عربي
Thursday 28th of March 2024
0
نفر 0

مفاتيح الجنان(400_500)

مفاتيح الجنان(400_500)

فتعرض عَليهِ ما قَدر لكلّ أحد من المقدّرات . وأعمال ليالي القَدر نوعان: فقسم منها عام يؤدّى في كُلِّ لَيلَة من الّليالي الثّلاثة وقسم خاص يؤتي فيما خصَّ بهِ مِن هذه الّليالي . والقسم الأوّل عدّة اعمال:

الأول: الغسل، قالَ العّلامة المجلسي (رض): الأفضل أن يغتسل عِندَ غروب الشّمس ليكون عَلى غسل لصلاة العشاء (١) .

الثاني: الصلاة ركعتان يقرأ في كُلِّ ركعة بَعد الحَمد التَّوحيد سبع مرَّات ويَقول بَعد الفراغ سبعين مرَّة: أسْتَغْفِرُ الله وَأَتُوبُ إِلَيْهِ . وفي النّبوي : مَن فعل ذلِكَ لا يقوم مِن مقامِهِ حتّى يَغفر الله لَهُ ولأبويه... الخبر (٢) .

الثالث: تأخذ المصحف فتنشره وتضعه بين يديك وتقول:

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكِتابِكَ المُنْزَلِ وَما فِيْهِ وَفِيْهِ اسْمُكَ الاكْبَرُ وَأَسْماؤُكَ الحُسْنى وَمايُخافُ وَيُرْجى أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ عُتَقائِكَ مِنَ النّارِ. وتدعو بما بداً لَكَ من حاجة (٣) .

الرّابع: خذ المُصحف فدعه عَلى رأسك وَقُلْ:

اللَّهُمَّ بِحَقِّ هذا القُرْآنِ وَبِحَقِّ مَنْ أَرْسَلْتَهُ بِهِ، وَبِحَقِّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مَدَحْتَهُ فِيْهِ، وَبِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ فَلا أَحَدَ أَعْرَفُ بِحَقِّكَ مِنْكَ . ثم قل عَشر مرِّات: بِكَ يا أللهُ ، وعَشر مرّات: بِمُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعَشر مرّات: بِعَليٍّ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِفاطِمَةَ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِالحَسَنِ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِالحُسَيْنِ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِعَليٍّ بْنِ الحُسَيْنِ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِمُحَمَّدِ بْنِ عَليٍّ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِمُوسَى بْنِ جَعْفرٍ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِعَليٍّ بْنِ مُوسى عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِمُحَمَّدِ بْنِ عَليٍّ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِعَليِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بالحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِالحُجَّةِ (عجل الله تعالى فرجه) ، وتسأل حاجتك (٤) .

الخامس: زيارة الحسين عليه‌السلام في الحديث: إنَّه إذا كانَ لَيلَة القَدر نادى مناد مِن السّماء السّابِعَة مِن بطنان العَرشِ أنَّ الله قَد غفر لمن زار قبر الحسين عليه‌السلام (٥) .

_________________

١ - زاد المعاد: ١٨٥.

٢ - زاد المعاد: ١٨٥.

٣ - الاقبال ١ / ٣٤٦ باب ٢٣.

٤ - الاقبال ١ / ٣٤٦ باب ٢٣.

٥ - رواه الطوسي في التهذيب ٦ / ٤٩ ح ١١١ عن الصادق عليه‌السلام مع زيادات.
٣٠١

السادس: إحياء هذه الّليالي الثّلاثة ففي الحديث مَنْ أحيا لَيلَة القَدر غفرت لَهُ ذنوبه ولو كانَت ذنوبه عدد نجوم السّماء ومثاقيل الجبال ومكاييل البحار (١) .

السّابع: الصلاة مائةَ ركعة فأنّها ذات فضل كثير والأفضل أن يقرأ في كُلّ ركعة بَعد الحَمد التَّوحيد عَشر مرّات (٢) .

الثامِن: تقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَمْسَيتُ لَكَ عَبْداً داخِراً لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً (٣) وَلا أَصْرِفُ عَنْها سُوءً، أَشْهَدُ بِذلِكَ عَلى نَفْسِي، وَأَعْتَرِفُ لَكَ بِضَعْفِ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْجِزْ لِي ما وَعَدْتَنِي وَجَمِيعَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ مِنَ المَغْفِرَةِ فِي هذِهِ اللَّيْلَة، وَأَتْمِمْ عَلَيَّ ما آتَيْتَنِي فَإِنِّي عَبْدُكَ المِسْكِينُ المُسْتَكِينُ الضَّعِيفُ الفَقِيرُ المَهِينُ. اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي ناسِيا لِذِكْرِكَ فِيما أَوْلَيْتَنِي، وَلا لاِحْسانِكَ (٤) فِيما أَعْطَيْتَنِي وَلا آيساً مِنْ إِجابَتِكَ وَإِنْ أَبْطَأْتَ عَنِّي فِي سَرَّاءَ (٥) أَوْ ضَرَّاءَ أَوْ شِدَّةٍ أَوْ رَخاءٍ أَوْ عافِيَةٍ أَوْ بَلاءٍ أَوْ بُؤْسٍ أَوْ نَعَماءَ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (٦) .

وقَد روى الكفعمي هذا الدُّعاء عَن الإمام زين العابدين عليه‌السلام ، كانَ يدعو بِهِ في هذه الليالي قائماً وقاعداً وراكعاً وساجداً (٧) .

وقالَ العّلامة المجلسي (رض): إنَّ أفضَل الاعمال في هذه الليالي هُوَ الاستغفار والدُّعاء لمطالب الدُّنيا وَالآخرَة للنفس وللوالدين والاقارَب وللاخوان المؤمنين والاحياء منهم والأموات والذِّكر والصلاة عَلى مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ ما تيسر. وقَد ورد في بعض الأحاديث استحباب قراءة دعاء الجوشن الكبير في هذه الليالي الثلاث (٨) .

أقول: قَد أوردنا الدُّعاء فيما مضى (٩) وقَد روي أنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قيل لَهُ ماذا أسأل الله تعالى إذا أدركت لَيلَة القَدر؟ قالَ: العافية (١٠) .

_________________

١ - زاد المعاد: ١٨٥ عن الباقر عليه‌السلام .

٢ - الاقبال ١ / ٣١٣ باب ٢٣.

٣ - في الاقبال: ضرّاً ولا نفعاً.

٤ - ولا لإحسانك - خ -.

٥ - في سرّاءَ كنت - خ -.

٦ - الاقبال ١ / ٣٤٨ باب ٢٣.

٧ - البلد الامين: ٢٠٣.

٨ - زاد المعاد: ١٨٦.

٩ - ص ١٤٤.

١٠ - مستدرك الوسائل ٧ / ٤٥٨ برقم ٨٦٥٤ عن لبّ اللباب مخطوط.
٣٠٢

أمّا القسم الثاني أي ملخّص كُل لَيلَة مِن ليالي القَدر فهو كما يلي:

أعمال اللّيلة التّاسِعَة عَشرة

الأول: أن يَقول مائةَ مرةٍ: اسْتَغْفِرُ الله رَبِّي وأَتُوبُ إِلَيْهِ (١) .

الثاني: مائةَ مرةٍ: اللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ .

الثالث: دعاء: يا ذا الَّذِي كانَ ...، وقَد مضى الدُّعاء في القسم الرابع مِن الكتاب.

الرابع: يقول: اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الاَمْرِ المَحْتُومِ وَفِيما تَفْرُقُ مِنَ الاَمْرِ الحَكِيمِ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ وَفِي القَضاء الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الحَرامِ المَبْرُورِ حَجُّهُمُ المَشْكُورِ سَعْيُهُمُ، المَغْفُورِ ذُنُوبُهُمُ، المُكَفَّرِ عَنْهُم سَيِّئاتُهُمْ، وَاجْعَلْ فِيْما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ أَنْ تُطِيلَ عُمْرِي، وَتُوَسِّعَ عَلَيَّ فِي رِزْقِي، وَتَفْعَلَ بِي كَذا وَكَذا . ويسأل حاجته عوض هذه الكلمة.

اللّيلة الواحدة والعشرون

وفضلها أعظم مِن اللّيلة التّاسِعَة عَشر، وينبغي أن يؤدي فيها الاعمال العامة لليالي القَدر مِن الغسل والاحياء والزيارة والصلاة ذات التَوحيد سبع مرات ووضع المصحف عَلى الرأس ودعاء الجوشن الكبير وغير ذلِكَ وقَد أكدت الأحاديث استحباب الغسل والاحياء والجّد في العبادة في هذه اللّيلة والليلة الثّالِثَة والعِشرين وإنَّ لَيلَة القَدر هي إحدهما وقَد سئل المعصوم عليه‌السلام في عدة أحاديث عَن لَيلَة القَدر أي الليلتين هي فَلَمْ يعّين بل قالَ: ما أيسر ليلتين فيما تطلب، أو قالَ: ما عَلَيكَ أن تفعل خَيراً في ليلتين. ونحو ذلِكَ. وقالَ شيخنا الصّدوق فيما املى عَلى المشايخ في مجلس واحد من مذهب الإمامية: ومن أحيا هاتين الليلتين بمذاكرة العلم فهو أفضل.

وليبدأ من هذه الليلة في دعوات العشر الأواخر مِن الشّهر، منها : هذا الدُّعاء وقَد رواه الكليني في (الكافي) عَن الصادق عليه‌السلام قالَ: تقول في العشرة الأواخر مِن شَهر رَمَضان كُل لَيلَة:

_________________

١ - الاقبال ١ / ٣١٢ باب ٢٣.

٢ - الاقبال ١ / ٣٤٤ باب ٢٣.

٣ - الاقبال ١ / ٣٤٨ باب ٢٣.

٤ - انظر الاقبال ١ / ٣٥٦ باب ٢٥.

٥ - أمالي الصدوق: المجلس ٩٣ ذيل حديث ١.
٣٠٣

أَعُوذُ بِجَلالِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضانَ أَوْ يَطْلُعَ الفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هذِهِ وَلَكَ قِبَلِي ذَنْبٌ أَوْ تَبِعَةٌ تُعَذِّبُنِي عَلَيْهِ (١) .

وَروى الكفعمي في هامش كتاب (البلد الأمين): أنَّ الصادق عليه‌السلام كانَ يَقول في كُل لَيلَة مِن العشر الأواخر بَعد الفرائض والنوافل: اللَّهُمَّ أَدِّ عَنّا حَقَّ ما مَضى مِنْ شَهْرِ رَمَضانَ وَاغْفِرْ لَنا تَقْصِيرَنا فِيْهِ، وَتَسَلَّمْهُ مِنّا مَقْبُولا، وَلا تُؤاخِذْنا بِإِسْرافِنا عَلى أَنْفُسِنا، وَاجْعَلْنا مِنَ المَرْحُومِينَ وَلا تَجْعَلْنا مِنَ المَحْرُومِينَ . وقال: مَن قاله غفر الله لَهُ ما صدر عنه فيما سلف من هذا الشهر وعصمه من المعاصي فيما بقي مِنهُ (٢) .

ومنها: ما رواه السيّد ابن طاووس في (الاقبال) عَن ابن أبي عمير عن مرازم قالَ: كانَ الصادق عليه‌السلام يَقول في كُل لَيلَة مِن العشر الأواخر:

اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتابِكَ المُنْزَلِ: ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي اُنْزِلَ فِيْهِ القُرْآنَ هُدىً لِلْنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرْقانِ ) (٣) فَعَظَّمْتَ حُرْمَةَ شَهْرِ رَمَضانَ بِما أَنْزَلْتَ فِيْهِ مِنَ القُرْآنِ (٤) وَخَصَصْتَهُ بِلَيْلَةِ القَدْرِ وَجَعَلْتَها خَيْراً مِنْ أَلْف شَهْرٍ. اللَّهُمَّ وَهذِهِ أَيامُ شَهْرِ رَمَضانَ قَدْ انْقَضَتْ وَلَيالِيهِ قَدْ تَصَرَّمَتْ، وَقَدْ صِرْتُ يا إِلهِي مِنْهُ إِلى ماأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي وَأَحْصى لِعَدَدِهِ مِنَ الخَلْقِ أَجْمَعِينَ فأَسْأَلُكَ بما سَأَلَكَ بِهِ مَلائِكَتُكَ المُقَرَّبُونَ، وَأَنْبِياؤُكَ المُرْسَلُونَ، وَعِبادُكَ الصّالِحُونَ أَنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَن تَفُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النّارِ، وَتُدْخِلَنِي الجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ، وَأَنْ تَتَفَضَّلَ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ، وَتَتَقَبَّلَ تَقَرُّبِي، وَتَسْتَجِيبَ دُعائي، وَتَمُنَّ عَلَيَّ بِالاَمْنِ يَوْمَ الخَوْفِ مِنْ كُلِّ هَوْلٍ أَعْدَدْتَهُ لِيَوْمِ القِيّامَةِ. إِلْهِي وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ، وَبِجَلالِكَ العَظِيمِ أَنْ يَنْقَضِيَ أَيّامُ شَهْرِ رَمَضانَ وَليالِيهِ وَلَكَ قِبَلِي تَبِعَةٌ أوْ ذَنْبٌ تُؤأَخِذُنِي بِهِ، أوْ خَطِيئَةٌ تُرِيدُ أَنْ تَقْتَصَّها مِنِّي لَمْ تَغْفِرْها لِي سَيِّدِي سَيِّدِي سَيِّدِي أَسْأَلُكَ يا لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ إِذْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ إِنْ كُنْتَ رَضِيْتَ عَنِّي فِي هذا

_________________

١ - الكافي ٤ / ١٦٠ باب الدعاء في عشر الاواخر من شهر رمضان، ح ١.

٢ - بل هامش المصباح للكفعمي: ٥٨٢، فصل ٤٥ مع اختلاف قليل لفظي.

٣ - البقرة: ٢ / ١٨٥.

٤ - فيه القرآن: خ.
٣٠٤

الشَّهْرِ فَازْدَدْ عَنِّي رِضىً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَضِيتَ عَنِّي فَمَنْ الانَ فَارْضَ عَنِّي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، يا الله يا أَحَدُ يا صَمَدُ يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْوا أَحَدٌ . وأكثر من قول: يا مُلَيِّنَ الحَدِيدِ لِداوُدَ عليه‌السلام ، يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالكُرَبِ العِظامِ عَنْ أَيّوبَ عليه‌السلام ، أَي مُفَرِّجَ هَمِّ يَعْقُوبَ عليه‌السلام ، أَيْ مُنَفِّسَ غَمِّ يُوسُفَ عليه‌السلام ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما أَنْتَ أَهْلُهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَافْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ، وَلا تَفْعَلْ بِي ما أَنا أَهْلُهُ (١) .

ومنها: ما رواه في (الكافي) مسنداً وفي (المقنعة) و (المصباح) مرسلاً، تقول أول لَيلَة مِنهُ أي في اللّيلة الحادية والعشرين: يا مُولِجَ اللَّيْلِ فِي النَّهارِ، وَمُولِجَ النَّهارِ فِي اللَّيْلِ، وَمُخْرِجَ الحَيِّ مِنَ المَيِّتِ، وَمُخْرِجَ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ، يا رازِقَ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ، يا الله يا رَحْمنُ، يا الله يا رَحِيمُ، يا الله يا الله يا الله لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ، وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَإِيمانا يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النَّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ، وَالاِنابَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَ عليهم‌السلام (٢) .

دعاء الّليلة الثّانية والعِشرين

يا سالِخَ النَّهارِ مِنَ اللَّيْلِ فَإِذا نَحْنُ مُظْلِمُونَ، وَمُجْري‌َالشَّمْسِ لِمُسْتَقَرِّها بِتَقْدِيرِكَ يا عَزِيزُ يا عَلِيمُ، وَمُقَدِّرَ القَمَرِ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالعُرْجُونِ القَدِيمِ، يا نُورَ كُلِّ نُورٍ، وَمُنْتَهى

_________________

١ - الاقبال ١ / ٣٦٤ باب ٢٥.

٢ - الكافي ٤ / ١٦٠ ح ٢، مصباح الكفعمي: ٥٨٢.
٣٠٥

كُلِّ رَغْبَةٍ، وَوَلِيَّ كُلِّ نِعْمَةٍ، يا الله يا رَحْمنُ، يا الله يا قُدُّوسُ، يا أَحَدُ يا واحِدُ يا فَرْدُ، يا الله يا الله يا أللهُ، لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ (١) بَيْتِهِ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ، وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَإِيْماناً يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ، وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ، وَالاِنابَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلِ مُحَمَّدٍ عليهم‌السلام (٢) .

دعاء اللّيلة الثّالِثَة والعِشرين

يا رَبَّ لَيْلَةِ القَدْرِ وَجاعِلَها خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، وَرَبَّ اللّيْلِ وَالنَّهارِ وَالجِبالِ وَالبِحارِ وَالظُّلَمِ وَالاَنْوارِ وَالأَرْضِ وَالسَّماء، يا بارِيُ يا مُصَوِّرُ يا حَنّانُ يا مَنّانُ، يا الله يا رحَمنُ يا الله يا قَيُّومُ يا الله يا بَدِيعُ، يا الله يا الله يا الله لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ، وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وإِيْمانا يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ عليهم‌السلام (٣) .

وَروى مُحَمَّد بن عيسى بسنده عَن الصّالحين عليهم‌السلام قالوا: كرّر في اللّيلة الثّالِثَة والعِشرين مِن شَهر رَمَضان هذا الدُّعاء ساجداً وقائماً وقاعداً وعَلى كُلّ حال وفي الشّهر كُلِّهِ وَكيفَ أمكنك،

_________________

١ - وعلى أهل - خ -.

٢ - مصباح المتهجّد: ٦٢٩.

٣ - مصباح المتهجّد: ٦٢٩.
٣٠٦

ومتى حضرك مِن دهرك تقول بَعد تمجيده تَعالى والصلاة عَلى نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ فلان بن فلان وتقول عوض فلان بن فلان: الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه فِي هذِهِ السّاعَةِ وَفِي كُلِّ ساعةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَلِيلاً وَعَيْناً حَتّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فِيْها طَوِيلاً (١) .

وتقول أيضاً: يا مُدَبِّرَ الاُمُورِ، يا باعِثَ مَنْ فِي القُبُورِ، يا مُجْرِيَ البُحُورِ يا مُلَيِّنَ الحَدِيدِ لِداوُدَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا . وتسأل حاجتك، اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ، وارفع يديك إلى السّماء أي عِندَ قولك يا مُدَبِّرَ الامُورِ... إلى آخر الدُّعاء وادع بهذا الدُّعاء راكعاً وساجداً وقائماً وقاعداً وكرّره وادع بهِ في اللّيلة الآخيرة أيضاً (٢) .

دعاء اللّيلة الرّابعة والعِشرين

يا فالِقَ الاِصْباحِ وَجاعِلَ اللّيْلِ سَكَنا وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ حُسْبانا، يا عَزِيزُ يا عَلِيمُ يا ذَا المَنِّ وَالطَّوْلِ وَالقُوَّةِ وَالحَوْلِ وَالفَضْلِ وَالاِنْعامِ وَالجَلالِ وَالاِكْرامِ، يا الله يا رَحْمنُ يا الله يا فَرْدُ يا وِتْرُ يا الله يا ظاهِرُ يا باطِنُ، يا حَيُّ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي وَإِيْمانا يَذْهَبُ بِالشَّكِّ عَنِّي، وَرِضاً بِما قَسمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ (٣) .

دُعاء اللّيلة الخامِسَة والعِشرين

يا جاعِلَ اللَّيْلِ لِباساً، وَالنَّهارِ مَعاشاً، وَالأَرْضِ مِهاداً، وَالجِبالِ أَوْتاداً، يا الله يا

_________________

١ - تهذيب الاحكام ٣ / ١٠٢ ح ٢٦٥ وفيه: عن الصادقين عليهم‌السلام .

٢ - الاقبال ١ / ٤١٥ باب ٣٤.

٣ - مصباح المتهجّد: ٦٣١.
٣٠٧

قاهِرُ، يا الله يا جَبَّارُ، يا الله يا سَمِيعُ، يا الله يا قَرِيبُ، يا الله يا مُجِيبُ، يا الله يا الله يا الله لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي`يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي وَإِيْمانا يَذْهَبُ بِالشَّكِّ عَنِّي، وَرِضاً بِما قَسمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ عليهم‌السلام (١) .

دعاء اللّيلة السّادِسَة والعِشرين

يا جاعِلَ اللّيْلِ وَالنَّهارِ آيَتَيْنِ، يا مَنْ مَحا آيَةَ اللّيْلِ وَجَعَلَ آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْهُ وَرِضْوانا، يا مُفَصِّلَ كُلِّ شَيْءٍ تَفْصِيلاً، يا ماجِدُ يا وَهّابُ يا الله يا جَوادُ، يا الله يا الله يا أللهُ، لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَإِيْمانا يَذْهَبُ الشَّكِّ عَنِّي، وَتَرْضِيَنِي بِما قَسمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ عَلَيْهِمْ (٢) .

دُعاء اللّيلة السّابِعَةِ والعِشرين

يا مآدَّ الظِّلِّ وَلَو شِئْتَ لَجَعَلْتَهُ ساكِنا وَجَعَلْتَ الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا ثُمَّ قَبَضْتَهُ قَبْضا

_________________

١ - مصباح المتهجّد: ٦٣١.

٢ - مصباح المتهجّد: ٦٣٢.
٣٠٨

يَسِيراً، يا ذَا الجودِ وَالطَّوْلِ وَالكِبْرِياءِ وَالآلاِء لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ عالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ، لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ يا قُدُّوسُ يا سَلامُ يا مُؤْمِنُ يا مُهَيْمِنُ يا عَزِيزُ يا جَبَّارُ يا مُتَكَبِّرُ يا الله يا خالِقُ يا بارِيُ يا مُصَوِّرُ، يا الله يا الله يا أللهُ، لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَإِيْمانا يَذْهَبُ الشَّكِّ عَنِّي، وَتَرْضِيَنِي بِما قَسمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وعَلَيْهِمْ (١) .

دُعاء اللّيلة الثّامِنَة والعِشرين

يا خازِنَ اللَّيْلِ فِي‌الهَواءِ، وَخازِنَ النُّورِ فِي السَّماء، وَمانِعَ السَّماء أَنْ تَقَعَ عَلى الأَرْضِ إِلاّ بِإِذْنِهِ وَحابِسَهُما أَنْ تَزُولا، يا عَلِيمُ يا عَظِيمُ يا غَفُورُ يا دائِمُ يا الله يا وارِثُ يا باعِثُ مَنْ فِي القُبُورِ، يا الله يا الله يا أللهُ، لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، والكِبْرِياءُ وَالآلاُء. أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَإِيْمانا يَذْهَبُ الشَّكِّ عَنِّي، وَتَرْضِيَنِي بِما قَسمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ عَلَيْهِمْ (٢) .

_________________

١ - مصباح المتهجّد: ٦٣٢.

٢ - مصباح المتهجّد: ٦٣٣.
٣٠٩

دعاء اللّيلة التّاسِعَة والعِشرين

يا مُكَوّرَ اللَّيْلِ عَلى النَّهارِ، وَمُكَوّرَ النَّهارِ عَلى اللَّيْلِ، يا عَلِيمُ يا حَكِيمُ، يا رَبَّ الأَرْبابِ، وَسَيِّدَ السَّاداتِ، لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ، يا أقْرَبَ إلى مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ، يا الله يا الله يا أللهُ، لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَإِيْماناً يَذْهَبُ الشَّكِّ عَنِّي، وَتَرْضِيَنِي بِما قَسمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وعَلَيْهِمْ (١) .

دعاء اللّيلة الثّلاثين

الحَمْدُ للهِ لا شَرِيكَ لَهُ، الحَمْدُ للهِ كَما يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزَّ جَلالِهِ وَكَما هُوَ أَهْلُهُ، يا قُدِّوسُ يا نُورُ، يا نُورَ القُدْسِ، يا سُبُّوحُ، يا مُنْتَهى التَّسْبِيحِ، يا رَحْمنُ يا فاعِلُ الرَّحْمَةِ، يا اللهُ، يا عَلِيمُ، يا كَبِيرُ، يا أللهُ يا لَطِيفُ، يا جَلِيلُ، يا أللهُ، يا سَمِيعُ، يا بَصِيرُ، يا الله يا الله يا أللهُ، لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ، وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَإِيْمانا يَذْهَبُ الشَّكِّ عَنِّي، وَتَرْضِيَنِي بِما قَسمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ (٢) وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وعَلَيْهِم (٣) .

_________________

١ - مصباح المتهجّد: ٦٣٤.

٢ - والتوبة: خ.

٣ - مصباح المتهجّد: ٦٣٤.
٣١٠

بقيّة اعمال الليلة الحادية والعشرين

روى الكفعمي عَن السيّد ابن باقي أنه: تقول في اللّيلة الحادِية والعِشرين:

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاقْسِمْ لِي حِلْما يَسُدُّ عَنِّي بابَ الجَهْلِ، وَهُدىً تَمُنُّ بِهِ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ ضَلالَةٍ، وَغِنىً تَسُدُّ بِهِ عَنِّي بابَ كُلِّ فَقْرٍ وَقُوَّةً تَرُدُّ بِها عَنِّي كُلَّ ضَعْفٍ، وَعِزاً تُكْرِمُنِي بِهِ عَنْ كُلِّ ذُلٍّ، وَرِفْعَةً تَرْفَعُنِي بِها عَنْ كُلِّ ضَعَةٍ، وَأَمْنا تَرُدُّ بِهِ عَنِّي كُلِّ خَوْفٍ، وَعافِيَةً تَسْتُرُنِي بِها عَنْ كُلِّ بَلاءٍ، وَعِلْما تَفْتَحُ لِي بِهِ كُلَّ يَقِينٍ، وَيَقِينا تُذْهِبُ بِهِ عَنِّي كُلَّ شَكٍّ، وَدُعاءً تَبْسُطُ لِي بِهِ الاِجابَةَ فِي هذِهِ اللّيْلَةِ وَفِي هذِهِ السَّاعَةِ، السَّاعَةِ السَّاعَةِ السَّاعَةِ يا كَرِيمُ، وَخَوْفاً تَنْشُرُ (١) لِي بِهِ كُلَّ رَحْمَةٍ، وَعِصْمَةً تَحُولُ بِها بَيْنِي وَبَيْنَ الذُّنُوبِ حَتَّى اُفْلِحَ عِنْدَ المَعْصُومِينَ عِنْدَكَ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٢) .

وروي عَن حماد بن عثمان قالَ: دخلت عَلى الصادق عليه‌السلام لَيلَة احدى وعَشرين مِن شَهر رَمَضان فقالَ لي: يا حماد اغتسلت؟ فقلت: نعم جَعَلتَ فداك، فدعا بحصير. ثم قالَ إلى لزقي فصّل فَلَمْ يزل يصلي وانا أصلّي إلى لزقه حتى فرغنا مِن جميع صلواتنا ثم أخذ يدعو وأنا أؤمِّن عَلى دعائه إلى أن اعترض الفَجر فأذن وأقامَ ودعا بعض غلمانه فقمنا خلفه فتقدم فصلّى بنا الغداة فقرأ بفاتحة الكتاب و ( إنّا أَنزَلناهُ في لَيلَة القَدر ) في الأوّلى وفي الركعة الثّانِيَة بفاتحة الكتاب و ( قُلْ هُوَ الله أحد ) فلمّا فرغنا مِن التسبيح والتحميد والتقديس والثناء عَلى الله تَعالى والصلاة عَلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والدُّعاء لجميع المؤمنين والمُؤمِنات والمسلمين والمسلمات خرَّ ساجداً لا أسمع مِنهُ إِلاّ النّفس ساعة طويلة ثم سمعته يَقول: لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ مُقَلِّبَ القُلُوبِ وَالاَبْصارِ ... إلى آخر الدُّعاء المروي في الاقبال (٣) .

وروى الكليني انه كانَ الباقر عليه‌السلام إذا كانَت لَيلَة احدى وعَشرين وثلاث وعَشرين اخذ في الدُّعاء حتى يزول الليل (ينتصف) فإذا زال الليل صلّى (٤) .

_________________

١ - تيسّر - خ -.

٢ - البلد الامين: ٢٠٢ في أدعية ليالي شهر رمضان.

٣ - الاقبال ١ / ٣٦٦ فصل ١ من باب ٢٥.

٤ - الكافي ٤ / ١٥٥ ح ٥ من باب ما يزاد من الصلاة في شهر رمضان.
٣١١

واعلم أنّه يستحب الغسل في كلّ ليلة من هذه الليالي العشر.

وَروي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كانَ يغتسل في كُل لَيلَة مِن هذا العشر (١) .

ويُستَحب الاعتكاف في هذا العشر ولَهُ فضل كثير وهُوَ أفضل الأوقات للاعتكاف، وَروي أنه يعدل حجتين وعمرتين (٢) .

وكانَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كانَ العشر الأواخر اعتكف في المسجد وضربت لَهُ قبة مِن شعر وشَمَّر المئزر وطوى فراشه (٣) .

واعلم أنَّ هذه لَيلَة تتجدد فيها أحزان آل مُحَمَّد وأش يا عهم ففيها في سنة أربعين مِن الهجرة كانَت شهادة مولانا أمير المؤمنين صَلَواتُ الله عَليهِ (٤) .

وَروي أنه ما رفع حجر عَن حجر في تِلكَ اللّيلة إِلاّ وكانَ تحته دما عبيطاً كما كانَ لَيلَة شهادة الحسين عليه‌السلام (٥) .

وقالَ المفيد (رض): ينبغي الاكثار في هذه اللّيلة مِن الصلاة عَلى مُحَمَّد وآل مُحَمَّد والجّد في اللّعن عَلى ظالمي آل مُحَمَّد عليهم‌السلام واللّعن عَلى قاتل أمير المؤمنين عليه‌السلام (٦) .

اليَوم الحادي والعِشرون: يَوم شهادة أمير المؤمنين عليه‌السلام وَمِن المناسب أن يزار عليه‌السلام في هذا اليَوم والكلمات الَّتي نطق بها الخضر عليه‌السلام في هذا اليَوم وهِيَ كزيارة لَهُ عليه‌السلام فيهِ (٧) .

اللّيلة الثّالِثَة والعِشرون

ذكر في هدية الزائر أنّها أفضل مِن الليلتين السابقتين ويستفاد مِن أحاديث كثيرة أنّها هِيَ لَيلَة القَدر وهي ليلة الجهني وفيها يقدر كُل امر حكيم ولهذه اللّيلة عدة أعمال خاصّة سوى الاعمال الَّتي تشارك فيها الليلتين الماضيتين:

الأول: قراءة سورتي العنكبوت والروم وقَد آلى الصادق عليه‌السلام أنَّ مَن قرأ هاتين السورتين في هذه اللّيلة كانَ مَن أهَل الجَنَّةَ (٨) .

_________________

١ - الاقبال ١ / ٤١١ في أوّل باب ٣٤.

٢ - وسائل الشيعة ٧ / ٣٩٧ كتاب الاعتكاف ح ٣.

٣ - التهذيب ٤ / ٢٨٧ ح ٨٦٩.

٤ - مسارّ الشيعة: ٢٦ و ٢٧.

٥ - رواه ابن أبي الدنيا في مقتل الامام امير المؤمنين عليه‌السلام : ١١٣ - ١١٤، ح ١٠٧ و ١٠٨ مع اختلاف قليل في الالفاظ.

٦ - مسارّ الشيعة: ٢٦ و ٢٧.

٧ - الكافي ١ / ٤٥٤ ح ٤ من باب مولد أمير المؤمنين عليه‌السلام من كتاب الحجة.

٨ - الاقبال ١ / ٣٨١ باب ٢٧.
٣١٢

الثاني: قراءة سورة حَّم دخان (١) .

الثالث: قراءة سورة القَدر ألف مرةٍ (٢) .

الرابع: أن يكرر في هذه اللّيلة بل في جَميع الأوقات هذا الدُّعاء: اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ ... الخ. وقَد ذِكرناه في خلال أدعية العشر الأواخر بَعد دعاء اللّيلة الثّالِثَة والعِشرين.

الخامس: يَقول: اللَّهُمَّ امْدُدْ لِي فِي عُمْرِي، وَأَوْسِعْ لِي فِي رِزْقِي، وَأَصِحَّ لِي جِسْمِي، وَبَلِّغْنِي أَمَلِي، وَإِنْ كُنْتُ مِنَ الاَشْقِياءِ فَامْحُنِي مِنَ الاَشْقِياءِ وَاكْتُبْنِي مِنَ السُّعَداءِ، فَإِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتابِكَ المُنْزَلِ عَلى نَبِيِّكَ المُرْسَلِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ: ( يَمْحُو الله ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ اُمَّ الكِتابِ ) (٣) (٤) .

السادس: يَقول: اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِيْما تَقْضِي وَفِيما تُقَدِّرُ مِنَ الاَمْرِ المَحْتُومِ وَفِيما تَفْرُقُ مِنَ الاَمْرِ الحَكِيمِ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ القَضاء الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الحَرامِ فِي عامِي هذا المَبْرُورِ حَجُّهُمُ، المَشْكُورِ سَعْيُهُمُ، المَغْفُورِ ذُنُوبُهُمُ، المُكَفَّرُ عَنْهُمْ سَيِّئاتُهُمْ، وَاجْعَلْ فِيْما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ أَنْ تُطِيلَ عُمْرِي، وَتُوَسِّعَ لِي فِي رِزْقِي (٥) .

السابع: يدعو بهذا الدُّعاء المروي في الاقبال: يا باطِنا فِي ظُهُورِهِ، وَيا ظاهِراً فِي بُطُونِهِ، وَياباطِنا (٦) لَيْسَ يَخْفَى، وَياظاهِراً (٧) لَيْسَ يُرى، يا مَوْصُوفاً لا يَبْلُغُ بِكَيْنُونَتِهِ مَوْصُوفٌ وَلا حَدٌ مَحْدُودٌ، وَياغائِبا غَيْرَ مَفْقُودٍ، وَياشاهِداً (٨) غَيْرَ مَشْهُودٍ يُطْلَبُ فَيُصابُ وَلَمْ يَخْلُ مِنْهُ السَّماواتُ وَالأَرْضُ وَمابَيْنَهُما طَرْفَةَ عَيْنٍ، لا يُدْرَكُ بِكَيْفٍ، وَلا يُؤَيَّنُ بِأَيْنٍ وَلا بِحَيْثٍ، أَنتَ نُورُ النُّورُ وَرَبُّ الأَرْبابِ، أَحَطْتَ بِجَمِيعِ الاُمور، سُبْحانَ مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيٌْ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ، سُبْحانَ مَن هُوَ هكَذا وَلا هكَذا غَيْرَهُ. ثم تدعو بما

_________________

١ - الاقبال ١ / ٣٨٦ باب ٢٧.

٢ - الاقبال ١ / ٣٨٢ باب ٢٧.

٣ - الرعد: ١٣ / ٣٩.

٤ - الاقبال ١ / ٣٧٩ باب ٢٧.

٥ - الاقبال ١ / ٣٨١ باب ٢٧ عن أبي عبدالله عليه‌السلام .

٦ - يا باطناً: خ.

٧ - يا ظاهراً: خ.

٨ - ويا غائبٌ.. وشاهدٌ: خ؛ وغائباً: نسخة.
٣١٣

تَشاء (١) .

الثامِن: أن يأتي غسلاً آخر في آخر الليل سوى مايغتسله في أوله (٢) .

واعلم أنَّ للغسل في هذه اللّيلة وإحياؤها وزيارة الحسين عليه‌السلام فيها والصلاة مائةَ ركعة فضل كثير وقَد أكّدتها الأحاديث. روى الشَيخ في التهذيب عَن أبي بصير قالَ: قالَ لي الصادق عليه‌السلام : صلّ في اللّيلة الَّتي يرجى أن تكون لَيلَة القَدر مائةَ ركعة تقرأ في كُل ركعة ( قل هُوَ الله أحد ) عَشر مرات، قالَ: قُلتَ: جعلت فداك فأن لَمْ أقو عَليها قائماً قالَ: صلّها جالساً قُلتَ فإن لَمْ أقو قالَ: أدها وَأَنْتَ مستلق في فراشك (٣) .

وعَن كتاب دعائم الاسلام أنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يطوي فراشه ويشّد مئزره للعبادة في العشر الأواخر مِن شَهر رَمَضان وكان يوقظ أهله لَيلَة ثلاث وعَشرين وكانَ يرش وجوه النيّام بالماء في تِلكَ اللّيلة وكانت فاطمة صلوات الله عَليها لا تدع أهلها ينامون في تِلكَ اللّيلة وتعالجهم بقلَّة الطعام وتتأهَّب لها مِن النَّهار أي كانَت تأمرهم بالنوم نهاراً لئلا يغلب عليهم النعاس ليلا وتقول محروم من حرم خَيرها (٤) .

وَروي أنّه مرض ابو عبدالله عليه‌السلام مرضاً شديداً، فلمّا كان لَيلَة ثلاث وعَشرين أمر مواليه فحملوه الى المسجد، فكان فيه ليلته (٦) .

قالَ العّلامة المجلسي (رض): عَلَيكَ في هذه اللّيلة أن تقرأ القرآن ما تيسّر لَكَ وأن تدعو بدعوات الصحيفة الكاملة لا سيّما دعاء مكارم الأخلاق ودعاء التَوبة وينبغي أن يراعى حرمة ايّام ليالي القَدر والاشتغال فيها بالعبادة وتلاوة القرآن المجيد والدُّعاء فَقد روي بأسناد معتبرة أنَّ يَوم القَدر مثل ليلته.

اللّيلة السّابِعَة والعِشرين

ورد فيها الغسل، وَروى أنَّ الإمام زين العابدين عليه‌السلام كانَ يَقول فيها مِن أول اللّيلة إلى آخرها:

اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي التَّجافِي عَنْ دارِ الغُرورِ، وَالاِنابَةَ إِلى دارِ الخُلُودِ وَالاِسْتِعْدادِ لِلْمَوْتِ

_________________

١ - الاقبال ١ / ٣٨٢ باب ٢٧.

٢ - الاقبال ١ / ٣٧٥ باب ٢٧.

٣ - تهذيب الاحكام ٣ / ٦٤ ح ٢١٦ مع اضافات في أوّله. وفيه: فإذا كانت الليلة التي يُرجى فيها ما يرجى فصلّ مئة ركعة.

٤ - دعائم الاسلام ١ / ٢٨٢ ذكر ليلة القدر.

٥ - الاقبال ١ / ٣٨٦ باب ٢٧.

٦ - زاد المعاد: ١٩٠.
٣١٤

قَبْلَ حُلُولِ الفَوْتِ (١) .

آخر لَيلَة مِن الشّهر

هِيَ لَيلَة كثيرة البركات وفيها أعمال:

الأول: الغسل (٢) .

الثاني: زيارة الحسين عليه‌السلام (٣) .

الثالث: قراءة سورة الأنعام والكهف ويس ومائةَ مرةٍ: أَسْتَغْفِرُ الله وأَتُوبُ إِلَيْهِ (٤) .

الرابع: أن يدعو بهذا الدُّعاء الَّذي رواه الكليني عَن الصادق عليه‌السلام : اللَّهُمَّ هذا شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أَنْزَلْتَ فَيْهِ القُرْآنَ وَقَدْ تَصَرَّمَ، وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ يا رَبِّ أَنْ يَطْلُعَ الفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هذِهِ أَوْ يَتَصَرَّمَ شَهْرُ رَمَضانَ وَلَكَ قِبَلِي تَبِعَةٌ أَوْ ذَنْبٌ تُرِيدُ أَنْ تُعَذِّبَنِي بِهِ يَوْمَ أَلْقاكَ (٥) .

الخامس: أن يدعو بالدعاء: يا مُدَبِّرَ الاُمورِ... الخ، الَّذي مضى في أعمال اللّيلة الثّالِثَة والعِشرين ص ٣٠٧.

السادس: أن يودع شَهر رَمَضان بدعوات الوداع التي رواها الكليني والصّدوق والمفيد والطوسي والسيّد ابن طاووس رضوان الله عليهم، ولعل أحسنها هُوَ الدُّعاء الخامس والأَرْبعون مِن الصحيفة الكاملة (٦) .

وَروى السيّد ابن طاووس عَن الصادق عليه‌السلام قالَ: مَن ودع شَهر رَمَضان في آخر لَيلَة مِنهُ وقالَ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلُهُ آخِرَ العَهْدِ مِن صِيامِي لِشَهْرِ رَمَضانَ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَطْلُعَ فَجْرُ هذِهِ اللّيْلَةِ إِلاّ وَقَدْ غَفَرْتَ لِي . غفر الله تعالى له قَبلَ أن يصبح ورزقه الإنابة إِليهِ (٧) .

وَروى السيّد والشَيخ الصّدوق عن جابر بن عبد الله الأنصاري قالَ: دخلت عَلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في آخر جمعة مِن شَهر رَمَضان فلما بصر بي قالَ لي يا جابر هذه آخر جمعة مِن شَهر رَمَضان فودعه وَقُلْ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلُهُ آخِرَ العَهْدِ مِنْ صِيامِنا إِيّاهُ فَإِنْ جَعَلْتَهُ فَاجْعَلْنِي مَرْحُوما وَلا تَجْعَلْنِي مَحْرُوماً، فإنه مَن قالَ ذلِكَ ظفر بأحدى الحسنيين إمّا ببلوغ شَهر رَمَضان

_________________

١ - الاقبال ١ / ٤٠٢ باب ٣١.

٢ - الاقبال ١ / ٤١١ باب ٣٤.

٣ - الاقبال ١ / ٤١١ باب ٣٤.

٤ - الاقبال ١ / ٤١٩ باب ٣٤.

٥ - الكافي ٤ / ١٦٤ ح ٥ من باب الدعاء في العشر الاواخر.

٦ - الصحيفة الكاملة السجادية: ٣٨١، الدعاء ٤٥.

٧ - الاقبال ١ / ٤٣٦ باب ٣٤.
٣١٥

مَن قابل، وإمّا بغفران الله ورحمته (١) .

وَروى السيّد ابن طاووس والكفعمي عَن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قالَ: مَن صلى آخر لَيلَة مِن شَهر رَمَضان عَشر ركعات يقرأ في كُل ركعة فاتحة الكتاب مرةٍ واحدة وقُلْ هُوَ الله أحد عَشر مرات ويَقول في ركوعه وسجوده عَشر مرات: سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ . ويتشهد في كُل ركعتين ثم يسلم فإذا فرغ مِن آخر عَشر ركعات وسلم استغفر الله ألف مرةٍ يقول: أَسْتَغْفِرُ الله وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ، فإذا فرغ مِن الاستغفار سجد ويَقول في سجوده: يا حَي يا قَيُّومُ، يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ، يا رَحْمنَ الدُّنْيا وَالآخرَةِ وَرَحِيمَهُما، يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، يا ألهَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، إِغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا، وَتَقَبَّلْ مِنّا صَلاتَنا وَصِيامَنا وَقِيامَنا .

قالَ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : والَّذي بعثني بالحق نبّيا إنَّ جبرائيل أخبرني عَن إسرافيل عَن ربّه تبارك وتَعالى أنّه لا يرفَعُ رأسه من السجود حتى يغفر الله لَهُ ويتقبّل مِنهُ شَهر رَمَضان ويتجاوز عَن ذنوبِهِ (الخبر) (٢) .

وقَد رويت هذه الصلاة في لَيلَة عيد الفطر أيضاً ولكن في تِلكَ الرواية أنّه يُستَحب بالتسبيحات الأَرْبع في الركوع والسجود. وورد في دعاء السجود بَعد الصلاة عوض: إِغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إلى آخر الدُّعاء: إِغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَتَقَبَّلْ صَوْمِي وَصَلاتِي وَقِيامِي (٣) .

اليوم الثلاثون

روى السيّد لليوم الآخير مِن الشّهر دعاءً أوّله: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٤) .

ويختم القرآن غالبا في هذا اليوم فينبغي أن يدعي عِندَ الختم بالدعاء الثاني والأَرْبعين مِن الصحيفة الكاملة (٥) ، ولمن شاء أن يدعو بهذا الدُّعاء والوجيز الَّذي رواه الشَيخ عَن أمير المؤمنين صَلواتُ الله عَليهِ: اللَّهُمَّ اشْرَحْ بِالْقُرْآنِ صَدْرِي، وَاسْتَعْمِلْ بِالْقُرْآنِ بَدَنِي، وَنَوّرْ بِالْقُرْآنِ بَصَرِي، وَاطْلِقْ بِالْقُرْآنِ لِسانِي، وَأَعِنِّي عَلَيْهِ ما أَبْقَيْتَنِي فَإِنَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِكَ .

_________________

١ - رواه ابن طاووس في الاقبال ١ / ٤٢٢ باب ٣٤، والصدوق في فضائل الاشهر الثلاثة: ١٣٩، ح ١٤٩.

٢ - الاقبال ١ / ٤١٨ باب ٣٤.

٣ - ثواب الاعمال: ٧٥.

٤ - الاقبال ١ / ٤٤٦ باب ٣٥.

٥ - الصحيفة الكاملة السجادية: ٣٣٣، الدعاء ٤٢، أوّله: اللّهم إنّك أعنتني على ختم كتابك. وفي مصباح المتهجّد: ٥١٩.

٦ - الاقبال ٢ / ٢٩٠ باب ٥، مصباح المتهجّد للطوسي كما في مستدرك الوسائل ٤ / ٣٧٨ برقم ٤٩٨٢.
٣١٦

ويدعو أيضاً بهذا الدُّعاء المروي عَن أمير المؤمنين عليه‌السلام : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِخْباتَ المُخْبِتِينَ، وَإِخْلاصَ المُوقِنِينَ، وَمُرافَقَةَ الاَبْرارِ، وَاسْتِحْقاقَ حَقائِقِ الاِيْمانِ، وَالغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَوُجُوبَ رَحْمَتِكَ، وَعَزائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالفَوْزَ بِالجَنَّةِ، وَالنَّجاةَ مِنَ النّار (١) .

خاتمة

في صلوات الليالي ودعوات الايّام المشهورة

صلوات الليالي

وقَد ذَكَرها العّلامة المجلسي (رض) في كتاب (زاد المعاد) في الفصل الأخَير مِن أعمال شَهر رَمَضان، وإنني اقتصر هنا عَلى ما ذكر هناك. قالَ:

صلاة اللّيلة الأولى: أربع ركعات في كُل ركعة بَعد الحَمد التَوحيد خمس عَشرة مرةٍ.

اللّيلة الثّانِيَة: أربع ركعات في كُل ركعة بَعد الحَمد عَشرون مرةٍ ( إنّا أَنزَلناهُ ) .

الثّالثة: عَشر ركعات في كُل ركعة الحَمد والتَوحيد خمسون مرةٍ.

الرّابعة: ثمان ركعات في كُل ركعة الحَمد و ( إِنّا أَنزَلناهُ ) عَشرون مرةٍ.

الخامِسَة: ركعتان في كُل ركعة منهما الحَمد والتَوحيد خمسون مرةٍ ويَقول بَعد الفراغ مائةَ مرةٍ: اللهُمَّ صَلّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ .

السادسة: أربع ركعات في كُل منها الحَمد وسورة ( تبارك الَّذي بيده الملك ) .

السابعة: أربع ركعات في كُل منها الحَمد وثلاث عَشرة مرةٍ ( إنّا أَنزَلناهُ ) .

الثّامِنَة: ركعتان في كل منها الحَمد والتَوحيد عَشر مرات ويَقول بَعد السّلام ألف مرةٍ: سُبْحانَ اللهِ .

التاسعة: ست ركعات بين المغرب والعشاء في كُل منها الحَمد وآية الكرسي سبع مرات ويَقول بَعد الفراغ خمسين مرةٍ: اللّهُمَّ صَلّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ .

العاشرة: عَشرون ركعة في كُل ركعة الحَمد والتَوحيد ثلاثون مرةٍ.

الحادِية عَشَرة: ركعتان في كُل منها الحَمد وعَشرون مرةٍ ( إنّا أعطيناك الكَوثَر ) .

_________________

١ - المناقب للخوارزمي: ٨٦، باب ٧، ح ٧٦، وكفاية الطالب للكنجي: ٣٣٣، باب ٨٤.
٣١٧

الثّانية عَشرة: ثمان ركعات في كُل منها الحَمد وثلاثون مرةٍ ( إنّا أَنزَلناهُ ) .

الثّالثة عَشرة: أربع ركعات في كُل منها الحَمد والتَوحيد خمساً وعَشرون مرةٍ.

الرّابعة عَشرة: ست ركعات في كُل ركعة الحَمد وثلاثون مرةٍ سورة ( إذا زلزلت ) .

الخامِسَة عَشرة: أربع ركعات في الأوّليين يقرأ بَعد الحَمد التَوحيد مائةَ مرةٍ وفي الآخريين يقرأها خمسون مرةٍ.

السّادِسَة عَشرة: اثنتا عَشرة ركعة في كُل ركعة الحَمد واثنتا عَشرة مرةٍ سورة ( ألهاكم التكاثر ) .

السّابِعَة عَشرة: ركعتان في الأوّلى يقرأ بَعد الحَمد ما شاء مِن السّور وفي الثّانية يقرأ بَعدها التَوحيد مائةَ مرةٍ ويَقول بَعد السّلام مائةَ مرةٍ: لا إِلهَ إِلاّ الله .

الثّامِنَة عَشرة: أربع ركعات في كل ركعة الحَمد وخمس وعَشرون مرةٍ سورة ( إنّا أعطيناك الكَوثَر ) .

التّاسِعَة عَشرة: خمسون ركعة بـ الحمد وخمسين مرةٍ سورة ( إذا زلزلت ) والظاهر أن المراد أن تقرأ في كُل ركعة مرة واحدة فإن مِن الصعب أن يقرأ سورة ( إذا زلزلت ) في لَيلَة واحدة الفين وخمسمائة مرةٍ.

صلاة اللّيلة العشرين والحادِية والعشرين والثّانِيَة والعِشرين والثّالِثَة والعِشرين والرّابعة والعِشرين: في كُل مِن هذه الليالي يصلّي ثمان ركعات بما تيسّر مِن السّور.

الخامِسَة والعشرون: ثمان ركعات في كُل منها الحَمد والتَوحيد عَشر مرات.

السّادِسَة والعِشرون: ثمان ركعات في كُل منها الحَمد والتَوحيد مائةَ مرةٍ.

السّابِعَة والعِشرون: أربع ركعات في كُل منها الحَمد وسورة تبارك الَّذي بيده الملك فإن لَمْ يتمكن قرأ التَوحيد خمساً وعَشرين مرةٍ.

الثّامِنَة والعِشرون: ست ركعات في كُل منها الحَمد وآية الكرسي مائةَ مرةٍ والتَوحيد مائةَ مرةٍ وسورة الكَوثَر مائةَ مرةٍ وبَعد الصلاة يصلّي عَلى النبي وآلِهِ مائةَ مرةٍ.

أقول: صلاة اللّيلة الثّامِنَة والعِشرين عَلى ما وجدتها في الأحاديث ست ركعات بـ فاتحة الكتاب وآية الكرسي عَشر مرات والكَوثَر عَشراً و ( قُلْ هُوَ الله أحد ) عَشراً ويصلّي عَلى النبي وآلِهِ مائةَ مرةٍ (١) .

_________________

١ - كما في مصباح الكفعمي: ٥٦٢، فصل ٤٥.
٣١٨

التّاسِعَة والعِشرون: ركعتان في كُل منهما الحَمد والتّوحيد عَشرون مرةٍ.

الثلاثون: اثنتا عَشرة ركعة في كُل ركعة الحَمد والتَوحيد عَشرون مرةٍ ويصلّي بَعد الفراغ عَلى مُحَمَّد وآل مُحَمَّد مائةَ مرةٍ وهذه الصلوات كلّها يفصل بين كُل ركعتين منها بالسلام كما ذكر (١) .

دعوات الأيام

وأمّا دعوات الايام: فَقد روي عَن ابن عبّاس عَن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فضلا كَثِيراً لصِّيام كل يَوم مِن شَهر رَمَضان وذكر لكل يَوم مِنهُ دعاءً يخصّه ذا فضل كثير واجر جزيل ونَحنُ نقتصر عَلى إيراد الدّعوات:

دعاء اليَوم الأول: اللَّهُمَّ اجْعَلْ صِيامِي فِيْهِ (٢) صِيامَ الصَّائِمِينَ، وَقِيامِي فِيْهِ (٣) قِيامَ القائِمِينَ، وَنَبِّهْنِي فِيْهِ عَنْ نَوْمَةِ الغافِلِينَ، وَهَبْ لِي جُرْمِي فِيهِ (٤) يا ألهَ العالَمِينَ، وَاعْفُ عَنِّي يا عافِيا عَنِ المُجْرِمِينَ.

اليَوم الثاني: اللَّهُمَّ قَرِّبْنِي فِيْهِ إِلى مَرْضاتِكَ، وَجَنِّبْنِي فِيْهِ مِنْ سَخَطِكَ وَنَقِماتِكَ، وَوَفِّقْنِي فِيْهِ لِقِرأَةِ آياتِكَ، بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اليَوم الثالث: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيْهِ الذِّهْنَ وَالتَّنْبِيهَ، وَباعِدْنِي فِيْهِ مِنَ السَّفاهَةِ وَالتَّمْويهِ، وَاجْعَلْ لِي نَصِيبا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تُنْزِلُ فِيْهِ بِجُودِكَ، يا أَجْوَدَ الاَجْوَدِينَ.

اليَوم الرابع: اللَّهُمَّ قَوِّنِي فِيْهِ عَلئ إِقامَةِ أَمْرِكَ، وَأَذِقْنِي فِيْهِ حَلاوَةَ ذِكْرِكَ، وَأَوْزِعْنِي فِيْهِ لاَداءِ شُكْرِكَ بِكَرَمِكَ، وَاحْفَظْنِي فِيْهِ (٥) بِحِفْظِكَ وَسَترِكَ، يا أبْصَرَ النَّاظِرِينَ.

اليَوم الخامس: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي فِيْهِ مِنْ المُسْتَغْفِرِينَ، واجْعَلْنِي فِيْهِ مِنْ عِبادِكَ الصَّالِحينَ، واجْعَلْنِي فِيْهِ (٦) مِنْ أَوْلِيائِكَ المُقَرَّبِينَ، بَرَأْفَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اليَوم السادس: اللَّهُمَّ لاتَخْذُلْنِي فِيْهِ لِتَعَرُّضِ مَعْصِيَتِكَ، وَلا تَضْرِبْنِي بِسِياطِ نَقْمَتِكَ،

_________________

١ - زاد المعاد: ٢١٣.

٢ - فيه: خ.

٣ - فيه: خ.

٤ - فيه: خ.

٥ - فيه: خ.

٦ - فيه: خ.
٣١٩

وَزَحْزِحْنِيِ فِيْهِ مِنْ مُوجِباتِ سَخَطِكَ، بِمَنِّكَ وَأَيادِيكَ يا مُنْتَهى رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ .

اليَوم السابع: اللَّهُمَّ أَعِنِّي فِيْهِ عَلى صِيامِهِ وَقِيامِهِ، وَجَنِّبْنِي فِيْهِ مِنْ هَفَواتِهِ وَآثامِهِ، وَارْزُقْنِي فِيْهِ ذِكْرَكَ بِدَوامِهِ، بِتَوْفِيقِكَ يا هادِيَ المُضِلِّينَ.

اليَوم الثامِن: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيْهِ رَحْمَةَ الاَيْتامِ، وَإِطْعامَ الطَّعامِ، وَإِفْشاءَ السَّلامُ، وَصُحْبَةَ الكِرامِ، بِطَوْلِكَ يا مَلْجَأَ الامِلِينَ.

اليَوم التاسع: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِيْهِ نَصِيبا مِنْ رَحْمَتِكَ الواسِعَةِ، وَاهْدِنِي فِيْهِ لِبَراهِينِكَ السَّاطِعَةِ، وَخُذْ بِناصِيَتِي إِلى مَرْضاتِكَ الجامِعَةِ، بِمَحَبَّتِكَ يا أَمَلَ المُشْتاقِينَ.

اليَوم العاشر: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي فِيْهِ مِنْ المُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ، وَاجْعَلْنِي فِيْهِ مِنْ الفائِزِينَ لَدَيْكَ، وَاجْعَلْنِي فِيْهِ مِنْ المُقَرَّبِينَ إِلَيْكَ، بِإحْسانِكَ يا غايَةَ الطَّالِبِينَ.

اليَوم الحادي عَشر: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلى فِيْهِ الاِحْسانَ، وَكَرِّهْ إلى فِيْهِ الفُسُوقَ وَالعِصْيانَ، وَحَرِّمْ عَلَيَّ فِيْهِ السَّخَطَ وَالنِّيرانَ، بِعَوْنِكَ يا غِياثَ المُسْتَغِيثِينَ.

اليَوم الثاني عَشر: اللَّهُمَّ زَيِّنِّي فِيْهِ بِالسِّتْرِ وَالعَفافِ، وَاسْتُرْنِي فِيْهِ بِلِباسِ القُنُوعِ وَالكَفافِ، وَاحْمِلْنِي فِيْهِ عَلى العَدْلِ وَالاِنْصافِ، وَآمِنِّي فِيْهِ مِنْ كُلِّ ما أَخافُ بِعِصْمَتِكَ يا عِصْمَةَ الخائِفِينَ.

اليوم الثالث عَشر: اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي فِيْهِ مِنَ الدَّنَسِ وَالاَقْذارِ، وَصَبِّرْنِي فِيْهِ عَلى كائِناتِ الاَقْدارِ، وَوَفِّقْنِي فِيْهِ لِلتُّقى وَصُحْبَةِ الاَبْرارِ، بِعَوْنِكَ يا قُرَّةَ عَيْنِ المَساكِينِ.

اليوم الرابع عَشر: اللَّهُمَّ لا تؤاخِذْنِي فِيْهِ بِالعَثَراتِ، وَأَقِلْنِي فِيْهِ مِنَ الخَطايا وَالهَفَواتِ، وَلا تَجْعَلْنِي فِيْهِ غَرَضا لِلْبَلايا وَالآفاتِ، بِعِزَّتِكَ يا عِزَّ المُسْلِمِينَ.

اليَوم الخامس عَشر: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيْهِ طاعَةَ الخاشِعِينَ، وَاشْرَحْ فِيْهِ صَدْرِي بِإنابَةِ المُخْبِتِينَ، بِأَمانِكَ يا أَمانَ الخائِفِينَ.
٣٢٠

اليوم السادس عَشر: اللَّهُمَّ وَفِّقْنِي فِيْهِ لِمُوافَقَةِ الاَبْرارِ، وَجَنِّبْنِي فِيهِ مُرافَقَةَ الاَشْرارِ، وَآوِنِي فِيْهِ بِرَحْمَتِكَ إِلى دارِ (١) القَرارِ، بِإِلهِيَّتِكَ يا ألهَ العالَمِينَ.

اليوم السابع عَشر: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيْهِ لِصالِحِ الاَعْمالِ، وَاقْضِ لِي فِيْهِ الحَوائِجَ وَالامالِ يا مَنْ لا يَحْتاجُ إِلى التَّفْسِيرِ وَالسُّؤالِ، يا عالِماً بِما فِي صُدُورِ العالَمِينَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطِّاهِرِينَ (٢) .

اليوم الثامِن عَشر: اللَّهُمَّ نَبِّهْنِي فِيْهِ لِبَرَكاتِ أَسْحارِهِ، وَنَوِّرْ فِيْهِ قَلْبِي بِضِياءِ أَنْوارِهِ، وَخُذْ بِكُلِّ أَعْضائِي إِلى اتِّباعِ آثارِهِ، بِنُورِكَ يا مُنِّورَ قُلُوبِ العارِفِين.

اليوم التاسع عَشر: اللَّهُمَّ وَفِّرْ فِيْهِ حَظِّي مِنْ بَرَكاتِهِ، وَسَهِّلْ سَبِيلِي إِلى خَيْراتِهِ، وَلا تَحْرِمْنِي قَبُولَ حَسَناتِهِ، يا هادِيا إِلى الحَقِّ المُبِينِ.

اليَوم العشرون: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي فِيْهِ أَبْوابَ الجِنانِ، وَأَغْلِقْ عَنِّي فِيْهِ أَبْوابَ النِّيْرانِ، وَوَفِّقْنِي فِيْهِ لِتِلاوَةِ القُرْآنِ، يا مُنْزِلَ السَّكِينَةِ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ.

اليَوم الحادي والعشرون: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِيْهِ إِلى مَرْضاتِكَ دَلِيلا، وَلا تَجْعَلْ لِلْشَّيْطانِ فِيْهِ عَلَيَّ سَبِيلاً وَاجْعَلْ الجَنَّةَ لِي مَنْزِلاً وَمَقِيلاً، يا قاضِيَ حَوائِج الطَّالِبِينَ.

اليوم الثاني والعِشرون: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي فِيْهِ أَبْوابَ فَضْلِكَ، وَأَنْزِلْ عَلَيَّ فِيْهِ بَرَكاتِكَ، وَوَفِّقْنِي فِيْهِ لِمُوجِباتِ مَرْضاتِكَ، وَأَسْكِنِّي فِيْهِ بَحْبُوحاتِ جَنَّاتِكَ، يا مُجِيبَ دَعْوَةِ المُضْطَرِّينَ.

اليوم الثالث والعِشرون: اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي فِيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَطَهِّرْنِي فِيْهِ مِنَ العُيُوبِ، وَامْتَحِنْ قَلْبِي فِيْهِ بِتَقْوى القُلُوبِ، يا مُقِيلَ عَثَراتِ المُذْنِبِينَ.

اليَوم الرابع والعِشرون: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِيْهِ ما يُرْضِيكَ، وَأَعُوذُ بِكَ (٣) مِمّا يُؤْذِيكَ،

_________________

١ - في دار - خ -.

٢ - في نسخة بين الخطين.

٣ - في المصدر: فيه ممّا يؤذيك.
٣٢١

وَأَسْأَلُكَ التَّوْفِيقَ فِيْهِ لاَنْ اُطِيعَكَ وَلا أَعْصِيكَ، يا جَوادَ السَّائِلِينَ .

اليَوم الخامس والعِشرون: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي فِيْهِ مُحِبّا لاَوْلِيآئِكَ، وَمُعادِيا لاَعْدائِكَ، مُسْتَنّا بِسُنَّةِ خاتَمِ أَنْبِيائِكَ، يا عاصِمَ قُلُوبِ النَّبِيِّينَ.

اليَوم السادس والعِشرون: اللَّهُمَّ اجْعَلْ سَعْيِي فِيْهِ مَشْكُوراً، وَذَنْبِي فِيْهِ مَغْفُوراً، وَعَمَلِي فِيْهِ مَقْبُولاً، وَعَيْبِي فِيْهِ مَسْتُوراً، يا أسْمَعَ السَّامِعِينَ.

اليَوم السابع والعِشرون: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيْهِ فَضْلَ لَيْلَةِ القَدْرِ، وَصَيِّرْ اُمُورِي فِيْهِ مِنَ العُسْرِ إِلى اليُسْرِ، وَاقْبَلْ مَعاذِيرِي، وَحُطَّ عَنِّي الذَّنْبَ وَالوِزْرَ، يا رَؤُوفاً بِعِبادِهِ الصَّالِحِينَ.

