عربي
Wednesday 24th of April 2024
0
نفر 0

علم الغيب في نظر الشيعة

هل أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة ( عليهم السلام ) يعلمون الغيب ، الذي اختُصَّ به الله عزَّ وجل ؟ نحن ندَّعي علم الغيب للنبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة ( عليهم السلام ) ، ولكن لا على نحو الاستقلالية ، بل نقول : إن الله أطلع نبيه ( صلى الله عليه وآله ) وأهل بيته ( عليهم السلام ) على الأمور الغيبية التي لم يطَّلِع عليها أحد . وإن شئت قلت : علم الغيب لذات الشخص وبلا توسط من الغير ، هو العلم الثابت لواجب الوجود ، والذي هو عين الذات ، وهذا مختص بالله ، ولغيره تعالى يعتبر كُفراً .
علم الغيب في نظر الشيعة

هل أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة ( عليهم السلام ) يعلمون الغيب ، الذي اختُصَّ به الله عزَّ وجل ؟

نحن ندَّعي علم الغيب للنبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة ( عليهم السلام ) ، ولكن لا على نحو الاستقلالية ، بل نقول : إن الله أطلع نبيه ( صلى الله عليه وآله ) وأهل بيته ( عليهم السلام ) على الأمور الغيبية التي لم يطَّلِع عليها أحد .

وإن شئت قلت : علم الغيب لذات الشخص وبلا توسط من الغير ، هو العلم الثابت لواجب الوجود ، والذي هو عين الذات ، وهذا مختص بالله ، ولغيره تعالى يعتبر كُفراً .

أما العلم بالغيب الذي هو بتوسط الله تعالى ، وليس هو عين الذات ، فهذا الذي يعلمه الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، والأئمة ( عليهم السلام ) ، وقد دلَّت عليه الآيات ، والروايات ، نذكر منها :
الأولى :

حينما كان الإمام علي ( عليه السلام ) يخبر عن الملاحم بالبصرة ، وما يجرى فيها في المستقبل ، فقال له بعض أصحابه : لقد أُعطيتَ يا أمير المؤمنين علم الغيب ؟!!

فضحك ( عليه السلام ) وقال للرجل - وكان كلبياً - : ( يا أخَا كلب ، ليس هو بعلم غيبٍ ، وإنما هو تعلُّم من ذي علم ، وإنما علم الغيب عِلم الساعة ، وما عدَّده الله سبحانه بقوله : ( إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ) لقمان : 34 .

فهذا هو علم الغيب الذي لا يعلمه أحدٌ إلا الله ، ما سوى ذلك فعلمٌ علَّمه الله ، وما سوى ذلك فعلمٌ علَّمه الله نبيَّه فَعلَّمَنِيه ، ودعا لي بأن يَعيه صدري ، وتضطمَّ عليه جوانحي ) نهج البلاغة / الخطبة 128 .
الثانية :

قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) لهشام : ( إنا نحن نتوارثُ الكمالِ والتمام ، اللَّذَين أنزلهما الله على نبيه في قوله : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا .. ) المائدة : 3 ، والأرض لا تخلو مِمَّن يكمل هذه الأمور التي يقصر عنها غيرنا ) .

فلما سمع ذلك هشام انقلبت عينه اليمنى فاحْوَلَّت ، واحمرَّ وجهه ، وكان ذلك علامةُ غضبه إذا غضب ، ثم أطرق هنيئة ، ثم رفع رأسه فقال للإمام ( عليه السلام ) : ألسنا بنو عبد مناف نسبنا ونسبكم واحد ؟

فقال ( عليه السلام ) : ( نحن كذلك ، ولكن الله جلَّ ثناؤه اختصَّنا من مَكنون سِرِّه ، وخالص عِلمه ، بما لم يختص أحداً به غيرنا ) .

فقال : أليس الله جلَّ ثناؤه بعث محمداً من شجرة عبد مناف إلى الناس كافَّة ، أبيضها وأسودها وأحمرها ، من أين ورثتم ما ليس لغيركم ، ورسول الله مبعوث إلى الناس كافة ؟ وذلك قول الله تبارك وتعالى : ( وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ .. ) آل عمران : 180 ، الحديد : 10 .

فمن أين ورثتم هذا العلم وليس بعد محمد نبي ، ولا أنتم أنبياء ؟

فقال ( عليه السلام ) : ( من قوله تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وآله ) : ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ )) القيامة : 16 .

فالذي أبداه فهو للناس كافة ، والذي لم يحرك به لسانه ، أمر الله تعالى أن يخصَّنا به من دون غيرنا ، فلذلك كان ( صلى الله عليه وآله ) يناجي أخاه عليا ( عليه السلام ) من دون أصحابه ، وأنزل الله بذلك قرآناً في قوله تعالى : ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) الحاقة : 12 .

فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لأصحابه : ( سألت الله تعالى أن يجعلها أذنك يا علي ) .

فلذلك قال علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بالكوفة : ( علمني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ألف باب من العلم ، يُفتح من كل باب ألف باب ) ، خَصَّه به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من مَكنون علمه ، ما خَصَّه الله به ، فصار إلينا ، وتوارثناه من دون قومنا ) .

