عربي
Tuesday 23rd of April 2024
0
نفر 0

الرجعة بین القبول والرفض

إنَّ ظاهرة أصحاب الکهف ظاهرة خفاء وغیبة ورجعة، والرجوع لیس کما یقوله التناسخیة وبعض الفِرَق الباطلة من حلول روح فی بدن آخر، وما شابه ذلک من هذه الأمور الباطلة الواهیة، وإنَّما هی رجوع هذه الأرواح إلى نفس هذه الأبدان الدنیویة، کما هو فی النوم، فالنوم کما ورد فی الحدیث الشریف وکما ورد فی الآیة الکریم: (اللَّهُ یَتَوَفَّى الأْنْفُسَ حِینَ مَوْتِها وَالَّتِی لَمْ تَمُتْ فِی مَنامِها) (1)، فعبَّر عن النوم أیضاً بأنَّه نوع توفّی للأنفس، فهو صنف شبیه یشاکل الموت، فرجوع أصحاب الکهف ف
الرجعة بین القبول والرفض

إنَّ ظاهرة أصحاب الکهف ظاهرة خفاء وغیبة ورجعة، والرجوع لیس کما یقوله التناسخیة وبعض الفِرَق الباطلة من حلول روح فی بدن آخر، وما شابه ذلک من هذه الأمور الباطلة الواهیة، وإنَّما هی رجوع هذه الأرواح إلى نفس هذه الأبدان الدنیویة، کما هو فی النوم، فالنوم کما ورد فی الحدیث الشریف وکما ورد فی الآیة الکریم: (اللَّهُ یَتَوَفَّى الأْنْفُسَ حِینَ مَوْتِها وَالَّتِی لَمْ تَمُتْ فِی مَنامِها) (1)، فعبَّر عن النوم أیضاً بأنَّه نوع توفّی للأنفس، فهو صنف شبیه یشاکل الموت، فرجوع أصحاب الکهف فی الحقیقة ظاهرة بیّنة على عقیدة الرجعة التی تؤمن بها مدرسة أهل البیت (علیهم السلام)، من رجوع الأئمّة الاثنی عشر إلى دار الدنیا، طبعاً فی أبدانهم لا فی أبدان أخرى، کی یکون هنا فرز وتمییز بین قول الرجعة وأقوال باطلة أخرى من أقوال التناسخیة والمخمّسة وغیرهما من الفِرَق الباطلة، بل هو رجوع الأرواح إلى نفس أبدانه، کما فی النفس البشریة عندما تنام، هی نوع توفًّ للأنفس شبیه للموت، فالاستیقاظ نوع من الرجوع، لکن هذه فی فترة قصیرة ستّ ساعات أو ثمانی ساعات، أمَّا فی نوع أصحاب الکهف فکان قرون، ثمّ بعثهم الله کما عبَّر القرآن الکریم فی قصَّة أصحاب الکهف: (وَکَذلِکَ بَعَثْناهُمْ لِیَتَسائَلُوا بَیْنَهُمْ) (2)، لکنَّه لیس هو البعث الأکبر، فذلک فی یوم القیامة، وإنَّما هذا بعث آخر، کما ورد أیضاً أنَّ الإیقاظ من النوم وإیلاج الروح بعد مفارقتها للبدن فی المقام لیس مفارقة کلّیة طبعاً هو نوع من البعث الإلهی، (وَهُوَ الَّذِی یَتَوَفَّاکُمْ بِاللَّیْلِ وَیَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ یَبْعَثُکُمْ) (3)، فإذن عنوان البعث ورد فی القرآن الکریم للیقظة من المنام، وکذلک ورد فی أصحاب الکهف، وهذا غیر التناسخ الباطل، أو ما تقوله الفِرَق الباطلة، وإنَّما هو فی نفس بدنه ولیس فی بدن آخر، علقة بین الروح ونفس البدن، کما هی فی الآخرة حیث تُبعث الأرواح فی أبدانهم ولیس بأبدان أخرى، ولا صلة له بالمقولة التناسخیة الباطلة.
