عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

المؤامرات فی الکوفة

إن سیاسة معاویة القاسیة من جرّاء نقض عهده للإمام الحسن (علیه السلام) ترکت الشیعة ترزح تحت نیر الاضطهاد، فأوصال تقطع، وأعین تسمل، وبمشهد منهم أرجل مفصولة، وعلى المشانق أنفس مزهقة، وفی أعماق السجون أعناق مغلولة، وبأرجاء الفلوات أُناس مشرّدون، وعلى أطراف الرماح أرؤس مشالة یوم کان ابن سمیّة عارفاً بهم منذ العهد العلوی فتتبعهم تحت کل حجر ومدر وتحرّاهم فی کل مغارة فنکّل بهم ونال منهم وأوقع فیهم وهو القائل على منبر البصرة:
المؤامرات فی الکوفة

إن سیاسة معاویة القاسیة من جرّاء نقض عهده للإمام الحسن (علیه السلام) ترکت الشیعة ترزح تحت نیر الاضطهاد، فأوصال تقطع، وأعین تسمل، وبمشهد منهم أرجل مفصولة، وعلى المشانق أنفس مزهقة، وفی أعماق السجون أعناق مغلولة، وبأرجاء الفلوات أُناس مشرّدون، وعلى أطراف الرماح أرؤس مشالة یوم کان ابن سمیّة عارفاً بهم منذ العهد العلوی فتتبعهم تحت کل حجر ومدر وتحرّاهم فی کل مغارة فنکّل بهم ونال منهم وأوقع فیهم وهو القائل على منبر البصرة:
(إنّی أُقسم بالله لآخذن المقیم بالظاعن والمقبل بالمدبر والصحیح منکم بالسقیم) .(1)
وقد وصفَ هذا الحال أبو جعفر الباقر (علیه السلام) فقال: إنّا أهل البیت لم نزل نُستدلّ ونُستضام ونُقصى ونمتهن ونحرم ونُقتل ولا نأمن على دماءنا أولیاءنا ووجد الکاذبون الجاحدون موضعاً یتقرّبون به إلى أولیائهم وقضاة السوء وعمّالهم فی کل بلدة بالأحادیث المکذوبة ورووا عنّا ما لم نقله ولم نفعله لیبغضونا إلى الناس وکان عظم ذلک وکبره فی زمن معاویة بعد موت الحسن (علیه السلام) فقتلت شیعتنا بکل بلدة وقطعت الأیدی والأرجل على الظنّة وکان من یذکر بحبّنا والانقطاع إلینا یسجن وینهب ماله وتهدم داره ثم لم یزل البلاء یشتدّ ویزداد إلى زمن عبید الله بن زیاد قاتل الحسین (علیه السلام) ثم جاء بعده الحجّاج فقتلهم کل قتلة وأخذهم بکل ظنّة وتهمة حتى أن الرجل لیقال له زندیق أو کافر أحبّ إلیه من أن یقال له شیعة علیّ (علیه السلام) وحتى صار الرجل الذی یعمل بالخیر ولعلّه یکون ورعاً صدوقاً یحدّث بأحادیث عظیمة عجیبة من تفضیل بعض من سلف من الولاة ولم یخلق الله شیئاً منها ولا کانت ولا وقعت وهو یحسب أنّها حقّ لکثرة من رواها ممن لم یعرف بکذب ولا قلّة ورع .(2)
وفی هذا الحدیث الشریف دلالة واضحة على ما نال الشیعة فی تلک الأیّام المظلمة من الاضطهاد والجور ومع أیّ إمام ینهضون مع الزکی المجتبى (علیه السلام) وقد قیّده الأمر الربوی بالتسلیم لمجاری المحتوم کما قیّد أباه أمیر المؤمنین خمساً وعشرین سنة.
حتّى أن حجر بن عدیّ دخل على الحسین (علیه السلام) مثیراً لنخوته ومحفزاً له على القیام فی وجه عدوّهم اللدود وفیما قال له: لقد اشتریتم العزّ بالذّل وقبلتم القلیل وترکتم الکثیر أطعنا الیوم وعصینا الدهر دع الحسن وما رأى من الصلح وأجمع إلیک شیعتک من أهل الکوفة وولّنی وصاحبی عبیدة بن عمرو المقدمة فلا یشعر ابن هند إلاّ ونحن نقارعه بالسیوف.
المیثاق غاشم لا تحلّ مصافقته وقد قال الرسول الأقدس (صلى الله علیه وآله وسلم): إذا رأیتم معاویة على منبری فاقتلوه (3)ومن المقطوع به أنّه لا یرید من المنبر تلک الأعواد المصنوعة من خشب وکان یجلس علیها للإرشاد والهدایة وإنّما یرید منبر الدعوة الإلهیة فیکون غرض النبیّ الإیعاز إلى الملأ الدینی الواعی لکلمته الثمینة بأن معاویة الداعی باسم الخلافة کافر بما أُنزل من الوحی على الصادق الأمین (صلى الله علیه وآله وسلم) بتعیین من أقامهم المولى سبحانه أُمناء على شرعه القویم وکافر بقول النبیّ الذی لم یزل یجاهر مرّة بعد أخرى بأسماء من یلی الخلافة من بعده وهم الاثنا عشر من ذریّته المعصومین والراد لما أنزل على الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم) قولاً أو فعلاً من الجاحدین.
