عربي
Saturday 20th of April 2024
0
نفر 0

رأي الشيعة في المرجعية

رأي الشيعة في المرجعية

 ألف - ضرورة المرجعية
الشيعة يقولون: ليس صحيحا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد ترك هذه الأمة بدون ولي ولا مرجع، لأن الولاية والمرجعية أمران جوهريان لا غنى للأمة عنهما وفي كل زمان، والقول بترك الأمة بدون ولي ولا مرجع يناقض كمال الدين، وتمام النعمة، وتغطية البيان لكل شئ " تبيانا لكل شئ " فكيف يكون التبول شيئا ويبين النبي للناس كيف يتبولون ولا تكون الولاية والمرجعية شيئا ويتركها الرسول صلی الله عليه وآله وسلم دون بيان ؟ وبالتناوب، فإن عدم بيان الولاية والمرجعية من بعده يناقض رحمة النبي ورأفته بهذه الأمة وحرصه على مستقبلها لأن الله قذف في قلبه الكبير المحبة والرحمة والرأفة بهذه الأمة كما هو ثابت في القرآن الكريم. ثم من يقوم بوظائفه الدينية والدنيوية من بعده. فمن يبين القرآن ؟ ومن يحدد دائرة الشرعية ؟
ومن سيكون سفينة النجاة للأمة ؟ ومن يقود الناس للهدى ؟ ومن يكون أمانا لها ؟ هذه اختصاصات فنية كالطب والهندسة وعلم الذرة ؟ وهذه أمور لا يعلمها على وجه الجزم واليقين إلا الأعلم بالعقيدة والأفضل والأنسب بجمع الولاية مع المرجعية وهذه صفات لا يعلمها على وجه الجزم واليقين إلا الله، ومن المحال بالشرع والعقل أن يتركها لأهواء الناس، ثم إنها من ضرورات الدين ومن المستلزمات الأساسية للدعوة وللدولة وللأمة معا. وأكبر دليل على ضرورتها أن الذين أنكروها وأنكروا أن يكون النبي قد بنيها عادوا وأوجدوا ولاية وضعية، واستقرت هذه الولاية الوضعية لمن غلب بعد أن قتل مئات الآلاف من أبناء الأمة في سبيل تحقيق الغلبة للغالب الذي يجمع الأمة تحت إمرته بالقوة. وبغياب الفارس الغالب ركبت كل مجموعة من الناس رأسها، وكونت ولاية وضعية ومرجعية خاصة بها.

