عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

أسماء الله الحسنى

أسماء الله الحسنى



عقيدة

أسماء الله الحسنى

الاسم الأعظم (*)

غالب عبد الله

■■ لفظ الجلالة:

لكل اسم من الأسماء الحسنى أثرٌ وُجودي في الكون، وهذه الآثار غير متطابقة في السعة والمصداق، ولذا يندرجُ بعضها تحت بعض، فالرزق مثلاً من مصاديق الكرم، وهذا من مفردات الرحمة، وهكذا تتناهى الأسماء الحسنى وكأنّها سلسلة من الوحدات المتوالِدة، ففوق كل اسم ما هو أشمل منه عطاءً وبركة وتأثيراً، حتى تستقرّ حركتها على اسم جامع ناظم لكل شتاتها وكل مفرداتها، ذلك هو لفظ الجلالة، أي (الله) تبارك وتعالى، ولذا كان عَلَماً خاصَّاً بالحضرة المقدَّسة، ولذا لم تصلح الإشارة إليه إلاّ بـ (هو).

● قال تعالى: (الله لا إله إلا هو) [ البقرة/355].

● وقال تعالى: (قل هو الله أحد) [الإخلاص/1]

ومن هنا صحَّ حمل (هو) على الله، كما صحَّ حمل (الله) على هو، وذلك لتطابقهما. فكلاهما يصدق على الآخر.

جاء في المأثورات عن أهل البيت (عليهم السلام) أن رجلاً سأل أمير المؤمنين (ع) عن بسم الله الرحمن الرحيم فأجاب ((... إنّ قولك (الله) أعظم اسم من أسماء الله عزّ وجلّ، وهو الذي لا ينبغي أن يُسمّى به غير الله ويتّسم به)) التوحيد: 231.

والحديث يدلّ بوضوح أنّ اسم الله الأعظم هو لفظ الجلالة، والله أعلم. أي كلمة (الله) نفسها التي تأبى بتركيبها اللغوي وبُنيتها اللفظية أن تُطلق على شيء إلاّ الذات العليّة. وحتى إذا رجعنا إلى المصادر اللغويّة والقاموسية من لغة العرب، لَما وجدنا لها معنىً يصلح لهذا اللفظ المقدّس.. يقولون: لفظ الجلالة وحسب.

■■ أقوال أُخرى:

● قال بعضهم: إنّ الاسم الأعظم هو [ذو الجلال والإكرام]، ونعتقد أن (ذو) هذه تنفي الأعظمية لأنها تفيد الإضافة، فهي مدخل اتصافه إيجاباً بالإكرام وسلباً بالجلال، وكل إضافة أو سلب بحق الله هو من الأمور الاعتبارية لأنّ الأصل هو الذات. والصفات بحسب المفهوم له فحسب، أما من حيث المصداق فليس إلاّ العين.

● قال بعضُهم: إن الاسم الأعظم هو (الحيّ القيّوم)، وهو كسابقه، لأنه إشارة إلى صفة، والصفة لا تتقوّم بنفسها، وإنما بغيرها إذ أن وصف الاسم بالأعظم يفيد ـ وفي حدود عالية ـ استغناءه عن الأسماء الأخرى، بل يُفيد أنه جامعها وناظمها.

● قال بعضُهم: إن أسماء الله كلّها عظيمة!! وهذا غريب: إن الأسماء الحسنى كما مرَّ تتفاوت في آثارها الكونية سعة وضيقاً، وبعضها يندرج تحت البعض، وذلك لسعةٍ في قسمٍ منها، تحوي أو تتضمَّنُ آثارَ وعطاءاتِ قسمٍ آخر.

ثم هناك تخصيصات محصورة بلفظٍ واضح مفرد، يُشْعِر بالفردانية على صعيد المعنى والخصوصيَّة على مستوى المفهوم ((اللهم إني أسألك باسمك العظيم الأعظم)). فلابدّ أن يكون هناك اسم بعينه. ولذا لا نعتقد أنّ هذا الرأي على صواب.. من هنا يتضح أنّ الاسم الأعظم هو (الله) على أصوب التقادير.