وحیث أنّ سیّد الشهداء لم تسعه المصارحة بما وجب علیهم فی الصحیفة الخاصة بالإمام الزکیّ وکان فیها أن یسالم خاضعاً للقضاء المحتوم وقد أشار النبیّ إلى هذه المسألة بقوله: إبنایَ هذان إمامان إن قاما وإن قعدا، وأکثر العقول لا تتحمّل هذه الأسرار الدقیقة کما قال الإمام الصادق (علیه السلام) حدیثنا صعب مستصعب لا یتحمّله إلاّ نبیّ مُرسل أو مَلک مُقرّب أو مؤمن امتحن الله قلبه بالإیمان.
وغیر خافٍ إن هذا التذمّر من رجالات الشیعة ومجابهتهم الإِمام الزکیّ بتلک الکلمات المقذعة لا یحطّ من مقدار اعتقادهم بإمامته وإنّما صدر منهم ذلک لأن علائقهم الدینیة والودیّة کانت مقصورة على جمال الحق القائم بمجالی الکتاب والسنة الوضیئة ومحیّاجُحّة الزمن الأبهج وحیث أحسّوا بما یرام بالدین من الصدع وبإمام الوقت من الاضطهاد وبالمؤمنین من استئصال الشأفة ضاقت علیهم الأرض بما رحبت وأظلمت الدنیا فی أعینهم ولم یکن یحوون من سعة العلم بالحقائق والعواقب ما یخفف تلک الوطأة ویخمد فورة أنفسهم الملتهبة من تحکّم الضلال بالمئة واسترداد الجاهلیة الأولى فهنالک انتأت المشاعر عن النفوس فواجهوا الإمام بما عرفت ولهجوا بما لهجوا به وهم غیر خارجین عن طاعة ولا متضعضعین فی عقیدة.

کتب اهل الکوفة للامام الحسین علیه السلام

بسم الله الرحمن الرحیم
للحسین بن علی (علیه السلام) من سلیمان بن صرد والمسیّب بن نجبة ورفاعة بن شداد البجلی وحبیب بن مظاهر وشیعته المؤمنین والمسلمین من أهل الکوفة سلام علیک فإنّا نحمد إلیک الله الذی لا إله إلاّ هو أمّا بعد، فالحمد لله الذی قصم ظهر عدوّک الجبّار العنید الذی انبرى على هذه الأمة فابتزّها أمرها وغصبها فیئها وتأمّر علیها بغیر رضىً منها قتل خیارها واستبقى شرارها وجعل مال الله دولة بین جبابرتها وأغنیائها فبعداً له کما بعدت ثمود أنا لیس لنا إمام فاقبل لعلّ الله یجمعنا بک على الحقّ.
والنعمان بن بشیر فی قصر الإمارة لسنا نجتمع معه فی جمعة ولا نخرج معه إلى عید ولو قد بلغنا أنّک قد أقبلت أخرجناه حتى نلحقه بالشام إنشاء الله.
ثم سرحوا الکتاب مع عبد الله بن مسمع الهمدانی وعبد الله بن وال وأمروهما بالنجاء مسرعین حتى قدما على الحسین بمکّة لعشر مضین من شهر رمضان.
وبعد یومین کتبوا له مائة وخمسین کتاباً من الرجل والاثنین والثلاثة والأربعة وسرحوا ذلک مع قیس بن مسهر الصیداوی وعبد الرحمن بن عبد الله بن شداد الأزدی وعمارة بن عبد الله السلولی.
وبعد یومین آخرین کتبوا إلیه مع هانی بن هانی السبیعی وسعید بن عبد الله الحنفی، ونصّه:
بسم الله الرحمن الرحیم، للحسین بن علی من شیعته من المؤمنین والمسلمین أمّا بعد، فحیَّ هلا فإن الناس ینتظرونک لا رأی لهم غیرک فالعجل العجل ثم العجل العجل والسلام.
ثم کتب شبث بن ربعی وحجار بن أبجر ویزید بن الحارث بن رویم وعزرة بن قیس وعمرو بن الحجاج الزبیدی ومحمد بن عمیر التمیمی، أمّا بعد، فقد اخضرّ الجناب وأینعت الثمار فإذا شئت فاقدم على جند لک مجنّدة والسلام .(4)
وأخذت الرسل من أهل الکوفة تتوارد علیه بکتبهم حتى اجتمع عنده فی یوم واحد ستمائة کتاب واجتمع من نوب متفرّقة إثنا عشر ألف کتاب والحسین (علیه السلام) متریّث عن الجواب حتى إذا تتابع هتافهم بکتبهم التی ملأت خرجین لم یسعه السکوت فکتب إلیهم أجمع صورة واحدة.(5)
بسم الله الرحمن الرحیم
من الحسین بن علی إلى الملأ من المؤمنین والمسلمین أمّا بعد، فإن هانیاً وسعیداً قدما علیّ بکتبکم وکانا آخر من قدم علیَّ من رسلکم وقد فهمت کل الذی قصصتم وذکرتم وکانت مقالة جلّکم إنّه لیس علینا إمام فأقبل لعلّ الله یجمعنا بک على الحقّ والهدى.