ب - البيان الإلهي للمرجعية
الله تبارك وتعالى هو الذي أنزل القرآن كرسالة إلهية لبني البشر، وكعقيدة إلهية تقدم لهم تصورا يقينيا لحركة كل شئ وتنظم أمور دينهم ودنياهم في الحياة الدنيا، وتستكشف لهم المعالم الأساسية للحياة الآخرة، وتربط الحياتين برباط عضوي محكم، وكضرورة من ضرورات الكتاب أنزله على عبده محمد ليبينه للناس بيانا نظريا وعمليا على صعيدي الدعوة والدولة معا، فقاد النبي الدعوة بنفسه وترأس الدولة بنفسه عندما تمخضت الدعوة عن دولة وخلال مرحلتي الدعوة والدولة بين العقيدة بيانا كاملا، وبينت العقيدة كل شئ للذين تلقوا الذكر. فمحمد هو المرجع ببيان العقيدة لأنه الأعلم بها والأفهم لأحكامها والأفضل بين أتباعها والأنسب لقيادة هؤلاء الأتباع وتطبيق أحكام العقيدة عليهم. فلا أحد في الدنيا ينوب عن محمد بهذه المهمة، ولا أحد يغني ويسد مسده أثناء حياته المباركة، وصاحب الإختصاص بانتداب محمد لهذه المهمة هو الله، لأنه لا أحد يعرف على وجه الجزم واليقين الأعلم بالعقيدة والأفهم لأحكامها والأفضل بين أتباعها والأنسب لقيادة هؤلاء الأتباع وتطبيق أحكام العقيدة عليهم إلا الله، لذلك حصر بنفسه حق اختيار هذا المرجع والولي، وطرحه أمام البشر وشهد له بأنه الأعلم والأفهم والأفضل والأنسب، وخوله صلاحية بيان العقيدة للناس، وصلاحية المرجعية وصلاحية الجمع بين الولاية على الأتباع والمرجعية في الدين والحكم بين الناس على ضوء أحكام هذا الدين.
فإذا قبلت الأمة المرجعية والولاية التي طرحها الله " قدمها " لهم وبايعت بالرضا يصبح المرجع والولي هو محمد.
ولأن الدعوة مستمرة إلى يوم الدين والدولة المؤمنة تدعم دعوة الإيمان ولأن الغاية هداية البشرية كلها ولأن محمد بشر، وميت لا محالة، ولأن الله وحده هو الذي يعلم على وجه الجزم واليقين من هو من أتباع محمد الأعلم والأفهم بالعقيدة والأفضل بين الأتباع في ذلك الزمان والأنسب لقيادة هؤلاء الأتباع، فإنه أيضا قد اختص بتقديم الولي والمرجع بعد وفاة محمد، فإذا بايعت الأمة وقبلت بمن قدمه الله وليا ومرجعا لها فقد اهتدت، وإذا لم تبايعه الأمة تحدث عملية انفكاك بين الولاية وبين المرجعية فيكون الحاكم شخص والمرجع شخص آخر، ومع الأيام يستحوذ الحاكم على الحكم والمرجعية.
فالحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) هو إمام بالنص، وولي بالنص، ومرجع بالنص وهو القدوة في زمانه بالنص.
ولكن الأمة رغبة أو رهبة بايعت يزيد بن معاوية، فأصبح يزيد هو الحاكم والحسين عليه السلام هو المرجع، والأصل أن يكون الحسين هو الإمام (الحاكم) وهو المرجع معا، ولكن لأن الأمة بايعت يزيدا تم الفصل بين الولاية (الحكم) وبين المرجعية فأصبح يزيد هو الحاكم الواقعي، ولأن المرجعية تابعة للولاية فلن يهنأ الحاكم قبل أن يجرد المرجع من اختصاصاته المرجعية ليجمع بيده الولاية، والمرجعية وهذا ما حدث فلا وسيلة لتجريد الامام الحسين عليه السلام من مرجعيته تبعا لتجريده من الولاية إلا بقتله فقتله يزيد.
وتقول الشيعة إن حالة المسلمين ومستقبلهم يتوقف على توحيد المرجعية مع الحكم أو الولاية بحيث يكون الولي هو المرجع وبحيث يكون الولي والمرجع هو بنفسه المعين من قبل الله.
والخلاصة أن المختص ببيان الإمام أو الولي والمرجع هو الله، لأنه وحده يعلم من هو الأعلم والأفهم بأحكام العقيدة ومن هو الأفضل والأنسب من الأتباع للقيادة وفق أحكام الإسلام، وأنه تعالى قد اختار للأمة الإسلامية وليها ومرجعها قبل أن ينتقل الرسول صلی الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى، وأن الله قد أمر النبي بإعلان ذلك فأعلن أمام مائة ألف مسلم في حجة الوداع، وتكرر إعلان النبي لهذا الأمر الإلهي عشرات المرات، ولكن الأمة بايعت غير هذا الولي والمرجع فحدثت عملية الانفكاك بين الولاية (الحكم) وبين المرجعية ثم زحف الحكام وجردوا الولي في كل زمان من المرجعية وجمعوا بأيديهم (كحكام) الولاية والمرجعية معا بسند الغلبة.
من هو هذا الولي والمرجع الذي عينه الله ؟
تقول الشيعة إنه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقد اختاره الله ليخلف نبيه بالولاية والمرجعية وكلف الله نبيه بأن يعلن هذا الاختيار الإلهي فأعلنه النبي أمام مائة ألف مسلم في حجة الوداع، وإنه تعالى أعلن إمامة الحسن من بعده، وإمامة الحسين من بعد الحسن، ورتبت الأمور بحيث يتعين كل واحد من الأئمة بنص من سبقه عليه ووصلوا إلى اثني عشر إماما، والإمام الثاني عشر هو المهدي عجل الله فرجه وهو الحاكم الشرعي لجمهورية إيران الإسلامية حسب منطوق المادة الخامسة من الدستور الإيراني، والإمام الفعلي في إيران ما هو إلا نائب للإمام الشرعي، يمارس أعمال الإمام والمرجعية نيابة عن صاحبها الشرعي حتى يظهره الله.
وكقاعدة، فإن عميد أهل بيت النبوة في كل زمان هو الإمام وهو الولي وهو المرجع حسب الشرع، وعمادة أهل البيت قائمة إلى يوم الدين، ولا تنقطع الذرية المباركة بالرغم من محاولات الحكام طوال التاريخ لإبادة هذه الذرية الطاهرة.