اليَوم الثامِن والعِشرون: اللَّهُمَّ وَفِّرْ حَظِّي فِيْهِ مِنَ النَّوافِلِ، وَأَكْرِمْنِي فِيْهِ بِإِحْضارِ المَسائِلِ، وَقَرِّبْ فِيْهِ (١) وَسِيلَتِي إِليكَ مِنْ بَيْنِ الوَسائِلِ، يا مَنْ لا يَشْغَلُهُ إِلْحاحُ المُلِحِّينَ.

اليَوم التاسع والعِشرون: اللَّهُمَّ غَشِّنِّي فِيْهِ بِالرَّحْمَةِ، وَارْزُقْنِي فِيْهِ التَّوْفِيقَ وَالعِصْمَةَ وَطَهِّرْ قَلْبِي مِنْ غَياهِبِ التُّهْمَةِ، يا رَحِيماً بِعِبادِهِ المُؤْمِنِينَ.

اليَوم الثلاثون: اللَّهُمَّ اجْعَلْ صِيامِي فِيْهِ بِالشُّكْرِ وَالقَبُولِ عَلى ما تَرْضاهُ وَيَرْضاهُ الرَّسُولُ مُحْكَمَةً فُرُوعَهُ بِالاُصُولِ، بِحَقِّ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِين.

أقول: اختلفت كتبَ الدعوات في تقديم بعض الدعوات والعبادات عَلى بعض، والرواية في ذلِكَ غير معتبرة عِندَي لذلِكَ لَمْ اتعّرض لشي مِنهُ وقَد ذكر الكفعمي دعاء اليَوم السابع والعِشرين لليوم التاسع والعِشرين ولا يبعد أن يكون الأنسب عَلى مذهب الشيعة الدُّعاء بهِ في اليَوم الثالث والعشرين (٢) .

_________________

١ - فيه: خ.

٢ - زاد المعاد: ٢١٣ - ٢٢٠.
٣٢٢

الفصل الرابع

في أعمال شَهر شّوال

اللّيلة الأولى: هِيَ مِن الليالي الشريفة وقَد وردت في فضل العبادة فيها واحيائها أحاديث كثيرة، وَروي أنّها لا تقل عَن لَيلَة القَدر (١) ولها عدة أعمال:

الأول: الغسل إذا غربت الشمس (٢) .

الثاني: احياؤها بالصلاة والدُّعاء والاستغفار والبيتوتة في المسجد (٣) .

الثالث: أن يَقول في أعقاب صلوات المغرب والعشاء والصبح وعقيب صلاة العيد: الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ لا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ وَللهِ الحَمْدُ، الحَمْدُ للهِ عَلى ما هَدانا، وَلهُ الشُّكْرُ عَلى ما أَوْلانا (٤) .

الرابع: أن يرفع يديه إلى السّماء إذا فرغ مِن فريضة المغرب ونافلته ويقول: يا ذا المَنِّ وَالطَّوْلِ، يا ذا الجُودِ، يا مُصْطَفِيَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَناصِرَهُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَحْصَيْتَهُ وَهُوَ عِنْدَكَ فِي كِتابٍ مُبِينٍ. ثم يسجد ويَقول في سجوده مائةَ مرةٍ: أتُوبُ إِلى اللهِ. ثم يسأل الله تَعالى ما يشاء يقضي إن شاء الله تَعالى (٥) .

وعَلى رواية الشَيخ يسجد بَعد صلاة المغرب ويَقول: يا ذا الحَوْلِ، يا ذا الطَّوْلِ، يا مُصْطَفِيا مُحَمَّداً وَناصِرَهُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ وَنَسِيتُهُ أَنا وَهُوَ عِنْدَكَ فِي كِتابٍ مُبِينٍ ، ثم قل مائةَ مرةٍ: أَتُوبُ إِلى اللهِ (٦) .

الخامس: زيارة الحسين عليه‌السلام فإن لها فضلا عظيماً وسيأتي في باب الزيارات ما يخّص هذه اللّيلة من الزيارة ص ٥٤٥.

السادس: أن يدعو عَشر مرات بالدعاء: يا دائِمَ الفَضْلِ (٧) ، الَّذي مضى في اعمال لَيلَة الجمعة ص ٧٩.

السابع: أن يصّلي العشر ركعات الَّتي مضت في أعمال اللّيلة الاخَيرة مِن شَهر رَمَضان.

_________________

١ - الاقبال ١ / ٤٦٣ باب ٣٦.

٢ - الاقبال ١ / ٤٥٧ باب ٣٦.

٣ - الاقبال ١ / ٤٦٣ باب ٣٦.

٤ - الاقبال ١ / ٤٥٩ باب ٣٦.

٥ - الاقبال ١ / ٤٥٨ باب ٣٦.

٦ - مصباح المتهجّد: ٦٤٨.

٧ - مصباح الكفعمي: ٦٤٧، فصل ٤٦.
٣٢٣

الثامِن: يصلّي ركعتين يقرأ في الأوّلى وبَعد الحَمد التَوحيد ألف مرةٍ ويقرأها في الثّانِيَة مرةٍ واحدة ويسجد بعد السلام فيقول: أَتُوبُ إِلى اللهِ.

ثم يَقول: يا ذا المَنِّ وَالجُودِ، يا ذا المَنِّ وَالطَّوْلِ، يا مُصْطَفِيَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا ، ويسأل حاجته. وَروي أنَّ أمير المؤمنين عليه‌السلام كانَ يصلّيها كما ذكر فإذا رفع رأسه يَقول: والَّذي نفسي بيده لا يفعلها أحد يسأل الله تَعالى شيئاً إلاّ أعطاه ولو اتاه مِن الذُّنوب عدد رمل الصحراء غفر الله تعالى لَهُ (١) .

ووردت التَوحيد في رواية أخرى مائةَ مرةٍ عوض الألف مرةٍ ولكن عَلى هذه الرواية يصلّي هذه الصلاة بَعد فريضة المغرب ونافلته (٢) .

وقَد روى الشَيخ والسيّد بَعد هذه الصلاة هذا الدُّعاء:

يا الله يا الله يا أللهُ، يا رَحْمنُ يا أللهُ، يا رَحِيمُ يا أللهُ، يا مَلِكُ يا أللهُ، يا قُدُّوسُ يا أللهُ، يا سَلامُ يا أللهُ، يا مُؤْمِنُ يا الله يا مُهَيْمِنُ يا أللهُ، يا عَزِيزُ يا أللهُ، يا جَبَّارُ يا أللهُ، يا مُتَكَبِّرُ يا أللهُ، يا خالِقُ يا أللهُ، يا بارِيُ يا أللهُ، يا مُصَوِّرُ يا أللهُ، يا عالِمُ يا أللهُ، يا عَظِيمُ يا أللهُ، يا عَلِيمُ يا أللهُ، يا كَرِيمُ يا أللهُ، يا حَلِيمُ يا أللهُ، يا حَكِيمُ يا أللهُ، يا سَمِيعُ يا أللهُ، يا بَصِيرُ يا أللهُ، يا قَرِيبُ يا أللهُ، يا مُجِيبُ يا أللهُ، يا جَوادُ يا أللهُ، يا ماجِدُ يا أللهُ، يا مَلِيُّ يا أللهُ، يا وَفِيُّ يا أللهُ، يا مَوْلى يا أللهُ، يا قاضِي يا أللهُ، يا سَرِيعُ يا أللهُ، يا شَدِيدُ يا أللهُ، يا رَؤُوفُ يا أللهُ، يا رَقِيبُ يا أللهُ، يا مَجِيدُ يا أللهُ، يا حَفِيظُ يا أللهُ، يا مُحِيطُ يا أللهُ، يا سَيِّدَ السَّاداتِ يا أللهُ، يا أوَّلُ يا أللهُ، يا أخِرُ يا أللهُ، يا ظاهِرُ يا أللهُ، يا باطِنُ يا أللهُ، يا فاخِرُ يا أللهُ، يا قاهِرُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا وَدُودُ يا أللهُ، يا نُورُ يا أللهُ، يا رافِعُ يا أللهُ، يا مانِعُ يا أللهُ، يا دافِعُ يا أللهُ، يا فاتِحُ يا أللهُ، يا نَفَّاحُ (٣) يا أللهُ، يا جَلِيلُ يا أللهُ، يا جَمِيلُ يا أللهُ، يا شَهِيدُ يا أللهُ، يا شاهِدُ يا أللهُ،

_________________

١ - الاقبال ١ / ٤٦٠ باب ٣٦ وفيه: بعدد رمل عالج. في معجم الوسيط: العالج: ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض.

٢ - الاقبال ١ / ٤٥٩ باب ٣٦ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام .

٣ - يا نفّاع - خ -.
٣٢٤

يا مُغِيثُ يا أللهُ، يا حَبِيبُ يا أللهُ، يا فاطِرُ يا أللهُ، يا مُطَهِّرُ يا أللهُ، يا مَلِكُ (١) يا أللهُ، يا مُقْتَدِرُ يا أللهُ، يا قابِضُ يا أللهُ، يا باسِطُ يا أللهُ، يا مُحْييُ يا أللهُ، يا مُمِيتُ يا أللهُ، يا باعِثُ يا أللهُ، يا وارِثُ يا أللهُ، يا مُعْطِيُ يا أللهُ، يا مُفْضِلُ يا أللهُ، يا مُنْعِمُ يا أللهُ، يا حَقُ يا أللهُ، يا مُبِينُ يا أللهُ، يا طَيِّبُ يا أللهُ، يا مُحْسِنُ يا أللهُ، يا مُجْمِلُ يا أللهُ، يا مُبْدِيُ يا أللهُ، يا مُعِيدُ يا أللهُ، يا بارِيُ يا أللهُ، يا بَدِيعُ يا أللهُ، يا هادِي يا أللهُ، يا كافِي يا أللهُ، يا شافِي يا أللهُ، يا عَلِيُّ يا أللهُ، يا عَظِيمُ يا أللهُ، يا حَنَّانُ يا أللهُ، يا مَنَّانُ يا أللهُ، يا ذا الطَوْلِ يا أللهُ، يا مُتَعالِي يا أللهُ، يا عَدْلُ يا أللهُ، يا ذا المَعارِجِ يا أللهُ، يا صادِقُ يا أللهُ، يا صَدُوقُ يا أللهُ، يا دَيَّانُ يا أللهُ، يا باقِي يا أللهُ، يا واقِي يا أللهُ، يا ذا الجَلالِ يا أللهُ، يا ذا الاِكْرامِ يا أللهُ، يا مَحْمُودُ يا أللهُ، يا مَعْبُودُ يا أللهُ، يا صانِعُ يا أللهُ، يا مُعِينُ يا أللهُ، يا مُكَوِّنُ يا أللهُ، يا فَعَّالُ يا أللهُ، يا لَطِيفُ يا أللهُ، يا غَفُورُ (٢) يا الله، يا شَكُورُ يا أللهُ، يا نُورُ يا أللهُ، يا قَدِيرُ (٣) يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاه يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاه يا أللهُ، أَسأَلُكَ أَنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَمُنَّ عَلَيَّ بِرِضاكَ، وَتَعْفُو عَنِّي بِحِلْمِكَ، وَتُوَسِّعَ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الحَلالِ الطَّيِّبِ وَمِنْ (٤) حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَمِنْ حَيْثُ لا أَحْتَسِبُ فَإِنِّي عَبْدُكَ لَيْسَ لِي أَحَدٌ سِواكَ، وَلا أَحَدٌ أَسْأَلُهُ غَيْرُكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، ما شاءَ الله لا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ. ثم تسجد وتقول: يا أللهُ، يا أللهُ، يا أللهُ، يا رَبُّ يا رَبُّ يا رَبُّ، يا مُنْزِلَ البَرَكاتِ بِكَ تُنْزَلُ كُلُّ حاجَةٍ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ فِي مَخْزُونِ الغَيْبِ عِنْدَكَ وَالاَسَّماء المَشْهُورَةِ عِنْدَكَ المَكْتُوبَةِ عَلى سُرادِقِ عَرْشِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ

_________________

١ - يا مليك - خ -.

٢ - يا جليل يا الله - خ -.

٣ - يا قديم - خ -.

٤ - من: خ.
٣٢٥

وَآلِ مُحَمَّدٍ وأَنْ تَقْبَلَ مِنِّي شَهْرَ رَمَضانَ وَتَكْتُبَنِي مِنَ الوافِدِينَ إِلى بَيْتِكَ الحَرامِ وَتَصْفَحَ لِي عَنِ الذُّنُوبِ العِظامِ وَتَسْتَخْرِجَ لي (١) يا رَبِّ كُنُوزَكَ يا رَحْمنُ (٢) .

التاسع: يصلّي أربع عَشرة ركعة يقرأ في كُل ركعة الحَمد وآية الكرسي وثلاث مرات سورة قل هُوَ الله أحد ليكون لَهُ بكل ركعة عبادة أربعين سنة وعبادة كُل من صام وصلّى في هذا الشّهر (٣) .

العاشر: قالَ الشَيخ في المصباح اغتسل في آخر الليل واجلس في مصّلاك إلى طلوع الفَجر (٤) .

اليَوم الأوّل: يوم عيد الفطر وأعمالهُ عديدة.

الأول: أن تكّبر بَعد صلاة الصبح وبَعد صلاة العيد بما مّر من التكبيرات في لَيلَة العيد بَعد الفَريضَة (٥) .

الثاني: أن تدعو بَعد فريضة الصبح بما رواه السيّد رض مِن دعاء: اللَّهمَّ إِنِّي تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ أَمامِي ... (٦) الخ. وقَد أورد الشَيخ هذا الدُّعاء بَعد صلاة العيد (٧) .

الثالث: اخراج زكاة الفطرة صاعاً عَن كُل نسمة قَبلَ صلاة العيد عَلى التفصيل المبين في الكتب الفقهية واعلم أن زكاة الفطرة مِن الواجبات المؤكدة وهِيَ شرط في قَبول صيام شَهر رَمَضان وهِيَ أمان عَن الموت إلى السنة القابلة وقَد قّدم الله تَعالى ذكرها على الصلاة في الآية الكريمة: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) (٨) .

الرابع: الغسل، والأحسن أن يغتسل مِن النهر إذا تمكّن ووقت الغسل مِن الفَجر إلى حين أداء صلاة العيد كما قالَ الشيخ وفي الحديث ليكن غسلك تَحتَ الظلال أو تَحتَ حائط فإذا هممت بذلِكَ فقل: اللَّهُمَّ إِيْماناً بِكَ وَتَصْدِيقاً بِكِتابِكَ وَاتِّباعَ سُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله . ثم سّم باسم الله واغتسل فإذا فرغت مِن الغسل فقل: اللَّهمَّ اجْعَلْهُ كُفَّارَةً لِذُنُوبِي، وَطَهِّرْ دِيْنِي. اللَّهمَّ اذْهِبْ عَنِّي الدَّنَسَ (٩) .

الخامس: تحسين الثياب واستعمال الطّيب والاصحار في غير مكة للصلاة تَحتَ السّماء (١٠) .

السادس: الافطار أول النَّهار قَبلَ صلاة العيد والأفضل أن يفطر عَلى التمر أو عَلى شَيٍ مِن

_________________

١ - لي: خ.

٢ - مصباح المتهجّد: ٦٤٩، والاقبال ١ / ٤٦١ باب ٣٦.

٣ - الاقبال ١ / ٤٦١ باب ٣٦.

٤ - مصباح المتهجّد: ٦٥١.

٥ - الاقبال ١ / ٤٦٨ فصل ٢ من باب ٣٧.

٦ - الاقبال ١ / ٤٦٨ فصل ٢ من باب ٣٧.

٧ - مصباح المتهجّد: ٦٥٥.

٨ - الاعلى: ٨٧ / ١٤ و ١٥.

٩ - الاقبال ١ / ٤٧٥ باب ٣٧.

١٠ - مسارّ الشيعة: ٣١.
٣٢٦

الحلوى (١) .

وقالَ الشَيخ المفيد يُستَحب أن يبتلع شيئاً مِن تربة الحسين عليه‌السلام فإنها شفاء من كل داء (٢) .

السابع: أن لا تخرج لصلاة العيد إِلاّ بَعد طلوع الشمس وأن تدعو بما رواه السيّد في (الاقبال) مِن الدّعوات منها ما رواه عَن أبي حمزة الثمالي عَن الباقر عليه‌السلام قالَ: أدع في العيدين والجمعة إذا تهيأت للخروج بهذا الدُّعاء:

اللَّهُمَّ مَنْ تَهيَّأَ فِي هذا اليَوْمِ أَوْ تَعَبَّأ أَوْ أَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ لِوِفادَةٍ إِلى مَخْلُوقٍ رَجاءَ رِفْدِهِ وَنَوافِلِهِ وَفَواضِلِهِ وَعطاياهُ فَإِنَّ إِلَيْكَ يا سَيِّدِي تَهْيِئَتِي وَتَعْبِئَتِي وَإِعْدادِي وَاسْتِعْدادِي رَجاءَ رَفْدِكَ وَجَوائِزِكَ وَنَوافِلِكَ وَفَواضِلِكَ وَفَضائِلِكَ وَعَطاياكَ وَقَدْ غَدَوْتُ إِلى عِيْدٍ مِنْ أَعْيادِ اُمَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُ الله عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَلَمْ أَفِدْ إِلَيْكَ اليَوْمَ بِعَمَلٍ صالِحٍ أَثِقُ بِهِ قَدَّمْتُهُ، وَلا تَوَجَّهْتُ بِمَخْلُوقٍ أَمَّتُه، وَلكِنْ أَتَيْتُكَ خاضِعاً مُقِرّاً بِذُنُوبِي وَإِسآَتِي إِلى نَفْسِي، فَ يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ إِغْفِرْ لِيَ العَظِيمَ مِنْ ذُنُوبِي، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ العِظامَ إِلاّ أَنْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٣) .

الثامِن: صلاة العيد: وهِيَ ركعتان يقرأ في الأوّلى الحَمد وسورة الاعَلى ويكبّر بَعد القراءة خمس تكبيرات وتقنت بَعد كُل تكبيرة فتقول:

اللَّهُمَّ (٤) أَهْلَ الكَبْرِياءِ وَالعَظَمَةِ، وَأَهْلَ الجُودِ وَالجَبَرُوتِ، وَأَهْلَ العَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، وَأَهْلَ التَّقوى وَالمَغْفِرَةِ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذا اليَوْمِ الَّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِيْداً، وَلِمُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ذُخْراً (٥) وَمَزِيداً، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ، وَأَنْ تُدْخِلَنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيْهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُخْرِجَنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ (٦) . اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ ما سَأَلَكَ (٧) عِبادُكَ

_________________

١ - الاقبال ١ / ٤٧٧ - ٤٧٨ فصل ٥ و ٦ من باب ٣٧.

٢ - مسارّ الشيعة: ٣١.

٣ - الاقبال ١ / ٤٧٧ فصل ٤ من باب ٣٧.

٤ - اللّهم أنت - خ -.

٥ - ذخراً وشرفاً - خ -.

٦ - وعليهم أجمعين - خ -.

٧ - ما سألك منه - خ -.
٣٢٧

الصَّالِحُونَ، وَأَعُوذُ بِكَ (١) مِمّا اسْتَعاذَ مِنْهُ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ (٢) . ثّم تكبّر السّادِسَة وتركع وتسجد ثم تنهض للركعة الثّانِيَة فتقرأ فيها بَعد الحَمد سورة الشمس ثم تكبّر أربع تكبيرات تقنت بَعد كُل تكبيرة وتقرأ في القنوت ما مر فإذا فرغت كبّرت الخامِسَة فركعت وأتممت الصلاة وسبّحت بَعد الصلاة تسبيح الزهراء عليها‌السلام (٣) .

وقَد وردت دعوات كثيرة بَعد صلاة العيد ولعل أحسنها هُوَ الدُّعاء السادس والأَرْبعون مِن الصحيفة الكاملة (٤) . ويُستَحب أن يبرز في صلاة العيد تَحتَ السماء وأن يصلي عَلى الأَرْض مِن دون بساط ولا بارية (٥) وأن يرجع عن المصلي مِن غير الطريق الَّذي ذَهَبَ مِنهُ (٦) وأن يدعو لاخوانه المؤمنين بقبول أعمالهم.

التاسع: أن يزور الحسين عليه‌السلام (٧) .

العاشر: قراءة دعاء الندبة وسيأتي إن شاء الله تَعالى. وقالَ السيّد ابن طاووس (رض) اسجد إذا فرغت مِن الدُّعاء فقل:

أَعُوذُ بِكَ مِنْ نارٍ حَرُّها لايُطْفاء، وَجَدِيدُها لا يُبْلى، وَعَطْشانُها لايُرْوى . ثم ضع خدك الأيمن عَلى الأَرْض وَقُلْ: إِلهِي لا تُقَلِّبْ وَجْهِي فِي النَّارِ بَعْدَ سُجُودِي وَتَعْفِيرِي لَكَ بِغَيْرِ مَنٍّ مِنِّي عَلَيْكَ بَلْ لَكَ المَنُّ عَلَيَّ. ثم ضع خدك الأيسر عَلى الأَرْض وَقُلْ: ارْحَمْ مَنْ أَساءَ وَاقْتَرَفَ وَاسْتَكانَ وَاعْتَرَفَ . ثم عد إلى السجود وَقُلْ: إِنْ كُنْتُ بِئْسَ العَبْدُ فَأَنْتَ نِعْمَ الرَّبُّ، عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ العَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ يا كَرِيمُ . ثم قل: العَفْوَ العَفْوَ . مائةَ مرةٍ. ثم قالَ السيّد ولا تقطع يومكَ هذا باللعب والاهمال وأنت لاتعلم أمردود أم مقبول الاعمال فان رجوت القَبول فقابل ذلِكَ بالشكر الجميل وإن خفت الرد فكن أسير الحزن الطويل (٨) .

اليَوم الخامس والعِشرون: فيهِ عَلى بعض الأقوال توفي الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصادق عليه‌السلام في سنة مائةَ وثماني وأربعين (٩) وقَد ارتأى البعض أنَّ وفاته كانَت في النصف مِن رجب وكانَ سَبَب

_________________

١ - بك فيه - خ -.

٢ - المخلصون - خ -.

٣ - مصباح المتهجّد: ٦٥٤.

٤ - الصحيفة الكاملة السجادية: ٣٩١، الدعاء ٤٦، أوّله: يا من يرحم من لا يرحمه العباد...

٥ - الاقبال ١ / ٤٨٧ فصل ١٤ من باب ٣٧ عن الصادق عليه‌السلام مع اختلاف لفظي.

٦ - الاقبال ١ / ٤٨٣ فصل ١١ من باب ٣٧ عن الرضا عليه‌السلام .

٧ - مصباح المتهجّد: ٦٦٥.

٨ - مصباح الزائر: ٣٤٥ في آخر فصل: فضل زيارة الحسين عليه‌السلام في ليلة عيد الفطر.

٩ - كما رواه الطبرسي في اعلام الورى: ٢٦٦، وفي تاج المواليد ضمن مجموعة نفيسة: ١٢٥.
٣٢٨

وفاته سمّا دس لَهُ في العنب (١) .

وَروي أنه عليه‌السلام حينما حضرته الوفاة فتح عينيه وقالَ: اجمعوا لي الاقارَب فلمّا اجتمعوا كلّهم نظر إليهم وقالَ: لا يبلغ شفاعتنا من استخف بصلاته ولَمْ يهتم بها (٢) .

الفصل الخامس

في أعمال شهر ذي القعدة

إعلم أنّ هذا الشهر هو أول الأشهر الحرم التي ذكرها الله في كتابه المجيد. وروى السيد ابن طاووس في حديث: أنّ شهر ذي القعدة موقع إجابة الدعاء عند الشدة (٣) .

وروي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة في اليوم الاحد من هذا الشهر ذات فضل كثير وفضلها ملخصا: أنّ من صلاها قبلت توبته، وغفرت ذنوبه، ورضي عنه خصماؤه يوم القيامة، ومات على الايمان وما سلب منه الدين، ويفسح في قبره وينور فيه، ويرضى عنه أبواه ويغفر لأبويه ولذريته ويوسّع في رزقه، ويرفق به ملك الموت عند موته ويخرج الروح من جسده بيسر وسهولة. وصفتها: أن يغتسل في يوم الأحد ويتوضأ ويصلي أربع ركعات يقرأ في كل منها الحمد مرة وقُل هُو الله أحَد ثلاث مرات والمعوّذتين مرّة، ثم يستغفر سبعين مرة ثم يختم بكلمة: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ. ثم يقول: يا عَزِيزُ يا غَفَّارُ اغْفِرْ لِي ذُنوبِي وَذُنُوبَ جَمِيعِ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاّ أَنْتَ (٤) .

أقول: الظاهر أنّ هذا الاستغفار والدعاء الذي ورد بعده يؤدّى بعد الصلاة. واعلم أنّ في الحديث أنّ من صام من شهر حرام ثلاثة أيام: الخميس والجمعة والسبت كتب له عبادة تسعمائة سنة (٥) . وقال الشيخ الأجل علي بن إبراهيم القمّي إنّ السيئات تضاعف في الأشهر الحرم وكذلك الحسنات.

اليوم الحادي عشر: كان فيه في سنة مائة وثماني وأربعين ولادة الإمام الرضا عليه‌السلام (٦) .

الليلة الخامسة عشرة: ليلة مباركة ينظر الله تعالى فيها إلى عباده المؤمنين بالرحمة، وأجر

_________________

١ - أيضاً في اعلام الورى وتاج المواليد.

٢ - عقاب الاعمال للصدوق: ٢٢٨ مع اختلاف في الالفاظ.

٣ - انظر الاقبال ٢ / ١٧ فصل ١ من باب ٢.

٤ - الاقبال ٢ / ٢٠ فصل ٤ من باب ٢ مع اختلاف لفظي.

٥ - الاقبال ٢ / ٢١ فصل ٥ من باب ٢ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٦ - بحارالانوار ٤٩ / ٣ عن اعلام الورى. وفي ص ٩ عن مصباح الكفعمي وغيره.
٣٢٩

العامل فيها بطاعة الله أجر مائة سائح - أي الصائم الملازم للمسجد - لم يعص الله طرفة عين كما في (النبوي)؛ فاغتنم هذه الليلة واشتغل فيها بالعبادة والطاعة والصلاة وطلب الحاجات من الله . فقد روي أنه من سأل الله تعالى فيها حاجة أعطاه ما سأل (١) .

اليوم الثالث والعشرون: من سنة مائتين توفي فيه الإمام الرضا صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ على بعض الأقوال (٢) ، ومن المسنون فيه زيارة الرضا عليه‌السلام من قرب ومن بعد. قال السيد ابن طاووس في الاقبال : ورأيت في بعض تصانيف أصحابنا العجم رضوان الله عليهم: أنه يستحب أن يزار مولانا الرضا عليه‌السلام يوم ثالث وعشرين من ذي القعدة من قرب أو بعد ببعض زياراته المعروفة أو بما يكون كالزيارة من الرواية بذلك (٣) .

الليلة الخامسة والعشرون ليلة دحو الأَرْض: انبساط الأَرْض من تحت الكعبة على الماء - وهي ليلة شريفة تنزل فيها رحمة الله تعالى، وللقيام بالعبادة فيها أجر جزيل. وروي عن الحسين بن علي الوشاء قال: كنت مع أبي وأنا غلام فتعشينا عند الرضا عليه‌السلام ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة فقال له: ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيم عليه‌السلام وولد فيها عيسى بن مريم عليه‌السلام وفيها دحيت الأَرْض من تحت الكعبة، فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستين شهراً. وقال على رواية أخرى: ألا إن فيها يقوم القائم عليه‌السلام (٤) .

اليوم الخامس والعشرون يوم دحو الأَرْض: وهو أحد الأيام الأَرْبعة التي خصت بالصيام بين أيام السنة. وروى: أن صيامه يعدل صيام سبعين سنة، وهو كفارة لذنوب سبعين سنة، على رواية أخرى، ومن صام هذا اليوم وقام ليلته فله عبادة مائة سنة ويستغفر لمن صامه كل شي بين السماء والأَرْض وهو يوم انتشرت فيه رحمة الله تعالى، وللعبادة والاجتماع لذكر الله تعالى فيه أجر جزيل (٥) .

وقد ورد لهذا اليوم - سوى الصيام والعبادة وذكر الله تعالى والغسل - عملان:

الأول: صلاة مروية في كتب الشيعة القميّين، وهي ركعتان تصلى عند الضحى بـ الحمد مرة

_________________

١ - الاقبال ٢ / ٢٢ فصل ٦ من باب ٢ مع اختلاف لفظي.

٢ - رواه عليّ بن يوسف بن المطهّر الحلّي في العدد القوية: ٢٧٥.

٣ - هامش الاقبال ٢ / ٢٣ فصل ٨ من باب ٢ عن بعض نسخ الاقبال.

٤ - الاقبال ٢ / ٢٤ فصل ١٠ من باب ٢.

٥ - الاقبال ٢ / ٢٦ و ٢٧ فصل ١٢ من باب ٢ مع اختلاف في الالفاظ عن امير المومنين وعن رسول الله صلوات الله عليهما وعلى آلهما.
٣٣٠

والشمس خمس مرات ويقول بعد التسليم:

لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ . ثم يدعو وَيقول: يا مُقِيلَ العَثَراتِ أَقِلْنِي عَثْرَتِي يا مُجِيبَ الدَّعَواتِ أَجِبْ دَعْوَتِي يا سامِعَ الاَصْواتِ اسْمَعْ صَوْتِي وَارْحَمْنِي وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِّئاتِي وَما عِنْدِي يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرام (١) .

الثاني: هذا الدعاء الذي قال الشيخ في (المصباح) إنه يستحب الدعاء به:

اللّهُمَّ داحِيَ الكَعْبَةِ وَفالِقَ الحَبَّةِ وَصارِفَ اللَّزْبَةِ وَكاشِفَ كُلِّ كُرْبَةٍ، أَسأَلُكَ فِي هذا اليَوْمِ مِنْ أَيَّامِكَ الَّتِي أَعْظَمْتَ حَقَّها وَأَقْدَمْتَ سَبْقَها وَجَعَلْتَها عِنْدَ المُؤْمِنِينَ وَدِيعَةً وَإِلَيْكَ ذَرِيعَةً وَبِرَحْمَتِكَ الوَسِيعَةِ ان تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ المُنْتَجَبِ فِي المِيثاقِ القَرِيبِ يَوْمَ التَّلاقِ فاتِقِ كُلِّ رَتْقٍ وَداعٍ إِلى كُلِّ حَقٍّ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الاَطْهارِ الهُداةِ المَنارِ دَعائِمِ الجَبَّارِ وَوُلاةِ (٢) الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَأَعْطِنا فِي يَوْمِنا هذا مِنْ عَطائِكَ المَخْزُونِ غَيْرَ مَقْطُوعٍ وَلا مَمْنُوعٍ (٣) ، تَجْمَعُ لَنا بِهِ التَّوْبَةَ وَحُسْنَ الاَوْبَةِ، يا خَيْرَ مَدْعُوٍّ وَأَكْرَمَ مَرْجُوٍّ يا كَفَيُّ يا وَفِيُّ، يا مَنْ لُطْفُهُ خَفِيُّ أُلطُفْ لِي بِلُطْفِكَ وَاسْعِدْنِي بِعَفْوِكَ وَأَيِّدْنِي بِنَصْرِكَ وَلا تُنْسِنِي كَرِيمَ ذِكْرِكَ بِوُلاةِ أَمْرِكَ وَحَفَظَةِ سِرِّكَ، وَاحْفَظْنِي (٤) مِنْ شَوائِبِ الدَّهْرِ إِلى يَوْمِ الحَشْرِ وَالنَّشْرِ وَأَشْهِدْنِي أَوْلِياَئكَ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِي وَحُلُولِ رَمْسِي وَانْقِطاعِ عَمَلِي وَانْقَضاء أَجَلِي اللّهُمَّ وَاذْكُرْنِي عَلى طُولِ البِلى إِذا حَلَلْتُ بَيْنَ أَطْباقِ الثَّرى وَنَسِيَنِي النَّاسُونَ مِنَ الوَرى وَاحْلِلْنِي دارَ المُقامَةِ وَبَوِّئْنِي مَنْزِلَ الكَرامَةِ وَاجْعَلْنِي مِنْ مُرافِقي أَوْلِيائِكَ وَأَهْلِ اجْتِبائِكَ واصْطِفائِكَ، وَبارِكْ لِي فِي لِقائِكَ وَارْزُقْنِي حُسْنَ العَمَلِ قَبْلَ حُلُوِل الاَجَلِ بَريئاً مِنَ الزَلَلِ وَسُوءِ الخَطَلِ، اللّهُمَّ وَأَوْرِدْنِي حَوْضَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَاسْقِنِي مِنْهُ مَشْرَبا رَوِيا سائِغا هَنِيئاً لا

_________________

١ - وسائل الشيعة ٨ / ١٨٢ ح ١٠٣٧١ عن الاقبال.

٢ - ولاة: خ.

٣ - ولا ممنونٍ - خ -.

٤ - احفظني: خ.
٣٣١

أَظْمأُ بَعْدَهُ وَلا اُحَلا وِرْدَهُ وَلا عَنْهُ أُذادُ، وَاجْعَلْهُ لِي خَيْرَ زادٍ وَأَوْفى مِيعادٍ يَوْمَ يَقُومُ الاَشْهادُ . اللّهُمَّ وَالْعَنْ جَبابِرَةَ الأوَّلِينَ وَالآخرينَ وَبِحُقُوقِ (١) أَوْلِيائِكَ المُسْتَأْثِرِينَ، اللّهُمَّ وَاقْصِمْ دَعائِمَهُمْ وَاهْلِكْ أَشْ يا عَهُمْ وَعامِلَهُمْ وَعَجِّلْ مَهالِكَهُمْ وَاسْلُبْهُمْ مَمالِكَهُمْ وَضَيِّقْ عَلَيْهِمْ مَسالِكَهُمْ وَالعَنْ مُساهِمَهُمْ وَمُشارِكَهُمْ، اللّهُمَّ وَعَجِّلْ فَرَجَ أَوْلِيائِكَ وَارْدُدْ عَلَيْهِمْ مَظالِمَهُمْ وأَظْهِرْ بِالحَقِّ قائِمَهُمْ وَاجْعَلْهُ لِدِينِكَ مُنْتَصِراً وَبِأَمْرِكَ فِي أَعْدائِكَ مُؤْتَمِراً، اللّهُمَّ احْفُفْهُ بِملائِكَةِ النَّصْرِ وَبِما أَلْقَيْتَ إِلَيْهِ مِنَ الاَمْرِ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ مُنْتَقِما لَكَ حَتَّى تَرْضى وَيَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَعَلى يَدَيْهِ جَدِيداً غَضّا وَيَمْحَضَ الحَقَّ مَحْضا وَيَرْفُضَ االباطِلَ رَفْضا، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى جَمِيعِ آبائِهِ وَاجْعَلْنا مِنْ صَحْبِهِ وَاُسْرَتِهِ وَابْعَثْنا فِي كَرَّتِهِ حَتَّى نَكُونَ فِي زَمانِهِ مِنْ أَعْوانِهِ، اللّهُمَّ أَدْرِكْ بِنا قِيامَهُ وَأَشْهِدْنا أّيَّامَهُ وَصَلِّ عَلَيْهِ (٢) وَارْدُدْ إِلَيْنا سَلامَهُ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ (٣) وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ (٤) .

إعلم أنّ السيد الداماد رض قال في رسالته المسماة (الأَرْبعة أيام في خلال أعمال يوم دحو الأَرْض): إنّ زيارة الرضا عليه‌السلام في هذا اليوم هي آكد آدابه المسنونة كذلك، ويتأكد استحباب زيارته عليه‌السلام في اليوم الأوّل من شهر رجب الفرد وقد حث عليها حثاً بالغاً (٦) .

اليوم الأخير من الشهر: في هذا اليوم من سنة مائتين وعشرين على المشهور استشهد الإمام محمد بن علي التقي عليه‌السلام في بغداد، وقد سمّه المعتصم بالله العباسي (٦) ، وكان شهادته بعد سنتين ونصف من وفاة المأمون كما كان الإمام نفسه يتنبأ بذلك فيقول: الفرج بعد المأمون بثلاثين شهراً (٧) ؛ تشعر هذه الكلمة بما كان يعانيه من الأذى والمحن من سوء معاشرة المأمون له حتى اعتبرالموت فرجه الذي يرتقبه! كما عانى من المحن ماعاناه أبوه العظيم الإمام الرضا عليه‌السلام حينما

_________________

١ - ولحقوق - خ -.

٢ - وصلّ على محمّد - خ -.

٣ - عليهم - خ -.

٤ - مصباح المتهجّد: ٦٦٩.

٥ - أربعة أيام: ٥٢، وتحفة الزائر للمجلسي: ٤٠١.

٦ - الكافي ١ / ٤٩٢.

٧ - رواه الاربلي في كشف الغمّة في ذكر وفاته عليه‌السلام عن الدلايل.
٣٣٢

ولي العهد، وكان كلما رجع من الجامع يوم الجمعة رفع يديه إلى السماء وهو عرقان مغبراً فقال: إلهي إن كان فرجي في موتي فعجّل وفاتي لساعتي! وكان دائم الكآبة والغم حتى قضى نحبه (١) ، وقد توفي الإمام محمد بن علي التقي عليه‌السلام وله من العمر خمس وعشرون سنة وبضعة أشهر، ويقع قبره الشريف خلف قبر جده العظيم الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام في الكاظمية (٢) .

الفصل السادس

في أعمال شهر ذي الحجة

وهو شهر شريف وكان صلحاء الصحابة والتابعين يهتمون بالعبادة فيه اهتماما بالغا. والعشر الأوائل من أيامه هي الأيام المعلومات المذكورة في القرآن الكريم، وهي أيام فاضلة غاية الفضل، وقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : مامن أيامٍ العمل فيها أحبّ إلى الله عزَّ وجلَّ من أيام هذه العشر (٣) . ولهذه العشر أعمال:

الأول: صيام الأيام التسعة الأوّل منها، فإنه يعدل صيام العمر كله (٤) .

الثاني: أن يصلي بين فريضتي المغرب والعشاء في كل ليلة من لياليها ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب والتوحيد مرة واحدة وهذه الآية: ( وَوأعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لأخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وأصْلِحْ وَلا تَتَّبِعَ سَبِيلَ المُفْسِدِينَ ) (٥) ، ليشارك الحاج في ثوابهم (٦) .

الثالث: أن يدعو بهذا الدعاء من أول يوم من عشر ذي الحجة إلى عشيّة عرفة في دبر صلاة الصبح وقبل المغرب وقد رواه الشيخ والسيد عن الصادق عليه‌السلام :

اللّهُمَّ هذِهِ الأيَّامُ الَّتِي فَضَّلْتَها عَلى الأيامِ وَشَرَّفْتَها وَقَدْ بَلَّغْتَنِيها بِمَنِّكَ وَرَحْمَتِكَ فَأَنْزِلْ عَلَيْنا مِنْ بَرَكاتِكَ وَأَوْسِعْ عَلَيْنا فِيها مِنْ نَعَمائِكَ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَهْدِينا فِيها لِسَبِيلِ الهُدى وَالعَفافِ وَالغِنى وَالعَمَلِ فِيها بِما تُحِبُّ

_________________

١ - البحار ٤٩ / ١٤٠ ح ١٣ عن عيون اخبار الرضا عليه‌السلام .

٢ - الكافي ١ / ٤٩٢.

٣ - الاقبال ٢ / ٣٥ باب ٣ فصل ٤.

٤ - انظر الاقبال ٢ / ٤٨ باب ٣ فصل ٧، ثواب الاعمال ٧٤ مع اختلاف لفظي.

٥ - الاعراف: ٧ / ١٤٢.

٦ - الاقبال ٢ / ٣٥ فصل ٥ من باب ٣ عن الصادق عليه‌السلام .
٣٣٣

وَتَرْضى، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ يا مَوْضِعَ كُلِّ شَكْوى وَيا سامِعَ كُلِّ نَجْوى وَيا شاهِدَ كُلِّ مَلأَ وَيا عالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَكْشِفَ عَنَّا فِيها البَلاءِ وَتَسْتَجِيبَ لَنا فِيها الدُّعاءُ وَتُقَوِّيَنا فِيها وَتُعِينَنا وَتُوَفِّقَنا فِيها لِما تُحِبُّ رَبَّنا وَتَرْضى وَعَلى ما افْتَرَضْتَ عَلَيْنا مِنْ طاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ وَأَهْلِ وَلايَتِكَ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَهَبَ لَنا فِيها الرِّضا إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ، ولا تَحْرِمْنا خَيْرَ ما تُنْزِلُ فِيها مِنَ السَّماء وَطَهِّرْنا مِنَ الذُّنُوبِ يا عَلاّمَ الغُيُوبِ وَأَوْجِبْ لَنا فِيها دارَ الخُلُودِ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلا تَتْرُكْ لَنا فِيها ذَنْبا إِلاّ غَفَرْتَهُ وَلا هَمّا إِلاّ فَرَّجْتَهُ وَلا دَيْنا إِلاّ قَضَيْتَهُ وَلا غائِبا إِلاّ أَدَّيْتَهُ وَلا حاجَةً مِنْ حَوائِجِ الدُّنْيا وَالآخرةِ إِلاّ سَهَّلْتَها وَيَسَّرْتَها إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللّهُمَّ يا عالِمَ الخَفِيَّاتِ يا راحِمَ العَبَراتِ يا مُجِيبَ الدَّعَواتِ يا رَبَّ الأَرْضِينَ وَالسَّماواتِ يا مَنْ لا تَتَشابَهُ عَلَيْهِ الأصْواتُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْنا فِيها مِنْ عُتَقائِكَ وَطُلَقائِكَ مِنَ النَّارِ وَالفائِزِينَ بِجَنَّتِكَ وَالنَّاجِينَ (١) بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى الله عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ (٢) .

الرابع: أن يدعو في كل يوم من أيام العشر بهذه الدعوات الخمس وقد جاء بها جبرائيل إلى عيسى بن مريم هدية من الله تعالى ليدعو بهذا الدعاء في أيام العشر وهذه هي الدعوات الخمس:

١ - أَشْهَد أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

٢ - أَشْهَد أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ أَحَداً صَمَداً لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً.

٣ - أَشْهَد أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ أّحَداً صَمَداً لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ

_________________

١ - الفائزين... الناجين: خ.

٢ - مصباح المتهجّد: ٦٧٢ وفي آخره: وسلّم عليهم تسليماً.
٣٣٤

لَهُ كُفُوا أَحَدٌ .

٤ - أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيُّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

٥ - حَسْبِيَ الله وَكَفىْ سَمعَ الله لِمَنْ دَعا لَيْسَ وَراءَ الله مُنْتَهى أَشْهَدُ للهِ بِما دَعا وَأَنَّهُ بَرِيٌ مِمَّنْ تَبَرَأَ وَأَنَّ للهِ الآخِرَةَ وَالأوّلى. ثم ذكر عيسى عليه‌السلام أجرَاً جزيلاً للدعاء بكل من هذه الدعوات الخمس مائة مرة ولا يبعد أن يكون الداعي بكل من هذه الدعوات في كل يوم عشر مرات ممتثلاً لما ورد في الحديث كما احتمله العلامة المجلسي (رض) والأفضل أن يُدعى بكل منها في كل يوم مائة مرة (١) .

الخامس: أن يهلل في كل يوم من العشر بهذا التهليل المروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام بأجره الجزيل، والأفضل التهليل به في كل يوم عشر مرات: لا إِلهَ إِلاّ الله عَدَدَ اللَّيالِي وَالدُّهُورِ لا إِلهَ إِلاّ الله عَدَدَ أَمْواجِ البُحُورِ لا إِلهَ إِلاّ الله وَرَحْمَتُهُ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ لا إِلهَ إِلاّ الله عَدَدَ الشَّوْكِ وَالشَّجَرِ لا إِلهَ إِلاّ الله عَدَدَ الشَّعْرِ وَالوَبَرِ لا إِلهَ إِلاّ الله عَدَدَ الحَجَرِ والمَدَرِ لا إِلهَ إِلاّ الله عَدَدَ لَمْحِ العُيُونِ لا إِلهَ إِلاّ الله فِي اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ (٢) إِذا تَنَفَّسَ لا إِلهَ إِلاّ الله عَدَدَ الرِّياحِ فِي البَرارِي وَالصُّخُورِ لا إِلهَ إِلاّ الله مِنْ اليَوْمِ إِلى يَوْمِ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ (٣) .

اليوم الأول: يوم شريف جداً وقد ورد فيه عدة أعمال:

الأول: الصيام فإنه يعدل صوم ثمانين شهراً (٤) .

الثاني: صلاة فاطمة عليها‌السلام ، قال الشيخ روي أنها أربع ركعات بسلامين، وهي كصلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام يقرأ في كل ركعة الحمد مرة والتوحيد خمسين مرة ويسبح بعد السلام تسبيحها عليها‌السلام

_________________

١ - اقبال الاعمال ٢ / ٤٦ فصل ٦ من باب ٣ وفي آخر ذكر فضل كلّ من الدعوات الخمس.

٢ - وفي الصبح - خ -.

٣ - اقبال الاعمال ٢ / ٤٧ فصل ٦ من باب ٣ وفي آخره فضل قرائة الدعاء.

٤ - مصباح المتهجّد: ٦٧١ عن الكاظم عليه‌السلام .
٣٣٥

ويقول: سُبْحانَ ذِي العِزِّ الشَّامِخِ المُنِيفِ سُبْحانَ ذِي الجَلالِ الباذِخِ العَظِيمِ سُبْحانَ ذِي المُلْكِ الفاخِرِ القَدِيمِ سُبْحانَ مَنْ يَرى أَثَرَ النَّمَلِة فِي الصَّفا سُبْحانَ مَنْ يَرى وَقْعَ الطَّيْرِ فِي الهَواءِ سُبْحانَ مَنْ هُوَ هكَذا وَلا هكَذا غَيْرُهُ (١) .

الثالث: الصلاة ركعتان قبل الزوال بنصف ساعة يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وكلاًّ من التوحيد وآية الكرسي والقدر عشر مرات (٢) .

الرابع: من خاف ظالماً فقال في هذا اليوم: حَسْبِي حَسْبِي حَسْبِي مِنْ سُؤالِي عِلْمُكَ بِحالِي كفاه الله شره (٣) . وإعلم أنّ في هذا اليوم ولد إبراهيم الخليل عليه‌السلام وعلى رواية الشيخين: كان فيه أيضاً تزويج فاطمة من أمير المؤمنين عليه‌السلام (٤) .

اليوم السابع: يوم حزن الشيعة كان فيه في سنة مائة وأربع عشرة وفاة الإمام محمد بن علي الباقر عليه‌السلام في المدينة (٥) .

اليوم الثامن: يوم التروية وللصيام فيه فضل كثير ورُوى أنّه كفارة لذنوب ستّين سنة (٦) . وقال الشيخ الشهيد رض: إنه يستحب فيه الغسل (٧) .

الليلة التاسعة: ليلة مباركة وهي ليلة مناجاة قاضي الحاجات والتوبة فيها مقبولة والدعاء فيها مستجاب وللعامل فيها بطاعة الله أجر سبعين ومائة سنة وفيها عدة أعمال:

الأول: أن يدعو بهذا الدعاء الذي روي أن من دعا به في ليلة عرفة أو ليالي الجمع غفر الله له: اللّهُمَّ يا شاهِدَ كُلِّ نَجْوى وَمَوْضِعَ كُلِّ شَكْوى وَعالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ وَمُنْتهى كُلِّ حاجَةٍ يا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ عَلى العِبادِ يا كَرِيمَ العَفْوِ يا حَسَنَ التَّجاوُزِ يا جَوادُ يا مَنْ لايُواري مِنْهُ لَيْلٌ داجٍ وَلا بَحْرٌ عَجَّاجٌ وَلا سَّماء ذاتُ ابْراجٍ وَلا ظُلَمٌ ذاتُ ارْتِتاجٍ (٨) يا مَنْ الظُّلْمَةُ عِنْدَهُ ضِياءٌ؛ أَسأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ الَّذِي تَجَلَّيْتَ بِهِ لِلْجَبَلِ فَجَعَلْتَهُ دَكّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقا وَبِاسْمِكَ الَّذِي رَفَعْتَ بِهِ السَّماواتِ بِلا عَمَدٍ وَسَطَحْتَ بِهِ الأَرْضَ عَلى وَجْهِ ماءٍ جَمَدٍ، وَبِاسْمِكَ المَخْزُونِ المَكْنُونِ المَكْتُوبِ الطَّاهِرِ الَّذِي إِذا دُعِيتَ بِهِ

_________________

١ - مصباح المتهجّد: ٦٧١.

٢ - الاقبال ٢ / ٤٩ فصل ٨ من باب ٣.

٣ - الاقبال ٢ / ٤٩ فصل ٩ من باب ٣.

٤ - مصباح المتهجّد: ٦٧١.

٥ - بحار الانوار ٤٦ / ٢١٧ عن الشهيد في الدروس.

٦ - الاقبال ٢ / ٤٩ فصل ١٠ من باب ٣ عن الصادق عليه‌السلام .

٧ - ذكرى الشيعه ١ / ١٩٨ فصل ٣.

٨ - ارتياجٍ - خ -.
٣٣٦

أَجَبْتَ وَإِذا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ، وَبِاسْمِكَ السُّبُّوحِ القُدُّوسِ البُرْهانِ الَّذِي هُوَ نُورٌ عَلى كُلِ نُورٍ وَنُورٌ مِنْ نُورٍ يُضيُ مِنْهُ كُلُّ نُورٍ إِذا بَلَغَ الأَرْضَ انْشَقَّتْ وَإِذا بَلَغَ السَّماواتِ فُتِحَتْ وَإِذا بَلَغَ العَرْشَ اهْتَزَّ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي تَرْتَعِدُ مِنْهُ فَرائِص مَلائِكَتِكَ، وَأَسأَلُكَ بِحَقِّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ المُصْطَفى صلى‌الله‌عليه‌وآله وَعَلى جَمِيعِ الأَنْبِياءِ وَجَمَيعِ المَلائِكَةِ، وَبِالاسْمِ الَّذِي مَشى بِهِ الخِضْرُ عَلى قُلَلِ (١) الماءِ كَما مَشى بِهِ عَلى جَدَدِ الأَرْضِ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي فَلَقْتَ بِهِ البَحْرَ لِمُوسى وَاغْرَقْتَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ وَأَنْجَيْتَ بِهِ مُوسى بْنَ عُمْرانَ وَمَنْ مَعَهُ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ مُوسى بْنَ عِمْرانَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الأيْمنِ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَأَلْقَيْتَ عَلَيْهِ مَحَبَّةً مِنْكَ وَبِاسْمِكَ الَّذِي بِهِ أَحْيا عِيسى بْنُ مَرْيَمَ المَوْتى وَتَكَلَّمَ فِي المَهْدِ صَبِيّا وَأَبْرَأَ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ بِإِذْنِكَ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ حَمَلَةُ عَرْشِكَ وَجَبْرئِيلُ وَمِيكائِيلُ وَإِسْرافِيلُ وَحَبِيبُكَ مُحَمَّدٌ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَمَلائِكَتُكَ المُقَرَّبُونَ وَأَنْبِياؤُكَ المُرْسَلُونَ وَعِبادُكَ الصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ السَّماواتِ وَالأَرْضِينَ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ ذُو النُونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِبا فَظَنَّ أَنْ لَنْ تَقْدِرَ (٢) عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سبُحْانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَنَجَّيْتَهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذلِكَ تُنْجِي (٣) المُؤْمِنِينَ، وَبِاسْمِكَ العَظِيمِ الَّذِي دَعاكَ بِهِ داوُدُ وَخَرَّ لَكَ ساجِداً فَغَفَرْتَ لَهُ ذَنْبَهُ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعَتْكَ بِهِ آسِيَةُ امْرأَةُ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ: ( رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتا فِي الجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (٤) فَاسْتَجَبْتَ لَها دُعائَها، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ أَيُّوبُ إِذْ حَلَّ بِهِ البَلاُء فَعافَيْتَهُ وَآتَيْتَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ وَذِكْرى لِلعابِدِينَ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي

_________________

١ - طلل - خ -.

٢ - نقدر - خ -.

٣ - نُنجي - خ -.

٤ - التحريم: ٦٦ / ١١.
٣٣٧

دَعاكَ بِهِ يَعْقُوبُ فَرَدَدْتَ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَقُرَّةَ عَيْنِهِ يُوسُفَ وَجَمَعْتَ شَمْلَهُ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ سُلَيْمانُ فَوَهَبْتَ لَهُ مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّكَ أَنْتَ الوَهابُ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي سَخَّرْتَ بِهِ البُراقَ لِمُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله إِذْ قالَ تَعالى: ( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرامِ إِلى المَسْجِدِ الأقْصى ) (١) ، وَقَوْلُهُ: ( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ) (٢) ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي تَنَزَّلَ بِهِ جَبْرئِيلَ عَلى مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ آدَمُ فَغَفَرْتَ لَهُ ذَنْبَهُ وَأَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ. وَأَسأَلُكَ بِحَقِّ القُرْآنِ العَظِيمِ وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَبِحَقِّ إِبْراهِيمَ وَبِحَقِّ فَضْلِكَ يَوْمَ القَضاء وَبِحَقِّ المَوازِينِ إِذا نُصِبَتْ وَالصُّحُفِ إِذا نُشِرَتْ وَبِحَقِّ القَلَمِ وَما جَرى وَاللَّوْحِ وَما أَحْصى وَبِحَقِّ الاسْمِ الَّذِي كَتَبْتَهُ عَلى سُرادِقِ العَرْشِ قَبْلَ خَلْقِكَ الخَلْقَ وَالدُّنْيا وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ بِأَلْفَي عامٍ، وَأَشْهَدُ أَن لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَسأَلُكَ بِاسْمِكَ المَخْزُونِ فِي خَزائِنِكَ الَّذِي إِسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبِيُّ مُرْسَلٌ وَلا عَبْدٌ مُصْطَفى، وَأَسأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي شَقَقْتَ بِهِ البِحارَ وَقامَتْ بِهِ الجِبالُ وَاخْتَلَفَ بِهِ اللَيْلُ وَالنَّهارُ، وَبِحَقِّ السَّبْعِ المَثانِي وَالقُرْآنِ العَظِيمِ وَبِحَقِّ الكِرامِ الكاتِبِينَ وَبِحَقِّ طهَ وَيَّس وَكهيعص وَحمَّعَّسَّقَّ وَبِحَقِّ تَوْراةِ مُوسى وَإِنْجِيلِ عِيسى وَزَبُورِ داوُدَ وَفُرْقانِ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَعَلى جَمِيعِ الرُّسُلِ وَباهِيّا شَراهيّا؛ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِحَقِّ تَلْكَ المُناجاةِ الَّتِي كانَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مُوسى بْنِ عُمْرانَ فَوْقَ جَبَلِ طُورِ سَيْناءَ، وأَسأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي عَلَّمْتَهُ مَلَكَ المَوْتِ لِقَبْضِ الأَرْواحِ، وَأَسأَلُكَ بِاسْمِكَ

_________________

١ - الاسراء: ١٧ / ١.

٢ - الزخرف: ٤٣ / ١٣ و ١٤.

٣ - من قوله: وباسمك الّذي... إلى هنا: نسخة.
٣٣٨

الَّذِي كُتِبَ عَلى وَرَقِ الزَّيْتُونِ فَخَضَعَتِ النِّيرانُ لِتِلْكَ الوَرَقَةِ فَقُلْتَ: ( يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاما ) (١) ، وَأَسأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي كَتَبْتَهُ عَلى سُرادِقِ المَجْدِ وَالكَرامَةِ، يا مَنْ لا يُخْفِيهِ سائِلٌ وَلا يَنْقُصُهُ نائِلٌ يا مَنْ بِهِ يُسْتَغاثُ وَإِلَيْهِ يُلْجَأُ أَسأَلُكَ بِمَعاقِدِ العِزِّ مِنْ عَرْشِكَ وَمُنْتَهى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ وَبِاسْمِكَ الأَعْظَمِ وَجَدِّكَ الأعْلى وَكَلِماتِكَ التَّامَّاتِ العُلى. اللّهُمَّ رَبَّ الرِّياحِ وَما ذَرَتْ وَالسَّماء وَما أّظَلَّتْ وَالأَرْضِ وَما أَقَلَّتْ وَالشَّياطِينِ وَما أَضَلَّتْ وَالبِحارِ وَما جَرَتْ وَبِحَقِّ كُلِّ حَقٍّ هُوَ عَلَيْكَ حَقُّ وَبِحَقِّ المَلائِكَةِ المُقَرَّبِينَ وَالرَّوْحانِيِّينَ وَالكَرُوبِيِّينَ وَالمُسَبِّحينَ لَكَ بِاللَيْلِ وَالنَّهارِ لا يَفْتُرُونَ وَبِحَقِّ إِبْراهِيمَ خَلِيلِكَ وَبِحَقِّ كُلِّ وَلِيٍّ يُنادِيكَ بَيْنَ الصَّفا وَالمَرْوَةِ وَتَسْتَجِيبُ لَهُ دُعائَه، يا مُجِيبُ أَسأَلُكَ بِحَقِّ هذِهِ الأسَّماء وَبِهذِهِ الدَّعَواتِ أّنْ تَغْفِرَ لَنا ما قَدَّمْنا وَما أَخَّرْنا وَما أَسْرَرْنا وَما أَعْلَنَّا وَما أَبْدَيْنا وَما أَخْفَيْنا وَما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِّنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. يا حافِظَ كُلِّ غَرِيبٍ يا مُوْنِسَ كُلِّ وَحِيدٍ يا قُوَّةَ كُلِّ ضَعِيفٍ يا ناصِرَ كُلِّ مَظْلُومٍ يا رازِقَ كُلِّ مَحْرُومٍ يا مُوْنِسَ كُلِّ مُسْتَوْحِشٍ يا صاحِبَ كُلِّ مُسافِرٍ يا عِمادَ كُلِّ حاضِرٍ يا غافِرَ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، يا غِياثَ المُسْتَغِيثِينَ يا صَرِيخَ المُسْتَصْرِخِينَ يا كاشِفَ كَرْبِ المَكْرُوبِينَ يا فارِجَ هَمِّ المَهْمُومِينَ يا بَدِيعَ السَّماواتِ وَالأَرْضِينَ يا مُنْتَهى غايَةِ الطَّالِبِينَ يا مُجِيبَ دَعْوَةِ المُضْطَرِّينَ يا أرْحَمَ الرَّاِحِمينَ يا رَبَّ العالَمِينَ يا دَيَّانَ يَوْمِ الدِّينِ يا أَجْوَدَ الأجْوَدِينَ يا أكْرَمَ الأكْرَمِينَ يا أسْمَعَ السَّامِعِينَ يا أبْصَرَ النَّاظِرِينَ يا أقْدَرَ القادِرِينَ، اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّرُ النِّعَمَ وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُورِثُ النَّدَمَ وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تُورِثُ السَّقَمَ وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ العِصَمْ وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تَرُدُّ الدُّعاءَ وَاغْفِرْ لِي

_________________

١ - الأنبياء: ٢١ / ٦٩.
٣٣٩

الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ قَطْرَ السَّماء وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تُعَجِّلُ الفَناءِ وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تَجْلِبُ الشَّقاءِ وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تُظْلِمُ الهَواءَ وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تَكْشِفُ الغِطاءَ وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي لايَغْفِرُها غَيْرُكَ يا أللهُ، وَاحْمِلْ عَنِّي كُلَّ تَبِعَةٍ لأحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، وَاجْعَلْ لِي مِنْ أَمْرِي فَرَجاً وَمَخْرَجاً وَيُسْراً وَأنْزِلْ يَقِينَكَ فِي صَدْرِي وَرَجائَكَ فِي قَلْبِي حَتَّى لا أَرْجُو غَيْرَكَ اللّهُمَّ احْفَظْنِي وَعافِنِي فِي مَقامِي وَاصْحَبْنِي فِي لَيْلِي وَنَهارِي وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمالِي وَمِنْ فَوْقِي وَمِنْ تَحْتِي وَيَسِّرْ لِيَ السَّبِيلَ وَأَحْسِنَ لِي التَّيْسِيرَ وَلا تَخْذُلْنِي فِي العَسِيرِ وَاهْدِنِي يا خَيْرَ دَلِيلٍ وَلا تَكِلْنِي إِلى نَفْسِي فِي الاُمُورِ وَلَقِّنِي كُلَّ سُرُورٍ، وَاقْلِبْنِي إِلى أَهْلِي بِالفَلاحِ وَالنَّجاحِ مَحْبُوراً فِي العاجِلِ وَالآجِلِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ طَيِّباتِ رِزْقِكَ وَاسْتَعْمِلْنِي فِي طاعَتِكَ وَأَجِرْنِي مِنْ عَذابِكَ وَنارِكَ وَاقْلِبْنِي إِذا تَوَفَّيْتَنِي إِلى جَنَّتِكَ بِرَحْمَتِكَ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ وَمِنْ تَحْوِيلِ عافِيَتِكَ وَمِنْ حُلُولِ نَقِمَتِكَ وَمِنْ نُزُولِ عَذابِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ البَلاءِ وَدَرَكِ الشَّقاءِ وَمِنْ سُوءِ القَضاء وَشَماتَةِ الأعْداء وَمِنْ شَرِّ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماء وَمِنْ شَرِّ مافِي الكِتاب المُنْزَلِ، اللّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي مِنَ الأشْرارِ وَلا مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَلا تَحْرِمْنِي صُحْبَةَ الأخْيارِ وَأَحْيِنِي حَياةً طَيِّبَةً وَتَوَفَّنِي وَفاةً طَيِّبَةً تُلْحِقُنِي بِالأبْرارِ وَارْزُقْنِي مُرافَقَةَ الأَنْبِياءِ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ، اللّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلى حُسْنِ بَلائِكَ وَصُنْعِكَ وَلَكَ الحَمْدُ عَلى الإسْلامِ وَإِتِّباعِ السُّنَّةِ يا رَبِّ كَما هَدَيْتَهُمْ لِدِينِكَ وَعَلَّمْتَهُمْ كِتابَكَ، فَاهْدِنا وَعَلِّمْنا وَلَكَ الحَمْدُ عَلى حُسْنِ بَلائِكَ وَصُنْعِكَ عِنْدِي خاصَّةً كَما خَلَقْتَنِي فَأَحْسَنْتَ خَلْقِي وَعَلَّمْتَنِي فَأَحْسَنْتَ تَعْلِيمِي وَهَدَيْتَنِي فَأَحْسَنْتَ هِدايَتِي فَلَكَ الحَمْدُ عَلى إِنْعامِكَ عَلَىَّ قَدِيما وَحَدِيثا، فَكَمْ مِنْ كَرْبٍ يا سَيِّدِي قَدْ
٣٤٠

فَرَّجْتَهُ وَكَمْ مِنْ غَمٍّ يا سَيِّدِي قَدْ نَفَّسْتَهُ وَكَمْ مِنْ هَمٍّ يا سَيِّدِي قَدْ كَشَفْتَهُ وَكَمْ مِنْ بَلاءٍ يا سَيِّدِي قَدْ صَرَفْتَهُ وَكَمْ مِنْ عَيْبٍ يا سَيِّدِي قَدْ سَتَرْتَهُ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلى كُلِّ حالٍ فِي كُلِّ مَثْوىً وَزَمانٍ وَمُنْقَلَبٍ وَمَقامٍ وَعَلى هذِهِ الحالِ وَكُلِّ حالٍ . اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَفْضَلِ عِبادِكَ نَصِيبا فِي هذا اليَوْمِ مِنْ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ أَوْ ضُرٍّ تَكْشِفُهُ أَوْ سُوءٍ تَصْرِفُهُ أَوْ بَلاٍء تَدْفَعُهُ أَوْ خَيْرٍ تَسُوقُهُ أَوْ رَحْمَةٍ تَنْشُرُها أَوْ عافِيَةٍ تُلْبِسُها، فَإنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَبِيَدِكَ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَأَنْتَ الواحِدُ الكَرِيمُ المُعْطِي الَّذِي لا يُرَدُّ سائِلُهُ وَلا يُخَيَّبُ آمِلُهُ وَلا يَنْقُصُ نائِلُهُ وَلا يَنْفَدُ ماعِنْدَهُ بَلْ يَزْدادُ كَثْرَةً وَطيبا وَعَطاءً وَجُوداً، وارْزُقْنِي مِنْ خَزائِنِكَ الَّتِي لاتَفْنى وَمِنْ رَحْمَتِكَ الواسِعَةِ إِنَّ عَطائَكَ لَمْ يَكُنْ مَحْظُوراً وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١) .

