عربي
Thursday 28th of March 2024
0
نفر 0

وهذه نماذج من أحاديث الرجعة:

وهذه نماذج من أحاديث الرجعة:

عن الإمام زين العابدين عليه السلام  في تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ)؟ قال: يرجع إليكم نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم). (البحار:53/ 56).

وعن أبي بصير قال: (قال لي أبو جعفر، أي الإمام الباقر عليه السلام: ينكر أهل العراق الرجعة؟ قلت نعم. قال: أما يقرؤون القرآن)  (البحار:53/ 40).

وعن الإمام الصادق عليه السلام  أنه سئل عن قوله تعالى: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ)؟ فقال: ما يقول الناس فيها؟ قلت يقولون إنها في القيامة. فقال: يحشر الله في القيامة من كل أمة فوجاً ويترك الباقين؟! إنما ذلك في الرجعة، فأما آية القيامة فهذه: (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً..) الى قوله: (موعداً). (البحار:53/40).

وعن زرارة، قال سألت أبا عبد الله أي الإمام الصادق عليه السلام  عن هذه الأمور العظام من الرجعة وأشباهها فقال: (إن هذا الذي تسألون عنه لم يجئ أوانه: (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ). (البحار:53/40).

وذكرت بعض الروايات أن رجعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم  تكون بعد رجعة الائمة عليهم السلام   وأن أول من يرجع منهم الإمام الحسين عليه السلام، فعن الإمام الصادق عليه السلام  قال:

(أول من يرجع إلى الدنيا الحسين بن علي عليه السلام  فيملك حتى يسقط حاجباه على عينيه من الكبر). (البحار:53/ 46).

وفي رواية عنه عليه السلام قال: (وإن الرجعة ليست بعامة وهي خاصة، لايرجع إلا من محض الايمان محضاً، أو محض الشرك محضاً). ((البحار:53/ 36).

عقيدة الشيعة في الإمام المهدي عليه السلام:

الإعتقاد بإمامة الأئمة الإثني عشر من أهل البيت عليهم السلام من أصول مذهبنا، بل هو محوره الذي سمي لأجله (المذهب الإمامي، ومذهب التشيع، ومذهب أهل البيت عليهم السلام. وسمينا لأجله (الإمامية، والشيعة، شيعة أهل البيت عليهم السلام)

وأول الأئمة الأوصياء المعصومين عندنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب  عليه السلام، وخاتمهم الإمام المهدي المنتظر محمد بن الحسن العسكري عليه السلام، الذي ولد في سنة 255 هجرية في سامراء، ثم مدَّ الله في عمره وغيَّبه إلى أن ينجز به وعده ويظهره، ويظهر به دينه على الدين كله، ويملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوْراً.

فالاعتقاد بأن المهدي الموعود عليه السلام  هو الإمام الثاني عشر، وأنه حيٌّ غائب جزء من مذهبنا. وبدونه لا يكون المسلم شيعياً اثني عشرياً، بل مسلماً سنياً، أو شيعياً زيدياً، أو إسماعيلياً.

ويستغرب بعض إخواننا اعتقادنا بإمامة الائمة عليهم السلام  وبعصمتهم، وبغيبة المهدي المنتظر أرواحنا فداه. ولكن الميزان في الأمور الممكنة ليس هو الإستبعاد ولا الإستحسان، بل ثبوت النص عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ثبتت عندنا النصوص المتواترة القطعية، الدالة على إمامته وغيبته عليه السلام . ومتى ثبت النص وقام الدليل، فعلى المسلم أن يقبله ويتعبد به، وعلى الآخرين أن يعذروه أو يقنعوه. ورحم الله القائل: نحن أتباع الدليل... حيث ما مال نميل.

وإخواننا السنة وإن لم يوافقونا على انطباق المهدي الموعود على الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام، إلا أنهم يوافقوننا تقريباً على كل ما ورد بشأنه من الأحاديث الشريفة، من البشارة به، وحركة ظهوره، وتجديد الإسلام على يده وشموله العالم، حتى أنك تجد أحاديثه عليه السلام  واحدة أو متقاربة في مصادر الفريقين، كما رأيت من مصادرنا، وترى من عقيدتهم.

على أن عدداً من علماء السنة يوافقنا أي على أنه هو الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام، مثل الشعراني وابن عربي وغيرهم، ممن صرحوا بإسمه ونسبه، وثبت عندهم أنه حيٌّ غائب عليه السلام. وقد ذكر أسماء مجموعة منهم صاحب كتاب (المهدي الموعود).