ما هو سبب عداء أهل السنة للشيعة ؟
طالما أن أهل الشيعة على حق، فلماذا عاداهم أهل السنة ؟ لأن ما تقول به الشيعة يسحب البساط من تحت أقدام الحكام، ويزيل مبرر وجودهم ويخلق المبرر لأعداء الحكام بأن يحلوا محلهم، ولأن الحكام لهم السيطرة الكاملة واقعيا على موارد الدولة وتتصرف بهذه الموارد كما تشاء من الناحية العملية، ولأن الحكام تحت إمرتهم جيوش تتقاضى رواتبها من الناحية العملية من الحكام وتتبع إرادة هذه الجيوش لإرادة الحكام، ولأن الحكام يملكون فعلا السيطرة على وسائل الأعلام، ولأن الشيعة كانوا حزب معارضة طوال التاريخ، لذلك نقم منهم الحكام وطاردوهم وصوروهم كأنهم شياطين وعصاة وخارجون على إجماع الأمة، ولم يكن أمام الأكثرية الساحقة من الأمة بديل سوى مجاراة الحكام، ولأن الشيعة لم تتح لهم الفرصة لعرض وجهة نظرهم بحرية، فقد قام الحكام بعرض وجهات نظر الشيعة بشكل محرف ومزور، وتناقلت الأمة وجهات النظر التي ذكرها أعداء الشيعة نيابة عنهم ولغايات تنفير الناس من الشيعة جيلا بعد جيل. واستقرت مزاعم الحكام عن الشيعة وكأن هذه المزاعم حقيقية وأكثر الناس يعتبرونها حقيقة لكثرة ما نقلت إليهم وما تم تداولها.

عجلة أهل السنة
يتصايح أهل السنة من كل حدب وصوب وهم يرددون: لا تصدق الشيعة فقد مهروا بعداء هذه الأمة واطمأنوا للخروج من الجماعة، طالبهم بالدليل على ما يزعمون.

الرد على العجلة
تقول الشيعة: إن العام الذي انتصرت فيه القوة على الشرعية هو عام الجماعة عند أهل السنة، وإن فكرة التسنن التي أخذ أهل السنة منها اسمهم نشأت في الزمن الذي انتصرت فيه القوة على الشرعية، وليس كما يتصور العامة بأن أهل السنة هم أهل سنة الرسول (صلى الله عليه وآله) فالشيعة هم أحرص الناس على ما صدر من الرسول من قول أو فعل، ولو تركنا التقليد الأعمى لتبين أنا لا نلقي القول على عواهنه وبإمكانكم أن تتأكدوا من صحة ما ذكرناه، فإن كان حقنا كففتم لومكم عنا وإن كان باطلا رجعنا عنه (إن الباطل كان زهوقا). ونزولا عند رغبة عشاق الحقيقة نقدم الدليل القاطع على ما قلناه.

