عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

قصة روحانية

قصة روحانية

عن الزهري، قال : كنت عند علي بن الحسين عليهما السلام فجاءه رجل من أصحابه ، فقال له علي بن الحسين عليه السلام : ما خبرك أيها الرجل ؟.. فقال الرجل : خبري يا بن رسول الله !.. أني أصبحت وعليّ أربعمائة دينار دين ، لا قضاء عندي لها ، ولي عيال ثقال ليس لي ما أعود عليهم به ، فبكى علي بن الحسين عليه السلام بكاءً شديدا ، فقلت له : ما يبكيك يا بن رسول الله ؟.. فقال : وهل يُعدّ البكاء إلا للمصائب والمحن الكبار ؟.. قالوا : كذلك يا بن رسول الله. قال : فأية محنة ومصيبة أعظم على حرّ مؤمن ، من أن يرى بأخيه المؤمن خلّة فلا يمكنه سدّها ، ويشاهده على فاقة فلا يطيق رفعها .. فتفرقوا عن مجلسهم ذلك ، فقال بعض المخالفين - وهو يطعن على علي بن الحسين عليه السلام - : عجبا لهؤلاء !.. يدّعون مرة أن السماء والأرض وكل شي ء يطيعهم ، وأن الله لا يردّهم عن شيء من طلباتهم ، ثم يعترفون أخرى بالعجز عن إصلاح حال خواص إخوانهم ، فاتصل ذلك بالرجل صاحب القصة.
فجاء إلى علي بن الحسين عليه السلام فقال له : يا بن رسول الله!.. بلغني عن فلان كذا وكذا ، وكان ذلك أغلظ عليّ من محنتي ، فقال علي بن الحسين عليه السلام: فقد أذن الله في فرجك .. يا فلانة !.. احملي سحوري وفطوري ، فحملت قرصتين ، فقال علي بن الحسين عليه السلام للرجل : خذهما فليس عندنا غيرهما ، فإن الله يكشف عنك بهما ، وينُيلك خيرا واسعا منهما ، فأخذهما الرجل ودخل السوق لا يدري ما يصنع بهما ، يتفكر في ثقل دينه ، وسوء حال عياله ، ويوسوس إليه الشيطان : أين موقع هاتين من حاجتك ؟.. فمرّ بسمّاك قد بارت عليه سمكة ٌقد أراحت ( أي تغيرّت رائحتها ) فقال له : سمكتك هذه بائرة عليك وإحدى قرصتيّ هاتين بائرة عليّ ، فهل لك أن تعطيني سمكتك البائرة ، وتأخذ قرصتي هذه البائرة ؟.. فقال : نعم ، فأعطاه السمكة وأخذ القرصة . ثم مرّ برجل معه ملح قليل مزهود فيه ، فقال : هل لك أن تعطيني ملحك هذا المزهود فيه بقرصتي هذه المزهود فيها ؟.. قال : نعم !.. ففعل فجاء الرجل بالسمكة والملح فقال : أصلحُ هذه بهذا ، فلما شق بطن السمكة وجد فيه لؤلؤتين فاخرتين ، فحمد الله عليهما ..
فبينما هو في سروره ذلك إذ قُرع بابه ، فخرج ينظر مَن بالباب فإذا صاحب السمكة وصاحب الملح قد جاءا ، يقول كل واحد منهما له : يا عبدالله!.. جهدنا أن نأكل نحن أو أحد من عيالنا هذا القرص فلم تعمل فيه أسناننا ، وما نظنك إلا وقد تناهيت في سوء الحال ومرنت على الشقاء ، قد رددنا إليك هذا الخبز وطيبنا لك ما أخذته منا ، فأخذ القرصتين منهما ،فلما استقر بعد انصرافهما عنه قُرع بابه ، فإذا رسول علي بن الحسين عليه السلام فدخل فقال : إنه يقول لك : إن الله قد أتاك بالفرج ، فاردد إلينا طعامنا فإنه لا يأكله غيرنا ، وباع الرجل اللؤلؤتين بمالٍ عظيم قضى منه دينه وحسُنت بعد ذلك حاله. فقال بعض المخالفين : ما أشدّ هذا التفاوت !.. بينا علي بن الحسين لا يقدر أن يسدّ منه فاقة إذ أغناه هذا الغناء العظيم ، كيف يكون هذا ؟.. وكيف يعجز عن سدّ الفاقة من يقدر على هذا الغناء العظيم ؟.. فقال علي بن الحسين عليه السلام : هكذا قالت قريش للنبي صلى الله عليه واله وسلم: كيف يمضي إلى بيت المقدس ، ويشاهد ما فيه من آثار الأنبياء من مكة ، ويرجع إليها في ليلة واحدة من لا يقدر أن يبلغ من مكة إلى المدينة إلا في اثني عشر يوما ؟..
وذلك حين هاجر منها ، ثم قال علي بن الحسين عليه السلام : جهلوا والله أمر الله وأمر أوليائه معه ، إن المراتب الرفيعة لا تنال إلا بالتسليم لله جل ثناؤه ، وترك الاقتراح عليه والرضا بما يدبرهم به .. إن أولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبراً لم يساوهم فيه غيرهم ، فجازاهم الله عز وجل بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم ، لكنّهم مع ذلك لا يريدون منه إلا ما يريده لهم .

المصدر : أمالي الصدوق ص

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أحداث ليلة ضرب الرأس الشريف لأمير المؤمنين
أهل البيت القدوة الصالحة والنموذج الأمثل
القدسية والعظمة
فلسفة تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام
ذِكر عليٍّ عبادة
الإمام الحسين عليه‌السلام والسلفية
أهل البيت^ الحبل المتصل بين الخالق والمخلوق
السیده رقیه بنت الحسین علیها السلام
شروط الإمام
فاطمة هي فاطمة.. وما أدراك ما فاطمة

 
user comment