عربي
Tuesday 19th of March 2024
0
نفر 0

حديث الغدير في مصادر أهل السنة

حديث الغدير في مصادر أهل السنة

    

وقفة مع الدكتور البوطي - المستبصر : هشام آل قطيط ص 91 :

حديث الغدير في مصادر أهل السنة


قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي في حجة الوداع : " . . . من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيثما دار ، اللهم هل بلغت " .


قبل أن نعرض العديد من أحاديث الغدير التي رواها جهابذة أهل السنة وحفاظهم نشير إلى نبذة مما يقوله بعض الباحثين ، بل بعض الجاهلين بأصول البحث العلمي ، والأمانة العلمية . إنكارا منهم لما ثبت عن صاحب الشريعة صلوات الله عليه إما

حقدا منهم ، أو تعصبا يعمي البصيرة ، فلا يرون إلا ما تملي عليهم العصبية البغيضة ظنا منهم أن ذلك يخفي الأثر الذي جاء عن سيد البشر في خلافة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وكان من المفروض عدم الطعن في هذه الأحاديث وعدم تكذيبها

لأن الطعن بها طعن بصاحب الشريعة ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وطعن بكل من رواها وصححها من علماء أهل السنة وإليك نبذة منها :

يقول ابن حزم الأندلسي في فصله : " وأما من كنت مولاه فعلي مولاه ، فلا يصح عن طريق الثقات أصلا " وأما سائر الأحاديث التي تتعلق بها الرافضة فموضوعة يعرف ذلك من له أدنى علم بالأخبار ونقلتها . . . " ( 1 ) .


ويقول الشيخ محمد أبو زهرة . " ويستدلون - أي الشيعة - على تعيين علي رضي الله عنه بالذات ببعض آثار عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يعتقدون صدقها . وصحة
 
      * هامش *     
      

( 1 ) ابن حزم : الفصل - ج 4 - ص 148 . ( * )
    

 

 ص 92

سندها ، مثل : " من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . . . ومخالفوهم يشكون في نسبة هذه الأخبار إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . . . " ( 1 )


ولهذا يقول أحمد أمين في ضحى الإسلام : " ونظم - أي السيد الحميري - حادثة غدير خم وهي ما تزعمه الشيعة من أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم غدير خم أخذ بيد علي وقال من كنت مولاه فعلي مولاه . . . " ( 2 ) .


وأما الكاتب الباكستاني إحسان إلهي ظهير فيقول : " ترويج العقيدة اليهودية بين المسلمين ، ألا وهي عقيدة الوصاية والولاية التي لم يأت بها القرآن ولا السنة الصحيحة الثابتة ، بل اختلقها اليهود من وصاية يوشع بن نون لموسى ، ونشروها بين المسلمين باسم وصاية علي لرسول الله كذبا وزورا وبهتانا ، كي يتمكنوا من زرع بذور الفساد فيهم . . . " ( 3 ) .


أقول : ليت هؤلاء وغيرهم لم يتعرضوا لأحاديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالتكذيب والبهتان ، وما الغاية من ذلك سوى بذر الحقد في نفوس المسلمين ، وزرع الشقاق فيما بينهم وتفريق كلمتهم ، فالعقيدة اليهودية التي يدعيها الأستاذ

إحسان ظهير وغيره والتي اختلقوها ونشروها بين المسلمين باسم وصاية علي لرسول الله ( عليه السلام ) كي يتمكنوا من زرع بذور الفساد فيهم ، فالباذر لها هو رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) - كما سوف يتضح - وعلى هذا فرسول الله

 صلى الله عليه وآله وسلم ) أول من زرع بذور الفساد في الإسلام . لأنه قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالوصاية لعلي . نعوذ بالله من شطحات الشياطين .


إن مجرد الادعاء من هؤلاء بوجود شكوك ، وتأويلات أو تكذيب لهذا الحديث يؤدي إلى إمكانية الصفح عنه والتخلي من متابعة الحقائق على ضوئه . ومن هنا فإن علماء أهل السنة ومفكريهم يقولون بأن الواجب يفرض عليهم مواصلة البحث عن أية حقيقة وعرضها بصورة سليمة . وهم مسؤولون عن مثل هذه المتابعة دون العامة من الناس ( 4 ) .
 