الثاني: أن يسبح ألف مرة بالتسبيحات العشر التي رواها السيّد (٢) وستأتي في أعمال يوم عرفة.

الثالث: أن يقرأ الدعاء: اللّهُمَّ مَنْ تَعَبَّأَ وَتَهَيَّأَ ... المسنون قراءته يوم عرفه وليلة الجمعة ونهارها وقد مر في خلال أعمال ليلة الجمعة ص ٧٨.

الرابع: أن يزور الحسين عليه‌السلام وأرض كربَلاءِ ويقيم بها حتى يعيِّد ليقيه الله شر سنته (٣) .

اليوم التاسع يوم عرفة وهو يوم عرفة وهو عيد من الأعياد العظيمة وإن لم يسم عيداً وهو يوم دعا الله فيه عباده فيه إلى طاعته وعبادته وبسط لهم موائد إحسانه وجوده والشيطان فيه ذليل حقير طريد غضبان أكثر من أي وقت سواه. وروي أن الإمام زين العابدين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ سمع في يوم عرفة سائلا يسأل الناس فقال له: ويلك أتسأل غير الله في هذا اليوم وهو يوم يرجى فيه للاجنة في الأَرْحام أن تعمها فضل الله تعالى فتسعد (٤) . ولهذا اليوم عدة أعمال:

الأول: الغسل (٥) .

_________________

١ - الاقبال ٢ / ٥٠ فصل ١٢ من باب ٣.

٢ - الاقبال ٢ / ٥٦ فصل ١٢ من باب ٣.

٣ - الاقبال ٢ / ٥٦ فصل ١٢ من باب ٣.

٤ - من لا يحضره الفقيه ٢ / ١١ ح ٣١٨٢ مع اختلاف لفظي فقط.

٥ - الاقبال ٢ / ٦٩ فصل ٢٠ من باب ٣.
٣٤١

الثاني: زيارة الحسين صلوات الله عليه فإنها تعدل ألف حجة وألف عمرة وألف جهاد بل تفوقها (١) ، والأحاديث في كثرة فضل زيارته عليه‌السلام في هذا اليوم متواترة ومن وفق فيه لزيارته عليه‌السلام والحضور تحت قبته المقدّسة فهو لا يقل أجرَاً عمَّن حضر عرفات بل يفوقه وستأتي صفة زيارته عليه‌السلام في هذا اليوم في باب الزيارات صلى‌الله‌عليه‌وآله ٧٥٣ إن شاء الله تعالى.

الثالث: أن يصلي بعد فريضة العصر قبل أن يبداً في دعوات عرفة ركعتين تحت السماء ويقر لله تعالى بذنوبه ليفوز بثواب عرفات ويغفر ذنوبه (٢) ثم يشرع في اعمال عرفة ودعواته المأثورة وعن الحجج الطاهرة صلوات الله عليهم وهي أكثر من أن تذكر في هذه الوجيزة ونحن نقتصر منها بما يسعه الكتاب.

قال الكفعمي في المصباح : يستحب الصوم يوم عرفة لمن لا يضعف عن الدعاء، والاغتسال قبل الزوال، وزيارة الحسين صلوات الله عليه فيه وفي ليلته، فإذا زالت الشمس فابرز تحت السماء وصلِّ الظهرين تحسن ركوعهما وسجودهما فإذا فرغت فصل ركعتين في الأوّلى بعد الحمد التوحيد وفي الثانية بعد الحمد سورة ( قل يا أيها الكافرون ) ثم صلّ أربعاً في كل ركعة الحمد والتوحيد خمسين مرة.

أقول: هذه الصلاة هي صلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام التي مضت في أعمال يوم الجمعة ثم قل ما ذكره ابن طاووس في كتاب الاقبال مرويّا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو:

سُبْحانَ الَّذِي فِي السَّماء عَرْشُهُ سُبْحانَ الَّذِي فِي الأَرْضِ حُكْمُهُ سُبْحانَ الَّذِي فِي القُبُورِ قَضاؤُهُ سُبْحانَ الَّذِي فِي البَحْرِ سَبِيلُهُ سُبْحانَ الَّذِي فِي النَّارِ سُلْطانُهُ سُبْحانَ الَّذِي فِي الجَنَّةِ رَحْمَتُهُ سُبْحانَ الَّذِي فِي القِيامَةِ عَدْلُهُ سُبْحانَ الَّذِي رَفَعَ السَّماء سُبْحانَ الَّذِي بَسَطَ الأَرْضَ سُبْحانَ الَّذِي لامَلْجأ وَلامنجى مِنْهُ إِلاّ إِلَيْهِ. ثم قل: سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ مائة مرة واقرأ التوحيد مائة مرة، وآية الكرسي مائة مرة، وصل على محمد وآله مائة مرة وقل: لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيُمِيتُ وَيُحْيِي وَهُوَ حَيُّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ

_________________

١ - ثواب الاعمال: ٨٩ عن ابي عبدالله عليه‌السلام .

٢ - الاقبال ٢ / ٦٧ فصل ١٩ من باب ٣ عن الصادق عليه‌السلام مع اختلاف لفظي.
٣٤٢

شَيْءٍ قَدِيرٌ عشراً، أَسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ عشراً، يا الله عشراً، يا رَحْمنُ عشراً، يا رَحِيمُ عشراً، يا بَدِيعُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ عشراً، يا حَيُّ يا قَيُّومُ عشراً، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ عشراً، يا لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ عشراً، آمِينَ عشراً . ثم قل: اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ يا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلى مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ يا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ يا مَنْ هُوَ بِالمَنْظَرِ الأعْلى وَبِالاُفُقِ المُبِينِ يا مَنْ هُوَ الرَّحْمنُ عَلى العَرْشِ اسْتَوى يا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيٌْ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ أَسأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ . وسل حاجتك تقضى إن شاء الله تعالى (١) ثم ادع بهذه الصلوات التي روي عن الصادق عليه‌السلام أن من أراد أن يسرَّ محمداً وآل محمد عليهم‌السلام فليقل في صلاته عليهم: اللّهُمَّ يا أجْوَدَ مَنْ أَعْطى وَياخَيْرَ مَنْ سُئِلْ وَيا أرْحَمَ مَنْ اسْتُرْحِمْ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي الأوَّلِينَ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي الآخِرِينَ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي المَلأَ الأعْلى وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي المُرْسَلِينَ، اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ (٢) وَالشَّرَفَ وَالرِّفْعَةَ وَالدَّرَجَةَ الكَبِيرَةَ، اللّهُمَّ إِنِّي آمَنْتُ بِمُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَلَمْ أَرَهُ فَلا تَحْرِمْنِي فِي القِيامَةِ (٣) رُؤْيَتَهُ وَارْزُقْنِي صُحْبَتَهُ وَتَوَفَّنِي عَلى مِلَّتِهِ وَاسْقِنِي مِنْ حَوْضِهِ مَشْرَبا رَوِيّا سائِغا هَنِيئاً لا أَظْمأُ بَعْدَهُ أَبَداً إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللّهُمَّ إِنِّي آمَنْتُ بِمُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَلَمْ أَرَهُ فَعَرِّفْنِي فِي الجِنانِ وَجْهَهُ، اللّهُمَّ بَلِّغْ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله مِنِّي تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلاماً (٤) .

ثم ادعُ بدعاء أُمِّ داود وقد مرّ ذكره في أعمال رجب ثم سبح بهذا التسبيح وثوابه لا يحصى كثرة تركناه اختصاراً وهو:

سُبْحانَ الله قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ وَسُبْحانَ الله بَعْدَ كُلِّ أَحَد وَسُبْحانَ الله مَعَ كُلِّ أَحَدٍ!

_________________

١ - مصباح الكفعمي: ٦٦١ - ٦٦٢.

٢ - والفضيلة: خ.

٣ - في يوم القيامة - خ -.

٤ - مصباح الكفعمي: ٤٢٣ فصل ٣٨.
٣٤٣

وَسُبْحانَ الله، يَبْقى رَبُّنا وَيَفْنى كُلِّ أَحَدٍ وَسُبْحانَ الله تَسْبِيحاً يَفْضُلُ تَسْبِيحَ المُسَبِّحِينَ فَضْلاً كَثِيراً قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ وَسُبْحانَ اللهِ تَسْبِيحاً يَفْضُلُ تَسْبِيحَ المُسَبِّحِينَ فَضْلاً كَثِيراً بَعْدَ كُلِّ أَحَدٍ وَسُبْحانَ الله تَسْبِيحاً يَفْضُلُ تَسْبِيحَ المُسَبِّحِينَ فَضْلاً كَثِيراً مَعَ كُلِّ أَحَدٍ وَسُبْحانَ الله تَسْبِيحاً يَفْضُلُ تَسْبِيحَ المُسَبِّحِينَ فَضْلاً كَثِيراً لِرَبِّنا الباقِي وَيَفْنى كُلُّ أَحَدٍ وَسُبْحانَ الله تَسْبِيحاً لا يُحْصى ولا يُدْرى وَلا يُنْسى وَلا يَبْلى وَلا يَفْنى وَلَيْسَ لَهُ مُنْتَهى وَسُبْحانَ اللهِ تَسْبِيحا يَدُومُ بِدَوامِهِ وَيَبْقى بِبَقائِهِ فِي سِنِيِّ العالَمِينَ وَشُهُورِ الدُّهُورِ وَأَيَّامِ الدُّنْيا وَساعاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَسُبْحانَ الله أَبَدَ الأبَدِ وَمَعَ الأبَدِ لا يُحْصِيهِ العَدَدُ ولا يُفْنِيهِ الأمَدُ وَلا يَقْطَعُهُ الأبَدُ وَتَبارَكَ الله أَحْسَنُ الخالِقِينَ .

ثم قل: الحَمْدُ للهِ قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ وَالحَمْدُ للهِ بَعْدَ كُلِّ أَحَدٍ! الى آخر ما مرّ في التسبيح غير أنّك تقول عوض سبحان الله، الحمدلله، فإذا انتهيت الى أحسن الخالقين، تقول: لا إله إلّا الله قبل كل أحد، إلى آخره تستبدل بسبحان الله، لا إله إلا الله، ثمّ تقول: والله أكبر قبل كلّ أحد إلى آخره تستبدل بسبحان الله، الله اكبر.

ثم تدعو بالدّعاء: اللّهُمَّ مَنْ تَعَبَّأَ وَتَهَيَّاءَ ...، وقد مر في أعمال ليلة الجمعة (١) ثم ادع بما ذكره الشيخ الطوسي في مصباحه وهو من أدعية علي بن الحسين عليه‌السلام : اللّهُمَّ أَنْتَ الله رَبُّ العالَمِينَ (٢) .

أقول: هذا الدعاء يدعى به في الموقف في عرفات وهو دعاء طويل قد أعرضنا عن ذكره. وادع أيضاً في هذا اليوم وأنت خاشع بالدعاء السابع والأَرْبعين من الصحيفة الكاملة وهو يحتوي على جميع مطالب الدنيا والآخرة صلوات الله على منشئها (٣) .

ومن دعوات هذا اليوم المشهورات دعاء سيد الشهداء عليه‌السلام روى بشر وبشير ابنا غالب الأسدي قالا: كنا مع الحسين بن علي عليهما‌السلام عشية عرفة فخرج عليه‌السلام من فسطاطه متذللاً خاشعاً فجعل يمشي هونا هونا حتى وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده ومواليه في ميسرة الجبل

_________________

١ - مصباح الكفعمي: ٦٦٢ - ٦٧١.

٢ - مصباح المتهجّد: ٦٨٩.

٣ - الصحيفة الكاملة السجادية: ٤٠٢ الدعاء ٤٧ أوّله: الحمد لله ربّ العالمين...
٣٤٤

مستقبل البيت ثم رفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين ثم قال:

الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضائِهِ دافِعٌ وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِعٍ وَهُوَ الجَوادُ الواسِعُ، فَطَرَ أَجْناسَ البَدائِعِ وَأَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعِ وَلا تَخْفى عَلَيْهِ الطَلائِعِ وَلا تَضِيعُ عِنْدَهُ الوَدائِعُ (١) جازي كُلِّ صانِعٍ وَرايِشُ (٢) كُلِّ قانِعٍ وَراحِمُ كُلِّ ضارِعٍ مُنْزِلُ (٣) المَنافِعِ وَالكِتابِ الجامِعِ بِالنُّورِ السَّاطِعِ وَهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ وَللْكُرُباتِ دافِعٌ وَلِلْدَّرَجاتِ رافِعٌ وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ؛ فَلا إِلهَ غَيْرُهُ وَلا شَيَْ يَعْدِلُهُ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيٌْ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ وَأَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ مُقِرَّا بِأَنَّكَ رَبِّي وَ (٤) إِلَيْكَ مَرَدِّي. إِبْتَدأتَنِي بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً وَخَلَقْتَنِي مِنَ التُرابِ ثُمَّ اسْكَنْتَنِي الأصْلابَ آمِنا لِرَيْبِ المَنُونِ وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ وَالسِّنِينَ، فَلَم أَزَلْ ظاعِنا مِنْ صُلْبِ إِلى رَحِمٍ فِي تَقادُمٍ مِنْ الأيَّامِ الماضِيَةِ وَالقُرُونِ الخالِيَةِ، لَمْ تُخْرِجْنِي لِرأْفَتِكَ بِي وَلُطْفِكَ لِي (٥) وَإِحْسانِكَ إلى فِي دَوْلَةِ أَئِمَّةِ الكُفْرِ الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، لكِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي (٦) لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الهُدى الَّذِي لَهُ يَسَّرْتَنِي وَفِيهِ أَنْشّأْتَنِي وَمِنْ قَبْلِ ذلِكَ رَؤُفْتَ بِي بِجَمِيلِ صُنْعِكَ وَسَوابِغِ نِعَمِكَ، فَابْتَدَعْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى وَأَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ بَيْنَ لَحْمٍ وَدَمٍ وَجِلْدٍ لَمْ تُشْهِدْنِي خَلْقِي (٧) ، وَلَمْ تَجْعَلْ إلى شَيْئاً مِنْ أَمْرِي ثُمَّ أَخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الهُدى إِلى الدُّنْيا تامّاًَ سَوِيّاً وَحَفَظْتَنِي فِي المَهْدِ طِفْلاً صَبِيّاً، وَرَزَقْتَنِي مِنَ الغِذاءِ لَبَناً مَرِيّاً وَعَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ الحَواضِنِ وَكَفَّلْتَنِي الاُمَّهاتِ الرَّواحِمَ (٨)،

_________________

١ - اتى بالكتاب الجامع، وبشرع الاسلام النور السّاطع، للخليفة صانع وهو المستعان على الفجائع: نسخة.

٢ - أي مصلح أحوال كلّ راضٍ بما قسم له. منه رحمه‌الله .

٣ - منزل: خ.

٤ - وأنّ اليك: نسخة.

٥ - بي: نسخة.

٦ - رأفة منك وتحنّناً عليَّ: نسخة.

٧ - لم تُشّهرني بخلقي - خ -.

٨ - الرّحائم: نسخة.
٣٤٥

وَكَلأتَنِي مِنْ طَوارِقِ الجانِّ وَسَلَّمْتَنِي مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقْصانِ، فَتَعالَيْتَ يا رَحيمُ يا رَحْمنُ حَتَّى إِذا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقا بِالكَلامِ أَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوابِغَ الأنِعْامِ وَرَبَّيْتَنِي زائِداً فِي كُلِّ عامٍ، حَتَّى إِذا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتِي وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتِي (١) أَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ بِأَنْ أَلْهَمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ وَرَوَّعْتَنِي (٢) بِعَجائِبِ حِكْمَتِكَ (٣) ، وَأيْقَظْتَنِي لِما ذَرَأْتَ فِي سَمائِكَ وَأَرْضِكَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِكَ وَنَبَّهْتَنِي لِشُكْرِكَ وَذِكْرِكَ وَأَوْجَبْتَ عَلَيَّ طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ وَفَهَّمْتَنِي ما جاءتْ بِهِ رُسُلُكَ وَيَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ وَمَنَنْتَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذلِكَ بِعَوْنِكَ وَلُطْفِكَ. ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ خَيْرِ (٤) الثَّرى لَمْ تَرْضَ لِي يا إِلهِي نِعْمَةً (٥) دُونَ اُخْرى وَرَزَقْتَنِي مِنْ أَنْواعِ المَعاشِ وَصُنُوفِ الرِّياشِ بِمَنِّكَ العَظِيمِ الأَعْظَمِ عَلَيَّ وَإِحْسانِكَ القَدِيمِ إلى، حَتَّى إِذا اتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ وَصَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ لَمْ يَمْنعْكَ جَهْلِي وَجُرْأَتِي عَلَيْكَ أَنْ دَلَلْتَنِي إِلى (٦) ما يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ وَوَفَّقْتَنِي لِما يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ، فَإِنْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي وَإِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَنِي وَإِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي وَإِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنِي؛ كُلُّ ذلِكَ إِكْمالٌ (٧) لأنْعُمِكَ عَلَيَّ وَإِحْسانِكَ إلى فَسُبْحانَكَ سُبْحانَكَ مِنْ مُبْدِيٍ مُعِيدٍ حَمِيدٍ مَجِيدٍ وَتَقَدَّسَتْ (٨) أَسْماؤُكَ وَعَظُمَتْ آلاؤُكَ. فَأَيُّ نِعَمِكَ يا إِلهِي أحْصِي عَدَداً وَذِكْراً أَمْ أَيُّ عَطاياكَ أَقُومُ بِها شُكْراً؟ وَهِي يا رَبِّ أَكْثَرُ (٩) مِنْ أَنْ يُحْصِيها العادُّونَ أَوْ يَبْلُغَ عِلْما بِها الحافِظُونَ، ثُمَّ ما صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ عَنِّي اللّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرَّاءِ أَكْثَرُ مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنَ العافِيَةِ وَالسَّرَّاءِ، وَأنا (١٠) أَشْهَدُ يا إِلهِي بِحَقِيقَةِ إِيْمانِي وَعَقْدِ عَزَماتِ يَقِينِي وَخالِصِ صَرِيحِ تَوْحِيدِي وَباطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِي وَعَلائِقِ مَجارِي نُورِ

_________________

١ - مرّتي: يعني قوّتي.

٢ - روّعتني: يعني ألهمتني.

٣ - فطرتك - خ -.

٤ - حرّ - خ -.

٥ - بنعمةٍ - خ -.

٦ - دللتني على - خ -.

٧ - إكمالاً: خ.

٨ - تقدّست: خ.

٩ - أكبر - خ -.

١٠ - فأنا - خ -.
٣٤٦

بَصَرِي وَأَسارِيرِ صَفْحَةِ جَبِينِي وَخُرْقٍ مَسارِبِ نَفْسِي (١) وَخَذارِيفِ مارِنِ عِرْنيني وَمَسارِبِ سِماخِ (٢) سَمْعِي وَما ضُمَّتْ وَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتايَ وَحَرَكاتِ لَفْظِ لِسانِي وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمِي وَفَكّي وَمَنابِتِ أَضْراسِي وَمَساغِ مَطْعَمِي وَمَشْرَبِي وَحِمالَةِ اُمِّ رَأْسِي وَبُلوعِ فارِغِ حَبَائِلِ (٣) عُنُقِي وَمااشْتَمَلَ عَلَيْهِ تامُورُ صَدْرِي وَحَمائِلُ حَبْلِ وَتِينِي وَنِياطِ حِجابِ قَلْبِي وَأَفْلاذِ حَواشِي كَبِدِي وَماحَوَتْهُ شَراسِيفُ أضْلاعِي وَحِقاقُ مَفاصِلِي وَقَبْضُ عَوامِلِي وَأَطْرافِ أَنامِلِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعْرِي وَبَشَرِي وَعَصَبِي وَقَصَبِي وَعِظامِي وَمُخِّي وَعُرُوقِي وَجَمِيعِ جَوارِحِي وَماانْتَسَجَ عَلى ذلِكَ أَيّامَ رِضاعِي وَما أَقَلَّتِ الأَرْضُ مِنِّي وَنَوْمِي وَيَقْظَتِي وَسُكُونِي وَحَرَكاتِ رُكُوعِي وَسُجُودِي؛ أَنْ لَوْ حاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدى الأعْصارِ وَالأحْقابِ لَوْ عُمِّرْتُها أَنْ اُؤَدِّي شُكْرَ وَاحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِكَ مااسْتَطَعْتُ ذلِكَ إِلاّ بِمَنِّكَ المُوجَبِ عَلَيَّ بِهِ شُكْرُكَ أَبَداً جَدِيداً وَثَناءً طارِفاً عَتِيداً! أَجَلْ، وَلَوْ حَرَصْتُ أَنا وَالعادُّونَ مِنْ أَنامِكَ أَنْ نُحْصِيَ مَدى إِنْعامِكَ سالِفِهِ وَآنِفِهِ (٤) ما حَصَرْناهُ عَدَداً وَلا أَحْصَيْناهُ أَمَداً. هَيْهاتَ أَنَّى ذلِكَ وَأَنْتَ المُخْبِرُ فِي كِتابِكَ النَّاطِقِ وَالنَّبَأ الصَّادِقِ: ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لا تُحْصُوها ) (٥) صَدَقَ كِتابُكَ اللّهُمَّ وَإِنْباؤُكَ، وَبَلَّغَتْ أَنْبِياؤُكَ وَرُسُلُكَ ما أَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دِينِكَ غَيْرَ أَنِّي يا إِلهِي أَشْهَدُ بِجُهْدِي وَجِدِّي وَمَبْلَغِ طاعَتِي (٦) وَوُسْعِي، وَأَقُولُ مُؤْمِنا مُوقِنا: الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَ مَوْرُوثاً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي مُلْكِهِ فَيُضادَّهُ فِيما ابْتَدَعَ وَلا وَلِيُّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فِيما صَنَعَ، فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ لَوْ كان فِيهما آلِهَةٌ إِلاّ الله لَفَسَدَتا وَتَفَطَّرَتا! سُبْحانَ الله الواحِدِ الأحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ

_________________

١ - نفسي - خ -.

٢ - صماخ: خ.

٣ - بلوغ حبائل بارع: نسخة.

٤ - سالفة وآنفة - خ -.

٥ - النحل: ١٦ / ١٨.

٦ - طاقتي: خ.
٣٤٧

كُفْوا أَحَد، الحَمْدُ للهِ حَمْداً يُعادِلُ حَمْدَ مَلائِكَتِهِ المُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيائِهِ المُرْسَلِينَ وَصَلّى الله عَلى خِيرَتِهِ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ الطَيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ المُخْلِصِينَ وَسَلَّمَ . ثُمَّ اندفع فِي المسألة واجتهد فِي الدّعاء وَقال وَعيناه سالتا دموعاً: اللّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشاكَ كَأَنِّي أَراكَ وَأسْعِدْنِي بِتَقْواكَ وَلاتُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ وَخِرْ لِي فِي قَضائِكَ وَبارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ حَتَّى لا اُحِبَّ تَعْجِيلَ ما أَخَّرْتَ وَلا تَأْخِيرَ ما عَجَّلْتَ، اللّهُمَّ اجْعَلْ غِنايَ فِي نَفْسِي وَاليَّقِينَ فِي قَلْبِي وَالاِخْلاصَ فِي عَمَلِي وَالنُّورَ فِي بَصَرِي وَالبَصِيرَةَ فِي دِينِي وَمَتِّعْنِي بِجَوارِحِي وَاجْعَلْ سَمْعِي وَبَصَرِي الوارِثَيْنِ مِنِّي، وَانْصُرْنِي عَلى مَنْ ظَلَمَنِي وَأَرِنِي فِيهِ ثارِي وَمَآرِبِي وَأَقِرَّ بِذلِكَ عَيْنِي، اللّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتِي وَاسْتُرْ عَوْرَتِي وَاغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَإخْسَاءْ شَيْطانِي وَفُكَّ رِهانِي وَاجْعَلْ لِي يا إِلهِي الدَّرَجَةَ العُلْيا فِي الآخرةِ وَالأوّلى، اللّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي سَميعاً بَصِيراً وَلَكَ الحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي خَلْقا (١) سَوِيّا رَحْمَةً بِي وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّا بِما بَرَأْتَنِي فَعَدَّلْتَ فِطْرَتِي. رَبِّ بِما أَنْشَأْتَنِي فَأَحْسَنْتَ صُورَتِي رَبِّ بِما أَحْسَنْتَ إِلَيَّ (٢) وَفِي نَفْسِي عافَيْتَنِي رَبِّ بِما كَلاْتَنِي وَوَفَّقْتَنِي رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَنِي رَبِّ بِما أَوْلَيْتَنِي وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَعْطَيْتَنِي رَبِّ بِما أَعْطَيْتَنِي وَسَقَيْتَنِي رَبِّ بِما أَغْنَيْتَنِي وَاقْنَيْتَنِي رَبِّ بِما اعَنْتَنِي وَأَعْزَزْتَنِي رَبِّ بِما أَلْبَسْتَنِي مِنْ سِتْرِكَ الصَّافِي وَيَسَّرْتَ لِي مِنْ صُنْعِكَ الكافِي؛ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعِنِّي عَلى بَوائِقِ الدُّهُورِ وَصُرُوفِ اللَّيالِي وَالأيَّامِ وَنَجِّنِي مِنْ أَهْوالِ الدُّنْيا وَكُرُباتِ الآخرةِ وَاكْفِنِي شَرَّ مايَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِي الأَرْضِ، اللّهُمَّ ما أَخافُ فَاكْفِنِي وَما أَحْذَرُ فَقِنِي وَفِي نَفْسِي وَدِينِي فَاحْرُسْنِي وَفِي سَفَرِي فَاحْفَظْنِي وَفِي أَهْلِي وَمالِي فَاخْلُفْنِي وَفِيما رَزَقْتَنِي فَبارِكْ لِي وَفِي

_________________

١ - حيّاً - خ -.

٢ - بي - خ -.
٣٤٨

نَفْسِي فَذَلِّلْنِي وَفِي أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْنِي وَمِنْ شَرِّ الجِنِّ وَالاِنْسِ فَسَلِّمْنِي وَبِذُنُوبِي فَلا تَفْضَحْنِي وَبِسَرِيرَتِي فَلا تُخْزِنِّي وَبِعَمَلِي فَلا تَبْتَلِنِي وَنِعَمَكَ فَلا تَسْلُبْنِي وَإِلى غَيْرِكَ فَلا تَكِلْنِي إِلهِي إِلى مَنْ تَكِلُنِي إِلى قَرِيبٍ فَيَقْطَعُنِي أَمْ إِلى بَعِيدٍ فَيَتَجَهَّمُنِي أَمْ إِلى المُسْتَضْعِفِينَ لِي وَأَنْتَ رَبِّي وَمَلِيكُ أَمْرِي؟ أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتِي وَبُعْدَ دارِي وَهَوانِي عَلى مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي، إِلهِي فَلا تُحْلِلْ عَلَيَّ غَضَبَك فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلا أُبالِي سُبْحانَكَ غَيْرَ أَنَّ عافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي، فَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الأَرْضُ وَالسَّماواتُ وَكُشِفَتْ (١) بِهِ الظُّلُماتُ وَصَلُحَ بِهِ أَمْرُ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ أَنْ لاتُمِيتَنِي عَلى غَضَبِكَ وَلاتُنْزِلْ بِي سَخَطَكَ لَكَ العُتْبى لَكَ العُتْبى حَتَّى تَرْضى قَبْلَ ذلِكَ. لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ رَبَّ البَلَدِ الحَرامِ وَالمَشْعَرِ الحَرامِ وَالبَيْتِ العَتِيقِ الَّذِي أَحْلَلْتَهُ البَرَكَةَ وَجَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ أَمْنا، يا مَنْ عَفا عَنْ عَظِيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ يا مَنْ أَسْبَغَ النَّعَماءِ بِفَضْلِهِ يا مَنْ أَعْطى الجَزِيلَ بِكَرَمِهِ يا عُدَّتِي فِي شِدَّتِي يا صاحِبِي فِي وَحْدَتِي يا غِياثِي فِي كُرْبَتِي يا وَلِيِّي فِي نِعْمَتِي يا إِلهِي وَإِلهَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَرَبَّ جَبْرئِيلَ وَمِيكائِيلَ (٢) وَإِسْرافِيلَ وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ المُنْتَجَبِينَ وَمُنْزِلَ (٣) التَّوْراةِ وَالإنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالفُرْقانِ وَمُنَزِّلَ كهيَّعَصَّ وَطهَ وَيَّس وَالقُرْآنَ الحَكِيم، أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي المَذاهِبُ فِي سَعَتِها وَتَضِيقُ بِيَ الأَرْضُ بِرُحْبِها (٤) وَلَوْلا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الهالِكِينَ، وَأَنْتَ مُقِيلُ عَثْرَتِي وَلَوْلا سَتْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنْ المَفْضُوحِينَ وَأَنْتَ مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ عَلى أَعْدائِي وَلْولا نَصْرُكَ إِيَّايَ (٥) لَكُنْتُ مِنَ المَغْلُوبِينَ. يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ فَأَوْلِياؤُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ يا مَنْ

_________________

١ - وانكشفت - خ -.

٢ - وميكال - خ -.

٣ - منزل - خ -.

٤ - بما رحبت - خ -.

٥ - لي - خ -.
٣٤٩

جَعَلَتْ لَهُ المُلُوكُ نَيْرَ المَذَلَّةِ عَلى أَعْناقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خائِفُونَ يَعْلَمُ خائِنَةَ الأعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورِ وَغَيْبَ ما تَأْتِي بِهِ الأزْمِنَةُ وَالدُّهُورِ يا مَنْ لا يَعْلَمُ كَيْف هُوَ إِلاّ هُوَ يا مَنْ لا يَعْلَمُ ماهُوَ إِلاّ هُوَ يا مَنْ لا يَعْلَمُهُ إِلاّ هُوَ (١) يا مَنْ كَبَسَ الأَرْضَ عَلى الماءِ وَسَدَّ الهَواءَ بِالسَّماء يا مَنْ لَهُ أَكْرَمُ الأسَّماء، يا ذا المَعْرُوفِ الَّذِي لا يَنْقَطِعُ أَبَداً يا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي البَلَدِ القَفْرِ وَمُخْرِجَهُ مِنْ الجُبِّ وَجاعِلَهُ بَعْدَ العُبُودِيَّةِ مَلِكا يا رادَّهُ عَلى يَعْقُوبَ بَعْدَ أَنْ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الحُزْنُ فَهُوَ كَظِيمٌ، يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالبَلْوى عَنْ أَيُّوبَ وَمُمْسِكَ (٢) يَدَيْ إِبْراهِيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وَفَناءِ عُمُرِهِ، يا مَنِ اسْتَجابَ لِزَكَرِيَّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيى وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحِيداً، يا مَنْ أَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الحُوتِ يا مَنْ فَلَقَ البَحْرَ لِبَنِي إِسْرائِيلَ فَأَنْجاهُمْ وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ المُغْرَقِينَ يا مَنْ أَرْسَلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ يا مَنْ لَمْ يَعْجَلْ عَلى مِنْ عَصاهُ مِنْ خَلْقِهِ يا مَنْ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الجُحُودِ وَقَدْ غَدَوا فِي نِعْمَتِهِ يَأْكُلُونَ رِزْقَهُ وَيَعْبُدُونَ غَيْرَهُ وَقَدْ حادُّوهُ وَنادُّوهُ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ. يا الله يا الله يا بَدِيءُ يا بَدِيعُ لانِدَّ لك (٣) يا دائِماً لانَفادَ لَكَ يا حَيّاً حِينَ لاحَيَّ يا مُحْيِيَ المَوْتى يا مَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ، يا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْنِي وَعَظُمَتْ خَطِيئَتِي فَلَمْ يَفْضَحْنِي وَرَآنِي عَلى المَعاصِي فَلَمْ يَشْهرْنِي (٤) يا مَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي يا مَنْ رَزَقَنِي فِي كِبَرِي يا مَنْ أَيادِيهِ عِنْدِي لاتُحْصى وَنِعَمُهُ لاتُجازى يا مَنْ عارَضَنِي بِالخَيْرِ وَالإحْسانِ وَعارَضْتُهُ بِالاِسائَةِ وَالعِصْيانِ يا مَنْ هَدانِي لِلاِيمانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الاِمْتِنانِ، يا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفانِي وَعُرْياناً فَكَسانِي وَجائِعاً فَأَشْبَعَنِي وَعَطْشاناً فَأَرْوانِي

_________________

١ - يا من لا يعلم ما يعلمه إلّا هو: نسخة.

٢ - ويا ممسك - خ -.

٣ - يا بديع لا بدء لك - خ -.

٤ - يخذلني - خ -.
٣٥٠

وَذَلِيلاً فَأَعَزَّنِي وَجاهِلاً فَعَرَّفَنِي وَوَحِيداً فَكَثَّرَنِي وَغايِباً فَرَدَّنِي وَمُقِلاً فَأَغْنانِي وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي وَأَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذلِكَ فَابْتَدَأَنِي؛ فَلَكَ الحَمْدُ وَالشُّكْرُ يا مَنْ أَقالَ عَثْرَتِي وَنَفَّسَ كُرْبَتِي وَأَجابَ دَعْوَتِي وَسَتَرَ عَوْرَتِي وَغَفَرَ ذُنُوبِي وَبَلَّغَنِي طَلَبِي وَنَصَرَنِي عَلى عَدُوِّي وَإِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرائِمِ مِنَحِكَ لااُحْصِيها، يا مَوْلايَ أَنْتَ الَّذِي مَنَنْتَ أَنْتَ الّذِي أَنْعَمْتَ أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَجْمَلْتَ أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ أَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ أَنْتَ الَّذِي وَفَّقْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ أَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ أَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعْزَزْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ أَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ أَنْتَ الَّذِي عافَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَكْرَمْتَ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ فَلَكَ الحَمْدُ دائِماً وَلَكَ الشُّكْرُ وَاصِباً أَبَداً، ثُمَّ أَنا يا إِلهِي المُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي. أَنا الَّذِي أَسَأْتُ أَنا الَّذِي أَخْطَأْتُ أَنا الَّذِي هَمَمْتُ أَنا الَّذِي جَهِلْتُ أَنا الَّذِي غَفَلْتُ أَنا الَّذِي سَهَوْتُ أَنا الَّذِي أَعْتَمَدْتُ أَنا لَّذِي تَعَمَّدْتُ أَنا الَّذِي وَعَدْتُ أَنا الَّذِي أَخْلَفْتُ أَنا الَّذِي نَكَثْتُ أَنا الَّذِي أَقْرَرْتُ أَنا الِّذِي اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَعِنْدِي، وَأَبُوُء بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي يا مَنْ لاتَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبادِهِ وَهُوَ الغَنِيُّ عَنْ طاعَتِهِمْ وَالمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صالِحا مِنْهُمْ بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِهِ. فَلَكَ الحَمْدُ إِلهِي وَسَيِّدِي أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ وَنَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ فَأَصْبَحْتُ لا ذا بَرائةٍ لِي (١) فَأَعْتَذِرُ وَلا ذا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَنْتَصِرُ فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَسْتَقْبِلُكَ (٢) يا مَوْلايَ أَبِسَمْعِي أَمْ بِبَصَرِي أَمْ بِلِسانِي أَمْ بِيَدِي أَمْ بِرِجْلِي؟

_________________

١ - لي: خ.

٢ - أستقيلك - خ -.

ليقرأن الزيارة فيلفتن الخواطر ويصدُّن القائمين بالعبادة في تلك البقعة الشريفة من المصلين والمتضرعين والباكين عن عباداتهم فيكنَّ بذلك من الصادات عن سبيل الله إلى غير ذلك من التبعات وأمثال هذه الزيارات ينبغي حقاً أن تعد من منكرات الشرع لا من العبادات وتحصى من الموبقات لا القربات .

وقد روي عن الصادق عليه‌السلام أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال لأهل العراق: يا أهل العراق نبئت أن نساءكم يوافين الرجال في الطريق أما يستحيون؟ وقال: لعن الله من لا يغار (١) .

وفي الفقيه روى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال: سمعته يقول: يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة وهو شر الأزمنة نسوة كاشفات عاريات متبرجات من الدين خارجات، داخلات في الفتن مائلات إلى الشهوات مسرعات إلى اللذات مستحلاتٍ للمحرمات في جهنم خالدات (٢) .

الثامن والعشرون: ينبغي عند ازدحام الزائرين للسابقين إلى الضريح أن يخففوا زياراتهم وينصرفوا ليفوز غيرهم بالدنوِّ من الضريح الطاهر كما كانوا هم من الفائزين. أقول: لزيارة الحسين صلوات الله عليه آداب خاصة سنذكرها في مقام ذكر زيارته عليه‌السلام .

الفصل الثاني

في ذكر الاستئذان للدخول في كل من الروضات الشريفة

وهنا نثبت استئذانين: الأول: قال الكفعمي: إذا أردت دخول مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو أحد المشاهد الشريفة لاحد الأئمة عليهم‌السلام فقل:

اللّهُمَّ إِنِّي وَقَفْتُ عَلى بابٍ مِنْ أَبْوابِ بُيُوتِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَقَدْ مَنَعْتَ النَّاسَ أَنْ يَدْخُلُوا إِلاّ بِإِذْنِهِ فَقُلْتَ: ( يا أيُّهاالَّذِينَ آمَنُوا لاتَدْخُلُوا بُيُوتَ النَبِيِّ إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (٣) ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعْتَقِدُ حُرْمَةَ صاحِبِ هذا المَشْهَدِ الشَّرِيفِ فِي غَيْبَتِهِ كَما أَعْتَقِدُها فِي حَضْرَتِهِ، وَأَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَكَ وَخُلَفائَكَ عليهم‌السلام أَحْياءٌ عِنْدَكَ يُرْزَقُونَ يَرَوْنَ

_________________

١ - المحاسن للبرقي ١ / ٢٠٤ ح ٣٥٦.

٢ - من لا يحضره الفقيه ٣ / ٣٩٠ ح ٤٣٧٤.

٣ - الأحزاب: ٣٣ / ٥٣.
٤٠١

مَقامِي وَيَسْمَعُونَ كَلامِي وَيَرُدُّونَ سَلامِي، وَأَنَّكَ حَجَبْتَ عَنْ سَمْعِي كَلامَهُمْ وَفَتَحْتَ بابَ فَهْمِي بِلَذِيذِ مُناجاتِهِمْ وَإِنِّي أَسْتأْذِنُكَ يا رَبِّ أَوَّلاً وَأَسْتَأْذِنُ رَسُولِكَ صلى‌الله‌عليه‌وآله ثانِياً وَأَسْتَأْذِنُ خَلِيفَتَكَ الإمام المُفْرُوضَ (١) عَلَيَّ طاعَتُهُ فُلانَ بْنِ فُلانٍ، واذكر اسم الإمام الذي تزوره واسم أبيه . فقل في زيارة الحسين عليه‌السلام مثلاً: الحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليه‌السلام . وفي زيارة الإمام الرضا عليه‌السلام : عَلِيّ بْنَ مُوسى الرِّضا عليه‌السلام وهكذا . ثم قل: وَالمَلائِكَةَ المُوَكَّلِينَ بِهِذِهِ البُقْعَةِ المُبارَكَةِ ثالِثاً أَأَدْخُلُ يا رَسُولَ الله أَأَدْخُلُ يا حُجَّةَ الله أَأَدْخُلُ يا مَلائِكَةَ الله المُقَرَّبِينَ المُقَيمِينَ فِي هذا المَشْهَدِ فَأْذَنْ لِي يا مَوْلايَ فِي الدُّخُولِ أَفْضَلَ ما أَذِنْتَ لاحَدٍ مِنْ أَوْلِيائِكَ، فَإِنْ لَمْ أَكُنْ أَهْلاً لِذلِكَ فَأَنْتَ أَهْلٌ لِذلِكَ (٢) .

ثم قبل العتبة الشريفة وادخل وقل: بِسْمِ الله وَبالله وَفِي سَبِيلِ الله وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣) .

الثاني: الاستئذان الذي رواه المجلسي قدّس الله سرّه عن نسخة قديمة من مؤلفات الأصحاب للدخول في السرداب المقدس وفي البقاع المنورة للأئمة عليهم‌السلام وهو هذا تقول:

اللّهُمَّ إِنَّ هذِهِ بُقْعَهٌ طَهَّرْتَها وَعَقْوَةٌ شَرَّفْتَها وَمَعالِمٌ زَكَّيْتَها حَيْثُ أَظْهَرْتَ فيها أَدِلَّةَ التَّوْحِيدِ وَأَشْباحَ العَرْشِ المَجِيدِ، الَّذِينَ اصْطَفَيْتَهُمْ مُلُوكا لِحِفْظِ النِّظامِ وَاخْتَرْتَهُمْ رُؤساءَ لِجَمِيعِ الأنامِ وَبَعَثْتَهُمْ لِقيامِ القِسْطِ فِي ابْتِداءِ الوُجُودِ إِلى يَوْمِ القِّيامَة، ثُمَّ مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ بِاسْتِنابَةِ أَنْبِيائِكَ لِحِفْظِ شَرائِعِكَ وَأَحْكامِكَ فَأَكْمَلْتَ بِاسْتِخْلافِهِمْ رِسالَةَ المُنْذِرِينَ كَما

_________________

١ - المفترض - خ -.

٢ - أهلٌ له - خ -.

٣ - البلد الامين: ٢٧٦.
٤٠٢

أوْجْبْتَ رِئاسَتَهُمْ فِي فِطَرِ المُكَلَّفِينَ، فَسُبْحانَكَ مِنْ إِلهٍ ما أَرْأَفَكَ وَلا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ مِنْ مَلِكٍ ما أَعْدَلَكَ حَيْثُ طابَقَ صُنْعُكَ ما فَطَرْتَ عَلَيْهِ العُقُولَ وَوافَقَ حُكْمُكَ ما قَرَّرْتَهُ فِي المَعْقُولِ وَالمَنْقُولِ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلى تَقْدِيرِكَ الحَسَنِ الجَمِيلِ وَلَكَ الشُّكْرُ عَلى قَضائِكَ المُعَلَّلِ بِأَكْمَلِ التَّعْلِيلِ . فَسُبْحانَ مَنْ لايُسْأَلْ عَنْ فِعْلِهِ وَلايُنازَعُ فِي أَمْرِهِ وَسُبْحانَ مَنْ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ قَبْلَ ابْتِداءِ خَلْقِهِ، وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنا بِحُكّامٍ يَقُومُونَ مَقامَهُ لَو كانَ حاضِراً في المَكانِ، وَلا إِلهَ إِلاّ الله الَّذِي شَرَّفَنا بِأَوْصِياء يَحْفَظُونَ الشَّرائِعَ فِي كُلِّ الاَزْمانِ، وَالله أَكْبَرُ الَّذِي أَظْهَرَهُمْ لَنا بِمُعْجِزاتٍ يَعْجُزُ عَنْها الثَّقَلانِ . لاحَوْلَ وَلاقُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ الَّذِي آجَرَنا عَلى عَوائِدِهِ الجَمِيلَة فِي الاُمَمِ السَّالِفِينَ، اللّهُمَّ فَلَكَ الحَمْدُ وَالثَّناءُ العَلِيُّ كَما وَجَبَ لِوَجْهِكَ البَقاءُ السَّرْمَدِيُّ وَكَما جَعَلْتَ نَبِيَّنا خَيْرَ النَّبِيِّينَ وَمُلُوكَنا أَفْضَلَ المَخْلُوقِينَ وَاخْتَرْتَهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلى العالَمِينَ؛ وَفِّقْنا لِلْسَّعِي إِلى أَبْوابِهِمْ العامِرَةِ إِلى يَوْمِ الدِّينِ وَاجْعَلْ أَرْواحَنا تَحِنُّ إِلى مَوْطِيِ أَقْدامِهِمْ وَنُفُوسَنا تَهْوِي النَّظَرَ إِلى مَجالِسِهِمْ وَعَرَصاتِهِمْ حَتّى كَأنَّنا نُخاطِبُهُمْ فِي حُضُورِ أَشْخاصِهِمْ، فَصَلّى الله عَلَيْهِمْ مِنْ سادَةٍ غائِبِينَ وَمِنْ سُلالَةٍ طاهِرِينَ وَمِنْ أَئِمَّةٍ مَعْصُومِينَ . اللّهُمَّ فَأْذَنْ لَنا بِدُخُولِ هذِهِ العَرَصاتِ الَّتِي اسْتَعْبَدْتَ بِزِيارَتِها أَهْلَ الأَرضِينَ وَالسَّماواتِ، وَأَرْسِلْ دُمُوعَنا بِخُشُوعِ المَهابَةِ وَذَلِّلْ جَوارِحَنا بِذُلِّ العُبُودِيَّةِ وَفَرْضِ الطَّاعَةِ حَتّى نُقِرَّ بِمايَجِبُ لَهُمْ مِنَ الاَوْصافِ وَنَعْتَرِفَ بِأَنَّهُمْ شُفَعاءُ الخَلائِقِ إِذا نُصِبَتْ المَوازِينُ فِي يَوْمِ الاَعْرافِ، وَالحَمْدُ للهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ . ثم قبل العتبة وادخل وأنت خاشع باكٍ فذلك إذن منهم صَلوات الله عَلَيْهم أجمَعين (١) .

_________________

١ - بحار الانوار ١٠٢ / ١١٥.
٤٠٣

الفصل الثالث

في زيارة النبي والزهراء عليها‌السلام

والأئمة بالبقيع (صَلوات الله عَلَيْهم أجمَعين) في المدينة الطيبة

إعلم أنّه يستحب استحباباً أكيداً لكافة الناس ولاسيّما للحجاج أن يتشرفوا بزيارة الروضة الطاهرة والعتبة المنورة لمفخرة الدهر مولانا سيد المرسلين محمد بن عبد الله صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ، وترك زيارته جفاءٌ في حقه يوم القيامة. وقال الشهيد (رض): فإن ترك الناس زيارته فعلى الإمام ان يجبرهم عليها فإن ترك زيارته جفاء محرم (١) .

روى الصدوق عن الصادق عليه‌السلام : إذا حجّ أحدكم فليختم حجه بزيارتنا لان ذلك من تمام الحج (٢) .

وروي أيضاً عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال: أتموا بزيارة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حجّكم، فإن تركه بعد الحج جفاء. وبذلك أمرتم بالقبور التي ألزمكم الله عزَّ وجلَّ حقّها وزيارتها واطلبوا الرزق عندها (٣) .

وروي أيضاً عن أبي الصلت الهروي قال: قلت للرضا عليه‌السلام : يا بن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث أن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة ويعني الراوي بسؤاله ان الرواية ان صحت فما معناها وهي بظاهرها تحتوي على ما لا يستقيم مع الاعتقاد الحق. فأجابه عليه‌السلام فقال: يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله على جميع خلقه من النبيين والملائكة، وجعل طاعته طاعته ومبايعته مبايعته وزيارته زيارته فقال الله عزَّ وجلَّ: ( مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهِ ) (٤) ، وقال: ( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) (٥) .

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من زارني في حياتي أو بعد مماتي فقد زار الله تعالى... الخ (٦) .

وروى الحميري في (قرب الإسناد) عن الصادق عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من زارني حياً

_________________

١ - الدروس ٢ / ٥.

٢ - عيون الاخبار ٢ / ٢٩٢ باب ٦٦ ح ٢٨ وباب ٢٢١ ح ١.

٣ - الخصال للصدوق ٢ / ٦١٦ باب ٤٠٠ ح ١٠.

٤ - النساء: ٤ / ٨٠.

٥ - الفتح: ٤٨ / ١٠.

٦ - أمالي الصدوق: المجلس ٧٠ ح ٧.
٤٠٤

وميتاً كنت له شفيعاً يوم القيامة (١) .

وفي الحديث: إنه شهد الصادق عليه‌السلام عيداً بالمدينة فانصرف فدخل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسلم عليه ثم قال لمن حضره أمّا لقد فضلنا على أهل البلدان كلهم مكة فمن دونها لسلامنا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

وروى الطوسي (رض) في (التهذيب) عن يزيد بن عبد الملك عن أبيه عن جده أنه قال: دخلت على فاطمة سلام الله عليها فبدأتني بالسلام ثم قالت: ما غداً بك؟ قلت: طلب البركة. قالت: أخبرني أبي وهو ذا هو، أنه من سلم عليه وعليّ ثلاثة أيّام أوجب الله له الجنة. قلت لها: في حياته وحياتك؟ قالت: نعم وبعد موتنا (٣) . قال العلامة المجلسي (رض): روي في حديث معتبر عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من زار الحسن عليه‌السلام بالبقيع ثبت قدمه على الصراط يوم تزول فيه الاقدام (٤) .

وفي (المقنعة) عن الصادق عليه‌السلام من زارني غُفرت له ذنوبه ولم يمت فقيراً (٥) .

وروى الطوسي في (التهذيب) عن الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام قال: من زار جعفر الصادق وأباه لم يشك عينه ولم يصبه سقم ولم يمت مبتلىً (٦) .

وروى ابن قولويه في الكامل في حديث طويل عن هشام بن سالم عن الصادق عليه‌السلام أنه أتاه رجل فقال هل يزار والدك فقال: نعم. قال: فما لمن زاره؟ قال: الجنة إن كان يأتم به. قال: فما لمن تركه رغبة عنه قال: الحسرة يوم الحسرة... الخ (٧) ، والأحاديث في ذلك كثيرة حسبنا منها ما ذكرناه.

وأما كيفية زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فهي كما يلي: إذا وردت إن شاء الله تعالى مدينة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فاغتسل للزيارة فإذا أردت دخول مسجده صلى‌الله‌عليه‌وآله فقف على الباب واستأذن بالإستئذان الأول مما ذكرناه وادخل من باب جبرائيل عليه‌السلام وقدم رجلك اليمنى عند الدخول ثم قل: الله أَكْبَرُ مائة مرة، ثم صل ركعتين تحية المسجد ثم إمض إلى الحجرة الشريفة. فإذا بلغتها فاستلمها بيدك وقبّلها وقل:

_________________

١ - قرب الاسناد للحميري: ٦٥، ح ٢٠٥.

٢ - كامل الزيارات: ٥٤٧ رقم ٨٣٨ ب ١٠٨ ح ١٠.

٣ - التهذيب ٦ / ٩ باب ٣ ح ١١.

٤ - البحار ٢٨ / ٣٩ باب ٢ ح ١ عن أمالي الصدوق في المجلس ٢٤ ذيل ح ٢.

٥ - المقنعة: ٤٧٤، باب ٢٠.

٦ - تهذيب الاحكام ٦ / ٧٨ باب ٢٦ ح ٢.

٧ - الكامل: ٢٣٩، باب ٤٤، ح ٢ مع اضافات.
٤٠٥

السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبِيَّ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا خاتَمَ النَّبِيِّينَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ الرِّسالَةَ وَأَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ وَأَمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ وَعَبَدْتَ الله مُخْلِصاً حَتّى أَتاكَ اليَّقِينُ فَصَلَواتُ الله عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّاهِرِينَ (١) .

ثُمَّ قف عند الأسطوانة المقدّمة مِنْ جانب القبر الأيمن مستقبل ومنكبك الأيسر إِلى جانب القبر ومنكبك الأيمن مما يلي المنبر فإنه موضع رأس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وَقل:

أَشْهَدُ أَنْ لا إِله‌َإِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ (٢) أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الله وَأَنَّكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسالاتِ رَبِّكَ وَنَصَحْتَ لاِ مَّتِكَ وَجاهَدْتَ فِي سَبِيلِ الله وَعَبَدْتَ الله حَتّى أَتاكَ اليَقِينُ (٣) بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَأَدَّيْتَ الَّذِي عَلَيْكَ مِنَ الحَقِّ، وَأَنَّكَ قَدْ رَؤُفْتَ بِالمُؤْمِنِينَ وَغَلُظْتَ عَلى الكافِرِينَ فَبَلَّغَ الله بِكَ أَفْضَلَ شَرَفِ مَحَلِّ المُكَرَّمِينَ. الحَمْدُ للهِ الَّذِي اسْتَنْقَذَنا بِكَ مِنَ الشِّرْكِ وَالضَّلالَةِ، اللّهُمَّ فَاجْعَلْ صَلَواتِكَ وَصَلَواتِ مَلائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيائِكَ المُرْسَلِينَ وَعِبادِكَ الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ السَّماواتِ وَالأَرضِينَ وَمَنْ سَبَّحَ لَكَ يا رَبَّ العالَمِينَ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ وَأَمِينِكَ وَنَجِيِّكَ وَحَبِيبِكَ وَصَفِيِّكَ وَخاصَّتِكَ وَصَفْوَتِكَ وَخِيرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، اللّهُمَّ أعْطِهِ الدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ وَآتِهِ الوَسِيلَةَ مِنَ الجَنَّةِ وَابْعَثْهُ مَقاما مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الأوَّلُونَ وَالآخِرُونَ، اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ: ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا الله وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا الله تَوَّاباً رَحِيماً ) (٤) ؛ وَإِنِّي أَتَيْتُكَ مُسْتَغْفِراً تائِباً مِنْ ذُنُوبِي وَإِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلى الله

_________________

١ - مصباح الزائر لابن طاووس: ٤٥، الفصل ٣.

٢ - في المصدر وخ: وأنّ محمّداً.

٣ - في المقنعة: وعبدت الله مخلصاً حتّى أتاك اليقين ودعوت الى سبيل ربّك بالحكمة.

٤ - النساء: ٤ / ٦٤.
٤٠٦

ربي وربّك لِيَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي . فإن كانت لك حاجة فاجعل القبر الطاهر خلف كتفيك واستقبل القبلة وارفع يدك وسل حاجتك فإنه أحرى أن تقضى إن شاء الله تعالى (١) .

وروى ابن قولويه بسند معتبر عن محمد بن مسعود قال: رأيت الصادق عليه‌السلام انتهى إلى قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فوضع يده عليه وقال: أَسْأَلُ الله الَّذِي اجْتَباكَ واخْتارَكَ وَهَداكَ وَهَدى بِكَ أَنْ يُصَلِّي عَلَيْكَ ، ثم قال: ( إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَبِيِّ يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلّمُوا تَسْلِيماً ) (٢) (٣) .

وقال الشيخ في (المصباح) فإذا فرغت من الدعاء عند القبر فأتِ المنبر وامسحه بيدك وخذ برمانتيه وهما السفلاوان وامسح وجهك وعينيك به فإن فيه شفاء للعين، وقم عنده واحمد الله واثن عليه وسل حاجتك فإنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على ترعة من ترع (٤) الجنة. ثم تأتي مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فتصلي فيه ما بداً لك وأكثر الصلاة في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن الصلاة فيه بألف صلاة، وإذا دخلت المسجد أو خرجت منه فصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصل في بيت فاطمة عليها‌السلام وأتِ مقام جبرائيل عليه‌السلام وهو تحت الميزاب فإنّه كان مقامه إذا استأذن على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وقل: أَسْأَلُكَ أَيْ جَوادُ أَيْ كَرِيمُ أَيْ قَرِيبُ أَيْ بَعِيدُ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ نِعْمَتَكَ (٥) .

ثم زر فاطمة عليها‌السلام من عند الروضة: واختلف في موضع قبرها فقال قوم هي مدفونة في الروضة أي ما بين القبر والمنبر، وقال آخرون في بيتها، وقالت فرقة ثالثة: إنها مدفونة بالبقيع. والذي عليه أكثر أصحابنا أنها تزار من عند الروضة ومن زارها في هذه الثلاثة مواضع كان أفضل. وإذا وقفت عليها للزيارة فقل:

يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ الله الَّذِي خَلَقَكِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَكِ فَوَجَدَكِ لِما امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا أَنَّا لَكِ أَوْلِياء وَمُصَدِّقُونَ (٦) وَصابِرونَ لِكُلِّ ما أَتى بِهِ أَبُوكِ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَأَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَإِنَّا نَسْأَلَكِ إِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إِلاّ أَلْحَقْتِنا بِتَصْدِيقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ

_________________

١ - مصباح المتهجّد: ٧٠٩، ومن لا يحضره الفقيه ٢ / ٥٦٦.

٢ - الاحزاب: ٣٣ / ٥٦.

٣ - كامل الزيارات: ٥٣، باب ٣، ح ٤.

٤ - أي باب من أبواب.

٥ - مصباح المتهجّد: ٧١٠.

٦ - مصدّقون: خ.

٧ - وأتانا - خ -.
٤٠٧

أَنْفُسَنا بِأَنَّا قَدْ طَهُرْنا بِوِلايَتِكِ . وَيستحب أيضاً ان تقول:

السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ رَسُولِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ نَبِيِّ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ حَبِيبِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَلِيلِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ صَفِيِّ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ أَمِينِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَيْرِ خَلْقِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ أَفْضَلِ أَنْبِياءِ الله وَرُسُلِهِ وَمَلائِكَتِهِ السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَيْرِ البَرِيَّةِ السَّلامُ عَلَيْكِ يا سَيِّدَةَ نِساءِ العالَمِينَ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا زَوْجَةَ وَلِيِّ الله وَخَيْرِ الخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا أمَّ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الجَنَّةِ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها الصِّدِّيقَةُ الشَّهِيدَةُ السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها الرَّضِيَّةُ المَرْضِيَّةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها الفاضِلَةُ الزَّكِيَّةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها الحَوْراءُ الاِنْسِيَّةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها المُحَدَّثَةُ العَلِيمَةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها المَظْلُومَةُ المَغْصُوبَةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها المُضْطَهَدَةُ المَقْهُورَةُ السَّلامُ عَلَيْكَ يا فاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ الله وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. صَلَّى الله عَلَيْكِ وَعَلى رُوحِكِ وَبَدَنِكِ أَشْهَدُ أَنَّكِ مَضَيْتِ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكِ وَأَنَّ مَنْ سَرَّكِ فَقَدْ سَرَّ رَسُولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وَمَنْ جَفاكِ فَقَدْ جَفا رَسُولَ اللهِ، وَمَنْ آذاكِ فَقَدْ آذى رَسُولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وَمَنْ وَصَلَكِ فَقَدْ وَصَلَ رَسُولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) وَمَنْ قَطَعَكِ فَقَدْ قَطَعَ رَسُولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لاَنَّكِ بِضْعَةٌ مِنْهُ وَرُوحُهُ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ (٢) ، أُشْهِدُ الله وَرُسُلَهُ وَمَلائِكَتَهُ أَنِّي راضٍ عَمَّنْ رَضِيتِ عَنْهُ ساخِطٌ عَلى مَنْ سَخَطْتِ عَلَيْهِ مُتَبَرِّيٌ مِمَّنْ تَبَرَّئْتِ مِنْهُ مُوالٍ لِمَنْ وَالَيْتِ مُعادٍ لِمَنْ عادَيْتِ مُبْغِضٌ لِمَنْ أَبْغَضْتِ مُحِبُّ لِمَنْ أَحْبَبْتِ وَكَفى بِالله شَهِيداً وَحَسِيباً وَجازِياً وَمُثِيباً . ثم تصلي على النبيّ والأئمة الأطهار عليهم‌السلام (٣) .

_________________

١ - قوله: «ومن أذاک» الى هنا في نسخة من المصدر.

٢ - بين جنبيه كما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : نسخة.

٣ - مصباح المتهجّد: ٧١١.
٤٠٨

أقول: قد ذكرنا في اليوم الثالث من شهر جمادى الآخِرة زيارة أخرى لها صَلَواتُ الله عَلَيها ص ٣٨٥.

وقد أورد العلماء لها صَلَواتُ الله عَلَيها زيارة مبسوطة تتفق في ألفاظها مع هذه الزيارة التي نقلناها عن الشيخ من أوّلها وهي:

السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ - إلى - أُشْهِدُ الله وَرُسُلَهُ وَمَلائِكَتَهُ ، وتختلف عنها هنا فتكون: أُشْهِدُ الله وَمَلائِكَتَهُ أَنِّي وَلِيُّ لِمَنْ وَالاكِ وَعَدُوُّ لِمَنْ عاداكِ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكِ، أَنا يا مَوْلاتِي بِكِ وَبِأَبِيكِ وَبَعْلِكِ وَالأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكِ مُوقِنٌ وَبِوِلايَتِهِمْ مُؤْمِنٌ وَلِطاعَتِهِمْ مُلْتَزِمٌ. أَشْهَدُ أَنَّ الدِّينَ دِينُهُمْ وَالحُكْمَ حُكْمُهُمْ وَهُمْ قَدْ بَلَّغُوا عَنِ الله عَزَّوَجَلَّ وَدَعَوا إِلى سَبِيلِ الله بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، لاتَأْخُذُهُمْ فِي الله لَوْمَةَ لائِمٍ، وَصَلَواتُ الله عَلَيْكِ وَعَلى أَبِيكِ وَبَعْلِكِ وَذُرِّيَّتِكِ الأَئِمَّةِ الطَّاهِرينَ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَصَلِّ عَلى البَتُولِ الطَّاهِرَةِ الصِّدِّيقَةِ المَعْصُومَةِ التَّقِيَّةِ النَّقِيَّةِ الرَّضِيَّةِ الزَّكِيَّةِ الرَّشِيدَةِ المَظْلُومَةِ المَقْهُورَةِ المَغْصُوبَةِ حَقُّها المَمْنُوعَةِ إِرْثُها المَكْسُورَةِ ضِلْعُها (١) المَظْلُومِ بَعْلُها المَقْتُولِ وَلَدُها، فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِكَ وَبَضْعَةِ لَحْمِهِ وَصَمِيمِ قَلْبِهِ وَفِلْذَةِ كَبِدِهِ والنُّخْبَةِ (٢) مِنْكَ لَهُ وَالتُّحْفَةِ، خَصَصْتَ بِها وَصِيَّهُ وَحَبِيبَهِ (٣) المُصْطَفَى وَقَرِينَةِ المُرْتَضى، وَسَيِّدَةِ النِّساءِ ومُبشِّرةِ الأوْلِياءِ حَلِيفَةِ الوَرَعِ وَالزُّهْدِ وَتُفّاحَةِ الفِرْدَوْسِ وَالخُلْدِ الَّتِي شَرَّفْتَ مَوْلِدَها بِنِساءِ الجَنَّةِ وَسَلَلْتَ مِنْها أَنْوارَ الأَئِمَّةِ وَأَرْخَيْتَ دُونَها حِجابَ النُّبُوَّةِ، اللّهُمَّ صَلِّ صَلاةً تَزِيدُ فِي مَحَلِّها عِنْدَكَ وَشَرَفِها لَدَيْكَ وَمَنْزِلَتِها مِنْ رِضاكَ وَبَلِّغْها مِنّا تَحِيَّةً وَسَلاماً وَآتِنا مِنْ لَدُنْكَ فِي حُبِّها

_________________

١ - المغضوب حقّها... الممنوع ارثها... المكسور ضلعها - خ -.

