عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

سورة الهمزة

سورة الهمزة


سميت السورة بهذا الاسم لاشتمالها على لفظة «الهمزة»، و هي كسائر السور المكية بصدد بيان قضايا العقيدة و ما إليها، و حيث ذكر في السورة السابقة كون الإنسان في الخسر، أتت هذه السورة لتبين بعض أسبابها.
 [1] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ابتداء باسم الإله الذي هو الأول قبل كل شي‌ء، الرحمن الرحيم، ذو الرحمة المكررة المؤكدة التي وسعت كل شي‌ء.                        تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‌5، ص: 732
 [سورة الهمزة (104): الآيات 1 الى 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‌
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مالاً وَ عَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)
وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5)
 [2] وَيْلٌ هي كلمة تقال لبيان سوء حال المقولة فيه لِكُلِّ هُمَزَةٍ هو الكثير الطعن على الناس بغير حق العائب لهم، و أصل الهمز الكسر، فكأن العائب يكسر الشخص و يهدم شوكته لُمَزَةٍ هو المغتاب للناس، و هما وصفان بمعنى «همّاز» و «لمّاز».
 [3] الَّذِي جَمَعَ مالًا من هنا و هناك وَ عَدَّدَهُ أي أحصاه، ليرى كم زاد، و هذه صورة للإنسان الشره المنحط النفس الذي يدأب في جمع المال، و يعيب الناس كلهم بلا استثناء.
 [4] يَحْسَبُ أي يظن أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ أي يقيه في الدنيا و يمنعه من الحوادث، فإن كل حادث ينوبه يدفع بالمال رشوة، أو إنفاقا لدفع جريمة عملها، أو مرض جاء إليه، أو ما أشبه. و المراد أن فعله فعل من يحسب ذلك و إن كان كل إنسان يعلم بالموت، و يدري أنه لا مفر له منه.
 [5] كَلَّا ليس الأمر على ما توهم، من أنه ذو مال مرح إلى الأبد، و أنه خالد بماله لَيُنْبَذَنَّ أي يطرحن هذا الهمزة اللمزة طرحا بدون مبالاة و اعتناء فِي الْحُطَمَةِ اسم من أسامي جهنم، سميت بها لأنها تحطم كل شي‌ء و تكسره فتحطم النار كيانه و كبرياءه.
 [6] وَ ما أَدْراكَ أيها الإنسان، أو أيها الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مَا الْحُطَمَةُ؟ و هذه لتفخيم شأنها و أنها لا تدرك إلا إذا شاهدها الإنسان.                        تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‌5، ص: 733
 [سورة الهمزة (104): الآيات 6 الى 9]
نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
 [7] ثم جاء البيان لها بقوله: هي نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ و كم يقدر الإنسان عظمة النار التي يوقدها و يؤججها اللّه سبحانه الذي هو أقدر القادرين للنكال و العقاب.
 [8] الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ جمع فؤاد، أي تشرف على القلوب لتحرق مكان انبعاث السخرية و حب المال و تعداده بلا إنفاقه في سبيل اللّه و في وجوه الخير.
 [9] إِنَّها أي الحطمة عَلَيْهِمْ أي على هؤلاء المجرمين مُؤْصَدَةٌ فتغلق أبوابها عليهم لييئسوا من الخروج، من أوصد الباب: بمعنى أغلقه.
 [10] فِي عَمَدٍ جمع عمود مُمَدَّدَةٍ أي موثقين في أعمدة ممدودة، فقد اعتاد الملوك السابقون أن يربطوا رجل المجرم بعمود ممدود مبني في الأرض أو في الحائط لئلا يفر، و هذا لزيادة النكال و العذاب.
                        تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‌5، ص: 734
105 سورة الفيل مكيّة/ آياتها (6)
