عربي
Saturday 20th of April 2024
0
نفر 0

حتميّة‌ الشهادة‌:

1 ـ حتميّة‌ الشهادة‌:

من‌ ابرز سمات‌ ثورة‌ الاءمام‌ الحسين‌(ع) الدعوة‌ اءلي‌ الشهادة‌،والاستماتة‌ في‌ سبيل‌ الله، ولم‌ يزل‌ الحسين‌(ع) منذ ان‌ غادر مكة‌ اءلي‌العراق‌، اءلي‌ يوم‌ عاشوراء، يؤكّد لمَن‌ يلقاه‌، ولمَن‌ يصحبه‌ ان‌ّ سبيله‌ وسبيل‌مَن‌ يصحبه‌ الموت‌.

ومهما شك‌ّ الاءنسان‌ في‌ شان‌ من‌ شؤون‌ هذه‌ الثورة‌ الفريدة‌ في‌التاريخ‌ فلن‌ يشك‌ّ ان‌ّ الحسين‌ كان‌ ينعي‌ نفسه‌ اءلي‌ الناس‌ في‌ خروجه‌ اءلي‌العراق‌، وكان‌ يعلن‌ اءلي‌ الناس‌ ان‌ّ سبيل‌ مَن‌ يخرج‌ معه‌ الشهادة‌ لا محالة‌،وان‌ّ مَن‌ يخرج‌ معه‌ لن‌ تتخطّاه‌ الشهادة‌.

روي‌ اصحاب‌ السيّر ان‌ّ الحسين‌(ع) لما اراد الخروج‌ اءلي‌ العراق‌ قام‌خطيباً فقال‌:

«خُط‌ّ الموت‌ علي‌ ولد ا´دم‌ مخط‌ّ القلادة‌ علي‌ جيد الفتاة‌، وما اولهني‌ اءلي‌ اسلافي‌اشتياق‌ يعقوب‌ اءلي‌ يوسف‌، وخيرٌ لي‌ مصرع‌ انا لا قيه‌».

والاءمام‌(ع) في‌ هذه‌ الخطبة‌ ينعي‌ نفسه‌ اءلي‌ الناس‌، ويفتح‌ خطابه‌للناس‌ بالتعريف‌ علي‌ الموت‌.

ثم‌ يدعو الناس‌ اءلي‌ الخروج‌ معه‌، ويطلب‌ منهم‌ مهجهم‌ وان‌ يوطّنواانفسهم‌ في‌ الخروج‌ معه‌ للقاء الله.

«.. من‌ كان‌ باذلاً فينا مهجته‌، موطّناً علي‌ لقاء الله نفسه‌ فليرحل‌ معنا، فاءنّي‌ راحل‌مصبحاً اءن‌ شاء الله».

روي‌ السيد ابن‌ طاووس‌ في‌ (اللهوف‌) بالاءسناد عن‌ ابي‌ عبداللهالصادق‌(ع)، قال‌: سار محمد بن‌ الحنفيّة‌ اءلي‌ الحسين‌(ع) في‌ الليلة‌ التي‌ ارادالخروج‌ في‌ صبيحتها عن‌ مكة‌، فقال‌: يا اخي‌، اءن‌ اهل‌ الكوفة‌ مَن‌ عرفت‌غدرهم‌ بابيك‌ واخيك‌، وقد خفت‌ ان‌ يكون‌ حالك‌ كحال‌ مَن‌ مضي‌، فاءن‌رايت‌ ان‌ تقيم‌، فاءنّك‌ اعزّ مَن‌ في‌ الحرم‌ وامنعه‌.

فقال‌ (ع): «يا اخي‌، قد خفت‌ ان‌ يغتالني‌ يزيد بن‌ معاوية‌ في‌ الحرم‌ فاكون‌ الذي‌يُستباح‌ به‌ حرمة‌ هذا البيت‌».

فقال‌ له‌ ابن‌ الحنفيّة‌: فاءن‌ خفت‌ ذلك‌ فسر اءلي‌ اليمن‌ او بعض‌ نواحي‌البرّ، فاءنّك‌ امنع‌ الناس‌ به‌ ولا يقدر عليك‌ احد، قال‌: انظر فيما قلت‌، ولمّا كان‌السحر ارتحل‌ الحسين‌ (ع) فبلغ‌ ذلك‌ ابن‌ الحنفية‌، فاتاه‌ فاخذ زمام‌ ناقته‌التي‌ ركبها، فقال‌ له‌: يا اخي‌، الم‌ تعدني‌  النظر فيما سالتك‌؟

قال‌: بلي‌.

قال‌: فما حداك‌ علي‌ الخروج‌ عاجلاً؟

قال‌(ع): «اتاني‌ رسول‌ الله(ص) بعد ما فارقتك‌ في‌ المنام‌ فقال‌: يا حسين‌(ع)اُخرج‌ فاءن‌ّ الله قد شاء ان‌ يراك‌ قتيلاً».

فقال‌ ابن‌ الحنفيّة‌: اءنّا لله واءنّا اءليه‌ راجعون‌، فما معني‌ حملك‌ هؤلاءالنساء معك‌، وانت‌ تخرج‌ علي‌ مثل‌ هذه‌ الحال‌؟

فقال‌ له‌: «قد قال‌ لي‌: اءن‌ّ الله قد شاء ان‌ يراهن‌ّ سبايا»، وسلّم‌ عليه‌ ومضي‌.

