عربي
Saturday 20th of April 2024
0
نفر 0

الإمام محمّد الباقر (عليه السلام) الخامس من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)

الإمام محمّد الباقر( عليه السلام ) الخامس من أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) الاســم : الإمام محمّد الباقر ( عليه السلام ) . اسم الأب : الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) . اسـم الأم: فاطمة بنت الحسن ( عليه السلام ) . تاريخ الولادة : أوّل رجب ،
الإمام محمّد الباقر (عليه السلام) الخامس من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)



الإمام محمّد الباقر( عليه السلام )

الخامس من أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام )  

الاســم : الإمام محمّد الباقر ( عليه السلام ) .

اسم الأب : الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) .

اسـم الأم: فاطمة بنت الحسن ( عليه السلام ) .

تاريخ الولادة : أوّل رجب ، سنة 57 للهجرة .

محـلّ الولادة : المدينة المنوّرة .

تاريخ الاستشهاد : 7 ذي الحجّة ، سنة 114 للهجرة .

محلّ الاستشهاد : المدينة المنوّرة .

محلّ الدفن : المدينة المنوّرة ( البقيع ) .

طفولة الإمام ( عليه السلام ) وشريط الأحداث :

حين قدم الإمام الحسين (عليه السلام ) إلى كربلاء صحب معه أبناءه وأهله ، ومن بينهم زين العابدين ، وفاطمة ، وطفلهما محمّد ( عليهم السلام ) .

كان الباقر ( عليه السلام ) يبلغ الرابعة من العمر ، وفي طفولته هذه رأى بأمّ عينيه ما جرى في كربلاء ، رأى مقتل جدّه الحسين ( عليه السلام ) ، ورأى الأصحاب والأهل يتساقطون على الثرى ، رأى الدماء والويلات ، رأى كيف سِيق مع مَن تبقّى مِن أهله أسرى إلى الكوفة والشام ، رأى رأس جدّه يرفع على سنان الرمح ، رأى أعياد وأفراح الناس ، رأى طريقة الطاغية يزيد في معاملة أهل بيت الرسول (عليهم السلام ) .

 وكلّ ما قيل هنا وهناك وهنالك سمعه وفهمه ووَعاه ، وهكذا بدأت طفولته (عليه السلام ) ، وفي غمرة هذا الجحيم من الأحداث المتوالية ، بدأ يتلقّى علومه على يد أبيه .

أمّا الحكم الأموي  فقد عانى ( عليه السلام ) منه الكثير ؛ فقد عاصر حُكم يزيد ، وشهد حكم عبد الملك ، والوليد وهشام ابنيه ، كما رأى مسلك الحجّاج بن يوسف ، هذا الذئب من ذئاب جهنّم ، رأى الحصار الذي فرض على أبيه الجليل ، رأى كيف كان الناس يتحرّكون بكامل حرّيتهم ؛ فيقولون ما يشاءون ويكتبون ما يشاءون ، إلاّ أهل بيت الرسول ( عليهم السلام ) ، فالحرّيّة محظورة عليهم، والناس لا يجرأون على الاقتراب من بيت الإمام ، أو سؤاله عن أيّ مسألةٍ ، دينيّةٍ كانت أم غير ذلك ، لا لشيءٍ ؛ إلاّ لأنّ زين العابدين هو ابن الحسين ، وحفيد علي بن أبي طالب (عليهم السلام ) .

ورغم هذا التضييق الشديد ، فقد كان هناك رجالُ صِدقٍ ، لا يأبهون لأوامر الحكّام ، ويحضرون للقائه ( عليه السلام ) ، وكان جابر بن عبد الله الأنصاري أحد هؤلاء ، وجابر هو آخر من بقي من أصحاب الرسول في تلك الأيام ، وقد أصبح شيخاً طاعناً في السن .

عصر الإمام (عليه السلام) وشريط الأحداث :

خلال ولاية الإمام الباقر (عليه السلام ) ، تعاقب على حكم العالم الإسلامي كلٌّ من الوليد وسليمان ، ابني عبد الملك ، ثمّ عُمر بن عبد العزيز ، ثمّ يزيد وهشام ابنا عبد الملك أيضاً .

 وكانوا إذا زار أحدهم المدينة ، يحضُرون لِلقاء الإمام الباقر ( عليه السلام ) ؛ مراعاةً لقدره ومكانته بين المسلمين ، كما كانوا يوجّهون له الدّعوات أحياناً للحضور إلى دمشق ؛ وكانت غايتهم من ذلك إبعاده عن المدينة .