المرجعيتان
لدى الإسلام برأي الشيعة مرجعيتان بعد وفاة النبي:
المرجعية الأولى فردية: عميد أهل بيت النبوة وأول العمداء علي (عليه السلام) وهي تقابل فردية الحاكم الغالب عند أهل السنة.
المرجعية الثانية جماعية: وهي عترة النبي وأهل بيته، وهم يوالون عميدهم ويساعدونه بحفظ الدين على أصوله المستقرة الله هو الذي عين المرجعيتين .
ويقول أهل الشيعة بأن الله تعالى هو الذي عين المرجعيتين بالنص وأمر نبيه أن يعلن للمسلمين هذا التعيين الإلهي فأعلنه بأكثر من مناسبة.

الدليل الشرعي على تعيين الله للمرجعية الفردية
الأول: آية الولاية وهي الآية 55 من سورة المائدة * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) * وقد نزلت هذه الآية في علي حين تصدق بخاتمه وهو راكع في صلاته. وتفسير هذه الآية مفصل بتفسير الثعلبي على سبيل المثال، وعندما رأى النبي صلی الله عليه وآله وسلم عليا وهو يتصدق بخاتمه أثناء ركوعه في الصلاة دعا محمد ربه بالدعاء الذي دعا فيه هارون ربه " واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به ظهري.... " قال أبو ذر: فوالله ما أتم الرسول صلی الله عليه وآله وسلم دعاءه حتى نزل عليه جبريل ومعه آية الولاية.
وقد أجمع المفسرون على نزول هذه الآية في علي ونقل هذا الاجماع غير واحد كالإمام القوشجي في مبحث الإمامة من شرح التجريد وراجع تفسير الإمام أبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي الذي قال عنه ابن خلكان في وفياته إنه أوحد زمانه في علم التفسير. وراجع على سبيل المثال شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ومناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي وكفاية الطالب للكنجي الشافعي وذخائر العقبى لمحب الدين الطبري الشافعي والمناقب للخوازرمي الحنفي وترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي وراجع الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي والدر المنثور للسيوطي وفتح القدير للشوكاني والتسهيل لعلوم التنزيل للكلبي والكشاف للزمخشري وتفسير الطبري ، وزاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي الحنبلي ، وتفسير القرطبي ، والتفسير المنير لمعالم التنزيل للجادي وفتح البيان في مقاصد القرآن وأسباب النزول للواحدي ، والباب المنقول للسيوطي بهامش تفسير الجلالين وتذكرة الخواص للسبط الجوزي الحنفي وتفسير الرازي وتفسير ابن كثير.. الخ وهنالك 36 مرجعا لم تذكر.(1)
وبالفعل فقد نصب النبي (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين عليا مرجعا وخليفة من بعده في جمع ضم مائة ألف مسلم في غدير خم، وذلك يوم الخميس وقد نزل عليه جبريل بعد مضي خمس ساعات من النهار فقال: يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول لك: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك........) *.
وقد نزلت هذه الآية يوم الغدير (2).
وبعد أن نصب الرسول عليا إماما ومرجعا وخليفة من بعده نزلت الآية * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * وهذه الآية نزلت بذي الحجة وبمنطقة غدير خم وبنفس المكان الذي نصب فيه أمير المؤمنين ومباشرة بعد تنصيبه (3).
وبعد تنصيب الإمام علي بن أبي طالب وليا ومرجعا وخليفة للأمة بعد النبي تقدم عمر بن الخطاب من أمير المؤمنين عليا وقال له مداعبا " بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم " وتلك حقيقة.
وأصبح يوم الغدير عيدا عاما للمسلمين في الأزمنة المتقادمة (4).
وحديث الغدير قد بلغ مرتبة التواتر عن طريق علماء أهل السنة، وألفت فيه المؤلفات منها كتاب الولاية لابن حجر الطبري وكتاب الولاية لأبي العباس بن أحمد بن عقدة المتوفى 333 ه‍ وكتاب ابن روى حديث غدير خم لأبي بكر الحصابي المتوفى 355 ه‍ والدارقطني المتوفى في 385 ه‍ له جزء في طريق حديث الغدير وكتاب الدراية في حديث الولاية لأبي سعد السجستاني المتوفى 477 ه‍ وكتاب دعاة الهداة إلى أداء حق الموالاة لأبي القاسم عبيد الله الحنفي المتوفى 490 ه‍...... الخ. وقد روى حديث الغدير من الصحابة 116 صحابيا ورواه 84 من التابعين، وروى حديث الغدير كل علماء أهل السنة وأخرجوه في كتبهم على اختلاف طبقاتهم ومذاهبهم من القرن الثاني الهجري حتى القرن الرابع عشر الهجري وعددهم 360 عالما كما ذكر الأميني في كتاب الغدير.
ويكفي أن عمر بن الخطاب تقدم وهنأ عليا يوم الغدير قائلا له: " هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة "

موذج من إعلان يوم الغدير
قال الطبراني في المعجم الكبير:
عن حذيفة بن أسيد الغفاري الصحابي الجليل (رضي الله عنه) قال: لما صدر رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع نهى أصحابه عن شجيرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا، ثم بعث إليهم، فقم ما تحتهن من الشوك وعمد إليهن فصلى تحتهن، ثم قام فقال:
" يا أيها الناس إني قد أنبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظن أني يوشك أن أدعى فأجيب وإني مسؤول وإنكم مسؤولون، فما أنتم قائلون ؟ " قالوا: نشهد أنك قد بلغت وجهدت ونصحت فجزاك الله خيرا.
فقال: " أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن جنته حق وناره حق وأن الموت حق وأن البعث حق بعد الموت وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ؟ قالوا بلى نشهد بذلك قال: اللهم اشهد ثم قال: أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا - يعني عليا رضي الله عنه - مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (5).
ثم قال: أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون علي الحوض حوض أعرض ما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين: فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به ولا تضللوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لله ينقضيان لن يفترقا حتى يردا على الحوض (6).

التأكيد الشرعي على ولاية علي
قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي: " أنت وليي في الدنيا والآخرة " (7)،
" أنت ولي كل مؤمن بعدي "، وقال: " من كنت وليه فإن عليا وليه "، وقال: " إن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ إنه وليكم بعدي "، وقال مرة:
" إنك ولي كل مؤمن بعدي "، وقال: " من كنت وليه فهو وليه "، وقال: " من كنت مولاه فهذا علي مولاه "، وقال: " إنك ولي المؤمنين بعدي " (8).
وجاء حديث المنزلة: أنت مني بمنزلة هارون من موسى ليؤكد هذه الولاية:
" أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " وهذا الحديث من أصح الآثار وقد رواه أصحاب السنن (9).
الهداية من بعد النبي
قال النبي صلی الله عليه وآله وسلم : " أنا المنذر وعلي الهادي وبك يا علي يهتدي المهتدون " .
الحجة من بعد النبي
قال النبي صلی الله عليه وآله وسلم : " أنا وهذا - يعني عليا - حجة على أمتي يوم القيامة ".
قال: (صلى الله عليه وسلم): " علي باب علمي ومبين من بعدي لأمتي ما أرسلت به حبه إيمان وبغضه نفاق. وقال: " أنا مدينة العلم وعلي بابها " وسنبينه في باب القيادة السياسية.
وقال لعلي: " أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي ".
هذه السنن وأمثالها تؤكد أن النبي قد عين مرجعية للأمة من بعده ترجع إليها في أمور دينها ودنياها وأن هذا المرجع الفرد هو علي بن أبي طالب، وسنقوم بمعالجة الموضوع بتفصيل أدق عند بحث القيادة السياسية في الباب الرابع من هذه الدراسة. راجع المصادر السابقة .
المرجعية الجماعية عند أهل الشيعة
أهل الشيعة يعتبرون النبي صلی الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين قدوة لهم لفضلهم على الإسلام وتفضيل الله لهم، فهم الأبناء والنساء والأنفس التي عنتها آية المباهلة:
* (فقل تعالوا ندع أبناءنا.....) * فقد نزلت هذه الآية في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليه السلام) وهم حبل الله * (واعتصموا بحبل الله...) *.
وهم أهل الذكر الذي قال الله تعالى فيهم: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) *وهم المحسودون * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * وهم ذو القربى * (وآت ذا القربى حقه) ** (... فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) *وهم المطهرون * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *.
وهم الذين فرض الله مودتهم. وهم الذين أوجب الله الصلاة عليهم في أثناء
وهم الثقل الأصغر، فالقرآن وأهل البيت حرز من الضلالة. وهم المتقدمون وهم سفينة النجاة من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق ، وهم أمان الأمة من الاختلاف ومخالفهم من حزب إبليس ، وهم الأمان لهذه الأمة (10).