وأنا باعث إلیکم بأخی وابن عمّی وثقتی من أهل بیتی مسلم بن عقیل فإن کتب إلیّ إنّه قد اجتمع رأی ملأکم وذوی الحجى والفضل منکم على مثل ما قدمت به رسلکم وقرأت فی کتبکم فإنّی أقدم علیکم وشیکاً إنشاء الله فلعمری ما الإمام إلا الحاکم بالکتاب القائم بالقسط الدائن بدین الحقّ الحابس نفسه على ذات الله تعالى والسلام .(6)
لم یخفَ على الإِمام الشهید نیّاب القوم ولا ما یقع منهم من التخاذل والتباعد عن نصرة الحقّ حینما تستعر الحرب ویتجمّع الدهر للوثوب على فئة المجد وعصبة الخطر من الهاشمیین والصفوة من أصحابهم وکیف یخفى علیه غدرهم وعدم وفائهم بالوعد وهو یشاهد کل ذلک بواسع علم الإمامة والتجارب الصحیحة مما جرى منهم مع الوصیّ وأخیه المجتبى صلوات الله علیه والأخبار النبویة والعلویة بما یقع من الملحمة الکبرى التی أتت على النفوس الطاهرة وأعقبت الفتح المبین بنهضة رجالات الدین فی وجه المنکر والضلال حتى دمّرت مُلک الأمویین واستأصلت شأفتهم من جدید الأرض فأصبحوا عبرة لمن یتجبّر فی هذه الدنیا الزائلة.
فکان أبی الضیم (علیه السلام) على علم ویقین مما یجری منهم معه لکنه أراد إتمام الحجّة على أُولئک الغدرة فأجاب سؤلهم ولبّى طلبتهم بعد التوکید علیهم بکثرة الکتب والرسل منهم کی لا تکون الحُجّة لضعفاء العباد على إمام منصوب من قبل الله سبحانه لإرشاد الخلق وإیقاظهم من رقدة الجهل المردی.

فی بیت هانی

کان هانی بن عروة بن نمران بن عمرو بن قعاص بن عبد یغوث بن مخدش بن عصر بن غنم بن مالک بن عوف بن منبه بن عطیف المرادی العطیفی من أشرف الکوفة وقرائها وله منزلة فی المصر ولبیته فی العشیرة منعة وله الزعامة الکبرى فی مراد یرکب فی أربعة آلاف دراع وثمانیة آلاف راجل فإذا تلاها أحلافها من کندة رکب فی ثلاثین ألفاً ولازم أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب فاستفاد منه آدباً وحضر معه فی حروبه الثلاثة وأبلى بلاءً حسناً وفی یوم الجمل کان یرتجز:
یا لک حرب حشها جمالها***قائدة ینقصها ضلالها
هذا علیّ حوله أقیالها
وأدرک النبیّ وله یوم قتله بضع وتسعون سنة .(7)
ولسیّدنا بحر العلوم الطباطبائی کلام ضاف فی ترجمته فی (رجاله) وقد أغدق نزعاً فی إثبات جلالته والدفاع عنه والجواب عمّا قیل فیه وتابعه على رأیه السدید السیّد المحقق الأعرجی فی (عدّة الرجال) وکل من تعرّض له من علماء الرجال ذکره مترحمّاً ومترضیّاً علیه وبالغ شیخنا الحجّة الشیخ عبد الله المامقانی فی (تنقیح المقال) بترجمته فی مدحه والثناء علیه ووافقه المحقّق الشیخ عباس القمّی فی نفس المهموم ص62.
وذکر محمد بن المشهدی من أعیان القرن السادس والشریف النقیب رضی الدین ابن طاووس فی مزاریهما زیارة خاصة تزار فی مشهده وفیها وصفه (بالعبد الصالح الناصح لله ولرسوله ولأمیر المؤمنین والحسن (علیهم السلام) والشهادة بأنّه قتل مظلوماً وأنّه لقی الله تعالى وهو راضٍ عنه بما فعل ونصح وأنّه بلغ درجة الشهداء السعداء بما نصح لله تعالى ولرسوله (صلى الله علیه وآله وسلم) مجتهداً وبذل نفسه فی ذات الله ومرضاته ثم الترحّم علیه).
ثم ذکرا بعد الزیارة صلواتها ودعاء الوداع وزاد ابن المشهدی (تقبیل القبر).
وحیث أنّهما ذکرا فی مزاریهما أن ما أودعاه فی کتابیهما على الوجه الذی ظهر لهما من الروایات یتجلّى لنا أن هاتیک الآداب مأثورة عن أهل بیت العصمة وجلالة هذین العلمین تفیدنا القطع بعثورهما على أثر حاکم بذلک العمل الخاص حتى لو لم ینصّا فی الکتاب على ما حصل لدیهما من جهة الروایة وإلاّ لتسرّب إلى نقلهما شبه البدعة فی الدین وهؤلاء الأعلام فی المذهب لا یتورّطون فی البدعة التی لا تقال عثرتها إذاً ففی قولهما الحجّة البالغة.