 فوجوده فيها كان يسبّب لهم القلق ، ويخشون تأثيره على الناس ، خاصةً وأنّ الحكم الأمويّ في تلك الفترة كان يميل إلى الضعف، وكانت تقوم جماعات في نواحٍ وأطرافٍ مختلفةٍ من البلاد تنازع الأمويّين وتخاصمهم ، الأمر الذي خفّف الضغط عن الإمام ( عليه السلام ) ، وأتاح للناس حرّيّة أكبر في زيارته والجلوس إليه والتزوّد من علومه ومعارفه .

واستطاع أن يعقد المجالس كلّ صباح ، ويقدّم فيها لتلاميذه شتّى أنواع العلوم والتربية الدينية ، لهذا فإنّ الروايات التي وصلتنا عنه كثيرة جداً ، وقد تقدّمت العلوم والمعارف في عصره حتّى سمّي بالعصر الذهبيّ .

كما كان عصره ، من ناحية أخرى ، عَصْر يقظةٍ في صفوف المسلمين ، وكان الناس قد أدركوا ـ بعد خمسين سنةً من واقعة كربلاء ـ أنّ الأموييّن يحكمون باسم الإسلام زُوراً وبهتاناً ، وأنّ مسلكهم كان بعيداً كلّ البعد عن الإسلام ، وأنّ الرّجال العظام الذين قدّموا أرواحهم في سبيل توعية المسلمين وتقويم الانحراف ، قد تركوا لهم دروساً بليغةً واضحة المدلول ، فقام المجاهدون في كلّ مكان ، يرفعون لواء الثورة على الظلم والفساد ، ومشعل ثورة كربلاء ينير لهم الطريق .

وفي هذا النطاق أعلن كثير من العلويّين الثورة ، لكنّ ثوراتهم فشلت ولم تُثمِر ، وحتّى ثورة زيد بن عليّ ، أخو الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، كان مصيرها الفشل ، فقد تفرّق عنه الناس ، وتركوه مع نفر من أصحابه الصادقين ، يقارعون الطغاة ببسالة وإيمانٍ ، حتى غلبتهم الكثرة ، وقُتل زيدٌ وأصحابه .

كان زيد  ( رحمه الله ) ورعاً تقيًّ ، وكان لمقتله وَقْع أليم على أخيه الإمام الباقر ( عليه السلام ) وأهله جميعاً .

وعلي أيّ حالٍ ، فإلى جانب ما رآه الإمام الباقر ( عليه السلام ) من طغيان الأمويّين ، شهد كذلك قيام طغاة بني العباس ، وكما رفع أولئك لواء الإسلام كذباً ، رفع هؤلاء لواء أهل البيت زُوراً وبُهتانا ً، وصار أبو مسلمٍ وأبو سَلمة وسفاح بني العباس ( مجاهدين ثائرين )  .

 حين تولّى عمر بن عبد العزيز الحكم حاول إصلاح أمور أفسدها من سبقه من حكّام بني أميّة ، فأبطل لعن أمير المؤمنين (عليه السلام) على المنابر ، تلك الوصمة السوداء في تاريخ الحكم الأمويّ ، كما أمر بإعادة ( مزرعة فَدَك ) إلى أهل البيت (عليهم السلام)، بعد أن انتُزعت منهم إلى بيت المال ، رغم معرفة الجميع بالحقيقة ، وهي أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كان قد أعطى هذه المزرعة الصغيرة نِحلةً لابنته الزهراء ( عليها السلام ) .

 وهذا التصرّف السليم من جانب عمر بن عبد العزيز يُلقي الضوء على وجهٍ من وجوه الإجحاف الكثير الذي لحق بآل الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) من بعده . كما أنّه من جانب آخر ، أمر بإعادة تدوين الحديث الشريف ، بعد أن حُضِر تدوينه لمدّة مِئة عامٍ كاملةٍ ، لكنّ عمر بن عبد العزيز كسر هذا الطوق عن أحاديث رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .

مع هشام بن عبد الملك :

وخلال حُكم هشام بن عبد الملك ، ونتيجةً للتضييق على آل بيت الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وقف جعفر بن محمّد ، الابن الأكبر للإمام الباقر ( عليهما السلام ) ، أمام الألوف المؤلَّفة من الرجال والنساء ، في رحاب بيت الله ، وكان فيهم مسلمة بن عبد الملك أخو هشامٍ ، وقف خطيباً معرِّفاً بأبيه وبنفسه ، وقال : (  الحمد لله الذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً ، وأكرمنا به ، فنحن صَفوة الله في خَلْقِه ، وخِيرَته من عِباده ، فالسعيد من تبعنا ، والشقيّ من عادانا وخالفنا  ... ) .

