عربي
Tuesday 23rd of April 2024
0
نفر 0

السبع المثاني

 

السبع المثاني
السبع المثاني هي فاتحة الكتاب فقد تضافرت الآثار عن ابن مسعود وغيره من الصحابة وكثير من التابعين على أنّ المراد من السبع المثاني في قوله سبحانه: (وَلَقَدْ آتيناكَ سَبعاً مِن المَثَانِيَ والقُرآنَ العَظِيم)(1) هذا من جانب، ومن جانب آخر، انّ آياتها لا تبلغ سبعاً إلاّ إذا عُدّ البسملة آية منها، فإليك الكلام في المقامين.
أمّا ما دلّ على المراد من السبع المثاني هو سورة الفاتحة، فهو على قسمين:
ما يفسر السبع المثاني بفاتحة الكتاب من دون تصريح بأنّ البسملة جزء من فاتحة الكتاب.
ما يفسر السبع المثاني بفاتحة الكتاب مع التصريح بأنّ البسملة من آياتها.
أمّا القسم الأوّل فإليك بعض ما وقفنا عليه لا كلّه، لأنّه يوجب الإطناب في الكلام.
1. أخرج الطبري عن عبد خير، عن علي ـ عليه السَّلام ـ قال: «السبع المثاني فاتحة الكتاب».(2)
2. أخرج الطبري عن ابن سيرين قال: سئل ابن مسعود عن سبع من المثاني، قال: فاتحة الكتاب.(3)
3. أخرج الطبري عن الحسن في قوله (وَلَقَدْ آتيناك سَبعاً من المثاني)
قال: هي فاتحة الكتاب.
وأخرج أيضاً عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: فاتحة الكتاب.
4. أخرج الطبري عن أبي فاختة في هذه الآية(وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثاني والقرآن العظيم) قال: هي أُمّ الكتاب.(4)
5. أخرج الطبري عن أبي العالية في قول اللّه: (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثاني) قال: فاتحة الكتاب سبع آيات، قلت لربيع: إنّهم يقولون السبع الطول فقال: لقد أنزلت هذه وما أنزل من الطول شيء.
6. أخرج الطبري عن أبي العالية قال: فاتحة الكتاب، قال: وإنّما سمّيت المثاني، لأنّه يثنّى بها كلّما قرأ القرآن قرأها، فقيل لأبي العالية: إنّ الضحاك بن مزاحم يقول: هي السبع الطول، فقال: لقد نزلت هذه السورة سبعاًمن المثاني وما نزل شيء من الطول.
7. أخرج الطبري عن عبد اللّه بن عبيد بن عمير قال: السبع من المثاني هي فاتحة الكتاب .
8. أخرج الطبري عن ابن جريج عن ابن مليكة قال: (وَلَقَدْآتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثاني) قال: فاتحة الكتاب، وذكر فاتحة الكتاب لنبيّكم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ لم تذكر لنبي قبله.
9. أخرج الطبري عن أبي هريرة، عن أبيّ قال: قال رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : ألا أُعلّمك سورة ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها، قلت: بلى.
قال: إنّـي لأرجو أن لا تخرج من ذلك الباب حتّى تعلّمها، فقام رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـوقمت معه فجعل يحدثني ويده في يدي، فجعلت أتباطأ كراهية أن يخرج قبل أن يخبرني بها، فلمّا قرب من الباب قلت: يا رسول اللّه السورة التي وعدتني، قال: كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ قال: فقرأ فاتحة الكتاب، قال: هي هي، وهي السبع المثاني التي قال اللّه تعالى:(وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثاني والقرآن العظيم) الذي أعطيت.(5)
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.(6)
10. أخرج الطبري عن أبي هريرة، عن رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قال: هي أُمّ القرآن وهي فاتحة الكتاب وهي السبع المثاني.
11. أخرج الطبري عن أبي هريرة، عن النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ في فاتحة الكتاب، قال: هي فاتحة الكتاب وهي السبع المثاني والقرآن العظيم.(7)
وأمّا القسم الثاني و هو ما يفسر السبع المثاني بفاتحة الكتاب ويجعل البسملة أوّل آية منها.
12. أخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والحاكم ـ وصحّحه ـ والبيهقي في سننه عن ابن عباس انّه سُئل عن السبع المثاني، قال: فاتحة الكتاب استثناها اللّه لأُمّة محمّد، فرفعها في أُمّ الكتاب، فدخرها لهم حتى أخرجها ولم يعطها أحداً قبله، قيل: فأين الآية السابعة؟ قال: بسم اللّه الرحمن الرحيم .(8)
13. أخرج الطبري عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثاني) قال: فاتحة الكتاب، فقرأها على ست، ثمّ قال: بسم اللّه الرحمن الرحيم، الآية السابعة.
قال سعيد: وقرأها ابن عباس عليَّ كما قرأها عليك، ثمّ قال: الآية السابعة، بسم اللّه الرحمن الرحيم.(9)
14. أخرج الطبري عن سعيد بن جبير، قال: قال لي ابن عباس: فاستفتح ثمّ قرأ فاتحة الكتاب ثمّ قال: تدري ما هذا(وَلَقَدْآتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثاني).
ولا شهادة في قوله: «فاستفتح ثمّ قرأ فاتحة الكتاب» على خروج البسملة من جوهرها، وذلك لأنّ البسملة لما كانت موجودة في صدر عامة السور فأشار إلى البسملة بقوله: «فاستفتح» ثم أشار إلى سائر آياتها التي تتميز عن سائر السور بقوله: «ثمّ قرأ فاتحة الكتاب».
وبما ذكرنا يفسر الحديث التالي:
15. أخرج الطبري عن أبي سعيد بن المعلى انّ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ دعاه وهو يصلّي فصلّى ثمّ أتاه فقال: ما منعك أن تجيبني، قال: إنّي كنت أُصلّي، قال: ألم يقل اللّه (يا أَيُّها الّذِين آمنُوا اسْتَجِيبُوا للّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحييكُمْ)(10) ، قال: ثمّ قال رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ لأُعلمنك أعظم سورة في القرآن، فكأنّه بيّنها أو نسي، فقلت: يا رسول اللّه الذي قلت.
قال : الحمد للّه ربّ العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أُوتيته.(11)
16.أخرج الدارقطني والبيهقي عن أبي هريرة «انّ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ كان إذا قرأ ـ وهو يؤم الناس ـ افتتح «بسم اللّه الرحمن الرحيم» قال أبو هريرة: آية من كتاب اللّه، اقرأوا إن شئتم فاتحة الكتاب، فانّها الآية السابعة.(12)
17. أخرج الدارقطني والبيهقي في السنن بسند صحيح عن عبد خير، قال: سئل علي رضي اللّه عنه عن السبع المثاني، فقال: «الحمد للّه ربّ العالمين » فقيل له: إنّما هي ست آيات! فقال: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم» آية.(13)
18. أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أُمّ سلمة قالت: قرأ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم* الحمد للّه ربّ العالمين* الرّحمن الرّحيم* مالك يوم الدين * اياك نعبد واياك نستعين* اهدنا الصراط المستقيم* صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) وقال: هي سبع يا أُمّ سلمة.(14)
فاتحة الكتاب سبع آيات مع البسملة
إنّ فاتحة الكتاب آيات سبع إذا قلنا بكون التسمية جزءاً منها ولذلك ترى أنّ المصاحف المعروفة تعد البسملة آية من سورة الفاتحة وإن كان يترك عدّها آية من سائر السور، وعلى ذلك يكون عدد الآيات سبعاً كالشكل التالي:
(بسم اللّه الرّحمن الرحيم * الحَمدُ للّه رَبّ العالمين * الرّحمن الرَّحيم * مالكِ يَوم الدِّين * إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعين * إِهدِنا الصِّراط المُسْتَقيم * صِراطَ الَّذِينَ أَنعمت عَلَيْهِم غَير المَغضُوب عَلَيْهِمْ وَلا الضّالّين).
فترى أنّ كلّ آية جملة تامة، وأمّا من لم يجعل التسمية من السبع فقد جعل(صراط الّذين أنعمت عليهم)آية، (غيرالمغضوب عليهم ولا الضّالين) آية أُخرى، ومعنى ذلك جعل المبدل منه آية والبدل آية أُخرى، وهذا ما لا يستسيغه الذوق السليم.
