سماحة الاستاذ العلامة انصاریان :إن الإسلام و هو الدين الوحيد الذي يمثل ثقافة كاملة

الخير الجامع والشر الجامع‌

إن الاسلام- وهو الدين الوحيد الذي يمثل ثقافة كاملة وكفيلة بالسعادة- يرى‌ أن الخير الجامع في العشرة الصحيحة والصداقة الحقيقية وفي مصاحبة أحباء القلوب والذوات الطاهرة النبيلة وأهل الايمان والمروءة ومجالسة أصحاب النفوس العيسوية الذين لا يريدون للانسان إلّا صلاحه وكرامته ونموه وتربيته وأدبه وسلامته، فهذا كله يوصف بالخير الجامع.
إن المنهاج الرباني المثمر يرى‌ أن العشرة المغلوطة والصداقة الخاطئة ومصاحبة موتى‌ القلوب وأولات الأرواح الشريرة والنفوس الخبيثة وروّاد الجريمة واللادينية ومجالسة الذين سلوكهم وأعمالهم كالرياح المزيفية تقضي على‌ نظارة الانسان وقيمه، هذه كلها تمثل الشر الجامع.
وأن العِشرة مع الطيبين الأخيار ومجالسة المؤمنين أصحاب الذوات المقدسة، ومصادقة الأوفياء وأصحاب الضمائر الحية، هي كالشراب الشافي الذي يعالج الأمراض الفكرية والنفسية للانسان كما أنّها تمنح الانسان جدارة وحيوية لكي يخوض معترك حياة طيبة.
إنّ العِشرة مع الارجاس ومرضى‌ القلوب ومجالسة فاقدي الايمان‌
                        نظام العشره فى المنظور الاسلامى، ص: 182
وذوات الصفات الشيطانية، ومصادقة المنافقين من ذوي الوجهين، أصحاب الباطن الخبيث من الناس، مثل السمُّ القاتل الذي تسقى‌ به حياة الانسان فتسمّم جميع شؤونها فتتركه في قفر الهلاكة وأرض الضلالة بائساً مبتلى‌، لا مفر له ولا محيص؛ إن الفضائح التي تنتاب الانسان جراء مجالسة الطالحين لا تجبر احياناً بل انها تكدر حلاوة الحياة ولذتها أبداً.
يقول الامام أميرالمؤمنين عليه السلام:
 «عَارُ الفَضِيحَة يُكَدِّرُ حَلَاوَةَ اللَّذَّةِ» «1».
وفي كلام له أيضاً:
 «لَايَقُومُ حَلَاوَةُ اللَّذَّةِ بِمَرَارَةِ الآفَاتِ» «2».
أجل إنّ الذي يعاشر الشاذين والأرجاس ويصادق الجهلة والفاقدين للرجولة والمروءة فيتخذهم بطانة ويرافقهم طويلًا فانه- بسبب تلك العِشرة المغلوطة- يُحرم من العلم والمعرفة والعبادة والخدمة والقيم والكرامة؛ فبعد تلك النكبات وغيرها من الإنتكاسات، عند ما يأتي على‌ محاسبة نفسه يجد أن تلك اللذات لا تساوي شيئاً أمام النكبات والانتكاسات التي انصبت عليه.
__________________________________________________
 (1)- غرر الحكم: 481، حديث 11060؛ مستدرك الوسائل: 11/ 346، باب 42، حديث 13217.
 (2)- غرر الحكم: 854.
                        نظام العشرة فى المنظور الاسلامى، للعلامة انصاریان ص: 183