تردّدت كلمات حفيد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بين الناس ، فرفّت القلوب لمعانيها ، ولهجت الألسن بمراميها ، والتفّت الجموع حول قائلها وأبيه ، صلوات الله عليكم يا أهل بيت رسول الله ، فأنتم بالحقّ صفوة الله في خلقه ، وأنتم خيرته من عباده .

رأى مسلمة بن عبد الملك ما جرى ، وسمع ما قيل ، فراح والحقد يفري أحشاءه ، ونقل إلى أخيه كلّ ما رأى وما سمع .

غضب هشام من أقوال جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) ؛ وآلمه أنّ يافعاً حدث السّن يجرُؤ على الوقوف أمام الناس ، يدعو لنفسه ولأبيه وأهله ، ويدّعي أنّهم خلفاء الله في أرضه ، عجباً لئن كان جعفر هذا وأبوه خليفتين لله ، فماذا نكون نحن ؟!

 فأمر هشام عامله على المدينة أن يبعث بالإمام الباقر وابنه جعفر ( عليهما السلام ) إلى دمشق ، وكانت دمشق في ذلك العهد مركزاً للحكم الإسلامي ، وقد ازدهرت كثيراً ، فارتفعت فيها الأبنية الكبيرة ، وأقيمت المساجد العظيمة .

اضطرّ الإمام ( عليه السلام ) للتوجّه إلى دمشق مع ابنه ، وحين وصلاها ، تجاهلهما هشام ثلاثة أيام ، دون أن يدعوهما إلى لقائه ؛ وكان يرمي إلى الاستهانة بالإمام ، والحطّ من قدره أمام الناس ، وفي اليوم الرابع أرسل يدعوهما إلى مجلسه .

أخذ الإمام وابنه ( عليهما السلام ) طريقهما نحو دار الحكم ، وكانت تبدو في أَبْهى زينة ، وقد حفّت بها الحدائق الجميلة ، واصطفّ الحرس على الجانبين ، بألبستهم الزاهية ، ووجوههم العابسة ، بينما وقف قادة الجيش والوُجهاء ، وكبار بني أميّة يرمون السهام على هدف قد نصب خصيصاً لذلك .

دخل الإمام ( عليه السلام ) مجلس هشام ، وبادر الحاضرين بالسلام ، دون أن يسلّم على هشام بالخلافة ( أي دون أن يدعوه باسم أمير المؤمنين ) ، فكان هذا التصرّف ثقيل الوطأة على هشامٍ ، بينما عقلت الدّهشة ألسنة الحضور ..

يقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( ... فلمّا دخلنا ، كان أبي أمامي وأنا خلفه ، فنادى هشام : يا محمّد ، ارمِ مع أشياخ قومك ... ) .

فقال أبي : (  قد كبُرت عن الرّمي ، فإن رأيت أن تعفيني ... ) .

فصاح هشام : وحقّ من أعزّنا بدينه ونبيّه محمّدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لا أعفيك ...

وظنّ الطّاغية أنّ الإمام سوف يخفق في رمايته ، فيتخذ ذلك وسيلةً للحطّ من شأنه أمام الغوغاء من أهل الشام ، وأومأ إلى شيخ من بني أميّة أن يناول الإمام ( عليه السلام ) قوسه ، فتناوله وتناول معه سهماً ، فوضعه في كَبِد القوس ، ورمى به الغرض فأصاب وسطه !

 ثمّ تناول سهماً فرمى به فشقّ السهم الأوّل إلى نصله ، وتابع الإمام الرمي حتّى شقّ تسعة أسهم بعضها في جوف بعض ، وجعل هشام يضطرب من الغيظ ، فلم يتمالك أن صاح : يا أبا جعفر ، أنت أرمى العرب والعجم وزعمت أنّك قد كبُرت .

ثمّ أدركته الندامة على تقريظه للإمام ، فأطرق برأسه إلى الأرض والإمام واقف ، ولمّا طال وقوفه غضب ( عليه السلام ) وبان ذلك على وجهه الشريف ، وكان إذا غضب نظر إلى السماء .

 ولمّا بصر هشام غضب الإمام ( عليه السلام ) قام إليه واعتنقه ، وأجلسه عن يمينه ، وأقبل عليه بوجهه قائلاً:  يا محمّد ، لا تزال العرب والعجم تَسُودُها قريش ، ما دام فيها مثلك ، لله درّك من علّمك هذا الرّمي ؟ وفي كم تعلّمته ؟ أيرمي جعفر مثل رميك ؟

فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : ( إنّا نحن نتوارث الكمال ) .

