الحركة الاسماعيلية في ايران . بدء
يحوم غموض كثير حول بد الحركة الاسماعيلية و يستشف من المعلومات الماثورة في هذا المجال ان تحركهم السياسي قد تبلور منذ البداية في العراق , و ايران ثم اصبحت سورية مركز هم الرئيس و بـعـد نـضج عقائدهم , تغلغلوا ثانية في ايران , واستمالوا بعض الشخصيات خلال القرن الرابع و بعده .
ان الـمـحور العام لعقيدة الاسماعيلية هو الايمان بامامة اسماعيل بن الامام الصادق ـعليه السلام فقد اقروا بامامته , و هو الابن الاكبر للامام بينما مات قبل استشهاد ابيه .
و نقل ان محمد بن اسماعيل توجه تلقا الري مع عدد من دعاته و كان تحركه في اواخرالقرن الثاني الـهـجـري و آزره هناك اسحاق بن العباسي الفارسي ذو الميول الاسماعيلية لنشر دعوته في تلك الـربـوع و عندما علم هارون العباسي بهذا الموضوع , استدعى حاكم الري , فضربه بالسياط حتى مـات و بـعـد ذلـك , ذهب محمد بن اسماعيل الى نهاوند, و تزوج بنت حاكمها ابي منصور بن جوش فـوصـل خبره الى الحاكم العباسي ,فانفذ جيشا الى نهاوند و لما استخبر محمد, يمم دماوند, و بنى هـنـاك قـريـة مـحمودآباداو محمد آباد التي مازالت قائمة ثم توجه الى تدمر في سورية سرا و اتـخـذهـا قـاعـدة لـنشاطه سنة 191 ه , و هي القاعدة التي يقصدها اسماعيليو العراق , و فارس , وسورية ((1051)) .
يـقول الجويني : رحل محمد بن اسماعيل الى الجبال و جا الى الري ثم قصد دماوندو نزل في قرية سلمة و تنسب اليه قرية محمد آباد بالري و كان له عدد من الاولاد اختفوابخراسان , ثم ذهبوا الى قندهار من ولاية السند, فالقوا فيها رحلهم ((1052)) )).
و نقل عن كتاب زهرالمعاني : 54 عن الداعي ادريس عماد الدين انه قدم نيسابورايضا ((1053)) .
و جـا بـعـده نـجله عبداللّه بن محمد فقصد بلاد الديلم بينما كان مقره الرئيس في السلمية احدى مـناطق سورية بيد انه عاد من السلمية بعد مدة و استقر في مسقط راسه ,اي : محمودآباد و وافته المنية فيها سنة 212 ه ((1054)) .
امـا ولـده احـمـد بـن عبداللّه فقد ظل في السلمية و امتدت الدعوة الاسماعيلية في زمانه فشملت اقـطـارا مـخـتـلـفـة مـنـها: سورية , و اليمن ((1055)) و سافر احمد الى الري , وهمدان , و اسطنبول ((1056)) و صار ولده حسين بن احمد اماما للاسماعيلية بعدوفاة ابيه و جا الى همدان , ثـم غادرها الى آذربايجان , فاسطنبول و بث الدعاة في مناطق مختلفة من هذه الحواضر ثم رجع الى السلمية ((1057)) .
يـكـتـنف تاريخ الدعوة الاسماعيلية غموض كثير قبل حكومة الفاطميين في مصرو ليس في ايدينا مـصـدر يـتحدث عن تلك المرحلة الا كتاب واحد عنوانه ام الكتاب ((1058)) يضاف الى ذلك , ان الصراعات التي كانت ناشبة بين حكام بغدادوالفاطميين ابهمت الحوادث الواقعة خلال تلك المرحلة اكـثر (اي : المرحلة الاولى للدعوة الاسماعيلية ) والاخبار الماثورة عن تنقلات الاسماعيليين لا تـرتـكـز عـلـى مـصـدرتـاريـخـي موثوق و ذكر ابن النديم بعض الاخبار التي تتحدث عن بد الـدعـوة الاسـمـاعـيـلـيـة و عـلـى الـرغم من ان هذه الاخبار متضاربة , الا ا نها تجمع على ان الـنشاطات الاسماعيلية كانت موجودة في مناطق من ايران خلال القرن الثالث و اشير في احدهاالى وجود الدعاة في الري , و طبرستان , و خراسان , و فارس و المع في خبر آخر الى خراسان و جا في خبر ثالث ذكر الري , و آذربايجان , و طبرستان ((1059)) .