٢ - والتحيّة - خ -.

٣ - وحبيبه: خ.
٤٠٩

فَضْلاً وإِحْساناً وَرَحْمَةً وَغُفْرانا إِنَّكَ ذُو الَعْفِو الكَرِيمِ (١) .

أقول: قال الشيخ في التهذيب إنَّ ما روى في فضل زيارتها صلوات الله عليها أكثر من أن يحصى (٢) . وروى العلامة المجلسي عن كتاب (مصباح الأنوار) عن الزهراء (صَلَواتُ الله عَلَيها) قالت: قال لي أبي من صلى عليك غفر الله عزَّ وجلَّ له وألحقه بي حيثما كنت من الجنة (٣) .

زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من البعد

قال العلامة المجلسي (رض) في (زاد المعاد) في أعمال عيد الميلاد، وهو اليوم السابع عشر من ربيع الأول: قال الشيج المفيد والشهيد والسيّد ابن طاووس رحمهم‌الله : إذا أردت زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في ما عداً المدينة الطيبة من البلاد فاغتسل ومثل بين يديك شبه القبر واكتب عليه اسمه الشريف ثم قف وتوجه بقلبك إليه وقل:

أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّهُ سَيِّدُ الآوَّلِينَ وَالآخِرينَ وَأَنَّهُ سَيِّدُ الأَنْبِياءِ وَالمُرْسَلِينَ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الأَئِمَّةِ الطَيِّبِينَ . ثم قل:

السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَلِيلَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبِيَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفِيَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَحْمَةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيرَةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبِيبَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَجِيبَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خاتَمَ النَّبِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيِّدَ المُرْسَلِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قائِما بِالقِسْطِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا فاتِحَ الخَيْرِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَعْدِنَ الوَحْي وَالتَّنْزِيلِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُبَلِّغا عَنْ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها السِّراجُ المُنِيرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُبَشِّرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَذِيرُ (٤) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُنْذِرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ الله الَّذِي يُسْتَضاءُ بِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى أَهْلِ

_________________

١ - الاقبال ٣ / ١٦٤ باب ٧ فصل ٦ مع اضافة قليلة في وسط الزيارة.

٢ - تهذيب الاحكام ٦ / ٩ باب ٣ في آخر ح ١٠.

٣ - البحار ١٠٠ / ١٩٤ ح ١٠ عن مصباح الانوار.

٤ - السلام عليك يا نذير: نسخة.
٤١٠

بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرينَ الهادِينَ المَهْدِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى جَدِّكَ عَبْدِ المُطَّلِبِ وَعَلى أَبِيكَ عَبْدِ اللهِ، السَّلامُ عَلى اُمِّكَ آمِنَةَ بِنْتِ وَهَبٍ، السَّلامُ عَلى عَمِّكَ حَمْزَةَ سَيِّدِ الشُّهداء، السَّلامُ عَلى عَمِّكَ العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، السَّلامُ عَلى عَمِّكَ وَكَفِيلِكَ أَبِي طالبٍ، السَّلامُ عَلى ابْنِ عَمِّكَ جَعْفَرٍ الطَيَّارِ فِي جِنانِ الخُلْدِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أحْمَدُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله عَلى الأوَّلِينَ وَالآخِرينَ وَالسَّابِقَ (١) إِلى طاعَةِ رَبِّ العالَمِينَ وَالمُهَيْمِنِ عَلى رُسُلِهِ وَالخاتِمَ لاَنْبِيائِهِ وَالشَّاهِدَ عَلى خَلْقِهِ وَالشَّفِيعَ إِلَيْهِ وَالمَكِينَ لَدَيْهِ وَالمُطاعَ فِي مَلَكُوتِهِ الاَحْمَدَ مِنَ الاَوْصافِ المُحَمَّدَ لِسائِرِ الاَشْرافِ الكَرِيمَ عِنْدَ الرَّبِّ وَالمُكَلَّمَ مِنْ وَراءِ الحُجُبِ الفائِزَ بِالسِّباقِ وَالفائِتَ عَنِ اللحاقِ؛ تَسْلِيمَ عارِفٍ بِحَقِّكَ مُعْتَرِفٍ بِالتَّقْصِيرِ فِي قِيامِهِ بِواجِبِكَ غَيْرِ مُنْكِرٍ ما انْتَهى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِكَ مُوقِنٍ بِالمَزِيداتِ مِنْ رَبِّكَ مُؤْمِنٍ بِالكِتابِ المُنَزَّلِ عَلَيْكَ مُحَلِّلٍ حَلالَكَ مُحَرِّمٍ حَرامَكَ. أَشْهَدُ يا رَسُولَ الله مَعَ كُلِّ شاهِدٍ وَأَتَحَمَّلُها عَنْ كُلِّ جاحِدٍ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسالاتِ رَبِّكَ وَنَصَحْتَ لاِ مَّتِكَ وَجاهَدْتَ فِي سَبِيلِ رَبِّكَ وَصَدَعْتَ بِأَمْرِهِ وَاحْتَمَلْتَ الاَذى فِي جَنْبِهِ وَدَعَوْتَ إِلى سَبِيلِهِ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَأَدَّيْتَ الحَقَّ الَّذِي كانَ عَلَيْكَ، وَأَنَّكَ قَدْ رَؤُفْتَ بِالمُؤْمِنِيينَ وَغَلُظْتَ عَلى الكافِرِينَ وَعَبَدْتَ الله مُخْلِصاً حَتّى أَتاكَ اليَّقِينُ، فَبَلَغَ الله بِكَ أَشْرَفَ مَحَلِّ المُكْرَمِينَ وَأَعْلى مَنازِلَ المُقَرَّبِينَ وَأَرْفَعَ دَرَجاتِ المُرْسَلِينَ حَيْثُ لايَلْحَقُكَ لاحِقٌ وَلايَفُوقُكَ فائِقٌ وَلايَسْبِقُكَ سابِقٌ وَلايَطْمَعُ فِي ادْراكِكَ طامِعٌ. الحَمْدُ للهِ الَّذِي اسْتَنْقَذَنا بِكَ مِنَ الهَلَكَةِ وَهَدانا بِكَ مِنَ الضَّلالَةِ وَنَوَّرّنا بِكَ مِنَ الظُّلْمَةِ، فَجَزاكَ الله يا رَسُولَ الله مِنْ مَبْعُوثٍ أَفْضَلَ ما جازى (٢) نَبِيّا عَنْ اُمَّتِهِ وَرَسُولاً عَمَّنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، بِأَبِي

_________________

١ - السابق: خ.

٢ - أفضل ما جزى - خ -.
٤١١

أَنْتَ وَاُمِّي يا رَسُولَ الله زُرْتُكَ عارِفاً بِحَقِّكَ مُقِراً بِفَضْلِكَ مُسْتَبْصِراً بِضَلالَةِ مَنْ خالَفَكَ وَخالَفَ أَهْلَ بَيْتِكَ عارِفاً بِالهُدى الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَاُمِّي وَنَفْسِي وَأَهْلِي ومالِي وَوَلَدِي أَنا أُصَلِّي عَلَيْكَ كَما صَلّى الله عَلَيْكَ وَصَلّى عَلَيْكَ مَلائِكَتُهُ وأَنْبِياؤُهُ وَرُسُلُهُ صَلاةً مُتَتابِعَةً وَافِرَةً مُتَواصِلَةً لا انْقِطاعَ لَها وَلا أَمَدَ وَلا أَجَلَ، صَلّى الله عَلَيْكَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ كَما أَنْتُمْ أَهْلَهُ . ثم ابسط كفّيك وَقل:

اللّهُمَّ اجْعَلْ جَوامِعَ صَلَواتِكَ وَنَوامِي بَرَكاتِكَ وَفَواضِلَ خَيْراتِكَ وَشَرائِفَ تَحِيَّاتِكَ وَتَسْلِيماتِكَ وَكَراماتِكَ وَرَحَماتِكَ وَصَلَواتِ مَلائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيائِكَ المُرْسَلِينَ وأَئِمَّتِكَ المُنْتَجَبِينَ وَعِبادِك الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ وَمَنْ سَبَّحَ لَكَ يا رَبَّ العالَمِينَ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَشاهِدِكَ وَنَبِيِّكَ وَنَذِيرِكَ وَأَمِينِكَ وَمَكِينِكَ وَنَجِيِّكَ وَحَبِيبِكَ وَخَلِيلِكَ وَصَفِيِّكَ وَصَفْوَتِكَ وَخاصَّتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَخَيْرِ خِيرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَخازِنِ المَغْفِرَةِ وَقائِدِ الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ وَمُنْقِذِ العِبادِ مِنَ الهَلَكَةِ بِإِذْنِكَ وَداعِيهُمْ إِلى دِينِكَ القَيِّمِ بِأَمْرِكَ، أَوَّلِ النَبِيِّينَ مِيثاقاً وَآخِرِهِمْ مَبْعَثاً الَّذِي غَمَسْتَهُ فِي بَحْرِ الفَضِيلَةِ وَالمَنْزِلَةِ الجَلِيلَةِ وَالدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ وَالمَرْتَبَةِ الخَطِيرَةِ وَأَوْدَعْتَهُ الاَصْلابَ الطَّاهِرَةَ وَنَقَلْتَهُ مِنها إِلى الأَرحامِ المُطَهَّرَةِ لُطْفاً لَهُ وَتَحَنُّنا مِنْكَ عَلَيْهِ، إِذْ وَكَّلْتَ لِصَوْنِهِ وَحِراسَتِهِ وَحِفْظِهِ وَحِياطَتِهِ مِنْ قُدْرَتِكَ عَيْنا عاصِمَةً حَجَبْتَ بِها عَنْهُ مَدانِسَ العُهْرِ وَمَعائِبَ السِّفاحِ حَتّى رَفَعْتَ بِهِ نَواظِرَ العِبادِ وَأَحْيَيْتَ بِهِ مَيْتَ البِلادِ بِأَنْ كَشَفْتَ عَنْ نُورِ وِلادَتِهِ ظُلَمَ الأسْتارِ وَأَلْبَسْتَ حَرَمَكَ بِهِ حُلَلَ الأنْوارِ. اللّهُمَّ فَكَما خَصَصْتَهُ بِشَرَفِ هذِهِ المَرْتَبَةِ الكَرِيمَةِ وَذُخْرِ هذِهِ المَنْقَبَةِ العَظِيمَةِ صَلِّ عَلَيْهِ كَما وَفى بِعَهْدِكَ وَبَلَّغَ رِسالاتِكَ وَقاتَلَ أَهْلَ الجُحُودِ عَلى تَوْحِيدِكَ وَقَطَعَ رَحِمَ الكُفْرِ فِي إِعْزازِ دِينِكَ وَلَبِسَ ثَوْبَ البَلْوى فِي
٤١٢

مُجاهَدَةِ أَعْدائِكَ، وَأَوْجَبْتَ لَهُ بِكُلِّ أَذىً مَسَّهُ أَوْ كَيْدٍ أَحَسَّ بِهِ مِنْ الفِئَةِ الَّتِي حاوَلَتْ قَتْلَهُ فَضِيلَةً تَفُوقُ الفَضائِلَ وَيَمْلِكُ بِها الجَزِيلَ مِنْ نَوالِكَ، وَقَدْ (١) أَسَرَّ الحَسْرَةَ وَأَخْفى الزَّفْرَةَ وَتَجَرَّعَ الغُصَّةَ وَلَمْ يَتَخَطَّ ما مَثَّلَ لَهُ وَحْيُكَ (٢) ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ صَلاةً تَرْضاها لَهُمْ وَبَلِّغْهُمْ مِنّا تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلاما وَآتِنا مِنْ لَدُنْكَ فِي موالاتِهِمْ (٣) فَضْلاً وَإِحْسانا وَرَحْمَةً وَغُفْرانا إِنَّكَ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ. ثم صلّ أربع ركعات صلاة الزيارة بسلامين واقرأ فيها ما شئت من السور، فإذا فرغت فسبح تسبيح الزهراء عليها‌السلام وقل:

اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ لِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُوكَ فاسْتَغْفَرُوا الله وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدوا الله تَوَّاباً رَحِيماً ) (٤) ، وَلَمْ أَحْضُرْ زَمانَ رَسُولِكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ؛ اللّهُمَّ وَقَدْ زُرْتُهُ راغِباً تائِباً مِنْ سَيِِّ عَمَلِي وَمُسْتَغْفِراً لَكَ مِنْ ذُنُوبِي وَمُقِرّا لَكَ بِها وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِها مِنِّي وَمُتَوَجِّها إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَاجْعَلْنِي اللّهُمَّ بِمُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ عِنْدَكَ وَجِيها فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ وَمِنْ المُقَرَّبِينَ. يا مُحَمَّدُ يا رَسُولَ الله بِأَبِي أَنْتَ وَاُمِّي يا نَبِيَّ الله يا سَيِّدَ خَلْقِ الله إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلى الله رَبِّكَ وَرَبِّي لِيَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي وَيَتَقَبَّلَ مِنِّي عَمَلِي وَيَقْضِي لِي حَوائِجي، فَكُنْ لِي شَفِيعاً عِنْدَ رَبِّكَ وَرَبِّي فَنِعْمَ المَسْؤُولُ المَوْلى رَبِّي وَنِعْمَ الشَّفِيعُ أَنْتَ يا مُحَمَّدُ عَلَيْكَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِكَ السَّلامُ، اللّهُمَّ وَأَوْجِبْ (٥) لِي مِنْكَ المَغْفِرَة وَالرَّحْمَةَ وَالرِّزْقَ الواسِعَ الطَيِّبَ النافِعَ كَما أَوْجَبْتَ لِمَنْ أَتى نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَهُوَ حَيُّ فَأَقَرَّ لَهُ بِذُنُوبِهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ رَسُولُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ فَغَفَرْتَ لَهُ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللّهُمَّ وَقَدْ أَمَّلْتُكَ وَرَجَوْتُكَ وَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ

_________________

١ - فلقد - خ -.

٢ - ما مثّل من وحيك - خ -.

٣ - من موالاتهم - خ -.

٤ - النساء: ٤ / ٦٤.

٥ - أوجب: خ.
٤١٣

وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ عَمَّنْ سِواكَ وَقَدْ آمَّلْتُ جَزِيلَ ثَوابِكَ وَإِنِّي لَمُقِرُّ (١) غَيْرُ مُنْكِرٍ وَتائِبٌ إِلَيْكَ مِمَّا اقْتَرَفَتُ وَعائِذٌ بِكَ فِي هذا المَقامِ مِمَّا قَدَّمْتَ مِنَ الاَعْمالِ الَّتِي تَقَدَّمْتَ إلى فِيها وَنَهَيْتَنِي عَنْها وَأَوْعَدْتَ عَلَيْها العِقابَ، وَأَعُوذُ بِكَرَمِ وَجهِكَ أَنْ تُقِيمَنِي مَقامَ الخِزْيِ وَالذُّلِّ يَوْمَ تُهْتَكُ فِيهِ الأسْتارُ وَتَبْدُو فِيهِ الأسْرارُ وَالفَضائِحُ وَتَرْعَدُ فِيه الفَرائِصُ يَوْمَ الحَسْرَةِ وَالنَّدامَةِ يَوْمَ الافِكَةِ يَوْمَ الازِفَةِ يَوْمَ التَّغابُنِ يَوْمَ الفَصْلِ يَوْمَ الجَزاءِ يَوْما كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، يَوْمَ النَّفْخَةِ يَوْمَ تَرجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُها الرَّادِفَةُ يَوْمَ النَّشْرِ يَوْمَ العَرْضِ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العالَمِينَ يَوْمَ يَفِرُّ المَرُْ مِنْ أَخِيهِ وَأَمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرضُ وَأَكْنافُ السَّماء يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها يَوْمَ يُرَدُّونَ إِلى الله فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ لايُغْنِي مَوْلىً عَنْ مَوْلىً شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلاّ مَنْ رَحِمَ الله إِنَّهُ هُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمِ يَوْمَ يُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهادَةِ يَوْمَ يُرَدُّونَ إِلى الله مَوْلاهُمْ الحَقِّ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الاَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ وَكَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلى الدَّاعي‌إِلى الله يَوْمَ الواقِعَةِ يَوْمَ تُرَجُّ الأَرضُ رَجّا يَوْمَ تَكُونُ السَّماء كَالمُهْلِ وَتَكُونُ الجِبالُ كَالعَهْنِ وَلايَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يَوْمَ الشَّاهِدِ وَالمَشْهُودِ يَوْمَ تَكُونُ المَلائِكَةُ صَفّاً صَفّاً. اللّهُمَّ ارْحَمْ مَوْقِفِي فِي ذلِكَ اليَوْمِ بِمَوْقِفِي فِي هذا اليَوْمِ وَلاتُحْزِنِّي فِي ذلِكَ المَوْقِفِ (٢) بِما جَنَيْتُ عَلى نَفْسِي، وَاجْعَلْ يا رَبِّ فِي ذلِكَ اليَوْمِ مَعَ أوْلِيائِكَ مُنْطَلَقِي وَفِي زُمْرَةِ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ عليهم‌السلام مَحْشَرِي، وَاجْعَلْ حَوْضَهُ مَوْرِدِي وَفِي الغُرِّ الكِرامِ مَصْدَرِي وَأَعْطِنِي كِتابِي فِي يَمِينِي حَتّى أَفُوزَ بِحَسناتِي وَتُبَيِّضَ بِهِ وَجْهِي وَتُيَسِّرَ بِهِ حِسابِي وَتُرَجِّحَ بِهِ مِيزانِي وَأَمْضِي مَعَ الفائِزِينَ مِنْ عِبادِكَ الصَّالِحِينَ إِلى رِضْوانِكَ وَجِنانِكَ إِلهَ العالَمِينَ، اللَّهُمَّ

_________________

١ - مقرّ - خ -.

٢ - اليوم - خ -.
٤١٤

إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تَفْضَحَنِي فِي ذلِكَ اليَوْمِ بَيْنَ يَدَي الخَلائِقِ بِجَرِيرَتِي أوْ أَنْ أَلْقى الخِزْيَ وَالنَّدامَةَ بِخَطِيئَتِي أوْ أَنْ تُظْهِرَ فِيهِ سَيِّئاتِي عَلى حَسناتِي أَوْ أَنْ تُنَوِّهَ بَيْنَ الخَلائِقِ بِاسْمِي، يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ العَفْوَ العَفْوَ السَّتْرَ السَّتْرَ، اللّهُمَّ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي ذلِكَ اليَوْمِ فِي مواقِفِ الاَشْرارِ مَوْقِفِي أوْ فِي مَقامِ الاَشْقِياءِ مَقامِي، وَإِذا مَيَّزْتَ بَيْنَ خَلْقِكَ فَسُقْتَ كُلاّ بِأَعْمالِهِمْ زُمَراً إِلى مَنازِلِهِمْ فَسُقْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ وَفِي زُمْرَةِ أَوْلِيائِكَ المُتَّقِينَ إِلى جَنَّاتِكَ يا رَبَّ العالَمِينَ . ثم ودعه وقل:

السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها البَشِيرُ النَّذِيرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها السِّراجُ المُنِيرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها السَّفِيرُ بَيْنَ الله وَبَيْنَ خَلْقِهِ، أَشْهَدُ يا رَسُولَ الله أَنَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي الاَصْلابِ الشَّامِخَةِ وَالأَرحامِ المُطَهَّرَةِ لَمْ تُنَجِّسْكَ الجاهِلِيَّةُ بِأَنْجاسِها وَلَمْ تُلْبِسْكَ مِنْ مُدْلَهِماتِ ثِيابِها، وَأَشْهَدُ يا رَسُولَ الله أَنِّي مُؤْمِنٌ بِكَ وَبِالأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ مُوقِنٌ بِجَمِيعِ ماأَتَيْتَ بِهِ راضٍ مُؤْمِنٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ الأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ أَعْلامُ الهُدى وَالعُرْوَةُ الوُثْقى وَالحُجَّةُ عَلى أَهْلِ الدُّنْيا، اللّهُمَّ لاتَجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ مِنْ زِيارَةِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ، وَإِنْ تَوَفَيْتَنِي فَإِنِّي أَشْهَدُ فِي مَماتِي عَلى ماأَشْهَدُ عَلَيْهِ فِي حَياتِي أَنَّكَ أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاشَرِيكَ لَكَ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَأَنَّ الأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْلِياؤُكَ وَأَنْصارُكَ وَحُجَجُكَ عَلى خَلْقِكَ وَخُلَفاؤكَ فِي عِبادِكَ وَأَعْلامُكَ فِي بِلادِكَ وَخُزَّانُ عِلْمِكَ وَحَفَظَةُ سِرِّكَ وَتَراجِمَةُ وَحْيِكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبَلِّغْ رُوحَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي ساعَتِي هذِهِ وَفِي كُلِّ ساعَةٍ تَحِيَّةً وَسَلاماً، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ لا جَعَلَهُ الله آخِرَ تَسْلِيمِي عَلَيْكَ (١) .

_________________

١ - زاد المعاد: ٤١٣ - ٤٢٤، الاقبال ٣ / ١٢٣ باب ٤ فصل ١٢، المزار للشهيد الاوّل: ٤٩، فصل ١.
٤١٥

قال الشيخ في (المصباح) والسيد في (جمال الأسبوع) في ضمن أعمال يوم الجمعة: إعلم أنّه يستحب في يوم الجمعة زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام . وروي عن الصادق عليه‌السلام أن من أراد أن يزور قبر رسول الله وقبر أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وقبور الحجج عليهم‌السلام وهو في بلدة فليغتسل في يوم الجمعة وليلبس ثوبين نظيفين وليخرج إلى الفلاة من الأَرض. وعلى رواية أخرى: وليصعد سطحا ثم يصلّي أربع ركعات يقرأ فيهن ماتيسّر من السّور. فإذا تشهد وسلم فليقم مستقبل القبلة وليقل:

السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها النَبِيُّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها النَبِيُّ المُرْسَلُ وَالوَصِيُّ المُرْتَضَى وَالسَّيِّدَةُ الكُبْرى وَالسَّيِّدَةُ الزَّهْراءُ وَالسِبْطانِ المُنْتَجَبانِ وَالأوْلادُ الأعْلامُ وَالاُمَناءُ المُنْتَجَبُونَ (١) جِئْتُ انْقِطاعاً إِلَيْكُمْ وَإِلى آبائِكُمْ وَولدِكُمْ الخَلَفِ عَلى بَرَكَةِ الحَقِّ، فَقلْبِي لَكُمْ مُسْلِمٌ وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتّى يَحْكُمَ الله بِدِينِهِ فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ، إِنِّي لَمِنَ القائِلِينَ بِفَضْلِكُمْ مُقِرُّ بِرَجْعَتِكُمْ لا أُنْكِرُ للهِ قُدْرَةً وَلا أَزْعَمُ إِلاّ ماشاءَ اللهِ، سُبْحانَ الله ذِي المُلْكِ وَالمَلَكُوتِ يُسَبِّحُ الله بِأَسْمائِهِ جَمِيعُ خَلْقِهِ وَالسَّلامُ عَلى أَرْواحِكُمْ وَأَجْسادِكُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةَ الله وَبَرَكاتُهُ (٢) .

أقول: في روايات عديدة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يبلغه سلام المُسَلِّمِينَ عليه وصلوات المصلين عليه حيثما كانوا (٣) . وفي الحديث أن ملكا من الملائكة قد وكّل على أن يرد على من قال من المؤمنين: صَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، فيقول في جوابه: وعليك. ثم يقول الملك: يا رسول الله إن فلانا يقرأك السلام. فيقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وعليه السلام (٤) . وفي رواية معتبرة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من زار قبري بعد وفاتي كان كمن هاجر إلى في حياتي فإن لم تستطيعوا أن تزوروا قبري فابعثوا إلى السلام فإنَّه يبلغني (٥) . وقد وردت لهذا المعنى أخبار جمّة ونحن قد أثبتنا له صلوات الله عليه زيارتين

_________________

١ - المستخزنون - خ -.

٢ - مصباح المتهجّد: ٢٨٨، جمال الاسبوع: ٢٣١، فصل ٢٦.

٣ - تهذيب الاحكام ٦ / ٧ باب ٣ ح ٤.

٤ - أمالي الطوسي: المجلس ٣٧، ح ١٦ مع اضافات.

٥ - تهذيب الاحكام ٦ / ٣ باب ٢ ح ١.
٤١٦

اثنتين في يوم الاثنين عند ذكر زيارات الحجج الطاهرة في أيام الأسبوع فراجعها إن شئت وفز بفضل الزيارة بهما (١) وينبغي أن يصلى عليه بما صلّى به أمير المؤمنين عليه‌السلام في بعض خطبه في يوم الجمعة كما في كتاب الروضة من الكافي :

إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَبِيِّ يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا صَلّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَحَنَّنْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَسَلِّمْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَأَفْضَلِ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى إِبْراهِيمَ وَآلِ إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللّهُمَّ اعْطِ مُحَمَّداً الوَّسِيلَةَ وَالشَّرَفَ وَالفَضِيلَةَ وَالمَنْزِلَةَ الكَرِيمَةَ، اللّهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ أَعْظَمَ الخَلائِقِ كُلِّهِمْ شَرَفاً يَوْمَ القِيامَةِ وَاقْرَبَهُمْ مِنْكَ مَقْعَداً وَأَوْجَهَهَمْ عِنْدَكَ يَوْمَ القِيامَةِ جاهاً وَأَفْضَلَهُمْ عِنْدَكَ مَنْزِلَةً وَنَصِيباً، اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً أَشْرَفَ المَقامِ وَحِباءَ السَّلامُ وَشَفاعَةَ الإسلامِ، اللّهُمَّ وَأَلْحِقْنا بِهِ غَيْرَ خَزايا وَلا ناكِثِينَ وَلا نادِمِينَ وَلا مُبَدِّلِينَ إِلهَ الحَقِّ آمِّينَ (٢) .

وستأتي في آخر باب الزيارات صلاة يصلى بها عليه وعلى آله عليهم‌السلام .

زيارة أئمة البقيع

أي الإمام الحسن المجتبى والإمام زين العابدين والإمام محمد الباقر والإمام جعفر الصادق عليهم‌السلام . إذا أردت زيارتهم فاعمل بما سبق من أداب الزيارة من الغسل والكون على الطهارة ولبس الثياب الطاهرة النظيفة والتطيب والاستئذان للدخول ونحو ذلك وقل أيضاً:

يا مَوالِيَّ يا أَبْناءَ رَسُولِ اللهِ، عَبْدُكُمْ وَابْنُ أَمَتِكُمْ الذَّلِيلُ بَيْنَ أَيْدِيَكُمْ وَالمُضْعِفُ (٣) فِي عُلُوِّ قَدْرِكُمْ وَالمُعْتَرِفُ بِحَقِّكُمْ جأَكُمْ مُسْتَجِيراً بِكُمْ قاصِداً إِلى حَرَمِكُمْ مُتَقَرِّباً إِلى مَقامِكُمْ مُتَوَسِّلاً إِلى الله تَعالى بِكُمْ، أَأَدْخُلُ يا مَوالِيَّ أَأَدْخُلُ يا أوْلِياَء الله أَأَدْخُلُ يا

_________________

١ - وسيأتي عند ذكر الاستئذان لدخول الرواق الطاهر لمرقد الامير عليه‌السلام ، زيارة وجيزة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، منه.

٢ - الروضة من الكافي: ١٧٥، ذيل خطبته عليه‌السلام برقم ١٩٤.

٣ - والمضعف - خ -.
٤١٧

مَلائِكَةَ الله المُحْدِقِينَ بِهذا الحَرَمِ المُقِيمِينَ بِهذا المَشْهَدِ . وادخل بعد الخشوع والخضوع ورقة القلب وقدِّم رجلك اليُمنى وقل: الله أَكْبَرُ كَبِيراً وَالحَمْدُ للهِ كَثِيراً وَسُبْحانَ الله بُكْرَةً وَأَصِيلاً وَالحَمْدُ للهِ الفَرْدِ الصَّمَدِ الماجِدِ الاَحَدِ المُتَفَضِّلِ المَنَّانِ المُتَطَوِّلِ الحَنَّانِ الَّذِي مَنَّ بِطَوْلِهِ وَسَهَّلَ زِيارَةَ ساداتِي بِإِحْسانِهِ وَلَمْ يَجْعَلْنِي عَنْ زِيارَتِهِمْ مَمْنُوعاً بَلْ تَطَوَّلَ وَمَنَحَ (١) . ثم اقترب من قبورهم المقدَّسة واستقبلها واستدبر القبلة وقل: السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الهُدى، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ (٢) التَّقْوى، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَيُّها الحُجَجُ عَلى أَهْلِ الدُّنْيا، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَيُّها القُوَّامُ فِي البَرِيَّةِ بِالقِسْطِ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الصَّفْوَةِ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ آلَ رَسُولِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ النَّجْوى، أَشْهَدُ أَنَّكُمْ قَدْ بَلَّغْتُمْ وَنَصَحْتُمْ وَصَبَرْتُمْ فِي ذاتِ الله وَكُذِّبْتُمْ وَأُسِيَ إِلَيْكُمْ فَغَفَرْتُمْ، وَأَشْهَدُ أَنَّكُمْ الأَئِمَّةِ الرَّاشِدُونَ المُهْتَدُونَ وَأَنَّ طاعَتَكُمْ مَفْرُوضَةٌ وَأَنَّ قَوْلَكُمْ الصِّدْقُ وَأَنَّكُمْ دَعَوْتُمْ فَلَمْ تُجابُوا وَأَمَرْتُمْ فَلَمْ تُطاعُوا، وَأَنَّكُمْ دَعائِمُ الدِّينِ وَأَرْكانُ الأَرضِ لَمْ تَزالُوا بِعَيْنِ الله يَنْسَخُكُمْ مِنْ أَصْلابِ كُلِّ مُطَهّر وَيَنْقُلُكُمْ مِنْ أَرْحامِ المُطَهَّراتِ، لَمْ تُدَنِّسْكُمْ الجاهِلِيَّةُ الجَهْلاُ وَلَمْ تُشْرِكْ فِيكُمْ فِتَنُ الاَهْواءِ. طِبْتُمْ وَطابَ مَنْبَتُكُمْ مَنَّ بِكُمْ عَلَيْنا دَيّانُ الدِّينِ فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ. وَجَعَلَ صَلاتَنا عَلَيْكُمْ رَحْمَةً لَنا وَكُفَّارَةً لِذُنُوبِنا إِذْ اخْتارَكُمْ الله لَنا وَطَيَّبَ خَلْقَنا بِما مَنَّ عَلَيْنا مِنْ وِلايَتِكُمْ وَكُنَّا عِنْدَهُ مُسَمِّينَ بِعِلْمِكُمْ مُعْتَرِفِينَ بِتَصْديقِنا إِيَّاكُمْ وَهذا مَقامُ مَنْ أَسْرَفَ وَأَخْطَأَ وَاسْتَكانَ (٣) وَأَقَرَّ بِما جَنى وَرَجا بِمَقامِهِ الخَلاصَ وَأَنْ يَسْتَنْقِذَهُ بِكُمْ مُسْتَنْقِذُ الهَلْكى مِنَ الرَّدى، فَكُونُوا لِي شُفَعاء فَقَدْ وَفَدْتُ إِلَيْكُمْ إِذْ رَغِبَ عَنْكُمْ أَهْلُ الدُّنْيا وَاتَّخَذُوا آياتِ الله هُزُوا وَاسْتَكْبَرُوا

_________________

١ - المزار الكبير للمشهدي: ٨٨.

٢ - في كامل الزيارات: «أهل البر والتقوی».

٣ - استكان: أي تضرّع.
٤١٨

عَنْها، (ثم ارفع هنا رأسك إلى السماء وقل:) يا مَنْ هُوَ قائِمٌ لايَسْهُو وَدائِمٌ لايَلْهُو وَمُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ لَكَ المَنُّ بِما وَفَّقْتَنِي وَعَرَّفْنَيِ بِما أَقَمْتَنِي عَلَيْهِ إِذْ صَدَّ عَنْهُ عِبادُكَ وَجَهِلُوا مَعْرِفَتَهُ وَاسْتَخَفُوا بِحَقِّهِ وَمالُوا إِلى سِواهُ، فَكانَتْ المِنَّةُ مِنْكَ عَلَيَّ مَعَ أَقْوامٍ خَصَصْتَهُمْ بِما خَصَصْتَنِي بِهِ فَلَكَ الحَمْدُ إِذْ كُنْتُ عِنْدَكَ فِي مَقامِي هذا مَذْكُوراً مَكْتُوباً فَلا تَحْرِمْنِي ما رَجَوْتُ وَلاتُخَيِّبْنِي فِيما دَعَوْتُ بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ . ثم ادع لنفسك بما تريد (١) .

وقال الطوسي (رض) في (التهذيب) ثم صل صلاة الزيارة ثماني ركعات أي صلِّ لكل إمام ركعتين. وقال الشيخ الطوسي والسيد ابن طاووس: إذا أردت أن تودعهم عليهم‌السلام فقل: السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الهُدى وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، أَسْتَوْدِعُكُمْ الله وَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ السَّلامَ، آمَنَّا بِالله وَبِالرَّسُولِ وَبِما جِئْتُمْ بِهِ وَدَلَلْتُمْ عَلَيْهِ اللّهُمَّ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ .

ثم أكثر من الدعاء وسل الله العود وأن لا تكون هذه آخر عهدك من زيارتهم (٢) .

والعلامة المجلسي (رض) قد أورد في (البحار) زيارة مبسوطة لهم عليهم‌السلام (٣) ، ونحن هنا قد اقتصرنا على ما مضى من زيارتهم فإنَّ أفضل الزيارات لهم عليهم‌السلام هي الزيارة الجامعة الآتية على ما صرح به المجلسي (٤) وغيره.

وفي الباب الأول من الكتاب عند ذكر زيارات الحجج الطاهرة موزعة على أيام الأسبوع قد أثبتنا زيارة للحسن عليه‌السلام ، وزيارة أخرى للأئمة الثلاثة الآخِرين بالبقيع فلا تغفل عنها ص ١٠٩.

وإعلم أنا نورد لكل من الحجج الطّاهرين عند ذكر زيارته كيفية الصلاة عليه سوى أئمة البقيع حيث اقتصرنا في‌الصلاة عليهم بما سيذكر في آخر باب الزيارات فلاحظها هناك وثقل ميزان حسناتك بالصلاة عليهم.

وإعلم أيضاً أن شدة شوقي أنا المهجور الكسير إلى تلك المشاهد الشريفة تبعثني على أن أشغل خاطري بإيراد عدة أبيات تناسب المقام من القصيدة الهائية للفاضل الأوحد مادح آل أحمد حضرة الشيخ الآزري (رضوان الله عليه) وكان شيخ الفقهاء العظام خاتم المجتهدين الفخام الشيخ

_________________

١ - كامل الزيارات لابن قولويه: ١١٨، باب ١٥.

٢ - تهذيب الاحكام ٦ / ٨٠ باب ٢٧ و ٢٨، مصباح الزائر لابن طاووس: ٣٧٦، فصل ١١.

٣ - البحار ١٠٠ / ٢٠٧ عن نسخة قديمة من مؤلفات أصحابنا.

٤ - زاد المعاد: ٤٧٦.
٤١٩

محمد حسن صاحب الجواهر يتمنى على ما يروى عنه أن تكتب له القصيدة في ديوان أعماله ويسجل كتاب الجواهر في ديوان أعمال الآزري قال (رض):

إِنَّ تِلْكَ القُلُوب أَقْلَقَها الوَجْدُ
    

    

وَأَدْمى تَلْكَ العُيُونَ بُكاها

كانَ أَنْكى الخُطُوبِ لَمْ يُبْكِ مِنِّي
    

    

مُقْلَةً لكِنَّ الهَوى أَبْكاها

كُلَّ يَوْمٍ لِلْحادِثاتِ عَوادٍ
    

    

لَيْسَ يَقْوى رَضْوى عَلى مُلْتَقاها

كَيْفَ يُرْجى الخَلاصُ مِنْهُنَّ إِلاّ
    

    

بِذِمامٍ مِنْ سَيِّدِ الرُّسْلِ طه

مَعْقِلُ الخائِفِينَ مِنْ كُلِّ خَوْفٍ
    

    

أَوْفَرُ العُرْبِ ذِمَّةً أَوْفاها

مَصْدَرُ العِلْمِ لَيْسَ إِلاّ لَدَيْهِ
    

    

خَبَرُ الكائِناتِ مِنْ مُبْتَداها

فاضَ لِلْخَلْقِ مِنْهُ عِلْمٌ وَحِلْمٌ
    

    

أَخَذَتْ مِنْهُما العُقُولُ نُهاها

نَوَّهَتْ بِاسْمِهِ السَّماواتُ وَالأرْضُ
    

    

كَما نَوَّهَتْ بِصُبْحٍ ذُكاها

وَغَدَتْ تَنْشُرُ الفَضائِلَ عَنْهُ
    

    

كُلُّ قَوْمٍ عَلى اخْتِلافِ لُغاها

طَرِبَتْ لاسْمِهِ الثَّرى فَاسْتَطالَتْ
    

    

فَوْقَ عُلْوِيَّةِ السَّماء سُفْلاها

جازَ مِنْ جَوْهَرِ التَّقْدُّسِ ذاتاً
    

    

تاهَتِ الأَنْبِياءِ فِي مَعْناها

لاتُجِلْ فِي صِفاتِ أَحْمَدَ فِكْراً
    

    

فَهِي الصُّورَةُ الَّتِي لَنْ تَراها

أَيُّ خَلْقٍ للهِ أَعْظَمُ مِنْهُ
    

    

وَهُوَ الغايَةُ الَّتِي اسْتَقْصاها

قَلَّبَ الخافِقِيْنِ ظَهْراً لِبَطْنٍ
    

    

فَرَأى ذاتَ أَحْمَدَ فَاجْتَباها

لَسْتُ أَنْسى لَهُ مَنازِلَ قُدْسٍ
    

    

قَدْ بَناها التُّقى فَأَعْلى بِناها

وَرِجالاً أَعِزَّةً فِي بُيُوتٍ
    

    

أَذِنَ الله أَنْ يُعَزَّ حِماها

سادَةٌ لاتُريدُ إِلاّ رِضىَ اللهِ
    

    

كَما لايُريدُ إِلاّ رِضاها

خَصَّها مِنْ كَمالِهِ بِالمعانِي
    

    

وَبِأَعْلى أَسْمائِهِ سَمَّاها

لَمْ يَكُونُوا لِلْعَرْشِ إِلاّ كُنُوزاً
    

    

خافِياتٍ سُبْحانَ مَنْ أَبْداها

كَمْ لَهُمْ أَلْسُنٌ عَنْ الله تُنْبِي
    

    

هِيَ أَقْلامُ حِكْمَةٍ قَدْ بَراها

وَهُمُ الاَعْيُنُ الصَّحِيحاتُ تَهْدِى
    

    

كُلَّ عَيْنٍ مَكْفُوفَةٍ عَيْناها

عُلَماءٌ أَئِمَّةٌ حُكَماءٌ
    

    

يَهْتَدِي النَّجْمُ بِاتِّباعِ هُداها

قادَةً عِلْمُهُمْ وَرأيُ حِجاهُمْ
    

    

مَسْمَعاً كُلِّ حِكْمَةٍ مَنْظَراها

ما أُبالِي وَلَوْ أُهِيلَتْ عَلى
    

    

الأرْضِ السَّماواتُ بَعْدَ نَيْلِ وِلاها (١)

_________________

١ - الازرية للشيخ الازري: ٣٠ مع اضافات.
٤٢٠

ذكر سائر الزيارات في المدينة الطيبة

نقلاً عن مصباح الزائر وغيره

زيارة إبراهيم ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

تقف عند القبر وتقول:

السَّلامُ عَلى رَسُولِ الله السَّلامُ عَلى نَبِيِّ الله السَّلامُ عَلى حَبِيبِ الله السَّلامُ عَلى صَفِيِّ الله السَّلامُ عَلى نَجِيِّ اللهِ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله سَيِّدِ الأَنْبِياءِ وَخاتَمِ المُرْسَلِينَ وَخِيَرَةِ الله مِنْ خَلْقِهِ فِي أَرْضِهِ وَسَمائِهِ، السَّلامُ عَلى جَمِيعِ أَنْبِيائِهِ وَرُسُلِهِ، السَّلامُ عَلى الشُّهداء وَالسُّعَداءِ وَالصّالِحِينَ، السَّلامُ عَلَيْنا وَعَلى عِبادِ الله الصّالِحِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها الرُّوحُ الزَّاكِيَةُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها النَّفْسُ الشَّرِيفَةُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها السُّلالَةُ الطَّاهِرَةُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها النَّسَمَةُ الزَّاكِيَةُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ خَيْرِ الوَرى، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ النَبَيِّ المُجْتَبى (١) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ المَبْعُوثِ إِلى كافَّةِ الوَرى، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ البَّشِيرِ النَّذِيرِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ السِّراجِ المُنِيرِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ المُؤَيَّدِ بِالقُرْآنِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ المُرْسَلِ إِلى الاِنْسِ وَالجانَّ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ صاحِب الرَّايَةِ وَالعَلامَةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ الشَّفِيعِ يَوْمَ القِيامَةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ مَنْ حَباهُ الله بِالكَرامَةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ . أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدِ اخْتارَ الله لَكَ دارَ إِنْعامِهِ قَبْلَ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْكَ أَحْكامَهُ وَيُكَلِّفَكَ حَلالَهُ وَحَرامَهُ فَنَقَلَكَ إِلَيْهِ طَيِّباً زاكِياً مَرْضِياً طاهِراً مِنْ كُلِّ نَجَسٍ مُقَدَّساً مِنْ كُلِّ دَنَسٍ وَبَوَّأَكَ جَنَّةَ المَأْوى وَرَفَعَكَ إِلى الدَّرَجاتِ العُلى، وَصَلّى الله عَلَيْكَ صَلاةً تَقَرُّ بِها عَيْنُ رَسُولِهِ وَتُبَلِّغُهُ أَكْبَرَ

_________________

١ - من «السلام عليك يابن خير الورى »؛لد هنا فی نسخ ة.
٤٢١

مَأْمُولِهِ، اللّهُمَّ اجْعَلْ أَفْضَلَ صَلَواتِكَ وَأَزْكاها وَأَنْمى بَرَكاتِكَ وَأَوْفاها عَلى رَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلى مَنْ نَسَلَ مِنْ أَوْلادِهِ الطَيِّبِينَ وَعَلى مَنْ خَلَّفَ مِنْ عُتْرَتِهِ الطَّاهِرِينَ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ صَفِيِّكَ وَإِبْراهِيمَ نَجْلِ نَبِيِّكَ أَنْ تَجْعَلَ سَعْيي بِهِمْ مَشْكُوراً وَذَنْبِي بِهِمْ مَغْفُوراً وَحَياتِي بِهِمْ سَعِيدَةً وَعاقِبَتِي بِهِمْ حَمِيدَةً وَحَوائِجِي بِهِمْ مَقْضِيَّةً وَافْعالِي بِهِمْ مَرْضِيَّةً وَأُمُورِي بِهِمْ مَسْعُودَةً وَشُؤُونِي بِهِمْ مَحْمُوَدةً، اللّهُمَّ وَ (١) أحْسِنْ لِيَ التَّوْفِيقَ وَنَفِّسْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَضِيقٍ، اللّهُمَّ جَنِّبْنِي عِقابَكَ وَامْنَحْنِي ثَوابَكَ وَأسْكِنِّي جِنانَكَ وَارْزُقْنِي رِضوانَكَ وَأَمانَكَ وَأَشْرِكْ لِي فِي صالِحِ دُعائِي والِدَيَّ وَوَلَدِي وَجَمِيعَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ الاَحْياءِ مِنْهُمْ وَالاَمْوات إِنَّكَ وَلِيُّ الباقِياتِ الصالِحاتِ آمِينَ رَبَّ العالَمِينَ. ثم تسأل حوائجك وتصلي ركعتين (٢) .

زيارة فاطمة بنت أسد

والدة أمير المؤمنين عليه‌السلام

تقف عند قبرها وتقول:

السَّلامُ عَلى نَبِيِّ اللهِ، السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللهِ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الأوّلِينَ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الآخِرِينَ، السَّلامُ عَلى مَنْ بَعَثَهُ الله رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها النَبِيُّ وَرَحْمَةَ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى فاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ الهاشِمِيَّةِ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها الصِدِّيقَةُ المَرْضِيَّةُ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها الكَرِيمَةُ الرَّضِيَّةُ (٣) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا كافِلَةَ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا والِدَةَ سَيِّدِ الوَصِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا مَنْ ظَهَرَتْ شَفقَتُها عَلى

_________________

١ - و: نسخة.

٢ - مصباح الزائر: ٥٦.

٣ - المرضية - خ -.
٤٢٢

رَسُولِ الله خاتَمِ النَّبِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا مَنْ تَرْبِيَتُها لِوَلِيِّ اللهِ الأمِينِ، السَّلامُ عَلَيْكِ وَعَلى رُوحِكِ وَبَدَنِكِ الطَّاهِرِ، السَّلامُ عَلَيْكِ وَعَلى وَلَدِكِ وَرَحْمَةَ الله وَبَرَكاتُهُ .

أَشْهَدُ أَنَّكِ أَحْسَنْتِ الكِفالَةَ وَأَدَّيْتِ الاَمانَةَ وَاجْتَهَدْتِ فِي مَرْضاةِ اللهِ، وَبالَغْتِ فِي حِفْظِ رَسُولِ الله عارِفَةً بِحَقِّهِ مُؤْمِنَةً بِصِدْقِهِ مُعْتَرِفَةً بِنُبُوَّتِهِ مُسْتَبْصِرَةً بِنِعْمَتِهِ كافِلَةً بِتَرْبِيَتِهِ مُشْفِقَةً عَلى نَفْسِهِ وَاقِفَةً عَلى خِدْمَتِهِ مُخْتارَةً رِضاهُ [ مؤثرةً هواه ] (١) ، وَأَشْهَدُ أَنَّكِ مَضَيْتِ عَلى الإيْمانِ وَالتَّمَسُّكِ بِأَشْرَفِ الأدْيانِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً طاهِرَةً زَكِيَّةً تَقِيَّةً نَقِيَّةً فَرَضِيَّ الله عَنْكِ وأَرْضاكِ وَجَعَلَ الجَنَّةَ مَنْزِلَكِ وَمَأْواكِ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْفَعْنِي بِزِيارَتِهِا وَثَبِّتْنِي عَلى مَحَبَّتِها وَلاتَحْرِمْنِي شَفاعَتَها وَشَفاعَةَ الأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِها وَارْزُقْنِي مُرافَقَتَها وَاحْشُرْنِي مَعَها وَمَعَ أَوْلادِها الطَّاهِرِينَ.

اللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ مِنْ زِيارَتِي إِيَّاها وَارْزُقْنِي العَوْدَ إِلَيْها أَبَداً ما أَبْقَيْتَنِي، وَإِذا تَوَفَّيْتَنِي فَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِها وَأَدْخِلْنِي فِي شَفاعَتِها بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللّهُمَّ بِحَقِّها عِنْدَكَ وَمَنْزِلَتِها لَدَيْكَ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِجَمِيعِ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرةِ حَسَنَةً وَقِنا بِرَحْمَتِكَ عَذابَ النَّارِ. ثم تصلي ركعتين للزيارة وتدعو بما تشاء وتنصرف (٢) .

زيارة حمزة قدس‌سره في أحد

تقول عند قبره إذا مضيت لزيارته: السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَمَّ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أسَدَ الله وَأَسَدَ رَسُولِهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ جاهَدْتَ فِي الله عَزَّوَجَلْ وَجُدْتَ بِنَفْسِكَ وَنَصَحْتَ رَسُولَ اللهِ (ص) (٣) وَكُنْتَ

_________________

١ - من خ والمصدر.

٢ - مصباح الزائر: ٥٨، المزار الكبير للمشهدي: ٩٢، باب ٨.

٣ - في المصدر لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .
٤٢٣

فِيما عِنْدَ الله سُبْحانَهُ راغِباً بِأَبِي أَنْتَ وَاُمِّي، أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلى الله عَزَّ وَجَلَّ بِزِيارَتِكَ، وَ (١) مُتَقَرِّباً إِلى رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بِذلِكَ، راغِباً إِلَيْكَ فِي الشَّفاعَةِ أَبْتَغِي بِزِيارَتِكَ (٢) خَلاصَ نَفْسِي مُتَعَوِّذاً بِكَ مِنَ نارٍ اسْتَحَقَّها مِثْلِي بِما جَنَيْتُ عَلى نَفْسِي هارِباً مِنْ ذُنُوبِي الَّتِي احْتَطَبْتُها عَلى ظَهْرِي فَزِعاً إِلَيْكَ رَجاءَ رَحْمَةِ رَبِّي (٣) مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ طالِباً فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، وَقَدْ اوْقَرَتْ ظَهْرِي ذُنُوبِي وَأَتَيْتُ ما أَسْخَطَ رَبِّي وَلَمْ أَجِدْ أَحَداً أَفْزَعُ إِلَيْهِ خَيْراً لِي مُنْكُمْ أَهْلَ بَيْتِ الرَّحْمَةِ فَكُنْ لِي شَفِيعاً يَوْمَ فَقْرِي وَحاجَتِي، فَقَدْ سِرْتُ إِلَيْكَ مَحْزُوناً مَكْرُوباً وَسَكَبْتُ عَبْرَتِي عِنْدَكَ باكِياً وَصِرْتُ إِلَيْكَ مُفْرَداً، وَأَنْتَ مِمَّنْ أَمَرَنِي الله بِصَلَتِهِ وَحَثَّنِي عَلى بِرِّهِ وَدَلَّنِي عَلى فَضْلِهَ وَهَدانِي لِحُبِّهِ وَرَغَّبَنِي فِي الوِفادَةِ إِلَيْهِ وَأَلْهَمَنِي طَلَبَ الحَوائِجِ عِنْدَهُ، أَنْتُمْ أَهْلُ بَيْتٍ لايَشْقى مَنْ تَوَلا كُمْ وَلايَخِيبُ مَنْ أَتاكُمْ وَلايَخْسَرُ مَنْ يَهْواكُمْ وَلايَسْعَدُ مَنْ عاداكُمْ. ثم تستقبل القبلة وتصلي ركعتين للزيارة وبعد الفراغ تنكب على القبر وتقول:

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ اللّهُمَّ إِنِّي تَعَرَّضْتُ لِرَحْمَتِكَ بِلُزُومِي لِقَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ صلى‌الله‌عليه‌وآله لِيُجِيرَنِي مِنْ نِقْمَتِكَ فِي يَوْمٍ تَكْثَرُ فِيهِ الاَصْواتُ وَتُشْغَلُ كُلُّ نَفْسٍ بِما قَدَّمَتْ وَتُجادِلُ عَنْ نَفْسِها، فَإِنْ تَرْحَمَنِي اليَوْمَ فَلا خَوْفٌ عَلَيَّ وَلا حُزْنٌ وَإِنْ تُعاقِبْ فَمَوْلىً لَهُ القُدْرَةُ عَلى عَبْدِهِ وَلاتُخَيِّبْنُي بَعْدَ اليَوْمِ وَلاتَصْرِفْنِي بِغَيْرِ حاجَتِي، فَقَدْ لَصِقْتُ بِقَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ وَتَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِكَ وَرَجاءَ رَحْمَتِكَ فَتَقَبَّلْ مِنِّي وَعُدْ بِحِلْمِكَ عَلى جَهْلِي وَبِرَافَتِكَ عَلى جِنايَةِ نَفْسِي، فَقَدْ عَظُمَ جُرْمِي وَما أَخافُ أَنْ تَظْلِمَنِي وَلكِنْ أَخافُ سُوءَ الحِسابِ فانْظُرِ اليَوْمَ تَقَلُّبِي عَلى قَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ (٤) ،

_________________

١ - متقرباً الى الله عزّ وجلّ: نسخة.

٢ - أبتغي بذلك - خ -.

٣ - زاد في المصدر: أتيتك أستشفع بك إلى مولاي وأتقرب اليه ليقضي بك حوائجي.

٤ - زاد في المصدر: عليهما‌السلام .
٤٢٤

فَبِهما فُكَّنِي مِنْ النَّارِ وَلاتُخَيِّبْ سَعْيي وَلا يَهُونَنَّ عَلَيْكَ ابْتِهالِي وَلاتَحْجُبَنَّ عَنْكَ صَوْتِي وَلاتَقْلِبْنِي بِغَيْرِ (١) حَوائِجِي، يا غِياثَ كُلِّ مَكْرُوبٍ وَمَحْزُونٍ وَيامُفَرِّجاً عَنِ المَلْهُوفِ الحَيْرانِ الغَرِيقِ المُشْرِفِ عَلى الهَلَكَةِ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْظُرْ إلى نَظْرَةً لا أَشْقى بَعْدَها أَبَداً، وَارْحَمْ تَضَرُّعِي وَعَبْرَتِي وَانْفِرادِي فَقَدْ رَجَوْتُ رِضاكَ وَتَحَرَّيْتُ الخَيْرَ الَّذِي لايُعْطِيهِ أَحَدٌ سِواكَ فَلا تَرُدَّ أَمَلِي .

اللّهُمَّ إِنْ تُعاقِبْ فَمَوْلىً لَهُ القُدْرَةُ عَلى عَبْدِهِ وَجَزائِهِ بِسُوءِ فِعْلِهِ (٢) فَلا أَخِيبَنَّ اليَوْمَ، وَلا تَصْرِفْنِي بِغَيْرِ حاجَتِي (٣) وَلا تُخَيِّبَنَّ شُخُوصِي وَوِفادَتِي فَقَدْ أَنْفَذْتُ نَفَقَتِي وَأَتْعَبْتُ بَدَنِي وَقَطَعْتُ المَفازاتِ وَخَلَّفْتُ الاَهْلَ وَالمالَ وَما خَوَّلْتَنِي وَآثَرْتُ ما عِنْدَكَ عَلى نَفْسِي وَلُذْتُ بِقَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَتَقَرَّبْتُ بِهِ ابْتِغاءَ مَرْضاتِكَ، فَعُدْ بِحِلْمِكَ عَلى جَهْلِي وَبِرأْفَتِكَ عَلى ذَنْبِي فَقَدْ عَظُمَ جُرْمِي (٤) بِرَحْمَتِكَ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ (٥) .

أقول: فضائل حمزة (سلام الله عليه) وفضل زيارته أكثر من أن يذكر.

وقال فخر المحققين (رض) في (الرسالة الفخرية):

يستحب زيارة حمزة قدس وباقي الشهداء بأحد لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: من زارني ولم يَزُرْ عمي حمزة فقد جفاني (٦) . وأقول: إني قد ذكرت في كتاب (بيت الأحزان) في مصائب سيّدة النسوان أنّ فاطمة صلوات الله عليها كانت تخرج يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع بعد وفاة أبيها إلى زيارة حمزة وباقي شهداء أُحد فتصلي هناك وتدعو إلى أن توفيت (٧) . وقال محمود بن لبيد: إنها كانت تأتي قبر حمزة وتبكي هناك، فلما كان في بعض الأيام أتيت قبر حمزة فوجدتها تبكي هناك فأمهلتها حتى سكنت فأتيتها وسلمت عليها وقلت: يا سيّدة

_________________

١ - زاد في مصباح الزائر: قضاء.

٢ - وجزاوه سوء فعله - خ -.

٣ - في مصباح الزائر: حوائجي.

٤ - في مصباح الزائر: فاغفره برأفتك يا كريم.

٥ - المزار الكبير: ٩٤، مصباح الزائر: ٦٠.

٦ - مستدرك الوسائل ١٠ / ١٩٨ عن الشيخ فخر الدين في رسالة النيّة.

٧ - بيت الاحزان: ١٤١.
٤٢٥

النسوان قد والله قطعت أنياط‍ قلبي من بكائك فقالت: يا أبا عمرو يحق لي البكاء فلقد أصبت بخير الاباء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . ثم قالت: واشوقاه إلى رسول اللهِ، ثم أنشدت تقول:

إِذا ماتَ يَوما مَيِّتٌ قَلَّ ذِكْرُه‌ُ
    

    

وَذِكْرُ أَبِي مُذْ ماتَ وَالله أَكْثَرُ (١)

وقال الشيخ المفيد: وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر في حياته بزيارة قبر حمزة عليه‌السلام وكان يُلِمُّ به وبالشهداء ولم تزل فاطمة عليها‌السلام بعد وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله تغدو إلى قبره وتروح والمسلمون ينتابون على زيارته وملازمة قبره (٢) .

زيارة قبور الشهداء رضوان الله عليهم بأُحد

تقول في زيارتهم:

السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللهِ، السَّلامُ عَلى نَبِي اللهِ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، السَّلامُ عَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَيُّها الشُّهداء المُؤْمِنُونَ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أهْلَ بَيْتِ الإيْمانِ وَالتَّوْحِيدِ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أَنْصارَ دِينِ الله وَأَنْصارِ رَسُولِهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبى الدَّارِ (٣) أَشْهَدُ أَنَّ الله اخْتارَكُمْ لِدِينِهِ وَاصْطَفاكُمْ لِرَسُولِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكُمْ قَدْ (٤) جاهَدْتُمْ فِي‌الله حَقَّ جِهادِهِ وَذَبَبْتُمْ عَنْ دِينِ الله وَعَنْ نَبِيِّهِ وَجُدْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ دُونَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكُمْ قُتِلْتُمْ عَلى مِنْهاجِ رَسُولِ الله فَجَزاكُمْ الله عَنْ نَبِيِّهِ وَعَنِ الإسلامِ وَأَهْلِهِ أَفْضَلَ الجَزاءِ وَعَرَّفنا وَجُوهَكُمْ فِي مَحَلِّ رِضْوانِهِ وَمَوْضِع إِكْرامِهِ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهداء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ اُولَئِكَ رَفِيقاً. أَشْهَدُ أَنَّكُمْ لَمِنَ المُقَرَّبِينَ الفائِزِينَ الَّذِينَ هُمْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَعَلى مَنْ قَتَلَكُمْ لَعْنَةُ الله وَالنَّاسِ أَجْمَعِينِ، أَتَيْتُكُمْ يا أهْلَ التَّوْحِيدِ زائِراً وَبِحَقِّكُمْ (٥) عارِفاً وَبِزِيارَتِكُمْ إِلى الله مُتَقَرِّباً

_________________

١ - بيت الاحزان: ١٤١، وكفاية الاثر للخرّاز القمي: ١٩٨.

٢ - الفصول المختارة: ١٣١.

٣ - في مصباح الزائر ثلاث مرّات: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار.

٤ - في مصباح الزائر والمزار الكبير ونسخة: وأشهد أنكم جاهدتم.

٥ - في مصباح الزائر والمزار الكبير: ولحقّكم.
٤٢٦

وَبِما سَبَقَ مِنْ شَرِيفِ الاَعْمالِ وَمَرْضِيِّ الاَفْعالِ عالِماً، فَعَلَيْكُمْ سَلامُ الله وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكاتُهُ وَعَلى مَنْ قَتَلَكُمْ لَعْنَةُ الله وَغَضَبُهُ وَسَخَطُهُ، اللّهُمَّ انْفَعْنِي بِزِيارَتِهِمْ وَثَبِّتْنِي عَلى قَصْدِهِمْ وَتَوَفَّنِي عَلى ماتَوَفَّيْتَهُمْ عَلَيْهِ وَاجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فِي مُسْتَقَرِّ دارِ رَحْمَتِكَ أَشْهَدُ أَنَّكُمْ لَنا فَرَطٌ وَنَحْنُ بِكُمْ لاحِقُونَ . وتكرر سورة ( إنا أنزلناه في ليلة ) القدر ماتمكنت .

وقال البعض تصلي عند كل مزور ركعتين وترجع إن شاء الله تعالى (١) .

ذكر المساجد المعظمة بالمدينة المنورة

منها: مسجد قباء: الذي أُسس على التقوى من أول يوم، وروى أن من ذهب إليه فصلى فيه ركعتين رجع بثواب العمرة. فإمض إليه وصلِّ فيه ركعتين للتحية وسبّح تسبيح الزهراء عليها‌السلام ، ثم زر بالزيارة الجامعة التي تفتح ب‍‍: السَّلامُ عَلى أَوْلِياءِ اللهِ ...، وقد جعلناها أُولى الزيارة الجامعة وستأتي في أواخر الباب إن شاء الله، ثم ادع الله وقل: يا كائِنا قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وهو دعاء طويل وإيراده هنا ينافي ما نبغيه من الاختصار فليطلبه من شاء من مزار البحار (٢) وتصلّي في مشربة أُم إبراهيم، أي غرفة أُم إبراهيم ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد كانت هناك مسكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومصلاه. وكذلك - في مسجد الفضيخ: وهو قريب من قبا ويسمى أيضاً مسجد ردّ الشمس. وفي - مسجد الفتح أيضاً: ويسمى أيضاً بمسجد الأحزاب وقل إذا فرغت من الصلاة في مسجد الفتح: يا صَرِيخَ المَكْرُوبِينَ وَيامُجِيبَ دَعْوَةِ المُضْطَرِّينَ وَيامُغِيثَ المَهْمُومِينَ إكْشِفْ عَنِّي ضُرِّي وَهَمِّي وَكَرْبِي كَما كَشَفْتَ عَنْ نَبِيِّكَ صلى‌الله‌عليه‌وآله هَمَّهُ وَكَفَيْتَهُ هَوْلَ عَدُوِّهِ، وَاكْفِنِي ماأَهَمَّنِي مِنْ أَمْرِ الدُّنْيا وَالآخِرةِ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . وتصلي ما استطعت في دار الإمام زين العابدين ودار الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام . وفي مسجد سلمان. ومسجد أمير المؤمنين عليه‌السلام : المحاذي قبر حمزة. ومسجد المباهلة. وتدعو بما تشاء إن شاء الله تعالى (٣) .