ولو سلّمنا عدم الورود فلا أقل من أن یکون کلامهما فی حقّه کشهادة من تقدّم من علماء الرجال عدم الورود فلا أقل من أن یکون کلامهما فی حقّه کشهادة من تقدّم من علماء الرجال من أن الرجل متحلّی بتلکم الفضائل ولو کانت لهما کتب فی الرجال لاتّخذها العلماء من الأصول المسلّمة التی یعوّل علیها فی هذا العلم إذ لم یقصر قولهما عن سائر الکتب فی تمییز الرجال وبیان الممدوح والثقة منهم کما أن قولهما فی غیر هذا العلم حجّة قویّة یرکن إلیه ویستشهد به.
ثم یکفینا فی القناعة بفضل الرجل وجلالة مقامه عند آل الرسول ترحّم سیّد الشهداء علیه فإنّه (علیه السلام) لما نزل (الثعلبیة) ممسیاً أخبر بقتل مسلم بن عقیل وهانی بن عروة وإنّهم سُحبا من أرجلهما فی الأسواق قال (علیه السلام): إنّا لله وإنّا إلیه راجعون رحمة الله علیهما ردّد ذلک مراراً .(8)
وإذا کان ترحّم الإمام الحجّة الواقف على نفسیّات الرجال ومقادیر أعمالهم على شخص یعدّ تزکیة له وشهادة منه فی نزاهته وطهارته وإنّه مضى محمود الطریقة متبعاً للحنیفیة البیضاء فأی رجل مثل هانی بن عروة یقرنه سیّد شباب أهل الجنّة بنائبه الخاص وخلیفته فی ذلک المصر المثبت له فی صکّ الولایة شرف الأخوّة له والوثاقة فی الأمور وإنّه مفضل عنده من أهل بیته ویترحّم علیه کما ترحّم على ابن عمّه وداعیته.
إن هذا الترحّم من أبی عبد الله الحسین (علیه السلام) وشهادة أُولئک العلام تنمّ عن أن (ابن عروة) کان على أرفع منصّة من الإِیمان ومن الراسخین فی ولاء العترة الطاهرة وإن ما قام به من إتمام البیعة لمسلم (علیه السلام) فی داره وجمع العتاد والأخذ بالتدابیر اللازمة لحافز دینی وإیمان بأجر الرسالة المرغوب فیه لسیّد النبیّین وخاتم الرُّسل أجمع.
ولم یزل یلاقی فی ذلک المحن والکوارث حتى أُودی به شهیداً فی سبیل نصرة ابن عمّ رسول الله وهو الذی شارک شریک العور فی التدبیر لقمع جذور الفساد بقتل الداعی ابن مرجانة لکن القدر حال دون ما یریدون.
ومن امعن النظر فی سیرته من کتب التواریخ والمقاتل ولا سیّما فی رجال آیة الله السیّد بحر العلوم الطباطبائی یزداد بصیرة فیما قلناه وهناک تعرف أن ما تشدق به ابن أبی الحدید من حکایة أخذه البیعة (لیزید) من الأقاصیص التی لا نعرف سندها ولا من جاء بها أراد به تشویه مقام هذا الرجل العظیم الناصح لأهل البیت حتى آخر نفس لفظه ومما یزید فی وهنه أعراض أرباب الفن من المنقبین فی الآثار عن ذلک والقصة بمرأى منهم.
وکان السبب فی انتقال مسلم إلى داره إنّه لما بلغه خطبة ابن زیاد ووعیده وظهر له حال الناس وفرقهم من ابن زیاد خاف أن یؤخذ غیلة فخرج من دار المختار بعد العتمة إلى هذا الزعیم الکبیر لعلمه بمکانه فی المصر وشرفه فی العشیرة وإنّه مهاب الجانب أکثر من المختار مع ولائه الصمیم وعقیدته الراسخة ونصرته الصادقة فلاقاه هانی بکل ترحیب وعلم أن تشریف ابن عقیل محلّه یعود علیه بأسمى السعادتین أما حیاة مع ابن المصطفى أو شهادة طیّبة ودرجات عالیة مع النبیّ الأقدس.
ونزل مع مسلم فی دار هانی شریک بن عبد الله الأعور الحارثی الهمدانی البصری وکان من کبار شیعة علیّ (علیه السلام) بالبصرة جلیل القدر فی أصحابنا شهد معه صفین وقاتل مع عمّار بن یاسر ولشرفه وجاهه ولاّه معاویة کرمان وکانت له مواصلة مع هانی.(9)
ولشریک محاورة مع معاویة تنمّ عن قوة جنان وذرب لسان وإن المال مهما تکثر من معاویة لا یغویه فیخضع له دخل عن معاویة وکان ذمیماً فقال له معاویة إنّک لذمیم والجمیل خیر من الذمیم وإنّک لشریک ولیس لله شریک وإنّک لأعور والصحیح خیر من الأعور فکیف سدت قومک.