فاحمرّ وجه الطاغية من الغيظ ، وقال : ألسنا بني عبد منافٍ ، نسبنا ونسبكم واحد ؟!

وردّ عليه الإمام ( عليه السلام ) مزاعمه قائلاً : ( نحن كذلك ، ولكنّ الله اختصّنا من مكنون سرّه وخالص علمه ، بما لم يخصّ به أحداً غيرنا ... ) .

 وطفق هشام قائلاً: أليس الله قد بعث محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) من شجرة عبد مناف إلى الناس كافّةً ، أبيضها وأحمرها وأسودها ، فمن أين ورثتم ما ليس لغيركم ، ورسول الله مبعوث إلى الناس كافّةً ، وذلك قول الله عزّ وجل ّ: ( وَللّهِ‌ِ مِيرَاثُ السّماوَاتِ وَالأَرْضِ ) ، فمن أين ورثتم هذا العلم ، وليس بعد محمدٍ نبيّ ، ولا أنتم أنبياء  ؟!

  قال الإمام ( عليه السلام ) : ( من قوله تعالى لنبيّه : ( لاَ تُحَرّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ )  فالّذي لم يحرّك به لسانه لغيرنا ، أمره الله تعالى أن يخصّنا به من دون غيرنا ) ، ولذلك قال علي ( عليه السلام ) :

( علّمني رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ألف بابٍ من العلم ، يُفتح من كلّ بابٍ ألفِ باب  ، خصّه به النبي ، وعلّمه ما لم يخصّ به أحداً من قومه ، حتّى صار إلينا فتوارثناه من دون أهلنا ... )  .

والتاع هشام ، ولم يدر ماذا يردّ عليه ، ثمّ قال له : سل حاجتك .

قال الإمام : ( خلّفت أهلي وعيالي مستوحشين لخروجي ... ) .

قال هشام : آنس الله وحشتهم برجوعك إليهم ، فلا تقم ، وسر من يومك .

حياةٌ حافلةٌ :

كان عصر الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، من أدقّ العصور الإسلامية ، وأكثرها حساسيةً ؛ فقد نشأ فيه الكثير من الفرق الإسلاميّة، وتصارعت فيه الأحزاب السياسيّة ، كما عمّت الناس رِدّةٌ قويّة إلى الجاهلية وأمراضها ، فعادوا إلى الفخر بالآباء والأنساب، ممّا أثار العصبيّات القبليّة ، وعادت الصراعات القبلية إلى الظهور ، وهذا ما شجّع عليه حكام بني أميّة ، كما انتشرت مظاهر التّرف واللهو والغناء ، والثراء الفاحش غير المشروع .

تصدّى الإمام (عليه السلام ) لكلّ هذه الانحرافات ، فأقام مجالس الوعظ والإرشاد ؛ كي يحفظ لدين جدّه نقاءه وصفاءه ، كما تصدّى ( عليه السلام ) للفرق المنحرفة ، فاهتمّ برعاية مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) التي أنشأها جدّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ثمّ من بعده الأئمّة الأطهار من وُلده ، وقد التفّ حول الإمام الباقر (عليه السلام ) علماءٌ كثيرون ، نهلوا من صافي علومه ومعارفه في الفقه والعقيدة والتفسير وعلوم الكلام .

وبعد عمر قضاه في الدعوة إلى الله ، ونشر العلوم والمعارف ، كما قضاه في مقارعة البغي والظلم والانحراف عن الدّين ؛ دسّت له السمّ يدٌ أثِيمة ، لا عهد لها بالله ولا باليوم الآخر ، يدٌ من أيدي أعدائه بني أميّة ، الذين خافوا من سموّ خُلِقه ، وعظيم تقواه ، ورِفعة منزلته ، والتفاف الناس من حوله .

وانطوت بموت باقر علوم الأوّلين والآخرين صفحةٌ رائعةٌ من صفحات الرسالة الإسلامية ، أمدّت المجتمع الإسلاميّ بعناصر الوعي والتطوّر والازدهار .