وهذا الإشتراك في عقيدة المهدي عليه السلام بين جميع المسلمين، يجب أن يستثمره العلماء والعاملون لنهضة الأمة، لأنه عقيدة ذات تأثير حيوي في جماهير المسلمين، من شأنها أن ترفع مستوى إيمانهم بالغيب، وبوعد الله تعالى لهم بالنصر، وترفع معنوياتهم في مقاومة أعدائهم، والتمهيد لإمامهم الموعود عليه السلام.

ولا يصح أن يكون عدم ثبوت انطباقه عندهم على الإمام محمد بن الحسن عليه السلام، موجباً لانتقاد من يعتقد بذلك، ويتقرب به إلى الله تعالى.

وليس غرضنا هنا أن نطرح بحثاً كلامياً في عقيدتنا في الإمام المهدي عليه السلام. بل أن نعطي فكرة عن هذه الروحية الفياضة التي تعيش بها أوساطنا الشيعية عقيدة المهدي عليه السلام  التي كونت في ضمير المسلم الشيعي عبر الأجيال وتربية الآباء والأمهات، مخزوناً عظيماً من الحب والتقديس والتطلع إلى ظهوره عليه السلام.

فالإمام المهدي أرواحنا فداه هو بقية الله في أرضه من أهل بيت النبوة، وخاتم الأوصياء والائمة عليهم السلام، وأمين الله على قرآنه ووحيه، ومشكاة نوره في أرضه. ففي شخصيته تتجسد كل قيم الإسلام ومثله، وشبَه النبوة وامتداد نورها.

وفي غيبته تكمن معان كبيرة، من الحكم والأسرار الإلهية، ومظلومية الأنبياء والأولياء والمؤمنين، على يد حكام الظلم وسلاطين الجور.

وفي الوعد النبوي بظهوره، تخضرُّ آمال المؤمنين، وتنتعش قلوبهم المهمومة، وتقبض أكفهم على الراية، وإن عتت العواصف، وطال الطريق. فهم وصاحبها على ميعاد.

ولئن كان الشيعة معروفين بغنى حياتهم الروحية مع النبي وآله صلى الله عليه وآله وسلم ، فإن شخصية الإمام المهدي أرواحنا فداه ومهمته الموعودة، بجاذبيتها الخاصة، رافد حيوي في إغناء روح الشيعي بالأمل والحب والحنين.

ينتقد البعض شدة احترام الشيعة لعلمائهم، بينما يعجب به آخرون ويقدرونه. ويزداد الإعجاب أو الإنتقاد إذا رأوا احترام الشيعة لمرجع التقليد نائب الإمام المهدي أرواحنا فداه، وتقديسهم له وتقيدهم بفتواه.

أما إذا وصل الأمر إلى الأئمة المعصومين عليه السلام  فيتهمنا البعض بالمبالغة والمغالاة، ويفرط في التهمة فيقول إن الشيعة يؤلهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم  والائمة عليهم السلام والمراجع.. ويعبدونهم، والعياذ بالله.

لكن المشكلة ليست في شدة احترام الشيعة وإطاعتهم وتقديسهم لعلمائهم وأئمتهم، بل هي في الواقع ابتعادنا جميعاً عن النظرة الإسلامية إلى الإنسان والتعامل بها معه.

نلاحظ في القرآن الكريم ثلاثة مذاهب في مسألة قيمة الانسان: المذاهب البدوي الذي تذكره آيات الأعراب والمنادين من وراء الحجرات..

والمذهب المادي الذي تذكره آيات أعداء الأنبياء عليه السلام  وأصحاب الحضارات المادية.

والمذهب الإسلامي، الذي تذكره آيات تكريم الإنسان والتوجيه إلى عالمه العقلي والروحي والعملي.

وأحسبنا في عالمنا الإسلامي نعيش تأثيرات كثيرة للبداوة وللمادية الغربية في نظرتنا إلى الأنبياء والائمة عليهم السلام والأولياء والشهداء والمؤمنين، وإلى جمهورنا وشعوبنا الإسلامية. بل إلى أنفسنا أيضاً!

لقد أوجد الإنحطاط الحضاري والتسلط الغربي في مجتمعاتنا ظروفاً قاسية سياسية واقتصادية واجتماعية، لم تعد معها حياة الانسان المسلم في أصلها محترمة، فكيف نطمح إلى احترام أبعاد وجوده الأخرى وتقديسها؟!

كما حول أذهاننا إلى أذهان بدوية تنزع دائماً إلى (السطحية) وتعادي العمق والجمع والتركيب، فترانا نريد الشيء ببعد واحد، ونرفض أن تكون له أبعاد متعددة في آن. ونريد في قلوبنا لوناً واحداً من العاطفة، ولا نسمح لها أن تحمل ألواناً متعددة في آن.