و قال فراي : ((ظهر دعاة الاسماعيلية في غرب ايران في اطراف الري القريبة من طهران الحالية قـبـيـل سنة 286 هـ, 900 م بقليل و بعد هذه السنة بقليل ايضا, ذكر في بعض المصادر اول قائد لـلدعوة بخراسان , و هو ابو عبداللّه الخادم و كان مقره في نيسابور وحالف الاسماعيلية الحظ اذ افلحوا في استقطاب احد الامرا السامانيين المهمين , و هوحسين المروزي ((1060)) )).
و كان احمد بن الحسين المعروف بدندان احد الدعاة المهمين للاسماعيلية و هناك معلومات موجزة و متفرقة حول هويته جا في بعضها ا نه كان مسجونا مع عبداللّه بن ميمون و ابن ميمون هذا مشهور على انه مؤسس الاسماعيلية ((1061)) لكن المستشرق المعروف برنارد لويس يفند هذا الموضوع و يقول : انه مات في القرن الثالث كما جا في المصادر الشيعية ((التي وصفته بالغلو ((1062)) )) و فـي ضـؤالاخبار التي تحدثت عنه , فقد كان مشغولا ببعض النشاطات في اصفهان , والاهواز ويقول الـنـويـري ايـضـا : انفق اموالا طائلة في نشر دعوة اسماعيل بخراسان , و فارس , والاهواز, و الـيمن ((1063)) و نقل ان قبره في قم و يبدو ا نه احد غلاة الشيعة و لعل وجوده في قم و صلته بهذه المدينة كان من اجل النشاطات الاسماعيلية .
مـع ان مصادر الرجال الشيعية لم تذكر شيئا عن هويته الاسماعيلية يقول النجاشي :وصفه القميون بالضعف والغلو ((1064)) .
و لكنا نعرف ان القميين يفرطون في التضعيف بالغلو لذلك يبدو من جهة اخرى ان احتمال اسماعيليته ضـعـيـف نظرا الى ا نه كان يعيش في قم و كان ابوه الحسين بن سعيدالاهوازي و عمه الحسن من مشاهير الشيعة الذين حظوا برضى الائمة ـ عليهم السلام .
ان الاحـتمال الذي ينبغي دراسته هو وجود شخصين يعرف كل واحد منهما بدندان او زيدان او لقب آخـر مماثل لهما ((1065)) بخاصة , ا نه سمي مرة محمد بن الحسين ((1066)) , و دعي اخرى كاتبا عند احمد بن عبدالعزيز بن ابي دلف المتوفى سنة 280 ه , و وصف ثالثة بالشعوبية , اذ قيل : انه كان شعوبي المذهب , ثم اصبح اسماعيليا ((1067)) .
و كـان خلف بن احمد الكاشاني احد دعاة الاسماعيلية الاخرين في ايران و ليس في ايدينا معلومات عـن الـمـرحـلـة الاولـى مـن حياته كما يبدو و كان يزاول نشاطه في الري ,و قم , و كاشان , و طبرستان , والديلم مع اننا لا يمكن ان نقول الكلمة الاخيرة عن المناطق التي كان يمارس فيها نشاطه و فـي ضـؤ مـا قـاله الباحث الاسماعيلي مصطفى غالب , فانه نصب ابنه احمد مكانه و كان اشخاص آخـرون فـي عداد دعاته ايضا, واحدهم هو حسين بن علي المروزي الذي كان له نفوذ كبير في الطالقان , وهرات ((1068)) و تطرق الخواجه نظام الملك ايضا الى شخص يعرف بخلف , كان مكلفا بـالـتـوجه الى الري , و قم , و كاشان , و آبه حيث يكثر الرافضة ثم ذهب بعد ذلك الى بشابويه (او نـيسابور) و عاد الى الري , و استطاع ان يستقطب شريحة من الناس الى مذهبه ((1069)) و عين ابنه احمد خليفة له و نهض بالدعوة الاسماعيلية بعده رجل يعرف بغياث و كان غياث قد غادر الري الـى خراسان بعد سنة 200 ه , ثم حط رحله في مرو الرود و هناك استمال الامير حسين بن علي الـمروزي الى المذهب الاسماعيلي واستولى هذا الامير على خراسان , و سيطر على الطالقان , و ميمة خاصة و لما اعتنق المذهب الاسماعيلي , اثر على اهالي تلك المناطق , فركنوا معه الى المذهب المذكور.
و ذكر استرن ان هذا الشخص هو خلف الحلاج و لعله حلاج القطن المذكور في فهرست ابن النديم .