إذن هناک بعث أکبر ومعاد أکبر وقیامة کبرى، ویبیّن لنا القرآن الکریم أنَّ هناک عدّة حقب من البعث أیضاً، ورجعة الأرواح إلى الأبدان نفسها لا أبدان غیرها فی دار الدنیا مهما تطاولت القرون، هذه ظاهرة موجودة فی أصحاب الکهف، وتقع فی هذه الأمّة، وهی عقیدة الرجعة التی تشیّدها مدرسة أهل البیت (علیهم السلام).
والجانب المهمّ فی مقام حدیثنا الذی نحن فیه هو ظاهرة غیبة الإمام المهدی (علیه السلام)، وأنَّها قد استُعمل فیها عناوین فی القرآن الکریم وفی الحدیث النبوی، ووردت بنفسها أیضاً فی ظاهرة أصحاب الکهف، إنَّما هی ظاهرة خفاء مجموعة طالت عدّة قرون، وأنَّ الله وعدهم بأن یظفرهم ولو بإلهام الفطرة وبیقین الفطرة، أو أنَّ الله وعد فی منشور کتبه بأنَّ العاقبة تکون للمتّقین، وهؤلاء متّقون، فأنجز الله هذا الوعد، کما أنَّ هناک وعداً إلهیاً أیضاً فی الآخرة بالمعاد والقیامة الکبرى، فهاهنا استعمل الظهور کمصداق من مصادیق تحقّق الوعد الإلهی.
الوعد القرآنی فی ظهور الإمام الحجّة (علیه السلام):
کذلک الحال فی ظاهرة الإمام المهدی وغیبته، هناک وعد قرآنی لإظهاره، وعود فی آیات قرآنیة وبألسن مختلفة وببیانات قرآنیة متنوّعة، وببیانات فی الحدیث النبوی المتواتر متعدّدة، أن یظهر الله المهدی من ذرّیة الرسول وذرّیة فاطمة وعلی (علیهم السلام) لیملأها قسطاً وعدلاً.
والتعبیر الآخر الثانی المشاکل لما ورد فی العقیدة بالإمام المهدی وغیبته بالساعة، مع أنَّ الساعة هنا أرید بها الساعة الکبرى، وهی یوم القیامة الکبرى، ولکن فی سیاق آخر طبق على ساعة ظهور أصحاب الکهف، حیث إنَّ هناک نوعاً من المشاکلة بین إظهار الله عز وجل لأصحاب الکهف حیث هو مقدَّر فی القضاء الإلهی مع تلک الساعة الکبرى، وهذا هو الذی ورد أیضاً، أنَّ أحد معانی الساعة ظهور المهدی، وإن کان هذا لا ینافی الساعة الکبرى وهی القیامة الکبرى، وربَّما أطلق على ظهور المهدی القیامة الصغرى، والرجعة القیامة الوسطى، وهی رجعة أئمّة أهل البیت (علیهم السلام) إلى الدنیا.
المتّقون والإیمان بالغیب:
(ذلِکَ الْکِتابُ لا رَیْبَ فِیهِ هُدىً لِلْمُتَّقِینَ) (4)، من هم المتّقون؟ أوّل صفة بارزة فی المتّقین أنَّهم یؤمنون بالغیب، یدرکونه بحقیقة عقولهم وبإیمان قلوبهم، وعندما نقول: من أبرز صفاتهم الإیمان بالغیب إنَّما نرید ما قامت علیها البراهین والأدلّة، کما أنَّ مجرَّد غیبیة الحقیقة عن الشعور وعن المعرفة البشریة لیس مدعاة وسبباً للجحود وللإنکار وللاستهزاء وللتهریج، فهذا أمر عامّ یشمل الإیمان بالله تعالى والإیمان بالنشأة الآخرة وبالمعاد وبأمور غائبة عن شعور وإدراک الإنسان الحسّی وهی کثیرة جدَّاً، فمن ضمن تلک الأمور التی قام علیها البرهان القرآنی وبرهان السُنّة القطعیة النبویة والبراهین العقلیة قوله تعالى: (إِنِّی جاعِلٌ فِی الأْرْضِ خَلِیفَةً) (5)، إنَّ الاعتقاد بإمامة أهل البیت وبانتهاء هذه الإمامة بالإمام المهدی قامت علیه الأدلّة العامّة القرآنیة والأدلّة فی الأحادیث النبویة بعنوان