كما أنّ من حاول أن يجعل (إيّاك نعبد) آية، (وإيّاك نستعين) آية أُخرى فقد سلك مسلكاً وعراً، فإنّ الجملتين كسبيكة واحدة تنص على التوحيد في العبادة والاستعانة فما معنى الفصل بينهما.
هذا بعض ما وقفنا عليه من روايات أهل السنّة الدالة على أنّ البسملة جزء من الفاتحة، ويدلّ عليه أيضاً أمران آخران:
1. ما سيمرّ عليك من أنّ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وأصحابه كانوا يجهرون بالبسملة.
2. ما يدلّ على أنّ البسملة جزء من كلّ سورة.
غير انّه رعاية لنظام البحث فصلنا ما يدلّ على الجهر بالبسملة في قراءة الفاتحة عن ذكر البسملة، كما فصلنا ما يدلّ على أنّ البسملة جزء من كلّ سورة.
روايات أئمّة أهل البيت عليهم السَّلام
أمّا ما روي عن أئمّة أهل البيتعليهم السَّلام فحدِّث عنه ولا حرج، ولنذكر بعض ما روي عنهمعليهم السَّلام :
1. أخرج الشيخ في «التهذيب» عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ عن السبع المثاني والقرآن العظيم، أهي الفاتحة؟ قال: «نعم»، قلت: بسم اللّه الرّحمن الرحيم من السبع؟ قال: نعم، هي أفضلهن.(15)
2. أخرج الشيخ في «التهذيب» عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ ، عن أبيه قال: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم أقرب إلى اسم اللّه الأعظم من ناظر العين إلى بياضها».(16)
3. أخرج الكليني عن معاوية بن عمّار، قال: قلت لأبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ : إذا قمت للصلاة أقرأ بسم اللّه الرّحمن الرحيم في فاتحة الكتاب؟ قال: «نعم».(17)
4. أخرج الصدوق في «عيون الأخبار» عن الحسن بن علي العسكري ـ عليه السَّلام ـ ، قال: قيل لأمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ أخبرنا عن بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، أهي من فاتحة الكتاب؟ قال: «نعم، كان رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ يقرأها ويعدها آية، ويقول: فاتحة الكتاب هي السبع المثاني».(18)
إلى غير ذلك ممّا ورد عن أئمّة أهل البيتعليهم السَّلام في جزئيّة البسملة من الفاتحة.
ويؤيّد ذلك أنّ المأثور المشهور عن رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قوله: «كلّ أمر ذي بال لا يبدأ ببسم اللّه أقطع، وكلّ أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم اللّه فهو أبتر أو أجذم».(19)
ومن المعلوم أنّ القرآن أفضل ما أوحاه اللّه تعالى إلى أنبيائه ورسله وانّ كلّ سورة منه ذات بال وعظمة تحدّى اللّه بها البشر فعجزوا عن أن يأتوا بمثلها، فهل يمكن أن يكون القرآن أقطع؟ تعالى اللّه وتعالى فرقانه الحكيم وتعالت سوره عن ذلك علوّاً كبيراً.
والصلاة هي الفلاح وهي خير العمل كما ينادى به في أعلى المنائر والمنابر ويعرفه البادي والحاضر، لا يوازنها ولا يكايلها شيء بعد الإيمان باللّه تعالى وكتبه ورسله واليوم الآخر، فهل يجوز أن يشرعها اللّه تعالى بتراء جذماء؟! انّ هذا لا يجرؤ على القول به برّ ولا فاجر، لكن الأئمّة البررة مالكاًوالأوزاعي وأبا حنيفة رضي اللّه عنهم ذهلوا عن هذه اللوازم، وكلّ مجتهد في الاستنباط من الأدلّة الشرعية معذور ومأجور إن أصاب وإن أخطأ.(20)
التسمية ولزوم الجهر بها
قد أثبت البحث السالف الذكر انّ التسمية جزء من فاتحة الكتاب ومن صميمها، فلا تتم السورة إلاّبقراءتها، وأمّا الجهر بها فحكمه كحكم سائر أجزاء السورة، فلو كانت الصلاة من الصلوات الجهرية يجب الجهر بها ما لم يدلّ دليل على جواز المخافتة، مضافاً إلى أنّه قد تضافرت الروايات على لزوم الجهر بها، ويستفاد ذلك من الروايات التالية:
1. أخرج الحاكم عن أبي هريرة قال: كان رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ يجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم.
