عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

على بيت الوحي

الغارة

 

على بيت الوحي

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

صدرت في الآونة الأخيرة مقالة لكاتب غير ملم بتاريخ الاسلام الصحيح يقطن منطقة سيستان وبلوجستان في شأن بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) تحت عنوان «اسطورة شهادة فاطمة الزهراء(عليها السلام)».

وبعد أن ذكر في هذه المقالة مناقب و فضائل لسيدة نساء العالمين(عليها السلام)، سعى لانكار استشهادها ونفي ما جرى عليها من المصائب الكثيرة.

و بما أنّ هذه المقالة تحمل تحريفاً واضحاً لتاريخ الاسلام، كان لزوماً علينا فضح هذا التحريف وبيان بعض الحقائق التاريخية التي تثبت أنّ شهادة فاطمة الزهراء(عليها السلام)حقيقة تاريخية لا يعتريها الريب والشك، ولولا أنّهم بدأوا بطرح هذه المسألة، لما كنّا مستعدين لمتابعة هذا البحث في

مثل هذه الظروف مستعدين لمتابعة هذا البحث.

والنقاط التي نثيرها في هذا البحث كالتالي:

1 ـ عصمة الزهراء(عليها السلام) في كلام النّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم).

2 ـ مكانة دار الزهراء(عليها السلام) في القران والسنّة.

3 ـ هتك حرمة دار الزهراء(عليها السلام) بعد رحيل أبيها الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم).

وببيان هذه النقاط الثلاث نأمل أن يذعن كاتب هذه المقالة لهذه الحقائق التاريخية ويندم على ما خطّه قلمه، ويسعى إلى جبران ما صدر منه.

وجدير بالذكر أنّ جميع مطالب هذا الكراس استخرجت من المنابع والمصادر المعروفة لأهل السنّة.

 

1 ـ عصمة الزهراء(عليها السلام) في كلام النّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)

كانت فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) تتمتع بمكانة عالية عند الله وعند أبيه(صلى الله عليه وآله وسلم)، والاحاديث النبوية الشريفة في حقّها تحكي عن عصمتها وطهارتها من الرجس والذنوب كلّها، إذ يقول:

«فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني».(1)

ومن الواضح أنّ غضب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) موجب لأذاه ومن يسبب الأذى لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقع مصداقاً لقوله تعالى:

(والّذينَ يُؤذُون رَسولَ اللهِ لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ).(2)

وأي دليل أقوى على عصمته(عليها السلام) أن رضاها رضى الله عزّوجلّ، وغضبها غضب الله عزّوحلّ كما ورد في النبويّ الشريف:

«يا فاطمة إنّ الله يغضبُ لِغضبك ويَرضى لرضاك»(3)

وهذا المقام الرفيع، هو الذي دعى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يلقبها بسيّدة نساء العالمين إذ يقول في حقّها:

«يا فاطمة! ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء العاليمن، وسيّدة نساءِ هذه الاُمّة وسيّدة نساء المؤمنين».(4)

 

2 ـ مكانة دار الزهراء(عليها السلام) في القران والسنّة

ذكر المحدّثون، عندما نزلت الآية الشريفة: (في بُيُوت أَذنَ اللهُ أنْ تُرفعَ ويُذكر فيها اسمه).(5) قرأ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)هذه الآية في المسجد فقام إليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟

قال(صلى الله عليه وآله وسلم): «بيوت الأنبياء».

فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله أهذا البيت منها ـ مشيراً إلى بيت علي وفاطمة (عليهما السلام) ـ.

قال(صلى الله عليه وآله وسلم): «نعم من أفاضلها!».(6)

وبقي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) تسعة أشهر بعد نزول هذه الآية ينادي عند مروره من جانب بيت فاطمة(عليها السلام) ـ وعلي(عليه السلام) ـ وهو ذاهب إلى صلاة الصبح:

(إنّما يُريد اللهُ لِيذهب عنكُم الرِّجس أهل البيت ويُطهّركُم تَطهيراً).(7)(8)

هذه التي هي مهبط وحي ومنبع النور الإلهي، وقد أمر الله أن ترفع ويذكر اسمه...

أجل هذه الدار التي تضمّ أصحاب الكساء وقد ذكرها الله عزّوجلّ بتبجيل واجلال، يجب أن تكون محلّ تقدير واحترام المسلمين قاطبة.

ولكن لنرى كم روعيت حرمة هذه الدار بعد رحيل النّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)؟ وكيف تجرؤوا على هتك حرمتها،؟ وقد اعترفوا بذلك بصراحة، ومن هم اُولئك الهتاكون، وما كانت بغيتهم؟

 

3 ـ هتك حرمة دار الزهراء(عليها السلام) بعد رحيل والدها الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم)

أجل، بعد الوصايا العديدة والمؤكّدة، نرى - ومع الأسف - أن البعض قد تجرأ على هتك حرمة هذه الدار، وليست هذه المسألة بالتي يمكن انكارها اطلاقاً.

ونحن نورد نصوصاً في هذه المسألة من كتب ومصادر أهل السنّة ليتّضح أنّ مسألة هتك حرمة بيت الزهراء (عليها السلام)

والاحداث التي تعقبت هذا الحادث إنّما هي حقيقة تاريخيّة مسلّمة وليست بالاسطورة بحال!! وبالرغم من أن عصر الخلفاء شهد رقابة شديدة بالنسبة للفضائل والمناقب، ولكن بما أن (حقيقة الشيء هي المحافظة له) هذه الحقيقة التاريخيّة حُفظت بصورة حيّة في طيات الكتب التاريخ والمصادر الحديثية، وعلى هذا فنحن نأخذ بنظر الاعتبار في نقلنا التاريخي من الوثائق والمصادر المعتبرة ترتيبها الزماني منذ القرون الاولى، وحتى المؤرخون والكتاب في العصر الحاضر:

 

1 ـ ابن أبي شيبة وكتابه «المنصّف»

نقل أبو بكر بن ابي شيبة (159 ـ 235) مؤلف كتاب «المصنّف» بسنده الصحيح:

«إنّه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم.