■■ الدعاء بالاسم الأعظم:

قالوا: إنَّ من صفات الاسم الأعظم أنّه إذا دُعي به الله تعالى أجاب، وإذا توسَّل به العبدُ أُعطي...، ذلك أنّ الاسم الأعظم الذي هُوَ (الله)، إنّما يُشكِّل جوهر الصفات الحسنى، ومدار التقائها وترابطها، على أنَّ ذلك مشروط بعلل ومُسوّغات الإجابة من إخلاصٍ وإيمان وصدقِ دعاء.

● قال تعالى: (فادعوا الله مخلصين له الدين) [غافر/14].

فكون التوسّل بـ (الله) مدعاة استجابة، يعني توقّفه على تجسيد الطلب الحقيقي النابع من القلب المشبع بالإيمان، حيث يستبطن ذلك اعتقاداً راسخاً أن لا مُؤثر في الوجود إلاّ (الله).

● قال تعالى: (أُجيبُ دعوة الداعِ إذا دعانِ) [البقرة/186].

إذن يشترط أنْ يكون هناك [داعٍ]، أي الإرادة المتعلّقة بكل وجودها بالله والمنقطعة عن كل سبب وهمي، إذ كل شيء بيد الله جلّ وعلا.

والدعاء باسم الله ينبغي أن ينصرف إلى المسمّى، أي الذات التي هي علَّة الوجود وعلَّة استمراره.

وهناك أكثر من رواية تُسبغ على الدعاء باسم الله الأعظم هذه المواصفات والخصائص.

1 ـ ... قال رسولُ الله  صلى الله عليه وآله : ((اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ...))) البحار / جـ 93 / ص224.

2 ـ .. مرَّ رسولُ الله  صلى الله عليه وآله  بأبي عياش زيد بن سامت بن زريق وقد جلس. قال: (اللهم إني أسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلاّ أنت، يا منّان يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام) فقال صلى الله عليه وآله  لنفرٍ من أصحابه: ((هل تدرون ما دعا به الرجل؟)). قالوا: اللهُ ورسوله أعلم. قال: ((لقد دعا الله بالاسمِ الأعظم الذي إذا دُعِيَ به أجاب. وإذا سُئِل به أعطى)). البحار / جـ 93 / ص22.

3 ـ ... سمع رسولُ اله  صلى الله عليه وآله  رجلاً يقول عشاءً: (اللهم إني أشهد أنّك أنت الله لا إله إلاّ أنت، الأحد، الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد) فقال النبي  صلى الله عليه وآله : ((والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سُئِل به أعطى، وإذا دُعِيَ به أجاب)). البحار / جـ 93 / ص224.

وعلى هذا الأساس ورد الدعاءُ باسم الله الأعظم، ومن نماذجه المعروفة والمأثورة ((اللهم إني أسألك باسمك العظيم...)). البحار / جـ 93 / ص225.

و((اللهم إنّي أسألك باسمك العظيم الأعظم))، وكانت أم سَلَمة تدعو في سجودها (... وأسألك باسمك الأعظم الذي إذا دُعيْتَ به أجبْتَ، وإذا سُئِلْتَ به أعطيْتَ...) فسمعها رسول الله  صلى الله عليه وآله ، فقال لها: ((سألتِ يا أُم سلمة باسم الله الأعظم)). راجع البحار / جـ 93 / ص327.

ويبدو أنّ الدعاء باسم الله الأعظم يتميّز بكل هذه الخصائص الفريدة والواسعة لأنه محور الصفات، وملتقى الأسماء، فكأنّما الدعاء به توسّل بالحضرة الإلهية المقدّسة ذاتاً وعيناً، أي دعاءٌ بكل ما يتّصف به من رحمة وبركة وعزّة وكرم وعفو وقدرة وعِلم وإرادة.. إنه الدعاء بالاسم ((الطهر الطاهر المطهر المقدّس المبارك المكنون المخزون المكتوب على سرادق الحمد وسرادق المجد وسرادق القدرة وسرادق السلطان وسرادق السرائر...)). البحار / جـ 93 / ص225.