2. أخرج الحاكم عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ جهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم. وقال: رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات، وأقرّه على ذلك الذهبي في تلخيصه.
3. أخرج الحاكم في مستدركه عن محمد بن أبي السري العسقلاني ، قال: صليت خلف المعتمر بن سليمان ما، لا أحصي صلاة الصبح والمغرب فكان يجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وبعدها، وسمعت المعتمر يقول: ما آلو أن اقتدي بصلاة أبي، وقال أبي: ما آلو أن اقتدي بصلاة أنس بن مالك، وقال أنس بن مالك: ما آلو أن اقتدي بصلاة رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ .
رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات، وأقرّه على ذلك الذهبي في تلخيصه.
4. أخرج الحاكم عن حُميد الطويل، عن أنس، قال: صلّيت خلف النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان وخلف علي كلّهم كانوا يجهرون بقراءة بسم اللّه الرحمن الرحيم ، ثمّ قال:
وقد بقي في الباب عن أمير المؤمنين عثمان و علي، وطلحة بن عبيد اللّه، وجابر بن عبد اللّه، وعبد اللّه بن عمر، والحكم بن عمير الثمالي، والنعمان بن بشير، وسمرة بن جندب، وبريدة الأسلمي، وعائشة بنت الصديق كلّها مخرجة عندي في الباب، تركتها إيثاراً للتخفيف واختصرت منها ما يليق بهذا الباب، وكذلك ذكرت في الباب من جهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم من الصحابة والتابعين وأتباعهم.(21)
وبما انّ الكلام الأخير الذي يدّعي إطباق الأئمة على الجهر بالتسمية في الصلوات يخالف مذهب إمام الذهبي، فغاظ غيظه وادّعى انّ نسبة الجهر إلى هؤلاء كذب محض، ثمّ حلف على صدق مدّعاه مع أنّ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قال :«البينة على المدّعي واليمين على المنكر» فمن يدّعي الكذب فعليه البيّنة لا الحلف، وإلاّ ففي وسع كلّ من يرى الحديث مخالفاً لهواه وللمذهب الذي نشأ عليه، أن يحلف على كذبه.
5. ما رواه الإمام الشافعي في مسنده انّ معاوية قدم المدينة فصلّى بها ولم يقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم، فاعترض عليه المهاجرون والأنصار بقولهم: يا معاوية سرقت منّا الصلاة، أين بسم اللّه الرّحمن الرّحيم؟!
وعلّق عليه الشافعي بقوله: فلولا أنّ الجهر بالتسمية كان كالأمر المتقرر عند كلّ الصحابة من المهاجرين والأنصار، وإلاّ لما قدروا على إظهار الإنكار عليه بسبب ترك التسمية.
6. وأخرجه الحاكم بنحو آخر وقال: إنّ أنس بن مالك قال: صلّى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة فقرأ فيها بسم اللّه الرحمن الرحيم لأُمّ القرآن ولم يقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم للسورة التي بعدها حتّى قضى تلك القراءة، فلمّا سلّم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين والأنصار من كلّ مكان: أسرقت الصلاة أم نسيت؟! فلمّـا صلّى بعد ذلك قرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم للسورة التي بعد أُمّ القرآن وكبّـر حين يهوي ساجداً.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم فقد احتج بعبد المجيد بن عبد العزيز وسائر الرواة متفق على عدالتهم، وأقرّه على ذلك الذهبي في تلخيصه.