_________________

١ - المزار الكبير: ٩٧، مصباح الزائر: ٦٢.

٢ - البحار ١٠٠ / ٢٢٢ عن المزار الكبير: ٩٨.

٣ - البحار ١٠٠ / ٢٢٤ عن المزار الكبير: ١٠١، مصباح الزائر: ٦٤.
٤٢٧

زيارة الوداع

إذا أردت أن تخرج من المدينة فاغتسل وامضِ إلى قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله واعمل ما كنت تعمله من قبل ثم ودّعه وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله أَسْتَوْدِعُكَ الله وَأَسْتَرْعِيكَ وَأَقْرَاءُ عَلَيْكَ، السَّلامُ آمَنْتُ بِالله وَبِما جِئْتَ بِهِ وَدَلَلْتَ عَلَيْهِ، اللّهُمَّ لاتَجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ مِنِّي لِزِيارَةِ قَبْرِ نَبِيِّكَ فَإِنْ تَوَفَّيْتَنِي قَبْلَ ذلِكَ فَإِنِّي أَشْهَدُ فِي مَماتِي عَلى ماشَهِدْتُ عَلَيْهِ فِي حَياتِي أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

وقال الصادق عليه‌السلام ليونس بن يعقوب: قل في وداع النبي: صَلّى الله عَلَيْكَ، السَّلامُ عَلَيْكَ لا جَعَلَهُ الله آخِرَ تَسْلِيمِي عَلَيْكَ (٢) .

أقول: قد قلنا في كتاب (هدية الزائرين) عند بيان ما ينبغي أن يصنع زوّار المدينة الطيّبة إن من مهام الأمور أن يغتنموا الفرصة ماأقاموا في المدينة المعظّمة فيكثروا من الصلاة في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن الصلاة فيه تعدل عشرة آلاف صلاة في غيره من المواضع، وأفضل الأماكن فيه مسجد الروضة وهو بين القبر والمنبر.

وإعلم أنّه قال شيخنا في (التحية): إنّ موضع جسد نبينا والأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين) في الأَرض أشرف من الكعبة المعظّمة باتفاق جميع الفقهاء كما صرح به الشهيد في القواعد (٣) . وفي حديث حسن عن الحضرمي قال: أمرني الصادق عليه‌السلام أن أكثر من الصلاة في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما أمكنتني الصلاة. وقال: إنّه لا يتيسر لك دائماً الحضور في هذه البقعة الشريفة (٤) ... الخ. وروى الشيخ الطوسي (رض) في التهذيب بسند معتبر عن مرازم عن الصادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ قال: الصيام في المدينة والقيام عند الأساطين ليس بمفروض ولكن من شاء فليصم فإنه خير له إنما المفروض الصلاة الخمس وصيام شهر رمضان فأكثروا الصلاة في هذا المسجد مااستطعتم فإنه خير لكم. واعلموا أنّ الرجل قد يكون كيّساً في أمر الدنيا فيقال ماأكيس فلانا فكيف من كأس في أمر آخرته (٥) . وكرر ماأمكنتك في كل يوم زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكذلك زيارة أئمة البقيع عليهم‌السلام وسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مهما وقع بصرك على حجرته وراقب نفسك ما دمت في المدينة وصن نفسك من المعاصي والمظالم وتدبّر في شرف تلك المدينة ولا سيّما مسجدها مسجد

_________________

١ - المزار الكبير: ١٠٨، باب ١٣، مصباح الزائر: ٦٥.

٢ - الكافي ٤ / ٥٦٣.

٣ - انظر القواعد والفوائد للشهيد: ١٢٤، قاعدة ١٨٩.

٤ - البحار ٩٧ / ١٨٢ عن كامل الزيارات: ١٢ مع اختلاف في بعض الالفاظ.

٥ - تهذيب الاحكام ٦ / ١٩ باب ٥ ح ٢٣.
٤٢٨

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فتلك البقاع هي مواضع أقدام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد تردد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في مسالك هذه المدينة وأسواقها وصلّى في مسجدها، وهناك موضع الوحي والتنزيل وكان يهبط فيها جبرائيل والملائكة المقرّبون ولنعم ما قيل:

أَرْضٌ مَشى جَبْرِيلُ فِي عَرَصاتِها
    

    

وَالله شَرَّفَ أَرْضَها وَسَّماءها

وتصدق ما استطعت في المدينة ولا سيّما في المسجد وخاصّة على السادة وذرية الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن لها ثواباً جزيلاً وأجراً عظيماً (١) . وقال العلامة المجلسي (رض) في رواية معتبرة إنّ درهما يتصدق بها فيها يعدل عشرة آلاف درهم في غيرها (٢) وجاور المدينة الطيّبة إن أمكنتك فإنّها مستحبّة وقد ورد في فضلها أحاديث مستفيضة (٣) :

سَقى الله قَبْراً بِالمَدِينَةِ غَيْثَه‌ُ
    

    

فَقَدْ حَلَّ الاَمْنُ بِالبَرَكاتِ

نَبِيُّ الهُدى صَلّى عَلَيْهِ مَلِيكُه‌ُ
    

    

وَبَلَّغَ عَنَّا رُوحَهُ التُّحُفاتِ

وَصَلِّى عَلَيْهِ ما ذَرَّء شارِق‌ٌ
    

    

وَلاحَتْ نُجُومُ اللَيْلِ مُبْتَدِراتِ (٤)

الفصل الرابع

في فضل زيارة مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام وكيفيتها

وفيه عدة مطالب:

المطلب الأول

في فضل زيارته عليه‌السلام

وروى الشيخ الطوسي (رض) بسند صحيح عن محمد بن مسلم عن الصادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ قال: ما خلق الله خلقاً أكثر من الملائكة وإنه لينزل كل يوم سبعون ألف ملك فيأتون البيت المعمور فيطوفون به فإذا هم طافوا به طافوا بالكعبة فإذا طافوا بها أتوا قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسلّموا عليه ثم أتوا قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام فسلموا عليه ثم أتوا قبر الحسين عليه‌السلام فسلّموا عليه

_________________

١ - البحار ١٠٠ / ١٣٥ عن الشهيد في الدروس.

٢ - مستدرك الوسائل ١٠ / ٢٠٧ ح ١١٨٦٨ مع اضافات.

٣ - انظر مستدرك الوسائل ١٠ / ٢٠٢ باب ١٢.

٤ - راجع بقية أشعار دعبل في مسند الامام الرضا عليه‌السلام للعطاردي: ١٨٦.
٤٢٩

ثم عرجوا، وينزل مثلهم أبداً إلى يوم القيامة (١) . ثم قال: من زار أمير المؤمنين عليه‌السلام عارفاً بحقه ( أي وهو يعترف بإمامته ووجوب طاعته وأنّه الخليفة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حقاً ) غير متجبر ولامتكبر كتب الله له أجر مائة الف شهيد وغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وبعث من الآمنين وهوّن عليه الحساب واستقبلته الملائكة . فإذا انصرف إلى منزله فإن مرض عادوه وإن مات تبعوه بالاستغفار إلى قبره (٢) .

وروى السيد عبد الكريم بن طاووس (رض) في (فرحة الغري) عنه عليه‌السلام قال: من زار أمير المؤمنين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ ماشياً كتب الله له بكل خطوة حجة وعمرة فإن رجع ماشياً كتب الله له بكل خطوة حجتين وعمرتين (٣) . وروي عنه عليه‌السلام أيضاً أنه قال لابن مارد: يا أبن مارد من زار جدّي عارفاً بحقّه كتب الله له بكل خطوة حجة مقبولة وعمرة مبرورة، يا بن مارد والله مايُطعم الله النار قدما تغبرت (٤) في زيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام ماشياً كان أو راكباً، يا بن مارد اكتب هذا الحديث بماء الذهب (٥) . وروي أيضاً عنه عليه‌السلام قال: نحن نقول بظهر الكوفة قبر لايلوذ به ذو عاهة إِلاّ شفاه اللهِ (٦) . أقول: يظهر من أحاديث معتبرة أن الله تعالى قد جعل قبور أمير المؤمنين عليه‌السلام وأولاده الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين معاقل الخائفين وملاجي المضطرين وأمانا لأهل الأَرض مازارها مغموم إِلاّ وفرّج الله عنه وماتمسّح بها سقيم إِلاّ وشفي وما التجأ إليها أحد إِلاّ أمن.

روى السيد عبد الكريم بن طاووس عن محمد بن علي الشيباني قال: خرجت أنا وأبي وعمي حسين ليلاً متخفّين (٧) إلى الغري لزيارة أمير المؤمنين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ وكان ذلك سنة مائتين وبضع وستين وكنت طفلاً صغيراً فلمّا وصلنا إلى القبر الشريف وكان يومئذ قبراً حوله حجارة سود ولا بناء عنده، فبينا نحن عنده بعضنا يقرأ وبعضنا يصلّي وبعضنا يزور إذا نحن بأسد مقبل نحونا فلمّا قرب منّا قدر رمح تباعدنا عن القبر الشريف فجاء الأسد فجعل يمرّغ ذراعيه على القبر، فمضى رجل منا فشاهده فعاد فأعلمنا فزال الرعب عنّا، فجئناه جميعاً فشاهدناه يمرّغ ذراعه على القبر وفيه جراح فلم يزل يمرّغه ساعة، ثم انزاح عن القبر ومضي

_________________

١ - أمالي الطوسي: المجلس ٨، الحديث ٢٢، ترتيب الامالي: ٦ / ٣٨، ح ٢٦٨٠.

٢ - أمالي الطوسي: المجلس ٨، الحديث ٢٢، ترتيب الامالي: ٦ / ٣٨، ح ٢٦٨٠.

٣ - فرحة الغري: ٧٥، باب ٦.

٤ - تغبّرت، أي ملطّخ بالغبار.

٥ - فرحة الغري: ٧٦، باب ٦.

٦ - فرحة الغري: ٩١، باب ٦.

٧ - تخفّى: استتر وتوارى.
٤٣٠

فعدنا إلى ماكنّا عليه لاتمام الزيارة والصلاة وقراءة القرآن (١) .

وحكى الشيخ المفيد قال: خرج الرشيد يوماً من الكوفة للصيد فصار إلى ناحية الغريين والثّويّة (٢) فرأى هناك ظبأً فأمر بإرسال الصقور والكلاب المعلمة عليها فحاولتها ساعة ثم لجأت الظِّباء إلى أكمة فتراجعت الصقور والكلاب عنها فتعجّب الرشيد من ذلك. ثم إن الظباء هبطت من الأكمة فسقطت الطيور والكلاب عليها فرجعت الظّباء إلى الأكمة فتراجعت الصقور والكلاب عنها مرّة ثانية ثم فعلت ذلك مرة أخرى، فقال الرشيد: أركضوا إلى الكوفة فأتوا بأكبرها سنّا، فأُتي بشيخ من بني أسد فقال الرشيد: أخبرني ما هذه الأكمة فقال: وهل أنا آمن إذا أجبت السؤال؟ فقال الرشيد: عاهدت الله على أن لا أؤذيك. فقال: حدثني‌أبي عن آبائه أنّهم كانوا يقولون إن هذه الأكمة قبر عليّ بن أبي طالب صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ، جعله الله حرما آمنا يأمن من لجأ إليه (٣) .

أقول: من أمثال العرب السائرة: (أحمى من مجير الجراد)، وقصّة المثال أنّ رجلاً من أهل البادية من قبيلة طي يسمّى مُدْلج بن سويد كان ذات يوم في خيمة فإذا هو بقوم من طيء ومعهم أوعيتهم فقال: ماخطبكم؟ قالوا: جراد وقع في فنائك فجئنا لنأخذه. فلما سمع مدلج ذلك ركب فرسه وأخذ رمحه. وقال: أيكون الجراد في جواري ثم تريدون أخذه؟ لا يكون ذلك. فما زال يحرسه حتى حميت الشمس عليه وطار فقال شأنكم الان تحوّل عن جواري (٤) .

وقال صاحب (القاموس): إن ذا الأعواد لقب رجل شريف جداً من العرب قيل هو جدّ أكثم بن الصيفي كانت قبيلة مضر تجبي إليه الخراج، فلما هرم وبلغ الكبر كان يحمل على سرير فيطاف به بين قبائل العرب ومياهها فيجبى له، وكان شريفاً مكرَّماً ما لجأ إلى سريره خائف إِلاّ أمِنَ ومادناً من سريره ذليل إِلاّ عزّ وما أتاه جائع إِلاّ شبع (٥) انتهى. فإذا كان سرير رجل من العرب يبلغ من العزة والرفعة هذا المبلغ فلا غرو إذا جعل الله تعالى قبر وليه الذي كان حملة سريره هم جبرائيل وميكائيل عليه‌السلام والإمام الحسن عليه‌السلام والإمام الحسين عليه‌السلام معقلاً للخائفين وملجأ للهاربين وغوثاً للمضطرين وشفاءً للمرضى. فاجتهد أينما كنت لبلوغ قبره الشريف والتصق به ماأمكنك ذلك. وألح في الدعاء كي يغيثك عليه‌السلام وينجيك من الهلاك في الدنيا والآخِرة.

_________________

١ - فرحة الغري لابن طاووس: ١٤١.

٢ - الثويّة: موضع قريب من الكوفة.

٣ - الارشاد ١ / ٢٦ وفيه اضافات.

٤ - مجمع الآداب لابن الفوطي ٤ / ٥٦٧ برقم ٤٤٦٨.

٥ - ترتيب القاموس ٣ / ٣٣٩ في مادة «عود».
٤٣١

لُذْ إِلى جُودِهِ تَجِدْهُ زَعِيماً
    

    

بِنَجاةِ العُصاةِ يَوْمَ لِقاها

عائِذٌ لِلْمُؤَمِّلِينَ مُجِيب
    

    

سامِعٌ ماتُسِرُّ مِنْ نَجْواها

وحكي في كتاب (دار السلام) عن الشيخ الديلمي أنه روى جمع من صلحاء النجف الأشرف أن رجلاً شاهد في‌المنام القبة الشريفة لحبل الله المتين أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقد امتدّت إليها واتصلت بها خيوط خارجة من القبور التي في داخل ذلك المشهد الشريف وفي خارجة فأنشد الرجل:

إِذا مُتُّ فَادْفِنِّي إِلى جَنْبِ حَيْدَرٍ
    

    

أَبِي شُبَّرٍ أَكْرِمْ بِهِ وَشُبَيْرِ

فَلَسْتُ أَخافُ النَّارَ عِنْدَ جِوارِه
    

    

وَلا أَتَّقِي مِنْ مُنْكَرٍ وَنَكِيرِ

فَعارعَلى حامِي الحِمى وَهُو فِي الحِمى
    

    

إِذا ضَلَّ فِي البِيْداءِ عِقالُ بَعِيرِ (١)

المطلب الثاني

في كيفية زيارته عليه‌السلام

إعلم أنَّ زياراته عليه‌السلام نوعان فزيارات مطلقة لاتخص زمانا خاصاً وزيارات مخصوصة يزار بها في أوقات معينة ونذكر الزيارات في مقصدين:

المقصد الأول

في الزيارات المطلقة

وهي كثيرة نقتصر هنا على عدة منها:

الأولى: مارواها الشيخ المفيد والشهيد والسيد ابن طاووس وغيرهم. وصفتها أنّك إذا أردت زيارته عليه‌السلام فاغتسل والبس ثوبين طاهرين ونَلْ شَيْئاً من الطِّيب، وإن لم تنل أجزائك، فإذا خرجت من منزلك فقل: اللّهُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ (٢) مِنْ مَنْزِلِي أَبْغِي فَضْلَكَ وَأَزُورُ وَصِيَّ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِما، اللّهُمَّ فَيَسِّرْ ذلِكَ لِي وَسَبِّبْ المَزارَ لَهُ وَاخْلُفْنِي فِي عافِيَتِي وَحُزانَتِي بِأَحْسَنِ الخِلافَةِ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . فَسِرْ وأنت تلهج بهذه الأذكار: الحَمْدُ للهِ، وَسُبْحانَ الله، وَلا إِلهَ إِلاّ اللهُ . وإذا بلغت خندق الكوفة فقف عنده وقل: الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ أَهْلَ

_________________

١ - دار السلام للطبرسي ١ / ٢٢٣.

٢ - توجّهت: خ.
٤٣٢

الكِبْرِياءِ وَالمَجْدِ وَالعَظَمَةِ الله أَكْبَرُ أَهْلَ التَّكْبِيرِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّسْبِيحِ وَالالاِء الله أَكْبَرُ مِما أَخافُ وَأَحْذَرُ الله أَكْبَرُ عِمادِي وَعَلَيْهِ أَتَوَكَّلُ الله أَكْبَرُ رَجائِي وَإِلَيْهِ انُِيبُ، اللّهُمَّ أَنْتَ وَلِيُّ نِعْمتِي وَالقادِرُ عَلى طَلِبَتِي تَعْلَمُ حاجَتِي وَما تُضْمِرُهُ هَواجِسُ الصُّدُورِ وَخَواطِرُ النُّفُوسِ؛ فَأَسْأَلُكَ بِمُحَمَّدٍ المُصْطَفى الَّذِي قَطَعْتَ بِهِ حُجَجَ المُحْتَجِّينَ وَعُذْرَ المُعْتَذِرِينَ وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ أَنْ لاتَحْرِمْنِي ثَوابَ (١) زِيارَةِ وَلِيِّكَ وَأَخِي نَبِيِّكَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَقَصْدَهُ، وَتَجْعَلَنِي مِنْ وَفْدِهِ الصَّالِحِينَ وَشِيعَتِهِ المُتَّقِينَ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . فإذا تراءت لك القُبَّة الشريفة فقل: الحَمْدُ للهِ عَلى ما اخْتَصَّنِي بِهِ مِنْ طِيبِ المَوْلِدِ وَاسْتَخْلَصَنِي إِكْراماً بِهِ مِنْ مُوالاةِ الأبْرارِ السَّفَرَهِ الأطْهارِ وَالخِيَرَةِ الأعْلامِ، اللّهُمَّ فَتَقَبَّلْ سَعْيي إِلَيْكَ وَتَضَرُّعِي بَيْنَ يَدَيْكَ وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي لاتَخْفى عَلَيْكَ إِنَّكَ أَنْتَ الله المَلِكُ الغَفَّارُ (٢) .

أقول: يعرض للزائر إذا وقع نظره على قبته المنيرة النشاط والانبساط ويثور في فؤاده العشق والولاء، فيحاول أن يتوجه إليه عليه‌السلام بمجامع قلبه وأن يمدحه ويثني عليه بكلّ لسان وبيان ولا سيّما إذا كان الزائر من أهل العلم والكمال فإنه يرغب في شعر بليغ يتمثّل به في ذلك الحال لذلك خطر لي أن أثبت هنا هذه الأبيات المناسبة للمقام من القصيدة الهائية الآزريّة والرجاء الواثق أن يسلّم الزائر عني سلاماً على صاحب القبّة البيضاء وأن لا ينساني من الدعاء وهذه هي الأبيات:

أَيُّها الرَّاكِبُ المُجِدُّ رُوَيْداً
    

    

بِقُلُوبٍ تَقَلَّبَتْ فِي جَواها

إِنْ تَراَءتْ أَرْضُ الغَرِيَّينِ فَاخْضَع‌ْ
    

    

وَاخْلَعْ النَّعْلَ دُونَ وَادي طُواها

وإذا شِمتَ قُبَّةَ العالَم‌ِ
    

    

الأَعلى وَأنوارُ رَبِّها تَغشاها

فَتَواضَعْ فَثَمَّ دارَةُ قُدْس‌ٍ
    

    

تَتَمَنّى الأفلاكُ لَثْمَ ثَراها

قُلْ لَهُ وَالدُّموعُ سَفحُ عَقِيق‌ٍ
    

    

والحَشا تَصطَلي بنارِ غَضاها

يا بنَ عمِّ النبيّ أَنْتَ يدُ اللهِ
    

    

التي عَمَّ كُلَّ شَيءٍ نَداها

أَنْتَ قرآنُه القديمُ وَأوصا
    

    

فُكَ آياتُهُ الَّتِي أَوْحاها

خَصَّكَ الله فِي مَآثِرَ شَتَّى
    

    

هِيَ مِثلُ الاعدادِ لا تَتَناهى

_________________

١ - ثواب: خ.

٢ - المزار للشهيد: ٦٧، مصباح الزائر: ١١٨ مع اختلاف قليل.
٤٣٣

لَيْتَ عَيناً بِغيرِ رَوضِكَ تَرعى
    

    

قَذِيتْ وَاستَمرَّ فِيها قَذاها

أَنْتَ الَّذِي بَعدَ النبِّي خيرُ البَرايا
    

    

والسَّماء خَيرُ ما بها قَمَراها

لَكَ ذاتٌ كَذاتِهِ حيثُ لَولا
    

    

أنَّها مِثلُها لَما آخاها

قد تراضَعتُما بِثَدْي وِصال‌ٍ
    

    

كان مِنْ جَوهرِ التَّجلِّي غِذاها

يا أخا المُصطفى لَديَّ ذنُوب‌ٌ
    

    

هِيَ عَينٌ القَذى وَأَنْتَ جَلاها

لكَ فِي مُرتَقى العُلى وَالمَعالي
    

    

درَجاتٌ لا يُرتَقى أدْناها

لَكَ نَفسٌ من مَعدِنِ الُّلطفِ صِيغَت‌ْ
    

    

جَعَلَ الله كُلَّ نَفسٍ فِداها (١)

فإذا بلغت باب حصن النّجف فقل:

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَماكُنَّا لِنَهْتَدِي لَوْلا أَنْ هدانا اللهِ ) (٢) ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي سَيَّرَنِي فِي بِلادِه وَحَمَلَنِي عَلى دَوابِّهِ وَطَوى لِي البَعِيدَ وَصَرَفَ عَنِّي المَحْذُورَ وَدَفَعَ عَنِّي المَكْرُوهَ حَتّى أَقْدَمَنِي حَرَمَ أَخِي رَسُولِهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ثم ادخل وقل: الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَدْخَلَنِي هذِهِ البُقْعَةَ المُبارَكَهَ الَّتِي بارَكَ الله فِيها وَاخْتارَها لِوَصِيِّ نَبِيِّهِ، اللّهُمَّ فاجْعَلْها شاهِدَةً لِي .

فإذا بلغت العتبة الأولى فقل: اللّهُمَّ بِبابِكَ وَقَفْتُ وَبِفِنائِكَ نَزَلْتُ وَبِحَبْلِكَ اعْتَصَمْتُ وَلِرَحْمَتِكَ تَعَرَّضْتُ وَبِوَلِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ تَوَسَّلْتُ فَاجْعَلْها زِيارَةً مَقْبُولَةً وَدُعاءاً مُسْتَجاباً .

ثم قف على باب الصحن وقل: اللّهُمَّ إِنَّ هذا الحَرَمَ حَرَمُكَ وَالمَقَامَ مَقامُكَ وَأَنا أَدْخُلُ إِلَيْهِ أُناجِيكَ بِما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي وَمِنْ سِرِّي وَنَجْوايَ، الحَمْدُ للهِ الحَنَّانِ المَنَّانِ المُتَطَوِّلِ الَّذِي مِنْ تَطَوُّلِهِ سَهَّلَ لِي زِيارَةَ مَوْلايَ بِإِحْسانِهِ وَلَمْ يَجْعَلْنِي عَنْ زِيارَتِهِ مَمْنُوعاً وَلا عَنْ وِلايَتِهِ مَدْفُوعاً بَلْ تَطَوَّلَ وَمَنَحَ، اللّهُمَّ كَما مَنَنْتَ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِهِ فَاجْعَلْنِي مِنْ شِيعَتِهِ وَادْخِلْنِي الجَنَّةَ بِشَفاعَتِهِ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

_________________

١ - الازرية للشيخ الازري: ٨٦ مع اضافات كثيرة.

٢ - الاعراف: ٧ / ٤٣.
٤٣٤

ثُمَّ ادخل الصحن وَقل:

الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَكْرَمَنِي بِمَعْرِفَتِهِ وَمَعْرِفَةِ رَسُولِهِ وَمَنْ فَرَضَ عَلَيَّ طاعَتَهُ رَحْمَةً مِنْهُ لِي وَتطَوُّلاً مِنْهُ عَلَيَّ وَمَنَّ عَلَيَّ بِالإيْمانِ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَدْخَلَنِي حَرَمَ أَخِي رَسُولِهِ وَأَرانِيهِ فِي عافِيَةٍ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَنِي مِنْ زُوَّارِ قَبْرِ وَصِيِّ رَسُولِهِ. أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ جاءَ بِالحَقِّ مِنْ عِنْدِ الله وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً عَبْدُ الله وَأَخو رَسُولِ اللهِ، اللهُ أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ لا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ والحَمْدُ للهِ عَلى هِدايَتِهِ وَتَوْفِيقِهِ بِما دَعا إِلَيْهِ مِنْ سَبِيلِهِ، اللّهُمَّ إِنَّكَ أَفْضَلُ مَقْصُودٍ وَأَكْرَمُ مأْتِيٍّ وَقَدْ أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمةِ وَبِأَخِيهِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلي بْنِ أَبِي طالِبٍ عَلَيْهِما، السَّلامُ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلا تُخَيِّبْ سَعْيي وَانْظُرْ إلى نَظْرَةً رَحِيمَةً تُنْعِشُنِي بِها وَاجْعَلْنِي عِنْدَكَ وَجِيها فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ .

ثم امش حتى تقف على باب الرواق وقل: السَّلامُ عَلى رَسُولِ الله أَمِينِ الله عَلى وَحْيِهِ وَعَزائِمِ أَمْرِهِ الخاتِمِ لِما سَبَقَ وَالفاتِحِ لِما اسْتُقْبِلَ وَالمُهَيْمِنِ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى صاحِبِ السَّكِينَةِ، السَّلامُ عَلى المَدْفُونِ بِالمَدِينَةِ، السَّلامُ عَلى المَنْصُورِ المُؤَيَّدِ، السَّلامُ عَلى أَبِّي القاسِمِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ الله وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ (١) .

ثم ادخل الرواق وقدم رجلك اليمنى قبل اليسرى وقف على باب القُبَّة وقل: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ جاءَ بِالحَقِّ مِنْ عِنْدِهِ وَصَدَّقَ المُرْسَلِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبِيب الله وَخِيَرَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ،

_________________

١ - عدّ الكفعمي هذه الزيارة الوجيزة الى: (السلام على أبي القاسم محمّد ورحمة الله وبركاته) من زيارات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله . منه.
٤٣٥

السَّلامُ عَلى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَبْدِ الله وَأَخِي رَسُولِ اللهِ . يا مَوْلايَ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ جائكَ مُسْتَجِيراً بِذِمَّتِكَ قاصِداً إِلى حَرَمِكَ مُتَوَجِّها إِلى مَقامِكَ مُتَوَسِّلاً إِلى الله تَعالى بِكَ، أَأَدْخُلُ يا مَوْلايَ أَأَدْخُلُ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَأَدْخُلُ يا حُجَّةَ الله أَأَدْخُلُ يا أمِينَ الله أَأَدْخُلُ يا مَلائِكَةَ الله المُقِيمِينَ (١) فِي هذا المَشْهَدِ يا مَوْلايَ أَتَأْذَنْ لِي بِالدُّخُولِ أَفْضَلَ ماأَذِنْتَ لاَحَدٍ مِنْ أَوْلِيائِكَ، فَإِنْ لَمْ أَكُنْ لَهُ أَهْلاً فَأنْتَ أَهْلٌ لِذلِكَ .

ثم قبل العتبة وقدم رجلك اليمنى على اليسرى وادخل وأنت تقول: بِسْمِ الله وَبِالله وَفِي سَبِيلِ الله وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوابُ الرَّحِيمُ .

ثم امش حتى تحاذي القبر واستقبله بوجهك وقف قبل وصولك إليه وقل:

السَّلامُ مِنَ الله عَلى مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله أَمِينِ الله عَلى وَحْيِهِ وَرِسالاتِهِ وَعَزائِمِ أَمْرِهِ وَمَعْدِنِ الوَحْيِ وَالتَّنْزِيلِ الخاتِمِ لِما سَبَقَ وَالفاتِحِ لِما اسْتُقْبِل وَالمُهَيْمِنِ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ الشَّاهِدِ عَلى الخَلْقِ السِّراجِ المُنِيرِ، والسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ المَظْلُومِينَ أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ وَأرْفَعَ وَأَشْرَفَ ماصَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَصْفِيائِكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَبْدِكَ وَخَيْرِ خَلْقِكَ بَعْدَ نَبِيِّكَ وَأَخِي رَسُولِكَ وَوَصِيِّ حَبِيبِكَ الَّذِي انْتَجَبْتَهُ مِنْ خَلْقِكَ وَالدَّلِيلِ عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسالاتِكَ وَدَيَّانِ الدِّينِ بِعَدْلِكَ وَفَصْلِ قَضائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى الأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ القَوَّامِينَ بِأَمْرِكَ مِنْ بَعْدِهِ المُطَهَّرِينَ الَّذِينَ ارْتَضَيْتَهُمْ أَنْصاراً لِدِينِكَ وَحَفَظَةً لِسِرِّكَ وَشُّهداء عَلى خَلْقِكَ وَأَعْلاما لِعِبادِكَ

_________________

١ - المقرّبين - خ -.
٤٣٦

صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ . السَّلامُ عَلى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَليِّ بْنِ أَبِى طالِبٍ وَصِيِّ رَسُولِ الله وَخَلِيفَتِهِ وَالقائِمِ بِأَمْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ سَيِّدِ الوَصِيِّينَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ، السَّلامُ عَلى الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ سَيِّدَي شَبابِ أَهْلِ الجَنَّةِ مِنَ الخَلْقِ أَجْمَعِينَ، السَّلامُ عَلى الأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ، السَّلامُ عَلى الأَنْبِياءِ وَالمُرْسَلِينَ، السَّلامُ عَلى الأئِمَّةِ المُسْتَوْدَعِينَ، السَّلامُ عَلى خاصَّةِ الله مِنْ خَلْقِهِ، السَّلامُ عَلى المُتَوَسِّمِينَ، السَّلامُ عَلى المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ قامُوا بِأَمْرِهِ وَوازَرُوا أَوْلِياَء الله وَخافُوا بِخَوْفِهِمْ، السَّلامُ عَلى المَلائِكَةِ المُقَرَّبِينَ، السَّلامُ عَلَيْنا وَعَلى عِبادِ الله الصَّالِحِينَ.

ثم أدنُ من القبر وإستقبله واجعل القبلة خلفك وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبِيبَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفِيَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمامَ الهُدى، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَلَمَ التُّقى، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الوَصِيُّ البِرُّ التَّقِيُّ النَقِيُّ الوَفِيُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَمُودَ الدِّينِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيِّدَ الوَصِيِّنَ وَأَمِينَ رَبِّ العالَمِينَ وَدَيَّانَ يَوْمِ الدِّينِ وَخَيْرَ المُؤْمِنِينَ وَسَيِّدَ الصِدِّيقِينَ وَالصَفْوَةَ مِنْ سُلالَةِ النَّبِيِّينَ وَبابَ حِكْمَةِ رَبِّ العالَمِينَ وَخازِنَ وَحْيِهِ وَعَيْبَةَ عِلْمِهِ وَالنَّاصِحَ لاُمَّةِ نَبِيِّهِ وَالتَّالِيَ لِرَسُولِهِ وَالمُواسِيَ لَهُ بِنَفْسِهِ وَالنَّاطِقَ بِحُجَّتِهِ وَالدَّاعِيَ إِلى شَرِيعَتِهِ وَالماضِيَ عَلى سُنَّتِهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ عَنْ رَسُولِكَ ماحُمِّلَ وَرعى ما اسْتُحْفِظَ وَحَفِظَ ما اسْتُودِعَ وَحَلَّلَ حَلالَكَ وَحَرَّمَ حَرامَكَ وَأَقامَ أَحْكامَكَ وَجاهَدَ النَّاكِثِينَ فِي سَبِيلِكَ وَالقاسِطِينَ فِي حُكْمِكَ وَالمارِقِينَ عَنْ أَمْرِكَ صابِراً مُحْتَسِباً لاتأْخُذُهُ فِيكَ لَوْمَةُ لائِمٍ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ أَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ أَوْلِيائِكَ
٤٣٧

وَأَصْفِيائِكَ وَأَوْصِياء أَنْبِيائِكَ اللّهُمَّ هذا قَبْرُ وَلِيِّكَ الَّذِي فَرَضْتَ طاعَتَهُ وَجَعَلْتَ فِي أَعْناقِ عِبادِكَ مُبايَعَتَهُ وَخَلِيفَتِكَ الَّذِي بِهِ تَأْخُذُ وَتُعْطِي وَبِهِ تُثِيبُ وَتُعاقِبُ وَقَدْ قَصَدْتُهُ طَمَعاً لِما أَعْدَدْتَهُ لاَوْلِيائِكَ؛ فَبِعَظِيمِ قَدْرِهِ عِنْدَكَ وَجَلِيلِ خَطَرِهِ لَدَيْكَ وَقُرْبِ مَنْزِلَتِهِ مِنْكَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَافْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلَهُ فَإِنَّكَ أَهْلُ الكَرَمِ وَالجُودِ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى ضَجِيعَيْكَ آدَمَ وَنُوحٍ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ .

ثم قبل الضريح وقف مما يلي الرأس وقل: يا مَوْلايَ إِلَيْكَ وُفُودِي وَبِكَ أَتَوَسَّلُ إِلى رَبِّي فِي بُلُوغِ مَقْصُودِي وَأَشْهَدُ أَنَّ المُتَوَسِّلِ بِكَ غَيْرُ خائِبٍ وَالطَّالِبَ بِكَ عَنْ مَعْرِفَةٍ غَيْرُ مَرْدُودٍ إِلاّ بِقَضاء حَوائِجِهِ، فَكُنْ لِي شَفِيعاً إِلى الله رَبِّكَ وَرَبِّي فِي قَضاء حَوائِجي وَتَيْسِيرِ أُمُورِي وَكَشْفِ شِدَّتِي وَغُفْرانِ ذَنْبِي وَسَعَةِ رِزْقِي وَتَطْوِيلِ عُمْرِي وَإِعْطاءِ سُؤْلِي فِي آخِرَتِي وَدُنْيايَ، اللّهُمَّ العَنْ قَتَلَةَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ اللّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ اللّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ الأَئِمَّةِ وَعَذِّبْهُمْ عَذاباً أَلِيماً لا تُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنْ العالَمِينَ عَذاباً كَثِيراً لا انْقِطاعَ لَهُ وَلا أَجَلَ وَلا أَمَدَ بِما شاقُّوا وُلاةَ أَمْرِكَ وَأَعِدَّ لَهُمْ عَذاباً لَمْ تُحِلَّهُ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، اللّهُمَّ وَأَدْخِلْ عَلى قَتَلَةِ أَنْصارِ رَسُولِكَ وَعَلى قَتَلَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَعَلى قَتَلَةِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَعَلى قَتَلَةِ أَنْصارِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَقَتَلَةِ مَنْ قُتِلَ فِي وِلايَةِ آلِ مُحَمَّدٍ أجْمَعِينَ عَذاباً أليما مُضاعَفاً فِي أَسْفَلِ دَرَكٍ مِنَ الجَّحِيمِ لايُخَفَّفُ عَنْهُمُ العَذابُ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ مَلْعُونُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَدْ عايَنُوا النَّدامَةَ وَالخِزْيَ الطَّوِيلَ لِقَتْلِهِمْ عِتْرَةَ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَتْباعِهِمْ مِنْ عِبادِكَ الصَّالِحِينَ، اللّهُمَّ العَنْهُمْ فِي مُسْتَسِرِّ السِرِّ وَظاهِرِ العَلانِيَةِ فِي أَرْضِكَ وَسَمائِكَ، اللّهُمَّ اجْعَلْ لِي قَدَمَ صِدْقٍ فِي أَوْلِيائِكَ وَحَبِّبْ إلى مَشاهِدَهُمْ وَمُسْتَقَرَّهُمْ حَتّى تُلْحِقَنِي بِهِمْ وَتَجْعَلَنِي لَهُمْ تَبَعاً فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
٤٣٨

ثم قبل الضريح واستقبل قبرالحسين بن علي عليه‌السلام بوجهك واجعل القبلة بين كتفيك وقل:

السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ رَسُولِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا الأَئِمَّةِ الهادِينَ المَهْدِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَرِيعَ الدَّمْعَةِ السَّاكِبَةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صاحِبَ المُصِيبةِ الراتِبةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى جَدِّكَ وَأَبِيكَ وَعَلى اُمِّكَ وَأَخِيكَ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى الأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَتِكَ وَبَنِيكَ. أَشْهَدُ لَقَدْ طَيَّبَ الله بِكَ التُّرابَ وَأَوْضَحَ بِكَ الكِتابَ وَجَعَلَكَ وَأَباكَ وَجَدَّكَ وَأَخاكَ وَبَنِيكَ عِبْرَةً لاِ ولِي الاَلْبابِ، يا أبْنَ المَيامِينِ الاَطْيابِ التَّالِينَ الكِتابَ وَجَّهْتُ سَلامِي إِلَيْكَ صَلَواتُ الله وَسَلامُهُ عَلَيْكَ وَجَعَلَ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْكَ ماخابَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكَ وَلَجَأَ إِلَيْكَ.

ثم تحول إلى عند الرجلين وقل: السَّلامُ عَلى أَبِي الأَئِمَّةِ وَخَلِيلِ النُّبُوَّةِ وَالمَخْصُوصِ بِالاُخُوَّةِ، السَّلامُ عَلى يَعْسُوبِ الدِّينِ وَالإيْمانِ وَكَلِمَةِ الرَّحْمنِ، السَّلامُ عَلى مِيْزانِ الاَعْمالِ وَمُقَلِّبِ الاَحْوالِ وَسَيْفِ ذِي الجَلالِ وَساقِي السَلْسَبِيلِ الزُّلالِ، السَّلامُ عَلى صالِحِ المُؤْمِنِينَ وَوارِثِ عِلْمِ النَبِيِّنَ وَالحاكِمِ يَوْمَ الدِّينَ، السَّلامُ عَلى شَجَرَةِ التَّقْوى وَسامِعِ السِّرِّ وَالنَّجْوى، السَّلامُ عَلى حُجَةَ الله البالِغَةِ وَنِعْمَتِهِ السَّابِغَةِ وَنِقْمَتِهِ الدَّامِغَةِ، السَّلامُ عَلى الصِّراطِ الواضِحِ وَالنَّجْمِ اللائِحِ وَالإمام النَّاصِحِ وَالزِّنادِ القادِحِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ.

ثم قل: اللّهُمَّ صَلِّ عَلى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ أَخِى نَبِيِّكَ وَوَلِيِّهِ وَناصِرِهِ وَوَصِيِّهِ وَوَزِيرِهِ وَمُسْتَوْدَعِ عِلْمِهِ وَمَوْضِعِ سِرِّهِ وَبابِ حِكْمَتِهِ وَالناطِقِ بِحُجَّتِهِ وَالدَّاعِي إِلى شَرِيعَتِهِ وَخَلِيفَتِهِ فِي اُمَّتِهِ وَمُفَرِّجِ الكَرْبِ عَنْ وَجْهِهِ، قاصِمِ الكَفَرَهِ وَمُرْغِمِ الفَجَرَةِ الَّذِي جَعَلْتَهُ مِنْ نَبِيِّكَ بِمَنْزِلَةَ هارُونَ مِنْ مُوسى، اللّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ،
٤٣٩

وَعادِ مَنْ عاداهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وَالْعَنْ مَنْ نَصَبَ لَهُ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَصَلِّ عَلَيْهِ أَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ أَوْصِياء أَنْبِيائِكَ يا رَبَّ العالَمِينَ .

ثم عد إلى جانب الرأس لزيارة آدم ونوح عليه‌السلام وقل في زيارة آدم عليه‌السلام : السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفِيَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبِيبَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبِيَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِينَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَلِيفَةَ الله فِي أَرْضِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا البَشَرِ، السَّلامُ عَلَيْكَ (١) وَعَلى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ وَعَلى لطَّاهِرِينَ مِنْ وُلْدِكَ وَذُرِّيَّتِكَ وَصَلّى الله عَلَيْكَ (٢) صَلاةً لايُحْصِيها إِلاّ هُوَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ.

وقل في زيارة نوح عليه‌السلام : السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبِيَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفِيَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبِيبَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا شَيْخَ المُرْسَلِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِينَ الله فِي أَرْضِهِ، صَلَواتُ الله وَسَلامُهُ عَلَيْكَ وَعَلى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ وَعَلى الطَّاهِرِينَ مِنْ وُلْدِكَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ.

ثم صل ست ركعات ركعتان منها لزيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام تقرأ في الركعة الأولى فاتحة الكتاب وسورة الرحمن، وفي الثانية الحمد وسورة يَّس وتشهد وسلم وسبح تسبيح الزهراء عليها‌السلام واستغفر الله عزَّ وجلَّ وادع لنفسك ثم قل:

اللّهُمَّ إِنِّي صَلَّيْتُ هاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةً مِنِّي إِلى سَيِّدِي وَمَوْلايَ وَلِيِّكَ وَأَخِي رَسُولِكَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَسَيِّدِ الوَصِيِّينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِى طالِبٍ صَلَواتُ الله عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ، اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَقَبَّلها مِنِّي وَاجْزِنِي عَلى ذلِكَ جَزاءَ المُحْسِنِينَ، اللّهُمَّ لَكَ صَلَّيْتُ وَلَكَ رَكَعْتُ وَلَكَ سَجَدْتُ وَحْدَكَ لاشَرِيكَ لَكَ؛ لاَنَّهُ لاتَكُونُ (٣) الصَّلاةُ وَالرُّكُوعُ

_________________

١ - سلام الله عليك - خ -.

٢ - وصلّى الله عليك: خ.

٣ - لا تجوز - خ -.
٤٤٠

وَالسُّجُودُ إِلاّ لَكَ لاَنَّكَ أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَقَبَّلْ مِنِّي زِيارَتِي وَاعْطِنِي سُؤْلِي بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ .

وتهدى الأَربع ركعات الآخِر إلى آدم عليه‌السلام ونوح عليه‌السلام ثم تسجد سجدة الشكر وقل فيها: اللّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَبِكَ اعْتَصَمْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، اللّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي وَرَجائِي فَاكْفِنِي ما أَهَمَّنِي وَما لا يَهِمُّنِي وَما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، عَزَّ جارُكَ وَجَلَّ ثَناؤُكَ وَلا إِلهَ غَيْرُكَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَقَرِّبْ فَرَجَهُمْ . ثم ضع خدّك الأيمن على الأَرض وقل: إرْحَمْ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ وَتَضَرُّعِي إِلَيْكَ وَوَحْشَتِي مِنَ النَّاسِ وَأُنْسِي بِكَ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ . ثم ضع خدّك الأيسر على الأَرض وقل: لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ رَبِّي حَقاً سَجَدْتُ لَكَ يا رَبِّ تَعَبُّداً وَرِقّا، اللّهُمَّ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضاعِفْهُ لِي يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ . ثم عد إلى السجود وقل: شكراً مائة مرة، واجتهد في الدعاء فإنه موضع مسألة وأكثر من الاستغفار فإنه موضع مغفرة واسأل الحوائج فإنه مقام إجابة. وقال السيد ابن طاووس في المزار وكلما صلّيت صلاة فرضاً كانت أو نفلاً مدة مقامك بمشهد أمير المؤمنين وادع بهذا الدعاء:

اللّهُمَّ لابُدَّ مِنْ أَمْرِكَ وَلابُدَّ مِنْ قَدَرِكَ وَلابُدَّ مِنْ قَضائِكَ وَلاحَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِكَ، اللّهُمَّ فَما قَضَيْتَ عَلَيْنا مِنْ قَضاء أَوْ قَدَّرْتَ عَلَيْنا مِنْ قَدَرٍ فَأَعْطِنا مَعَهُ صَبْراً يَقْهَرُهُ وَيَدْمَغُهُ، وَاجْعَلْهُ لَنا صاعِداً فِي رِضْوانِكَ يُنْمِي فِي حَسَناتِنا وَتَفْضِيلِنا وَسَؤْدَدِنا وَشَرَفِنا وَمَجْدِنا وَنَعْمائِنا وَكَرامَتِنا فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَلاتَنْقُصْ مِنْ حَسَناتِنا، اللّهُمَّ وَما أَعْطَيْتَنا مِنْ عَطاءٍ أوْ فَضَّلْتَنا بِهِ مِنْ فَضِيلَةٍ أَوْ أَكْرَمْتَنا مِنْ كَرامَةٍ فَاعْطِنا مَعَهُ شُكْراً يَقْهَرُهُ وَيَدْمَغُهُ وَاجْعَلْهُ لَنا صاعِداً فِي رِضْوانِكَ وَفِي حَسَناتِنا وَسَؤْدَدِنا وَشَرَفِنا وَنَعْمائِكَ وَكَرامَتِكَ (١) فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ (٢) وَلاتَجْعَلْهُ لَنا أَشَراً وَلابَطَراً وَلا فِتْنَةً وَلا مَقْتاً وَلا عَذاباً وَلا خِزْياً فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ، اللّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَثْرَةِ اللِّسانِ وَسُوءِ المَقامِ وَخِفَّةِ

_________________

١ - ونعمائنا وكرامتنا: نسخة.

٢ - اللّهمّ ولا تجعله - خ -.
٤٤١

المِيزانِ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلَقِّنا حَسَناتِنا فِي المَماتِ وَلاتُرِنا أَعْمالَنا حَسَراتٍ وَلا تُخْزِنا عِنْدَ قَضائِكَ وَلا تَفْضَحْنا بِسَيِّئاتِنا يَوْمَ نَلْقاكَ، وَاجْعَلْ قُلُوبَنا تَذْكُرُكَ وَلاتَنْساك وَتَخْشاكَ كَأَنَّها تَراكَ حَتّى تَلْقاكَ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبَدِّلْ سَيِّئاتِنا حَسَناتٍ وَاجْعَلْ حَسَناتِنا دَرَجاتٍ وَاجْعَلْ دَرَجاتِنا غُرُفاتٍ وَاجْعَلْ غُرُفاتِنا عالِياتٍ، اللّهُمَّ وَأَوْسِعْ لِفَقِيرِنا مِنْ سَعَةِ ما قَضَيْتَ عَلى نَفْسِكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمُنَّ عَلَيْنا بِالهُدى ماأَبْقَيْتَنا وَالكَرامَةِ (١) ماأَحْيَيْتَنا وَالكَرامَةِ إِذا تَوَفَّيْتَنا وَالحِفْظِ فِيما بِقِيَ مِنْ عُمُرِنا وَالبَرَكَةِ فِيما رَزَقْتَنا وَالعَوْنِ عَلى ماحَمَّلْتَنا وَالثَّباتِ عَلى ما طَوَّقْتَنا، وَلا تُؤاخِذْنا بِظُلْمِنا وَلا تُقايِسْنا بِجَهْلِنا وَلا تَسْتَدْرِجْنا بِخَطايانا وَاجْعَلْ أَحْسَنَ ما نَقُولُ ثابِتا فِي قُلُوبِنا وَاجْعَلْنا عُظَماءَ عِنْدَكَ وَأَذِلَّةً فِي أَنْفُسِنا وَانْفَعْنا بِما عَلَّمْتَنا وَزِدْنا عِلْماً نافِعاً، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لايَخْشَعُ وَمِنْ عَيْنٌ لاتَدْمَعُ وَمِنْ صَلاةٍ لاتُقْبَلُ أَجِرْنا مِنْ سُوءِ الفِتَنِ يا وَلِيَّ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

قال السيد في (مصباح الزائر): دعاء آخر يستحب الدعاء به عقيب زيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام : يا الله يا الله يا الله يا مُجِيبَ دَعْوَةِ المُضْطَرِينَ (٢) . أقول: هذا الدعاء هو دعاء صفوان المعروف بدعاء علقمة وسيأتي إن شاء الله في ذيل زيارة عاشوراء واعلم أنه يستحب زيارة رأس الحسين عليه‌السلام عند قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقد عقد لذلك باباً في كتابَي (الوسائل) و (المستدرك). وروي في المستدرك عن كتاب (المزار) لمحمد ابن المشهدي أنه زار الصادق عليه‌السلام رأس الحسين عليه‌السلام عند رأس أمير المؤمنين عليه‌السلام وصلّى عنده أربع ركعات وهذه هي الزيارة:

السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ رَسُولِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْك يا أبْنَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ الصِدِّيقَةِ الطَّاهِرَةِ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أبا عَبْدِ الله وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ (٣) أَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ وَأَمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ

_________________

١ - والمغفرة - خ -.

٢ - المزار للشهيد الاول: ٧٠ - ٩١، مصباح الزائر: ١٢٠ - ١٣٠.

٣ - قد: خ.
٤٤٢

وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ وَتَلَوْتَ الكِتابَ حَقَّ تِلاوَتِهِ وَجاهَدْتَ فِي الله حَقَّ جِهادِهِ وَصَبَرْتَ عَلى الاَذى فِي جَنْبِهِ مُحْتَسِباً حَتّى أَتاكَ اليَّقِينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ الَّذِينَ خالَفُوكَ وَحارَبُوكَ وَأَنَّ الَّذِينَ خَذَلُوكَ وَالَّذِينَ قَتَلُوكَ مَلْعُونُونَ عَلى لِسانِ النَّبِيِّ الاُمِي وَقَدْ خابَ (١) مَنْ افْتَرى، لَعَنَ الله الظَّالِمِينَ لَكُمْ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَضاعَفَ عَلَيْهِمْ العَذابَ الألِيمَ. أَتَيْتُكَ يا مَوْلايَ يا أبْنَ رَسُولِ الله زائِراً عارِفاً بِحَقِّكَ مُوالِياً لاَوْلِيائِكَ مُعادِياً لاَعْدائِكَ مُسْتَبْصِراً بِالهُدى الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ عارِفاً بِضَلالَةِ مَنْ خالَفَكَ فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ (٢) .

أقول: من المناسب أن يزار بهذه الزيارة في مسجد الحنانة، فقد روى محمد ابن المشهدي عن الصادق عليه‌السلام أنّه زار الحسين عليه‌السلام في مسجد الحنانة بهذه الزيارة وصلّى أربع ركعات (٣) ولا يخفى أنّ مسجد الحنانة من مساجد النجف الشريفة وقد روي أنّ فيه رأس الحسين عليه‌السلام (٤) .

وروى أيضاً أنّ الصادق عليه‌السلام صلى هناك ركعتين فسئل: ما هذه الصلاة؟ فقال: هذا موضع رأس جدّي‌الحسين بن علي عليه‌السلام وضعوه هنا عندما أتوا به من كربَلاءِ ثم ذهبوا به إلى عبيد الله بن زياد. وروي أنه عليه‌السلام قال: أدع هنالك فقل:

اللّهُمَّ إِنَّكَ تَرى مَكانِي وَتَسْمَعُ كَلامِي وَلا يَخْفى عَلَيْكَ شَيٌْ مِنْ أَمْرِي وَكَيْفَ يَخْفى عَلَيْكَ ما أَنْتَ مَكَوِّنُهُ وَبارِئُهُ، وَقَدْ جِئْتُكَ مُسْتَشْفِعاً بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَمُتَوَسِّلاً بِوَصِيِّ رَسُولِكَ، فَأَسْأَلُكَ بِهِما ثَباتَ القَدَمِ وَالهُدى وَالمَغْفِرَةَ فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ (٥) .

الزيارة الثانية:

هي الزيارة المعروفة بأمين الله وهي في غاية الاعتبار ومروية في جميع كتب الزيارات

_________________

١ - قد خاب: خ.

٢ - مستدرك الوسائل ١٠ / ٢٢٦ رقم ١٩٠٥ عن المزار الكبير للمشهدي: ٥١٧.

٣ - المزار الكبير: ٥١٧.

٤ - المزار الكبير: ٥١٧.

٥ - المزار للشهيد الاوّل: ٦٩.
٤٤٣

والمصابيح وقال العلامة المجلسي رحمه‌الله : أنها أحسن الزيارات متناً وسنداً وينبغي‌المواظبة عليها في جميع الروضات المقدسة، وهي كما روي بأسناد معتبرة عن جابر عن الباقر عليه‌السلام أنه زار الإمام زين العابدين عليه‌السلام أمير المؤمنين عليه‌السلام فوقف عند القبر وبكى وقال:

السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِينَ الله فِي أَرْضِهِ وَحُجَّتَهُ عَلى عِبادِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِيَر المُؤْمِنِينَ (١) ، أَشْهَدُ أَنَّكَ جاهَدْتَ فِي الله حَقَّ جِهادِهِ وَعَمِلْتَ بِكِتابِهِ وَاتَّبَعْتَ سُنَنَ نَبِيِّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله حَتّى دَعاكَ الله إِلى جِوارِهِ فَقَبَضَكَ إِلَيْهِ بِاخْتِيارِهِ وَأَلْزَمَ أَعْدائَكَ الحُجَّةَ مَعَ ما لَكَ مِنَ الحُجَجِ البالِغَةِ عَلى جَمِيعِ خَلْقِهِ، اللّهُمَّ فَاجْعَلْ نَفْسِي مُطْمَئِنَّةً بِقَدَرِكَ راضِيةً بِقَضائِكَ مُولَعَةً بِذِكْرِكَ وَدُعائِكَ مُحِبَّةً لِصَفْوَةِ أَوْلِيائِكَ مَحْبُوبَةً فِي أَرْضِكَ وَسَمائِكَ صابِرَةً عَلى نُزُولِ بَلائِكَ شاكِرَةً لِفَواضِلِ نَعْمائِكَ ذاكِرَةً لِسَوابِغِ آلائِكَ (٢) مُشْتاقَةً إِلى فَرْحَةِ لِقائِكَ مُتَزَوِّدَةً التَّقْوى لِيَوْمِ جَزائِكَ مُسْتَنَّةً بِسُنَنِ أَوْلِيائِكَ مُفارِقَةً لاَخْلاقِ أَعْدائِكَ مَشْغُولَةً عَنِ الدُّنْيا بِحَمْدِكَ وَثَنائِكَ . ثم وضع خده على القبر وقال: اللّهُمَّ قُلُوبَ المُخْبِتِينَ إِلَيْكَ والِهَةٌ وَسُبُلَ الرَّاغِبِينَ إِلَيْكَ شارِعَةً وَأَعْلامَ القاصِدِينَ إِلَيْكَ وَاضِحَةٌ وَأَفْئِدَةَ العارِفِينَ مِنْكَ فازِعَةٌ وَأَصْواتَ الدَّاعِينَ إِلَيْكَ صاعِدَةٌ وَأَبْوابَ الإجابَةِ لَهُمْ مُفَتَّحَةٌ وَدَعْوَةَ مَنْ ناجاكَ مُسْتَجابَهٌ وَتَوْبَةَ مَنْ أَنابَ إِلَيْكَ مَقْبُولَةٌ وَعَبْرَةَ مَنْ بَكى مِنْ خَوْفِكَ مَرْحُومَةٌ وَالاِغاثَةَ لِمَنْ اسْتَغاثَ بِكَ مَوْجُودَةٌ (٣) وَالإعانَةَ لِمَنْ اسْتَعانَ بِكَ مَبْذُولَةٌ (٤) وَعِداتِكَ لِعِبادِكَ مُنْجَزَهٌ وَزَلَلَ مَنِ اسْتَقالَكَ مُقالَةٌ وَأَعْمالَ العامِلِينَ لَدَيْكَ مَحْفُوظَةٌ وَأَرْزاقَكَ إِلى الخَلائِقِ مِنْ لَدُنْكَ نازِلَةٌ وَعَوائِدَ المَزِيدِ إِلَيْهِمْ واصِلَةٌ وَذُنُوبَ المُسْتَغْفِرِينَ مَغْفُورَةٌ وَحَوائِجَ خَلْقِكَ

_________________

١ - السلام عليك يا امير المومنين: لا يقال في غير زيارته عليه‌السلام .

٢ - من قوله: « شاكره » ال ى هنا في نسخة.

٣ - مبذولة - خ -.

٤ - موجودة - خ -.
٤٤٤

عِنْدَكَ مَقْضِيَّةٌ وَجَوائِزَ السَّائِلِينَ عِنْدَكَ مَوْفَّرَةٌ وَعَوائِدَ المَزِيدِ مُتَواتِرَةٌ وَمَوائِدَ المُسْتَطْعِمِينَ مُعَدَّةٌ وَمَناهِلَ الظِّماءِ مُتْرَعَةٌ (١) اللّهُمَّ فَاسْتَجِبْ دُعائِي وَاقْبَلْ ثَنائِي وَاجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَوْلِيائِي بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ إِنَّكَ وَلِيُّ نَعْمائِي وَمُنْتَهى مُنايَ وَغايَةُ رَجائِي فِي مُنْقَلَبِي وَمَثْوايَ (٢) . وقد ذيلّ في كتاب (كامل الزيارة) هذه الزيارة بهذا القول: أَنْتَ إِلهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ اغْفِرْ لاَؤْلِيائِنا وَكُفَّ عَنَّا أَعْدائَنا وَاشْغَلْهُمْ عَنْ أَذانا وَأَظْهِرْ كَلِمَةَ الحَقِّ وَاجْعَلْها العُلْيا وَأدْحِضْ كَلِمَةَ الباطِلِ وَاجْعَلْها السُّفْلى إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣) . ثم قال الباقر عليه‌السلام ما قال هذا الكلام ولا دعا به أحد من شيعتنا عند قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام أو عند قبر أحد الأئمة عليهم‌السلام إلاّ رفع دعاؤه في درج من نور وطبع عليه بخاتم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان محفوظا كذلك حتى يسلم إلى قائم آل محمد عليه‌السلام فيلقى صاحبه بالبشرى والتحية والكرامة إن شاء الله تعالى (٤) .

أقول: هذه الزيارة معدودة من الزيارات المطلقة للأمير عليه‌السلام كما أنها عدّت من زيارته المخصوصة بيوم الغدير، وهي معدودة أيضاً من الزيارات الجامعة التي يزار بها في جميع الروضات المقدسة للأئمة الطاهرين عليهم‌السلام (٥) .

الزيارة الثالثة

روى السيّد عبد الكريم ابن طاووس عن صفوان الجمّال قال: لما وافيت مع جعفر الصادق عليه‌السلام الكوفة يريد أبا جعفر المنصور قال لي: يا صفوان الجمال أنخ الراحلة فهذا قبر جدّي أمير المؤمنين عليه‌السلام فأنختها ثم نزل فاغتسل وغيَّر ثوبه وتحفّى وقال لي: إفعل مثل ما أفعله. ثم اخذ نحو الذّكوة (النجف) وقال: قصّر خطاك وألقِ ذقنك نحو الأَرض فإنه يكتب لك بكل خطوة مائة ألف حسنة ويمحي عنك مائة ألف سيئة وترفع لك مائة ألف درجة وتقضى لك مائة ألف حاجة ويكتب لك ثواب كلّ صدّيق وشهيد مات أو قتل ثمَّ مشى ومشيت معه على السكينة والوقار نسبّح ونقدّس ونهلّل إلى أن بلغنا الذَّكوات (التلول) فوقف عليه‌السلام ونظر يمنةً

_________________

١ - ومناهل الظّماء لديك مترعة - خ -.

٢ - المزار الشهيد: ١٤٩ - ١٥١.

٣ - كامل الزيارات: ٩٤.

٤ - مصباح المتهجّد: ٧٣٩.

٥ - مصباح المتهجّد: ٧٣٩.
٤٤٥

ويسرةً وخط بعكازته (١) فقال لي: اطلب (٢) فطلبت فإذا أثر القبر ثم أرسل دموعه على خده وقال: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ . وقال:

السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الوَصِيُّ البَرُّ التَّقِيُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها النَّبَأُ العَظِيمُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الصِّدِّيقُ الرَّشِيدُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها البَرُّ الزَّكِيُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَصِيَّ رَسُولِ رَبِّ العالَمِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيَرَةَ الله عَلى الخَلْقِ أَجْمَعِينَ. أَشْهَدُ أَنَّكَ حَبِيبُ الله وَخاصَّةُ الله وَخالِصَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ الله وَمَوْضِعَ سِرِّهِ وَعَيْبَةَ عِلْمِهِ وَخازِنَ وَحْيِهِ. ثم انكب على القبر وقال: بِأَبِي أَنْتَ وَاُمِّي يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ بِأَبِي أَنْتَ وَاُمِّي يا بابَ المَقامِ بِأَبِي أَنْتَ وَاُمِّي يا نُورَ الله التَّامَّ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ الله وَعَنْ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ماحُمِّلْتَ وَرَعَيْتَ ما اسْتُحْفِظْتَ وَحَفِظْتَ مااسْتَوْدِعْتَ وَحَلَّلْتَ حَلالَ الله وَحَرَّمْتَ حَرامَ الله وَأَقَمْتَ أَحْكامَ الله وَلَمْ تَتَعَدَّ حُدُودَ الله وَعَبَدْتَ الله مُخْلِصاً حَتّى أَتاكَ اليَّقِينُ صَلّى الله عَلَيْكَ وَعَلى الأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِكَ.

ثم قام عليه‌السلام فصلى عند الرأس ركعات وقال: يا صفوان من زار أمير المؤمنين عليه‌السلام بهذه الزيارة وصلى بهذه الصلاة ورجع إلى أهله مغفُوراً ذنبه مشكوراً سعيه ويكتب له ثواب كل من زاره من الملائكة قلت: ثواب كل من يزوره من الملائكة؟ قال: بلى يزوره في كل ليلة سبعون قبيلة. قلت كم القبيلة؟ قال: مائة ألف ثم خرج من عنده القهقري وهو يقول: يا جَدَّاهُ يا سَيِّداهُ يا طَيِّباهُ يا طاهِراهُ لاجَعَلَهُ الله آخِرَ العَهْدِ مِنْكَ وَرَزَقَنِى العَوْدَ إِلَيْكَ وَالمُقامَ فِي حَرَمِكَ وَالكَوْنَ مَعَكَ وَمَعَ الاَبْرارِ مِنْ وُلْدِكَ صَلّى الله عَلَيْكَ وَعَلى المَلائِكَةِ المُحْدِقِينَ بِكَ . قال صفوان: يا سيدي أتأذن لي أن أخبر أصحابنا من أهل الكوفة وأدلهم على هذا القبر فقال: نعم، وأعطاني دراهم وأصلحت القبر (٣) .

_________________

١ - العكّاز والعكّازة: عصا ذات زجّ في أسفلها يتوكّأ عليها الرجل: المنجد.

٢ - أي فتّش.