فقال له شریک: وإنّک لمعاویة وما معاویة إلاّ کلبة عوت فاستعوت لها الکلاب وإنّک ابن حرب والسلم خیر من الحرب وإنّک ابن صخر والسهل خیر من الصخر وإنّک ابن امیة وما أمیّة إلاّ أمة صغرت فکیف صرت أمیر المؤمنین وخرج منه یقول (10)
أیشتمنی معاویة بن حرب***وسیفی صارم ومعی لسانی
وحولی من بنی یزن لیوث***ضراغمة تهشّ إلى الطعان
یعیّر بالدمامة من سفاه***وربات الخدور من الغوانی
ذوات الحُسن والرئبال جهم***شتیم وجهه ماضی الجنان

مسلم لا یغدر

الفتک من الغدر ولا یوصم به مؤمن یعرف أن شریعة الإسلام جاءت لتحلیة النفوس بالفضائل وتخلیتها عن الرذائل ولم یرد الشارع المقدّس لمن اعتنق دینه القویم إلاّ أن یکونوا فی الغارب والسنام من کل فضیلة رابیة فیسلکوا سبل السلام فی أعراق طاهرة ومآزر عفّة وقلوب نزیهة وجوارح مؤدّبة بآداب الله تعالى وجوانح ممرّنة بالقداسة.
وجاء فی وصیّة رسول الله لأمیر المؤمنین: إیّاک والغدر بعهد الله والاخفار لذمّته فإن الله جعل عهده وذمّته أماناً أمضاه بین العباد برحمته والصبر على ضیق ترجو انفراجه خیر من غدر تخاف أوزاره وتبعاته وسوء عاقبته فإن کل غادر یأتی یوم القیامة مائلاً شدقه وله لواء یعرف به فیقال هذه غدرة فلان .(11)
وقال أمیر المؤمنین (علیه السلام): الوفاء توأم الصدق ولا اعلم جنّة أوفى منه وما یغدر من علم کیف المرجع ولقد أصبحنا فی زمان اتّخذ أکثر أهله الغدر کیساً ونسبهم أهل الجهل إلى حُسن الحیلة ما لهم قاتلهم الله قد یرى الحوّل القلّب وجه الحیلة ودونها مانع من أمر الله ونهیه فیدعها رأی العین بعد القدرة علیها وینتهز فرصتها من لا حریجة له فی الدین وقال على منبر الکوفة . (12)
أیّها الناس لولا کراهیة الغدر لکنت أدهى الناس ألا إن لکل غدرة فجرة ولکل فجرة کفرة ألا وإن الغدر والفجور والخیانة فی النار .(13)
والغدر لا یأتلف مع شیء من المآثر الفاضلة لأنّه ینمّ عن خسّة فی الطبع ودناءة فی العنصر وعدم المبالاة بالنوامیس الدینیة والبخس لحقوق المسلمین ویشبّ منه تفریق الکلمة وملاشاة الإلفة واحتدام البغضاء.
وغن الشریعة المطهّرة حاولت ببیانها الأوفى بثّ روح التحابب بین الجامعة البشریة والعادر ببغضه کل من مسّه غدره وکل من عرف شیئاً من ذلک وکلما اتّسعت الدائرة بمرور الزمن ازداد التباغض واشتدّت عوامله.
ومن هنا ضربوا المثل بغدرة آل الأشعث وقالوا أعرق العرب فی الغدر آل الأشعث فإن عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث غدر بأهل سجستان وغدر أبوه محمد بأهل طبرستان فإنه عقد بینهم وبینه عهداً فغزاهم فأخذوا علیه الشعاب وقتلوا ابنه أبا بکر وفضحوه وغدر الأشعث ببنی الحارث بن کعب وکان بینه وبینهم عهد فغزاهم وأسروه ففدى نفسه بمائتی قلوص فأدّى مائة وعجز عن البقیة ولمّا أسلم أهدوه الإسلام وغدر قیس أو الأشعث ببنی مراد فإنّه کان بینه وبینهم عهد إلى أجل وآخره یوم الجمعة فغزاهم یوم الجمعة قالوا له لم ینته الأجل فکان جوابه إنّه لا یحلّ لی القتال یوم السبت لأنّه یهودی فقتلوه وهزموا جیشه وغدر معد یکرب أو قیس ببنی مهرة وقد کان بینهم صلح فغزاهم غادراً بالعهد فقتلوه وشقّوا بطنه وملأوه حصى وقالوا أشبع لا شبعت یا ابن بغایا ضریه .(14)
فالغدر ضامن العثرة قاطع لید النصرة والغالب بالغدر مغلول ولا عذر لغادر وف ذلک یقول الشاعر (15)
أخلق بمن رضی الخیانة شیمة***ألا یرى إلاّ صریع حوادث
ما زالت الأرزاء تلحق بؤسها***أبداً بغادر ذمّة أو ناکث
وکانت العرب تنصب الألویة فی الأسواق الحافلة بالناس للتعریف بغدرة الغادر فتشهره لیتجنّبه الناس .(16)
وغدرة خالد بن الولید ببنی جذیمة أعقبت ندماً وجرت له الخزی حین تبرأ النبیّ من فعلته وغدرته وذلک أنّه (صلى الله علیه وآله وسلم) أرسله لهم داعیاً لا مقاتلاً وکانت بینه وبینهم إحنة فإنّهم فی الجاهلیة قتلوا عمّه الفاکهة فلما نزل على ماء لهم أخذوا السلام فرقاً منه فصاح آمنین من غدر المسلم أمر جماعته فکتفوهم وقتل منهم مقتلة عظیمة فلما بلغ رسول الله هذا المنکر ساءه ورفع یدیه مبتهلاً إلى الله تعالى: اللهمّ إنّی أبرأ إلیک من فعل خالد، ثم أرسل أمیر المؤمنین علیاً علیه السلام ومعه مال لیهودی بنی جذیمة حتى میلغة الکلب .(17)
على أن الغادر لا یرى للنفوس والأموال والأعراض المحترمة شرعاً حرمة فمتى ثارت فیه هذه الخصلة الخسیسة یکون من السهل علیه وأد النفوس ونهب الأموال والنیل من الأعراض وکلّه نقض لغرض المولى سبحانه فقد شاء لعباده أن یکونوا متحابین لیقیموا عمد الحق ویرفعوا رایة الهدى ویتمّ بهم الاجتماع والتعاون على مناجح الحیاة من غیر منافرة بینهم وما ذکرناه من تبعات الغدر أعنی النفاق والمباغتة والاغتیال لا تخلو من وصمة على المجتمع البشری کما توجب منقصة فی مروءة الغادر ودرن ردائه والغمز فی حسبه.