 

قال (صلى الله عليه وآله): " في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى الله فانظروا من تعزون " (راجع المصادر السابقة).

ثمرة اتباع الشيعة للمرجعية الشرعية
لأن الشيعة والوا محمدا وأهل بيت محمد ما زالوا يوالونهم، ولأنهم يعتبرون عميد أهل بيت النبوة في كل زمان هو إمامهم وقدوتهم فإن الله سبحانه وتعالى اصطفاهم لحفظ دينه على الأصول المستقرة وقد بشرهم النبي أنهم خير البرية.
وعندما نزل قوله تعالى: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * قال الرسول (صلى الله عليه وآله): يا علي هم أنت وشيعتك.

 
المصادر :
1- شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 161 ومناقب الشافعي ص 311 وكفاية الطالب الشافعي ج 328 و 250، وذخائر العقبى الشافعي ص 88 و 102 والمناقب الحنفي ص 187 تاريخ دمشق الشافعي ج 2 ص 409 الفصول المهمة ص 123 و 108 والدر المنثور للسيوطي ج 2 ص 293 وفتح القدير للشوكاني ج 2 ص 53، والتسهيل لعلوم التنزيل للكلبي ص 181 والكشاف للزمخشري ج 1 ص 649 وتفسير الطبري ج 6 ص 288 - 289، وزاد المسير لابن الجوزي الحنبلي ج 2 ص 383، وتفسير القرطبي ج 6 ص 216، والتفسير المنير ج 1 ص 210 وفتح البيان في مقاصد القرآن ج 3 ص 51 وأسباب النزول للواحدي ص 148، تفسير الجلالين ص 213 وتذكرة الخواص ص 18 و ص 208 وتفسير الرازي ج 12 ص 26 و 20 وتفسير ابن كثير ج 2 ص 71.
2- تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 86 وفتح البيان ج 3 ص 63 وشاهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج 1 ص 187 وأسباب النزول ص 115 والدر المنثور ج 2 ص 298 وفتح القدير للشوكاني ج 2 ص 60 وتفسير الفخر الرازي الشافعي ج 12 ص 50 ومطالب السؤول الشافعي ج 1 ص 44 والفصول المهمة ص 25 وينابيع المودة ص 120 و 249 والملل والنحل الشافعي ج 1 ص 163 وفرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 158، وعمدة القارئ ج 8 ص 58 ومودة العربي ج 2 ص 348 وتفسير المنار لمحمد عبده ج 6 ص
3- تاريخ دمشق ج 2 ص 75 والمناقب ص 19 وشواهد ج 1 ص 157 وتاريخ بغداد ج 8 ص 290 والدر المنثور ج 2 ص 259 والاتفاق ج 1 ص 31 والمناقب ج 1 ص 47 وينابيع المودة ص 115 وفرائد ج 1 ص 72 و 74 وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 35 وكتاب الولاية ج 6 ص 55 والبداية والنهاية ج 5 ص 213.
4- الغدير ج 1 ص مطالب السؤول ج 1 ص 44 ووفيات الأعيان لابن خلكان ج 1 ص 60 .
5- تاريخ دمشق ج 2 ص 50 ح 548 و 550 والمناقب ص 94 ومسند الإمام أحمد بن حنبل ج 4 ص 281 والفصول المهمة ص 24 والحاوي ملفناوي للسيوطي ج 1 ص 122 وذخائر العقبى للطبري ص 67 وفضائل الخمسة ج 1 ص 350 وتاريخ الإسلام للذهبي ج 2 ص 197 وعلم الكتاب لخواجه الحنفي ص 161 ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 109، وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 30 و 31 و 249 وتفسير الفخر الرازي الشافعي ج 3 ص 63 وتذكرة الخواص للسبط الجوزي ص 29 ومشكاة المصابيح ج 3 ص 246 وعبقات الأنوار ج 1 ص 285 وفرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 77 .