و قـال ابـن الـنـديـم : ان ابـنه احمد خلفه في منصبه و جا بعده شخص يعرف بغياث (غياث الدين الاسـتـرآبـادي ) ثم مات فخلفه ابنه , و رجل آخر يعرف بالمحروم ثم تصدى ابو حاتم الورسناني المعروف بالرازي بعدهما و اضاف ابن النديم : ان الدعاة الذين عاشوا في فارس , و الاحسا, و اليمن , كـانـوا ينصبون من قبل قرمط ((1070)) مؤسس الحركة القرمطية و ذكر في حكاية اخرى اسم ابـي سـعـيـد الشعراني الذي كان من دعاة الاسماعيلية الاول في خراسان و خليفته حسين بن علي الـمروزي الذي مات في سجن نصر بن احمد الساماني و خلفه النسفي الذي ادخل نصربن احمد في الدعوة الاسماعيلية ((1071)) .
و يستشف من هذه المعلومات , التي لا تقدم لنا تاريخا دقيقا عن الاسماعيلية و اعمالهم , ان النشاطات الاسـمـاعـيـلـية كانت موجودة في ايران ابان القرن الثالث و لعل اشخاصا كثيرين كانوا يبثون هذه الدعوة و يوسعون دائرتها في مناطق مختلفة .
بيد ان الذي يبدو هو ان ابا عبداللّه الخادم , و ابا سعيد قد تعاقبا على خراسان , و مارسانشاطهما فيها حتى استمالا اليهما حسين بن علي المروزي الذي كان من المتنفذين عندالسامانيين ((1072)) و جا بـعـده الـنـسفي الذي استقطب نصر بن احمد الساماني الى الاسماعيلية و سنتحدث عنه خلال هذا الموضوع .
و كـانت نشاطات الاسماعيلية قائمة على نطاق واسع قبل نصر بن احمد يقول الخواجه نظام الملك : ((بلغ اسماعيل بن احمد الساماني في سنة 295 ه ان رجلا خرج في جبل بايه و غرجه و يدعى ابا بـلال اظهر مذهب القرامطة و التفت حوله مختلف الشرائح الاجتماعية و سمى مقره : دار العدل و قصده قوم كثيرون من قرية هرات , و بايعوه وعددهم يربو على عشرة آلاف رجل و كان ابو بلال هذا ينادم يعقوب بن ليث , و ينوب عنه في المذهب )).
((و بعد ذلك عبا الامير اسماعيل عددا كبيرا من الناس لقتالهم , فشهروا سيوفهم ,و ابادوهم جميعا و قـبـضـوا عـلى ابي بلال , و حمدان , و توزكا, و عشرة آخرين من رؤسائهم , و جاؤوا بهم الى بخارى بعد سبعين يوما و اودعوا ابا بلال سجن ((كهنه دژ))فكانت منيته فيه و فرقوا احد عشر رجلا منهم على بلخ , و سمرقند, و فرغانه , وخوارزم , و مرو, و نيسابور و مدن اخرى غيرها, ثم اعدموهم ((1073)) )).
و جـات هذه الخطوة بسبب تغلغل الدعوة الاسماعيلية في المدن المذكورة , فارادت الحكومة تهديد اهاليها بهذا العمل .
و مـن الـمـؤسـف اننا لا نجد دراسة موضوعية لمسارالحركة الاسماعيلية في المناطق المركزية والشمالية الشرقية من ايران ابان القرن الثالث و تحدث استرن عن هذاالموضوع في محاضرته التي الـقاها في جامعة طهران سنة 1961 م , بيد انه لم يتطرق الى دخول محمد بن اسماعيل او ابنائه و يـرى ان اول داع مـن دعـاة الاسـمـاعـيلية هوخلف , و كان ابنه غياث بعده ثم تولى مهمة الدعوة الاسـمـاعـيـلـيـة احـد احـفـاده , و تلاه احد ابنائه مرة اخرى لكن ابا حاتم الرازي تصدى لقيادة الاسماعيلية بوصفه الداعي القوي ثم تقلد الامر بعده اثنان هما: عبدالملك الكوكبي , و اسحاق و كان هـذا مـسـارالـدعـوة فـي الري , و طبرستان اما في خراسان و ماورا النهر فقد كان ابو عبداللّه الـخـادم فـي بـادئ الامـر ثـم اعـقـبـه خـلـيـفته ابو سعيد الشعراني الذي زاول نشاطه بوصفه داعـية الاسماعيلية و جا بعده حسين بن علي المروزي , فمحمد بن احمد النسفي و كان ابويعقوب السنجري , و ابن النسفي المعروف بدهقان من خلفا النسفي نفسه ((1074)) .
و لم يشر المحاضر المومى اليه في هذا المجال الى كثير من الاشخاص الذين ذكرناهم سابقا فهو اما غفل عنهم , او ان امرهم مريب عنده من منظار تاريخي .