فقال هشام : إن عليا كان يدَّعي علم الغيب ، والله لم يُطلِع على غيبه أحداً ، فمن أين ادَّعى ذلك ؟

فقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إن الله جلَّ ذكره أنزل على نبيِّه ( صلى الله عليه وآله ) كتاباً ، بَيَّن فيه ما كان ، وما يكون ، إلى يوم القيامة ، في قوله : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) النحل : 89 .

وفي قوله : ( وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) يس : 12 ، وفي قوله : ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ) الأنعام : 38 .

وفي قوله : ( وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِلاّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) النمل 75 .

وأوحى الله تعالى إلى نبيه ( صلى الله عليه وآله ) أن لا يُبقِي في غَيبه ، وسِرِّه ، ومكنون علمه شيئاً ، إلا يناجي به علياً ، فأمره أن يؤلف القرآن من بعده ، ويتولَّى غُسله وتكفينه وتحنيطه من دون قومه .

وقال ( صلى الله عليه وآله ) لأصحابه : ( حرام على أصحابي ، وأهلي ، أن ينظروا إلى عورتي غير أخي علي ، فإنه مني ، وأنا منه ، له ما لِي ، وعليهِ ما عَلَيَّ ، وهو قاضي ديني ، ومنجز موعدي ) .

ثم قال ( صلى الله عليه وآله ) لأصحابه : ( علي بن أبي طالب يقاتل على تأويل القرآن ، كما قاتلت على تنزيله ، ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وتمامه إلا عند علي ) .

ولذلك قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لأصحابه : ( أقضاكم علي ) ، أي هو قاضيكم ، وقال عمر بن الخطاب : لولا علي لهلك عمر ، أفيشهد له عمر ويجحد غيره ) ؟!
الثالثة :

عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) : ( ألا إنَّ للعبد أربع أعين : عينان يبصر بهما أمر دينه ودنياه ، وعينان يبصر بهما أمر آخرته ، فإذا أراد الله بعبد خيراً فتح له العينين في قلبه فأبصر بهما الغيب في أمر آخرته ) الخصال 1 / 240 ح 90 باب الأربعة .

وذكر المتقي الهندي الحديثَ في كتابه كنز العمال 2 / 42 ح 3043 ، بلفظ مشابه لهذا الحديث .
الرابعة :

أخبر الإمام الرضا ( عليه السلام ) ابن هذَّاب بما يجري عليه في المستقبل ، حيث قال ( عليه السلام ) له : ( إنْ أخبرتُك أنك سَتُبلى في هذه الأيام بذي رحم لك ، كنتَ مُصدِّقاً لي ) ؟ قال : لا ، فإن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى .

قال ( عليه السلام ) : ( أوَ ليس الله يقول : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ .. ) الجن : 26 - 27 .

فرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عند الله مرتضى ، ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما يشاء من غيبه ، فعلمنا ما كان ، وما يكون ، إلى يوم القيامة .

وإن الذي أخبرتُك يا ابن هذاب لكائنٌ إلى خمسة أيام ، فإن لم يَصحُّ ما قلتُ فبهذه المدة ، وإلا فإني كذَّاب مُفتَرٍ ، وإن صَحَّ فَتعلَمُ أنَّك الرَّادُّ على الله ، وعلى رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولك دلالة أخرى ، فَتُصاب بِبَصرك وتصير مكفوفاً ، فلا تبصر سهلاً ولا جبلاً ، وهذا كائن بعد أيام ، ولك عندي دلالة أخرى ، إنَّك ستحلِفُ يميناً كاذبة فَتُضرَب بأبرص ) .

قال محمد بن الفضل : بالله لقد نزل ذلك كله بابن هذاب [ الخرايج والجرايح للراوندي 306 الباب التاسع ] .

نقول : هذه رواية صريحة في علمهم ( عليهم السلام ) للغيب .
الخامسة :

وفي خطبة للإمام علي ( عليه السلام ) يذكر فيها صفات الإمام ، جاء فيها : ( ويلبسُ الهيبةَ ، وعلم الضمير ، ويطَّلع على الغيب ، ويعطي التصرُّف على الإطلاق ) مشارق أنوار اليقين : 115 .
السادسة :

قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( نبئت وآدمَ بين الروح والجسد ) .

وقال ( صلى الله عليه وآله ) أيضاً : ( وجبت لي وآدم بين الروح والجسد ) فضائل ابن شاذان : 34 ، كنز العمال 12 / 426 .

نقول : فكونه ( صلى الله عليه وآله ) نبيّاً ينبأ ، في غاية الوضوح والدلالة على تلقيه العلوم في ذلك العالم ، إذ يستحيل أن الله اتَّخذ نبيا ونبأه وهو فاقد للعلم ، وفيما ذكرناه من الروايات كاف لمن ألقي السمع وهو شهيد .


source : tebyan
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

فلسفة الصوم من منظور علمي
سمات الغضب عند المراھقین والشباب
القرائن المفيدة لمعنى الحاكمية في حديث الغدير
حجّ الإمام عليّ(عليه السلام)
ادخال ما لیس من الدین فی الدین
مرقدها (زينب الکبري سلام الله عليها)
السعادة في النظام الاخلاقي الاسلامي
تنشيط نظام المناعة بالصيام
المقام العلمي للإمام الباقر عليه السلام
البرمجيات القرآنية المتعددة اللغات بإمكانها أن ...

 
user comment