6- الصواعق المحرقة ص 25 وصحح الحديث، معجم الزوائد ج 6 ص 164 تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 45 ح 545 وراجع كنز العمال للمتقي الهندي ج 1 ص 168 ج 959 وراجع الغدير للأميني ج 1 ص 26 – 27
7- المستدرك ص 26، وابن حجر ذكره في صواعق باب 12 ص 16 مسلم في ص 24 ج 2 من صحيحه والحاكم ص 109 ج 3 من مستدركه وابن حجر في باب 11 ص 107 صحيح بخاري ج 2 ص 58 وراجع صحيح مسلم ج 2 ص 323 و ص 28 ج 1، وراجع ص 109 ج 2 من مسند الإمام أحمد و ص 172 و 175 و 777 و 179 و 182 و 185 ج 1 من المسند و ص 331 و ص 269 و ص 438 ج 6 من المسند و ص 32 ج 3 من المسند وراجع الصواعق المحرقة باب 11 ص 107 وراجع فصل 2 باب 9 ص 72 من الصواعق وأخرجه الترمذي كما يدل الحديث 2504 وراجع ج 6 ص 152 من الكنز .
8- النسائي في خصائصه وأحمد بن حنبل في مسنده ص 438 ج 4 والحاكم في مستدركه ص 111 ج 3 والذهبي في تلخيص المستدرك وراجع المراجعات ص 163 - 164 .
9- البخاري ج 5 ص 129 وصحيح مسلم ج 2 ص 360 ومسند الإمام أحمد بن حنبل ج 3 ص 50 ح 1490 بسند صحيح و ص 56 ج 5 و ص 57 و ص 66 وسنن ابن ماجة ج 1 ص 42 و ج 4 ص 2085 من صحيح بخاري و ج 3 ص 109 من المستدرك للحاكم و ج 3 ص 104 من تاريخ الطبري و ج 1 من تاريخ ابن عساكر حديث 30 و 125 و 148 و 149 و 150 والخصائص للنسائي ص 76 و 77 و 78 وحلية الأولياء ج 7 ص 194 والمناقب للخوارزمي ص 60 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 168 وينابيع المودة للقندوزي ص 35 وأسد الغابة ج 2 ص 8 ونظم درر السمطين للزرندي ص 95 وكفاية الطالب للكنجي ص 281 وشرح النهج لابن أبي الحديد ج 2 ص 495 والمعجم الصغير للطبراني ج 2 ص 22 و 54 ومجمع الزوائد ج 9 ص 109 وكنز العمال ج 15 ص 139 والعقد الفريد لابن عبد ربه ج 4 ص 311 وجامع الأخوة لابن الأثير ج 9 ص 468 ومشكاة المصابيح ج 3 ص 242 والجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 56.... الخ.
10- ذخائر العقبى للطبري الشافعي ص 17، ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 234 وإحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص 112 والجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 161 والفتح الكبير للنبهاني ج 3 ص 267 ومنتخب كنز العمال ج 3 ص 267، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند الإمام أحمد ج 5 ص 92 والصواعق المحرقة لابن حجر ص 185 و 233 وإسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص 128.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أروقة مرقد أمير المؤمنين (ع) يفرش بسجاد كاشاني ...
الشيخ هادي السبزواري
مبادئ المعرفة ومعرفة الوجود والإنسان لدى الإمام ...
أعمال الليلة الاولى من شهر رمضان المبارك
خصائص الأسرة المسلمة
مؤتمر مبلغي المجمع العالمي لأهل البيت (ع) في ...
الحُضور في مواضع التهم
إصدار كتاب "ضوابط الاصول" في 6 مجلدات
الجزع على الميت
ابن حجر و التوسّل

 
user comment