سميت السورة بهذا الاسم لاشتمالها على لفظة «الفيل»، و هي كسائر السور المكية لمعالجة قضية العقيدة، و حيث تقدمت في السورة السابقة نكال اللّه بالكافرين في الآخرة، ذكر في هذه السورة نكاله بهم في الدنيا.
 [1] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ابتداء باسم اللّه المستجمع لجميع صفات الكمال، الرحمن الرحيم الذي يتفضل بالرحمة لكل أحد.                        تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‌5، ص: 735
 [سورة الفيل (105): الآيات 1 الى 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‌
أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (1) أَ لَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4)
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)
 [2] أَ لَمْ تَرَ أي ألم تسمع يا رسول اللّه، أو أيها السامع كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ من العذاب و النكال بِأَصْحابِ الْفِيلِ الذين جاؤوا به لهدم الكعبة؟
 [3] أَ لَمْ يَجْعَلْ اللّه كَيْدَهُمْ الذي كادوا لهدم البيت و احتالوا لإطفاء نور اللّه فِي تَضْلِيلٍ أي في تضييع و إبطال، فكأن كيدهم عوض أن يهدي إلى مقصدهم أضلهم و أورث هلاكهم و دمارهم.
 [4] وَ أَرْسَلَ اللّه عَلَيْهِمْ طَيْراً يسمى أَبابِيلَ و هو الخطاف أو بمعنى جماعات، فإن أبابيل في اللغة بمعنى جماعات في تفرقة أي جماعة جماعة.
 [5] تَرْمِيهِمْ تلك الأسراب من الطير- فإن المراد بالطير الجنس بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ أي تقذفهم بأحجار صغار صلبة هي من طين متحجر، و هو معرّب «سنك كل»، و ذلك أشد و أصلب و أوجع إذا أصاب الإنسان.
 [6] فَجَعَلَهُمْ أي جعل اللّه أولئك الأصحاب كَعَصْفٍ أي زرع مَأْكُولٍ قد أكل ثمره فبقي خاليا خاويا، فقد كان الحجر إذا أصاب أحدهم، جعله خاليا، كأنه تبن بلا حب.                        تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‌5، ص: 736
 و كان الأصل في ذلك أن فئة من قريش خرجوا تجارا إلى أرض النجاشي، فساروا حتى دنوا من ساحل البحر، و في حقف من أحقافها بيعة من بيع النصارى تسميها قريش «الهيكل»، فنزل القوم فجمعوا حطبا ثم أججوا نارا و شووا لحما، فلما ارتحلوا تركوا النار كما هي في يوم عاصف، فذهبت الرياح بالنار فاضطرم الهيكل نارا، فغضب النجاشي لذلك فبعث أبرهة لهدم الكعبة، فجاء أبرهة بالفيل مع الجيش، فلما أدنوه من باب المسجد قال له عبد المطلب: أ تدري يا فيل أين يؤم بك؟ قال برأسه: لا. قال: أتوا بك لتهدم كعبة اللّه أ تفعل ذلك؟ فقال برأسه: لا، فجهدت به الجند ليدخل المسجد فامتنع، فحملوا عليه بالسيوف و قطعوه فأرسل اللّه إليهم طيرا أبابيل بعضها إثر بعض، ترميهم، فكان مع كل طير ثلاثة أحجار، حجر في منقاره، و حجران في مخالبه، و كانت ترفرف على رؤوسهم و ترمي الحجر بدماغهم، فيدخل الحجر في أدمغتهم و يخرج من أدبارهم فتنتقض أبدانهم «1».
__________________________________________________
 (1) بحار الأنوار: ج 15 ص 632.
                        تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‌5، ص: 737


source : دار العرفان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

ذكرى إستشهاد حمزة سيد الشهداء
لماذا نبداء بـ : بسم الله الرحم الرحيم
الإمام الحسين (ع) مبادئ متجددة ونظام لفعل الخير
خطبة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) أمام نساء ...
آثار الذنوب علی الفرد
الحسين(ع) إماماً و مصباح الهداية
عاشوراء مِرآة للتاريخ
الارتباط بالمطلق مشكلة ذات حدين
الشخصية القرآنية
أهداف التربية في الإسلام

 
user comment