1 - باب اليقظة
قال اللّه عزّ و جلّ:قُلْ إنَّما أعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أن تَقُومُوا لِلَّهِ 34: 46[46 - 34] القومة للّه هي اليقظة من سنة الغفلة، و النهوض من«» ورطة الفترة. و هي أوّل ما يستنير«» قلب العبد بالحياة لرؤية نور
منازل السائرين ص : 36
التنبيه. و اليقظة هي ثلاثة أشياء:
الأوّل لحظ القلب إلى النعمة، على الإياس من عدّها، و الوقوف على حدّها، و التفرّغ إلى معرفة المنّة بها، و العلم بالتقصير في حقّها.
و الثاني مطالعة الجناية، و الوقوف على الخطر فيها، و التشمّر«» لتداركها، و التخلّص من ربقها«»، و طلب النخاة«» بتمحيصها.
و الثالث الانتباه لمعرفة الزيادة و النقصان في«» الأيّام، و التنصّل عن تضييعها، و النظر إلى«» الضنّ بها، ليتدارك فائتها و يعمر باقيها.
فأمّا معرفة النعمة، فإنها تصفو بثلاثة أشياء: بنور العقل، و شيم برق المنّة، و الاعتبار بأهل البلاء.
و أمّا مطالعة الجناية، فإنها تصحّ بثلاثة أشياء: بتعظيم الحقّ، و معرفة النفس، و تصديق الوعيد.
و أمّا معرفة الزيادة و النقصان في«» الأيام، فإنها تستقيم بثلاثة أشياء: بسماع العلم، و إجابة دواعي الحرمة، و صحبة
منازل السائرين ص : 37
الصالحين.«» و ملاك ذلك كلّه«» خلع العادات.
2 - باب التوبة
قال اللّه عزّ و جلّ:و مَنْ لَمْ يَتُبْ فَأولئكَ هُمُ الظَّالِمُونَ 49: 11[49 - 11] فأسقط اسم الظلم عن«» التائب. و التوبة لا تصحّ إلا بعد معرفة الذنب. و هي أن تنظر في الذنب إلى ثلاثة أشياء:
إلى انخلاعك من العصمة حين إتيانه، و فرحك عند الظفر به، و قعودك على الإصرار عن تداركه، مع يقينك«» بنظر الحقّ إليك.
و شرائط التوبة ثلاثة أشياء: الندم، و الاعتذار، و الإقلاع.
و حقائق التوبة ثلاثة أشياء: تعظيم الجناية، و اتّهام«» التوبة، و طلب إعذار الخليقة.
منازل السائرين ص : 38
و سرائر حقيقة«» التوبة ثلاثة أشياء: تمييز التقيّة«» من العزّة، و نسيان الجناية، و التوبة من التوبة أبدا، لأنّ التائب داخل في «الجميع» من قوله تعالى:«وَ تُوبُوا إلى اللّهِ جَميعا» 24: 31[31 - 24]، فأمر التائب بالتوبة.
و لطائف سرائر«» التوبة ثلاثة أشياء:
أوّلها أن تنظر بين«» الجناية و القضيّة، فتتعرّف«» مراد اللّه فيها، إذ خلاك و إتيانها، فإنّ اللّه عزّ و جلّ إنّما يخلّى«» العبد و الذنب لأحد معنيين: أحدهما أن تعرف عزته في قضائه، و برّه فى ستره، و حلمه في إمهال راكبه«»، و كرمه في قبول العذر منه، و فضله في مغفرته. و الثاني ليقيم على
العبد حجّة عدله، فيعاقبه على ذنبه بحجّته.
و اللطيفة الثانية أن تعلم«» أنّ طلب البصير الصادق سيئته«» لم يبق له حسنة بحال، لأنّه يسير بين مشاهدة المنّة و تطلّب عيب النفس و العمل. و اللطيفة الثالثة أنّ مشاهدة العبد
منازل السائرين ص : 39
الحكم، لم تدع له استحسان حسنة و لا استقباح سيئة، لصعوده من جميع المعاني إلى معنى الحكم.
فتوبة العامّة لاستكثار الطاعة، فانّه يدعو إلى ثلاثة أشياء: إلى جحود نعمة الستر و الإمهال، و رؤية الحقّ على اللّه، و الاستغناء الذي هو عين الجبروت و التوثّب على اللّه.
و توبة الأوساط من استقلال المعصية، و هو عين الجرأة و المبارزة، و محض التزّين«» بالحميّة، و الاسترسال للقطيعة.
و توبة الخاصّة من تضييع الوقت، فانّه يدعو إلى درك النقيصة، و يطفئ نور المراقبة، و يكدّر عين الصحبة.
و لا يتمّ«» مقام التوبة إلا بالانتهاء إلى التوبة ممّا دون الحقّ، ثمّ رؤية علّة تلك التوبة، ثم التوبة من رؤية تلك العلّة.
source : دارالعرفان