ونصح‌ الحسين‌(ع) نفر ممّن‌ كان‌ الحسين‌(ع) لا يشك‌ّ في‌ صدقهم‌ في‌النصيحة‌، وفهمهم‌ للحالة‌ السياسية‌ في‌ العراق‌ ان‌ لا يذهب‌ اءلي‌ العراق‌، وان‌ما´له‌ في‌ العراق‌ وما´ل‌ اصحابه‌ واهل‌ بيته‌ القتل‌.

وكان‌ الحسين‌(ع) يجزيهم‌ خيراً علي‌ صدق‌ النصيحة‌، ثم‌ لا ينثني‌ عن‌عزمه‌، ونحن‌ لا نشك‌ّ في‌ صدق‌ هؤلاء النفر، واءن‌ّ الحسين‌(ع) كان‌ لايتّهمهم‌ في‌ نصيحتهم‌، واءن‌ّ الامر في‌ العراق‌ كان‌ كما يتوقعه‌ هؤلاء.

ونعتقد ان‌ّ ما كان‌ يتوقّعه‌ هؤلاء من‌ تخاذل‌ الناس‌ في‌ العراق‌ عن‌نصرته‌، لم‌ يكن‌ يخفي‌' علي‌ الحسين‌(ع)، ولكن‌ الحسين‌(ع) كان‌ يري‌ ما لايرونه‌ ويعرف‌ ما لا يعرفونه‌.

لقد كان‌ الحسين‌(ع) يري‌ ان‌ لا سبيل‌ له‌ للقضاء علي‌ فتنة‌ بني‌ اُمية‌ التي‌طالت‌ هذا الدين‌ وهذه‌ الاُمة‌ اءلاّ بقتله‌ وقتل‌ مَن‌ معه‌ من‌ اهل‌ بيته‌ واصحابه‌،وكان‌ يعرف‌ هذه‌ الحقيقة‌ بوضوح‌، ولم‌ يكن‌ يشك‌ّ في‌ ذلك‌. وهذا ما كان‌يخفي‌ علي‌ اُولئك‌ النفر الذين‌ كانوا ينصحون‌ الحسين‌(ع) الاّ يغترّ بكتب‌اهل‌ العراق‌ ودعوتهم‌ له‌ ـ ولم‌ يكن‌ بوسع‌ الحسين‌(ع) ان‌ يفصح‌ لهم‌ عمّايراه‌ ويعرفه‌.

وا´خر مرّة‌ اعلن‌ الحسين‌(ع) لاهل‌ بيته‌ واصحابه‌ ان‌ ما´لهم‌ الشهادة‌،ليلة‌ العاشر من‌ محرّم‌، جمع‌ الحسين‌(ع) اصحابه‌ وخطب‌ فيهم‌، واحلّهم‌ من‌بيعته‌ وقال‌ لهم‌: «ذروني‌ وهؤلاء القوم‌ فاءنّهم‌ لا يطلبون‌ غيري‌، ولو اصابوني‌وقدروا علي‌ قتلي‌ لما طلبوكم‌».

فلمّا توثّق‌ من‌ عزمهم‌ علي‌ الشهادة‌ معه‌ قال‌ لهم‌:

«اءنّكم‌ تقتلون‌ عذراً، كذلك‌، لا يفلت‌ منكم‌ رجل‌ قالوا: الحمدالله الذي‌ شرّفنابالقتل‌ معك‌».

اجل‌، اءن‌ّ مَن‌ يقرا سيرة‌ الحسين‌(ع) من‌ المدينة‌ اءلي‌ كربلاء من‌ دون‌مسبقات‌ ذهنيّة‌ لا يشك‌ّ في‌ ان‌ّ الحسين‌(ع) لم‌ يكن‌ يطمع‌ في‌ مسيرته‌ هذه‌بالحكم‌ والسلطان‌، ولم‌ يكن‌ يتوقع‌ في‌ هذه‌ المسيرة‌ غير القتل‌ والسبي‌ له‌ولمَن‌ معه‌ من‌ انصاره‌ ولاهل‌ بيته‌ وحرمه‌ ونسائه‌.

ولم‌ يكن‌ العبادلة‌ الاربعة‌: (عبدالله بن‌ مسعود، عبدالله بن‌ عباس‌،وعبدالله بن‌ عمر، وعبدالله بن‌ الزبير) الذين‌ نصحوا الحسين‌ بالاءعراض‌عن‌ العراق‌ اعرف‌ من‌ الحسين‌ واخبر منه‌ بحال‌ العراق‌ وحال‌ الناس‌ في‌العراق‌ في‌ هذه‌ الفترة‌.

وهذه‌ السمة‌ كما ذكرت‌ هي‌ ابرز معالم‌ وسمات‌ عاشوراء، واءلغاء هذه‌السمة‌ هو تجريد عاشوراء من‌ قيمتها التاريخية‌ الكبيرة‌.

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

من معاجز الإمام الهادي عليه السّلام
مخالفة عائشة للرسول (ص) من كتب السنة
الوقفة الثانية سند هذا الحديث
الشعائر بنظرة رسالية دموع زين العابدين وحزن زينب
في رحاب العدالة العلويّة (1)
مختصر من حياة الشهيد المظلوم أبي عبد الله الحسين ...
أحاديث في الخشية من الله (عزّ وجلّ)
كيف تعامل أهل البيت (عليهم السلام) مع الناس
روى البخاري في صحيحه (كتاب الأحكام) قول الله ...
ولاية علي شرط الايمان

 
user comment