عربي
Thursday 28th of March 2024
0
نفر 0

الشريعة والقانون

الشريعة والقانون

القانون الوضعي هو من صنع البشر بما يتماشی مع الظروف الحاکمة في الزمان والمکان والمجتمع الخاص الذي یوضع فيه القانون ، وعلی الرغم من ان الشريعة الاسلامية جاءت کاملة وشاملة و متقنة الا ان الکثیر لا ياخذون بها وحتی الدول الاسلامية تضع القوانين بمعزل عن الشريعة الاسلامية .
و لا يصح مقارنة الشريعة الإسلامية بالقانون الوضعي الذي خطه البشر للأسباب التالية:
1-أن القانون من صنع البشر، أما الشريعة فمن عند الله، وكلا الشريعة والقانون تتمثل فيه بجلاء صفات صانعه، فالقانون من صنع البشر ويتمثل فيه نقص البشر وعجزهم وضعفهم وقلة حيلتهم، ومن ثم كان القانون عرضة للتغيير والتبديل أو ما نسميه التطور، كلما تطورت الجماعة إلى درجة لم تكن متوقعة، أو وجدت حالات لم تكن منتظرة، فالقانون ناقص دائماً ولا يمكن أن يبلغ حد الكمال ما دام صانعه لا يمكن أن وصف بالكمال ولا يستطيع أن يحيط بما سيكون وإن استطاع الإلمام بما كان.
أما الشريعة: فصانعها هو الله، وتتمثل فيها قدرة الخالق وكماله وعظمته وإحاطته بما كان وما هو كائن، ومن ثم صاغها العليم الخبير بحيث تحيط بكل شيء في الحال والاستقبال، حيث أحاط علمه بكل شيء، وأمر جل شأنه أن لا تغير ولا تبدل حيث قال: ﴿لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ﴾(1)، لأنها ليست في حاجة للتغيير والتبديل مهما تغيرت الأوطان والأزمان وتطور الإنسان(2)
2- أن القانون عبارة عن قواعد مؤقتة تضعها الجماعة لتنظيم شؤونها وسد حاجاتها. فهي قواعد متأخرة عن الجماعة، أو هي في مستوى الجماعة اليوم، ومتخلفة عن الجماعة غداً... أما الشريعة فقواعد وضعها الله تعالى على سبيل الدوام لتنظيم شؤون الجماعة(3)
3- أن الجماعة هي التي تضع القانون وتلونه بعاداتها وتقاليدها وتاريخها - والأصل في القانون أنه يوضع لتنظيم شؤون الجماعة ولا يوضع لتوجيه الجماعة- ومن ثم كان القانون متأخراً عن الجماعة وتابعاً لتطورها، وكان القانون من صنع الجماعة، ولم تكن الجماعة من صنع القانون... أما الشريعة الإسلامية فقد علمنا أنها ليست من صنع البشر، وأنها لم تكن نتيجة لتطور الجماعة وتفاعلها كما هو الحال في القانون الوضعي...
وإذا لم تكن الشريعة من صنع الجماعة، فإن الجماعة نفسها من صنع الشريعة، إذ الأصل في الشريعة أنها لم توضع لتنظيم شؤون الجماعة فقط كما كان الغرض من القانون الوضعي، وإنما المقصود من الشريعة قبل كل شيء هو خلق الأفراد الصالحين والجماعة الصالحة، وإيجاد الدولة المثالية، والعالم المثالي.
ومن أجل هذا جاءت نصوصها أرفع من مستوى العالم كله وقت نزولها، ولا تزال كذلك حتى اليوم... ومن أجل هذا تولى الله جل شأنه وضع الشريعة، وأنزلها على رسوله نموذجاً من الكمال ليوجه الناس إلى الطاعات والفضائل، ويحملهم على التسامي والتكامل حتى يصلوا أو يقتربوا من مستوى الشريعة الكامل.