٣ - فرحة الغري: ٩٤ - ٩٦.
٤٤٦

الزيارة الرابعة

روي في مستدرك الوسائل عن كتاب (المزار القديم) عن مولانا الباقر عليه‌السلام قال: ذهبت مع أبي إلى زيارة قبر جدّي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام في النجف فوقف أبي عند القبر المطهر وبكى وقال:

السَّلامُ عَلى أَبِي الأَئِمَّةِ وَخَلِيلِ النُبُوَّةِ وَالمَخْصُوصِ بِالاُخُوَّةِ، السَّلامُ عَلى يَعْسُوبِ الإيْمانِ وَمِيزانِ الاَعْمالِ وَسَيْفِ ذِي الجَلالِ، السَّلامُ عَلى صالِحِ المُؤْمِنِينَ وَوارِث عِلْمِ النَّبِيِّينَ الحاكِمِ فِي يَوْمِ الدِّينِ، السَّلامُ عَلى شَجَرَةِ التَّقْوى، السَّلامُ عَلى حُجَّةِ الله البالِغَةِ وَنِعْمَتِهِ السَّابِغَةِ ونِقْمَتِهِ الدَّامِغَةِ، السَّلامُ عَلى الصِّراطِ الواضِحِ وَالنَّجْمِ اللائِحِ وَالإمام النّاصِحِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ . وزاد قائلاً: أَنْتَ وَسِيلَتِي إِلى الله وَذَرِيعَتِي وَلِي حَقُّ مُوالاتِي وَتَأْمِيلِي فَكُنْ شَفِيعِي إِلى الله عَزَّوَجَلَّ فِي الوُقُوفِ عَلى قَضاء حاجَتِي وَهِي فَكاكِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ وَاصْرِفْنِي فِي مَوْقِفِي هذا بِالنُّجْحِ وَبِما (١) سَأَلْتُهُ كُلَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، اللّهُمَّ ارْزُقْنِي عَقْلاً كامِلاً وَلُبَّاً راجِحاً وَقَلْباً زَكِيّاً وَعَملاً كَثِيراً وَأَدَباً بارِعاً وَاجْعَلْ ذلِكَ كُلَّهُ لِي وَلا تَجْعَلْهُ عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٢) .

الزيارة الخامسة

روي عن الكليني عن أبي الحسن الثالث الإمام علي بن محمد النقي عليه‌السلام قال: تقول عند قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ الله أَنْتَ أَوَّلُ مَظْلُومٍ وَأَوَّلُ مَنْ غُصِبَ حَقُّهُ صَبَرْتُ وَاحْتَسَبْتَ حَتّى أَتاكَ اليَقِينُ فَأَشْهَدُ أَنَّكَ لَقِيْتَ الله وَأَنْتَ شَهِيدٌ عَذَّبَ الله قاتِلَكَ بِأَنْواعِ العَذابِ وَجَدَّدَ عَلَيْهِ العَذابَ جِئْتُكَ عارِفاً بِحَقِّكَ مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ مُعادِياً لاَعْدائِكَ وَمَنْ ظَلَمَكَ أَلقى عَلى ذلِكَ رَبِّي إِنْ شاءَ الله يا وَلِيَّ الله إِنَّ لِي ذُنُوباً كَثِيرَةً

_________________

١ - بما: خ.

٢ - مستدرك الوسائل ١٠ / ٢٢٢ برقم ١١٩٠٠.
٤٤٧

فَاشْفَعْ لِي إِلى رَبِّكَ فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ الله مَقاماً مَعْلوماً وَإِنَّ لَكَ عِنْدَ الله جاهاً وَشَفاعَةً وَقَدْ قَالَ الله تَعالى: ( وَلا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنْ ارْتَضى ) (١) (٢) .

الزيارة السادسة

رواها جمع من العلماء منهم الشيخ محمد ابن المشهدي قال: روى محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة قال: خرجت مع صفوان الجمّال وجماعة من أصحابنا إلى الغري فزرنا أمير المؤمنين عليه‌السلام فلما فرغنا من الزيارة صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبد الله عليه‌السلام وقال: نزور الحسين بن علي عليه‌السلام من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال صفوان: وردت ها هنا مع سيدي الصادق عليه‌السلام ففعل مثل هذا ودعا بهذا الدعاء ثم قال لي: يا صفوان تعاهد هذه الزيارة وادع بهذا الدعاء وزر علياً والحسين عليه‌السلام بهذه الزيارة فإني ضامن على الله لكل من زارهما بهذه الزيارة ودعاء بهذا الدعاء من قرب أو بعد أن زيارته مقبولة وأنّ سعيه مشكورٌ وسلامه واصلٌ غير محجوب وحاجته مقضية من الله بالغاً ما بلغت.

أقول: سيأتي تمام الخبر في فضل هذا العمل بعد دعاء صفوان في زيارة عاشوراء، وزيارة الأمير عليه‌السلام هي هذه الزيارة، استقبل قبره وقل:

السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفْوَةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِينَ اللهِ، السَّلامُ عَلى مَنْ اصْطَفاهُ الله وَاخْتَصَّهُ وَاخْتارَهُ مِنْ بَرِيَّتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَلِيلَ الله ما دَجا اللَّيْلُ وَغَسَقَ (٣) وَأَضاءَ النَّهارُ وَأَشْرَقَ (٤) ، السَّلامُ عَلَيْكَ ماصَمَتَ صامِتٌ وَنَطَقَ ناطِقٌ وَذَرَّ شارِقٌ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. السَّلامُ عَلى مَوْلانا أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ صاحِبِ السَّوابِقِ وَالمَناقِبِ وَالنَّجْدَةِ وَمُبِيدِ الكَتائِبِ، الشَّدِيدِ البَأْسِ العَظِيمِ المِراسِ (٥) المَكِينِ الاَساسِ ساقِي المُؤْمِنِينَ بِالكَأْسِ مِنْ حَوْضِ الرَّسُولِ المَكِينِ الاَمِينِ، السَّلامُ عَلى صاحِبِ النُهى وَالفَضْلِ والطَّوائِلِ وَالمَكْرُماتِ وَالنَّوائِلِ، السَّلامُ

_________________

١ - الانبياء: ٢١ / ٢٨.

٢ - الكافي ٤ / ٥٦٩.

٣ - دجا الليل: أظلم، وغسق بمعناه.

٤ - ذرّت الشمس: اذا طلعت، والشارق: الشمس.

٥ - فلان ذو مراس: جلد وقوّة.
٤٤٨

عَلى فارِسِ المُؤْمِنِينَ وَلَيْثِ المُوَحِّدِينَ وَقاتِلِ المُشْركِينَ وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ العالَمِينَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى مَنْ أَيَّدَهُ الله بِجِبْرائِيلَ وَأَعانَهُ بِمِيكائِيلَ وَأَزْلَفَهُ فِي الدَّارَيْنِ وَحَباهُ بِكُلِّ ماتَقِرُّ بِهِ العَيْنُ، وَصَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَعَلى أَوْلادِهِ المُنْتَجَبِينَ وَعَلى الأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ الَّذِينَ أَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوا عَنِ المُنْكَرِ وَفَرَضُوا عَلَيْنا الصَّلَواتِ وَأَمَرُوا بِإِيْتاءِ الزَّكاةِ وَعَرَّفُونا صِيامَ شَهْرِ رَمَضانَ وَقِرائةِ القُرْآنَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ وَيَعْسُوبَ الدِّينِ وَقائِدَ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا بابَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ الله النَّاِظَرَه وَيَدَهُ الباسِطَةَ وَأُذُنَهُ الواعِيَةَ وَحِكْمَتَهُ البالِغَةَ وَنِعْمَتَهُ السَّابِغَةَ (١) وَنِقْمَتَهُ الدَّامِغَةَ (٢) ، السَّلامُ عَلى قَسِيمِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، السَّلامُ عَلى نِعْمَةِ الله عَلى الاَبْرارِ وَنِقْمَتِهِ عَلى الفُجَّارِ، السَّلامُ عَلى سَيِّدِ المُتَّقِينَ الاَخْيارِ، السَّلامُ عَلى الاَصْلِ القَدِيمِ وَالفَرْعِ الكَرِيمِ، السَّلامُ عَلى الثَّمَرِ الجَنِيِّ، السَّلامُ عَلى أَبِي الحَسَنِ عَلِيٍّ، السَّلامُ عَلى شَجَرَةِ طُوبى وَسِدْرَةِ المُنْتَهى، السَّلامُ عَلى آدَمَ صَفْوَةَ الله وَنُوحٍ نَبِيِّ الله وَإِبْراهِيمَ خلِيلِ الله وَمُوسى كَلِيمِ الله وَعِيْسى رُوحِ الله وَمُحَمَّدٍ حَبِيبِ الله وَمَنْ بَيْنَهُمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهداء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً، السَّلامُ عَلى نُورِ الأنْوارِ وَسَلِيلِ الاَطْهارِ وَعَناصِرِ الاَخْيارِ، السَّلامُ عَلى وَالِدِ الأَئِمَّةِ الاَبْرارِ، السَّلامُ عَلى حَبْلِ الله المَتِينِ وَجَنْبِهِ المَكِينِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى أَمِينِ الله فِي أَرْضِهِ وَخَلِيفَتِهِ وَالحاكِمِ بِأَمْرِهِ وَالقَيِّمْ بِدِينِهِ وَالنَّاطِقِ بِحِكْمَتِهِ وَالعامِلِ بِكِتابِهِ أَخِي الرَّسُولِ وَزَوْجِ البَتُولِ وَسَيْفِ الله المَسْلُولِ، السَّلامُ عَلى صاحِبِ الدَّلالاتِ وَالآياتِ الباهِراتِ وَالمُعْجِزاتِ

_________________

١ - أي الكاملة.

٢ - ونقمته الدّامغة: نسخة.
٤٤٩

القاهِراتِ (١) وَالمُنْجِي مِنَ الهَلَكاتِ الَّذِي ذَكَرَهُ الله فِي مُحْكَمِ الاياتِ فَقالَ تَعالى: ( وَإِنَّهُ فِي اُمِّ الكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيُّ حَكِيمٌ ) (٢) ، السَّلامُ عَلى اسْمِ الله الرَّضِيّ وَوَجْهِهِ المُضِيِ وَجَنْبِهِ العِليِّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. السَّلامُ عَلى حُجَجِ الله وَأَوْصِيائِهِ وَخاصَّةِ الله وَأَصْفِيائِهِ وَخالِصَتِهِ وَاُمَنائِهِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، قَصَدْتُكَ يا مَوْلايَ يا أَمِينَ الله وَحُجَّتَهُ زائِراً عارِفاً بِحَقِّكَ مُوالِياً لاَوْلِيائِكَ مُعادِياً لاَعْدائِكَ مُتَقَرِّباً إِلى الله بِزِيارَتِكَ فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ الله رَبِّي وَرَبِّكَ فِي خَلاصِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ وَقَضاء حَوائِجِي حَوائِجِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ. ثم انكب على القبر وقبله وقل:

سَلامُ الله وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ المُقَرَّبِينَ وَالمُسْلِّمِينَ لَكَ بِقُلُوبِهِمْ - يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ وَالنَّاطِقِينَ بِفَضْلِكَ وَالشَّاهِدِينَ عَلى أَنَّكَ صادِقٌ أَمِينٌ صِدِّيقٌ - عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. أَشْهَدُ أَنَّكَ طُهْرٌ طاهِرٌ مُطَهَّرٌ مِنْ طُهْرٍ طاهِرٍ مُطَهَّرٍ أَشْهَدُ لَكَ يا وَلِيَّ الله وَوَلِيَّ رَسُولِهِ بِالبَلاغِ وَالاِداءِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ جَنْبُ الله وَبابُهُ وَأَنَّكَ حَبِيبُ الله وَوَجْهُهُ الَّذِي يُؤْتى مِنْهُ وَأَنَّكَ سَبِيلُ الله وَأَنَّكَ عَبْدُ الله وَأَخُو رَسُولِهِ (٣) صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلى الله عَزَّوَجَلْ بِزِيارَتِكَ راغِباً إِلَيْكَ فِي الشَّفاعَةِ، أَبْتَغِي بِشَفاعَتِكَ خَلاصَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ مُتَعَوِّذا بِكَ مِنَ النَّارِ هارِباً مِنْ ذُنُوبِي الَّتِي احْتَطَبْتُها عَلى ظَهْرِي فَزِعاً إِلَيْكَ رَجاءَ رَحْمَةِ رَبِّي، أَتَيْتُكَ اسْتَشْفِعُ بِكَ يا مَوْلايَ وَأَتَقَرَّبُ بِكَ إِلى الله لِيَقْضِيَ بِكَ حَوائِجِي فَاشْفَعْ لِى يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ إِلى الله فَإِنِّي عَبْدُ الله وَمَوْلاكَ وَزائِرُكَ وَلَكَ عِنْدَ الله المَقامُ المَحْمُودُ وَالجَّاهُ العَظِيمُ وَالشَّأْنُ الكَبِيرُ وَالشَّفاعَةُ المَقْبُولَةُ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَصَلِّ عَلى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَبْدِكَ المُرْتَضى وَأَمِينِكَ الاَوْفى،

_________________

١ - الزاهرات - خ -.

٢ - الزخرف: ٤٣ / ٤.

٣ - وأخو رسول الله - خ -.
٤٥٠

وَعُرْوَتِكَ الوُثْقى وَيَدِكَ العُلْيا وَجَنْبِكَ الاَعْلى وَكَلِمَتِكَ الحُسْنى وَحُجَّتِكَ عَلى الوَرى وَصِدِّيقِكَ الاَكْبَرِ وَسَيِّدِ الأَوْصِياء وَرُكْنِ الأوْلِياءِ وَعِمادِ الأصْفِياء، أَمِيرِ المُوْمِنِينَ وَيَعْسوبِ الدِّينِ وَقُدْوَةِ الصَّالِحِينَ وإِمامِ المُخْلِصِينَ المَعْصُومِ مِنَ الخَلَلِ المُهَذَّبِ مِنَ الزَّلَلِ المُطَهَّرِ مِنَ العَيْبِ المُنَزَّه مِنَ الرَّيْبِ، أَخِي نَبِيِّكَ وَوَصِيِّ رَسُولِكَ البائِتِ عَلى فِراشِهِ وَالمُواسِي لَهُ بِنَفْسِهِ وَكاشِفِ الكَرْبِ عَنْ وَجْهِهِ الَّذِي جَعَلْتَهُ سَيْفاً لِنُبُوَّتِهِ وَآيَةً لِرِسالَتِهِ وَشاهِداً عَلى اُمَّتِهِ وَدِلالَةً عَلى حُجَّتِهِ (١) وَحامِلاً لِرايَتِهِ وَوِقايةً لِمُهْجَتِهِ وَهادِياً لاُمَّتِهِ وَيَداً لِبِأْسِهِ وَتاجاً لِرَأْسِهِ وَباباً لِسِرِّهِ وَمِفْتاحاً لِظَفَرِهِ حَتّى هَزَمَ جُيُوشَ الشِّرْكِ بِإِذْنِكَ وَأَبادَ عَساكِرَ الكُفْرِ بِأَمْرِكَ وَبَذَلَ نَفْسَهُ فِي مَرضاةِ رَسُولِكِ وَجَعَلَها وَقْفاً عَلى طاعَتِكَ، فَصَلِّ اللّهُمَّ عَلَيْهِ صَلاةً دائِمَةً باقِيَةً.

ثم قل: السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَ الله وَالشِّهابَ الثَّاقِبَ وَالنُّورَ العاقِبَ (٢) يا سَلِيلِ الأطْيابِ يا سِرَّ الله إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ الله تَعالى ذُنُوباً قَدْ أَثْقَلَتْ ظَهْرِي وَلا يَأْتِي عَلَيْها إِلاّ رِضاهُ فَبِحَقِّ مَنْ ائْتَمَنَكَ عَلى سِرِّهِ وَاسْتَرْعاكَ أَمْرَ خَلْقِهِ كُنْ لِي إِلى الله شَفِيعاً وَمِنَ النَّارِ مُجِيراً وَعَلى الدَّهْرِ ظَهِيراً فَإِنِّي عَبْدُ الله وَوَلِيُّكَ وَزائِرُكَ صَلّى الله عَلَيْكَ. ثم صل ست ركعات صلاة الزيارة وادع بما شئت وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَلَيْكَ مِنِّي سَلامُ الله أَبَداً ما بَقِيتُ وَبَقِيَّ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ. ثم توجه إلى جانب قبر الحسين عليه‌السلام وأشر إليه وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ الله أَتَيْتُكُما زائِراً وَمُتَوَسِّلاً إِلى الله تَعالى رَبِّي وَرَبِّكُما وَمُتَوَجِّها إِلى الله بِكُما وَمُسْتَشْفِعاً بِكُما إِلى الله فِي حاجَتِي هذِهِ.، وادع إلى آخر دعاء صفوان ( إِنَّهُ قَرِيبٌ مجيب) ص ٥٥٩ ثم استقبل القبلة وادع من أول دعاء: يا الله يا الله يا الله يا مُجِيبَ دَعْوَةِ المُضْطَرِّينَ وَياكاشِفَ كَرْبِ

_________________

١ - لحججه - خ -.

٢ - العاقب: أي النور الذي أتى بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله .
٤٥١

المَكْرُوبِينَ - إِلى - وَاصْرِفْنِي بِقَضاء حاجَتِي وَكِفايَةِ ماأَهَمَّنِي هَمُّهُ مِنْ أَمْرِ دُنْيايَ وَآخِرَتِي يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. ثم التفت إلى جانب قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، والسَّلامُ عَلى أَبِي عَبْدِ الله الحُسَيْنِ مابَقِيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ، لا جَعَلَهُ الله آخِرَ العَهْدِ مِنِّي لِزِيارَتِكُما وَلا فَرَّقَ الله بَيْنِي وَبَيْنَكُما (١) . أقول: قد ذكرنا سابقاً أن دعاء صفوان هو الدعاء المعروف بدعاء علقمة وسيذكر في زيارة عاشوراء .

الزيارة السابعة

رواها السيد ابن طاووس في كتاب (مصباح الزائر) فقال: اقصد باب السلام أي باب الروضة المقدسة للأمير عليه‌السلام حيث يرى الضريح المقدس فقل أربعاً وثلاثين مرة: الله أَكْبَرُ ، وقل: سَلامُ الله وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ المُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيائِهِ المُرْسَلِينَ وَعِبادِهِ الصَّالِحِينَ وَجَمِيعِ الشُّهداء وَالصِّدِّيقِينَ (٢) عَلَيْكَ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلى آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ، السَّلامُ عَلى نُوحٍ نَبِيِّ اللهِ، السَّلامُ عَلى إِبْراهِيمَ خلِيلِ اللهِ، السَّلامُ عَلى مُوسى كَلِيمِ اللهِ، السَّلامُ عَلى عِيْسى رُوحِ اللهِ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ حَبِيبِ الله وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى اسْمِ الله الرَّضِيِّ وَوَجْهِهِ العَلِيَّ وَصِراطِهِ السَّوِيَّ، السَّلامُ عَلى المُهَذَّبِ الصَّفِيِّ، السَّلامُ عَلى أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى خالِصِ الاَخِلا، السَّلامُ عَلى المَخْصُوصِ بِسَيِّدَةِ النِّساءِ، السَّلامُ عَلى المَوْلُودِ فِي الكَعْبَةِ المُزَوَّجِ فِي السَّماء، السَّلامُ عَلى أَسَدِ الله فِي الوَغى، السَّلامُ عَلى مَنْ شُرِّفَتْ بِهِ مَكَّةُ وَمِنى، السَّلامُ عَلى صاحِبِ الحَوْضِ وَحامِلِ اللّواءِ، السَّلامُ عَلى خامِسِ أَهْلِ العَباءِ، السَّلامُ عَلى البائِتِ عَلى فِراشِ النَّبِيِّ وَمُفْدِيهِ بِنَفْسِهِ مِنَ الأَعْداء، السَّلامُ عَلى قالِعِ بابِ خَيْبَرَ وَالدَّاحِي بِهِ فِي الفَضاءِ، السَّلامُ عَلى مُكَلِّمِ الفِتْيَهِ فِي كَهْفِهِمْ بِلِسانِ الأنْبِياءِ، السَّلامُ عَلى مُنْبِعِ القَلِيبِ فِي الفَلا، السَّلامُ عَلى قالِعِ الصَّخْرَهِ وَقَدْ عَجَزَ عَنْها الرِّجالُ

_________________

١ - المزار الكبير: ٢١٤ - ٢٢٥.

٢ - وجميع الشهداء والصّديقين: نسخة.
٤٥٢

الاَشِداءِ، السَّلامُ عَلى مُخاطِبِ الثُّعْبانِ عَلى مِنْبَرِ الكُوفَةِ بِلِسانِ الفُصَحاءِ، السَّلامُ عَلى مُخاطِبِ الذِّئْبِ وَمُكَلِّمِ الجُمْجُمَةِ بِالنَّهْرَوانِ وَقَدْ نَخِرَتِ العِظامُ بِالبِلا، السَّلامُ عَلى صاحِبِ الشَّفاعَةِ فِي يَوْمِ الوَرى وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى الإمام الزَّكِي حَلِيفِ المِحْرابِ، السَّلامُ عَلى صاحِبِ المُعْجِزِ الباهِرِ وَالنَّاطِقِ بِالحِكْمَةِ وَالصَّوابِ، السَّلامُ عَلى مَنْ عِنْدَهُ تَأْوِيلُ المُحْكَمِ وَالمُتَشابِهِ وَعِنْدَهُ اُمُّ الكِتابِ، السَّلامُ عَلى مَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ حِينَ تَوارَتْ (١) بِالحُجابِ، السَّلامُ عَلى مُحْيي اللَيْلِ البَهِيمِ بِالتَّهَجُّدِ وَالاكْتِئابِ، السَّلامُ عَلى سَيِّدِ السَّاداتِ، السَّلامُ عَلى صاحِبِ المُعْجِزاتِ، السَّلامُ عَلى مَنْ عَجِبَ مِنْ حَمَلاتِهِ فِي الحُرُوبِ مَلائِكَةُ سَبْعِ سَماواتٍ، السَّلامُ عَلى مَنْ ناجى الرَّسُولَ فَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ نَجْواهُ صَدَقاتٍ، السَّلامُ عَلى أَمِيرِ الجُيُوشِ وَصاحِبِ الغَزَواتِ، السَّلامُ عَلى مُخاطِبِ ذِئْبِ الفَلَواتِ، السَّلامُ عَلى نُورِ الله فِي الظُّلُماتِ، السَّلامُ عَلى مَنْ رُدَّتْ لَهُ الشَّمْسُ فَقَضى ما فاتَهُ مِنَ الصَّلَواتِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. السَّلامُ عَلى أمِيرِ المُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلى سَيِّدِ الوَصِيِّينَ، السَّلامُ عَلى إِمامِ المُتَّقِينَ، السَّلامُ عَلى وَارِثِ عِلْمِ النَّبِيِّنَ، السَّلامُ عَلى يَعْسُوبِ الدِّينِ، السَّلامُ عَلى عِصْمَةِ المُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلى قُدْرَةِ الصَّادِقِينَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى حُجَّةِ الاَبْرارِ، السَّلامُ عَلى أَبِي الأَئِمَّةِ الاَطْهارِ، السَّلامُ عَلى المَخْصُوصِ بِذِي الفِقارِ، السَّلامُ عَلى ساقِي أَوْلِيائِهِ مِنْ حَوْضِ النَّبِيِّ المُخْتارِ صلى‌الله‌عليه‌وآله ما اطَّرَدَ اللَيْلُ وَالنَّهارُ، السَّلامُ عَلى النَّبَأ العَظِيمِ، السَّلامُ عَلى مَنْ أَنْزَلَ الله فِيهِ ( وَإِنَّهُ فِي اُمِّ الكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيُّ حَكِيمٌ ) (٢) ، السَّلامُ عَلى صِراطِ الله المُسْتَقِيمِ، السَّلامُ عَلى المَنْعُوتِ فِي التَّوْراةِ وَالاِنْجِيلِ وَالقُرْآنِ الحَكِيمِ

_________________

١ - في المصدر: بعد أن تورات.

٢ - الزخرف: ٤٣ / ٤.
٤٥٣

وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ . ثُمَّ انكب عَلى الضريح وَقبّله وَقل:

يا أَمِينَ الله يا حُجَّةَ الله يا وَلِيَّ الله يا صِراطَ الله زارَكَ عَبْدُكَ وَوَلِيُّكَ اللائِذُ بِقَبْرِكَ وَالمُنِيخُ (١) رَحْلَهُ بِفِنائِكَ المُتَقَرِّبُ إِلى الله عَزَّوَجَلَّ وَالمُسْتَشْفِعُ بِكَ إِلى الله زِيارَةَ مَنْ هَجَرَ فِيكَ صَحْبَهُ وَجَعَلَكَ بَعْدَ الله حَسْبَهُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الطُّورُ وَالكِتابُ المَسْطُورُ وَالرِّقُّ (٢) المَنْشُورُ وَبَحْرُ العِلْمِ المَسْجُورِ يا وَلِيَّ الله إِنَّ لِكُلِّ مَزُورٍ عِنايَةً فِي مَنْ زارَهُ وَقَصَدَهُ وَأَتاهُ وَأَنا وَلِيُّكَ وَقَدْ حَطَطْتُ رَحْلِي بِفنائِكَ وَلَجَأْتُ إِلى حَرَمِكَ وَلُذْتُ بِضَرِيحِكَ لِعِلْمِي بِعَظِيمِ مَنْزِلَتِكَ وَشَرَفِ حَضْرَتِكَ، وَقَدْ أَثْقَلَتِ الذُّنُوبُ ظَهْرِي وَمَنَعَتْنِي رُقادِي فَما أَجِدُ حِرْزاً وَلا مَعْقِلاً وَلا مَلْجأً إِلَيْهِ إِلاّ الله تَعالى وَتَوَسُّلِي بِكَ إِلَيْهِ وَاسْتِشْفاعِي بِكَ لَدَيْهِ، فَها أَنا ذا نازِلٌ بِفِنائِكَ وَلَكَ عِنْدَ الله جاهٌ عَظِيمٌ وَمَقامٌ كَرِيمٌ فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ الله رَبِّكَ (٣) يا مَوْلايَ. ثم قبّل الضريح واستقبل القبلة وقل:

اللّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ يا أسْمَعَ السَّامِعِينَ وَيا أبْصَرَ النَّاظِرِينَ وَيا أَسْرَعَ الحاسِبِينَ وَيا أَجْوَدَ الاَجْوَدِينَ بِمُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّنَ رَسُولِكَ إِلى العالَمِينَ وَبِأَخِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ الاَنْزَعِ البَطِينِ العالِمِ المُبِينَ عَلِيٍّ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ الإماميْنِ الشَّهِيدَيْنِ وَبِعَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ زَيْنِ العابِدِينَ وَبِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيُّ باقِرِ عَلْمِ الأوَّلِينَ وَبِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ زَكِيِّ الصِّدِّيقِينَ وَبِمُوسى بْنِ جَعْفَرٍ الكاظِمِ المُبِينِ وَحَبِيسِ الظَّالِمِينَ (٤) وَبِعَلِيِّ بْنِ مُوسى الرِّضا الاَمِينِ وَبِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الجَوادِ عَلَمِ المُهْتَدِينَ وَبِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ البَرِّ الصَّادِقِ سَيِّدِ العابِدِينَ وَبِالحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ العَسْكَرِي وَلِيّ المُؤْمِنِينَ وَبِالخَلَفِ الحُجَّةِ صاحِبِ الأمْرِ مُظْهِرِ البَراهِينَ أَنْ تَكْشِفَ ما بِي مِنَ الهُمُومِ،

_________________

١ - المنيخ: خ.

٢ - والرّق: خ.

٣ - عند ربّك: خ.

٤ - وحبيس الظالمين: خ.
٤٥٤

وَتَكْفِينِي شَرَّ البَلاءِ المَحْتُومِ وَتُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ ذاتِ السَّمُومِ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . ثم ادع بما شئت وودعه وانصرف (١) .

أقول: روى السيد عبد الكريم بن طاووس في كتاب (فرحة الغري) أنّ زين العابدين عليه‌السلام ورد الكوفة ودخل مسجدها وبه أبو حمزة الثمالي وكان من زهّاد أهل الكوفة ومشايخها فصلّى ركعتين. قال أبو حمزة: فما سمعت أطيب من لهجته، فدنوت لأسمع ما يقول فسمعته يقول: إِلهِي إِنْ كنت (٢) قَدْ عَصَيْتُكَ فَإِنِّي قَدْ أَطَعْتُكَ فِي أَحَبِّ الاَشْياءِ إِلَيْكَ ، وهو دعاء معروف. أقول: الدعاء سيأتي في أعمال جامع الكوفة وسنروي هناك أن أبا حمزة قال: ثم أتى عليه‌السلام الأسطوانة السابعة فخلع نعليه ووقف فرفع يديه إلى حيال أذنيه وكبّر تكبيرة قفّ لها كل شعرة في بدني فصلّى أربع ركعات يحسن ركوعها وسجودها ثم دعا بدعاء: إِلهِي إِنْ كُنْتُ قَدْ عَصَيْتُكَ ... إلى آخر الدعاء. وعلى الرواية التي نحن بصددها الان ثم نهض عليه‌السلام قال أبو حمزة فتبعته إلى مناخ الكوفة فوجدت عبداً أسود معه نجيب وناقة فقلت يا أسود من الرجل؟ فقال: أو يخفى عليك شمائله؟ هو علي بن الحسين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِما. قال أبو حمزة فأكببت على قدميه أقبلهما فرفع رأسي بيده وقال: لا يا أبا حمزة إنّما يكون السجود للهِ عزَّ وجلَّ. فقلت: يا بن رسول الله ما أقدمك إلينا؟ قال: ما رايت أي الصلاة في مسجد الكوفة ولو علم الناس ما فيه من الفضل لاتوه ولو حبواً (٣) أي ولو شق عليهم السير غاية المشقّة فكانوا كالأطفال قبلنا يقوون على المشي فيحبون زحفاً على أيديهم وبطونهم. ثم قال هل لك أن تزور معي قبر جدي علي بن أبي طالب؟ قلت: أجل فسرت في ظل ناقته يحدّثني حتى أتينا الغريين وهي بقعة بيضاء تلمع نوراً فنزل عن ناقته ومرّغ خديه عليها وقال يا أبا حمزة هذا قبر جدّي علي بن أبي طالب ثم زاره بزيارة أولها: السَّلامُ عَلى اسْمِ الله الرَّضِيِّ وَنُورِ وَجْهِهِ المُضِي . ثم ودعه ومضى إلى المدينة ورجعت إلى الكوفة (٤) .

واني آسف على ترك السيد هذه الزيارة في كتاب (الفرحة) وكنت أفتش عنه فتصفحت لذلك كل زيارة مروية للأمير عليه‌السلام علني أعثر على زيارة تبدأ بالجملة السابقة فلم أجد سوى هذه الزيارة الشريفة وهي قد افتتحت بما افتتحت بها الجملة السابقة وهي كلمة: السَّلامُ عَلى اسْمِ الله الرَّضِيِّ ، واختلفت عنها في العطف وهو ونور وجهه المضي ، فلعل هذه هي تلك الزيارة وهذا الاختلاف يسير لايكترث به. فإن قلت: لم يكن بدء هذه الزيارة كلمة: السَّلامُ على اسم

_________________

١ - مصباح الزائر: ١٤٦ - ١٤٨.

٢ - كان - خ -.

٣ - أي ولو شقّ عليهم السير غاية المشقّة فكانوا كالاطفال قبلما يقوون على المشي فيحبون زحفاً على أيديهم وبطونهم.

٤ - فرحة الغري: ٤٦ - ٤٧.
٤٥٥

الله الرضيَّ بل كلمة: سلام الله وسلام ملائكته، أجبنا أن مايتقدم على الكلمة المذكورة من السلام فهي بمنزلة الاستئذان والإسترخاص والزيارة نفسها إنما تبدأ من كلمة: السَّلامُ على اسم الله الرَّضي، ويشهد على ما نقول المقابلة بين هذه الزيارة والزيارة الواردة في يوم الميلاد وهما تتشابهان غاية التشابه فلاحظهما لتعرف ذلك . واعلم أن هذه الجملة مع ما فيها من العطف ولكن من دون كلمة نور قد ذكرت في الزيارة السادسة وفي زيارة يوم الميلاد ولكن لافي بدئهما بل في خلالهما والله العالم وبالجملة حسبنا من الزيارات المطلقة هذه الزيارات السبع ومن يبتغي أكثر منها فليزره عليه‌السلام بالزيارات الجامعة وليزره بما سنذكرها من الزيارة المبسوطة ليوم الغدير وليغتنم الزائر زيارة الأمير عليه‌السلام والصلاة في حرمه الطاهر فالصلاة عنده تعدل مائتي ألف صلاة .

وعن الصادق عليه‌السلام : أن من زار إماما مفترض الطاعة وصلّى عنده أربع ركعات كتب له حجة وعمرة (١) .

وقد ألمحنا في كتاب (هدية الزائر) إلى مالجوار قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام من الفضل، وذلك أن حفظ المجاور حق الجوار وهذا شرط بالغ العسر والمشقة فلا يتيسر لكل أحد والمقام لا يقتضي البسط فليراجع من شاء الكتاب الفارسي (كلمه طيبه).

ذكر وداع الأمير عليه‌السلام

فإذا شئت وداعه فودعه بهذا الوداع الذي أورده العلماء تلو ما ذكروه من الزيارة الخامسة: السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ أَسْتَودِعُكَ الله وَأَسْتَرْعِيكَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامُ، آمنّا بِالله وَبِالرُّسُلِ وَبِما جأَتْ بِهِ وَدَعَتْ إِلَيْهِ وَدَلَّتْ عَلَيْهِ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ، اللّهُمَّ لاتَجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ مِنْ زِيارَتِي إِيَّاهُ فِإِنْ تَوَفَّيْتَنِي قَبْلَ ذلِكَ فَإِنِّي أَشْهَدُ فِي مَماتِي ماشَهِدْتُ عَلَيْهِ فِي حَياتِي؛ أَشْهَدُ أَنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَلِياً وَالحَسَنَ وَالحُسَيْنَ وَعَلِيَّ بْنَ الحُسَيْنِ وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَمُوسى بْنَ جَعْفَرٍ وَعَلِيَّ بْنَ مُوسى وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَعَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ وَالحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَالحُجَّةَ بْنَ الحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَئِمَّتِي، أَشْهَدُ أَنَّ مَنْ قَتَلَهُمْ وَحارَبَهُمْ

_________________

١ - المقنعة للمفيد: ٤٨٦.
٤٥٦

مُشْرِكُونَ وَمَنْ رَدَّ عَلَيْهِمْ فِي أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنَ الجَّحِيمِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ حارَبَهُمْ لَنا أَعْداءٌ وَنَحْنُ مِنْهُمْ بُراءُ وَأَنَّهُمْ حِزْبُ الشَّيْطانِ، وَعَلى مَنْ قَتَلَهُمْ لَعْنَةُ الله وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ وَمَنْ شَرِكَ فِيهِمْ وَمَنْ سَرَّهُ قَتْلَهُم، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بَعْدَ الصَّلاةِ وَالتَّسْلِيمِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَعَلِيٍّ وَمُحَمَّدٍ وَجَعْفَرٍ وَمُوسى وَعَلِيٍّ وَمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَالحَسَنِ وَالحُجَّةِ، وَلاتَجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ مِنْ زِيارَتِهِ فَإِنْ جَعَلْتَهُ فَاحْشُرْنِي مَعَ هؤُلاءِ المُسَمَّينَ الأئِمَّةِ، اللّهُمَّ وَذَلِّلْ قُلُوبَنا لَهُمْ بِالطَّاعَةِ وَالمُناصَحَةِ وَالمَحَبَّةِ وَحُسْنِ المُؤَازَرَهِ وَالتَّسْلِيمِ (١) .

المقصد الثاني:

في زيارات الأمير المؤمنين عليه‌السلام

وهي عديدة: أولاها زيارة يوم الغدير: وقد روي عن الرضا عليه‌السلام أنّه قال لابن أبي نصر: يا بن أبي نصر أينما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين عليه‌السلام فإن الله تعالى يغفر لكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة ذنوب ستّين سنة ويعتق من النار ضعف ما أعتق في شهر رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة الفطر. الخبر (٢) . واعلم أنهم قد خصّوا هذا اليوم الشريف بعدة زيارات:

الأولى: زيارة أمين الله، وقد جعلناها الثانية من الزيارات (المطلقة) وهي قد سلفت ص ٤٤٤.

الثانية: زيارة مروية بأسناد معتبرة عن الإمام علي بن محمد النقي عليه‌السلام قد زار عليه‌السلام الأمير عليه‌السلام يوم الغدير في السنة التي أشخصه المعتصم وصفتها كما يلي: إذا أردت ذلك فقف على باب القبّة المنوّرة واستأذن، وقال الشيخ الشهيد تغتسل وتلبس أنظف ثيابك وتستأذن وتقول: ( اللّهُمَّ إِنِّي وَقَفْتُ عَلى بابٍ ) (٣) ... وهذا هو الاستئذان الأول الذي أثبتناه في الباب الأول. ثم ادخل مقدماً رجلك اليمنى على اليسرى وامش حتى تقف على الضريح واستقبله واجعل القبلة بين كتفيك وقل:

_________________

١ - تهذيب الاحكام ٦ / ٣٠ باب ٩ مع مغايرة قليلة في بعض الالفاظ.

٢ - مصباح الزائر: ١٥٣، فصل ٧.

٣ - المزار للشهيد: ١٠٨، البحار ١٠٠ / ٣٥٩ عن المفيد.
٤٥٧

السَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله خاتَمِ النَّبِيِّنَ وَسَيِّدِ المُرْسَلِينَ وَصَفْوَةِ رَبِّ العالَمِينَ أَمِينِ الله عَلى وَحْيِهِ وَعَزائِمِ أَمْرِهِ وَالخاتِمِ لِما سَبَقَ وَالفاتِحِ لِما اسْتُقْبِلَ وَالمُهَيْمِنِ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، وَصَلَواتُهُ وَتَحِيَّاتُهُ. السَّلامُ عَلى أَنْبِياءِ الله وَرُسُلِهِ وَمَلائِكَتِهِ المُقَرَّبِينَ وَعِبادِهِ الصَّالِحِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ وَسَيِّدَ الوَصِيِّينَ وَوارِثَ عِلْمِ النَّبِيِّنَ وَوَلِيَّ رَبِّ العالَمِينَ وَمَوْلايَ وَمَوْلى المُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ يا أمِينَ الله فِي أَرْضِهِ وَسَفِيرَهُ عَلى خَلْقِهِ وَحُجَّتَهُ البالِغَةَ عَلى عِبادِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا دِينَ الله القَوِيمَ وَصِراطَهُ المُسْتَقِيمَ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها النَّبَأُ العَظِيمُ الَّذِي هُمْ فِيِهِ مُخْتَلِفُونَ وَعَنْهُ يَسْأَلُونَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آمَنْتَ بِالله وَهُمْ مُشْرِكونَ وَصَدَّقْتَ بِالحَقِّ وَهُمْ مُكَذِّبُونَ وَجاهَدْتَ [في الله] (١) وَهُمْ مُحْجِمُونَ (٢) وَعَبَدْتَ الله مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ صابِراً مُحْتَسِبا حَتّى أَتاكَ اليَّقِينُ؛ أَلا لَعْنَةُ الله عَلى الظَّالِمِينَ. السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيِّدَ المُسْلِمِينَ وَيَعْسُوبَ المُؤْمِنِينَ وَإِمامِ المُتَّقِينَ وَقائِدَ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ أَخُو رَسُولِ الله وَوَصِيُّهُ وَوارِثُ عِلْمِهِ وَأَمِينُهُ عَلى شَرْعِهِ وَخَلِيفَتُهُ فِي اُمَّتِهِ وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِالله وَصَدَّقَ بِما أُنْزِلَ عَلى نَبِيِّهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ عَنِ الله ماأَنْزَلَهُ فِيكَ فَصَدَعَ بِأَمْرِهِ وَأَوْجَبَ عَلى اُمَّتِهِ فَرْضَ طاعَتِكَ وَوِلايَتِكَ وَعَقَدَ عَلَيْهِمْ البَيْعَةَ لَكَ وَجَعَلَكَ أَوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفِسِهِمْ كَما جَعَلَهُ الله كَذلِكَ، ثُمَّ أَشْهَدَ الله تَعالى عَلَيْهِمْ فَقالَ: أَلَسْتُ قَدْ بَلَّغْتُ؟ فَقالُوا: اللّهُمَّ بَلى، فَقالَ: اللّهُمَّ أَشْهَدْ وَكَفى بِكَ شَهِيداً وَحاكِماً بَيْنَ العِبادِ فَلَعَنَ الله جاحِدَ وِلايَتِكَ بَعْدَ الإقْرارِ وَناكِثَ عَهْدِكَ بَعْدَ المِيثاقِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَفَيْتَ بِعَهْدِ الله تَعالى وَأَنَّ الله تَعالى مُوفٍ لَكَ بِعَهْدِهِ وَمَنْ أَوْفى

_________________

١ - بين معقوفين من: خ.

٢ - مجمحون - خ -.
٤٥٨

بِما عاهَدَ عَلَيْهِ الله فَسَيُؤْتيهِ أجراً عَظِيماً، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ الحَقُّ الَّذِي نَطَقَ بِولايَتِكَ التَّنْزِيلُ وَأَخَذَ لَكَ العَهْدَ عَلى الاُمَّهِ بِذلِكَ الرَّسُولُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَعَمَّكَ وَأَخاكَ الَّذِينَ تاجَرْتُمْ الله بِنُفُوسِكُمْ فَأَنْزَلَ الله فِيكُمْ: ( إِنَّ الله اشْتَرى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقاً فِي التَّوْراةِ وَالاِنْجِيلِ وَالقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ الله فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ * التَّائِبُونَ العابِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالمَعْرُوفِ النَّاهُونَ عَنِ المُنْكَرِ وَالحافِظُونَ لِحُدُودِ الله وَبَشِّرِ المُؤْمِنِين ) (١) ، أَشْهَدُ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَنَّ الشَّاكَّ فِيكَ ما آمَنَ بِالرَّسُولِ الاَمِينِ وَأَنَّ العادِلَ بِكَ غَيْرَكَ عانِدٌ (٢) عَنِ الدِّينِ القَوِيمِ الَّذِي ارْتَضاهُ لَنا رَبُّ العالَمِينَ وَأَكْمَلَهُ بِوِلايَتِكَ يَوْمَ الغَدِيرِ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ المَعْنِيُّ بِقَوْلِ العَزِيزِ الرَّحِيمِ: ( وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيما فَاتَّبِعُوهُ وَلاتَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ) (٣) ؛ ضَلَّ وَالله وَأَضَلَّ مِنْ اتَّبَعَ سِواكَ وَعَنَدَ عَنِ الحَقِّ مَنْ عاداكَ، اللّهُمَّ سَمِعْنا لأمْرِكَ وَأَطَعْنا وَاتَّبَعْنا صِراطَكَ المُسْتَقِيمَ فَاهْدِنا رَبَّنا وَلاتُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا إِلى طاعَتِكَ وَاجْعَلْنا مِنَ الشَّاكِرِينَ لاَنْعُمِكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ لَمْ تَزَلْ لِلْهَوى مُخالِفاً وَلِلْتُقى مُحالِفاً وَعَلى كَظْمِ الغَيْظِ قادِراً وَعَنِ النَّاسِ عافِياً غافِراً وَإِذا عُصيَ الله ساخِطاً وَإِذا اُطِيعَ الله راضِياً وَبِما عَهِدَ إِلَيْكَ عامِلاً راعِياً لِما اسْتُحْفِظْتَ حافِظاً لِما اسْتُودِعْتَ مُبَلِّغاً ما حُمِّلْتَ مُنْتَظِراً ما وُعِدْتَ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ ما اتَّقَيْتَ ضارِعاً وَلا أَمْسَكْتَ عَنْ حَقِّكَ جازِعاً وَلا أَحْجَمْتَ عَنْ مُجاهَدَةِ غاصِبِيكَ (٤) عاصيك ناكِلاً وَلا أَظْهَرْتَ الرِّضى بِخِلافِ ما يُرْضِي الله مُداهِناً وَلا وَهَنْتَ لِما أَصابَكَ فِي سَبِيلِ الله وَلا ضَعُفْتَ

_________________

١ - التوبة: ٩ / ١١١ - ١١٢.

٢ - عادلٌ - خ -.

٣ - الانعام: ٦ / ١٥٣.

٤ - عاصيك - خ -.
٤٥٩

وَلا اسْتَكَنْتَ عَنْ طَلَبِ حَقِّكَ مُراقِباً، مَعاذَ الله أَنْ تَكُونَ كَذلِكَ بَلْ إِذْ ظُلِمْتَ احْتَسَبْتَ رَبَّكَ وَفَوَّضْتَ إِلَيْهِ أَمْرَكَ وَذَكَّرْتَهُمْ فَما ادَّكَرُوا وَوَعَظْتَهُمْ فَما اتَّعَظُوا وَخَوَّفْتَهُمُ الله فَما تَخَوَّفُوا، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ جاهَدْتَ فِي الله حَقَّ جِهادِهِ حَتّى دَعاكَ الله إِلى جِوارِهِ وَقَبَضَكَ إِلَيْهِ بِاْخِتيارِهِ وَأَلْزَمَ أَعْدائكَ الحُجَّةَ بِقَتْلِهِمْ إِيَّاكَ لِتَكُونَ الحُجَّةُ لَكَ عَلَيْهِمْ مَعَ مالَكَ مِنَ الحُجَجِ البالِغَةِ عَلى جَمِيعِ خَلْقِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَبَدْتَ الله مُخْلِصاً وَجاهَدْتَ فِي الله صابِراً وَجُدْتَ بِنَفْسِكَ وَعَمِلْتَ بِكِتابِهِ، وَاتَّبَعْتَ سُنَّةَ نَبِيِّهِ وَأَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ وَأَمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ ما اسْتَطَعْتَ مُبْتَغِياً ما عِنْدَ الله راغِباً فِيما وَعَدَ الله لاتَحْفِلُ (١) بِالنَّوائِبِ وَلاتَهِنُ عِنْدَ الشَّدائِدِ وَلا تَحْجُمُ عَنْ مُحارِبٍ؛ أَفِكَ مَنْ نَسَبَ غَيْرَ ذلِكَ إِلَيْكَ وَافْتَرى باطِلاً عَلَيْكَ وَأَوْلى لِمَنْ عَنَدَ عَنْكَ، لَقَدْ جاهَدْتَ فِي الله حَقَّ الجِهادِ وَصَبَرْتَ عَلى الأذى صَبْرَ احْتِسابٍ وَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِالله وَصَلّى لَهُ وَجاهَدَ وَأَبْدى صَفْحَتَهُ فِي دارِ الشِّرْكِ، وَالأَرضُ مَشْحُونَةٌ ضَلالَةً وَالشَّيْطانُ يُعْبَدُ جَهْرَةً وَأَنْتَ القائِلُ: لاتَزِيدُنِي كَثْرَةُ النَّاسِ حَوْلِي عِزَّةً وَلا تَفَرُّقَهُمْ عَنِّي وَحْشَةً وَلَوْ أَسْلَمَنِي النَّاسُ جَميعاً لَمْ أَكُنْ مُتَضَرِّعاً. إعْتَصَمْتَ بِالله فَعَزَزْتَ وَآثَرْتَ الآخِرَةِ عَلى الاُولى فَزَهِدْتَ وَأَيَّدَكَ الله وَهَداكَ وَأَخْلَصَكَ وَاجْتَباكَ فَما تَناقَضَتْ أَفْعالُكَ وَلا اخْتَلَفَتْ أَقْوالُكَ وَلاتَقَلَّبَتْ أَحْوالُكَ وَلا ادَّعَيْتَ وَلا افْتَرَيْتَ عَلى الله كَذِباً، وَلا شَرِهْتَ إِلى الحُطامِ وَلا دَنَّسَكَ الآثامُ، وَلَمْ تَزَلْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَيَقِينٍ مِنْ أَمْرِكَ تَهْدِي إِلى الحَقِّ وَإِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. أَشْهَدُ شَهادَةَ حَقٍّ وَأُقْسِمُ بِالله قَسَمَ صِدْقٍ أَنَّ مُحَمَّداً وَآلَهُ صَلَواتُ الله عَلَيْهِمْ ساداتُ الخَلْقِ، وَأَنَّكَ مَوْلايَ وَمَولى المُؤْمِنِينَ وَأَنَّكَ عَبْدُ اللهِ وَوَلِيُّهِ وَأَخُو الرَّسُولِ

_________________

١ - لا تخفل: أي لا تهتم.
٤٦٠

وَوَصِيُّهِ وَوارِثُهِ وَأَنَّهُ القائِلُ لَكَ: وَالَّذي بَعَثَنِي بِالحَقِّ ما آمَنَ بِي مَنْ كَفَرَ بِكَ وَلا أَقَرَّ بِالله مَنْ جَحَدَكَ وَقَدْ ضَلَّ مَنْ صَدَّ عَنْكَ وَلَمْ يَهْتَدِ إِلى الله وَلا إِلى مَنْ لايَهْتَدِي بِكَ، وَهُوَ قَوْلُ رَبِّي عَزَّوَجَلَّ: ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحا ثُمَّ اهْتَدى ) (١) إِلى وَلايَتِكَ. مَوْلايَ فَضْلُكَ لا يَخْفى وَنُورُكَ لايُطْفأ (٢) ، وَأَنَّ مَنْ جَحَدَكَ الظَّلُومُ الأشْقى مَوْلايَ أَنْتَ الحُجَّةُ عَلى العِبادِ وَالهادِي إِلى الرَّشادِ وَالعُدَّةُ لِلْمَعادِ، مَوْلايَ لَقَدْ رَفَعَ الله فِي الاُولى مَنْزِلَتَكَ وَأَعْلى فِي الآخِرةِ دَرَجَتَكَ وَبَصَّرَكَ ما عَمِيَ عَلى مَنْ خالَفَكَ وَحالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مواهِبِ الله لَكَ، فَلَعَنَ الله مُسْتَحِلِّي الحُرْمَةِ مِنْكَ وَذائِدِي الحَقِّ عَنْكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُمْ الاَخْسَرُونَ الَّذِينَ تَلْفَحُ وَجُوهَهَمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ ماأَقْدَمْتَ وَلاأَحْجَمْتَ وَلانَطَقْتَ وَلاأَمْسَكْتَ إِلاّ بِأَمْرٍ مِنَ الله وَرَسُولِهِ؛ قُلْتَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ نَظَرَ إلى رَسُولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أَضْرِبُ بِالسَّيْفِ قُدُماً فَقالَ: يا عَلِيُّ، أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هارونَ مِنْ مُوسى، إِلاّ أَنَّهُ لانَبِيَّ بَعْدِي، وَأُعْلِمُكَ أَنَّ مَوْتَكَ وَحَياتَكَ مَعِي وَعَلى سُنَّتِي. فَوَالله ماكَذِبْتُ وَلا كُذِّبْتُ وَلا ضَلَلْتُ وَلا ضُلَّ بِي وَلانَسِيتُ ما عَهِدَ إلى رَبِّي وَإِنِّي لَعَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي بَيَّنَها لِنَبِيِّهِ وَبَيَّنَها النَّبِيُّ لِي، وَإِنِّي لَعَلى الطَّرِيقِ الواضِحِ أَلْفُظُهُ لَفْظاً. صَدَقْتَ وَالله جَلَّ وَقُلْتَ الحَقَّ فَلَعَنَ الله مَنْ ساواكَ بِمَنْ ناواكَ وَالله جَلَّ اسْمُهُ يَقُولُ: ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) (٣) . فَلَعَنَ الله مَنْ عَدَلَ بِكَ مَنْ فَرَضَ الله عَلَيْهِ وَلايَتَكَ وَأَنْتَ وَلُيُّ الله وَأَخُو رَسُولِهِ وَالذَّابُّ عَنْ دِينِهِ وَالَّذِي نَطَقَ القُرْآنُ بِتَفْضِيلِهِ؛ قالَ الله تَعالى: ( وَفَضَّلَ الله المُجاهِدِينَ عَلى القاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ الله غَفُوراً رَحِيماً ) (٤) وَقالَ اللهُ

_________________

١ - طه: ٢٠ / ٨٢.

٢ - لا يُطفى: خ.

٣ - الزمر: ٣٩ / ٩.

٤ - النساء: ٤ / ٩٥ - ٩٦.
٤٦١

تَعالى: ( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الحاجِّ وَعِمارَةَ المَسْجِدِ الحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِالله وَاليَّوْمِ الآخِر وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوونَ عِنْدَ الله وَالله لايَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ؛ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ الله بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ الله وَاُولئِكَ هُمُ الفائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ الله عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) (١) أَشْهَدُ أَنَّكَ المَخْصُوصُ بِمِدْحَةِ الله المُخْلِصُ لِطاعَةِ اللهِ لَمْ تَبْغِ بِالهُدىْ بَدَلاً وَلَمْ تُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّكَ أَحَداً، وَأَنَّ الله تَعالى اسْتَجابَ لِنَبِيِّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله فِيكَ دَعْوَتَهُ ثُمَّ أَمَرَهُ بِإِظْهارِ ما أَوْلاكَ لاُمَّتِهِ إِعْلاءاً لِشَأْنِكَ وَإِعْلاناً لِبُرْهانِكَ وَدَحْضاً لِلاَباطِيلِ وَقَطْعاً لِلْمَعاذِيرِ، فَلَمّا أشْفَقَ مِنْ فِتْنَةِ الفاسِقِينَ وَاتَّقى فِيكَ المُنافِقِينَ أَوْحى إِلَيْهِ رَبُّ العالَمِينَ: ( يا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَالله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (٢) ؛ فَوَضَعَ عَلى نَفْسِهِ أوْزارَ المَسِيرِ وَنَهَضَ فِي رَمْضاءِ الهَجِيرِ فَخَطَبَ وَأَسْمَعَ وَنادى فَأَبْلَغَ، ثُمَّ سَأَلَهُمْ أَجْمَعَ فَقالَ: هَلْ بَلَّغْتُ؟ فَقالوا: اللّهُمَّ بَلى، فَقالَ: اللّهُمَّ اشْهَدْ. ثُمَّ قالَ: أَلَسْتُ أَوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟ فَقالوا: بَلى، فَأَخَذَ بَيَدِكَ وَقالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا عَلِيُّ مَولاهُ، اللّهُمَّ والِ مَنْ وَالاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ. فَما آمَنَ بِما أَنْزَلَ الله فِيكَ عَلى نَبِيِّهِ إِلاّ قَلِيلٌ وَلا زادَ أَكْثَرَهُمْ غَيْرَ تَخْيِيرٍ، وَلَقَدْ أَنْزَلَ الله تَعالى فِيكَ مِنْ قَبْلُ وَهُمْ كارِهُونَ: ( يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلى الكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله وَلايَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّما وَلِيُّكُمْ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ الله

_________________

١ - التوبة: ٩ / ١٠ - ٢٢.

٢ - المائدة: ٥ / ٦٧.
٤٦٢

وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الغالِبُونَ ) (١) ؛ ( رَبَّنا آمَنّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) (٢) ؛ ( رَبَّنا لاتُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ ) (٣) . اللّهُمَّ إِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ هذا هُوَ الحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَالعَنْ مَنْ عارَضَهُ وَاسْتَكْبَرَ وَكَذَّبَ بِهِ وَكَفَرَ ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (٤) .

السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ وَسَيِّدَ الوَصِيِّينَ وَأَوَّلَ العابِدِينَ وَأَزْهَدَ الزَّاهِدِينَ وَرَحْمَةَ الله وَبَرَكاتُهُ وَصَلَواتُهُ وَتَحِياتُهُ، أَنْتَ مُطْعِمُ الطَّعامِ عَلى حُبِّهِ مِسْكِينا وَيَتِيماً وَأَسِيراً لِوَجْهِ الله لا تُرِيدُ مِنْهُمْ جَزاءً وَلاشُكُوراً، وَفِيكَ أَنْزَلَ الله تَعالى: ( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ) (٥) ، وَأَنْتَ الكاظِمُ لِلْغَيْظِ وَالعافِي عَنِ النَّاسِ وَالله يُحِبُّ المُحْسِنِينَ، وَأَنْتَ الصَّابِرُ فِي البَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ وَأَنْتَ القاسِمُ بِالسَّوِيَّةِ وَالعادِلُ فِي الرَّعِيَّةِ وَالعالِمُ بِحُدُودِ الله مِنْ جَمِيعِ البَرِيَّةِ، وَالله تَعالى أَخْبَرَ عَمَّا أَوْلاكَ مِنْ فَضْلِهِ بِقَوْلِهِ: ( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لايَسْتَوُونَ؛ أَمّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ المَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْلَمُونَ ) (٦) ؛ وَأَنْتَ المَخْصُوصُ بِعِلْمِ التَّنْزِيلِ وَحُكْمِ التَّأْوِيلِ وَنَصِّ الرَّسُولِ، وَلَكَ المَواقِفُ المَشْهُودَةُ وَالمَقاماتُ المَشْهُورَةُ وَالأيَّامُ المَذْكُورَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وَيَوْمَ الاَحْزابِ، ( إِذْ زاغَتِ الاَبْصارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِالله الظُّنُونا، هُنالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً، وَإذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنا الله وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً، وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أهْلَ يَثْرِبَ لامُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ

_________________

١ - المائدة: ٥ / ٥٤ - ٥٦.

٢ - آل عمران: ٣ / ٥٣.

٣ - آل عمران: ٣ / ٨.

٤ - الشعراء: ٢٦ / ٢٢٧.

٥ - الحشر: ٥٩ / ٩.

٦ - السجدة: ٣٢ / ١٨ - ١٩.
٤٦٣

فَرِيقٌ مِنْهُمْ النَّبِيَّ يَقُولُونَ: إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِي بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاّ فِراراً ) (١) ، وَقالَ الله تَعالى: ( وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأحْزابَ قالُوا هذا ماوَعَدَنا الله وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ وَمازادَهُمْ إِلاّ إِيْماناً وَتَسْلِيماً ) (٢) ، فَقَتلْتَ عَمْرَهُمْ وَهَزَمْتَ جَمْعَهُمْ وَرَدَّ الله الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفى الله المُؤْمِنِينَ القِتالَ، وَكانَ الله قَوِياً عَزِيزاً (٣) . وَيَوْمَ أُحُدٍ إِذْ يُصْعِدُونَ وَلا يَلْوُوْنَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوهُمْ فِي اُخْراهُمْ وَأَنْتَ تَذُودُ بِهِمُ (٤) المُشْرِكينَ عَنِ النَّبِيَّ ذاتَ اليَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ حَتّى رَدَّهُمُ الله تَعالى عَنْكُما خائِفِينَ وَنَصَرَ بِكَ الخاذِلِينَ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ عَلى ما نَطَقَ بِهِ التَّنْزِيلُ ( إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمْ الأَرضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرينَ ثُمَّ أَنْزَلَ الله سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلى المُؤْمِنِينَ ) (٥) ، وَالمُؤْمِنُونَ أَنْتَ وَمَنْ يَلِيكَ وَعَمُّكَ العَبَّاُس يُنادِي المُنْهَزِمِينَ: يا أصْحابَ سُورَةِ البَقَرَةِ، يا أهْلَ بَيْعَةِ الشَّجَرَةِ، حَتّى اسْتَجابَ لَهُ قَوْمٌ قَدْ كَفَيْتَهُمُ المُؤْنَةَ وَتَكَلَّفْتَ دُونَهُمُ المَعُونَةَ فَعادُوا آيِسِينَ مِنَ المَثُوبَةِ راجِينَ وَعْدَ الله تعالى بِالتَّوْبَهِ وَذلِكَ قَوْلُ الله جَلَّ ذِكْرُهُ: ( ثُمَّ يَتُوبُ الله مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ ) (٦) ؛ وَأَنْتَ حائِزٌ دَرَجَةَ الصَّبْرِ فائِزٌ بِعَظِيمِ الاَجْرِ، وَيَوْمَ خَيْبَرَ إِذْ أَظْهَرَ الله خَوَرَ المُنافِقِينَ وَقَطَعَ دابِرَ الكافِرِينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ ، ( وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا الله مِنْ قَبْلُ لايُوَلُّونَ الاَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ الله مَسْؤولاً ) (٧) . مَوْلايَ أَنْتَ الحُجَّةُ البالِغَةُ وَالمَحَجَّةُ الواضِحَةُ وَالنِّعْمَةُ السابِغَةُ وَالبُرْهانُ المُنِيرُ فَهَنِيئا لَكَ بِما أَتاكَ الله مِنْ فَضْلٍ وَتَبّاً لِشانِئِكَ ذِي الجَهْلِ، شَهِدْتَ مَعَ النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله جَمِيعَ حُروبِهِ وَمَغازِيهِ تَحْمِلُ

_________________

١ - الاحزاب: ٣٣ / ١٠ - ١٣.

٢ - الاحزاب: ٣٣ / ٢٢.

٣ - الاحزاب: ٣٣ / ٢٥.

٤ - أي تبعد شجعان المشركين.

٥ - التوبة: ٩ / ٢٥ و ٢٦.

٦ - التوبة: ٩ / ٢٧.