عامّ عموم العترة أو بعنوان عامّ عموم جعل الخلیفة فی الأرض، وبعنوان خاصّ خصوص الإمام المهدی الثانی عشر، وما شابه ذلک، فالأدلّة متنوّعة ومتعدّدة، وعندما یعجز الشعور والإدراک الحسّی البشری عن الوصول إلى مثل هذا الإمام مع وجوده ما بین أیدینا، وما بین ظهرانینا ومع ما یقوم به من أدوار عصیبة حساسة فی نظام البشر، ومع قیام البراهین القرآنیة والبراهین النبویة على وجوده وعلى قیامه بالمسؤولیة.
مع کلّ ذلک لا تکون غیبته عن الشعور الحسّی البشری مدعاة للإنکار والجحود، فأبرز صفة فی المتّقین عقیدتهم بالأدلّة التی تقوم على الحقائق العقائدیة، وإن کانت غائبة عن قوّة وقدرة شعورهم الحسّی، ولیس المراد خصوص الإمام المهدی وغیبته، ولکن من ضمن ثوابت الغیب التی یؤمن بها المتّقون، هو الاعتقاد بإمامة الإمام المهدی وغیبته، هذا التعبیر مشاکلته کما مرَّ بنا فی القرآن الکریم فی ظاهرة أصحاب الکهف والرقیم، فقد کانت لهم غیبة قرون متطاولة، ثمّ بعثهم الله وأظهرهم إلى البشریة بعد مرور أجیال وأجیال وقرون.
فنرى استعمال القرآن الکریم عن أمر موجود فی نشأة دار الدنیا وعلى وجه الأرض، إلاَّ أنَّه لکونه غائباً عن شعور البشر وقدرة إحساسهم فقد سمّاه القرآن الغیب، لکن قامت علیه الحقیقة البرهانیة القرآنیة والأدیانیة، ومن ثَمَّ عبَّر عنه بالغیب کما فی هذه الآیة الکریمة: (سَیَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ کَلْبُهُمْ وَیَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ کَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَیْبِ وَیَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ کَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّی أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما یَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِیلٌ فَلا تُمارِ فِیهِمْ) (6)، التعبیر إذن ورد: (رَجْماً بِالْغَیْبِ)، قد عبَّر عن هذه الظاهرة بأنَّها غیب، کذلک فی الآیات اللاحقة عندما یقول الباری تعالى: (وَلَبِثُوا فِی کَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِینَ وَازْدَادُوا تِسْعاً * قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَیْبُ السَّماواتِ وَالأْرْضِ) (7).
المصادر :
1- الزمر: 42
2- الکهف: 19
3- الأنعام: 60
4- البقرة: 2
5- البقرة: 30
6- الکهف: 22
7- الکهف: 25 و26


source : rasekhoon
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

في أصالة الوجود واعتبارية الماهية
المخالفون والولاية التكوينية الإعتقادبها ولكن ...
الموت أفضل من الحياة
أفعال الإنسان
الحلم وکظم الغیظ
نظرية الصدفة في خلق العالم:
نظرة الكتب المقدسة إلى النساء، نظرة تقدير أم ...
إثبات الأشاعرة لرؤيته تعالى في الآخرة
الأخوة في القرآن الكريم
من أنزل عليه القرآن

 
user comment