وقد حققت الشريعة ما أراده لها العليم الخبير، فأدت رسالتها أحسن الأداء، وجعلت من رعاة الإبل سادة للعالم، ومن جهال البادية معلمين وهداة للإنسانية(4)
ويشير الشيخ حسن قاطرجي(رئيس جمعية الاتحاد الإسلامي في بيروت.) إلى خطورة المشاركة السياسية مع الأنظمة الوضعية، ويتحدث عن المثال اللبناني، ويبيّن المنكرات التي يمكن أن تحدث من خلال مشاركة الإسلاميين في هذا النظام فيقول: بالإضافة إلى المنكر الكبير الذي يترتب على المشاركة في المؤسسة التشريعية للأنظمة الجاهلية، يوجد العديد من المنكرات المرافقة لهذه المشاركة تؤكد حرمتها وتبيّن أن بعض المصالح التي يتطلع إليها المشاركون المتدينون تغمرها مفاسد كثيرة، منها:
أولاً: أن مجالس النواب في الدول المجاورة للكيان الصهيوني -ومنها لبنان- ستجبر على الاعتراف به وتطبيع العلاقات معه مما سيشكل أخطر تحدٍّ لحياة الأمة في مجالاتها العقدية والخلقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية. فما هي مصلحة الحركة الإسلامية في أن تكون شاهدة زور في قلب السلطات الحاكمة على أخطر صك خيانة؟!.
ثانياً: أن النظام الاقتصادي في لبنان نظام رأسمالي يعتبر الربا ضرورة من ضرورات الاقتصاد الحر، وبالتالي فإن الربا تدخَّل في معاملات الدولة ومشاريعها وأنشطتها الاقتصادية. ومجلس النواب هو الذي يقرّ الاعتمادات اللازمة، كما أنه هوالذي يقرّ مشاريع القوانين المتعلقة بفتح الاعتمادات وموازنة النفقات والواردات فضلاً عن مشروع قانون الموازنة المتضمن بشكل صريح وواضح للربا المحرم حرمة قطعية.
ثالثاً: الحضور والمشاركة في كثير من المنكرات والمخالفات الشرعية التي يرتكبها النواب غير المتدينين، فضلاً عن غير المسلمين... ولن يتمكن المسلم الغيور من إلغائها ولا حتى إنكارها نظراً لغلبة الفساد وانتشار المجون والسفور والاختلاط والسُّكر والرِّشا والسرقات والدعارة في أوساطهم.
رابعاً: أن مجلس النواب هو الذي ينتخب رئيس الجمهورية وهو حسب العرف اللبناني الساري إلى الآن نصراني ماروني، ومعلومة حُرمة تولية كافر على المسلمين. والنائب المسلم جُلّ ما يقع تحت اختياره أن لا ينتخب أو أن ينتظر حتى ينتخب رئيساً مسلماً فيما لو ألغيت الطائفية السياسية في لبنان وهو مطلب تعارضه أغلب التيارات والقوى السياسية المسيحية لأنه يسحب منها امتيازاتها واحتكاراتها ومواقع نفوذها في الدولة ومؤسساتها، وتعارضة أكثر وأكثر بالنسبة لرئيس الجمهورية.
خامساً: المشاركة في منح الثقة المتعاقبة والتي يعتبر الدستور اللبناني أخصّ وظائفها تطبيق سياسات الدولة وتنفيذ القوانين التي يقرّها مجلس النواب. ولا يخفى على أي شخص ما هي الحكومات التي يُسمح بوصولها؟ ومن هم الوزراء؟ وما هي خلفياتهم العلمانية والماسونية؟ وما هي السياسات المفروض عليهم انتهاجها؟.
سادساً: تمييع سبيل المجرمين بالمشاركة معهم في الموقع نفسه مع أن أحد أعظم غايات القرآن الكريم في هداية الناس وتعميق ولائهم العقدي للإسلام: تأكيده على بيان سبيل المجرمين، فقد قال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ أي لتتضح وتظهر
ويقول عميد كلية الحقوق بجامعة أسيوط الدكتور عبد الناصر العطار عن الديمقراطية: "إن الديمقراطية عندما تجعل الحكم للشعب لا تجعل التشريع مستقراً على مبادئ راسخة ثابتة، فتارة تسود الأفكار الرأسمالية، وتارة تسود الأفكار الاشتراكية، وتارة ينادى بالانفتاح وأخرى بالانغلاق أو التقييد، بينما العمل بالنظام الإسلامي يعني العمل بمبادئ مستقرة في القرآن والسنة، مما يقي المجتمع الأهواء والنزوات والتقلبات.