وهذا فی أمراء المسلمین وولاة أمرهم أشدّ من غیرهم لکونهم مرموقون فی النفسیات الحمیدة قبل أفراد الرعیة وإن الأمم تحتّج بملکات ولاتهم وغرائزهم وأعمالهم ویکون ما یتّصفون به من نوامیس المذهب حجّة لازمة فإذا تخلّوا الأمراء عن هذه الملکات عاد الطعن على المبدأ الدینی فالواجب على أسیر المسلمین ووالی شؤونهم أن یثابر على الشدائد مهما بلغت ویقاسی النکبات وإن تراکمت ولا یغدر ولا یفتک لیکون ذکره بریئاً من کل وصمة.
على ان ولاة الأمور حیث کانوا قدوة لجیلهم یکونون أسوة لمن یأتی بعدهم فیعرف الناس فی المستقبل الکشّاف الذی یمیط الستار عن نوایاهم الحسنة وأعمالهم الصالحة ومساعیهم المشکورة فاللازم على الوالی أن یرتکب خطّة تسیر على أثره الرعیة فی غایاتهم المرموق إلیها.
وإذا وضح هذا فلا یرتاب أحد فی الغایة لمسلم بن عقیل (علیه السلام) فی جوابه لشریک لما لم یقتل ابن زیاد.
وذلک أن شریک بن الأعور نزل فی دار هانی بن عروة لمواصلة بینهما ولما مرض أرسل إلیه ابن زیاد إنّی عائد لک فأخذ شریک یحرّض مسلم بن عقیل على الفتک بابن زیاد وقال له: إنّ غایتک وغایة شیعتک هلاکه فأقم فی الخزانة حتى إذا اطمأن عندی أخرج إلیه وأقتله وأنا أکفیک أمره بالکوفة مع العافیة .(18)
وبینا هم على هذا إذ قیل: الأمیر على الباب، فدخل مسلم الخزانة ودخل عبید الله فلمّا استبطأ شریک خروج مسلم أخذ عمامته من على رأسه ووضعها على الأرض ثم وضعها على رأسه فعل ذلک مراراً ونادى بصوت عالٍ یسمع مسلماً:
ما الانتظار بسلمى لا تحیّوها***حیّوا سلیمى وحیّوا من یحیّیها
هل شربة عذبة أسقى على ظمأ***ولو تلفت وکانت منیّتی فیها
وإن تخشیت من سلمى مراقبة***فلست تأمن یوماً من دواهیها
وما زال یکرّره وعینه رامقة إلى الخزانة ثم صاح بصوت رفیع اسقونیها ولو کان فیها حتفی فالتفت عبید الله إلى هانی وقال أن ابن عمّک یخلط فی علّته فقال هانی أن شریکاً یهجر منذ وقع فی علّته وأنّه لیتکلّم بما لا یعلم فلما ذهب ابن زیاد وخرج مسلم قال له شریک: ما منعک منه؟ قال (علیه السلام): منعنی خلّتان الأولى حدیث علیّ (علیه السلام) عن رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم): إن الإِیمان قید الفتک فلا یفتک مؤمن والثانیة امرأة هانی فإنّها تعلّقت بی وأقسمت علیّ بالله أن لا أفعل هذا فی دارها وبکت فی وجهی، فقال هانی: یا ویلها قتلتنی نفسها والذی فرّت منه وقعت فیه .(19)
ولبث شریک بعد ذلک ثلاثة أیّام ومات فصلّى علیه ابن زیاد ودفن (بالثویة) .(20)
ولمّا وضح لابن زیاد أن شریکاً یحرّض على قتله قال والله لا أصلّی على جنازة عراقی أبداً ولولا أن قبر زیاد فیهم لنبشت شریکاً .(21)
إن القارئ جدّ علیم بأن الأمة إذا بلغها عن ممثّل سیّد الشهداء (مسلم بن عقیل) بأنّه آثر انتکاث الأمر علیه وقدّم تضحیته على الفتک بابن مرجانة فلم یقدم على اغتیاله والغدر به تکریماً لنفسه القدسیة عن ارتکاب هذه الخصلة الذمیمة التی نهى الشارع الأقدس عن ارتکابها فلا یقال رسول الحسین وداعیته إلى مناهج الرشاد باغت صاحبه فی حین لو أجهز علیه لقضى على فاجر فاسق ولکنه (علیه السلام) ترک ذلک وعرض بنفسه للهلاک تعلیماً للأمّة على اتخاذ مقدّسات الأحکام طریقاً لا حبّاً للفوز بالرضوان فلا یتجرّأ الناس على الملّة الحقّة ولا یباغت الرجل من دونه فی غایات طفیفة تسف إلیها الطبقات الواطئة.