فلما بلغ عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال:

يا بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) والله ما أحد أحبَّ إلينا من أبيك وما من أحد أحبّ إلينا بعد أبيك منك، وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت!

قال: فلما خرج عمر جاؤوها، فقالت: تعلمون أنّ عمر قد جاءني وقد حلف بالله لئن عدتم ليُحرقنّ عليكم البيت، وأيم الله ليمضين لما حلف عليه!».(9)

 

2 ـ البلاذري في كتابه «انساب الاشراف»

نقل احمد بن يحيى جابر البغدادي البلاذري (المتوفي 270) ـ الكاتب الشهير وصاحب التاريخ الكبير ـ هذه الواقعة التاريخية في كتابه «انساب الاشراف»:

«إن أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة فلم يبايع، فجاء عمر ومعه فتيلة! فتلقته فاطمة على الباب.

فقالت فاطمة: يابن الخطاب، أتراك محرقاً عليّ بابي؟

قال نعم، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك...!»(10).

 

3 ـ ابن قتيبة في كتابه «الإمامة والسياسة»

الغارة على بيت الوحى   

كتب المؤرّخ الشهير عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (212 ـ 276) ـ من اساطين الادب في حوزة التاريخ الاسلامي، ومؤلف كتاب «تأويل مختلف الحديث» و«ادب الكاتب» و... ـ في كتاب «الامامة والسياسة»:

«إن أبا بكر رضي الله عنه تفقد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لاحرقنّها على من فيها، فقيل له: يا أبا حفص إنّ فها فاطمة فقال: وإن!!».(11)

ثم كتب ابن قتيبة بعد هذه القضيّة المؤلمة يقول:

«ثمّ قام عمر فمشى معه جماعة حتّى أتوا فاطمة فدقّوا الباب فلّما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها يا أبتاه يا رسول الله ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب، وابن أبي قحافة فلما سمع القوم صوتها وبكائها انصرفوا.

وبقي عمر ومعه قوم فأخرجوا عليّاً فمضوا به إلى أبي بكر فقالوا له بايع: فقال: إن أنا لم أفعل فمه؟

فقالوا: إذاً والله الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك...!».(12)

لا ريب أن هذا الجانب من التاريخ يصعب على كثير من الناس قبوله والتصديق به، ولذا تردد بعض في نسبة الكتاب إلى ابن قتيبة، والحال أنّ استاذ التاريخ ابن أبي الحيد اعتبر الكتاب المزبور من آثار ابن قتيبة، وقد تكرر نقله لهذه المطالب منه، ولكن مع الأسف اصيبت عاقبة هذا الكتاب بالتحريف وحذف قسماً منه عند الطبع والحال أن نفس هذه المطالب قد وردت في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.

وهذا «الزركلي» في «الاعلام» وقد عدّ هذا الكتاب من آثار ابن قتيبة ثم أضاف: أنّ لبعض العلماء نظراً في نسبة هذا الكتاب، أي أنّهم نسبوا الشك والتريد إلى الآخرين لا إلى أنفسهم،(13) وكذلك اعتبر اليان سركيس(14) هذا الكتاب من آثار ابن قتيبة.

 

4 ـ الطبري وتاريخه

 

يروي محمّد ابن جرير الطبري (المتوفي 310) في تاريخه قضيّة هتك حرمة دار الوحي بهذه الصورة:

«أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين، فقال: والله لاحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة، فخرج عليه الزبير مصلتاً بالسيف فعثر فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه».(15)

يحكي لنا هذا الجانب من التاريخ أن البيعة أيضاً اُخذت من الناس بالقهر والقوة والتهديد، فما قيمة مثل هذه البيعة؟، على القارىء أن يحكم بنفسه.

 

5 ـ ابن عبد ربه في كتابه «العقد الفريد»

كتب شهاب الدين احمد المعروف بـ «ابن عبد ربه الاندلسي» مؤلف كتاب «العقد الفريد» (المتوفي 463 هـ) في كتابه بحثاً مفصّلاً حول تاريخ السقيفة أورده تحت عنوان «الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر وقال»:

«فأمّا على والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر، عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة وقال له: إن أبوا فقاتلهم، فاقبل بقبس من نار أن يُضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت: يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا!!

قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الاُمّة!».(16)

إلى هنا ختمنا بحثنا حول تصميمهم على هتك حرمة بيت فاطمة(عليها السلام)، والآن نتابع البحث الثاني الذي يتحدث عن عزمهم العملي لما يريدون.

لا ينبغي أن يتوهّم أنّ نيّتهم لم تكن سوى تخويف علي(عليه السلام)واصحابه وارغامهم على البيعة، من دون العزم على ترجمة هذا التهديد على أرض الواقع العملي.

وعندما نتابع البحث يتبيّن لنا أنّهم أقدموا على جريمة نكراء!

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

تشبيه لطيف من صديق حقيقي‏
خلق الأئمة ( ع ) وشيعتهم من علِّيِّين :
فضل شهر رمضان المبارك
الإقطاع في الإسلام
الخوارق و تأثير النفوس
حول قرآن علي (عليه السلام)
عاشوراء في وعْيِ الجمهور ووَعْيِ النُخبة
مواقف في کربلاء
مظاهر من شخصيّة الإمام الرضا (علیه السلام)
الاجتماع في الدعاء و التأمين على دعاء الغير

 
user comment