كذلك عندما تجعل الديمقراطية حكم الشعب بالشعب، تأتي بعناصر منتخبة قد تكون غير مؤهلة لوضع التشريع. وهو قواعد تحكم سلوك الأمة، كما يعني صدور القرار دائماً بالأغلبية دون اعتداد بمصالح الأقليات، بينما النظام الإسلامي يجعل الاجتهاد في أيدي عناصر منتخبة أو معينة ولكنها مؤهلة لاستنباط الحكم من القرآن والسنة، تسمى بأهل الحل والعقد، وهم علماء الأمة وخبراؤها، فتسير الأمور على علم وهدى مع الاعتداد كذلك بآراء طوائف الشعب المختلفة عن طريق التعرف عليها بواسطة من سماهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالعرفاء، أي مندوبون تنتخبهم طوائف الشعب ويتعرفون على متطلباته، ويعرِّفون بها ولاة الأمور وأهل الحل والعقد".
ويواجه الإمام الخميني( قدس الله سره الشریف) أعتى حكم ظالم مرتبط بالغرب، من خلال المفاصلة السياسية في الموقف، والسعي إلى فضح النظام الذي يعيث في الأرض الفساد، والدعوة إلى عدم التعاون معه، والعمل على مواجهته وإسقاطه، ويتضح ذلك من خلال أقواله التالية:
أولاً: أمن أجل القروض الأميركية -التي تؤخذ عليها الفوائد الفاحشة- بعتم استقلال إيران وكرامتها لتصبح في مصاف الدول المستعبدة وأشدها تخلفاً؟!! ماذا نعمل أمام هذه الكارثة؟ ماذا على العلماء أن يفعلوا؟! لمن نشكو حالتنا المأساوية هذه؟! إن الرأي العام العالمي يظن أن شعب إيران هو الذي انحط إلى هذا الدرك، ولا يعلم بأن الحكومة والمجلس -اللذين فقدا ارتباطهما بالشعب نهائياً- هما اللذان صدّقا على هذه الاتفاقية دون علم من الشعب تماماً...
فهولاء النواب لم يرشحهم ولم ينتخبهم الشعب بل حملتهم الأجهزة القمعية إلى المجلس!، لأن علماء الدين والمراجع قاطعوا الانتخابات، وقد عمل الشعب بمشورتهم فلم يشترك في التصويت أيضاً... لقد أدركوا بأنه ما دام لعلماء الإسلام هذا النفوذ الشعبي الواسع فلن يستطيعوا استعباد هذا الشعب وبيعه للإنكليز يوماً وللأميركان يوماً آخر. ولن يستطيعوا تسخير الاقتصاد الإيراني لإسرائيل... ولن يستطيعوا تحميل الشعب تبعات القروض الاستعمارية الثقيلة... ولن يستطيعوا العبث بأموال الشعب على هواهم.. ولن يقدروا على أن يعملوا ما يشاؤون وفق رغباتهم وشهواتهم الشخصية... ولن يكون بإمكانهم تزوير الانتخابات وإرسال عملائهم إلى المجلس تحت ظلال الحراب(5)
ثانياً: وأعلق الآمال الكبيرة على هذا الوعي والتحرك الشامل اللذين وجدا في البلدان الإسلامية عامة وفي إيران خاصة، وعلى هذه النقمة العامة والتذمر الشامل من الأجهزة الظالمة الاستعمارية البربرية. إن هذا الوعي العام والنقمة العامة والتذمر الشامل ليست مؤقتة وعابرة بل إنها ستدوم حتى القضاء على أنظمة الجبارين وإنهاء ظلم الظالمين.
