عربي
Friday 19th of April 2024
0
نفر 0

سماحة الاستاذ العلامة انصاریان :أن العارف بالله مطهر من كل لوث ظاهرى وباطنى

سماحة الاستاذ العلامة انصاریان :أن العارف بالله مطهر من كل لوث ظاهرى وباطنى

عندما يقع الإنسان بيد أهل البيت (ع) ويقبل على انتهال معارفهم وعندما يتتلمذ فى مدرستهم ويقتدى بهداهم فإنه يصبح عارفاً بالله سبحانه وتتجلى فى أعماقه الحقائق وتشرق على قلبه شمس الحق، فيجد فى ذاته القوّة والنشاط والحيوية فى أداء فرائض الله تبارك وتعالى وتغمر وجوده حالة عرفانية ويفيض قلبه بأنوار الإيمان الراسخ واليقين، ومن ثم تتجلى فى سلوكه الصفات الحسنةوالأخلاق الكريمة، فيجتنب المحرمات ويبادر إلى أداء الطاعات ألم يكن سلمان زرادشياً ثم نصرانياً، ثم لما أسلم وأحب أهل البيت وأخلص لله فى مودتهم إذا به يصل إلى مقامهم حتى أعلن رسول الله (ص) على الملأ العام قائلًا: سلمان منّا أهل البيت «1».
ألم يكن أبو ذر راعياً فى البادية ثم لما أخلص لله فى تمسكه بأهل البيت (ع) بلغ ما بلغ من الدرجات العالية حتى قال رسول الله (ص) فيه: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذى لهجة أصدق من أبى ذر «2».
وألم يكن بلال حبشياً ثم لما اقتدى بأهل بيت النبى (ص) إذا به يصبح إنساناً كريماً عند الله وعند الناس وحتى نزل فى حقّه قوله تعالى:
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «3».
أجل أن هؤلاء وأمثالهم وصلوا إلى ما وصلوا إليه من المنزلة وبلغوا ما بلغوا من الشأن ومن المعرفة الصحيحة والمعرفة الحقّة عن طريق أهل البيت (ع) وأهل البيت (ع) جسدوا العبودية الحقيقية لله سبحانه وتعالى فبلغوا ما ينبغى لهم أن يبلغوه من الكرامة وأصبحوا قدوة للناس جميعاً ومثالًا على مرّ العصور إلى يوم القيامة.
إن العارف بالله لا يمكنه أن يكون عبداً لغير الحق وهو فى أمان من خطرات الظنون ووسوسات الأهواء وإتباع خطوات الشيطان.
إنه مغمور دائماً بالنور ويعيش فى رحاب الله وممتثل فى حضرة الحق تبارك وتعالى.
أن العارف بالله مطهر من كل لوث ظاهرى وباطنى لا يفكر بغيرالله ولا يذكر ولا يسبح إلا الله عز وجل وهو يضع الله سبحانه نصب عينيه فى كل شؤون حياته ولا يخطو خطوة إلا فى سبيل الله عز وجل.
وهو لا يخشى أحداً إلا الله ولا يلتفت لأحد غير الله ولا يعبد إلا الله.
إن العارف بالله يعتبر نفسه ملكاً ومملوكاً للحق، وأنه لا مالك حقيقى إلا هو سبحانه أنه تجسيد كامل لهذه المقولة: العبدُ وما فى يده كان لمولاه إن هذه الجملة صرخته التى تنبعث من أعماق قلبه ومن كل خلية فى جسمه.
لقد كان سيدنا يوسف (ع) عبداً لله بكل معنى الكلمة كانت عبوديته واضحة جداً لله وضوح الشمس فى رابعة النهار، لقد كان منقاداً لله بكل إحساسه وعاطفته وعقله وبكل وجدانه وكيانه، ولما دعاه الشيطان إلى الفحشاء والمنكر وكان عليه أن يختار ذلك أو السجن قال: رب السجن أحب إلىّ، كان يوسف (ع) فى أوج شبابه وكان فى عمر من تكون شهوته فى الأوج؛ لكنه صمد أمام الأغراء لما دعته التى هو فى بيتها هتف من أعماق قلبه المفعم بنور الإيمان: معاذ الله:
أى أن الله وهو ربى ومولاى ومالكى الحقيقى وهو لا يريد لى أن استجيب لما تطلبين.
أننى فى حضره الله وناصيتى بيد مالكى الحقيقى وربى، أننى أن استجبت لما تطلبين فسأهوى فى الهاوية المظلمة هاوية الشقاء.
أننى وإن كنت فى ذروة الشباب وأن كانت غريزتى تضجّ وتصرخ بى لكنى أشعر بأننى فى حضرة الله ورحاب المالك الحق وهو لا يسمح لى أن أنقاد إلى ندائك ونداء الأهواء.
إنها الحقيقة الساطعة أن كل شى‌ء غير الله ليس سوى ظلال باهتة زائلة تبددها أنوار الحقيقة والحق أننى لن أغتر بالظلال الزائلةالفانية والمتبددة ... إننى لن أخُدع بعبادة غير الله سبحانه. أن العارف بالله فى الصراط المستقيم بكل كيانه وهو لا يتحرك إلا فى هذا الصراط الإلهى.
إنه لا ينخدع ولا يغتر ولا يستسلم فيقع أسير الدنيا ببريقها وخداعها لن يقع فى أحابيلها؛ لأن من يقع فى أسر الدنيا وحبائل الشيطان سيكون مصيره الشقاء الأبدى فى الآخرة.
إنّ المعرفة والوعى هما توأم الإيمان والحب، وأن العارف الحق من تتجسد فى أعماقه وفى حركته صفات الحق ومظاهر الخلق الرفيع.
إن آثار المعرفة والوعى وثمارها من الحب والمودّة والعشق، يمكن ملاحظتها فى سيرة الأنبياء والأوصياء وخاصّة فى سيرة سيدنا محمد (ص) وآل البيت (ع).
وإن كل من يجعلهم تاجاً لرأسه فإنه سيتخطى الأفلاك ويحيّر الملائكة فى ما سيبلغ من الدرجات العلى.
إنّ أهل البيت هم الوسيلة للقرب من الله لقد عصمهم الله من الخطأ والزلل وطهرهم من الرجس تطهيراً وجعلهم لنا قادة وهداة ومن خلال إيمانهم العميق بالله وهيامهم بالحق تعالى، ندرك معنى: لا إله إلا الله و لا حول ولا قوة إلا بالله وأنه ليس فى الديار غيره ديّار.
أجل ستتحقق هذه المفاهيم وتتجسد فى حياتنا فى سلوكنا وإدراكنا وعقيدتنا وسوف لن تكون حياتنا إلا صورة من صور التوحيد الحقيقى عندما نشعر ونعى أنه لا إله فى الوجود إلا هو، وأنه لا شى‌ء فى الوجود الفسيح إلا هو سبحانه، وأن ما نراه سوى ظلال باهتة.
إن أهل البيت (ع) الذين هم الصراط المستقيم والتجلّى الكامل لطريق الحق، قد اتخذوا فى عرفان الحقيقة وحقيقة العرفان، إنّهم لايرون فى دار الوجود شيئاً غير الله سبحانه وهم لا يتبعون أمراً من غير الله ولا يعبدون أحداً إلا الله ولا يتوكلون على أحد إلا الله، ولهذا أصبحوا بإذن الله طريقاً للفيض الإلهى عن العالمين، فكل من تمسك بهم ستصيبه رشحة من الفيض الربانى وتسطع عليه الأنوار الإلهية.


source : اهل البيت (ع) ملائكه الارض‏
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

إعلان الفائزين في مسابقة "السلطان قابوس" ...
لبنان السيد نصر الله يتحدث عصر اليوم ويتناول ...
الحكيم يعزي طهران باستشهاد زوار ايرانيين في ...
تفسير «التسنيم» للعلامة الآملي شرح للأفكار ...
قناة الجزيرة للأطفال تنظم مسابقة دولية لتلاوة ...
الحوار بين السنة والشيعة يجب أن لا ينقطع
الحذاء العراقی فی وجه الرئیس الامریکی
ممثل المرجعية يحذر من وقوع ماساة في ناحية ...
دراسة حديثة: النساء المحجبات أبرز ضحايا الكراهية ...
58 بالمئة من الأتراك قالوا نعم للاستفتاء بعد فرز 44 ...

 
user comment