قال الشيخ المفيد : كان الباقر محمّد بن علي بن الحسين ( عليهم السلام ) من بين أخوته خليفة أبيه علي بن الحسين (عليهما السلام)، والقائم بالإمامة من بعده ، وبرز على جماعتهم بالفضل في العلم والزهد والسُّؤدد ، وكان أنبههم ذِكراً ، وأجلّهم في الخاصّة والعامّة ، وأعظمهم قدراً ، ولم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين ( عليهما السلام ) من علم الدين ، والآثار والسنن ، وعلم القرآن ، والسيرة، وفنون الآداب ، ما ظهر عن أبي جعفر ( عليه السلام ) وكانت فترة إمامته فرصة سانحة للنهضة الفكرية والثقافية ، فاستغلّها الإمام الباقر في تربية تلامذته ، واستطاع بثورته الفكرية أن يرسّخ قواعد التشيع في العالم الإسلامي .

قيل فيه (عليه السلام) :

كان الصحابي الجليل جابر الأنصاري يقول : يا باقر ، يا باقر ، يا باقر ، اشهد بالله أنّك قد أوتيت الحكم صبياً .

قال الإمام السجاد لولده الإمام الباقر ( عليهما السلام ) عندما كان صغيراً : ( هنيئاً لك يا بُني ما خصّك الله به من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) من بين أهل بيتك ، لا تُطلع إخوتك على هذه ؛ فيكيدوا لك كيداً ، كما كادوا إخوة يوسف ( عليه السلام ) ) .

من أقواله ( عليه السلام ) :

خاطب ( عليه السلام ) جابر بن يزيد الجعفي ( عليه الرحمة ) بقوله : ( أصبحت ـ والله يا جابر ـ محزوناً مشغول القلب . فأجابه جابر : جُعلت فداك ما حَزنك وشَغَل قلبك ؟ فقال (عليه السلام) : يا جابر ، إنّه حُزن همّ الآخرة ، يا جابر ، من دخل قلبه خالص حقيقة الإيمان شُغل عمّا في الدنيا من زينتها ؛ إنّ زينة زهرة الدنيا إنّما هو لَعِبٌ ولَهو ، وإنّ الدار الآخرة لهي الحَيَوَان ، وإنّ المؤمن لا ينبغي له أن يركن ويطمئنّ إلى زهرة الحياة الدنيا .

واعلم : أنّ أبناء أهل الدنيا هم أهل غفلةٍ وغرورٍ وجهالةٍ ، وأنّ أبناء الآخرة هُمُ المؤمنون العاملون الزاهدون ، أهل العلم والفقه ، وأهل فِكرةٍ واعتبار ، لا يملّون من ذِكر الله ، واعلم يا جابر ، أنّ أهل التقوى هم الأغنياء أغناهم القليل من الدنيا ، فمؤونتهم يسيرة ، إن نسِيتَ الخير ذكّروك ، وإن عملت به أعانوك ، أخّروا شهواتهم ولذّتهم خلفهم ، وقدّموا طاعة ربّهم أمامهم ، ونظروا إلى سبيل الخير وإلى ولاية أحبّاء الله ، فأحبّوهم وتولّوهم واتّبعوهم ) .                                       

ومن أقواله وحِكَمه:

* ( ثلاثة من مكارم الدنيا والآخرة : أن تعفو عمّن ظَلمك ، وتصل مَن قَطعك ، وتَحلُم إذا جُهل عليك ) .

ومن أقواله أيضاً ( عليه السلام ) :

* ( لا يكون العبد عالماً حتى لا يكون حاسداً لمن فَوقه ، ولا محتَقِراً لمن دونه ) .

* ( عالمٌ يُنتَفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد ) .

*( بئس العبد عبدٌ يكون ذا وجهين وذا لسانين ؛ يُطري أخاه شاهداً ، ويأكُله غائباً ، إن أُعطيَ حَسده ، وإن ابتُليَ خذله ) .

* ( ما تُنال ولايتنا إلاّ بالعمل والورع ) .

وفاته (عليه السلام) :

 استشهد الإمام الباقر (عليه السلام) في المدينة المنوّرة ، في 7 ذي الحجّة سنة 114هـ .

يقع مرقده الشريف في مقبرة البقيع .


source : alhassanain
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

یا باقر العلوم (ع)
في ذكری إستشهاد الإمام محمد بن علي الباقر عليه ...
في ذکرى ميلاد الإمام محمد الباقر(ع)
الإمام محمد بن علي الباقر
بعض مناظرات الإمام الباقر (عليه السلام)
استدعاء الإمام الباقر ( عليه السلام ) إلى دمشق
أدب الإمام الباقر (ع)
علم الإمام الباقر ( عليه السلام )
العلم والاقتصاد عند الامام الباقر (ع)
مدرسة الإمام الباقر ( عليه السلام )

 
user comment