وإن الانفجار الشعبي العارم الذي يعقب ظلم الأنظمة الفاحش وحرمان الشعوب المضطهدة المتزايد سوف يدك عروش السلطات العميلة التي ما وضعت إلا من أجل تكبيل الشعوب ونهب ثرواتها، وسينتقم الله من الظالمين... وعلى التجمعات المخلصة والملتزمة بالإسلام بصورة كاملة أن تستفيد من هذه الفرصة "القصيرة" لتوحد صفوفها بذكاء وحنكة وأن لا تسمح للانتهازيين الذين لم يخطوا خطوة واحدة ولم يقولوا كلمة واحدة خدمة للإسلام وللشعب...
أين كان هؤلاء عندما كان الشعب المسلم بأسره وبجميع فئاته، من عالم الدين إلى الجامعي، ومن المهندس والدكتور إلى التاجر والعامل والفلاح، يسحق تحت أقدام عملاء الأجانب، وعندما حدثت "مجزرة 15 خرداد" الخامس من حزيران 1963م، ونهبت المدارس الدينية على يد عملاء الاستعمار حيث كانت يومها السجون تعج بالمدافعين عن الإسلام وبالأحرار الشرفاء، وعندما بدلوا تاريخ الإسلام المشرق (التاريخ الهجري) الذي يعبر عن إشراقة العدل والحرية والتكامل الفردي والاجتماعي والسياسي بتاريخ المجوسية الشاهنشاهية الرجعية؟.. يجب على الشعب وجميع الفئات الدينية أن يأخذوا زمام المبادرة بيقظة تامة...
ويجب أن يعرف الشاه وعصابته الخائبة أن الشعب يرفضهم سواء جددوا البيعة لكارتر وثبتوا موقفهم اللاشرعي، عند لقائهم به، أم لا. وإن الأمة الإيرانية ترفضه وسوف لن تكف عن النضال حتى تأخذ الثأر لشبابها المضرَّجين بدمائهم الزكية وتنجي الإسلام وأحكامه من هذه السلالة المجرمة.. أطلب من الله تعالى إصلاح حال المسلمين وتحرير البلدان الإسلامية من تسلط الأجانب يمينهم ويسارهم(6)
12- ويؤيد الشيخ نعيم قاسم مسألة دخول حزب الله في الانتخابات، لأن التمثيل في مجلس النواب للحزب يخدم الناس وجماهير الحزب، ولكنه يتردد في قبوله دخول الحكومة حيث يقول: "إن تعقيدات الدخول إلى الحكومة تختلف عن المشاركة في المجلس النيابي، فالحكومة عمل تنفيذي يرتبط بسياسات عامة اقتصادية واجتماعية وسياسية، ويتحمل أفرادها مسؤولية تطبيقها والدفاع عنها حتى مع مخالفتها... وهذا ما يجعل الموافقة على العمل من داخل الحكومة يتطلب توفر الشروط المناسبة والمنسجمة مع ما يؤمن به حزب الله".
المصادر :
1- يونس: 64.
2- عبد القادر عودة - التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي - م/1 - ص18.
3- عبد القادر عودة - المرجع نفسه - م/1 - ص19.
4- عبد القادر عودة - المرجع نفسه - م/1 - ص21-22.
5- الإمام الخميني - دروس في الجهاد والرفض - ص106-107.
6- الإمام الخميني - دروس في الجهاد والرفض - ص226-228.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

وتسلّط‌ ارباب‌ السوء
اليقين والقناعة والصبر والشکر
القصيدة التائية لدعبل الخزاعي
في رحاب أدعية الإمام الحسين (عليه السلام)
أقوال أهل البيت عليهم السلام في شهر رمضان
آيات ومعجزات خاصة بالمهدي المنتظر
علي الأكبر شبيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
أوصاف جهنم في القرآن الكريم
ألقاب الإمام الرضا عليه السلام
التميميّون من أصحاب الحسين (عليه السّلام)

 
user comment