عربي
Friday 19th of April 2024
0
نفر 0

احتجاجات رسول الله(ص )على المشركين

احتجاجات رسول الله(ص )على المشركين

314- قال الحسن بن علي ع فقلت لأبي علي بن محمد ع فهل كان رسول الله ص يناظرهم إذا عانتوه و يحاجهم قال بلى مرارا كثيرة منها ما حكى الله من قولهم‌

 

                         تفسيرالإمام‌العسكري ص : 501

وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ إلى قوله رَجُلًا مَسْحُوراً. وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى‌ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ. وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً إلى قوله كِتاباً نَقْرَؤُهُ ثم قيل له في آخر ذلك لو كنت نبيا كموسى لنزلت علينا الصاعقة في مسألتنا إليك، لأن مسألتنا أشد من مسألة قوم موسى لموسى. قال و ذلك أن رسول الله ص كان قاعدا ذات يوم بمكة بفناء الكعبة إذ اجتمع جماعة من رؤساء قريش منهم الوليد بن المغيرة المخزومي، و أبو البختري بن هشام و أبو جهل بن هشام، و العاص بن وائل السهمي، و عبد الله بن أبي أمية المخزومي، و كان معهم جمع ممن يليهم كثير، و رسول الله ص في نفر من أصحابه يقرأ عليهم كتاب الله و يؤدي إليهم عن الله أمره و نهيه. فقال المشركون بعضهم لبعض لقد استفحل أمر محمد، و عظم خطبه فتعالوا نبدأ بتقريعه و تبكيته و توبيخه، و الإحتجاج عليه، و إبطال ما جاء به ليهون خطبه على أصحابه، و يصغر قدره عندهم، فلعله ينزع عما هو فيه من غيه و باطله و تمرده و طغيانه، فإن انتهى و إلا عاملناه بالسيف الباتر. قال أبو جهل فمن [ذا] الذي يلي كلامه و مجادلته قال عبد الله بن أبي أمية المخزومي أنا إلى ذلك، أ فما ترضاني له قرنا حسيبا، و مجادلا كفيا قال أبو جهل بلى‌

 

                         تفسيرالإمام‌العسكري ص : 502

فأتوه بأجمعهم، فابتدأ عبد الله بن أبي أمية المخزومي فقال يا محمد، لقد ادعيت دعوى عظيمة، و قلت مقالا هائلا، زعمت أنك رسول الله رب العالمين، و ما ينبغي لرب العالمين و خالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسولا له بشر مثلنا، تأكل كما نأكل، و تمشي في الأسواق كما نمشي، فهذا ملك الروم، و هذا ملك الفرس لا يبعثان رسولا إلا كثير المال، عظيم الحال، له قصور و دور [و بساتين‌] و فساطيط و خيام و عبيد و خدام، و رب العالمين فوق هؤلاء كلهم أجمعين، فهم عبيده، و لو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك و نشاهده، بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيا لكان إنما يبعث إلينا ملكا، لا بشرا مثلنا، ما أنت يا محمد إلا مسحورا، و لست بنبي. فقال رسول الله ص هل بقي من كلامك شي‌ء قال بلى، لو أراد الله أن يبعث رسولا لبعث أجل من فيما بيننا مالا، و أحسنه حالا، فهلا نزل هذا القرآن الذي تزعم أن الله أنزله عليك، و ابتعثك به رسولا عَلى‌ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ إما الوليد بن المغيرة بمكة، و إما عروة بن مسعود الثقفي بالطائف. فقال رسول الله ص هل بقي من كلامك شي‌ء يا عبد الله قال بلى، لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا بمكة هذه، فإنها ذات حجارة و وعرة و جبال، تكسح أرضها و تحفرها، و تجري فيها العيون، فإننا إلى ذلك محتاجون، أو تكون لك جنة من نخيل و عنب، فتأكل منها و تطعمنا، فتفجر الأنهار خلالها خلال تلك النخيل و الأعناب تفجيرا أو تسقط، السماء كما زعمت علينا كسفا، فإنك قلت لنا وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ و لعلنا نقول ذلك. ثم قال و لن نؤمن لك أو تأتي بالله و الملائكة قبيلا، تأتي به و بهم و هم لنا مقابلون

 

                         تفسيرالإمام‌العسكري ص : 503

أو يكون لك بيت من زخرف تعطينا منه، و تغنينا به فلعلنا نطغى، فإنك قلت لنا كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى‌ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى‌. ثم قال أو ترقى في السماء أي تصعد في السماء و لن نؤمن لرقيك لصعودك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه من الله العزيز الحكيم إلى عبد الله بن أبي أمية المخزومي و من معه بأن آمنوا بمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب، فإنه رسولي و صدقوه في مقاله فإنه من عندي. ثم لا أدري يا محمد إذا فعلت هذا كله أومن بك أو لا أومن بك، بل لو رفعتنا إلى السماء، و فتحت أبوابها و أدخلتناها لقلنا إنما سكرت أبصارنا و سحرتنا. فقال رسول الله ص يا عبد الله أ بقي شي‌ء من كلامك قال يا محمد أ و ليس فيما أوردته عليك كفاية و بلاغ ما بقي شي‌ء فقل ما بدا لك و أفصح عن نفسك إن كانت لك حجة، و آتنا بما سألناك. فقال رسول الله ص اللهم أنت السامع لكل صوت، و العالم بكل شي‌ء تعلم ما قاله عبادك. فأنزل الله عليه يا محمد وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْواقِ إلى قوله رَجُلًا مَسْحُوراً. ثم قال الله تعالى انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا. ثم قال الله يا محمد تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً. و أنزل عليه يا محمد فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى‌ إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ الآية.