٧ - الاحزاب: ٣٣ / ١٥.
٤٦٤

الرَّايَةَ أَمامَهُ وَتَضْرِبُ بِالسَّيْفِ قُدَّامَهُ، ثُمَّ لِحَزْمِكَ المَشْهُورِ وَبَصِيرَتِكَ فِي الاُمورِ أَمَّرَكَ فِي المَواطِنِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ أَمِيرٌ. وَكَمْ مِنْ أَمْرٍ صَدَّكَ عَنْ إِمْضاءِ عَزْمِكَ فِيهِ التُّقى وَاتَّبَعَ غَيْرُكَ فِي مِثْلِهِ الهَوى فَظَنَّ الجاهِلُونَ أَنَّكَ عَجَزْتَ عَمَّا إِلَيْهِ انْتَهى، ضَلَّ وَالله الظَّانُّ لِذلِكَ وَما اهْتَدى وَلَقَدْ أَوْضَحْتَ ماأَشْكَلَ مِنْ ذلِكَ لِمَنْ تَوَهَّمَ وَامْتَرى بِقَوْلِكَ صَلّى الله عَلَيْكَ: قَدْ يَرى الحُوَّلُ القُلَّبُ وَجْهَ الحِيلَةِ وَدُونَها حاجِزٌ مِنْ تَقْوى الله فَيَدَعُها رَأْيَ العَيْنِ وَيَنْتَهِزُ فُرْصَتَها مَنْ لا حَرِيجَةَ (١) لَهُ فِي الدِّينِ؛ صَدَقْتَ [واللّه] (٢) وَخَسِرَ المُبْطِلُونَ. وَإِذْ ماكَرَكَ الناكِثانِ فَقالا: نُرِيدُ العُمْرَةَ! فَقُلْتَ لَهُما: لَعَمْرُكُما ماتُرِيدانِ العُمْرَةَ لكِنْ تُرِيدانِ الغَدْرَةَ، فَأَخَذْتَ البَيْعَةَ عَلَيْهِما وَجَدَّدْتَ المِيثاقَ فَجَداً فِي النِّفاقِ، فَلَمَّا نَبَّهْتَهُما عَلى فِعْلِهِما أَغْفَلا وَعادا وَما انْتَفَعا وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِهِما خُسْراً. ثُمَّ تَلاهُما أَهْلُ الشَّامِ فَسِرْتَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الاعْذارِ وَهُمْ لايَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ وَلايَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ هَمَجٌ رعاعٌ ضالُّونَ وَبِالَّذِي اُنْزِلَ عَلى مُحَمَّدٍ فِيْكَ كافِرُونَ وَلاِ هْلِ الخِلافِ عَلَيْكَ ناصِرُونَ، وَقَدْ أَمَرَاللهُ تَعالى بِاتِّباعِكَ وَنَدَبَ المُؤْمِنِينَ إِلى نَصْرِكَ، وَقالَ عَزَّوَجَلَّ: ( يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (٣) . مَوْلايَ بِكَ ظَهَرَ الحَقُّ وَقَدْ نَبَذَهُ الخَلْقُ وَأَوْضَحْتَ السُّنَنَ بَعْدَ الدُّرُوسِ وَالطَّمْسِ فَلَكَ سابِقَةُ الجِهادِ عَلى تَصْدِيقِ التَّنْزِيلِ وَلَكَ فَضِيلَةُ الجِهادِ عَلى تَحْقِيقِ التَّأْوِيلِ. وَعَدُوُّكَ عَدُوُّ الله جاحِدٌ لِرَسُولِ الله يَدْعُو باطِلاً وَيَحْكُمُ جائِراً وَيَتَأَمَّرُ غاضِباً وَيَدْعُو حِزْبَهُ إِلى النَّارِ، وَعَمَّارُ يُجاهِدُ وَيُنادِي بَيْنَ الصَّفَّيْنِ الرَّواحَ الرَّواحَ إِلى الجَنَّةِ وَلَمّا اسْتَسْقَى فَسُقِيَ اللَّبَنَ كَبَّرَ، وَقالَ: قالَ لِي رَسُولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : آخِرُ شَرابِكَ مِنَ الدُّنْيا ضَياحٌ مِنْ لَبَنٍ،

_________________

١ - لا جريحة - خ -.

٢ - والله: خ.

٣ - التوبة: ٩ / ١١٩.
٤٦٥

وَتَقْتُلُكَ الفِئَةُ الباغِيَةُ، فَاعْتَرَضَهُ أَبُو العادِيَةِ الفَزارِيِّ فَقَتَلَهُ؛ فَعَلى أَبِي العادِيَةِ لَعْنَةُ الله وَلَعْنَةُ مَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ أجْمَعِينَ، وَعَلى مَنْ سَلَّ سَيْفَهُ عَلَيْكَ وَسَلَلْتَ سَيْفَكَ عَلَيْهِ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ مِنْ المُشْرِكِينَ وَالمُنافِقِينَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَلى مَنْ رَضِيَ بِما سأَكَ وَلَمْ يَكْرَهْهُ وَأَغْمَضَ عَيْنَهُ وَلَمْ يُنْكِرْ، أَوْ أَعانَ عَلَيْكَ بِيَدٍ أَوْ لِسانٍ أوْ قَعَدَ عَنْ نَصْرِكَ أوْ خَذَلَ عَنِ الجِهادِ مَعَكَ أوْ غَمَطَ فَضْلَكَ وَجَحَدَ حَقَّكَ أوْ عَدَلَ بِكَ مَنْ جَعَلَكَ الله أَوْلى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَصَلَواتُ الله عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ وَسَلامُهُ وَتَحِيَّاتُهُ وَعَلى الأَئِمَّةِ مِنْ آلِكَ الطَّاِهرِينَ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ . وَالأمْرُ الاَعْجَبُ وَالخَطْبُ الأفْظَعُ - بَعْدَ جَحْدِكَ حَقَّكَ - غَصْبُ الصِّدِّيقَةِ الطَّاهِرَةِ الزَّهْراءِ سَيِّدَةِ النِّساءِ فَدَكاً وَرَدُّ شَهادَتِكَ وَشَهادَةِ السَّيِّدَيْنِ سُلالَتِكَ وَعِتْرَةِ المُصْطَفى صَلّى الله عَلَيْكُمْ، وَقَدْ أَعْلى الله تَعالى عَلى الاُمَّةِ دَرَجَتَكُمْ وَرَفَعَ مَنْزِلَتَكُمْ وَأَبانَ فَضْلَكُمْ وَشَرَّفَكُمْ عَلى العالَمِينَ، فَأَذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَكُمْ تَطْهِيراً قالَ الله عَزَّوَجَلَّ: ( إِنَّ الإنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعاً إِلاّ المُصَلِّينَ ) (١) ، فَاسْتَثْنى الله تَعالى نَبِيَّهُ المُصْطَفى وَأَنْتَ يا سَيِّدَ الأَوْصِياء مِنْ جَمِيعِ الخَلْقِ فَما أَعْمَهَ مَنْ ظَلَمَكَ عَنِ الحَقِّ! ثُمَّ أَفْرَضُوكَ سَهْمَ ذِي القُرْبى مَكْراً وَأَحادُوهُ عَنْ أَهْلِهِ جَوْراً، فَلَمّا آلَ الأمْرُ إِلَيْكَ أَجْرَيْتَهُمْ عَلى ماأَجْرَيا رَغْبَةً عَنْهُما بِما عِنْدَ الله لَكَ فَأَشْبَهَتْ مِحْنَتُكَ بِهِما مِحَنَ الأَنْبِياءِ عَلَيْهِمُ، السَّلامُ عِنْدَ الوَحْدَةِ وَعَدَمِ الاَنْصارِ، وَأَشْبَهْتَ فِي البِياتِ عَلى الفِراشِ الذَّبِيحَ عليه‌السلام إِذْ أَجَبْتَ كَما أَجابَ وَأَطَعْتَ كَما أَطاعَ إسْماعِيلُ صابِراً مُحْتَسِباً، إِذْ قالَ لَهُ: ( يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي المَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى قالَ يا أبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شأَالله مِنَ الصَّاِبِرينَ ) (٢) ؛ وَكَذلِكَ أَنْتَ لَمّا أَباتَكَ النَّبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَأَمَرَكَ أَنْ تَضْجَعَ فِي مَرْقَدِهِ وَاقِياً لَهُ بِنَفْسِكَ أَسْرَعْتَ إِلى

_________________

١ - المعارج: ٧٠ / ١٩ - ٢٣.

٢ - الصافات: ٣٧ / ١٠٢.
٤٦٦

إِجابَتِهِ مُطِيعاً وَلِنَفْسِكَ عَلى القَتْلِ مُوَطِّناً، فَشَكَرَ الله تَعالى طاعَتَكَ وَأَبانَ عَنْ جَمِيلِ فِعْلِكَ بِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) (١) ، ثُمَّ مِحْنَتُكَ يَوْمَ صِفِّينَ وَقَدْ رُفِعَتِ المَصاحِفُ حِيلَةً وَمَكْراً فَأَعْرَضَ الشَّكُّ وَعُرِفَ الحَقُّ وَاتُّبَعَ الظَّنُّ أَشْبَهْتْ مِحْنَةَ هارُونَ إِذْ أَمَّرَهُ مُوسى عَلى قَوْمِهِ فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ وَهارُونُ يُنادِي بِهِمْ وَيَقُولُ: ( يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى ) (٢) ، وَكذلِكَ أَنْتَ لَمَّا رُفِعَتِ المَصاحِفُ قُلْتَ: يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِها وَخُدِعْتُمْ فَعَصَوكَ، وَخالَفُوا عَلَيْكَ وَاسْتَدْعَوا نَصْبَ الحَكَمَيْنِ فَأَبَيْتَ عَلَيْهِمْ وَتَبَرَّأْتَ إِلى الله مِنْ فِعْلِهِمْ وَفَوَّضْتَهُ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَسْفَرَ الحَقُّ وَسَفِهَ المُنْكَرُ وَاعْتَرَفُوا بِالزَّلَلِ وَالجَوْرِ عَنِ القَصْدِ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِهِ وَأَلْزَمُوكَ عَلى سَفَهٍ التَّحْكِيمَ الَّذِي أَبَيْتَهُ وَأَحَبُّوُه وَحَظَرْتَهُ وَأَباحُوا ذَنْبَهُمْ الَّذِي اقْتَرَفُوهُ، وَأَنْتَ عَلى نَهْجِ بَصِيرَةٍ وَهُدىً وَهُمْ عَلى سُنَنِ ضَلالَةٍ وَعَمىً، فَما زالُوا عَلى النِّفاقِ مُصِرِّينَ وَفِي الغَيِّ مُتَرَدِّدِينَ حَتّى أَذاقَهُمُ الله وَبالَ أَمْرِهِمْ فَأَماتَ بِسَيْفِكَ مَنْ عانَدَكَ فَشَقِيَ وَهَوى وَأَحْيا بِحُجَّتِكَ مَنْ سَعَدَ فَهُدِيَ. صَلَواتُ الله عَلَيْكَ غادِيَةً وَرائِحَةً وَعاكِفَةً وَذاهِبَةً، فَما يُحِيطُ المادِحُ وَصْفَكَ وَلايُحْبِطُ الطَّاعِنُ فَضْلَكَ! أَنْتَ أَحْسَنُ الخَلْقِ عِبادَةً وَأَخْلَصُهُمْ زَهادَةً وَأَذَبُّهُمْ عَنِ الدِّينِ. أَقَمْتَ حُدُودَ الله بِجُهْدِكَ وَفَلَلْتَ عَساكِرَ المارِقِينَ بِسَيْفِكَ تُخْمِدُ لَهَبَ الحُرُوبِ بِبَنانِكَ وَتَهْتِكُ سُتُورَ الشُّبَهِ بِبَيانِكَ وَتَكْشِفُ لَبْسَ الباطِلِ عَنْ صَرِيحِ الحَقِّ، لاتَأْخُذُكَ فِي الله لَوْمَةَ لائِمٍ وَفِي مَدْحِ اللهِ تَعالى لَكَ غِنىً عَنْ مَدْحِ المادِحِينَ وَتَقْرِيظِ الواصِفِينَ قالَ الله تَعالى: ( مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا الله عَلَيْهِ

_________________

١ - البقرة: ٢ / ٢٠٧.

٢ - طه: ٢٠ / ٩٠ - ٩١.
٤٦٧

فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) (١) . وَلَمَّا رَأَيْتَ أَنْ قَتَلْتَ النَّاكِثِينَ وَالقاسِطِينَ وَالمارِقِينَ وَصَدَّقَكَ رَسُولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وَعْدَهُ فَأَوْفَيْتَ بِعَهْدِهِ قُلْتَ: أَما آنَ أَنْ تُخْضَبَ هذِهِ مِنْ هذِهِ أَمْ مَتى يُبْعَثُ أَشْقاها واثِقاً بِأَنَّكَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَبَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِكَ قادِمٌ عَلى اللهِ مُسْتَبْشِرٌ بِبَيْعِكَ الَّذِي بايَعْتَةُ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ اللّهُمَّ العَنْ قَتَلَةَ أَنْبِيائِكَ وَأَوْصِياء أَنْبِيائِكَ بِجَمِيعِ لَعَناتِكَ وَأَصْلِهِمْ حَرَّ نارِكَ، وَالعَنْ مَنْ غَصَبَ وَلِيَّكَ حَقَّهُ وَأَنْكَرَ عَهْدَهُ وَجَحَدَهُ بَعْدَ اليَقِينِ وَالإقْرارِ بِالوِلايَةِ لَهُ يَوْمَ أَكْمَلْتَ لَهُ الدِّينَ، اللّهُمَّ العَنْ قَتَلَةَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَمَنْ ظَلَمَهُ وَأَشْ يا عَهُمْ وَأَنْصارَهُمْ، اللّهُمَّ الْعَنْ ظالِمِي الحُسَيْنِ وَقاتِلِيهِ وَالمُتابِعِينَ عَدُوَّهُ وَناصِرِيهِ وَالرَّاضِينَ بقَتْلِهِ وَخاذِلِيهِ لَعْنا وَبِيلاً، اللّهُمَّ الْعَنْ أَوَّلَ ظالِمٍ ظَلَمَ آلَ مُحَمَّدٍ وَمانِعِيهِمْ حُقُوقَهُمْ، اللّهُمَّ خُصَّ أَوَّلَ ظالِمٍ وَغاصِبٍ لالِ مُحَمَّدٍ بِاللّعْنِ وَكُلَّ مُسْتَنٍّ بِما سَنَّ إِلى يَوْمِ القِيامَةِ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ (٢) خاتَمِ النَبِيِّنَ وَعَلى عَلِيٍّ سَيِّدِ الوَصِيِّنَ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَاجْعَلْنا بِهِمْ مُتَمَسِّكِينَ وَبِوِلايَتِهِمْ مِنَ الفائِزِينَ الامِنِينَ الَّذِينَ لاخَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣) .

أقول: قد أومأنا في كتاب (هديّة الزائر) إلى سند هذه الزيارة وقلنا هناك: هذه الزيارة يزار عليه‌السلام بها في جميع الأوقات عن قرب وعن بعد فلا تخص يوماً خاصاً أو مكاناً معيناً وهذه البتة فائدة جليلة يغتنمها الراغبون في العبادة الشائقون إلى زيارة سلطان الولاية عليه‌السلام .

الثالثة: زيارة رواها في (الاقبال) قال عن الصادق عليه‌السلام قال: إذا كنت في يوم الغدير في مشهد مولانا أمير المؤمنين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ فادن من قبره بعد الصلاة والدعاء وإن كنت في بعد منه فأوم إليه بعد الصلاة وهذا هو الدعاء:

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى وَلِيِّكَ وَأَخِيِ نَبِيِّكَ وَوَزِيرِهِ وَحَبِيبِهِ وَخَلِيلِهِ وَمَوْضِعِ سِرِّهِ وَخِيَرَتِهِ مِنْ أُسْرَتِهِ وَوَصِيِّهِ وَصَفْوَتِهِ وَخالِصَتِهِ وَأَمِينِهِ وَوَلِيِّهِ وَأَشْرَفِ عُتْرَتِهِ، الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ،

_________________

١ - الاحزاب: ٣٣ / ٢٣.

٢ - وآل محمّد ٍ - خ -.

٣ - المزار للشهيد: ١٠٩ - ١٣٠، البحار ١٠٠ / ٣٥٩ - ٣٦٨ ح ٦.
٤٦٨

وَأَبِي ذُرِّيَّتِهِ وَبابِ حِكْمَتِهِ وَالنَّاطِقِ بِحُجَّتِهِ وَالدَّاعِي إِلى شَرِيعَتِهِ وَالماضِي عَلى سُنَّتِهِ وَخَلِيفَتِهِ عَلى اُمَّتِهِ، سَيِّدِ المُسْلِمِينَ وَأَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَقائِدِ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ أَفْضَلَ ماصَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ وَأَصْفِيائِكَ وَأَوْصِياء نَبِيِّكَ، اللّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ عَنْ نَبِيِّكَ صلى‌الله‌عليه‌وآله ما حُمِّلَ وَرَعى ما اسْتُحْفِظَ وَحَفِظَ ما اسْتَوْدِعَ وَحَلَّلَ حَلالَكَ وَحَرَّمَ حَرامَكَ وَأَقامَ أَحْكامَكَ وَدَعا إِلى سَبِيلِكَ وَوَالى أَوْلِياَئكَ وَعادى أَعْدائكَ وَجاهَدَ النَّاكِثِينَ عَنْ سَبِيلِكَ وَالقاسِطِينَ وَالمارِقِينَ عَنْ أَمْرِكَ، صابِراً مُحْتَسِباً مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ لاتَأْخُذُهُ فِي الله لَوْمَةُ لائِمٍ حَتّى بَلَغَ فِي ذلِكَ الرِّضا وَسَلَّمَ إِلَيْكَ القَضاء وَعَبَدَكَ مُخْلِصاً وَنَصَحَ لَكَ مُجْتَهِداً حَتّى أَتاهُ اليَقِينُ فَقَبَضْتَهُ إِلَيْكَ شَهِيداً سَعِيداً وَلِيّاً تَقِيّاً رَضِيّاً زَكِيّاً هادِياً مَهْدِيّاً، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ أَفْضَلَ ماصَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ أَنْبِيائِكَ وَأَصْفِيائِكَ يا رَبَّ العالَمِينَ (١) .

أقول: أورد السيد في كتاب (مصباح الزائر) لهذا اليوم زيارة أخرى لم يعلم اختصاصها به وهي قد ركبت من زيارتين اثنتين أودعهما العلامة المجلسي كتاب (التحفة) فجعلهما الزيارتين الثانية والثالثة (٢) .

الثانية من الزيارات المخصوصة: زيارة يوم ميلاد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله روى الشهيد والمفيد والسيد ابن طاووس أن الصادق عليه‌السلام زار أمير المؤمنين صلوات الله عليه في اليوم السابع عشر من ربيع الأول بهذه الزيارة، وعلمها الثقة الجليل محمد بن مسلم الثقفي قدس فقال: إذا اتيت مشهد أمير المؤمنين عليه‌السلام فاغتسل للزيارة والبس أنظف ثيابك واستعمل شَيْئاً من الطيب وسر وعليك السكينة والوقار، فإذا وصلت إلى باب السَّلامُ أي باب الحرم الطاهر فاستقبل القبلة وقل: الله أكبر ثلاث مرات ثم قل:

السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللهِ، السَّلامُ عَلى خِيَرَةِ اللهِ، السَّلامُ عَلى البَشِيرِ النَّذِيرِ السِّراجِ

_________________

١ - الاقبال ٢ / ٣٠٦ فصل ٦ من باب ٥.

٢ - تحفة الزائر: ٦٩، أوّلها الزيارة الثانية: الحمد لله الذي أكرمني بمعرفته. وفي ص ٧٣ أوّل الزيارة الثالثة: السلام عليك يا ولي الله.
٤٦٩

المُنِيرِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ السَّلامُ عَلى الطُّهْرِ الطَّاهِرِ، السَّلامُ عَلى العَلَمِ الزَّاهِرِ، السَّلامُ عَلى المَنْصُورِ المُؤَيَّدِ، السَّلامُ عَلى أَبِي القاسِمِ مُحَمَّدٍ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ السَّلامُ عَلى أَنْبِياءِ الله المُرْسَلِينَ وَعِبادِ الله الصَّالِحِينَ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ الله الحافِّينَ بِهذا الحَرَمِ وَبِهذا الضَّرِيحِ أَللآئِذِينَ بِهِ . ثم ادن من القبر وقل:

السَّلامُ عَلَيكَ يا وَصِيَّ الأَوْصِياء، السَّلامُ عَلَيكَ يا عِمادَ الأَتْقِياءِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا وَلِيَّ الأوْلِياءِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا سَيِّدَ الشُّهداء، السَّلامُ عَلَيكَ يا أيَةَ الله العُظْمى، السَّلامُ عَلَيكَ يا خامِسَ أَهْلِ العَباءِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا قائِدَ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ الأَتْقِياءِ يا عِصْمَةَ الأوْلِياء، السَّلامُ عَلَيكَ يا زَيْنَ المُوَحِّدِينَ النُّجَباءِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا خالِصَ الاَخِلاّء، السَّلامُ عَلَيكَ يا والِدَ الأَئِمَّةِ الاُمَناءِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا صاحِبَ الحَوْضِ وَحامِلَ اللِّواء، السَّلامُ عَلَيكَ يا قَسِيمَ الجَنَّةِ وَلَظى، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ شُرِّفَتْ بِهِ مَكَّةُ وَمِنى، السَّلامُ عَلَيكَ يا بَحْرَ العُلومِ وَكَنَفَ (١) الفُقَراءِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ وُلِدَ فِي الكَعْبَةِ وَزُوِّجَ فِي السَّماء بِسَيِّدَةِ النَّساءِ وَكانَ شُهُودُها المَلائِكَةُ الأصْفِياء، السَّلامُ عَلَيكَ يا مِصْباحَ الضِّياءِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ خَصَّهُ النَّبِيُّ بِجَزِيلِ الحِباءِ السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ باتَ عَلى فِراشِ خاتَمِ الأَنْبِياءِ وَوَقاهُ بِنَفْسِهِ شَرَّ الأعْداء السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ رُدَّتْ لَهُ الشَّمْسُ فَسامى شَمْعُونَ الصَّفا، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ أَنْجى الله سَفِينَةَ نُوحٍ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَخِيهِ حَيْثُ التَطَمَ الماءُ حَوْلَها وَطَمى، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ تابَ الله بِهِ وَبِأَخِيهِ عَلى آدَمَ إِذْ غَوى، السَّلامُ عَلَيكَ يا فُلْكَ النَّجاةِ الَّذِي مَنْ رَكِبَهُ نَجى وَمَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ هَوى، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ خاطَبَ الثُّعْبانَ وَذِئْبَ الفَلا، السَّلامُ عَلَيكَ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيكَ يا حُجَّةَ الله عَلى مَنْ كَفَرَ وَأَنابَ، السَّلامُ عَلَيكَ يا أمامَ ذَوِي

_________________

١ - وكهف - خ -.
٤٧٠

الألْبابِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَعْدِنَ الحِكْمَةِ وَفَصْلَ الخِطابِ السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتابِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مِيزانَ يَوْمِ الحِسابِ السَّلامُ عَلَيكَ يا فاصِلَ الحُكْمِ النَّاطِقَ بِالصَّوابِ، السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّها المُتَصَدِّقُ بِالخاتَمِ فِي المِحْرابِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ كَفى الله المُؤْمِنِينَ القِتالَ بِهِ يَوْمَ الاحْزابِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ أَخْلَصَ للهِ الوَحْدانِيَّةَ وَأَنابَ السَّلامُ عَلَيكَ يا قاتِلَ خَيْبَرَ وَقالِعَ البابِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ دَعاهُ خَيْرُ الأنامِ لِلْمَبِيتِ عَلى فِراشِهِ فَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لِلْمَنِيَّةِ وَأَجابَ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ لَهُ طُوبى وَحُسْنُ مَآبٍ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيكَ يا وَلِيَّ عِصْمَةِ الدِّينِ وَياسَيِّدَ السَّاداتِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا صاحِبَ المُعْجِزاتِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ نَزَلَتْ فِي فَضْلِهِ سُورَةُ العادِياتِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ كُتِبَ اسْمُهُ فِي السَّماء عَلى السُّرادِقاتِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مُظْهِرَ العَجائِبِ وَالآياتِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا أمِيرَ الغَزَواتِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مُخْبِراً بِما غَبَرَ وَبِما هُوَ آتٍ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مُخاطِبَ ذِئْبِ الفَلَواتِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا خاتِمِ الحَصى وَمُبَيِّنَ المُشْكِلاتِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ عَجِبَتْ مِنْ حَمَلاتِهِ فِي الوَغى مَلائِكَةُ السَّماواتِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ ناجى الرَّسُولَ فَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ نَجْواهُ الصَّدَقاتِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا والِدَ الأَئِمَّةِ البَرَرَةِ السَّاداتِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ . السَّلامُ عَلَيكَ يا تالِيَ المَبْعُوثِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ عِلْمِ خَيْرِ مَوْرُوثٍ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيكَ يا سَيِّدَ الوَصِيِّينَ (١) ، السَّلامُ عَلَيكَ يا إِمامَ المُتَّقِينَ، السَّلامُ عَلَيكَ يا غِياثَ المَكْرُوبِينَ، السَّلامُ عَلَيكَ يا عِصْمَةَ المُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مُظْهِرَ البَراهِين، السَّلامُ عَلَيكَ يا طه وَيَّس، السَّلامُ عَلَيكَ يا حَبْلَ الله المَتِين، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَنْ تَصَدَّقَ فِي صَلاتِهِ بِخاتَمِهِ عَلى المِسْكِينِ السَّلامُ عَلَيكَ يا قالِعَ الصَّخْرَةِ عَنْ فَمِ القَلِيبِ وَمُظْهِرَ الماءِ المَعِينِ، السَّلامُ

_________________

١ - السلام عليك يا سيّد الوصيّين: نسخة، وفي نسخة: سيّد المؤمنين.
٤٧١

عَلَيكَ يا عَيْنَ الله النَّاظِرَةَ (١) وَيَدَهُ الباسِطَةَ وَلِسانَهُ المُعَبِّرَ عَنْهُ فِي بَرِيَّتِهِ أَجْمَعِينَ. السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ عِلْمِ النَّبِيِّينَ وَمُسْتَوْدَعَ عِلْمِ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَصاحِبَ لِواءِ الحَمْدِ وَساقِيَ أَوْلِيائِهِ مِنْ حَوضِ خاتَمِ النَّبِيِّينَ السَّلامُ عَلَيكَ يا يَعْسُوبَ الدِّينِ وَقائِدَ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ وَوالِدَ الأَئِمَّةِ المَرْضِيِّينَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى اسْمِ الله الرَّضِيِّ وَوَجْهِهِ المُضِيِ وَجَنْبِهِ القَوِيِّ وَصِراطِهِ السَّوِيِّ، السَّلامُ عَلى الإمام التَّقِيِّ المُخْلِصِ الصَّفِيّ، السَّلامُ عَلى الكَوْكَبِ الدُّرِّيّ، السَّلامُ عَلى الإمام أَبِي الحَسَنِ عَلِيٍّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى أَئِمَّةِ الهُدى وَمَصابِيحِ الدُّجى وَأَعْلامِ التُّقى وَمَنارِ الهُدى وَذَوِي النُّهى وَكَهْفِ الوَرى وَالعُرْوَةِ الوُثْقى وَالحُجَّةِ عَلى أَهْلِ الدُّنْيا وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى نُورِ الأنْوارِ وَحُجَّةَ الجَبَّارِ وَوالِدِ الأَئِمَّةِ الاَطْهارِ (٢) وَقَسِيمِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ المُخْبِرِ عَنِ الآثارِ المُدمِّرِ عَلى الكُفّارِ مُسْتَنْقِذِ الشَّيِعَةِ المُخْلِصِينَ مِنْ عَظِيمِ الأوْزارِ، السَّلامُ عَلى المَخْصُوصِ بِالطَّاهِرَةِ التَّقِيَّةِ ابْنَةِ المُخْتارِ المَوْلُودِ فِي البَيْتِ ذِي الأسْتارِ المُزَوَّجِ فِي السَّماء بِالبَرَّةِ الطَّاهِرَةِ الرَّضِيَّةِ المَرْضِيَّةِ وَالِدَةِ الأَئِمَّةِ الاَطْهارِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى النَّبَأ العَظِيم الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ وَعَلَيْهِ يُعْرَضُونَ وَعَنْهُ يُسْأَلُونَ، السَّلامُ عَلى نُورِ الله الأنْوَرِ وَضِيائِهِ الأزْهَرِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيكَ يا وَلِيَّ الله وَحُجَّتَهُ (٣) وَخالِصَةَ الله وَخاصَّتَهُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ يا وَلِيَّ الله لَقَدْ جاهَدْتَ فِي سَبِيلِ الله حَقَّ جِهادِهِ وَاتَّبَعْتَ مِنْهاجَ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وَحَلَّلْتَ حَلالَ الله وَحَرَّمْتَ حَرامَ الله وَشَرَّعْتَ أَحْكامَهُ وَأَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ وَأَمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ وَجاهَدْتَ فِي سَبِيلِ

_________________

١ - في المزار والاقبال: الناظرة في العالمين.

٢ - المرضية ابنة الاطهار - خ -.

٣ - وحجّته: خ.
٤٧٢

الله صابِراً مُحْتَسِباً ناصِحاً مُجْتَهِداً مُحْتسِباً عِنْدَ الله عَظِيمَ الأجْرِ حَتّى أَتاكَ اليَّقِينُ؛ فَلَعَنَ الله مَنْ دَفَعَكَ عَنْ حَقِّكَ وَأَزالَكَ عَنْ مَقامِكَ وَلَعَنَ الله مَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضِيَ بِهِ . أُشْهِدُ الله وَمَلائِكَتَهُ وَأَنْبِيائهُ وَرُسُلَهُ أَنِّي وَلِيُّ لِمَنْ وَالاكَ وَعَدُوُّ لِمَنْ عاداكَ، السَّلامُ عَلَيكَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ . ثم انكب على القبر وقَبِّله وقل:

أَشْهَدُ أَنَّكَ تَسْمَعُ كَلامِي وَتَشْهَدُ مَقامِي وَأَشْهَدُ لَكَ يا وَلِيَّ الله بِالبَلاغِ وَالاَداءِ يا مَوْلايَ يا حُجَّةَ الله يا أمِينَ الله يا وَلِيَّ اللهِ، إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ الله عَزَّوَجَلَّ ذُنُوباً قَدْ أَثْقَلَتْ ظَهْرِي وَمَنَعَتْنِي مِنَ الرُّقادِ وَذِكْرُها يُقَلْقِلُ أَحْشائِي، وَقَدْ هَرَبْتُ إِلى الله عَزَّوَجَلَّ وَإِلَيْكَ. فَبِحَقِّ مَنْ ائْتَمَنَكَ عَلى سِرِّهِ وَاسْتَرْعاكَ أَمْرَ خَلْقِهِ وَقَرَنَ طاعَتَكَ بِطاعَتِهِ وَمُوالاتَكَ بِمُوالاتِهِ كُنْ لِي إِلى الله شَفِيعاً وَمِنَ النَّارِ مُجِيراً وَعَلى الدَّهْرِ ظَهِيراً. ثم انكب أيضاً على القبر وقبله وقل:

يا وَلِيَّ الله يا حُجَّةَ الله يا بابَ حِطَّةِ الله وَلِيُّكَ وَزائِرُكَ وَاللائِذُ بِقَبْرِكَ وَالنَّازِلُ بِفِنائِكَ وَالمُنِيخُ رَحْلَهُ فِي جِوارِكَ يَسْأَلُكَ أَنْ تَشْفَعَ لَهُ إِلى الله فِي قَضاء حاجَتِهِ وَنُجْحِ طَلِبَتِهِ فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ الله الجاهَ العَظِيمَ وَالشَّفاعَةَ المَقْبُولَةَ فَاجْعَلْنِي يا مَوْلايَ مِنْ هَمِّكَ وَأَدْخِلْنِي فِي حِزْبِكَ وَالسَّلامُ عَلَيكَ وَعَلى ضَجِيعَيْكَ آدَمَ وَنُوحٍ وَالسَّلامُ عَلَيكَ وَعَلى وَلَدَيْكَ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَعَلى الأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ . ثم صل ست ركعات للزيارة ركعتين للأمير عليه‌السلام ، وركعتين لآدم عليه‌السلام ، وركعتين لنوح عليه‌السلام ادع الله كَثِيراً تجب لك إن شاء الله تعالى (١) . أقول: قال مؤلف (المزار الكبير): إنه يزار بهذه الزيارة في اليوم السابع عشر عند طلوع الشمس (٢) .

وقال المجلسي رحمه‌الله : إن هذه الزيارة هي أحسن الزيارات وهي مروية بالأسناد المعتبرة في

_________________

١ - المزار للشهيد ١٣١ - ١٣٧، الاقبال ٣ / ١٣٠ - ١٣٥ فصل ١٢ من باب ٤.

٢ - المزار الكبير للمشهدي: ٢٠٥.
٤٧٣

الكتب المعتبرة وظاهر بعض رواياتها أنها لاتخص هذا اليوم فمن المستحسن زيارته عليه‌السلام بهذه الزيارة في جميع الأوقات (١) .

أقول: لو سأل سائل فقال قد رويت زيارات مخصوصة في يوم الميلاد ويوم المبعث لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) دون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان ينبغي أن ترد فيها زيارة مخصوصة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فكيف ذلك؟ أجبناه: إنما ذلك لما بين هذين القدوتين العظيمتين من شدة الاتصال ولما بين هذين النورين الطاهرين من كمال الاتحاد بحيث كان من زار أمير المؤمنين عليه‌السلام كمن زار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويشهد على ذلك الكتاب المجيد آية ( أنْفُسَنا ) ، وهو في آية التباهل نفس المصطفى ليس غيره إياها. كما يشهد عليه من الأخبار روايات عديده منها ما رواه الشيخ محمد ابن المشهدي عن الصادق عليه‌السلام قال: إن رجلاً من الاعراب أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله إن داري بعيد من دارك، وإنني أشتاق إلى زيارتك ورؤيتك فأقدم إليك زائراً فلا يتيسر رؤيتك فأزور علي بن أبي طالب عليه‌السلام فيؤنسني بحديثه ومواعظه ثم أعود مغتما محزونا لما أيست من زيارتك فقال: من زار علياً عليه‌السلام فقد زارني ومن أحبه فقد أحبني ومن عاداه فقد عاداني بلِّغه عني إلى قومك ومن أتاه زائراً فقد أتاني وإني مجزيه يوم القيامة وجبريل وصالح المؤمنين (٢) . وفي الحديث المعتبر عن الصادق عليه‌السلام قال: إذا زرت جانب النجف فزر عظام آدم عليه‌السلام وبدن نوح عليه‌السلام وجسد علي بن أبي طالب عليه‌السلام تزور بذلك الاباء الماضين ومحمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم النبيين وعلياً سيّد الوصيّين (٣) . وقد مرَّ في الزيارة السادسة ما يدل على ما قلناه وهو قولهم استقبل قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام وقل:

السَّلامُ عَلَيكَ يا رَسُولَ الله السَّلامُ عَلَيكَ يا صَفْوَةَ اللهِ. إلى غير ذلك ولقد أجاد الشيخ جابر في تسميطه للقصيدة الأزرية بقوله مشيراً إلى القبة العلوية:

فَاعْتَمِدْ لِلْنَّبِيِّ أَعْظَمَ رَمْس
    

    

فِيه لِلطُّهْرِ أَحْمَدٍ أَيُّ نَفْسٍ

أَوْ تَرى العَرْشَ فِيهِ أَنْوَرَ شَمْس‌ٍ
    

    

فَتَواضَعْ فَثَمَّ دارَةُ قَدْسٍ

تَتَمَنَّى الأفْلاكُ لَثْم ثَراها (٤)

مرتضايي كه كرد يزدانش
    

    

همره جان مصطفى جانش

هر دو يك قبله وخِردشان دو
    

    

هر دو يك روح وكالبدشان دو

دو رونده چو اختر گردون
    

    

دو برادر چو موسى وهارون

_________________

١ - زاد المعاد: ٤٢٤.

٢ - المزار الكبير: ٣٨، ح ١٣.

٣ - المزار الكبير: ٣٧، ذيل ح ١٢.

٤ - الازرية للشيخ الازري: ٨٥.
٤٧٤

هر دو يك درّ ز يك صدف بودند
    

    

هر دو پ يرايه شرف بودند

تا نه بگشاد علم حيدر در
    

    

ندهد سنت پيمبر بر

الثالثة من الزيارات المخصوصة: زيارة ليلة المبعث ويومه، وهو اليوم السابع والعشرون من رجب وقد وردت فيه ثلاث زيارات:

الأولى: الزيارة الرجبية: الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَشْهَدَنا مَشْهَدَ أَوْلِيائِهِ ...، وقد سلفت في أعمال رجب ص ١٩٩ وهي زيارة يزار بها كلُّ من المشاهد المشرفة في شهر رجب وقد عدَّها صاحب كتاب (المزار القديم) والشيخ محمد ابن المشهدي من زيارات ليلة المبعث المخصوصة وقالا: صلِّ بعدها للزيارة ركعتين ثم ادع بما شئت (١) .

الثانية: زيارة: السَّلامُ عَلى أَبِي الأَئِمَّةِ وَمَعْدِنِ النُّبُوَّةِ ...، التي قد جعلها العلامة المجلسي الزيارة السابعة من الزيارات المطلقة في كتاب التحفة (٢) . قال صاحب (المزار القديم) إنها تخص الليلة السابعة والعشرين من رجب ونحن أيضاً قد جرينا على ذلك في كتاب (هدية الزائر).

الثالثة: زيارة أوردها الشيخ المفيد والسيد والشهيد بهذه الكيفية: إذا أردت زيارة الأمير عليه‌السلام في ليلة المبعث أو يومه فقف على باب القُبَّة الشريفة مقابل قبره عليه‌السلام وقل:

أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طالِبٍ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَبْدُ الله وَأَخُو رَسُولِهِ وَأَنَّ الأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ مِنْ وُلْدِهِ حُجَجُ الله عَلى خَلْقِهِ . ثم ادخل وقف عند القبر مستقبلاً القبر والقبلة بين كتفيك وكبر الله مائة مرة وقل:

السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ آدَمَ خَلِيفَةِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ نُوحٍ صَفْوَةِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ مُوسى كَلِيمِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ عِيْسى رُوحِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ رُسُلِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلَيكَ يا أمامَ المُتَّقِينَ، السَّلامُ عَلَيكَ يا سَيِّدَ الوَصِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيكَ يا وَصِيَّ رَبِّ العالَمِينَ، السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ عِلْمِ

_________________

١ - المزار الكبير: ٢٠٣.

٢ - تحفة الزائر: ٨٣.
٤٧٥

الأوّلِينَ وَالآخِرِينَ السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّها النَبَأُ العَظِيمُ، السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّها الصِّراطُ المُسْتَقِيمُ السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّها المُهَذَّبُ الكَرِيمُ، السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّها الوَصِيُّ التَّقِيُّ السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّها الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ، السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّها البَدْرُ المُضِيُ السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّها الصِّدِّيقُ الاَكْبَرُ، السَّلامُ عَلَيكَ أيُّها الفارُوقُ الأعْظَمُ السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّها السِّراجُ المُنِيرُ، السَّلامُ عَلَيكَ يا أمامَ الهُدى، السَّلامُ عَلَيكَ يا عَلَمَ التُّقى، السَّلامُ عَلَيكَ يا حُجَّةَ الله الكُبْرى، السَّلامُ عَلَيكَ يا خاصَّةَ الله وَخالِصَتَهُ وَأَمِينَ الله وَصَفْوَتَهُ وَبابَ الله وَحُجَّتَهُ وَمَعْدِنَ حُكْمِ اللهِ وَسِرَّهُ وَعَيْبَةَ عِلْمِ الله وَخازِنَهُ وَسَفِيرَ الله فِي خَلْقِهِ . أَشْهَدُ أَنَّكَ أَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ وَأَمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ وَاتَّبَعْتَ الرَّسُولَ وَتَلَوْتَ الكِتابَ حَقَّ تِلاوَتِهِ، وَبَلَّغْتَ عَنِ الله وَوَفَيْتَ بِعَهْدِ الله وَتَمَّتْ بِكَ كَلِماتُ الله وَجاهَدْتَ فِي الله حَقَّ جِهادِهِ وَنَصَحْتَ للهِ وَلِرَسُولِهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَجُدْتَ بِنَفْسِكَ صابِراً مُحْتَسِباً مُجاهِداً عَنْ دِينِ الله مُوَقِّياً لِرَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طالِباً ماعِنْدَ الله راغِباً فِيما وَعَدَ الله وَمَضَيْتَ لِلَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ شَهِيداً وَشاهِداً وَمَشْهُوداً، فَجَزاكَ الله عَنْ رَسُولِهِ وَعَنِ الإسلامِ وَأَهْلِهِ مِنْ صِدِّيقٍ أَفْضَلَ الجَزاءِ. أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ أَوَّلَ القَوْمِ إِسْلاماً وَاََخْلَصَهُمْ إِيماناً وَأَشَدَّهُمْ يَقِيناً وَأَخْوَفَهُمْ للهِ وَأَعْظَمَهْم عَناءِ وَأَحْوَطَهُمْ عَلى رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وَأَفْضَلَهُمْ مَناقِبَ وَأَكْثَرَهُمْ سَوابِقَ وَأَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً وَأَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً وَأَكْرَمَهُمْ عَليْهِ؛ فَقَوِيْتَ (١) حِينَ وَهَنُوا وَلَزَمْتَ مِنْهاجَ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وَأَشْهَدُ (٢) أَنَّكَ كُنْتَ خَلِيفَتَهُ حَقاً لَمْ تُنازَعْ بِرَغْمِ المُنافِقِينَ وَغَيْظِ الكافِرِينَ وَضِغْنِ الفاسِقِينَ وَقُمْتَ بِالأمْرِ حِينَ فَشِلُوا وَنَطَقْتَ حِينَ تَتَعْتَعُوا وَمَضَيْتَ بِنُورِ الله إِذْ وَقَفُوا، فَمَنْ اتَّبَعَكَ فَقَدْ اهْتَدى (٣) ، كُنْتَ أَوَّلَهُمْ كَلاما

_________________

١ - قويت: خ ل.

٢ - أشهد: خ.

٣ - هُدِيَ - خ -.
٤٧٦

وَأَشَدَّهُمْ خِصاما وَأَصْوَبَهُمْ مَنْطِقاً َأَسَدَّهُمْ رَأْياً وَأَشْجَعَهُمْ قَلْباً وَأَكْثَرَهُمْ يَقِيناً وَأَحْسَنَهُمْ عَمَلاً وَأَعْرَفَهُمْ بِالاُمُورِ، كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَبا رَحِيماً إِذْ صارُوا عَلَيكَ عِيالاً فَحَمَلْتَ أَثْقالَ ماعَنْهُ ضَعُفُوا وَحَفِظْتَ ماأَضاعُوا وَرَعَيْتَ ما أَهْمَلُوا وَشَمَّرْتَ إِذْ جَبَنُوا (١) وَعَلَوْتَ إِذْ هَلِعُوا وَصَبَرْتَ إِذْ جَزِعُوا، كُنْتَ عَلى الكافِرِينَ عَذاباً صَبّاً وَغِلْظَةً وَغَيْظاً وَلِلْمُؤْمِنِينَ غَيْثاً وَخِصْباً (٢) وَعِلْماً، لَمْ تُفْلَلْ حُجَّتُكَ وَلَمْ يَزِغْ قَلْبُكَ وَلَمْ تَضْعُفْ بَصِيرَتُكَ وَلَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ، كُنْتَ كَالجَبَلِ لا تُحَرِّكُهُ العَواصِفُ وَلا تُزِيلُهُ القَواصِفُ. كُنْتَ كَما قالَ رَسُولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قَوِياً فِي بَدَنِكَ مُتَواضِعاً فِي نَفْسِكَ عَظِيماً عِنْدَ الله كَبِيراً فِي الأَرضِ جَلِيلاً فِي السَّماء لَمْ يَكُنْ لاَحَدٍ فِيكَ مَهْمَزٌ وَلا لِقائِلٍ فِيكَ مَغْمَزٌ وَلا لِخَلْقٍ فِيكَ مَطْمَعٌ وَلا لأحَدٍ عِنْدَكَ هَوادَةٌ يُوجَدُ الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَوِياً عَزِيزاً حَتّى تَأْخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ وَالقَوِيُّ العَزِيزُ عِنْدَكَ ضَعِيفاً (٣) حَتّى تَأْخُذَ مِنْهُ الحَقَّ القَرِيبُ وَالبَعِيدُ عِنْدَكَ فِي ذلِكَ سَواءٌ، شَأْنُكَ الحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ وَقَوْلُكَ حُكْمٌ وَحَتْمٌ وَأَمْرُكَ حِلْمٌ وَعَزْمٌ وَرأْيُكَ عِلْمٌ وَحَزْمٌ (٤) . إعْتَدَلَ بِكَ الدِّينُ وَسَهُلَ بِكَ العَسِيرُ وَأُطْفِئَتْ بِكَ النِّيرانُ (٥) وَقَوِيَ بِكَ الإيمانُ وَثَبَتَ بِكَ (٦) الإسْلامُ، وَهَدَّتْ مُصِيبَتُكَ الأنامُ، فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. لَعَنَ الله مَنْ قَتَلَكَ وَلَعَنَ الله مَنْ خالَفَكَ وَلَعَنَ الله مَنِ افْتَرى عَلَيكَ وَلَعَنَ الله مَنْ ظَلَمَكَ وَغَصَبَكَ حَقّكَ وَلَعَنَ الله مَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضِيَ بِهِ، إِنَّا إِلى الله مِنْهُمْ بُراءُ لَعَنَ الله اُمَّةً خالَفَتْكَ وَجَحَدَتْ وِلايَتَكَ وَتَظاهَرَتْ عَلَيكَ وَقَتَلَتْكَ وَحادَتْ عَنْكَ وَخَذَلَتْكَ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ النَّارَ مَثْواهُمْ وَبِئْسَ الوِرْدُ المَوْرُودُ. أَشْهَدُ لَكَ يا وَلِيَّ الله وَوَلِيَّ رَسُولِهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله بِالبَلاغِ وَالأداءِ (٧) ،

_________________

١ - جنبوا: خ.

٢ - الخِصب: البركة.

٣ - ذليلاً: خ، وفي المزار والمصباح: ضعيفاً ذليلاً.

٤ - وجزم - خ -.

٥ - وأطفئت النيران: خ.

٦ - بك: خ.

٧ - والاداء والنصيحة - خ -.
٤٧٧

وَأَشْهَدُ أَنَّكَ حَبِيبُ (١) اللهِ وَبابُهُ وَأَنَّكَ جَنْبُ (٢) الله وَوَجْهُهُ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتى وَأَنَّكَ سَبِيلُ الله وَأَنَّكَ عَبْدُ الله وَأَخُو رَسُولِهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ أَتَيْتُكَ زائِراً لِعَظِيمِ حالِكَ وَمَنْزِلَتِكَ عِنْدَ الله وَعِنْدَ رَسُولِهِ مُتَقَرِّباً إِلى الله بِزِيارَتِكَ راغِباً إِلَيْكَ فِي الشَّفاعَةِ، أَبْتَغِي بِشَفاعَتِكَ خَلاصَ نَفْسِي مُتَعَوِّذاً بِكَ مِنَ النَّارِ هارِباً مِنْ ذُنُوبِي الَّتِي احْتَطَبْتُها عَلى ظَهْرِي فَزِعاً إِلَيْكَ رَجاءَ رَحْمَةِ رَبِّي، أَتَيْتُكَ اسْتَشْفِعُ بِكَ يا مَوْلايَ إِلى الله وَأَتَقَرَّبُ بِكَ إِلَيْهِ لِيَقْضِيَ حَوائِجِي فَاشْفَعْ لِي يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ إِلى الله فَإِنِّي عَبْدُ الله وَمَوْلاكَ وَزائِرُكَ وَلَكَ عِنْدَ الله المَقامُ المَعْلُومُ وَالجاهُ العَظِيمُ وَالشَّأْنُ الكَبِيرُ وَالشَّفاعَةُ المَقْبُولَةُ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَصَلِّ عَلى عَبْدِكَ وَأَمِينِكَ الاَوْفى وَعُرْوَتِكَ الوُثْقى وَيَدِكَ العُلْيا وَكَلِمَتِكَ الحُسْنى وَحُجَّتِكَ عَلى الوَرى وَصِدِّيقِكَ الاَكْبَرِ، سَيِّدِ الأوصياء وَرُكْنِ الأوْلِياء وَعِمادِ الأصْفِياء أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَيَعْسُوبِ المُتَّقِينَ وَقُدْوَةِ الصِّدِّيقِينَ وَإِمامِ الصَّالِحِينَ، المَعْصُومِ مِنَ الزَّلَلِ وَالمَفْطُومِ مِنَ الخَلَلِ وَالمُهَذَّبِ مِنَ العَيْبِ وَالمُطَهَّرِ مِنَ الرَّيْبِ، أَخِي نَبِيِّكَ وَوَصِيِّ رَسُولِكَ وَالبائِتِ عَلى فِراشِهِ وَالمُواسِي لَهُ بِنَفْسِهِ وَكاشِفِ الكَرْبِ عَنْ وَجْهِهِ الَّذِي جَعَلْتَهُ سَيْفاً لِنُبوَّتِهِ وَمُعْجِزاً لِرِسالَتِهِ وَدَلالَةً وَاضِحَةً لِحُجَّتِهِ وَحامِلاً لِرايَتِهِ وَوِقايَةً لِمُهْجَتِهِ وَهادياً لاِ مَّتِهِ وَيَداً لِبَأْسِهِ وَتاجاً لِرَأْسِهِ وَباباً لِنَصْرِهِ وَمِفْتاحاً لِظَفَرِهِ، حَتّى هَزَمَ جُنُودَ الشِّرْكِ بَأَيْدِكِ وَأَبادَ عَساكِرَ الكُفْرِ بِأَمْرِكَ وَبَذَلَ نَفْسَهُ فِي مَرْضاتِكَ وَمَرْضاةِ رَسُولِكَ وَجَعَلَها وَقْفاً عَلى طاعَتِهِ وَمَجِنّا دُونَ نَكْبَتِهِ، حَتّى فاضَتْ نَفْسُهُ صلى‌الله‌عليه‌وآله فِي كَفِّهِ وَاسْتَلَبَ بَرْدَها وَمَسَحَهُ عَلى وَجْهِهِ وَأَعانَتْةُ مَلائِكَتُكَ عَلى غُسْلِهِ وَتَجْهِيزِهِ وَصَلّى عَلَيْهِ وَوارى شَخْصَهُ وَقضى دَيْنَهُ وَأَنْجَزَ وَعْدَهُ وَلَزِمَ عَهْدَهُ وَاحْتَذى مِثالَهُ

_________________

١ - جنب - خ -.

٢ - حبيب - خ -.
٤٧٨

وَحَفِظَ وَصِيَّتَهُ . وَحِينَ وَجَدَ أَنْصاراً نَهَضَ مُسْتَقِلاً بِأَعْباءِ الخِلافَةِ مُضْطَلِعاً بِأَثْقالِ الإمامةِ فَنَصَبَ رايَةَ الهُدى فِي عِبادِكَ وَنَشَرَ ثَوْبَ الاَمْنِ فِي بِلادِكَ وَبَسَطَ الَعْدَل فِي بَرِيَّتِكَ وَحَكَمَ بِكِتابِكَ فِي خَلِيقَتِكَ وَأَقامَ الحُدُودَ وَقَمَعَ الجُحُودَ وَقَوَّمَ الزَّيْغَ وَسَكَّنَ الغَمْرَةَ وَأَبادَ الفَتْرَةَ وَسَدَّ الفُرْجَةَ وَقَتَلَ النَّاكِثَةَ وَالقاسِطَةَ وَالمارِقَةَ، وَلَمْ يَزَلْ عَلى مِنْهاجِ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وَوَتِيرَتِهِ وَلُطْفِ شاكِلَتِهِ وَجَمالِ سِيرَتِهِ، مُقْتَدِياً بِسُنَّتِهِ مُتَعَلِّقاً بِهِمَّتِهِ مُباشِراً لِطَريِقَتِهِ وَأَمْثِلَتُهُ نَصْبُ عَيْنَيْهِ يَحْمِلُ عِبادَكَ عَلَيْها وَيَدْعُوهُمْ إِلَيْها إِلى أَنْ خُضِّبَتْ شَيْبَتُهُ مِنْ دَمِ رَأْسِهِ. اللّهُمَّ فَكَما لَمْ يُؤْثِرْ فِي طاعَتِكَ شَكّا عَلى يَقِينٍ وَلَمْ يُشْرِكْ بِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ؛ صَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً زاكِيَةً نامِيَةً يَلْحَقُ بِها دَرَجَةَ النُّبُوَّةِ فِي جَنَّتِكَ وَبَلِّغْهُ مِنّا تَحِيَّةً وَسَلاما وَآتِنا مِنْ لَدُنْكَ فِي مُوالاتِهِ فَضْلاً وَإِحْسانا وَمَغْفِرَةً وَرِضْوانا إِنَّكَ ذُو الفَضْلِ الجَسِيمِ بَرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. ثم قبِّل الضريح وضع خدَّكَ الأيمن عليه ثم الأيسر ومِل إلى القبلة وصل صلاة الزيارة وادع بما بداً لك بعدها وقل بعد تسبيح الزهراء عليها‌السلام :

اللّهُمَّ إِنَّكَ بَشَّرْتَنِي عَلى لِسانِ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَقُلْتَ: ( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) (١) ، اللّهُمَّ وَإِنِّي مُؤْمِنٌ بِجَمِيعِ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ فَلا تَقِفْنِي بَعْدَ مَعِرَفَتِهِمْ مَوْقِفاً تَفْضَحُنِي فِيهِ عَلى رِؤُوسِ الاَشْهادِ بَلْ قِفْنِي مَعَهُمْ وَتَوَفَّنِي عَلى التَّصْدِيقِ بِهِمْ، اللّهُمَّ وَأَنْتَ خَصَصْتَهُمْ بِكَرامَتِكَ وَأَمَرْتَنِي بِاتِّباعِهِمْ، اللّهُمَّ وَإِنِّي عَبْدُكَ وَزائِرُكَ مُتَقَرِّباً إِلَيْكَ بِزِيارَةِ أَخِي رَسُولِكَ وَعَلى كُلِّ مَأْتِيٍّ وَمَزُورٍ؛ حَقُّ لِمَنْ أَتاهُ وَزارَهُ وَأَنْتَ خَيْرُ مَأتِيٍّ وَأَكْرَمُ مَزُورٍ فَأَسْأَلُكَ يا الله يا رَحْمنُ يا رَحِيمُ يا جَوادُ يا ماجِدُ يا أحَدُ يا صَمَدُ يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْوا أَحَدٌ وَلَمْ يَتَّخِذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً أَنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ تُحْفَتَكَ

_________________

١ - يونس: ١٠ / ٢.
٤٧٩

إِيَّايَ مِنْ زِيارَتِي أَخا رَسُولِكَ فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يُسارِعُ فِي الخَيْراتِ وَيَدْعُوكَ رَغَباً وَرَهَباً وَتَجْعَلَنِي لَكَ مِنَ الخاشِعِينَ . اللّهُمَّ أِنَّكَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِزِيارَةِ مَوْلايَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ وَوِلايَتِهِ فَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يَنْصُرُهُ وَيَنْتَصِرُ بِهِ وَمُنَّ عَلَيَّ بِنَصْرِكَ لِدِينِكَ، اللّهُمَّ وَاجْعَلْنِي مِنْ شِيعَتِهِ وَتَوَفَّنِي عَلى دِينِهِ، اللّهُمَّ أَوْجِبْ لِي مِنَ الرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ وَالمَغْفِرَةِ وَالاِحْسانِ وَالرِّزْقِ الواسِعِ الحَلالِ الطَيِّبِ ما أَنْتَ أَهْلُهُ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ (١) .

أقول: وروي بسند معتبر أنّ خضراً عليه‌السلام أسرع إلى دار أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم شهادته وهو يبكي ويسترجع فوقف على الباب فقال: رَحِمَكَ الله يا أبا الحَسَنِ كُنْتَ أَوَّلَ القَوْمِ إِسْلاماً وَأَخْلَصَهُمْ إِيْماناً وَأَشَدَّهُمْ يَقِيناً وَأَخْوَفَهُمْ للهِ، وعدَّ كَثِيراً من فضائله بما يقرب من هذه العبارة الواردة في هذه الزيارة. فمن المناسب أن يزار عليه‌السلام فيه أيضاً بهذه الزيارة. وأمّا نصوص تلك العبارات وهي كزيارة للأمير عليه‌السلام في يوم شهادته فقد أودعناها كتاب (هدية الزائر) فليطلبها منه من شاء. واعلم أنا قد أوردنا في ضمن أعمال ليلة المبعث ما قاله ابن بطوطة في رحلته مما يتعلق بهذه الروضة الشريفة صلوات الله على مشرِّفها فينبغي أن يراجع هناك.

الفصل الخامس

في فضل الكوفة ومسجدها الأعظم وأعماله وزيارة مسلم عليه‌السلام

إعلم أنّ مدينة الكوفة هي إحدى المدن الأَربعة التي اختارها الله تعالى وبها قد فسرت كلمة طُور سينين (٢) .

وفي الحديث أنّها حرم الله وحرم رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحرم أمير المؤمنين عليه‌السلام (٣) نفقة درهم بالكوفة تحسب بمئة درهم فيما سواه، وركعتان فيها تحسب مائة ركعة (٤) . وأما فضل جامع الكوفة: فلا يفي به الذِّكر وحسبه شرفاً أنه أحد المساجد الأَربعة الجديرة بأن تشدَّ إليها الرحال لدرك فضلها وهو أحد المواطن الأَربعة التي يكون المسافر فيها بالمختار بين القصر والاتمام، والفريضة

_________________

١ - مصباح الزائر: ١٧٦ - ١٨١، والمزار: ١٣٨ - ١٤٥.

٢ - كنز الدقائق ١٤ / ٣٤٠.

٣ - كامل الزيارات: ٧٤ ح ٨ من باب ٨.

٤ - كامل الزيارات: ٧٠ ح ٢ من باب ٨.
٤٨٠

فيه تعدل حجة مقبولة وتعدل ألف صلاة تصلى في غيره (١) .

وفي الروايات أنه موضع قد صلى فيه الأنبياء وسيصلي فيه القائم المهدي صلوات الله عليه (٢) .

وفي الحديث أنّه قد صلى فيه ألف نبي وألف وصي نبي (٣) .

ويستفاد من بعض الروايات فضل مسجد الكوفة على المسجد الأقصى في بيت المقدس (٤) .

وروى ابن قولويه عن الباقر عليه‌السلام قال: لو يعلم الناس ما في مسجد الكوفة لأعدّوا له الزاد والراحلة من مكان بعيد (٥) . وقال عليه‌السلام : الصلاة المكتوبة فيه تعدل حجّة مقبولة، والنافلة تعدل عمرة مقبولة (٦) . وعلى رواية أخرى: الفريضة والنافلة فيه تعدل حجة وعمرة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٧) .

وروى الكليني وغيره عن المشايخ العظام عن هارون بن خارجه قال قال أبو عبد الله (صَلَوات الله عَلَيهِ) كم بينك وبين مسجد الكوفة يكون ميلاً؟ قلت: لا. قال: افتصلِّي فيه الصلاة كلها؟ قلت: لا. قال: أما لو كنت حاضراً بحضرته لرجوت أن لاتفوتني فيه الصلاة. أو تدري ما فضل ذلك الموضع؟ مامن نبي ولا عبد صالح إِلاّ وقد صلّى في مسجد الكوفة حتى إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أُسري به إلى السماء قال له جبرائيل: أتدري أين أنت يا محمد، أنت السّاعة مقابل مسجد كوفان. قال: فاستأذن ربّي حتى آتيه فأصلي فيه ركعتين. فنزل فصلّى فيه. وإن ميمنته لروضة من رياض الجنة، وإن وسطه لروضة من رياض الجنة، وإن مؤخَّره لروضة من رياض الجنة، والصلاة فيه فريضة تعدل بألف صلاة، والنافلة فيه بخمسمائة صلاة، وإن الجلوس فيه بغير تلاوة ولا ذكر لعبادة. ولو علم الناس ما فيه لاتوه ولو حبواً (٨) . وفي رواية أخرى أن الصلاة المكتوبة فيه تعدل حجّة والنافلة تعدل عمرة (٩) وقد ألمحنا في ذيل الزيارة السابعة للأمير عليه‌السلام إلى فضل هذا المسجد الشريف. ويستفاد من بعض الروايات ان ميمنة هذا المسجد أفضل من ميسرته (١٠) .

_________________

١ - كامل الزيارات: ٧٢ و ٧٣ ح ٥ و ٧ مع اختلاف لفظي.

٢ - البحار ١٠٠ / ٣٩٠ ذيل ح ١٤ عن امالي الصدوق: م ٤٠، ح ٨.

٣ - المزار الكبير: ١٢٣ ح ٢ من باب ٤.

٤ - البحار ١٠٠ / ٣٩٤ ذيل ح ٢٨.

٥ - كامل الزيارات: ٧١ ح ٣ من باب ٨.

٦ - كامل الزيارات: ٧١ ح ٤ من باب ٨.

٧ - المزار الكبير: ١٢٣ ذيل ج ٢ من باب ٤.

٨ - الكافي ٣ / ٤٩٠.

٩ - كامل الزيارات: ٧١ ح ٣ من باب ٨ عن الباقر عليه‌السلام .

١٠ - انظر البحار ١٠٠ / ٤٠٤ ح ٥٩.
٤٨١

أعمال جامع الكوفة

فهي على ما في (مصباح الزائر) وغيره كما يلي: قل حينما تدخل مدينة الكوفة: بِسْمِ الله وَبالله وَفِي سَبِيلِ الله وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، اللهُمَّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكا وَأَنْتَ خَيْرُ المُنْزَلِينَ . ثم سر نحو المسجد وأنت تقول: الله أَكْبَرُ وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالحَمْدُ للهِ وَسُبْحانَ اللهِ ، حتى تأتي باب المسجد، فإذا أتيته فقف على الباب وقل:

السَّلامُ عَلى سَيِّدِنا رَسُولِ الله مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ الله وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ السَّلامُ عَلى (١) أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، وَعَلى مَجالِسِهِ وَمَشاهِدِهِ وَمَقامِ حِكْمَتِهِ وَآثارِ آبائِهِ آدَمَ وَنُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَتِبْيانِ (٢) بَيِّناتِهِ، السَّلامُ عَلى الإمام الحَكِيمِ العَدْلِ الصِّدِّيقِ الاَكْبَرِ الفارُوقِ بِالقِسْطِالَّذِي فَرَّقَ الله بِهِ بَيْنَ الحَقِّ وَالباطِلِ وَالكُفْرِ وَالإيمانِ وَالشِّرْكِ وَالتَّوْحِيدِ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْياً مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ. أَشْهَدُ أَنَّكَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ وَخاصَّةُ نَفْسِ المُنْتَجَبِينَ وَزَيْنُ الصِّدِّيقِينَ وَصابِرُ المُمْتَحَنِينَ، وَأَنَّكَ حَكَمُ الله فِي أَرْضِهِ وَقاضِي أَمْرِهِ وَبابُ حِكْمَتِهِ وَعاقِدُ عَهْدِهِ وَالنَّاطِقُ بِوَعْدِهِ وَالحَبْلُ المَوْصُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِبادِهِ وَكَهْفُ النَّجاةِ وَمِنْهاجُ التقُّى وَالدَّرَجَةُ العُلْيا وَمُهَيْمِنُ القاضِي الاَعْلى، يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ بِكَ أَتَقَرَّبُ إِلى الله زُلْفى أَنْتَ وَلِيِّي وَسَيِّدِي وَوسِيلَتِي فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ. ثم تدخل المسجد.

أقول: والأفضل أن تدخل من الباب الواقع خلف المسجد المشهور بباب الفيل ثمّ تقول:

الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ هذا مَقامُ العائِذِ بِالله وَبِمُحَمَّدٍ حَبِيبِ الله (٣) صلى‌الله‌عليه‌وآله وَبِوِلايَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَالأَئِمَّةِ المَهْدِيِّينَ الصَّادِقِينَ النَّاطِقِينَ الرَّاشِدِينَ

_________________

١ - زاد في المصباح: مولانا.