      * هامش *     
      

( 1 ) محمد أبو زهرة : تاريخ المذاهب الإسلامية - ص 49 .
( 2 ) أحمد أمين : ضحى الإسلام - ج 3 - ص 309 .
( 3 ) إحسان ظهير : الشيعة والسنة - ص 27 .
( 4 ) حسن عباس حسن : الصياغة المنطقية - ص 345 . ( * )
    

 

 ص 93

ومن الأمثلة على محاولة التأويل والتشكيك لحديث الغدير ، كلمة الدكتور في نص المحاضرة ،  حيث حاول صرف هذا الحديث عن موقعه ، وكذلك ابن حجر الهيثمي في صواعقه المحرقة " إن حديث الغدير صحيح لا مرية فيه وقد أخرجه

جماعة - كالترمذي والنسائي وأحمد وطرقه كثيرة جدا ، ومن ثم رواه ستة عشر صحابيا وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته . . . وكثير من أسانيدها صحاح وحسان ولا التفات لمن قدح في صحته ولا لمن رده " ( 1 )

ولكن ابن حجر يسرع بالإمساك بمبدأ التأويل والإجماع ويقرر أنه : يتعين تأويله - حديث الغدير -على ولاية خاصة . . .على أنه وإن لم يحميك التأويل، فالإجماع على حقية ولاية أبي بكر وفرعيها قاض بالقطع بحقيتها لأبي بكر وبطلانها لعلي " ( 2 )

وقد فات ابن حجر أن الإجماع لا مورد له مع وجود النص خصوصا إن كان النص لا يحتمل التأويل وإلا كان الإجماع مخالفا له وهو مشاقة لله ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .


وسوف نذكر العديد من النصوص والروايات التي وردت من طرق أهل السنة وحفاظهم ، والتي نفى وجودها ابن حزم الأندلسي ، وابن خلدون وغيرهما ، وأن جهابذة علماء أهل السنة ورواتهم لا يعرفون مثل هذه الآحاد ، ليرى المنصف الغيور

على الإسلام قيمة هؤلاء الكتاب ، ومدى أمانتهم العلمية في نقل الأخبار عن صاحب الرسالة ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ومدى محاولاتهم في تغيير الحقائق ، وتكذيب ما ورد عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأسانيد صحيحة ، وروايات فصيحة ، لا تقبل الشك والتأويل وإليك نبذة منها :


يقول سبط بن الجوزي : " اتفق علماء أهل السير على أن قصة الغدير كانت بعد رجوع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة جمع الصحابة وكانوا مائة وعشرين ألفا وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه . . . الحديث . نص ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإشارة .


وذكر أبو إسحق الثعلبي في تفسيره بإسناده أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما قال ذلك طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار ، فبلغ ذلك الحرث بن النعمان
      * هامش *     
      

( 1 ) ( 2 ) ابن حجر الهيثمي : الصواعق المحرقة - ص 42 - 44 . ( * )
    

 

 ص 94

الفهري فأتاه على ناقة فأنافها على باب المسجد ثم عقلها ، وجاء فدخل المسجد فجثا بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : يا محمد ، إنك أمرت نا أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلنا منك ذلك . . . ثم لم ترض بهذا حتى

رفعت بضبعي ابن عمك وفضلته على الناس ، وقلت من كنت مولاه فعلي مولاه ، فهذا شئ منك أو من الله ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد احمرت عيناه ، والله الذي لا إله إلا هو إنه من الله وليس مني ، قالها ثلاثا . . . " ( 1 ) .


أقول : إذا كان هذا هو مآل بعض صحابة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وخوفهم من الإمام علي ( عليه السلام ) في حياة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأمام ناظريه ، فما بالك بالدكتور البوطي وابن خلدون ، وابن حزم ، وإحسان

ظهير : وأبو زهرة ، والدكتور أحمد شلبي ، وغير هؤلاء من الذين أنكروا تلك النصوص ، وصرفوها عن محلها بتأويلات واهية ، فالإمام مسلم ليس من الثقات عند ابن حزم ، لأنه خرج حديث الغدير في صحيحه .


ومن الذين لا تقبل رواياتهم ، والحافظ النسائي أحد أصحاب الصحاح ليس من الثقات ، وغير هؤلاء من جهابذة علماء أهل السنة الذين أخرجوا حديث الغدير وغيره ، ولكن ابن حزم وابن خلدون وغيرهما ، يحاولون إنكار الضرورات من دين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )

يقول الإمام مسلم في صحيحه : " وعن زيد بن أرقم قال : قام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوما فينا خطيبا بماء يدعى " خما " بين مكة والمدينة فحمد الله ووعظ وذكر ، ثم قال : أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله . . . ثم قال وأهل بيتي . . . " ( 2 ) ولهذا يقول ابن حجر كما تقدم - " إن حديث الغدير صحيح لا مرية فيه ، ولا يلتفت لمن قدح في صحته ولا لمن رده " .