 

                         تفسيرالإمام‌العسكري ص : 504

و أنزل عليه يا محمد وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ. وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ إلى قوله وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ. فقال له رسول الله ص يا عبد الله أما ما ذكرت من أني آكل الطعام كما تأكلون، و زعمت أنه لا يجوز لأجل هذه أن أكون لله رسولا، فإنما الأمر لله يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد، و هو محمود، و ليس لك و لا لأحد الاعتراض عليه بلم و كيف. أ لا ترى أن الله تعالى كيف أفقر بعضا و أغنى بعضا، و أعز بعضا، و أذل بعضا و أصح بعضا و أسقم بعضا، و شرف بعضا و وضع بعضا، و كلهم ممن يأكل الطعام. ثم ليس للفقراء أن يقولوا لم أفقرتنا و أغنيتهم و لا للوضعاء أن يقولوا لم وضعتنا و شرفتهم و لا للزمنى و الضعفاء أن يقولوا لم أزمنتنا و أضعفتنا و صححتهم و لا للأذلاء أن يقولوا لم أذللتنا و أعززتهم و لا لقبائح الصور أن يقولوا لم قبحتنا و جملتهم بل إن قالوا ذلك كانوا على ربهم رادين، و له في أحكامه منازعين، و به كافرين، و لكان جوابه لهم [إني‌] أنا الملك، الخافض الرافع، المغني المفقر، المعز المذل، المصحح المسقم و أنتم العبيد ليس لكم إلا التسليم لي، و الانقياد لحكمي، فإن سلمتم كنتم عبادا مؤمنين، و إن أبيتم كنتم بي كافرين، و بعقوباتي من الهالكين. ثم أنزل الله تعالى عليه يا محمد قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يعني آكل الطعام يُوحى‌ إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ يعني قل لهم أنا في البشرية مثلكم، و لكن ربي خصني بالنبوة دونكم، كما يخص بعض البشر بالغناء و الصحة و الجمال دون بعض من البشر، فلا تنكروا أن يخصني أيضا بالنبوة. ثم قال رسول الله ص و أما قولك «[إن‌] هذا ملك الروم، و ملك الفرس

 

                         تفسيرالإمام‌العسكري ص : 505

لا يبعثان رسولا إلا كثير المال، عظيم الحال، له قصور و دور و فساطيط و خيام و عبيد و خدام، و رب العالمين فوق هؤلاء كلهم فهم عبيده» فإن الله له التدبير و الحكم لا يفعل على ظنك و حسبانك، و لا باقتراحك، بل يفعل ما يشاء، و يحكم ما يريد و هو محمود يا عبد الله إنما بعث الله نبيه ليعلم الناس دينهم، و يدعوهم إلى ربهم، و يكد نفسه في ذلك آناء الليل و أطراف النهار، فلو كان صاحب قصور يحتجب فيها و عبيد و خدم يسترونه عن الناس أ ليس كانت الرسالة تضيع و الأمور تتباطأ أ و ما ترى لملوك إذا احتجبوا كيف يجري الفساد و القبائح من حيث لا يعلمون به و لا يشعرون يا عبد الله و إنما بعثني الله و لا مال لي ليعرفكم قدرته و قوته، و أنه هو الناصر لرسوله، لا تقدرون على قتله و لا منعه من رسالته، فهذا أبين في قدرته و في عجزكم و سوف يظفرني الله بكم فأوسعكم قتلا و أسرا، ثم يظفرني الله ببلادكم، و يستولي عليها المؤمنون من دونكم، و دون من يوافقكم على دينكم. ثم قال رسول الله ص و أما قولك لي «و لو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك و نشاهده، بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيا لكان إنما يبعث ملكا لا بشرا مثلنا» فالملك لا تشاهده حواسكم، لأنه من جنس هذا الهواء، لا عيان منه، و لو شاهدتموه بأن يزاد في قوى أبصاركم لقلتم ليس هذا ملكا، بل هذا بشر، لأنه إنما كان يظهر لكم بصورة البشر الذي قد ألفتموه لتفهموا عنه مقاله، و تعرفوا به خطابه و مراده، فكيف كنتم تعلمون صدق الملك و أن ما يقوله حق بل إنما بعث الله بشرا، و أظهر على يده المعجزات التي ليست في طبائع البشر الذين قد علمتم ضمائر قلوبهم، فتعلمون بعجزكم عما جاء به أنه معجزة و أن ذلك شهادة من الله تعالى بالصدق له، و لو ظهر لكم ملك و ظهر على يده ما يعجز عنه البشر، لم يكن في ذلك ما يدلكم أن ذلك ليس في طبائع سائر أجناسه

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

في أن الاستقامة إنما هي على الولاية
صُبت علـَـيَ مصـــائبٌ لـ فاطمه زهراعليها ...
التقیة لغز لا نفهمه
الحجّ في نصوص أهل البيت(عليهم السلام)
وصول الامام الحسین(ع) الى کربلاء
دعاء الامام الصادق عليه السلام
الصلوات الكبيرة المروية مفصلا
الشفاعة فعل الله
أخلاق أمير المؤمنين
اللّيلة الاُولى

 
user comment