عربي
Wednesday 24th of April 2024
0
نفر 0

التوضيح والربط

التوضيح والربط

 على ضوء ما تقدم وبعد أن عرفنا الحالة التي كان يعاني منها المجتمع فإن من الطبيعي أن تهيمن حالة من التردد والشك والريب على مواقف الناس ، وعلى مواجهتهم لظاهرة الخوارج ، وشعاراتهم ، فكان لابد من اللجوء إلى أسلوب الصدمة ، لإحداث اليقظة الضميرية والوجدانية لدى عامة الناس ، اعتماداً على المنطلقات العامة فيما يرتبط بالإيمان بالغيب.
    وقد ظهرت هذه الصدمة والهزة الضميرية عل شكل إخبارات غيبية ، يشاهد الناس تحقق مضمونها بأم أعينهم. من أجل إعطاء الشحنة المحركة ، وتسجيل الموقف الحاسم ، لكي يمكن بعد ذلك ملاحقة ومتابعة العلم التربوي ، والتثقيف والتوعية ، ليكون ذلك ضمانة لبقاء القناعات ، وتجذيرها في عقل وفكر ، ووجدان الإنسان بصورة كافية ..
    وتمثل هذه الهزة أو فقل الصدمة الضميرية الأسلوب الأمثل لإظهار علم الإمامة ، الذي استقاه ( عليه السلام ) من مهبط الوحي ، ومعدن الرسالة محمد ( صلى الله عليه وآله ) ولم يشاركه فيه أحد.
    ثم يأتي دور التركيز على عنصر النص ، وتأكيده بصورة قاطعة ، حتى لا يبقى عذر لمعتذر ، ولا حيلة لمتطلب حيلة.
    ويكون تعاضد هذين العنصرين ، وهما : علم الإمامة ، والنص على الإمام ، هو الطريقة المثلى لنقل عنصر المبادأة والمبادرة إلى يد الإمام ( عليه السلام ).
    وهكذا .. يتضح : أن هذه الصدمة من شأنها أن تفتح كوة في الجدار المضروب حول عقل وفكر مجتمع يعاني من حالة مزرية من الجهل بالدين وأحكامه ، وبالإمامة والإمام ، وقد زين جدار الجهل هذا بأصباغ براقة من الشعارات الخادعة ، التي تتلبس له باسم الإسلام ، ويجد فيها وسيلة تساعده على تحقيق مآربه في الغنائم والأموال. وفي الجاه ، والهيمنة على الآخرين ، وغير ذلك. من دون أن يكون للإسلام وتعاليمه تأثير يذكر على مواقفه وممارساته العملية ..
    نعم .. لقد كانت هذه الهزة الوجدانية ضرورية لأناس يتعاملون ـ في الأكثر ـ مع إمامهم المنصوص عليه من قبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كخليفة له في أعناقهم بيعة ، يلزمهم الوفاء بها ، لا من منطلق الاعتقاد بإمامته ، وتنصيبه من قبل الله على يد رسوله.
    ولم يكونوا وقد عرفوا الشيء الكثير عن هذا الإمام الخليفة ، ولا عن سوابقه ، وأثره في الإسلام وفي الدين.
    ولم يكن بوسعه ( عليه السلام ) أن ينتظر إلى أن تؤدي وسائل الإقناع دورها في بث روح الإيمان وتعميقه ، ولا إلى أن تؤدي التربوية التي تحتاج إلى كثير من الوقت والجهد ثمارها في مجال التزكية والتهذيب للنفوس.
    والخلاصة : إنه إذا كان حربه ( عليه السلام ) مع الخوارج على درجة كبيرة من الحساسية ، لما كان يمكن أن يؤدي إليه من سلبيات خطيرة في البنية الداخلية للمجتمع ، فيما يرتبط بروحيات الناس ، ومشاعرهم وقناعاتهم ، وعلاقاتهم الاجتماعية ، ومجمل أوضاعهم ، فإن التركيز على عنصر الغيب ، وإظهار علم الإمامة يصبح ضرورة ملحة ، من أجل تلافي كثير من تلك السلبيات ، بالإضافة إلى ما سوف يتركه هذا الأمر من آثار إيجابية في مجال الفكر والعقيدة للمجتمع الإسلامي في الأدوار اللاحقة.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

طبیعة التشریع الإسلامی
الدلالات في القرآن، وفي العهد القديم (قصة يوسف)
ما تنبأ به الامام!
حج فی احادیث الامام الخمینی قدس سره (1)
في معرفة الأئمة ع
أواصر المحبة
استشهاد النبي الرسول محمد(ص) اغتيالا بالسم
هجرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وثورة الحسين ...
إرادة الله شـــــاءت
أحد الزائرين يعود بصره اليه بفضل كرامة أمير ...

 
user comment