وأخرج الحافظ النسائي في الخصائص : عن زيد بن أرقم قال : لما رجع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال : كأني دعيت فأجبت وإني تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أعظم من الآخر ،
 
      

* هامش *
    
      

( 1 ) سبط ابن الجوزي : تذكرة الخواص - ص 30 - 31 .
( 2 ) صحيح مسلم : ج 7 - ص 122 - 123 . ( * )
    

 

 ص 95

كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض . . . ثم قال : إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن : ثم أخذ بيد علي ( رض ) فقال : من كنت وليه ، فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . . . فقلت لزيد : سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : نعم ، وإنه ما كان في الدوحات أحد إلا ورآه بعينه وسمعه بأذنيه . . . ) ( 1 ) .


وفي ذخائر العقبى للمحب الطبري ، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : كنا عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في سفر فنزلنا بغدير خم ، فنودي فينا ، الصلاة جامعة ، وكسح لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تحت شجرة فصلى

الظهر وأخذ بيد علي ، وقال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه . قال : فلقيه عمر بعد ذلك ، فقال : هنيئا لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة "

أخرجه أحمد في مسنده ، وأخرجه في المناقب من حديث عمر وزاد بعد قوله وعاد من عاداه وانصر من نصره وأحب من أحبه . قال شعبة أو قال وأبغض من بغضه "

وعن زيد بن أرقم قال : استشهد علي بن أبي طالب الناس ، فقال أنشد الله رجلا سمع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : " من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه فقام ستة عشر رجلا فشهدوا " ( 2 ) .


وأخرج ابن المغازلي الشافعي حديث الغدير بطرق كثيرة ، فتارة عن زيد بن أرقم ، وأخرى عن أبي هريرة ، وثالثة عن أبي سعيد الخدري وتارة عن علي بن أبي طالب ، وعمر بن الخطاب ، وابن مسعود وبريدة ، وجابر بن عبد الله ، وغير هؤلاء .

فعن زيد بن أرقم " أقبل نبي الله من مكة في حجة الوداع حتى نزل ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بغدير الجحفة بين مكة والمدينة فأمر بالدوحات فقم ما تحتهن من شوك ثم نادى : الصلاة جامعة ، فخرجنا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله

وسلم ) في يوم شديد الحر ، وإن منا لمن يضع رداءه على رأسه وبعضه على قدميه من شدة الرمضاء . . . إلى قوله : ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فرفعها
      * هامش *     
      

( 1 ) النسائي : الخصائص - ص 39 - 40 - 41 .
( 2 ) المحب الطبري : ذخائر العقبى - ص 67 . ( * )
    

 

 ص 96

ثم قال : من كنت مولاه فهذا مولاه ، ومن كنت وليه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . قالها ثلاثا " ( 1 ) .

" قال أبو القاسم الفضل بن محمد : هذا حديث صحيح عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نحو من مائة نفس منهم العشرة وهو حديث ثابت . . . " ( 2 ) .


وفي كنز العمال للمتقي الهندي : " . . . إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن ، من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . . . " .

وقد أخرج المتقي الهندي هذا الحديث تارة عن زيد بن أرقم ، وأخرى عن أبي هريرة ، وثالثة جابر بن عبد الله ، ورابعة أبي سعيد الخدري ، وخامسة ابن عباس وغير هؤلاء ( 3 ) .


وفي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي عند تفسير قوله تعالى : ( سأل سائل بعذاب واقع " ( 4 ) . قيل إن السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري ، وذلك أنه لما بلغه قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في علي ( رض ) : " من كنت مولاه

فعلي مولاه " ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح ثم قال : يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك . . . إلى قوله : ثم لم ترض بهذا حتى فضلت ابن عمك علينا ، أفهذا شئ منك أم من الله ؟ فقال النبي

( صلى الله عليه وآله وسلم ) : والله الذي لا إله إلا هو ، ما هو إلا من الله ، فولى الحارث ، وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء ، وائتنا بعذاب أليم ، فوالله ما وصل إلى ناقته حتى رماه الله بحجر فوقع على دماغه فخرج من دبره فقتله فنزلت : ( سأل سائل . . . " ( 5 ) .


