في القبر
قال الله تعالى في سورة التكاثر أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ إلى آخره
و قال رسول الله ص من حفر لمسلم قبره محتسبا حرم الله تعالى على جسمه النار و بوأه بيتا في الجنة
و روي بإسناد صحيح عن الصادق ع قال إذا مات المؤمن شيعه سبعون ألف ملك إلى قبره فإذا أدخل قبره أتاه منكر و نكير و يقعدانه و يقولان له من ربك و ما دينك و من نبيك فيقول الله ربي و محمد نبيي و الإسلام ديني و علي إمامي فيفسحان له في قبره مد بصره و يأتيانه بالطعام من الجنة و يدخلان عليه الروح
جامعالأخبار ص : 167
و الريحان و ذلك قوله عز و جل فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ يعني في قبره وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ يعني في الآخرة ثم قال ص إذا مات الكافر شيعه سبعون ألف ملك من الزبانية إلى قبره و إنه ليناشد حامليه بصوت يسمعه كل شيء إلا الثقلان و يقول يا ليت لي كرة فأكون من المؤمنين و يقول ارجعوني لعلي أعمل صالحا فيما تركت فتجيبه الزبانية كلا إنها كلمة أنت قائلها و يناديهم ملك لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه فإذا دخل قبره و فارقه الناس أتاه منكر و نكير في أهول صورة فيقيمانه ثم يقولان له من ربك و ما دينك و من نبيك فيتلجلج لسانه فلا يقدر على الجواب فيضربانه ضربة من عذاب الله يذعر لها كل شيء ثم يقولان له من ربك و من نبيك و ما دينك فيقول لا أدري فيقولان له لا دريت و لا هديت و لا أفلحت ثم يفتحان له بابا إلى النار و ينزلان إليه الحميم من جهنم و ذلك قول الله تعالى وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ يعني في القبر وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ يعني الآخرة
و قال رجل لأبي ذر رحمه الله ما لنا نكره الموت قال لأنكم عمرتم الدنيا و خربتم الآخرة فتكرهون أن تنتقلوا من عمران إلى خراب قيل له كيف ترى قدومنا على الله قال أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله و أما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه قال فكيف ترى حالنا عند الله تعالى قال أعرضوا أعمالكم على كتاب الله تبارك و تعالى يقول إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ قال الرجل فأين رحمة الله قال إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
و قيل للصادق ع صف لنا الموت فقال للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينتعص بطيبة و ينتطع التعب و الألم كله و للكافر كلسع الأفاعي و لدغ العقارب أو أشد قيل فإن قوما يقولون إنه أشد من نشر بالمناشير و قرض بالمقاريض و رضخ بالأحجار و تدير قطب الأرحية في الأحداق قال كذلك هو على بعض الكافرين و الفاجرين أ لا ترون منهم من يعاني تلك الشدائد فذلكم الذي هو أشد من هذا و هو أشد من عذاب الدنيا قيل له فما لنا نرى كافرا يسهل عليه النزع عند سكرات
جامعالأخبار ص : 168
الموت هذه الشدائد فقال ما كان من راحة للمؤمن هناك فهو عاجل ثوابه و ما كان من شدة فتمحيصه من ذنوبه ليرد الآخرة نقيا نظيفا مستحقا لثواب الأبد لا مانع له دونه و ما كان من سهولة على الكافر فليوفى أجر حسناته في الدنيا و ليرد الآخرة و ليس له إلا ما يوجب عليه العذاب و ما كان من شدة هناك على الكافر و هو ابتداء عقاب الله له بعد نفاد حسناته ذلكم بأن الله عدل لا يجور
و دخل موسى بن جعفر ع على رجل قد غرق في سكرات الموت و هو لا يجيب داعيا فقالوا له يا ابن رسول الله وددنا لو عرفنا كيف الموت كيف حال صاحبنا فقال ع الموت و هو المصفاة يصفي المؤمنين من ذنوبهم فيكون آخر ألم يصيبهم كفارة آخر وزر بقي عليهم و يصفي الكافرين من حسناتهم فيكون آخر لذة أو نعمة أو راحة تلحقهم هو آخر ثواب حسنة تكون لهم و أما صاحبكم هذا فقد نخل من الذنوب نخلا و صفي من الآثام تصفية و خلص حتى نقي كما ينقى الثوب من الوسخ و صلح لمعاشرتنا أهل البيت في دارنا دار الأبد
source : دار العرفان