وبهذا صرنا نرى في الأولياء والأئمة والأنبياء صلوات الله عليهم، ظاهر أمرهم وحالهم، ولا نرى قممهم الشامخة، وعوالمهم العقلية والروحية العالية.

فإذا رأى أحد شيئاً من ذلك نقول عنه مغال، وإذا جاش بذلك عقله أو قلبه نقول مجنون أو منحرف!

ويبلغ الأمر أقصى خطورته عندما نلبسه ثوباً دينياً فنقاوم تقديس الأولياء والأئمة والأنبياء عليه السلام بحجة أنه يتنافى مع تقديس الله تعالى وتوحيده!!

فكأن معنى أنهم بشر صلوات الله عليهم أن نفهمهم ببداوة خشنة، ونجعلهم حفنة من رمل الصحراء. وكأن الأمر يدور بين رمل الصحراء والسماء، ولا ثالث. فلا رياض ولا أنهار، ولا روابي ولا قمم!

وكأن مثل النور الإلهي الذي حدثنا عنه الله تعالى في سورة النور: (مثل نوره كمشكاة فيها مصباح) موجودة في غير أرضنا، ومتجسد في غير هؤلاء العظماء، صلوات الله عليهم.

أعتقد أنه كلما تقدمت المعرفة بالفلاسفة والمفكرين والعلماء، اكتشفوا أبعاداً جديدة في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم  واهل بيته عليهم السلام، وعرفوا قيمته وقيمتهم أكثر، وعرفوا أن شخصية المعصوم يجب أن تفهم من كلام المعصوم!

صحيح أن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم  قل للناس أنا بشر مثلكم: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ). (سورة فصلت:6)، لكنه قال لنا بذلك إن النبي مثلنا وليس مثلنا! وإن شخصيته مركبة من جنبة بشرية يعاملنا بها، وجنبة غيبية يتلقى بها الوحي والعلم من رب العالمين!

وأنى لنا أن نفهم بفكرنا وعقولنا جنبة الغيب في شخصيته، إلا بكلام المعصوم الذي له نافذة مفتوحة على الغيب؟!

بل حتى المثلية في قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ)، تعني أنه من وسطكم يعرف تفكيركم وشعوركم ويدرك مشكلاتكم، ولا تعني أنه مثلنا بمستوانا ونوع تفكيرنا ومشاعرنا، فإن له صلى الله عليه وآله وسلم  تفكيره ومشاعره وعالمه الأعلى الذي لا نرتقي إليه، كما أنه لا ينزل الى عوالمنا الدنيا!

فالنبي إذن بسبب رقيِّ فكره ومشاعره ليس مثلنا، وبسبب أن شخصيته مفتوحة على الغيب، ليس مثلنا!

فماذا بقي من المثلية التي تمكننا من الإحاطة بحقيقة شخصيته صلى الله عليه وآله وسلم؟!

وكذلك هي شخصيات المعصومين من عترته عليه السلام.

ومن هنا نعرف لماذا اختار الله تعالى لفظ البشرية للمثلية، دون الإنسانية!

أعتقد أنه قد آن لنا أن نجد ذاتنا الإسلامية وإنساننا المسلم، ونجد من جديد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم  وأئمتنا عليهم السلام، وأن نرفض السطحية البدوية التي روج لها المتمسلفون في فهم النبي وآله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن ونتعامل معهم بما يليق بغنى شخصياتهم الربانية، ومقاماتهم العالية، لتمتلئ قلوبنا مجدداً بمخزون الحب والعشق المقدس لهم، الذي يهيؤنا ويفتح لنا باب الحب والعشق الأكبر لمولاهم ومولانا تبارك وتعالى.

إن على الذي تحجبه الشجرة عن الغابة أن يعذر من يرى الشجرة والغابة معاً، والجبال والسماء فوقها! ومن يتصور أن تقديس الأنبياء والائمة عليهم السلام، والعيش في عوالمهم، مانعاً عن تقديس الله تعالى وتوحيده، عليه أن يعذر من يرى ذلك درجات من التعظيم شرعها الإسلام، لتنتظم بها الحياة، وتفتح الطريق إلى تعظيم وتقديس وتسبيح الذي ليس كمثله شيء، تبارك وتعالى.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

في تقدم الشيعة في علم الصرف ، وفيه صحائف -2
تأملات وعبر من حياة أيوب (ع)
تاريخ الثورة -6
من مناظرات الامام الصادق(عليه السلام)
من خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ...
الكعبة‌
صموئيل النبي (ع)
خطبة الإمام الحسين ( عليه السلام ) الأولى يوم ...
حقيقة معنى الانتقال من الأمويين الى العباسيين
خالد بن الوليد و الطوق في الجيد

 
user comment