وفي شواهد التنزيل للحاكم النيسابوري ، والمناقب لابن المغازلي ، عن
      * هامش *     
      

( 1 ) ابن المغازلي : المناقب - ص 29 - إلى ص 36 .
( 2 ) المصدر السابق : ص 36 .
( 3 ) المتقي الهندي : كنز العمال - ج 1 - ص 166 - 167 - 168 .
( 4 ) سورة المعارج : الآية 1 .
( 5 ) القرطبي : الجامع لأحكام القرآن - ج 18 - ص 287 - 289 . ( * )
    

 

 ص 97

أبي هريرة قال : " من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا ، وهو يوم غدير " خم " كما أخذ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بيد علي فقال : ألست ولي المؤمنين ؟ قالوا : بلى يا رسول الله فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فقال عمر بن الخطاب : بخ بخ لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ، وأنزل الله : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) ( 1 ) .


ويقول حجة الإسلام الغزالي : " أجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته من غدير خم باتفاق الجميع وهو يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فقال عمر : بخ بخ يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مولى ، فهذا تسليم ورضى وتحكيم ،

ثم بعد هذا غلب الهوى لحب الرياسة ولما مات رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال قبل وفاته ائتوا بدواة وبياض لأزيل لكم إشكال الأمر ، وأذكركم من المستحق لها بعدي ، قال عمر : دعوا الرجل فإنه يهجر . . . فإذن بطل تعلقكم بتأويل

النصوص ، فعدتم إلى الإجماع ، وهذا منصوص أيضا ، فإن العباس وأولاده وعليا وزوجته وأولاده ، وبعض الصحابة ، لم يحضروا حلقة البيعة . . . وخالفكم أصحاب السقيفة في متابعة الخزرجي " ( 2 ) .


ويقول الشهرستاني في الملل والنحل . " ومثل ما جرى في كمال الإسلام وانتظام الحال حين نزل قوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته " فلما وصل غدير خم أمر بالدوحات فقممن ، ونادوا الصلاة جامعة ، ثم قال ( عليه السلام ) وهو يؤم الرحال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار ألا هل بلغت ؟ ثلاثا " ( 3 ) .


وفي المستدرك على الصحيحين للحاكم عن زيد بن أرقم قال : " لما رجع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من حجة الوداع ونزل غدير " خم " أمر بدوحات فقممن ،
      * هامش *     
      

( 1 ) الحاكم النيسابوري : شواهد التنزيل - ج 1 - ص 158 - ابن المغازلي المناقب - ص 31 .
( 2 ) أبو حامد الغزالي : سر العالمين وكشف ما في الدارين - ص 10 .
( 3 ) الشهرستاني : الملل والنحل - ج 1 - ص 163 . ( * )
    

 

 ص 98

فقال : كأني دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله تعالى وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ثم قال : إن الله عز وجل مولاي ، وأنا مولى كل مؤمن ، ثم أخذ بيد علي ( رض ) فقال : من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . . . " . يقول الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وقد أخرجه الحافظ الذهبي في تلخيصه على المستدرك . . . " ( 1 ) .


وحديث الغدير أخرجه علماء أهل السنة وحفاظهم بطرق كثيرة . فيهم :

ابن حجر العسقلاني في الإصابة ( 2 ) ،

والقندوزي في ينابيع المودة

والمقريزي في خططه ( 3 ) ،

والإمام أحمد في مسنده ( 4 ) ،

والبيهقي في كتابه الاعتقاد على مذهب السلف وأهل الجماعة ( 5 ) ،

والسيوطي في الجامع الصغير ( 6 ) ،

وتاريخ الخلفاء ( 7 ) ،

والمحب الطبري في الرياض النضرة ( 8 ) ،

وابن خلكان في وفيات الأعيان ( 9 )

والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ( 10 ) ،

وابن قتيبة في الإمامة والسياسة ، ( 11 )

وابن تيمية في كتابيه ، حقوق آل البيت ( 12 )

والعقيدة الواسطية ، والمسعودي في مروج الذهب ، والبلاذري في أنساب الأشراف ، وابن كثير في تفسير القرآن الكريم ، وابن حجر الهيثمي في صواعقه المحرقة ، وغير هؤلاء من حملة الآثار من علماء أهل السنة ،
 