7. قال الرازي في تفسيره : إنّ البيهقي روى الجهر ببسم اللّه الرّحمن الرحيم في سننه عن عمر بن الخطاب وابن عباس وابن عمر وابن الزبير، ثمّ قال الرازي ما هذا لفظه: وأمّا انّ علي بن أبي طالب كان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر و من اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى، قال: والدليل عليه قول رسولاللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : اللّهم أدر الحقّ مع علي حيث دار.(22)
8. أخرج البزار و الدارقطني والبيهقي في «شعب الإيمان» من طريق أبي الطفيل قال سمعت علي بن أبي طالب وعمار يقولان: إنّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ كان يجهر في المكتوبات بـ«بسم اللّه الرحمن الرحيم» في فاتحة الكتاب.(23)
9. أخرج الدارقطني عن عائشة انّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ كان يجهر بـ«بسم اللّه الرّحمن الرّحيم».(24)
10. أخرج الدارقطني عن النعمان بن بشير قال: قال رسول اللّه: «أمّني جبرئيل ـ عليه السَّلام ـ عند الكعبة فجهر بـ«بسم اللّه الرحمن الرحيم».(25)
11. أخرج الدارقطني عن علي بن أبي طالب ـ عليه السَّلام ـ قال: كان النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ يجهر بـ «بسم اللّه الرحمن الرحيم» في السورتين جميعاً.(26)
12. أخرج الدارقطني والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة، وكان رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ يجهر بـ«بسم اللّه الرّحمن الرّحيم» في الصلاة و زاد البيهقي: «فترك الناس ذلك».(27)
13. أخرج الدارقطني عن عبد اللّه بن عمر قال: «صلّيت خلف النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وأبي بكر وعمر فكانوا يجهرون بـ«بسم اللّه الرحمن الرحيم».(28)
14. أخرج الثعلبي عن علي بن زيد بن جدعان انّ العبادلة كانوا يستفتحون القراءة بـ«بسم اللّه الرحمن الرحيم» يجهرون بها: عبد اللّه بن عباس و عبد اللّه بن عمر، و عبد اللّه بن الزبير.
15. أخرج البيهقي عن الزهري قال: من سنّة الصلاة أن تقرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، وانّ أوّل من أسرّ «بسم اللّه الرحمن الرحيم» عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة وكان رجلاً حييّا.(29)
16. أخرج الدارقطني عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ علّمني جبرئيل الصلاة ، فقام فكبّر لنا ثمّ قرأ «بسم اللّه الرحمن الرحيم» فيما يجهر، في كلّ ركعة .(30)
17. أخرج الدارقطني عن الحكم بن عمير ـ وكان بدرياً ـ قال: صلّيت خلف النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فجهر في الصلاة بـ«بسم اللّه» و صلاة الليل، وصلاة الفجر وصلاة الجمعة.(31)
وقد احتجّ الرازي على لزوم الجهر بالتسمية في الصلوات الجهرية بما أوعزنا إليه في صدر البحث من أنّ حكم جزء السورة كحكم كلّها ولا يصحّ التبعيض بين الكل والجزء إلاّ بدليل قاطع، وقد ذكره الرازي باللفظ التالي:
قد دللنا على أنّ التسمية آية من الفاتحة، وإذا ثبت هذا فنقول: الاستقراء دلّ على أنّ السورة الواحدة إمّا أن تكون بتمامها سرية أو جهرية، فأمّا أن يكون بعضها سرياً وبعضها جهرياً فهذا مفقود في جميع السور، وإذا ثبت هذا كان الجهر بالتسمية مشروعاً في القراءة الجهرية.(32)
أئمّة أهل البيت عليهم السَّلام والجهر بالبسملة
تضافرت الروايات عن أئمّة أهل البيت ـ عليهم السَّلام ـ على الجهر بالبسملة، وكانت سيرة الإمام علي ـ عليه السَّلام ـ والأئمّة ـ عليهم السَّلام ـ بعده على الجهر بها، نقتطف شيئاً ممّا أثر عنهم:
18. أخرج الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره باسناده إلى الرضا، عن أبيه، عن الصادق ـ عليهم السَّلام ـ قال: «اجتمع آل محمّد ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ على الجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم».(33)
