

لقد سعت المركزية الغربية، إلى محاولة تصدير نموذجها الحضاري القاصر والذي يشهد الآن تدنيا لم يشهد له التاريخ مثيلا، تمثل في نهضة الفقراء الذي ابتدأ في فرنسا، من الأعراق المهاجرة حيث سياسة النبذ والإقصاء والإهمال، التي أشرنا إليها، فكيف يمكن لها أن تصدره بعد اليوم إلي مختلف بقاع العالم؟!

وقد يكون من المفيد أن اذكر لكم مرة؛ انه لفت انتباهي وآنا أشاهد التلفزة؛ تعليقا من مذيع المحطة التلفزيونية العربية الفضائية على صور لباريس وهي تحترق ـ ليلة الأول من نوفمبر 2005م ـ بقوله:

أنها ليست بغداد، بل هي باريس التي تشاهدونها تحترق بفعل أعمال الإرهاب التي يقوم بها شبان مسلمون ومسيحيون يشعرون بالاضطهاد والنبذ في دولة عظمى مثل فرنسا، فقد تفشت في أحيائهم البطالة وسوء الأحوال المعيشية في الأحياء الفقيرة المهملة في ضواحي باريس، والتي تسكنها غالبية مسلمة وهي مدن الصفيح و أحزمة البؤس التي تضرب طوقا رمزيا وماديا على كبرى المدن الأوربية.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

عالمية حكومة الإمام المهدي عليه السلام
الامام الهادي عليه السلام وقضاة عصره
کتابة رقعة الحاجة إلی مولانا صاحب العصر والزمان ...
لمحة إجمالية في أدلة انقطاع النيابة الخاصة في ...
الملامح الشخصية للامام المهدي عليه السلام
عظمة الإمام المهدي (عج) عند الأئمة (ع) والصالحين
امام مہدی علیہ السلام اولادعلی (ع)سے ہیں
انعقاد مؤتمرالقضية المهدوية في مدينة قم
الإمام المهدي عجّل الله فَرَجه والعلم الحديث
المدينة الفاضلة

 
user comment