٢ - وبنيان - خ -.

٣ - حبيب الله: خ.
٤٨٢

الَّذِينَ أَذْهَبَ الله عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً رَضَيْتُ بِهِمْ أَئِمَّةً وَهُداةً وَمَوالِيَ، سَلَّمْتُ لأمْرِ الله لااُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً وَلا أَتَّخِذُ مَعَ الله وَلِيّاً كَذَبَ العادِلُونَ بِالله وَضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً، حَسْبِيَ الله وَأَوْلِياء الله أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَأَنَّ علياً وَالأَئِمَّةِ المَهْدِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ عَلَيْهِمُ، السَّلامُ أَوْلِيائِي وَحُجَّةُ الله عَلى خَلْقِهِ . ثم سر إلى الأسطوانة الرابعة الواقعة إلى جانب باب الأنماط بحذاء الخامسة وهي أسطوانة إبراهيم عليه‌السلام فصل عندها أربع ركعات: ركعتان بالحمد والتوحيد ( قُلْ هُوَ الله أَحَد ) وركعتان بالحمد والقدر ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ ) فإذا فرغت منها فسبح تسبيح الزهراء عليها‌السلام وقل:

السَّلامُ عَلى عِبادِ الله الصَّالِحِينَ الرَّاشِدِينَ الَّذِينَ أَذْهَبَ الله عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً وَجَعَلَهُمْ أَنْبِياءَ مُرْسَلِينَ وَحُجَّةً عَلى الخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَسَلامٌ عَلى المُرْسَلِينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ ذلِكَ تَقْدِيُر العَزِيزِ العَلِيمِ. وقل سبع مرات: سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي العالَمِينَ. ثم قل: نَحْنُ عَلى وَصِيَّتِكَ يا وَلِيَّ المُؤْمِنِينَ الَّتِي أَوْصَيْتَ بِها ذُرِّيَّتَكَ مِنَ المُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ (١) ، وَنَحْنُ مِنْ شِيعَتِكَ وَشِيعَةِ نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَعَلَيكَ وَعَلى جَمِيعِ المُرْسَلِينَ وَالأَنْبِياءِ وَالصَّادِقِينَ (٢) ، وَنَحْنُ عَلى مِلَّةِ إِبْراهِيمَ وَدِينِ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الاُمِّيِّ وَالأَئِمَّةِ المَهْدِيِّينَ وَوِلايَةِ مَوْلانا عَلِيٍّ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلى البَشِيرِ النَّذِيرِ صَلَواتُ الله عَلَيْهِ وَرَحْمَتُهُ وَرِضْوانُهُ وَبَرَكاتُهُ وَعَلى وَصِيِّهِ وَخَلِيفَتِهِ الشَّاهِدِ للهِ مِنْ بَعْدِهِ عَلى خَلْقِهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ الصِّدِّيقِ الاَكْبَرِ وَالفارُوقِ المُبِينِ الَّذِي أَخَذْتَ بَيْعَتَهُ (٣) عَلى العالَمِينَ، رَضَيْتُ بِهِمْ أَوْلِياءً وَمَوالِي وَحُكَّاماً فِي نَفْسِي وَوُلْدِي (٤) وَأَهْلِي وَمالِي وَقِسْمِي وَحِلِّي وَإِحْرامِي وَإِسْلامِي وَدُنْيايَ

_________________

١ - والصادقين - خ -.

٢ - والصّديقين - خ -.

٣ - أُخذت بيعته - خ -.

٤ - وولدي - خ -.
٤٨٣

وَآخِرَتِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي، أَنْتُمْ الأَئِمَّةِ فِي الكِتابِ وَفَصْلُ المَقامِ وَفَصْلُ الخِطابِ وَأَعْيُنُ الحَيِّ الَّذِي لا يَنامُ، وَأَنْتُمْ حُكَماءُ الله (١) وَبِكُمْ حَكَمَ الله وَبِكُمْ عُرِفَ حَقُّ الله لا إِلهَ إِلاّ الله مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، أَنْتُمْ نُورُ الله مِنْ بَيْنِ أَيْدِينا وَمِنْ خَلْفِنا أَنْتُمْ سُنَّةُ الله الَّتِي بِها سَبَقَ القَضاء، يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَنا لَكُمْ مُسَلِّمٌ تَسْلِيماً لا أُشْرِكُ بِالله شَيْئاً وَلا أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ وَلِيَّاً، الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدانِي بِكُمْ وَما كُنْتُ لاِ هْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانِي الله الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ الحَمْدُ للهِ عَلى ماهَدانا (٢) .

أعمال دكة القضاء وبيت الطست

واعلم أن دكة القضاء كانت بناءً في جامع الكوفة يشبه الحانوت يجلس عليها أمير المؤمنين عليه‌السلام للقَضاء والحكم وكانت هنالك أسطوانة قصيرة كتب عليها الآية: ( إنَّ الله يأْمُرُ بِالعَدْلِ والاحْسانِ ) (٣) . وبيت الطست هو المكان الذي برزت فيه معجزة لأمير المؤمنين عليه‌السلام في بنت عزباء كانت قد غاصت في ماء فيه العلق فولجت علقة في جوفها فنمت وكبرت ممّا امتصته من الدم فعلا بذلك بطن البنت فحسبها إخوتها حُبلى فراموا قتلها فأتوا أمير المؤمنين عليه‌السلام ليحكم بينهم فأمر عليه‌السلام بستار فضرب في جانب من المسجد وجعلت البنت خلفه وأمر بقابلة الكوفة ففحصتها وأعلنت رأيها فقالت: يا أمير المؤمنين إنها حبلى تحمل جنينا في جوفها فأمر عليه‌السلام بطست من الحمأة فأجلست البنت عليه فأحست العلقة بذفر الحمأة فانسلَّت من جوفها نحو الطست.

وفي بعض الروايات أنه عليه‌السلام مد يده فأتى بقطع من الثلج من جبال الشام وجعله عند الطست فانسلت العلقة (٤) .

واعلم أيضاً أن المشهور في ترتيب أعمال جامع الكوفة أن تتلو أعمال وسط المسجد أعمال الأسطوانة الرابعة فتؤخر أعمال دكة القضاء وبيت الطست عن جميع أعمال المسجد وتؤدي عند الفراغ من أعمال دكة الصادق عليه‌السلام ونحن نجاري في الترتيب السيد ابن طاووس في مصباح الزائر والعلامة المجلسي في البحار والشيخ خضر في المزار وأما من تابع المشهور فليؤخر أعمال دكة

_________________

١ - زاد في مصباح الزائر: في أرضه.

٢ - مصباح الزائر: ٧٧ - ٧٩.

٣ - النحل: ١٦ / ٩٠.

٤ - البحار ٤٠ / ٢٤٢ ح ٢٠ عن الخرائج.
٤٨٤

القضا وبيت الطست عن الكل وليأتها بعد أعمال دكة الصادق عليه‌السلام . وبالجملة نقول: ثم امضِ إلى دكة القضاء فصل عليها ركعتين تقرأ فيها بعد الحمد ما أردت من السور فإذا فرغت منها وسبحت تسبيح الزهراء عليها‌السلام فقل:

يا مالِكِي وَمُمَلِّكِي وَمُتَغَمِّدِي (١) بِالنِّعَمِ الجِسامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقاقٍ وَجْهِي خاضِعٌ لِما تَعْلُوهُ الاَقْدامُ لِجَلالِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ، لاتَجْعَلْ هذِهِ الشِّدَّةَ وَلاهذِهِ المِحْنَةَ مُتَّصِلَةً بِاسْتِئْصالِ الشَّأَفَةِ وَامْنَحْنِي مِنْ فَضْلِكَ مالَمْ تَمْنَحْ بِهِ أَحَداً مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ. أَنْتَ القَدِيمُ الأوَّلُ الَّذِي لَمْ تَزَلْ وَلاتَزالُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَزَكِّ عَمَلِي وَبارِكْ لِي فِي أَجَلِي وَاجْعَلْنِي مِنْ عُتَقائِكَ وَطُلَقائِكَ مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٢) .

أعمال بيت الطست المتصل بدكَّة القضاء: تصلي هناك ركعتين، فإذا سلمت وسبحت فقل: اللّهُمَّ إِنِّي ذَخَرْتُ تَوْحِيدِي إِيَّاكَ وَمَعْرِفَتِي بِكَ وَإِخْلاصِي لَكَ وَإِقْرارِي بِرُبُوبِيَّتِكَ، وَذَخَرْتُ وِلايَةَ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِهِمْ مِنْ بَرِيَّتِكَ مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِمْ لَيَوْمِ فَزَعِي إِلَيْكَ عاجِلاً وَآجِلاً، وَقَدْ فَزِعْتُ إِلَيْكَ وَإِلَيْهِمْ يا مَوْلايَ فِي هذا اليَوْمِ وَفِي مَوْقِفِي هذا وَسَأَلْتُكَ ما زكى (٣) مِنْ نِعْمَتِكَ وَإِزاحَةَ ماأَخْشاهُ مِنْ نِقْمَتِكَ وَالبَرَكَةَ فِيما رَزَقْتَنِي وَتَحْصِينَ صَدْرِي مِنْ كُلِّ هَمِّ وَجائِحَةٍ وَمَعْصِيَةٍ فِي دِينِي وَدُنْيايَ وَآخِرَتِي يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٤) . وروي أنّ الصادق عليه‌السلام قد صلى ركعتين في بيت الطست (٥) .

ذكر الصلاة والدعاء في وسط المسجد: تصلي هناك ركعتين تقرأ في الأولى الحمد والتوحيد: ( قُلْ هُوَ الله أَحَد ) ، وفي الثانية الحمد والجحد: ( قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ ) . فإذا سلَّمت وسبحت فقل: اللّهُمَّ أَنْتَ، السَّلامُ وَمِنْكَ، السَّلامُ وَإِلَيْكَ يَعُودُ، السَّلامُ وَدارُكَ دارُ السَّلامِ حَيِّنا

_________________

١ - ومعتمدي - خ -.

٢ - مصباح الزائر: ٧٩.

٣ - وسألتك مادّتي - خ -.

٤ - مصباح الزائر: ٨٠.

٥ - البحار ١٠٠ / ٤١٢ عن بعض مؤلفات قدماء أصحابنا.
٤٨٥

رَبَّنا مِنْكَ بِالسَّلامِ، اللّهُمَّ إِنِّي صَلَّيْتُ هذِهِ الصَّلاةَ ابْتِغاءَ رَحْمَتِكَ وَرِضْوانِكَ وَمَغْفِرَتِكَ وَتَعْظِيما لِمْسْجِدِكَ، اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْفَعْها فِي عِلِّيِّينَ وَتَقَبَّلْها مِنِّي يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١) .

أقول: قد دعي هذا المقام بدكة المعراج ووجه التسمية على ما يظهر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله استأذن الله تعالى ليلة المعراج فهبط إلى الأَرض في هذه البقعة فصلّى ركعتين. والرواية قد أثبتناها في أوَّل الفصل ص ٤٨١.

أعمال الأسطوانة السابعة: وهي مقام وفق الله تعالى آدم فيه للتوبة. ثم امض إلى الأسطوانة السابعة وقف عندها واستقبل القبلة وقل:

بِسْمِ الله وَبِالله وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وَلا إِلهَ إِلاّ الله مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، السَّلامُ عَلى أَبِينا آدَمَ وَاُمِّنا حَوَّاءَ، السَّلامُ عَلى هابِيلَ المَقْتُولِ ظُلْما وَعُدْوانا عَلى مَواهِبِ الله وَرِضْوانِهِ، السَّلامُ عَلى شِيثٍ صَفْوَةِ الله الُمْختارِ الاَمِينِ وَعلى الصَّفْوَةِ الصَّادِقِينَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ الطَّيِّبِينَ أَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، السَّلامُ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَعَلى ذُرِّيَّتِهِمُ المُخْتارِينَ، السَّلامُ عَلى مُوسى كَلِيمِ اللهِ، السَّلامُ عَلى عِيْسى رُوحِ اللهِ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ الله خاتَمِ النَّبِيِّينَ، السَّلامُ عَلى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَذُرِّيَّتِهِ الطَيِّبِينَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. السَّلامُ عَلَيْكُمْ فِي الأوَّلِينَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ فِي الآخِرِينَ، السَّلامُ عَلى فاطِمَةَ الزَّهْراءِ، السَّلامُ عَلى الأَئِمَّةِ الهادِينَ شُّهداء الله عَلى خَلْقِهِ، السَّلامُ عَلى الرَّقِيبِ الشَّاهِدِ عَلى الاُمَمِ للهِ رَبِّ العالَمِينَ. ثم تصلي عندها أربع ركعات تقرأ في الأولى الحمد والقدر ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ ) ، وفي الثانية الحمد والصمد ( قُلْ هُوَ الله أَحَد ) ، وفي الثالثة والرابعة مثل ذلك، فإذا فرغت وسبحت بتسبيح الزهراء عليها‌السلام فقل:

اللّهُمَّ إِنْ كُنْتُ قَدْ عَصَيْتُكَ فَإِنِّي قَدْ أَطَعْتُكَ فِي الإيمانِ مِنِّي بِكَ مَنّا مِنْكَ عَلَيَّ لا مَنّا مِنِّي عَلَيكَ (٢) ، وَأَطَعْتُكَ فِي أَحَبِّ الاَشْياءِ لَكَ (٣) لَمْ أَتَّخِذْ لَكَ وَلَداً وَلَمْ أَدْعُ لَكَ شَرِيكا،

_________________

١ - مصباح الزائر: ٨٠.

٢ - لا منّاً به عليك - خ -.
٤٨٦

وَقَدْ عَصَيْتُكَ فِي أَشْياءَ كَثِيرَةٍ عَلى غَيْرِ وَجْهِ المُكابَرَةِ لَكَ وَلا الخُرُوجِ عَنْ (٤) عُبُودِيَّتِكَ وَلا الجُحُودِ لِرُبُوبِيَّتِكَ وَلَكِنِ اتَّبَعْتُ هَوايَ وَأَزَلَّنِي الشَّيْطانُ بَعْدَ الحُجَّةِ عَلَيَّ وَالبَيانِ، فَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَبِذُنُوبِي غَيْرَ ظالِمٍ لِي وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي وَتَرْحَمْنِي فَبِجُودِكَ وَكَرَمِكَ يا كَرِيمُ .

اللّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِي لَمْ يَبْقَ لَها إِلاّ رَجاءُ عَفْوِكَ وَقَدْ قَدَّمْتُ آلَةَ الحِرْمانِ فَأَنا أَسْأَلُكَ اللّهُمَّ مالا أَسْتَوْجِبُهُ وَأَطْلِبُ مِنْكَ مالاأَسْتَحِقُّهُ، اللّهُمَّ إِنْ تُعَذِّبْنِي فَبِذُنُوبِي وَلَمْ تَظْلِمْنِي شَيْئاً وَإِنْ تَغْفِر لِي فَخَيْرُ راحِمٍ أَنْتَ يا سَيِّدِي، اللّهُمَّ أَنْتَ أَنْتَ وَأَنا أَنا أَنْتَ العَوَّادُ بِالمَغْفِرَةِ وَأَنا العَوَّادُ بِالذُّنُوبِ وَأَنْتَ المُتَفَضِّلُ بِالحِلْمِ وَأَنا العَوَّادُ بِالجَهْلِ، اللّهُمَّ فَإِنِّي أَسْأَلُكَ يا كَنْزَ الضُّعَفاءِ يا عَظِيمَ الرَّجاءِ يا مُنْقِذَ الغَرْقى يا مُنْجِيَ الهَلْكى يا مُمِيت الاَحْياءِ يا مُحْييَ المَوْتى أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي سَجَدَ لَكَ شُعاعُ الشَّمْسِ وَدَوِيُّ الماءِ وَحَفِيفُ الشَّجَرِ وَنُورُ القَمَرِ وَظُلْمَةُ اللَيْلِ وَضَوُْ النَّهارِ وَخَفَقَانُ الطَّيْرِ، فَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ يا عَظِيمُ بِحَقِّكَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الصَّادِقِينَ وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الصَّادِقِينَ عَلَيكَ وَبِحَقِّكَ عَلى عَلِيٍّ وَبِحَقِّ عَلِيٍّ عَلَيكَ وَبِحَقِّكَ عَلى فاطِمَةَ وَبِحَقِّ فاطِمَةَ عَلَيكَ وَبِحَقِّكَ عَلى الحَسَنِ وَبِحَقِّ الحَسَنِ عَلَيكَ وَبِحَقِّكَ عَلى الحُسَيْنِ وَبِحِقِّ الحُسَيْنِ عَلَيكَ، فَإِنَّ حُقُوقَهُمْ عَلَيكَ مِنْ أَفْضَلِ إِنْعامِكَ عَلَيْهِمْ وَبِالشَّأْنِ الَّذِي لَكَ عِنْدَهُمْ وَبِالشَّأْنِ الَّذِي لَهُمْ عِنْدَكَ صَلِّ عَلَيْهِمْ يا رَبِّ صَلاةً دائِمَةً مُنْتَهى رِضاكَ، وَاغْفِرْ لِي بِهِمْ الذُّنُوبَ الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَأَرْضِ عَنِّي خَلْقَكَ وَأَتْمِمْ عَلَيَّ نِعْمَتَكَ كَما أَتْمَمْتَها عَلى آبائِي مِنْ قَبْلُ، وَلاتَجْعَلْ لاَحَدٍ مِنَ المَخْلُوقِينَ عَلَيَّ فِيها امْتِنانا وَامْنُنْ عَلَيَّ كَما مَنَنْتَ عَلى آبائِي مِنْ قَبْلُ يا كهيعص، اللّهُمَّ كَما صَلَّيْتَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فَاسْتَجِبْ لِي دُعائِي فِيما سَأَلْتُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ.

_________________

٣ - إليك - خ -.

٤ - من - خ -.
٤٨٧

ثم اسجد وقل في سجودك: يا مَنْ يَقْدِرُ عَلى حَوائِج السَّائِلينَ وَيَعْلَمُ ما فِي ضَمِيرِ الصَّامِتِينَ يا مَنْ لايَحْتاجُ إِلى التَّفْسِيرِ يا مَنْ يَعْلَمُ خائِنَةَ الاَعْيُنِ وَماتُخْفِي الصُّدُورُ يا مَنْ أَنْزَلَ العَذابَ عَلى قَوْمِ يُونُسَ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ، فَدَعَوْهُ وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِ فَكَشَفَ عَنْهُمْ العَذابَ وَمَتَّعَهُمْ إِلى حِينٍ، قَدْ تَرى مَكانِي وَتَسْمَعُ دُعائِي وَتَعْلَمُ سِرِّي وَعَلانِيَّتِي وَحالِي صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاكْفِنِي ماأَهَمَّنِي مِنْ أَمْرِ دِينِي وَدُنْيايَ وَآخِرَتِي . ثم قل سبعين مرة: يا سَيِّدِي .

ثم ارفع رأسك من السجود وقل: يا رَبِّ أَسْأَلُكَ بَرَكَةَ هذا المَوْضِعِ وَبَرَكَةَ أَهْلِهِ وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَنِي مِنْ رِزْقِكَ رِزْقاً حَلالاً طَيِّباً تَسُوقُهُ إلى بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ وَأَنا خائِضٌ فِي عافِيَةٍ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١) .

أقول: قد ورد في كتاب (المزار القديم) في الدعاء في هذا المقام بعد كلمة: يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ ، وقبل السجود دعاء: اللّهُمَّ يا مَنْ تُحَلُّ بِهِ عُقَدُ المَكارِهِ ، وهو دعاء من أدعية الصحيفة السجادية (٢) وقد أودعناه الباب الأول. ثم قال صاحب المزار ثم قل: اللّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ وَلاأَعْلَمُ وَتَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ وَأَنْتَ عَلا مُ الغُيُوبِ صَلِّ اللّهُمَّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَتَجاوَزْ عَنِّي وَتَصَدَّقْ عَلَيَّ ما أَنْتَ أَهْلُهُ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . ثم اسجد وقل: يا مَنْ يَقْدِرُ عَلى حَوائِجِ السَّائِلِينَ ، الخ.

واعلم أيضاً أن ما ورد من الروايات في فضل الأسطوانة السابعة كثير.

وقد روى الكليني بسند معتبر أنه كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يصلي إلى الأسطوانة السابعة بينه وبين السابعة ممرُّ عنزٍ (٣) . وفي رواية معتبرة أخرى أنه ينزل في كل ليلة ستون ألف ملك فيصلون عند الأسطوانة السابعة فلا يعود منهم ملك إلى يوم القيامة (٤) . وفي حديث معتبر عن الصادق عليه‌السلام أن الأسطوانة السابعة هي مقام إبراهيم عليه‌السلام (٥) . وروى الكليني أيضاً في الكافي بسند صحيح عن

_________________

١ - مصباح الزائر: ٨٠ - ٨٣.

٢ - الصحيفة السجادية الجامعة: ٦٧ دعاء ٢٤.

٣ - الكافي ٣ / ٤٩٣ ح ٤.

٤ - الكافي ٣ / ٤٩٣ ح ٥.

٥ - الكافي ٣ / ٤٩٣ ح ٦.
٤٨٨

أبي إسماعيل السراج قال: قال معاوية بن وهب وأخذ بيدي وقال: قال لي أبو حمزة الثمالي وأخذ بيدي، وقال: قال لي أصبغ بن نباتة وأخذ بيدي فأراني الأسطوانة السابعة فقال: هذا مقام أمير المؤمنين عليه‌السلام قال: وكان الحسن عليه‌السلام يصلي عند الأسطوانة الخامسة فإذا غاب أمير المؤمنين عليه‌السلام صلّى فيها الحسن عليه‌السلام وهي من باب كندة (١) . وبالاجمال فالرِّوايات في فضلها جمّة ونحن نبغي الاختصار .

أعمال الأسطوانة الخامسة: إعلم أنّ من المقامات ذوات المزيّة في جامع الكوفة الأسطوانة الخامسة ينبغي أن تصلى عندها وتطلب المسألات، ففي رواية معتبرة أنّها بقعة صلى فيها إبراهيم خليل الرحمن عليه‌السلام (٢) ولا ينافي هذا ما في سائر الروايات فلعله عليه‌السلام كان قد صلى في مختلف هذه المواضع الواردة في مختلف الروايات. وفي رواية معتبرة عن الصادق عليه‌السلام قال: الأسطوانة الخامسة هي مقام جبرائيل عليه‌السلام (٣) ويظهر من الروايات السالفة أنّها مقام الحسن عليه‌السلام وبالاجمال إن ما يظهر من الروايات هو أنّ عند الأسطوانة السابعة والأسطوانة الخامسة أشرف المقامات في الجامع. وقال السيد ابن طاووس: ثم تصلّي عند الأسطوانة الخامسة ركعتين تقرأ فيهما الحمد وماشئت من السور فإذا سلّمت وسبّحت فقل:

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِجَمِيعِ أَسْمائِكَ كُلِّها ماعَلِمْنا مِنْها وَما لانَعْلَمُ وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ العَظِيمِ الأعْظَمِ الكَبِيرِ الاَكْبَرِ الَّذِي مَنْ دَعاكَ بِهِ أَجَبْتَهُ وَمَنْ سَأَلَكَ بِهِ أَعْطَيْتَهُ وَمَنْ اسْتَنْصَرَكَ بِهِ نَصَرْتَهُ وَمَنْ اسْتَغْفَرَكَ بِهِ غَفَرْتَ لَهُ وَمَنْ اسْتَعانَكَ بِهِ أَعَنْتَهُ وَمَنْ اسْتَرْزَقَكَ بِهِ رَزَقْتَهُ وَمَنْ اسْتَغاثَكَ بِهِ أَغَثْتَهُ وَمَنْ اسْتَرْحَمَكَ بِهِ رَحِمْتَهُ وَمَنْ اسْتَجارَكَ بِهِ أَجَرْتَهُ وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْكَ بِهِ كَفَيْتَهُ وَمَنِ اسْتَعْصَمَكَ بِهِ عَصَمْتَهُ وَمَنِ اسْتَنْقَذَكَ بِهِ مِنَ النَّارِ أَنْقَذْتَهُ وَمَنِ اسْتَعْطَفَكَ بِهِ تَعَطَّفْتَ لَهُ وَمَنْ أَمَّلَكَ بِهِ أَعْطَيْتَهُ، الَّذِي اتَّخَذْتَ بِهِ آدَمَ صَفِيّاً وَنُوحاً نَجِيّاً وَإِبْراهِيمَ خَلِيلاً وَمُوسى كَلِيماً وَعِيسى رُوحاً وَمُحَمَّداً حَبِيباً وَعَلِيّاً وَصِيّاً صَلَّى الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ؛ أَنْ تَقْضِيَ لِي حَوائِجِي

_________________

١ - الكافي ٣ / ٤٩٣ ح ٨.

٢ - الكافي ٣ / ٤٩٣ ذيل ح ٦.

٣ - الكافي ٣ / ٤٩٣ ذيل حديث ٧.
٤٨٩

وَتَعْفُوَ عَمّا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي وَتَتَفَضَّلَ عَلَيَّ بِما أَنْتَ أَهْلُهُ وَلِجَمِيعِ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ لِلدُّنْيا وَالآخِرةِ يا مُفَرِّجَ هَمِّ المَهْمُومِينَ وَياغِياثَ المَلْهُوفِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ يا رَبَّ العالَمِينَ (١) .

أقول: روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال لبعض أصحابه: صل عند الأسطوانة الخامسة ركعتين فإنه مصلى إبراهيم عليه‌السلام وقل: السَّلامُ عَلى أَبِينا آدَمَ وَاُمِّنا حَوَّاءَ... الخ بما يقرب ممّا قد قلته عند الأسطوانة السابعة وأنت مستقبل القبلة (٢) .

عمل الأسطوانة الثالثة مقام الإمام زين العابدين عليه‌السلام :

ثم امض إلى دكة زين العابدين عليه‌السلام وهي عند الأسطوانة الثالثة مما يلي باب كندة. أقول: يحاذي هذا المقام من ناحية القبلة دكة باب أمير المؤمنين عليه‌السلام ومن الغرب باب كندة، وهو مسدود الان وقيل ينبغي أن يتأخّر المصلي قدر خمسة أذرع من الأسطوانة لانّ الدّكة إنما كانت هنالك، وبالجملة فتصلي عليها ركعتين تقرأ فيهما الحمد وما أردت من السور فإذا سلمت وسبّحت فقل:

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اللّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِي قَدْ كَثُرَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَها إِلاّ رَجاءُ عَفْوِكَ وَقَدْ قَدَّمْتُ آلَةَ الحِرْمانِ إِلَيْكَ، فَأَنا أَسْأَلُكَ اللّهُمَّ مالا اسْتَوْجِبَهُ وَأَطْلُبُ مِنْكَ مالا اسْتَحِقُّهُ، اللّهُمَّ إِنْ تُعَذِّبْنِي فَبِذُنُوبِي وَلَمْ تَظْلِمْنِي شَيْئاً وَإِنْ تَغْفِرْ لِي فَخَيْرُ راحِمٍ أَنْتَ يا سَيِّدِي، اللّهُمَّ أَنْتَ أَنْتَ وَأَنا أَنا، أَنْتَ العَوَّادُ بِالمَغْفِرَةِ، وَأَنا العَوَّادُ بِالذُّنُوبِ وَأَنْتَ المُتَفَضِّلُ بِالحِلْمِ وَأَنا العَوَّادُ بِالجَهْلِ، اللّهُمَّ فَإِنِّي أَسْأَلُكَ يا كَنْزَ الضُّعَفاءِ يا عَظِيمَ الرَّجاءِ يا مُنْقِذَ الغَرْقى يا مُنْجِيَ الهَلْكى يا مُمِيتَ الاَحْياءِ يا مُحْييَ المَوْتى، أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي سَجَدَ لَكَ شُعاعُ الشَّمْسِ وَنُورُ القَمَرِ وَظُلْمَةُ اللَيْلِ وَضَوُْ النَّهارِ وَخَفَقَانُ الطَّيْرِ، فَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ يا عَظِيمُ بِحَقِّكَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الصَّادِقِينَ وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الصَّادِقِينَ عَلَيكَ وَبِحَقِّكَ عَلى عَلِيٍّ وَبِحَقِّ عَلِيٍّ عَلَيكَ وَبِحَقِّكَ عَلى

_________________

١ - مصباح الزائر: ٨٣.

٢ - المزار الكبير للمشهدي: ١٦٧.
٤٩٠

فاطِمَةَ وَبِحَقِّ فاطِمَةَ عَلَيكَ وَبِحَقِّكَ عَلى الحَسَنِ وَبِحَقِّ الحَسَنِ عَلَيكَ وَبِحَقِّكَ عَلى الحُسَيْنِ وَبِحِقِّ الحُسَيْنِ عَلَيكَ، فَإِنَّ حُقُوقَهُمْ عَلَيكَ مِنْ أَفْضَلِ إِنْعامِكَ عَلَيْهِمْ وَبِالشَّأْنِ الَّذِي لَكَ عِنْدَهُمْ وَبِالشَّأْنِ الَّذِي لَهُمْ عِنْدَكَ صَلِّ يا رَبِّ عَلَيْهِمْ صَلاةً دائِمَةً مُنْتَهى رِضاكَ، وَاغْفِرْ لِي بِهِمْ الذُّنُوبَ الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَأَتْمِمْ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ كَما أَتْمَمْتَها عَلى آبائِي مِنْ قَبْلُ يا كهيعص، اللّهُمَّ كَما صَلَّيْتَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فَاسْتَجِبْ لِي دُعائِي فِيما سَأَلْتُ .

ثم اسجد وضع خدك الأيمن على الأَرض وقل: يا سَيِّدِي يا سَيِّدِي يا سَيِّدِي صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي وَاغْفِرْ لِي . وأكثر من قولك ذلك باكياً خاشعاً ثم ضع الخد الأيسر وقل مثل ذلك القول ثم ادع بما شئت (١) .

أقول: ورد في بعض المجاميع غير المعتبرة أنّ في هذا المقام يؤدى ما علمه الصادق عليه‌السلام بعض أصحابه، والصحيح أنّ العمل لا يخص هذا المقام. وأمّا صفة العمل فعن الصادق عليه‌السلام أنه قال لبعض أصحابه: ألا تباكر لحاجةٍ فتمر بجامع الكوفة الكبير؟ قال: بلى. قال: فصلّ هنالك أربع ركعات، وقل:

إِلهِي إِنْ كُنْتُ قَدْ عَصَيْتُكَ فَإِنِّي أَطَعْتُكَ فِي أَحَبِّ الأشْياءِ إِلَيْكَ لَمْ أَتَّخِذْ لَكَ وَلَداً وَلَمْ أَدْعُ لَكَ شَرِيكاً، وَقَدْ عَصَيْتُكَ فِي أَشْياءَ كَثِيرَةٍ عَلى غَيْرِ وَجْهِ المُكابَرَةِ لَكَ وَلا الاِسْتِكبارِ عَنْ عِبادَتِكَ وَلا الجُحُودِ لِرِبُوبِيَّتِكَ وَلا الخُرُوجِ عَنِ (٢) العُبُودِيَّةِ لَكَ، وَلكِنِ اتَّبعْتُ هَوايَ وَأَزَلَّنِي الشَّيْطانُ بَعْدَ الحُجَّةِ وَالبَيانِ، فَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَبِذُنُوبِي غَيْرَ ظالِمٍ أَنْتَ لِي وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي وَتَرْحَمْنِي فَبِجُودِكَ وَكَرَمِكَ يا كَرِيمُ . وتقول ايضاً: غَدَوْتُ بِحَوْلِ الله وَقُوَّتِهِ غَدَوْتُ بِغَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاقُوَّةٍ وَلكِنْ بِحَوْلِ الله وَقُوَّتِهِ؛ يا رَبِّ أَسْأَلُكَ بَرَكَةَ هذا البَيْتِ وَبَرَكَةَ أَهْلِهِ وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَنِي رِزْقاً حَلالاً طَيِّباً تَسوقُهُ إلى بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ وَأَنا خائِضٌ (٣) فِي عافِيَتِكَ .

_________________

١ - مصباح الزائر: ٨٤.

٢ - من - خ -.

٣ - خافض - خ -.
٤٩١

والشيخ الشهيد ومحمد ابن المشهدي قد أورداً هذا العمل لصحن المسجد بعدما ذكراً عمل الأسطوانة الرابعة وقالا: يقرأ في ركعتين منها الحمد والتوحيد وفي الآخِريين الحمد والقدر ويسبّح بعد السَّلامُ تسبيح الزهراء عليها‌السلام (١) .

وفي رواية معتبرة عن أبي حمزة الثمالي قال: قد كنت جالساً يوما في جامع الكوفة وإذا أنا برجل يدخل من باب كندة هو أصبح الناس وجهاً وأطيبهم طيباً وأنظفهم ثوباً قد تعمّمَ بعمامته وعليه رداء ودرّاعة يحتذي نعلين عربيّين فخلع نعليه ووقف عند الأسطوانة السادسة فرفع يديه إلى حذاء أذنيه وكبّر تكبيرة قفّ لها كل شعر بدني فصلى أربع ركعات فأحسن ركوعها وسجودها، ثم دعا بهذا الدعاء: إِلهِي إِنْ كُنْتُ قَدْ عَصَيْتُكَ ، حتى إذا بلغ يا كَرِيمُ ، سجد وكرر قوله: يا كَرِيمُ ، بقدر مايفي به النفس ثم قال في سجوده: يا مَنْ يَقْدِرُ عَلى حَوائِجِ السَّائِلِينَ ... إلى أن أتمّ السبعين مرة: يا سَيِّدِي ، وقد مرّ الدعاء في أعمال الأسطوانة السابعة فلما رفع رأسه من السجود دققت فيه النظر فإذا هو زين العابدين عليه‌السلام فقبّلت يديه وسألته ما أتى به هنا فأجاب ما رأيت أي الصلاة في مسجد الكوفة. وعلى رواية رويناها في ذيل الزيارة السابعة للأمير عليه‌السلام ثم سار عليه‌السلام بأبي حمزة إلى زيارة الأمير عليه‌السلام ص ٤٥٥.

أعمال باب الفرج المعروف بمقام نوح عليه‌السلام : فإذا فرغت من عمل الأسطوانة الثالثة فامض إلى دكة باب أمير المؤمنين عليه‌السلام وهي الصّفَّة الواقعة مما يلي باب الجامع من دار أمير المؤمنين عليه‌السلام فصل عليها أربع ركعات بالحمد وماشئت من السور فإذا فرغت وسبّحت فقل:

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاقْضِ حاجَتِي يا الله يا مَنْ لايَخِيبُ سائِلُهُ وَلايَنْفَذُ نائِلُهُ، يا قاضِيَ الحاجاتِ يا مُجِيبَ الدَّعَواتِ يا رَبَّ الأَرضِينَ وَالسَّماواتِ يا كاشِفَ الكُرُباتِ يا واسِعَ العَطَّياتِ يا دافِعَ النَّقِماتِ يا مُبَدِّلَ السَّيِّئاتِ حَسناتٍ، عُدْ عَلَيَّ بِطَوْلِكَ وَفَضْلِكَ وَإِحْسانِكَ وَاسْتَجِبْ دُعائِي فِيما سَأَلْتُكَ وَطَلَبْتُ مِنْكَ بِحَقِّ نَبِيِّكَ وَوَصِيِّكَ وَأَوْلِيائِكَ الصَّالِحِينَ (٣) .

صفة صلاة أخرى في هذا المقام: وهي ركعتان فإذا فرغت منهما وسبّحت فقل:

_________________

١ - المزار الكبير للمشهدي: ١٦٤ - ١٦٥، المزار للشهيد: ٢٥٣ - ٢٥٤.

٢ - المزار الكبير للمشهدي: ١٦٨.

٣ - مصباح الزائر: ٨٥.
٤٩٢

اللّهُمَّ إِنِّي حَلَلْتُ بِساحَِتكَ لِعِلْمِي بِوِحْدانِيَّتِكَ وَصَمَدانِيَّتِكَ وَأَنَّهُ لاقادِرَ (١) عَلى قَضاء حاجَتِي غَيْرُكَ وَقَدْ عَلِمْتُ يا رَبِّ أَنَّهُ كُلَّما شاهَدْتُ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ اشْتَدَّتْ فاقَتِي إِلَيْكَ، وَقدْ طَرَقَنِي يا رَبِّ مِنْ مُهمِّ أَمْرِي ما قَدْ عَرَفْتَهُ لاَنَّكَ عالِمٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ، وَأَسْأَلُكَ بِالاِسْم‌ِالَّذِي وَضَعْتَهُ عَلى السَّماواتِ فَانْشَقَّتْ وَعَلى الأَرَضِينَ فَانْبَسَطَتْ وَعَلى النُّجُومِ فَانْتَشَرَتْ وَعَلى الجِبالِ فَاسْتَقَرَّتْ، وَأَسْأَلُكَ بِالاِسْم‌ِالَّذِي جَعَلْتَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ عَلِيٍّ وَعِنْدَ الحَسَنِ وَعِنْدَ الحُسَيْنِ وَعِنْدَ الأَئِمَّةِ كُلِّهِمْ صَلَواتُ الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَقْضِي لِي يا رَبِّ حاجَتِي وَتُيَسِّرَ عَسِيرَها وَتَكْفِيَنِي مُهِمَّها وَتَفْتَحَ لِي قُفْلَها؛ فَإِنْ فَعَلْتَ ذلِكَ فَلَكَ الحَمْدُ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلَكَ الحَمْدُ غَيْرُ جائِرٍ فِي حُكْمِكَ وَلا خائِفٍ فِي عَدْلِك. ثم تبسط خدّك الأيمن على الأَرض وتقول: اللّهُمَّ إِنَّ يُونُسَ بْنَ مَتّى عليه‌السلام عَبْدَكَ وَنَبِيَّكَ دَعاكَ فِي بَطْنِ الحُوتِ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَأَنا أَدْعُوكَ فَاسْتَجِبْ لِي بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ. وتدعو بما تحب ثم تقلب خدّك الأيسر وتقول: اللّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَ بِالدُّعاءِ وَتَكَفَّلْتَ بِالإِجابَةِ وَأَنا أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي يا كَرِيمُ. ثم تعود إلى السجود وتقول: يا مُعِزَّ كُلِّ ذَلِيلٍ وَيامُذِلَّ كُلِّ عَزِيزٍ تَعْلَمُ كُرْبَتِي فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ (٢) وَفَرِّجْ عَنِّي يا كَرِيمُ (٣) .

صفة صلاة للحاجة في المحل المذكور: تصلي أربع ركعات فإذا فرغت وسبّحت فقل:

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا مَنْ لاتَراهُ العُيُونُ وَلاتُحِيطُ بِهِ الظُّنُونُ وَلايَصِفُهُ الواصِفُونَ وَلا تُغَيِّرُهُ الحَوادِثُ وَلاتُفْنِيهِ الدُّهُورُ، تَعْلَمُ مَثاقِيلَ الجِبالِ وَمَكايِيلَ البِحارِ وَوَرَقَ الاَشْجارِ وَرَمْلَ القِفارِ وَما أَضائَتْ بِهِ الشَّمْسُ وَالقَمَرُ وَأَظْلَمَ عَلَيْهِ اللَيْلُ وَوَضَحَ عَلَيْهِ النَّهارُ وَلاتُوارِي مِنْكَ (٤) سَماءٌ سَماءً وَلا أَرْضٌ أَرْضاً وَلاجَبَلٌ ما فِي أَصْلِهِ،

_________________

١ - لا قادراً - خ -.

٢ - وآل محمّدٍ - خ -.

٣ - مصباح الزائر: ٨٥ - ٨٦.

٤ - ولا تواري منه - خ ل -.
٤٩٣

وَلا بَحْرٌ مافِي قَعْرِهِ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ خَيْرَ أَمْرِي آخِرَهُ وَخَيْرَ أَعْمالِي خَواتِيمَها وَخَيْرَ أَيَّامِي يَوْمَ أَلْقاكَ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللّهُمَّ مَنْ أَرادَنِي بِسُوءٍ فَأَرِدْهُ وَمَنْ كادَنِي فَكِدْهُ وَمَنْ بَغانِي بِهَلَكَةٍ فَأَهْلِكْهُ وَاكْفِنِي ماأَهَمَّنِي مِمَّنْ دَخَلَ هَمُّهُ عَلَيَّ، اللّهُمَّ ادْخِلْنِي فِي دِرْعِكَ الحَصِينَةِ وَاسْتُرْنِي بِسِتْرِكَ الواقِي يا مَنْ يَكْفِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلايَكْفِي مِنْهُ شَيٌْ اكْفِنِي ما أَهَمَّنِي مِنْ أَمْرِ الدُّنْيا وَالآخِرةِ وَصَدِّقْ قَوْلِي وَفِعْلِي يا شَفِيقُ يا رَفِيقُ فَرِّجْ عَنِّي المَضِيقَ وَلاتُحَمِّلْنِي ما لا اُطِيقُ، اللّهُمَّ احْرُسْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لا تَنامُ وَارْحَمْنِي بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، يا عَلِيُّ يا عَظِيمُ أَنْتَ عالِمٌ بِحاجَتِي وَعَلى قَضائِها قَدِيرٌ وَهِي لَدَيْكَ يَسِيرٌ وَأَنا إِلَيْكَ فَقِيرٌ فَمُنَّ بِها عَلَيَّ يا كَرِيمُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .

ثم تسجد وتقول: إِلهِي قَدْ عَلِمْتَ حَوائِجِي فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاقْضِها وَقَدْ أَحْصَيْتَ ذُنُوبِي فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاغْفِرْها يا كَرِيمُ . ثم تقلب خدك الأيمن وتقول: إِنْ كُنْتُ بِئْسَ العَبْدُ فَأَنْتَ نِعْمَ الرَّبُّ افْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ وَلا تَفْعَلْ بِي ماأَنا أَهْلُهُ يا أرْحَمَ الرَّاحِمينَ . ثم تقلب خدك الأيسر وتقول: اللّهُمَّ إِنْ عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ العَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ يا كَرِيمُ . ثم تعود إلى السجود وتقول: إرْحَمْ مَنْ أَساءَ وَاقْتَرَفَ وَاسْتَكانَ وَاعْتَرَفَ (١) .

أقول: هذا الدعاء إلى كلمة: وَاغْفِرْها يا كَرِيمُ، هو الدعاء الوارد في كتاب (المزاد القديم) في عمل مقام الإمام زين العابدين عليه‌السلام في أعمال صحن مسجد السهلة.

أعمال محراب أمير المؤمنين عليه‌السلام : ثم صلّ في المكان الذي ضرب فيه أمير المؤمنين عليه‌السلام ركعتين كل ركعة بالفاتحة وسورة من السور فإذا سلّمت وسبّحت فقل:

يا مَنْ أَظْهَرَ الجَمِيلَ وَسَتَرَ القَبِيحَ يا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْ بِالجَرِيرَةِ وَلَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ

_________________

١ - مصباح الزائر: ٨٦ - ٨٧.
٤٩٤

وَالسَّرِيرَةَ يا عَظِيمَ العَفْوِ يا حَسَنَ التَّجاوُزِ يا واسِعَ المَغْفِرَةِ يا باسِطَ اليَّدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ يا صاحِبَ كُلِّ نَجْوى يا مُنْتَهى كُلِّ شَكْوى يا كَرِيمَ الصَّفْحِ يا عَظِيمَ الرَّجاءِ يا سَيِّدِي صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَافْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ يا كَرِيمُ (١) .

مناجاة أمير المؤمنين عليه‌السلام

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الأمانَ ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلاّ مَنْ أَتى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (٢) وأَسْأَلُكَ الأمانَ ( يَوْمَ يَعضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ: يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ) (٣) ، وَأَسْأَلُكَ الاَمانَ ( يَوْمَ يُعْرَفُ المُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالأقْدامِ ) (٤) ، وَأَسْأَلُكَ الاَمانَ ( يَوْمَ لايَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلامَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ الله حَقُّ ) (٥) ، وَأَسْأَلُكَ الاَمانَ ( يَوْمَ لايَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّار ) (٦) وأَسْأَلُكَ الأمانَ ( يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأمْرُ يَوْمَئِذٍ للهِ ) (٧) ، وَأَسْأَلُكَ الأمانَ ( يَوْمَ يَفِرُّ المَرءُ مِنْ أَخِيهِ وَاُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِيٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيه ) (٨) ِ، وَأَسْأَلُكَ الاَمانَ ( يَوْمَ يَوَدُّ المُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَميعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ كَلاًّ إِنَّها لَظى نَزَّاعَةً لِلْشَّوى ) (٩) . مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ المَوْلى وَأَنا العَبْدُ وَهَلْ يَرْحَمُ العَبْدُ إِلاّ المَوْلى، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ المالِكُ وَأَنا المَمْلُوكُ وهَلْ يَرْحَمُ المَمْلُوكَ إِلاّ المالِكُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ العَزِيزُ وَأَنا الذَّلِيلَ وَهَلْ يَرْحَمُ الذَّلِيلَ إِلاّ العَزِيزُ، مَوْلايَ

_________________

١ - مصباح الزائر: ٨٧.

٢ - الشعراء: ٢٦ / ٨٨ - ٨٩.

٣ - الفرقان: ٢٥ / ٢٧.

٤ - الرحمن: ٥٥ / ٤١.

٥ - لقمان: ٣١ / ٣٣.

٦ - غافر: ٤٠ / ٥٢.

٧ - الانفطار: ٨٢ / ١٩.

٨ - عبس: ٨٠ / ٣٤ - ٣٧.

٩ - المعارج: ٧٠ / ١١ - ١٦.
٤٩٥

يا مَوْلايَ أَنْتَ الخالِقُ وَأَنا المَخْلُوقُ وَهَلْ يَرْحَمُ المَخْلُوقَ إِلاّ الخالِقُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ العَظِيمُ وَأَنا الحَقِيرُ وهَلْ يَرْحَمُ الحَقِيرُ إِلاّ العَظِيمُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ القَوِيُّ وَأَنا الضَّعِيفُ وَهَلْ يَرْحَمُ الضَّعِيفَ إِلاّ القَوِيُّ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ الغَنِيُّ وَأَنا الفَقِيرُ وَهَلْ يَرْحَمُ الفَقِيرَ إِلاّ الغَنِيُّ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ المُعْطِي وَأَنا السَّائِلُ وَهَلْ يَرْحَمُ السَّائِلُ إِلاّ المُعْطِي، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ الحَيُّ وَأَنا المَيِّتُ وَهَلْ يَرْحَمُ المَيِّتَ إِلاّ الحَيُّ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ الباقِي وَأَنا الفانِي وَهَلْ يَرْحَمُ الفانِيَ إِلاّ الباقِي، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ الدَّائِمُ وَأَنا الزَّائِلُ وَهَلْ يَرْحَمُ الزَّائِلَ إِلاّ الدَّائِمُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ الرَّازِقُ وَأَنا المَرْزُوقُ وَهَلْ يَرْحَمُ المَرْزُوقَ إِلاّ الرَّازِقُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ الجَوادُ وَأَنا البَخِيلُ وهَلْ يَرْحَمُ البَّخِيلَ إِلاّ الجَوادُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ المُعافِي وَأَنا المُبْتَلى وَهَلْ يَرْحَمُ المُبْتَلى إِلاّ المُعافِي، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ الكَبِيرُ وَأَنا الصَّغِيرُ وَهَلْ يَرْحَمُ الصَّغِيرَ إِلاّ الكَبِيرُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ الهادِي وَأَنا الضَّالُّ وهَلْ يَرْحَمُ الضَّالَ إِلاّ الهادِي، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ الرَّحْمنُ وَأَنا المَرْحُومُ وَهَلْ يَرْحَمُ المَرْحُومَ إِلاّ الرَّحْمنُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ السُّلْطانُ وَأَنا المُمْتَحَنُ وَهَلْ يَرْحَمُ المُمْتَحَنَ إِلاّ السُلْطانُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ الدَّلِيلُ وَأَنا المُتَحَيِّرُ وَهَلْ يَرْحَمُ المُتَحَيِّرَ إِلاّ الدَّلِيلُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ الغَفُورُ وَأَنا المُذْنِبُ وَهَلْ يَرْحَمُ المُذْنِبَ إِلاّ الغَفُورُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ الغالِبُ وَأَنا المَغْلُوبُ وَهَلْ يَرْحَمُ المَغْلُوبَ إِلاّ الغالِبُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ الرَّبُّ وَأَنا المَرْبُوبُ وَهَلْ يَرْحَمُ المَرْبُوبَ إِلاّ الرَّبُّ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ أَنْتَ المُتَكَبِّرُ وَأَنا الخاشِعُ وَهَلْ يَرْحَمُ الخاشِعَ إِلاّ المُتَكَبِّرُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ ارْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ وَارْضَ عَنِّي بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ وَفَضْلِكَ يا ذا الجُودِ وَالاِحْسانِ وَالطَّوْلِ وَالامْتِنانِ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١) .

_________________

١ - مصباح الزائر: ٨٨ - ٩٠.
٤٩٦

أقول: روى السيّد ابن طاووس عنه عليه‌السلام بعد هذه المناجاة دعاءً طويلاً موسوما بدعاء (الأمان) لا يسعه المقام (١) . وتدعو أيضاً في هذا المقام بما سنذكره عقيب الصلاة في مسجد زيد بن صوحان إن شاء اللهِ ص ٥٠٤.

واعلم أنا قد ألمحنا في كتاب هدية الزائر إلى الخلاف في تعيين المحراب الذي ضرب فيه أمير المؤمنين عليه‌السلام هل هو المحراب المعروف، أم المحراب المتروك؟ وقلنا هناك: إن غاية الاحتياط هي أن تؤدّى الاعمال في كلا الموضعين أو أن تؤدّي في المعروف تارة وفي المتروك أخرى.

أعمال دكة الصادق عليه‌السلام : ثم امض إلى مقام الصادق عليه‌السلام وهو قريب من مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه) فصلّ عليها ركعتين فإذا سلمت وسبّحت فقل: - يا صانِعَ كُلِّ مَصْنُوعٍ وَياجابِرَ كُلِّ كَسِيرٍ وَياحاضِرَ كُلِّ مَلاً وَياشاهِدَ كُلِّ نَجْوى وَيا عالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ وَياشاهِداً غَيْرَ غائِبٍ وَيا غالِباً غَيْرَ مَغْلُوبٍ وَياقَرِيباً (٢) غَيْرَ بَعِيدٍ وَيامُؤْنِسَ كُلِّ وَحِيدٍ وَياحَيّاً حِينَ لا حَيَّ غَيْرُهُ، يا مُحْيِيَ المَوْتى وَمُمِيتَ الاَحْياءِ القائِمَ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ . ثم ادع بما أحببت (٣) .

أقول: قد قلنا فيما مضى ونعيد الحديث أن ما في كتاب (المزار القديم) وما هو المشهور بين الناس في ترتيب أعمال هذا الجامع هو أن تؤخر عن عمل هذا المقام أعمال دكة القضاء وبيت الطست، ونحن قد جارينا كتاب (مصباح الزائر) و (البحار) وغيرهما فأثبتناها بعد أعمال الأسطوانة الرابعة ولك إذا شئت أن توافق المشهور فتؤدي الان بعد فراغك من سائر الأعمال ما أوردناه هناك إن شاء الله تعالى.

ذكر صلاة الحاجة في جامع الكوفة: عن الصادق عليه‌السلام من صلى في جامع الكوفة ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد والمعوّذتين والاخلاص والكافرون والنصر والقدر وسبّح اسم ربّك الاعلى فإذا سلّم سبّح تسبيح الزهراء عليها‌السلام ثم سأل الله ما شاء قضى الله حاجته واستجاب دعاءه (٤) . أقول: الذي أثبتناه من الترتيب في السور يوافق رواية السيد ابن طاووس في (المصباح)، وفي رواية الطوسي في الأمالي قد أخّر ذكر سورة القدر عن سورة سبّح اسم، ومراعاة الترتيب لعلها غير لازمة فيجزي أن يتبع الحمد بهذه السور السبع والله العالم (٥) .

_________________

١ - مصباح الزائر: ٩١.

٢ - يا شاهد... ويا غالب... ويا قريب - خ -.

٣ - مصباح الزائر: ٩٨.

٤ - مصباح الزائر: ٩٩.

٥ - في المصباح المطبوع ١٤١٧ تحقيق مؤسسة آل البيت: ذكر سورة القدر بعد سورة سبّح اسم. ولعلّ نسخة المصباح بيد المؤلّف غير هذه النسخة.
٤٩٧

زيارة مسلم بن عقيل (قدس الله روحه ونور ضريحه)

فإذا فرغت من أعمال جامع الكوفة فامض إلى قبر مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه) وقف عنده وقل: الحَمْدُ للهِ المَلِكِ الحَقِّ المُبِينِ المُتَصاغِرِ لِعَظَمَتِهِ جَبابِرَةُ الطَّاغِينَ المُعْتَرِفِ بِرُبُوبِيَّتِهِ جَمِيعُ أَهْلِ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ المُقِرِّ بِتَوْحِيدِهِ سائِرُ الخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَصَلّىْ الله عَلى سَيِّدِ الأنامِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الكِرامِ صَلاةً تَقَرُّ بِها أَعْيُنُهُمْ وَيَرْغَمُ بِها أَنْفُ شانِئِهِمْ مِنَ الجِنِّ وَالاِنْسِ أَجْمَعِينَ سَلامُ الله العَلِيِّ العَظِيمِ وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ المُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيائِهِ المُرْسَلِينَ وَأَئِمَّتِهِ المُنْتَجَبِينَ وَعِبادِهِ الصَّالِحِينَ وَجَمِيعِ الشُّهداء وَالصِّدِّيقِينَ وَالزَّاكِياتِ الطَّيِّباتِ فِيما تَغْتَدِي وَتَرُوحُ عَلَيْكَ يا مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طالِبٍ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. أَشْهَدُ أَنَّكَ أَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ وَأَمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ وَجاهَدْتَ فِي الله حَقَّ جِهادِهِ، وَقُتِلْتَ عَلى مِنْهاجِ المُجاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ حَتّى لَقِيتَ الله عَزَّوَجَلَّ وَهُوَ عَنْكَ راضٍ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَفَيْتَ بِعَهْدِ الله وَبَذَلْتَ نَفْسَكَ فِي نُصْرَةِ حُجَّةِ الله وَابْنَ حُجَّتِهِ حَتّى أَتاكَ اليَقِينُ أَشْهَدُ لَكَ بِالتَّسْلِيمِ وَالوَفاءِ وَالنَّصِيحَةِ لِخَلَفِ النَّبِيِّ المُرْسَلِ وَالسِّبْطِ المُنْتَجَبِ وَالدَّلِيلِ العالِمِ وَالوَصِيِّ المُبَلِّغِ وَالمَظْلُومِ المُهْتَضَمِ، فَجَزاكَ الله عَنْ رَسُولِهِ وَعَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَعَنِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ أَفْضَلَ الجَزاءِ بِما صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ وَأَعَنْتَ، فَنِعْمَ عُقْبى الدَّارِ. وَلَعَنَ الله مَنْ قَتَلَكَ وَلَعَنَ الله مَنْ أَمَرَ بِقَتْلِكَ وَلَعَنَ الله مَنْ ظَلَمَكَ وَلَعَنَ الله مَنْ افْتَرى عَلَيْكَ وَلَعَنَ الله مَنْ جَهِلَ حَقَّكَ وَاسْتَخَفَّ بِحُرْمَتِكَ وَلَعَنَ الله مَنْ بايَعَكَ وَغَشَّكَ وَخَذَلَكَ وَأَسْلَمَكَ وَمَنْ أَلَّبَ عَلَيْكَ وَلَمْ يُعِنْكَ الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ النَّارَ مَثْواهُمْ وَبِئْسَ الوِرْدِ المَوْرُودُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً وَأَنَّ الله مُنْجِزٌ لَكُمْ ما وَعَدَكُمْ. جِئْتُكَ زائِراً عارِفاً بِحَقِّكُمْ مُسَلِّما لَكُمْ تابِعاً لِسُنَّتِكُمْ وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّهٌ حَتّى يَحْكُمَ الله وَهُوَ خَيْرُ الحاكِمِينَ فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ صَلَواتُ الله عَلَيْكُمْ وَعَلى أَرْواحِكُمْ وَأَجْسادِكُمْ وَشاهِدِكُمْ وَغائِبِكُمْ وَالسَّلامُ
٤٩٨

عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، قَتَلَ الله اُمَّةً قَتَلَتْكُمْ بِالأيْدِي وَالألْسُنِ . وجعل هذه الكلمات في المزار الكبير بمنزلة الاستئذان وقال بعد ذكرها: ثم ادخل وادن من القبر وعلى الرواية السابقة أشر إلى الضريح ثم قل: السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها العَبْدُ الصَّالِحُ المُطِيعُ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلاِ مِيرِ المُؤْمِنِينَ وَالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ عليهم‌السلام ، الحَمْدُ للهِ وَسَلامٌ (١) عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ وَعَلى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ مَضَيْتَ عَلى ما مَضى عَلَيْهِ (٢) البَدْرِيُّونَ المُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله المُبالِغُونَ فِي جِهادِ أَعْدائِهِ وَنُصْرَةِ أَوْلِيائِهِ؛ فَجِزاكَ الله أَفْضَلَ الجَزاءِ وَأَكْثَرَ الجَزاءِ وَأَوْفَرَ جَزاءِ أَحَدٍ مِمَّنْ وَفى بِبَيْعَتِهِ وَاسْتَجابَ لَهُ دَعْوَتَهُ وَأَطاعَ وُلاةَ أَمْرِهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بالَغْتَ فِي النَّصِيحَةِ وَأَعْطَيْتَ غايَةَ المَجْهُودِ حَتّى بَعَثَكَ الله فِي الشُّهداء وَجَعَلَ رُوحَكَ مَعَ أَرْواحِ السُّعَداءِ وَأَعْطاكَ مِنْ جِنانِهِ أَفْسَحَها مَنْزِلاً وَأَفْضَلَها غُرَفاً وَرَفَعَ ذِكْرَكَ فِي العِلِّيِّينَ وَحَشَرَكَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهداء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ اُولئِكَ رَفِيقاً، أَشْهَدُ أَنَّكَ لَمْ تَهِنْ وَلَمْ تَنْكُلْ وَأَنَّكَ قَدْ مَضَيْتَ عَلى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِكَ مُقْتَدِياً بِالصَّالِحِينَ وَمُتَّبِعاً لِلْنَبِيِّينَ، فَجَمَعَ الله بَيْنَنا وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ رَسُولِهِ وَأَوْلِيائِهِ فِي مَنازِل المُخْبِتِينَ فَإِنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . ثُمَّ صَلِّ ركعتين فِي جانب الرأس واهدهما إلى جنابه، ثُمَّ قل: اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَلا تَدَعْ لِي ذَنْباً. ... وهذا هو الدعاء الذي يدعى به في مرقد العباس وسيأتي ذكره ص ٥٣٤ فإذا شئت أن تودعه فودعه بالوداع الذي سيذكر في ذيل زيارة العباس عليه‌السلام ص ٥٣٥ .

زيارة هاني بن عروة رحمة الله ورضوانه عليه

تقف عند قبره وتسلم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتقول:

سَلامُ الله العَظِيمِ وَصَلَواتُهُ عَلَيْكَ يا هانِي بْنَ عُرْوَةَ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها العَبْدُ الصَّالِحُ

_________________

١ - وسلامه - خ -.

٢ - به - خ -.
٤٩٩

النَّاصِحُ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأمير المُؤْمِنِينَ وَالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ عليهم‌السلام ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً فَلَعَنَ الله مَنْ قَتَلَكَ وَاسْتَحَلَّ دَمَكَ وَحَشا قُبُورَهُمْ ناراً، أَشْهَدُ أَنَّكَ لَقِيتَ الله وَهُوَ راضٍ عَنْكَ بِما فَعَلْتَ وَنَصَحْتَ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ دَرَجَةَ الشُّهداء وَجُعِلَ رُوحُكَ مَعَ أَرْواحِ السُّعَداءِ بِما نَصَحْتَ للهِ وَلِرَسُولِهِ مُجْتَهِداً وَبَذَلْتَ نَفْسَكَ فِي ذاتِ الله وَمَرْضاتِهِ؛ فَرَحِمَكَ الله (١) وَرَضِيَ عَنْكَ وَحَشَرَكَ مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَجَمَعَنا وَإِيَّاكُمْ (٢) مَعَهُمْ فِي دارِ النَّعِيمِ وَسَلامٌ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. ثم صلّ ركعتين واهدهما إلى هاني وادع لنفسك بما شئت وودّعه بما تودع به مسلم رضي‌الله‌عنه (٣) .

الفصل السادس

في فضل مسجد السهلة وأعماله ،

وأعمال مسجد زيد قدس‌سره ومسجد صعصعة

إعلم أنّه ليس في تلك البقاع مسجد يضاهي مسجد السهلة فضلاً وشرفاً بعد مسجد الكوفة، وهو بيت إدريس عليه‌السلام وإبراهيم عليه‌السلام ومنزل الخضر عليه‌السلام ومسكنه. وعن أبي بصير عن الصادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ قال: قال لي: يا أبا محمد كأنّي أرى نزول القائم صلوات الله عليه في مسجد السهلة بأهله وعياله ويكون منزله. وما بعث الله نبياً إِلاّ وقد صلّى فيه. والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومامن مؤمن ولا مؤمنة إِلاّ وقلبه يحن إليه وفيه صخرة فيها صورة كل نبي، وما صلّى فيه أحد فدعاً الله بنيّة صادقة إِلاّ صرفه الله بقضاء حاجته، وما من أحد استجاره إِلاّ أجاره الله مما يخاف منه. قلت: هذا لهو الفضل. قال: نزيدك؟ قلت: نعم. قال: هو من البقاع التي أحبّ الله أن يدعى فيها، وما من يوم ولا ليلة إِلاّ والملائكة تزور هذا المسجد يعبدون الله فيه. أما إنِّي لو كنت بالقرب منكم ماصلّيت صلاة إِلاّ فيه. يا أبا محمد مالم أصف أكثر. قلت: جعلت فداك لا يزال القائم عليه‌السلام فيه أبداً؟ قال: نعم... الخ (٤) .

_________________

١ - الله: خ.

٢ - وإيّاك - خ -.

٣ - مصباح الزائر: ١٠٤.

٤ - المزار الكبير للمشهدي: ١٣٤، ح ٧ من باب ٥ مع اختلاف لفظي واضافات.
٥٠٠


source : الحسنين/ دارالعرفان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الفرق بين علوم القرآن والتفسير
وتسلّط‌ ارباب‌ السوء
اليقين والقناعة والصبر والشکر
القصيدة التائية لدعبل الخزاعي
في رحاب أدعية الإمام الحسين (عليه السلام)
أقوال أهل البيت عليهم السلام في شهر رمضان
آيات ومعجزات خاصة بالمهدي المنتظر
علي الأكبر شبيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
أوصاف جهنم في القرآن الكريم
ألقاب الإمام الرضا عليه السلام

 
user comment