19. أخرج علي بن إبراهيم في تفسيره باسناده عن ابن أُذينة قال: قال أبو عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ : «بسم اللّه الرحمن الرحيم» أحقّ ما جهر به وهي الآية التي قال اللّه عزّوجلّ: (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً)(34)
20. أخرج الصدوق باسناده عن الأعمش عن جعفر بن محمد ـ عليهما السَّلام ـ انّه قال: «والإجهار ببسم اللّه الرحمن الرحيم في الصلاة واجب».(35)
21. أخرج الصدوق باسناده عن الفضل بن شاذان فيما كتبه الرضا للمأمون في بيان محض الإسلام جـاء فيه: «والإجهار ببسم اللّه الرحمن الرحيم في جميع الصلوات سنّة» .(36)
22. وعن الرضا ـ عليه السَّلام ـ انّه كان يجهر ببسم اللّه الرّحمن الرحيم في جميع صلواته بالليل والنهار.(37)
23. أخرج الكليني عن صفوان الجمّال قال: صلّيت خلف أبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ أيّاماً، فكان إذا كانت صلاة لايجهر فيها، جهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم، وكان يجهر في السورتين.(38)
24. أخرج العياشي عن خالد المختار قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: «ما لهم عمدوا إلى أعظم آية في كتاب اللّه فزعموا انّها بدعة إذا أظهروها، وهي بسم اللّه الرحمن الرحيم».(39)
25. أخرج الكليني عن يحيى بن أبي عمران الهمداني قال: كتبت إلى أبي جعفر [الجواد] ـ عليه السَّلام ـ : جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ببسم اللّه الرحمن الرحيم في صلاته وحده في أُمّ الكتاب فلمّا صار إلى غير أُمّ الكتاب من السورة تركها، فقال العباسي: ليس بذلك بأس؟
فكتب بخطّه: «يعيدها ـ مرّتين ـ على رغم أنفه ـ يعني العباسي ـ».(40)
ولعلّ فيما ذكر من الروايات غنى وكفاية، لطالب الحقّ ورائد الحقيقة.
المصادر :
1- الحجر:87
2- تفسير الطبري:14/37.
3- تفسير الطبري:14/37.
4- تفسير الطبري:14/38.
5- تفسير الطبري:14/40.
6- المستدرك:2/258.
7- تفسير الطبري:14/41.
8- الدر المنثور:5/94.
9- تفسير الطبري:14/38.
10- الأنفال:24.
11- تفسير الطبري:14/41.
12- السنن الكبري:2/47; سنن الدارقطني:1/305.
13- سنن الدارقطني:1/311; السنن الكبرى:2/45.
14- الدرالمنثور:1/12.
15- التهذيب:2/289، برقم1157.
16- التهذيب:2/289، برقم 1159.
17- الكافي:3/312، الحديث1.
18- عيون أخبار الرضا:2/11.
19- التفسير الكبير:1/198.
20- مسائل فقهية:28ـ 29.
21- المستدرك:1/232.
22- التفسير الكبير:1/204.
23- سنن الدار قطني:1/302; شعب الإيمان:2/436، الحديث 2322، باب تعظيم القرآن; الدر المنثور:1/21، 22.
24- الدرالمنثور:1/23.
25- سنن الدارقطني:1/309; الدر المنثور:1/22.
26- سنن الدارقطني:1/302; الدرالمنثور:1/22.
27- مستدرك الحاكم:1/208; السنن الكبرى:2/47; سنن الدارقطني:1/306.
28- سنن الدارقطني:1/305; الدرالمنثور:1/22.
29- الدرالمنثور:1/21.
30- سنن الدارقطني:1/305; الدر المنثور:1/20، 21.
31- سنن الدارقطني:1/308; الدر المنثور:1/22، 23.
32- التفسير الكبير:1/204.
33- روض الجنان:1/50 ; مستدرك الوسائل:4/189 رقم 4456.
34- الإسراء:46. / تفسير القمّي:1/28.
35- الخصال:2/604، أبواب المائة فما فوقه، رقم 9.
36- عيون أخبار الرضا :2/122، الباب35.
37- عيون أخبار الرضا:2/181، الباب44 رقم5
38- الكافي:3/315، الحديث20.
39- تفسير العياشي:1/21، الحديث16
40- الكافي:3/313، الحديث2.

source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

دخول جيش السفياني الى العراق
فاطمة عليها السلام وليلة القدر
آثار الغيبة على الفرد والمجتمع وإفرازاتها
مدة حكم المهدي المنتظر
العمل الصالح
معالم " نهضة العلماء "
قصة استشهاد الامام جعفر بن محمد الصادق عليه ...
زيارة السيد عبد العظيم الحسني علیه السلام
التوسل بأُم البنين عليها‌السلام
الحب بعد الأربعين

 
user comment