■■ الاسم الأعظم والبسملة:

أحاديث كثيرة مرويَّة عن أهل البيت (عليهم السلام) تعقد مقاربة بين البسملة والاسم الأعظم.

1 ـ عن الرضا (ع) ((... بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها)). البرهان / جـ 1/ ص42.

2 ـ .. عن الصادق في تفسير قوله تعالى: (ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم) قال: ((بسم الله الرحمن الرحيم هو اسم الله الأكبر...)). جامع البردجردي / جـ 2/ ص276.

3 ـ .. عن الصادق ((بسم الله الرحمن الرحيم اسم الله الأكبر أو قال الأعظم)). تفسير البرهان / جـ 1/ ص42.

4 ـ .. عن ابن عباس (بسم الله الرحمن الرحيم اسم من أسماء الله الأكبر، وما بينه وبين اسم الله الأكبر إلاّ كما بين سواد العين وبياضها). البرهان / جـ 1/ ص7.

وقد اختُلف في توجيه هذا التداخل... ولكن قبل كل شيء يجب أن نستبعد القول بأن جملة (بسم الله الرحمن الرحيم) هي بحدّ ذاتها (اسم) إلاّ مجازاً، لأنّ الباء فيها للاستعانة على أرجح الآراء، وهو على غير العرف اللغوي بل وحتى المعنوي. والمجازية تأتي من ورود اسم الله في البسملة. ومثل هذا التسامح موجود في لغة العرب.

أما تصويرات هذا القُرب بين اسم الله الأعظم والبسملة، فيمكن أن تُحمل على أحد الوجوه التالية:

الوجه الأول: أن يفسَّر القُرب بالتضمن، لأنّ (الله) الذي هو الاسم الأعظم متضمَّن في البسملة.

الوجه الثاني: لأنّ الآثار الكونية والوصفيَّة للبسملة عظيمة وواسعة ومباركة، ففي الأثر ((إذا مرَّ المؤمن على الصراط فيقول بسم الله الرحمن الرحيم طفت لهب النار...)). البرهان / جـ 1/ ص43.

وفي الأثر أيضاً ((من قرأ بسم الله الرحمن الرحيم بنى الله له في الجنة سبعين ألف قصر)). البرهان / جـ 1/ ص43.

وفي الأثر ((لو قرأت بسم الله تحفظك الملائكة إلى الجنة وهو شفاء من كل داء)). القرآن وفضائله / ص218.

وهذه الآثار العظيمة تُقارب آثار الاسم الأعظم (الله)، فكان هذا الارتباط العجيب بين البسملة واسم الله الأعظم.

الوجه الثالث: أن يفسّر القُرب من أن بداية البسملة بـ (الله) الذي هو الاسم الأعظم.

الوجه الرابع: لأن في البسملة يجتمع اسم الله مع اسميه العظيمين (الرحمن) و(الرحيم)، وهما صفتان للآثار الربّانية في الدنيا والآخرة...

فعن الإمام الرضا (ع) أنه قال: ((يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما صلِّ على محمد وآل محمد)). نور التعليق / جـ 1/ ص12.

وفي الصحيفة السجادية: ((يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما)).

ــــــــــــــ

(*) للأمانة الموضوعية والعلمية نؤكِّد: اننا نقلنا أكثر نصوص الموضوع من كتاب (الاسم الأعظم) للسيد محمد الغروي.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

صلاة ألف ركعة
العلاقة بين المصحف العلوي والقرآن المتداول اليوم
في رحاب نهج البلاغة – الأول
حد الفقر الذی یجوز معه اخذ الزکاة
ومن وصيّة له لولده الحسن (عليهما السلام): [يذكر ...
شبهات حول المهدي
الدفن في البقيع
ليلة القدر خصائصها وأسرارها
آداب الزوجین
مفاتيح الجنان(600_700)

 
user comment