فالأمّة إذا بلغها أن هذا الداعی إلى الحقّ نفسه ونفسیه دون الفتک والغدر وذهب ضحیّة الشرف ضحیّة السؤدد والخطر ضحیّة المجد والکرامة کان هذا دلیلاً للتأسّی به فإن للشیعة ضحیّة المجد نزّاعة إلى اقتصاص أثر أهل البیت والاستنارة بضوء تعالیمهم ولا محالة تنعقد ضمائرهم على القیام بمثله أو ما یشبه کما تسعه نفوسهم وتنضج به آنیتهم.
فمسلم (علیه السلام) کبقیّة رجالات أهل هذا البیت الرفیع أراد بفعله هذا وبقیّة أعماله أن یفیض على الأمة دروساً أخلاقیة لا تعدوه الأمّة فی التجنّب عن رزیلة الفتک والغدر فتستفید به کما استفادت من کل فرد من شهداء الطفّ إباء ونخوة وحمیّة دون القویم.
فهذه الکلمة (الإیمان قید الفتک) التی أفاضها عالم آل أبی طالب وخلیفة الإمام الحجّة فی الدینیّات والمدنیّات أوقفتنا على سرّ من أسرار الشریعة وهو مبغوضیة الغدر وإن النفوس الطاهرة تأبى للضیف أن یدخل بمن استضافهم ما یکرهون.
وهناک سرّ آخر لتأخّر لتأخّر مسلم (علیه السلام) عن الفتک بابن مرجانة لم تکن الظروف تساعده على کشفه نعرفه من نظائر ما صدر عن المعصومین فإن أمیر المؤمنین لما أتاه ابن ملجم یبایع له وولّى عنه قال من أراد أن ینظر إلى قاتلی فلینظر إلى هذا فقیل له ألا تقتله قال (علیه السلام) یا عجباه تریدون أن أقتل قاتلی .(22)
ولیس مراده (علیه السلام) بیان عدم جواز القصاص قبل الجنایة کما ظنّه من لا خبرة له وإنمّا أراد بیان ما ثبت لدیه من أن الله سبحانه قدّر شهادته على ید أشرّ بریّته وأنه عنده کعاقر ناقة صالح وقد علم أمیر المؤمنین بما أودع الله تعالى فیهم من القوّة النورانیة التی بها یدرکون ما فی الکون من حوادث وملاحم کما هو الحقّ الذی لا محیص عنه أن هذه الشهادة على ید ابن ملجم من القضاء الذی لا مردّ له فیکون المعنى کیف أقدر أن أنقض ما أبرمه المولى الجلیل عزّ شأنه من هذه الشهادة.
وإلى هذا أوعز (علیه السلام) فی کلامه مع ابن ملجم حین مرَّ علیه ورآه نائماً على وجهه فعرّفه بأنّ نومته تلک یمقتها الله تعالى ثم قال له: لقد هممت بشیء تکاد السموات یتفطّرن منه وتنشق الأرض وتخرّ الجبال هدّاً ولو شئت لأنبأتک بما تحت ثیابک .(23)
على أنّ أمیر المؤمنین لو فرضنا علمه بتأخّر شهادته ذلک الحین لم یقدم على قتل ابن ملجم لأن به تتجرّى الناس على الفتک بمن یحتملونه أنّه یرید الإجهاز علیهم بل قد یکون العداء فیما بینهم والضغائن التی تحملها جوانحهم حاملاً لهم على إزهاق النفوس معتمدین على دعوى العلم أو الظنّ بذلک فیکثر الهرج وینتشر الفساد.
وعلى ذلک الأساس یکون جواب الحسین لأمّ سلمة حین قالت له: لا تحزن بخروجک إلى العراق فإنّی سمعت جدّک رسول الله یقول یقتل ولدی الحسین بأرض العراق یقال لها کربلا وعندی تربتک فی قارورة دفعها إلیَّ النبیّ (صلى الله علیه وآله وسلم).
فقال الحسین یا أُمّاه وأنا أعلم أنّی مقتول مذبوح ظلماً وعدواناً وقد شاء ربّی أن یرى حرمی ورهطی مشرّدین وأطفالی مذبوحین مأسورین مقیّدین وهم یستغیثون فلا یجدون ناصراً.
قالت أمّ سلمى وأعجباه فأنّی تذهب وأنت مقتول.