      

* هامش *
    
      

( 1 ) الحاكم : المستدرك على الصحيحين - ج 3 - ص 109 وأيضا الحافظ الذهبي في تلخيصه .
( 2 ) ابن حجر العسقلاني : الإصابة - ج 2 - ص 15 - وأيضا ج 4 - ص 568 .
( 3 ) المقريزي : الخطط - ج 2 - ص 92 .
( 4 ) الإمام أحمد في مسنده : ج 1 - ص 331 ط 1983 .
( 5 ) البيهقي : كتاب الاعتقاد - ص 204 - وأيضا 217 ط بيروت - 1986 .
( 6 ) السيوطي : الجامع الصغير - ج 2 - ص 642 .
( 7 ) السيوطي : تاريخ الخلفاء ص 169 .
( 8 ) المحب الطبري : الرياض النضرة - ج 2 - ص 172 .
( 9 ) ابن خلكان : وفيات الأعيان - ج 4 - ص 318 ، 319 .
( 10 ) الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد - ج 7 - ص 437 .
( 11 ) ابن قتيبة : الإمامة والسياسة ج 1 - ص 109 .
( 12 ) ابن تيمية : حقوق آل البيت - ص 13 . ( * )
    

 

 ص 99

اقتصرنا على ذكر جملة منهم ليرى المنصف ما قاله ابن خلدون وابن حزم ، وإحسان ظهير وأبو زهرة والدكتور شلبي وغيرهم .

وليعلم أن حديث الغدير من أهم الأحاديث المتواترة عند جميع المسلمين .

وقد أخرجه الثقات من علماء أهل السنة ورواتهم .

وأما قول ابن حزم : " وأما من كنت مولاه فعلي مولاه فلا يصح من طريق الثقات أصلا . . . " فهو كحاطب ليل لا يرى بالبصر ولا بالبصيرة ، ولا أضلته العصبية المذهبية كما أضلت غيره ، وإلا فما يقول في الذين ذكرناهم ، أليسوا من الثقات والعدول عنده ؟

وماذا يقول ابن خلدون وغيره عن هؤلاء ؟

أليسوا من جهابذة علماء أهل السنة ورواتهم ، أم أنهم من عوامهم وجهالهم ؟

فبماذا يجيب الحاكم العادل ، وأين يضع ابن خلدون وابن حزم وغيرهما من كفتي الميزان ؟

وماذا يقول الشيخ محمد أبو زهرة في قوله : " . . . ومخالفوهم - أي مخالفوا الشيعة - يشكون في نسبة هذه الأخبار إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟


فالشيخ أبو زهرة قد طعن في رواة أهل السنة وحفاظهم ، حيث ذهبوا إلى تصحيح هذه الروايات ، والشيخ يطعن في صحتها . ولا شك أن رواة الحديث أعرف بصحة الحديث من الشيخ أبو زهرة . . يقول ابن كثير في تفسيره : " وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال في خطبته بغدير " خم " . . . " ( 1 )


ويقول ابن حجر : " إن حديث الغدير صحيح لا مرية فيه . . . ولا التفات لمن قدح في صحته ولا لمن رده . . . " ( 2 )

ويقول ابن تيمية ، مع شدة معارضته للشيعة : " وثبت في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أنه قال : خطبنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بغدير يدعى " خم " بين مكة والمدينة . . . " ( 3 ) إ


لى غير ذلك من أقوال علماء أهل السنة وحفاظهم ، والتي تدل على صحة حديث الغدير الناصة على خلافة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .

 
      * هامش *     
      

( 1 ) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ج 4 - ص 113 .
( 2 ) ابن حجر الهيثمي : الصواعق المحرقة ص 42 .
( 3 ) ابن تيمية : حقوق آل البيت ص 13 . ( * )


source : http://shiaweb.org/books/waqfa_1/pa21.html
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الإمام المهدي (عج) في روايات أهل السنّة
آثار الغيبة على الفرد والمجتمع وإفرازاتها
في شكر الله تعالى
تفضيل الصحابة كثيرة
أهمية التربية في الإسلام
تعدد المذاهب والفرق سمة وحالة لازمة ثابتة في ...
مراتب صلة الرحم
الصراع على السلطة بين الأصهب والأبقع
العلم و المال
ظروف ولادة الإمام المهدي (ع)

 
user comment