فقال الحسین یا أُمّاه إن لم أذهب الیوم ذهبت بعد غد وهل من الموت والله بدّ وأنّی لأعرف الیوم الذی أُقتل فیه والساعة التی أُقتل فیها والحفرة التی أُدفن فیها کما أعرفک وأنظر إلیها کما أنظر إلیکِ وإن أحببت یا أمّاه أن أریک مضجعی ومکان أصحابی فطلبت منه ذلک فأراها تربته وتربة أصحابه ثم أعطاها من تلک التربة وأمرها أن تحتفظ بها فی قارورة فإذا رأتها تفور دماً تیقّنت قتله وفی الیوم العاشر بعد الظهر نظرت إلى القارورتین فإذا هما یفوران دماً .(24)
وعلى هذا فمن الجائز الممکن أن مسلم بن عقیل (علیه السلام) کان على یقین من شهادته ومحلّ تربته وأنّها تکون على ید الدعیّ ابن الدعیّ ابن مرجانة استفادة ممن أودع عندهم هذا العلم المکنون وهو سیّد الشهداء (علیه السلام).
وعلى المعصومین وإن کان صعب مستصعب لا یتحمّله إلا ملک مقرّب أو نبیّ مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للإِیمان لکنهم (علیه السلام) إذا علموا قابلیة من أشرقت علیه أنوار ولایتهم لتحمل تلک الأسرار یوقفونهم علیها کما أخبر أمیر المؤمنین میثم التمار وکمیل بن زیاد وعمرو بن الحمق ورشید الهجری إلى أمثالهم بقتلهم وعلى ید من تکون الشهادة والوقت الذی یقتلون فیه وکما أخبر سیّد الشهداء من ثبت معه على التضحیة والمفاداة.
ومسلم بن عقیل (علیه السلام) کان فی الغارب والسنام من الإِیمان والیقین والبصیرة النافذة من أُولئک الأفذاذ فأیّ مانع من أن یوقفه أبو عبد الله الحسین (علیه السلام) على ما یجری علیه من کوارث ومحن حرفاً حرفاً.
ثم أن الفتک الذی هو قید الإِیمان کما فی نصّ الحدیث شامل بإطلاقه لکل من أراد الوقیعة بالمؤمن سواء من ناحیة الإجهاز علیه أو من جهة اغتیابه وإظهار عیوبه للناس أو من جهة النمیمة المثیرة للإحن والبغضاء الموجبة لملاشاة الأخوة بین المؤمنین أو من جهة إشاعة الفاحشة التی یقول فیها سبحانه وتعالى: (الذین یحبّون أن تشیع الفاحشة فی الذین آمنوا لهم عذاب ألیم فی الدنیا والآخرة).
المصادر :
1- تاریخ الطبری ج6 ص125.
2- شرح النهج ج3 ص15.
3- صفین لنصر بن مزاحم ص248 طبعة مصر / السید محمد بن عقیل فی (النصائح الکافیة) ص35 طبعة بمبی.
4- هذه الکتب ذکرها الشیخ المفید فی الإِرشاد.
5- الأخبار الطوال ص231.
6- الشیخ المفید فی الإرشاد والفتال فی روضة الواعظین ص149 والطبری فی التاریخ ج6 ص197 وابن الأثیر فی الکامل ج4 ص8.
7- الإصابة لابن حجر بترجمته.
8- الطبری ج6 ص225.
9- النجوم الزاهرة لابن تغربردی ج1 ص153 وابن الأثیر ج3 ص206 والأغانی ج17 ص70.
10- ربیع الأبرار للزمخشری فی باب الأجوبة المسکتة.
11- نهایة الإرب للنویری ج3 ص371.
12- شرح النهج ج1 ص216.
13- الوسائل ج2 ص245.
14- المحبر لابن حبیب النسابة ص244 وشرح الصفدی على لامیة العجم ج2 ص201 ونهایة الإِرب للنویری ج3 ص373.
15- نهایة الإرب للنویری ج3 ص372.
16- شرح الصفدی على لامیة العجم ج2 ص201.
17- صحیح البخاری ج3 ص47 فی کتاب المغازی والاستیعاب بترجمة خالد وتاریخ الطبری ج3 ص123 وکامل ابن الأثیر ج2 ص97 حوادث سنة 8.
18- مثیر الأحزان ص14.
19- مثیر الأحزان لابن نما ص14.
20- المعجم مما استعجم ج1 ص350 الثویة موضع وراء الحیرة کان سجناً بناه تبع وفی معجم البلدان ج1 ص28.
21- ابن الأثیر ج4 ص11.
22- بصائر الدرجات للصفار ص6.
23- البحار ج9 عن أبی الحسن البکری.
24- الخرایج للراوندی فی باب معجزات الحسین ص231.


source : rasekhoon
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

عصر ظهور المذاهب الاسلامية
واقع ﺍﻏﺘﻴﺎﻝ ﻋﺎﺋﺸﺔ
أمير المؤمنين شهيد المحراب
كربلاء ؛ حديث الحق والباطل
الشيعة وإحياؤهم ليوم عاشوراء
في تقدم الشيعة في علم الصرف ، وفيه صحائف -2
تأملات وعبر من حياة أيوب (ع)
تاريخ الثورة -6
من مناظرات الامام الصادق(عليه السلام)
من خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ...

 
user comment